أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-10-2017
15645
التاريخ: 28-2-2017
5971
التاريخ: 15-10-2017
4827
التاريخ: 17-10-2017
4334
|
قال تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} [المائدة : 87 ، 88].
لما تقدم ذكر الرهبان ، وكانوا قد حرموا على أنفسهم الطيبات ، نهى الله المؤمنين عن ذلك ، فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أي : يا أيها المؤمنون {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} وهو يحتمل وجوها ، منها : أن يريد لا تعتقدوا تحريمها . ومنها : أن يريد لا تظهروا تحريمها . ومنها : أن يريد لا تحرموها على غيركم بالفتوى والحكم . ومنها . أن يريد لا تجروها مجرى المحرمات في شدة الاجتناب . ومنها : أن يريد لا تلتزموا تحريمها بنذر أو يمين . فوجب حمل الآية على جميع هذه الوجوه . والطيبات : اللذيذات التي تشتهيها النفوس ، وتميل إليها القلوب ، وقد يقال الطيب : بمعنى الحلال ، كما يقال يطيب له كذا : أي يحل له.
ولا يليق ذلك بهذا الموضع.
{وَلَا تَعْتَدُوا} أي : لا تتعدوا حدود الله وأحكامه . وقيل : معناه لا تجبوا أنفسكم فسمي الخصاء اعتداء ، عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والأول أعم فائدة {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} معناه يبغضهم ، ويريد الانتقام منهم {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} لفظه أمر ، والمراد به الإباحة {حَلَالًا طَيِّبًا} أي : مباحا لذيذا ويسأل هنا فيقال : إذا كان الرزق كله حلالا ، فلم قيد ههنا فقال حلالا ؟ والجواب : إنه إنما ذكر حلالا على وجه التأكيد ، كما قال {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} وقد أطلق الله تعالى في موضع آخر على وجه المدح ، وهو قوله {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} وقال ابن عباس : يريد من طيبات الرزق : اللحم وغيره {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} هذا استدعاء إلى التقوى بألطف الوجوه ، وتقديره : أيها المؤمنون بالله ، لا تضيعوا إيمانكم بالتقصير في التقوى ، فيكون عليكم الحسرة العظمى ، واتقوا في تحريم ما أحل الله لكم ، وفي جميع معاصيه من به تؤمنون ، وهو الله تعالى .
وفي هاتين الآيتين ، دلالة على كراهة التخلي ، والتفرد ، والتوحش ، والخروج عما عليه الجمهور في التناسل ، وطلب الولد ، وعمارة الأرض . وقد روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأكل الدجاج ، والفالوذج ، وكان يعجبه الحلواء والعسل ، وقال : " إن المؤمن حلو يحب الحلاوة " وقال : " إن في بطن المؤمن زاوية لا يملؤها إلا الحلواء " . وروي أن الحسن كان يأكل الفالوذج ، فدخل عليه فرقد السبخي ، فقال : " يا فرقد ! ما تقول في هذا ؟ فقال فرقد : لا آكله ، ولا أحب أكله . فأقبل الحسن على غيره كالمتعجب ، وقال : لعاب النحل بلباب البر ، مع سمن البقر ، هل يعيبه مسلم ؟! " .
_______________________________
1. تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 405 – 406.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} . قالوا : إن هذه الآية نزلت في قوم من الصحابة غلب عليهم الخوف من اللَّه ، فحرموا على أنفسهم النساء وطيبات الطعام واللباس ، وانقطعوا إلى قيام الليل ، وصيام النهار .
فدعاهم رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) وتلا عليهم الآية ، وقال : أما أنا فأقوم وأنام ، وأصوم وأفطر ، وآتي النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني . وقوله تعالى :
{ولا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهً لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} يشعر بأن تحريم الحلال ، تماما كتحليل الحرام ، كل منهما ظلم واعتداء .
{وكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً} . تقدم تفسيره في الآية 168 من سورة البقرة ج 1 ص 258 .
________________________
1. تفسير الكاشف ، ج3 ، ص 118 .
