الناصر لدين الله وحال الوزارة في أيام نصير الدين ناصر بن مهدي العلوم |
621
05:21 مساءً
التاريخ: 25-1-2018
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-2-2019
1172
التاريخ: 25-1-2018
531
التاريخ: 25-1-2018
622
التاريخ: 25-1-2018
544
|
اوزارة السيد نصير الدين ناصر بن مهدي العلوم الرازي:
هو مازندراني المولد والأصل، رازي المنشأ، بغدادي التدير والوفاة. كان من كفاة الرجال وفضلائهم وأعيانهم وذوي الميزة منهم. اشتغل بالآداب في صباه فحصل منها طرفاً صالحاً، ثم تبصر بأمور الدواوين ففاق فيها.
كان في ابتداء أمره ينوب عن النقيب عز الدين المرتضى القمي نقيب بلاد العجم كلها، ومنه استفاد قوانين الرياسة. وكان عز الدين النقيب من أماجد العالم وعظماء السادات، فلما قتل النقيب عز الدين، قتله علاء خوارزمشاه، هرب ولده النقيب شرف الدين محمد وقصد مدينة السلام، مستجيراً بالخليفة الناصر، وصحبته نائبه نصير الدين بن المهدي، وكان من عقلاء الرجال، بالخليفة الناصر، وصحبته نائبه نصير الدين بن المهدي، وكان من عقلاء الرجال، فاختبره الناثر فرآه عاقلاً لبيباً سديداً، فصار يستشير به سراً فيما يتعلق بملوك الأطراف، فوجد عنده خبرة تامةً بأحوال اللاطين العجم ومعرفة بأمورهم وقواعدهم وأخلاق كل واحد منهم، فكان الناصر كلما استشار به في شيء من ذلك يجده مصيباً عين الصواب، فاستخلصه لنفسه ورتبه أولاً نقيب الطالبيين، ثم فوض إليه أمور الوزارة، فمكث فيها مدة تجري أموره على أتم سداد، وكان كريماً وصولاً عالي الهمة شريف النفس.
حدث عنه أنه كان يوماً جالساً في دست الوزارة وفي يده قطعة عود كبيرة، فرأى الوزير بعض الصدور الحاضرين وهو يلح بالنظر إليها، فقال له: تعجبك هذه؟ فدعا له، فوهبه إياها، وقام الرجل ليخرج، فلما بعد عن مجلس الوزير استدعاه بسرعة وقال له: تريد أن تفضحنا وتصدق المثل فينا: ً بخره عريانً! ثم أمر فخلع عليه ودفع إليه تخت ثياب، وقال له: تبخر في هذه الثياب؛ ومدحه الأبهري الشاعر الأعجمي بقصيدة مشهورة في العجم، من جملة مدحها:
وزير مشرق ومغرب نصير ملت ودين *** كه بادرايت عاليش تا أبد منصور
صـرير كلك تودر كشف مشكلات أمور *** كه هم جو نغمه دا د در أداءو زبور
وأرسلها الأبهري صحبة بعض التجار مع بعض القفول، وقال للتاجر: أوصلها إلى الوزير وإن قدرت ألا تعلمه من قائلها فافعل. فلما عرضت القصيدة على الوزير استحسنها وطلب التاجر ودفع إليه ألف دينار ذهباً، وقال: هذه تسلمها إلى الأبهري ولا تعلمه ممن هي.
وقبض الناصر عليه كارهاً لأمور اقتضت ذلك، وكان القبض عليه في سنة أربع وستمائة، ونقل إلى دارٍ في دار الخلافة، فأقام بها تحت الاستظهار على حالة الإكرام والمراعاة إلى أن مات تحت الاستظهار في سنة سبع عشرة وستمائة.
وزارة مؤيد الدين محمد بن محمد بن عبد الكريم برر القمي:
هو قمي الأصل والمولد. بغدادي المنشإ والوفاة. ينتسب إلى المقداد بن الأسود الكندي. كان رحمه الله بصيراً بأمور الملك خبيراً بأدوات الرئاسة عالماً بالقوانين. عارفاً باصطلاح الدواوين. خبيراً بالحساب. ريان من فنون الأدب. حافظاً لمحاسن الأشعار. راوياً لطرائف الأخبار. وكان جلداً على ممارسة الأمور الديوانية، ملازماً لها من الغدوة إلى العشية.
