أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-11-2016
2079
التاريخ: 26-9-2018
1449
التاريخ: 21-10-2019
1117
التاريخ: 11-9-2019
1596
|
حوادث بسر بن ابي ارطأة ، والضحاك بن قيس الفهري ، وسفيان بن عوف الغامدي في الاعتداء على ارواح المسلمين بعد صفين ـ مشهورة لدى الكثيرين .
وإلى القارئ طرفا منها .
ذكر ابراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي في « كتاب الغارات » عن ابن الكنود « قال : حدثني سفيان بن عوف الغامدي قال دعاني معاوية فقال إني باعثك في جيش كثيف ذي أداة . فالزم لي جانب الفرات حتى تمر بهيت فتقطعها فإن وجدت بها جندا فاغر عليهم ، وإلا فامض حتى تغير على الانبار . فإن لم تجد بها جنداً فامض حتى تصل المدائن .
وأعلم أنك إن اغرت على اهل الانبار واهل المدائن فكأنك أغرت على الكوفة . هذه الغارات ـ يا سفيان ـ على العراق ترعب قلوبهم وتفرح كل من له هوى فينا منهم وتدعو إلينا من خاف الدوائر . فاقتل من لقيته ممن ليس هو على مثل رايك . وأضرب كل من مررت به من القرى . وأحرب الاموال فإن حرب الاموال شبيه بالقتل : وهو أوجع للقلب (1) .
وروى ابراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي صاحب « كتاب الغارات » أن معاوية استدعى الضحاك بن قيس الفهري وقال له : « سر حتى تمر بناحية الكوفة وترتفع عنها ما استطعت . فمن وجدته من الاعراب في طاعة علي فأغر عليه ، وإن وجدت له مسلحة أو ضلا فأغر عليها . وإذا أصبحت في بلدة فأمس في أخرى ...
فأقبل الضحاك فنهب الاموال ، وقتل من لقى من الاعراب ، حتى مر بالثعلبية . فأغار على الحاج فأخذ أمتعتهم . ثم أقبل فلقى عمرو بن قيس بن مسعود الذهلي ـ وهو ابن أخي عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله ـ فقتله في طريق الحاج وقتل معه ناساً من الصحابة » ( 2 ) .
واستدعى معاوية بسر بن أبي أرطاة « وكان بسر قاسي القلب فظاً سفاكاً للدماء لا رأفة عنده ولا رحمة . فأمره ان يأخذ طريق الحجاز والمدينة ومكة حتى ينتهي إلى اليمن . وقال له : لا تنزل على بلد أهله على طاعة علي إلا بسطت عليهم لسانك حتى يروا أنهم لا نجاة لهم وإنك محيط بهم . ثم اكفف عنهم وادعهم إلى البيعة . فمن أبى فاقتله ، واقتل شيعة علي حيث كانوا ...
فدخل بسر المدينة ـ وعامل علي عليها أبو أيوب الانصاري صاحب منزل رسول الله ـ فخرج أبو أيوب عنها هارباً . ودخل المدينة فخب في الناس وشتمهم وتهددهم وقال : شاهت الوجوه ... ثم شتم الانصار فقال : يا معشر اليهود وابناء العبيد .. اما والله لأوقعن بكم وقعة تشفي غليل صدور المؤمنين ... فنزل فاحرق دوراً كثيرة .. ثم خرج بسر إلى مكة . فلما قرب منها هرب قثم ابن العباس ـ وكان عامل علي ـ فدخلها بسر فشتم اهلها وأنبهم ..
وقد روى عوانة عن الكلبي ان بسراً ـ لما خرج من المدينة إلى مكة ـ قتل في طريقه رجلا واخذ مالا . وبلغ أهل مكة فخافوه وهربوا . فخرج إبنا عبيد الله بن عباس فذبحهما بسر ، فخرج نسوة من بني كنانة فقالت امرأة منهن هذه الرجال يقتلها فما بال الولدان !!! والله ما كانوا يقتلون في جاهلية ، ولا إسلام ...
وخرج بسر من الطائف فأتى نجران فقتل عبد الله بن عبد المدان وإبنه مالكا . وكان عبد الله هذا صهراً لعبيد الله بن العباس . ثم جمع اهل نجران وقال :
يا معشر النصارى وإخوان القرود . أما والله إن بلغني عنكم ما أكره لأعودن عليكم بالتي تقطع النسل وتهلك الحرث وتخرب الديار ... وأتى صنعاء ... فدخلها وقتل منها قوماً .
