المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



التربية لها أصولها التاريخية  
  
4835   09:47 صباحاً   التاريخ: 27-12-2017
المؤلف : د. عبد القادر شريف
الكتاب أو المصدر : التربية الاجتماعية والدينية في رياض الاطفال
الجزء والصفحة : ص20-22
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية العلمية والفكرية والثقافية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-1-2017 7190
التاريخ: 26-7-2016 38692
التاريخ: 26-7-2016 2397
التاريخ: 5/10/2022 1614

إن التربية تعتبر محصلة عوامل ومؤثرات مختلفة فالنظام التعليمي بما يتضمنه من عمليات وتنظيمات وما يواجهه من مشكلات وقضايا يتأثر بطبيعة المرحلة التي يعيشها، غير أنه يتأثر في نفس الوقت بما تتأثر به هذه المرحلة من عوامل الماضي.

والدراسة التاريخية للمجتمع والتربية تعين على فهم تطور التعليم ومواجهة مشكلاته بصورة اكثر وضوحا , على اساس التعرف على اهم القوى السياسية والاقتصادية والثقافية التي تشكل المجتمع , واثرها على خلق ما يواجهه التعليم من مشكلات .

إن توجيه التعليم والتعميق في مفاهيمه ومشكلاته يستند الى ما يسمى بالأسس التاريخية , حيث إن التعليم جانبا متكاملا من الثقافة التي ينتمي إليها , ينفعل بما فيها من قوى , وبما انفعلت به من عوامل ومؤثرات .

وقد يكون الخطر في التعليم النظر إليه في أية مرحلة من مراحل التطور على أنه وحدة مستقلة, في الوقت الذي تتأثر فيه اوضاعه بأصول مستمدة من الماضي , ودراسة التاريخ بهذا المنظور تعني مسؤولية جديدة , وهي دراسة جذور مشكلات التعليم واتجاهاته , ووسائل مواجهتها في الماضي , ومدى ملاءمة هذه الوسائل لطبيعة المرحلة التي يواجه فيها التعليم مسؤولياته, وعلى ضوء ذلك يرى التعليم نفسه من زاويتين .

الاولى : العناصر التي ورثها عن الماضي , وأثر مقابلة القديم بالجديد في خلق مشكلاته .

وثانيهما : كيف مواجهة الجماعات في الظروف المختلفة للمشكلات المتماثلة .

وعلى هذا النحو يجد التعليم نفسه أمام حتمية موضوعية , وهي ان يراجع نفسه على ضوء نظرته الى اوضاعه على أنها متأثرة بماضيه , وعلى ان هذا التاريخ متضمن في حاضره , ولابد من فحصه دائماً تحقيقاً لمستقبل افضل في ضوء حركة القوى الاجتماعية والاقتصادية وما بينهما من تناقص او التقاء .

صحيح أن التاريخ لا يعيد نفسه , والتعليم كثيراً ما يواجه مشكلة أساسية وهي أن المعلمين يقدمون لتلاميذهم ما تعلموه في الماضي , بل وقد يعلمونهم في كثير من الأحيان بالطرق التي تعلموا بها ايضا , وهم في نفس الوقت مطالبون بأن يعدوا هؤلاء التلاميذ لاحتمالات المستقبل وللحياة فيه، كما هو حادث اليوم من انفجار معرفي غزير , وتطوير تكنولوجي سريع , فمن الضروري ان يكون المعلم نفسه واعياً بهذه التطورات ملماً مكتسبا لمهاراتها حتى يعلم التلاميذ على اساس سليم , وإذا كان عكس ذلك فالطامة تصبح كبرى لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

ودراسة التاريخ مهمة, لأنها تعني دراسة الحركة داخل التعليم ومن حوله , فدراسة تطور المناهج التعلمية تتضمن الكشف عن اثر الظروف الاجتماعية والاقتصادية في نوع الخبرة التي يتعلم منها التلاميذ, ودراسة اهداف التربية في تطورها تبين طبيعة كل عصر , وضرورة ربطها بمطالب هذا العصر , ونخلص من ذلك الى أن مشكلات التعليم لا يمكن فهمها او البحث عن حلول لها إلا في ضوء دراسة التاريخ من حولها حتى نكتشف عن أثر القوى والعوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في خلقها وظهورها.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.