المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
طائر السمان
2024-04-28
مميزات لحم السمان
2024-04-28
مميزات بيض السمان
2024-04-28
انواع السمان
2024-04-28
تمييز الجنس في السمان
2024-04-28
الاستخدامات التحليلية للبوليمرات شبكية التداخل
2024-04-28

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


إلقاء كلمة لغرض الإقناع  
  
1766   09:54 صباحاً   التاريخ: 27-12-2017
المؤلف : ديل كارنيجي
الكتاب أو المصدر : طريقة سهلة وسريعة للحديث الفعال
الجزء والصفحة : ص209-228
القسم : الاسرة و المجتمع / التنمية البشرية /

ذات مرة كانت هناك طائفة من الرجال، والنساء وجدوا أنفسهم في طريق إعصار. ليس إعصاراً حقيقياً، ولكن الشئ الذي يليه. بإيجاز هو إعصار رجل اسمه (موريس جولدبلات). وإليك وصفه كما جاء على لسان أحد أفراد تلك الطائفة:

كنا جلوساً حول مائدة غداء في شيكاغو. نحن نعرف أن هذا الرجل مشهور بأنه خطيب قوي. أخذنا نراقبه باهتمام شديد عندما وقف يتكلم.

رجل أنيق ولطيف في منتصف العمر بدأ حديثه بهدوء شاكراً ايانا على دعوته، وقال إنه يريد الحديث عن شيء مهم، ورجانا أن نغفر له حين يزعجنا بحديثه، ثم انفجر مثل الزوبعة، ومال الى الأمام، ونظرات عينيه أصابتنا بالشلل. لم يرفع صوته، ولكنه بدا لي وكأنه هزيم الرعد.

قال: (انظروا حولكم انظروا لبعضكم البعض. هل تعلموا عدد من سيموتوا بالسرطان ممن في هذه الغرفة؟ واحد من بين كل أربعة ممن تزيد أعمارهم عن الخمسة والأربعين، واحد من بين كل أربعة!).

توقف قليلاً، وازداد وجهه إشراقاً ثم مضى يقول: (هذه حقيقة قبيحة وقاسية، ولكنها لن تظل كذلك طويلاً؛ إذ يمكن فعل شيء حيالها. هذا الشئ هو التقدم في علاج السرطان، والبحث عن أسبابه).

نظر الينا برزانة، ونظرته المحدقة تنتقل حول المائدة، ثم تساءل:

(هل تودون المساعدة في تحقيق هذا التقدم؟) أكان من الممكن أن تكون هناك إجابة غير (نعم) في عقل كل واحد منا حينئذ؟ قلت في نفسي: (نعم)، واكتشفت لاحقاً أن الآخرين قالوا نفس الشئ.

في أقل من دقيقة استطاع موريس جولدبلات كسبنا. لقد قادنا شخصياً الى موضوعه. وجرّنا الى صفّه في الحملة التي كان يشنها من أجل قضية إنسانية. ويعتبر الحصول على استجابة مواتية هو هدف كل متحدث في كل زمان وفي كل مكان، وقد تصادف أن كان لدى السيد (جولدبلات) سبب مثير لرغبته في الحصول على استجابة منا، فقد بدأ هو وأخوه ناثان من الصفر حتى تمكنا من بناء سلسلة متاجر ذات أقسام يزيد حجم أعمالها على 100000000 دولار سنويا. تحقق لهم هذا النجاح الخرافي بعد سنوات شاقة طويلة، وحينئذ توفي ناثان بمرض السرطان، بعد معاناة قصيرة مع المرض، وبعد ذلك تأكد موريس جولدبلات من تبرع مؤسسة جولدبلات بأول مليون دولار لبرنامج أبحاث السرطان بجامعة شيكاغو، وتقاعد من عمله، ومنح وقته للعمل على إثارة اهتمام الجمهور بالحرب ضد السرطان.

تمكنت هذه الحقائق بالإضافة الى شخصية جولدبلات من كسبنا، فالصدق والجدية والحماسة، وعزمه المتّقد ليهبنا نفسه لبضع دقائق، تماماً مثلما وهب نفسه طيلة الوقت لقضية نبيلة، كل هذه العوامل جرفتنا الى شعور بالاتفاق مع المتحدث، والمودة تجاهه، والاستعداد للاهتمام والتأثر.