وأتاه وفد مأرب فقتلهم . ثم خرج بسر من صنعاء فقتل الناس قتلا ذريعاً . ثم رجع إلى صنعاء فقتل بها مئة شيخ من أبناء فارس ( 3 ) » .
وروى أبو الحسن بن أبي سيف المدائني في « كتاب الأحداث (4) » قال : « كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله ـ بعد عام الجماعة ـ أن برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل ابي تراب واهل بيته . فقامت الخطباء في كل كورة ـ وعلى كل منبر ـ يلعنون علياً ويبرؤن منه ...
وكتب معاوية الى عماله الا يجيزوا لاحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة .
وكتب إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم ، واكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم اسمه واسم أبيه وعشيرته ..
ثم كتب إلى عماله إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية . فاذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة الخلفاء الاولين . ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وأتوا بمناقض له في الصحابة ...
فقرئت كتبه على الناس فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها . وجد الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر .
وألقى إلى معلمي الكتاتيب فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع . حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن ...
ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان : انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته فأمحوه من الديوان واسقطوا عطائه ورزقه . وشفع ذلك بنسخة أخرى : من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به ، واهدموا داره ... فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر .
ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة . وكان أعظم الناس في ذلك بلية القراء المراؤون والمستضعفون الذي يظهرون الخضوع والنسك فيفتعلون الاحاديث ليحظوا عند ولاتهم ويقربوا مجالسهم ويصيبوا الاموال والضياع والمنازل .
ثم انتقلت تلك الاخبار والاحاديث إلى أيدي الديانين والذين لا يستحلون الكذب والبهتان فقبلوه ... فلم يزل الامر كذلك حتى مات الحسن .. ثم تفاقم الامر بعد قتل الحسين » .
تلك جوانب من أخلاق معاوية ذكرها المؤرخون المسلمون .
أما ما خفي عنا مما ذكره المؤرخون الآخرون فأكثر من ذلك .
وأما ما خفي على المؤرخون ـ من أخلاق معاوية ـ فأكثر من ذلك بكثير . وقد ظهر معاوية في الامثلة التي ذكرناها بأبشع ما يظهر به الانسان من الكذب ومن الانتهازية السياسية . وإلى الخطوط العامة للأوضاع التي ذكرناها ، يشير العقاد بقوله ( 5 ) :
« كل شيء في الحياة الانسانية هين إذا هان الخلل في موازين الانسانية . وإنها لأهون من ذلك إذا جاوز الأمر الخلل إلى إنعكاس الاحكام وإنقلابها من النقيض إلى النقيض ... فمن الناس من يحب أن تتغلب المنفعة على الحقيقة أو على الفضيلة لأنه يرجع إلى طبيعته فيشعر بحقارتها إذا غلبت مقاييس الفضائل المنزهة والحقائق الصريحة .. وإنه ليعترف بالرذيلة إذا استطاع أن يلوث الفضيلة التي يمتاز بها عليه ذوو الفضائل البينة .
وإذا لم يرجح من أخبار تلك الفترة إلا الخبر الراجح عن لعن على المنابر بأمر من معاوية لكان فيه الكفاية لإثبات ما عداه مما يتم به الترجيح بين كفتي الميزان » .
وهناك جوانب اخرى تتجلى فيها السياسة الوصولية التي سار معاوية طبقا لمتطلباتها . فلم يكتف « أمير المؤمنين » و « خليفة » رسول الله بضرب المسلمين ببعضهم بشتى الوسائل ، ومختلف المؤامرات للمحافظة على سلطانه بل حالف البيزنطيين ـ أعداء المسلمين والإسلام ـ على حساب المصلحة الإسلامية العليا . فقد عقد معاوية مع أمراء البيزنطيين سلسلة من المعاهدات الرامية إلى تثبيت قواعد ملكه على حساب الاسلام والمسلمين .
ولعل ابشع تلك المعاهدات ـ غير المتكافئة ـ تلك التي عقدها معاوية ـ بمحض اختياره ـ مع الامير البيزنطي كونستان الثاني في عام 39 هـ . فدفع معاوية ـ وفقاً لمستلزمات هذه المعاهدة ـ الجزية للأمير البيزنطي المذكور .
____________
(1) شرح نهج البلاغة 1 | 144 .
(2) المصدر نفسه 1 | 154 .
(3) شرح نهج البلاغة 1 | 117 ـ 120 .
(4) من اساليبه في تثبيت مركزه ومقاومة خصومه . المصدر السابق 3 | 15 ـ 16 .
(5) معاوية بن أبي سفيان ص 11 و 16 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|