أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-3-2016
2099
التاريخ: 2024-09-28
158
التاريخ: 2024-10-03
133
التاريخ: 22-12-2014
1553
|
كان الغزالي (ت : 505 هـ) في أوائل من حذّر من تحوّل
مقولة التفسير بالرأي إلى ذريعة لتعطيل الانفتاح على القرآن ، وإلى عقبة مانعة من
تدبّر معانيه والوقوف بها على ما يفيده الظاهر وحسب أو على ما يقصر على السمع والنقل
دون التملي والاجتهاد الذي يتيح مجالا رحبا.
ثمّ تابعه على الخط ذاته الشيرازي (ت : 1050 هـ) الذي أشار بوضوح إلى أنّ
هذه المقولة تحوّلت إلى عنصر سلبي أفضى إلى تجميد حركة التفسير والإفادة من كتاب
اللّه ، إلّا في حدود ما يأتي من النقل والسمع من جهة وعن طريق الموروث التفسيري
من جهة اخرى «وإنّ
ما وراء ذلك تفسير بالرأي» (1) ، ليسجّل بعد ذلك صراحة بأنّ
هذا «من الحجب
العظيمة التي أوقعها الشيطان ، ليصرف قلوب الكثيرين عن فهم معاني التأويل وأنوار
التنزيل» (2).
امّا الإمام
الخميني فيرى أنّ
الانسياق وراء هذه المقولة تحوّل عمليا إلى هجر كامل القرآن وحصر الإفادة منه على
الموروث التفسيري وحده ، وهذا من الحجب العظيمة والموانع الكبيرة التي تحول بين
المسلمين وكتابهم ، وهو إلى ذلك من أخطر التبعات السلبية التي ترتبت على المسألة.
فمن جهة تحوّل الخوف من الرأي الممنوع إلى
عقدة تحجب الناس عن القرآن . ومن جهة اخرى تحوّل إغراق القرآن وتحميله بالآراء إلى
مانع يحجب القرآن عن الناس. وكلا الحالين مرفوضان.
الحالة الاولى ناتجة عن الخلط بين التفسير
الممنوع وبين غيره ، خاصّة عملية التفكّر والتدبّر التي ندب إليها القرآن نفسه.
عن هذا الخلط وما أفضى إليه يكتب الإمام : «لقد خلطوا بين التفكّر والتدبّر
في الآيات الشريفة والتفسير بالرأي الممنوع. وعن طريق هذا الرأي الفاسد والعقيدة
الباطلة جرّدوا القرآن عن جميع ضروب الاستفادة ، واتخذوه مهجورا بنحو كلّي» (3).
أجل ، إنّ التحرّز عن تحميل الآراء لا ينبغي
أن يتحوّل إلى ذريعة لتضييق القرآن نفسه وحصر معانيه ، فما دلّ عليه الدليل هو : «أنّنا لا نستطيع أن نؤول
القرآن برأينا» وإلّا
«فنحن نتوفّر على كتاب يتضمّن المصالح الشخصية ، والمصالح الاجتماعية والمصالح
السياسية ، وإدارة البلد وكلّ شيء» لكن بشرط أن يتمّ التعاطي مع ذلك كلّه عن طريق
«التفاسير الواردة عن أهل الاختصاص» (4) إذا كان المورد ممّا يختصّ بالتفسير ، ولا
حقّ لنا بفرض الآراء الشخصية. أي المطلوب هو تمييز الدوائر بين ما يقع في اختصاص
التفسير ، وبين ما يعدّ استفادات من القرآن وعيشا في ظلاله ، وبين ما يكون تفسيرا
بالرأي ، والأخير هو الممنوع دون غيره ، ومساحته ضيّقة كما رأينا.
كما يفضي التردّد عن ولوج معاني القرآن حذرا
من الرأي الممنوع إلى هجر القرآن ، كذلك يؤدّي إلى النتيجة ذاتها الوجه الآخر في
الحالة ، متمثّلا بتحميل القرآن بالآراء المنحرفة الشاذّة وبالأهواء. فحصار الآراء
والأهواء ليس أقلّ ضررا على القرآن من التردّد عن النفوذ إلى دائرته. يقول الإمام
: «إنّ القرآن ، هذا
الكتاب الذي يعدّ كتاب معرفة اللّه وطريق السلوك إليه ، جرّ بيد الأصدقاء الجهلة
نحو الانحراف والانزواء ، واتخذت الآراء الانحرافية وتفسيرات الرأي سبيلها إليه ، حتّى
راح كلّ إنسان يتصرّف به على وحي نفسانيّاته ، مع كلّ هذا التأكيد عن أئمّة
الإسلام عليهم السّلام في النهي عنه» (5).
إنّ القرآن يعيش حجابا مزدوجا ، أفضى به إلى
نتيجة مروّعة ، يقول الإمام في وصفها : «إنّ كتاب الحياة والكمال والجمال- هذا- قد
اختفى في الحجب التي اصطنعناها ، وانتهت خزينة أسرار الوجود- هذه- إلى أن تدفن في
أعماق تراب انحرافاتنا الفكرية ، كما تنزّلت لغته؛ لغة الانس والهداية والحياة ، والتي
تصنع فلسفة الحياة؛ تنزّلت إلى لغة الوحشة والموت والقبر» (6).
المطلوب أن يسفر القرآن عن نفسه كما هو ، وأن
تبرز حقائق هذا الكتاب كما هي ، من دون أن نحمّله حجب الآراء والأهواء : «ينبغي أن نعرض الإسلام كما هو
، وأن نعرض القرآن كما هو . إذا ما عرضنا القرآن والإسلام على العالم كما هما
فسيقبل عليهما الجميع» (7).
________________
(1)-
مفاتيح الغيب : 63.
(2)- نفس المصدر.
(3)- آداب الصلاة : 199.
(4)- صحيفه امام 18 : 423 ، حيث تعود
الاقتباسات القصيرة الثلاث إلى هذا النصّ.
(5)- قرآن كتاب هدايت در ديدگاه امام خميني
: 174.
(6)- صحيفه امام 21 : 78.
(7)- نفس المصدر 6 : 509.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|