أولاً: اكسب الثقة عن جدارة :

وصف (كينتليان) الخطيب بأنه (رجل صالح متمرس في الحديث). لقد كان يتكلم عن الصدق والشخصية، ولا يمكن لأي شيء... أن يأخذ مكان هذه الصفة الجوهرية للفاعلية في الحديث، وقد ذكر (بيربونت مورجان) أن الشخصية هي أفضل طريقة لكسب المصداقية، وهي أيضاً أفضل السبل لكسب ثقة الجمهور.

قال (ألكسندر وولكوت): (إن الصدق الذي يتحدث به الرجل يضفي على صوته لون الحقيقة الذي لا يمكن لأي كاذب إدعاءه).

ومن الضروري أن نوضح أفكارنا بالاتقاد الداخلي النابع من الاقتناع الصادق، ولاسيما عندما يكون الغرض من حديثنا هو الإقناع، فلابد أن نكون مقتنعين أو على الأقل نحاول إقناع الآخرين.

ثانياً: احصل على استجابة بنعم :

قال (والتر ديل سكوت) ـ الرئيس السابق لجامعة نورثويسترن – أن (كل فكرة، أو مفهوم، أو استنتاج يدخل الذهن يعامل باعتبار صدقه إلا إذا عورض بفكرة مناقضة. خلاصة ذلك أن تجعل عقل الجمهور يقول نعم. لقد استطاع صديقي الطبيب البروفسير (هاري أوفرستريت) أن يفحص ببراعة الخلفية النفسية لهذا المفهوم في محاضرة ألقاها في المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية بمدينة نيويورك، حيث قال:

المتحدث الماهر هو الذي يحصل في بداية حديثه على إجابات بنعم، وهو بذلك يكون قد وجه العمليات النفسية لدى مستمعيه كي تتحرك في اتجاه الإيجاب. وهي مثل حركة كرة البلياردو: ادفعها في اتجاه ما؛ وسوف تحتاج الى بعض القوة لتحويله، وتحتاج الى قدر من القوة أكبر من هذا لإعادتها في الاتجاه المعاكس.

ونجد أن الأنماط السلوكية هنا واضحة تماماً، فعندما يقول شخص: (لا)، ويعنيها حقا، فهو يفعل شيئاً أكثر بكثير من قول كلمة من حرفين، فنظامه بأكمله: غُدّيّ وعصبيّ وعضليّ يتحد في الرفض. وعادة ما يكون هناك انسحاب بدني، أو استعداد لهذا الانسحاب بدرجة طفيفة، ولكنه يكون في بعض الأحيان بدرجة ملحوظة. وبإيجاز، فإن الجهاز العصبي عضلي بأكمله يعد نفسه لمقاومة القبول. وفي المقابل نجد أن الشخص عندما يقول (نعم)، فإن شيئاً لا يحدث من أنشطة الانسحاب، ويصبح النظام في موقف متفتح ومتقبل يتحرك الى الأمام. إذن، فكلما زاد عدد من نغريهم بقول (نعم) في البداية، كلما زاد احتمال نجاحنا في أسر الانتباه لغرضنا الجوهري.

وهو أسلوب بسيط جداً، اقصد الاستجابة بنعم، ورغم ذلك فما أكثر ما يهمله المتحدثون! وغالباً يبدو كما لو أن الناس يشعرون بأهميتهم بإثارة العداء من البداية، فيأتي (الراديكالي) الى مؤتمر مع اخوانه المحافظين، ولابد أن يثير غضبهم فوراً. في الواقع ما فائدة ذلك؟ لو أنه يفعل ذلك فحسب ليستمد منه بعض المتعة لنفسه، فربما نلتمس له عذراً. ولكن إذا كان يتوقع تحقيق شيء ما فهو غبي في علم النفس فحسب.

لو أن طالبا يقول (لا) في البداية، أو عميلاً أو طفلاً، أو زوجة، أو زوجاً، سوف يتطلب منك ذلك حكمة وصبر الملائكة كي تغير هذا الموقف السلبي الغضب الى موقف إيجابي.