وكان في ابتداء أمره قد تعلق بخدمة سلاطين العجم، وكان يلوذ ببعض وزراء العجم بأصفهان في حال صباه ولم يبلغ العشرين من عمره، وكان ذلك الوزير قد ضجر من الكتاب الذين بين يديه ونسبهم إلى أنهم يخالفون تقدماته، فأبعدهم عنه واستكتب القمي ظناً منه أنه لمجرد حداثة سنه لا يقدم على مخالفة ما يشير به، فمكث القمي يكتب بين يديه مدة، ففي بعض الأيام أحضرت بين يدي الوزير جملة من الثياب النسيج بعضها صحيح وبعضها مقطوع، فأحضر القمي بين يديه ليثبت عددها ويحملها إلى الخزانة، وكان الوزير يورد عليه كذا وكذا ثوباً صحاحاً، فيكتب القمي: كذا وكذا ثوباً، وما يكتب لفظة صحاحاً، فقال له الوزير: لم لا تكتب كما أقول لك؟ فقال يا مولانا! لا حاجة إلى ذكر الصحاح، فإني إذا وصلت إلى ذكر ثوبٍ مقطوع ذكرت تحته أنه مقطوع، فتخصيص المقطوع بالذكر يدل على أن ما لم يوصف بالقطع صحيح. فقال الوزير: لا، بل اكتب كما أقول. فراجعه القمي، فحرد الوزير لذلك وارتفع صوته والتفت إلى الحاضرين وقال: أنا عزلت الكتاب الكبار الذين كانوا عندي لأجل مخالفتهم ولجاجهم فيما أقوله، واستكتبت هذا الصبي ظناً مني أنه لحداثة سنه لا يكون عنده من التجرؤ والمخالفة ما عندهم، فإذا هو أشد مخالفة من أولئك. فخرج بعض خدام السلطان من بين يديه، وكان جالساً قريباً من مجلس الوزير، وسأل عن كثرة الصباح وحرد الوزير، فعرف الخادم صورة ما جرى بين الوزير والقمي، فدخل وحكى للسلطان ما قيل. فقال له: اخرج وقل للوزير: الحق ما اعتهده الصبي الكاتب. فنبل القمي في عيون الناس، وعلت منزلته وأنس القمي بهذا الخادم، وصار الخادم يستشيره ويسكن إليه ويأنس به.
فاتفق أن السلطان عين على هذا الخادم وعلى رجل آخر ليتوجها في رسالة إلى ديوان الخليفة، فالتمس الخادم أن يكون القمي صحبته، فأرسل صحبته، فتوجهوا إلى بغداد وحضر الخادم ورفيقه عند الوزير ابن القصاب، فشافهاه بالرسالة وسمعا الجواب، وكان جواباً غير مطابق للرسالة، ولكنه كان نوعاً من المغالطة، فقنع الخادم ورفيقه بذلك الجواب، وما تنبها على فساده، وخرجا. فرجع القمي ووقف بين يدي الوزير وحادثه سراً وقال له: يا مولانا! الجواب غير مطابق لما أنهاه المماليك. فقال له الوزير: صدقت. ولكن دعهم على غباوتهم ولا تفطنهم إلى ذلك. فقال: السمع والطاعة.
ثم إن ابن القصاب كتب إلى الخليفة يقول له: إنه قد وصل صحبة خادم السلطان فلان شاب قمي قد جرى من تنبهه كيت وكيت، ومثل هذا يجب أن يصطنع ويحسن إليه ويستخدم. فكتب الخليفة إليه يأمره بألا يمكنه من التوجه معهم، فعمل به حجة وقطع عنهم، فتوجهوا، وأقام القمي ببغداد فعين عليه في كتابة الإنشاء، فمكث على ذلك مدةً، ثم تولى الوزارة وتمكن في الدولة تمكناً لم يتمكن مثله أحد من أمثاله، وكان أوحد زمانه في كل شيء حسن كثير البر والخير والصدقات.
حدث عنه مملوكه بدر الدين آياز قال: طلب ليلةً من الليالي حلاوة النبات، فعمل منها في الحال صحون كثيرة وأحضرت بين يديه في ذلك الليل، فقال لي: يا آياز تقدر تدخر هذه الحلاوة لي موفرة إلى يوم القيامة؟ فقلت: يا مولانا وكيف يكون ذلك وهل يمكن هذا؟ قال: نعم! تمضي في هذه الساعة إلى مشهد موسى والجواد، عليهما السلام، وتضع هذه الأصحن قدام أيتام العلويين، فإنها تدخر لي موفرة إلى يوم القيامة. قال آياز فقلت: السمع والطاعة، ومضيت، وكان نصف الليل، إلى المشهد وفتحت الأبواب وأبهت الصبيان الأيتام ووضعت الأصحن بين يديهم ورجعت.
ومازال القمي على سدادٍ من أمره، تولى الوزارة للناصر ثم للظاهر قم للمستنصر حتى قبض عليه المستنصر وحبسه في باطن دار الخلافة مدة، فمرض وأخرج مريضاً، فمات، رحمه الله، في سنة تسع وعشرين وستمائة.
انقضت أيام الناصر لدين الله ووزرائه ثم ملك بعده ولده أبو نصر محمد الظاهر بأمر الله بن الناصر لدين الله.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|