كيف يمكن للمرء أن يحصل في البداية على (الاستجابات بنعم) التي يريدها؟ الأمر بسيط الى حد ما. يقول لنكولن: (إن طريقتي لفتح مناقشة، وكسبها هي أن أجد أولاً أرضية مشتركة للاتفاق). لقد وجد لنكولن هذا حتى عندما كان يناقش موضوعاً ملتهباً للغاية هو موضوع الرّق. وقد نشرت صحيفة ذاميرور ـ وهي صحيفة محايدة ـ عن حدث له: (ظل خصومه يتفقون مع كل ملكة يتفوه بها طيلة النصف ساعة الأولى. ومن تلك النقطة، بدأ يقودهن بعيداً ـ واحدة بواحدة -، حتى أصبحوا في طيته).

أليس من الواضح أن المتحدث الذي يجادل مع جمهوره لا يفعل شيئاً سوى إثارة عنادهم، ويجعلهم متحفزين، ويجعل من المستحيل تقريباً أن يغيروا آراءهم؟ أمن الحكمة أن تبدأ بقول (سوف أُثبت كذا وكذا)؟ أليس من المحتمل أن يقبل مستمعوك ذلك كتحدٍ، ويقولون لأنفسهم: (دعنا نراك تفعل ذلك)؟

أليس من الأفيد دائماً البداية بالتوكيد على شيء تصدقه أنت وجميع مستمعيك، ثم تثير سؤالاً ذا علاقة بموضوعك ليرغّب الجميع في الإجابة عليه؟ ثم تأخذ جمهورك في بحث جاد عن الإجابة، وأثناء قيامكم بهذا البحث، اعرض الحقائق كما تراها، وبوضوح كافٍ يقودهم الى قبول نتائج كما لو كانت نتائجهم. سيكون لديهم مزيد من الإيمان بحقيقة اكتشفوها لأنفسهم (أفضل مجادلة هي التي تبدو كمجرد تفسير).

يوجد دائما في كل مناظرة ـ بغض النظر عن اتساع هوة الخلافات ومرارتها ـ بعض الأرضية المشتركة من الوفاق، ويمكن للمتحدث أن يدعو الجميع للقاء على هذه الأرضية. نسوق مثالاً للتوضيح: في الثالث من فبراير سنة 1960، ألقى رئيس وزراء بريطانيا العظمى (هارولد ماكميلان) خطاباً أمام مجلسي برلمان اتحاد جنوب إفريقيا كان عليه عرض وجهة نظر المملكة المتحدة غير العنصرية أمام الهيأة التشريعية، في وقت كانت فيه التفرقة العنصرية هي السياسة السائدة. فهل استهل كلمته بهذا الاختلاف الجوهري في وجهات النظر؟ كلا، فقد بدأ بالتشديد على التقدم الاقتصادي الكبير الذي تحرزه جنوب إفريقيا، والاسهامات المهمة التي تقدمها جنوب إفريقيا للعالم، ثم بمهارة وفطنة عرض مسائل اختلاف وجهات النظر، وحتى أشار الى وعيه التام بأن هذه الخلافات قائمة على قناعة صادقة. كانت كلمته بأكملها بياناً أستاذياً يذكر المرء بعبارات لنكولن التي تجمع بين الرقة، والحزم في الأيام السابقة لفورت سومتر. قال رئيس الوزراء: (بوصف جنوب أفريقيا عضو زميل في الكومنولث، فإنا نرغب بشدة في تقديم دعمنا، وتشجيعنا اليها، ولكن أرجو الا تمانعوا القول بصراحة أن هناك بعضاً من جوانب سياساتكم تجعل من المستحيل بالنسبة لنا أن نفعل ذلك دون الخيانة لمعتقداتنا العميقة حول المصائر السياسية للرجال الأحرار، والتي نحاول تطبيقها على أرضنا. وأظن أنه ينبغي علينا كأصدقاء أن نواجه معاً ـ دون سعي الى توزيع شكر، أو لوم ـ حقيقة أن هذه الخلافات ـ في عالم اليوم ـ تكمن بيننا.

ولا يهم مدى عزمك على الاختلاف مع متحدث، إلا أن بيان مثل ذلك عادة ما سيقنعك بنزاهة وإنصاف المتحدث.

ما النتيجة لو أن رئيس الوزراء هارولد ماكيلان بدأ من فوره ليؤكد الاختلاف في السياسة الأرضية المشتركة للوفاق؟ لقد قدم لنا البروفسور جيمس هارفي روبنسون في كتابه التنويري (عقل في طور التكوين) إجابة علم النفس على هذا السؤال:

نجد أنفسنا في بعض الأوقات نغير رأينا دون أية مقاومة، أو انفعال شديد، ولكن إذا قيل لنا اننا مخطئون، فإننا نبغض ان نلصق هذه التهمة بنا ونتشبث برأينا. ونحن لا نبالي بتكوين معتقداتنا، ولكننا  نجد أنفسنا مليئين بولع غير مشروع بها عندما يحاول شخص ما حرماننا من رفقتها. ومن الواضح أن أفكارنا ليست هي العزيزة لدينا، ولكنه احترامنا لذاتنا الذي أصبح في خطر... إن الكلمة الصغيرة ملكي، وهي أهم كلمة في الشؤون الإنسانية، وأن نحسب لها حسابها بشكل ملائم هو بداية الحكمة، وهي لها نفس القوة سواء كانت غدائي، ومنزلي، أو إيماني وبلدي وربي، ونحن لا نبغض فحسب أن تُتّهم ساعتنا بالخطأ، أو سيارتنا برداءة نوعها، ولكن نكره أيضاً أن يكون مفهومنا عن قنوات المريخ، أو نطق كلمة معقدة، أو القيمة العلاجية لمركب السلسين، أو زمن سارجون الأول عرضة للتنقيح.. ونحن نحب الاستمرار في تصديقنا لما اعتدنا على قبوله كحقيقة، والبغضاء التي يثيرها التشكيك في أي من افتراضاتنا يقودنا الى البحث بأي وسيلة عن حجة لتمكنا بها. وتكون النتيجة أن معظم ما يسمى بتبريرنا يتكون من بحثنا عن حجج لكي نستمر في الاعتقاد كما هو الحال الآن بالفعل.

ثالثاً: تحدث بحماس مُعد :

يقل كثيراً احتمال ورود الأفكار المناقضة في ذهن المستمع عندما يعرض المتحدث أفكاره بمشاعر وحماس مُعد، وأنا أقول (مُعد لأن الحماس كذلك تماماً. إنه يبعد جانباً كل الأفكار السلبية والمعارضة. وعندما يكون هدفك الإقناع، تذكر أن الأسلوب الأكثر فائدة هو تحريك العواطف لا إثارة الأفكار. فالمشاعر أكثر قوة من الأفكار الباردة. وكي يتمكن المرء من إثارتها، فلابد أن يكون في غاية الجدية. وبغض النظر عن العبارات التافهة التي يمكن لشخص تلفيقها، وكذلك عن الأمثلة التي يمكنه جمعها، وكذلك عن تناغم صوته ورشاقة إيماءاته، فإنه لو لم يتكلم بصدق، فما هذه جميعاً إلا زخارف جوفاء براقة. وإذا ما كان لك تأثير على الجمهور فلابد أن تكون أنت نفسك متأثراً، وروحك التي تبرق آثارها في عينيك، وتتألق في صوتك، وتعلن عن نفسها من خلال أسلوبك، سوف تنتقل الى جمهورك.

في كل مرة تتحدث ـ ولا سيما إذا كان هدفك المعلن هو الإقناع ـ تجد أن ما تفعله يحدد موقف مستمعيك، فإذا كنت ودوداً، فإنهم كذلك، وإذا كنت متطاولاً وعدائياً؛ سيصبحون مثلك ايضاً. كتب (هنري واردبيتسر) يقول: (عندما ينام الجمهور؛ فليس هناك من شيء تفعله غير إعطاء الحاجب عصا حادة وتجعله ينخس الخطيب).

ذات يوم كنت واحد ضمن ثلاث محكمين تمت دعوتهم لمنح ميدالية كوريتس بجامعة كولمبيا. كان هناك نصف دستة من الطلاب، وكلهم تلقوا تدريباً متقناً ومعظمهم تواقون الى الإبلاء بلاء حسناً، ولكن باستثناء شيء واحد فقط ، كان ما يناضلون لبلوغه هو الفوز بالميدالية، ولم يكن لديهم إلا أقل الرغبة ـ هذا إن وجدت ـ في الإقناع.

لقد اختاروا موضوعاتهم لأنها كانت تسمح بالتطور الخطابي، ولم يكن لديهم اهتمام شخصي عميق بالحجج التي كانوا يسوقونها، وكانت أحاديثهم المتتالية مجرد تدريبات على فن الإلقاء والاستثناء الوحيد كان أميراً من قبائل الزولو، والذي اختار كموضوع له (اسهام أفريقيا في الحضارة الحديثة). كانت كل كلمة تخرج من فمه تحتوي على مشاعره العميقة، ولم يكن حديثه مجرد تدريب، بل كان شيئاً حياً جاء وليد الاعتقاد والحماسة. لقد تحدث كممثل عن شعبه، وعن قارته، وبالحكمة والشخصية السامية وصدق المودة نقل لنا رسالة تحمل آمال شعبه، ومناشدته كي نفهمه.

قّلدناه الميدالية، رغم احتمال عدم تميزه في مخاطبة جمهور عريض أكثر من اثنين، أو ثلاثة من منافسيه. إن ما أدركناه – نحن المحكمون – هو أن حديثه كان يتّقد بنار الصدق، ويشتعل بلهيب الحقيقة، وعند المقارنة بها تكون الكلمات الأخرى مجرد بصيص لهب خافت من خشبة مشتعلة.

لقد تعلم الأمير بطريقته الخاصة في أرض قاصية إنك لا تستطيع أن تبرز شخصيتك في كلمة أمام الآخرين باستخدام العقل وحده، إذ لابد أن تكشف لهم عن مدى عمق إيمانك أنت بما تقوله.

رابعاً: اظهر احترامك ومودتك للجمهور :

يقول الدكتور نومان فنسنت بيل في مقدمة لحديث ألقاه كوميديان محترف: (تحتاج الشخصية

الإنسانية الى الحب تماماً مثل حاجتها للاحترام. وكل كائن بشرى لديه إحساس داخلي بالقيمة، والأهمية والاعتبار. اجرح هذه الأشياء، وستفقد هذا الشخص الى الأبد. لذا فإنك عندما تحب شخصاً وتحترمه؛ فأنت بذلك تعزه، وبالتالي، فانه يحبك ويقدرك.

(ذات مرة شاركت في برنامج مع أحد الممثلين، ولم أكن أعرف الرجل جيداً، ولكني منذ مقابلته وأنا على علم بأنه يعاني من مشكلة، وأظن أنني أعرف السبب.

(جلست بجواره في هدوء لأنني كنت على وشك الحديث، فتساءل الرجل: (أنت لست عصبي، أليس كذلك؟) أجبت قائلاً: (وكيف لا، نعم، إنني أشعر دائماً بقليل من العصبية قبل الوقوف أمام الجمهور. فأنا أشعر باحترام عميق للجمهور، والمسؤولية تجعلني عصبياً بعض الشئ. ألا تشعر بالعصبية؟).

(أجاب الرجل قائلاً: (كلا، لما أشعر بالعصبية؟ فالجمهور ينخدع بأي شيء، وما هم إلا جماعة من المغلفين).

(قلت له: (أنا لا أتفق معك في هذا؛ فهم الحكم الرئيسي عليك، وإنني أكن احتراماً شديداً لهم).

وعندما قرأ الدكتور بيل عن تضاؤل شهرة هذا الرجل، تأكد أن السبب يكمن في موقف آثار عداء الآخرين بدلاً من كسبهم.

يا له من درس عملي لكل من يرغبون في إخبار الناس بشئ.

خامساً: ابدأ بطريقة ودية :

تحدى أحد الملحدين ذات مرة (وليام بالي) بأن يدحض ادعائه بعدم وجود إله. وفي هدوء أخرج (وليام بالي) ساعته، وفتح علبتها وقال: (لو أنني أخبرتك أن هذه الدوافع والعجل واليايات صنعت نفسها بنفسها وجمعت نفسها بنفسها، وبدأت تعمل بمطلق إرادتها، أفلا تشك في قدراتي العقلية؟ بالطبع ستفعل. ولكن انظر الى النجوم، تجد أن لكل واحد منها حركة ومسار معين. انظر الى الأرض والكواكب التي تدور حول الشمس، والمجموعة كلها تسير بسرعة تزيد عن مليون ميل في اليوم. كل نجم هو شمس أخرى لها مجموعتها الخاصة من العوالم، والتي تسبح في الفضاء مثل مجموعتنا الشمسية، ورغم ذلك لا يحدث تصادم ولا خلل ولا ارتباك، وجميعها تسير في هدوء وكفاءة وإحكام. هل من السهل التصديق بأن هذه الأشياء وجدت عرضاً، أو أن أحداً صنعها كذلك؟).

هب أنه رد على خصمه بحدة في البداية قائلاً: (ليس هناك إله؟ لا تكن أخرقاً، إنك لا تعلم عما تتحدث) ما الذي سيحدث؟ كانت ستقع بلا شك مبارزة شفهية، كانت ستشتعل حرب كلامية، عقيمة وحامية الوطيس. كان الملحد سيهب بحماسته الكافرة ليحارب انتصاراً لآرائه، ولكان احترامه لذاته تعرض للتهديد، ولأصبح كبرياؤه في خطر.

ونظراً لأن الكبرياء سمة نزقة من سمات الطبيعة الإنسانية، أفلا يكون من الحكمة أن نجعله يعمل لصالحنا، بدلاً من أن يعمل ضدنا؟ كيف؟ بأن نظهر ـ كما قال بالي ـ أن الشئ الذي نقترحه يشبه كثيراً الشئ الذي يصدقه خصمنا بالفعل. وهذا يجعل قبول اقتراحك أسهل عليه من رفضه. ويمنع الأفكار المناقضة والمعارضة من الورود في الذهن، وإفساد ما قلناه.

لقد أظهر بالي تقديراً رقيقاً لكيفية عمل مخ الإنسان ومع ذلك، فإن معظم الناس تعوزهم هذه المقدرة البارعة على الدخول الى قلعة معتقدات الإنسان وذراعهم في ذراع صاحب هذه القلعة. وهم يتصورون خطاً أنه من أجل الاستيلاء على القلعة يتعين عليهم اقتحامها، ودكها بهجوم مباشر من الأمام. فما الذي يحدث؟ في اللحظة التي تثور فيها النزاعات يرفع الجسر المتحرك، وتغلق البوابات بالمتاريس، وتسحب الرماة المدرعون أقواسهم الطويلة، لقد اشتعلت حرب الكلام والتجريح، ودائماً ما تنتهي هذه المعارك بالتعادل: فلا ينجح أحد الطرفين في إقناع الآخر بأي شيء.

هذه الطريقة الأكثر عقلانية، والتي أؤيدها ليست بجديدة، فقد استخدمها منذ زمن بعيد القديس (بولس)، ووظفها في ذلك الخطاب الشهير الذي ألقاه أمام شعب أثينا فوق مارزهيل. وقد وظفها ببراعة، ولباقة تستوجب إعجابنا عبر تسعة عشر قرناً من الزمان. كان ذلك الرجل قد أنهى تعليمه، وبعد أن اعتنق النصرانية جعل فصاحة لسانه نصيرها الأول، وصل ذات يوم الى أثنا فيما بعد عصر بركليس وأثينا التي تجاوزت ذروة مجدها وأصبحت الآن في مرحلة الاضمحلال. يقول الكتاب المقدس عنها في هذه الفترة: (كان كل شعب أثينا والغرباء الذين معهم يمضون وقتهم إما في قول شيء جديد، أو سماعه، ولا شيء غير ذلك)

لا إذاعات، لا برقيات، لا رسائل إخبارية، لابد أن هؤلاء الأثينيين عانوا المشاق في البحث عن موضوع جديد كل يوم، ثم جاء بولس، فوجدوا أمامهم شيئاً جديداً. فالتفوا حوله دهشة وفضولاً واهتماماً. وعندما أخذوه الى إيروبيجوس قالوا له: (هل لنا أن نعرف ما هذه العقيدة الجديدة التي تتحدث عنها؟ لقد جئت بأشياء غريبة على مسامعنا، وحينئذ سنعلم ما الذي تعنيه هذه الأشياء)

بعبارة أخرى فإنهم دعوه للحديث، فوافق لعدم وجود ما يمنع. وفي الحقيقة انّ ذلك هو ما جاء من أجله، ولعله وقف على آجرة، أو صخرة ولعله فرك يديه – لشعوره بشئ من العصبية، مثل كل المتحدثين البارعين – في المستهل، وتنحنح قبل ان يبدأ.

ورغم ذلك، فلم يرض تماماً عن الطريقة التي صاغوا بها دعوتهم (عقائد جديدة... أشياء غريبة) كان ذلك أشبه بالسم. لابد أن يقضي على تلك الأفكار فقد كان هؤلاء الناس أرضاً خصبة لتكاثر الآراء المتناقضة والمتعارضة، ولم يكن يرغب في عرض عقيدته كشيء عجيب وغريب. بل كان يريد ربطها وتشبيهها بشئ يصدقونه بالفعل وسيساعد هذا على وأد الاقتراحات المخالفة، ولكن كيف؟ فكر للحظة، ثم توصل الى خطة بارعة، واستهل كلمته الخالدة: (أنتم يا رجال أثينا، إنني أدرك أنكم خرافيون في كل شيء)

بعض الترجمات تقول (أنتم متدينون جداً)، وأنا أعتقد أن هذا أفضل وأدق. فهم كانوا يعبدون الكثير من الآلهة، وكانوا في غاية التدين، بل ويعتزون بذلك. لقد أثنى عليهم وأسعدهم؛ فبدأوا يشعرون بالمودة تجاهه، وهناك واحدة من قواعد فن الحديث الفعال تفرض تدعيم البيان بمثال توضيحي. وقد فعل ذلك بالفعل:

(لأنني عندما مررت رأيت صلواتكم، ورأيت مذبحاً يحمل هذا النقش: الى الرب المجهول).

كما ترون فإن هذا يبرهن على شدة تدينهم، وكانوا يخشون بشدة ازدراء أحد الآلهة لدرجة أنهم نصبوا مذبحاً للرب المجهول شيء من قبيل وثيقة التأمين الشاملة ضد الازدراء غير المقصود، والسهو غير المتعمد. وبذكر هذا المذبح أشار بولس الى أنه لا يتملقهم، وبين أن عبارته كانت تقديراً صادقاً جاء وليد الملاحظة.

والآن يأتي الدليل على تمام صحة هذه الافتتاحية: (الذي كنتم تعبدونه من قبل عن جهالة، سوف ابينه لكم).

(عقيدة جديدة.. أشياء غريبة؟) ولا أدنى شيء من هذا القبيل: فهو هناك لا لشئ إلا لتفسير عدة حقائق حول إله هم يعبدونه فعلاً دون أن يعرفوه. وكما ترى، فإن تشبيه الأشياء التي لم يكونوا يصدقونها بشئ يقبلونه فعلاً وبشدة. كان الأسلوب الرائع الذي استخدمه.

أعلن عن عقيدته، عقيدة الخلاص والبعث واقتبس بعض الكلمات لأحد شعرائه اليونانيين، الى أن انتهى من كلمته. سخر منه بعض مستمعيه، ولكن هناك آخرين قالوا: (سوف نسمع حديثك عن هذه المسألة مرة أخرى).

إن المشكلة التي تواجهها في إلقاء حديث بغرض الإقناع أو التأثير في الآخرين هي ما يلي بالضبط: غرس الفكرة في أذهانهم، ومنع الأفكار المناقضة والمعارضة من الظهور، ومن يكون ماهراً في فعل ذلك يمتلك القوة في الحديث، والتأثير على الآخرين. ها هو تماماً المقام الذي تعينك فيه القواعد الواردة في كتابي.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.






لأعضاء مدوّنة الكفيل السيد الصافي يؤكّد على تفعيل القصة والرواية المجسّدة للمبادئ الإسلامية والموجدة لحلول المشاكل المجتمعية
قسم الشؤون الفكرية يناقش سبل تعزيز التعاون المشترك مع المؤسّسات الأكاديمية في نيجيريا
ضمن برنامج عُرفاء المنصّة قسم التطوير يقيم ورشة في (فنّ الٕالقاء) لمنتسبي العتبة العباسية
وفد نيجيري يُشيد بمشروع المجمع العلمي لحفظ القرآن الكريم