قوله تعالى : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ } ، قال الراغب في المفردات : الحرام الممنوع منه إما بتسخير إلهي ، وإما بمنع قهري ، وإما بمنع من جهة العقل أو جهة الشرع أو من جهة من يرتسم أمره ، انتهى موضع الحاجة .
وقال أيضا : أصل الحل حل العقدة ، ومنه قوله عز وجل : { وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي } ، وحللت : نزلت ، أصله من حل الأحمال عند النزول ثم جرد استعماله للنزول فقيل : حل حلولا وأحله غيره ، قال عز وجل : { (أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) ، (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) } ، ويقال : حل الدين وجب أداؤه ، والحلة القوم النازلون وحي حلال مثله ، والمحلة مكان النزول ، وعن حل العقدة أستعير قولهم : حل الشيء حلا قال الله تعالى : { وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً } ، وقال تعالى : { هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ } ، انتهى .
فالظاهر أن مقابلة الحل الحرمة وكذا التقابل بين الحل والحرم أو الإحرام من جهة تخيل العقد في المنع الذي هو معنى الحرمة وغيرها ثم مقابلته بالحل المستعار لمعنى الجواز والإباحة ، واللفظان أعني الحل والحرمة من الحقائق العرفية قبل الإسلام دون الشرعية أو المتشرعة.
والآية أعني قوله : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا } { إلخ } ، تنهى المؤمنين عن تحريم ما أحل الله لهم وتحريم ، ما أحل الله هو جعله حراما كما جعله الله تعالى حلالا وذلك إما بتشريع قبال تشريع ، وإما بالمنع أو الامتناع بأن يترك شيئا من المحللات بالامتناع عن إتيانه أو منع نفسه أو غيره من ذلك فإن ذلك كله تحريم ومنع ومنازعة لله سبحانه في سلطانه واعتداء عليه ينافي الإيمان بالله وآياته ، ولذلك صدر النهي بقوله : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } فإن المعنى : لا تحرموا ما أحل الله لكم وقد آمنتم به وسلمتم لأمره.
ويؤيده أيضا قوله في ذيل الآية التالية : { وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ }.
وإضافة قوله : { طَيِّباتِ } إلى قوله : { ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ } ـ مع أن الكلام تام بدونه ـ للإشارة إلى تتميم سبب النهي فإن تحريم المؤمنين لما أحل الله لهم على أنه اعتداء منهم على الله في سلطانه ، ونقض لإيمانهم بالله وتسليمهم لأمره كذلك هو خروج منهم عن حكم الفطرة ، فإن الفطرة تستطيب هذه المحللات من غير استخباث ، وقد أخبر الله سبحانه عن ذلك فيما نعت به نبيه صلى الله عليه وآله والشريعة التي جاء بها حيث قال : { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ الأعراف : 157] .
وبهذا الذي بينا يتأيد أولا : أن المراد بتحريم طيبات ما أحل الله هو الإلزام والالتزام بترك المحللات.
وثانيا : أن المراد بالحل مقابل الحرمة ويعم المباحات والمستحبات بل والواجبات قضاء لحق المقابلة.
وثالثا : أن إضافة الطيبات إلى ما أحل الله في قوله : { طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ } إضافة بيانية.
ورابعا : أن المراد بالاعتداء في قوله : { وَلا تَعْتَدُوا } هو الاعتداء على الله سبحانه في سلطانه التشريعي ، أو التعدي عن حدود الله بالانخلاع عن طاعته والتسليم له وتحريم ما أحله كما قال تعالى في ذيل آية الطلاق : { تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [ البقرة : 229] ، وقوله في ذيل آيات الإرث : { تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ } [ النساء : 14] ، والآيات ـ كما ترى ـ تعد الاستقامة والالتزام بما شرعه الله طاعة له تعالى ولرسوله ممدوحة ، والخروج عن التسليم والالتزام والانقياد اعتداء وتعديا لحدود الله مذموما معاقبا عليه.
فمحصل مفاد الآية النهي عن تحريم ما أحله الله بالاجتناب عنه والامتناع من الاقتراب منه فإنه يناقض الإيمان بالله وآياته ويخالف كون هذه المحللات طيبات لا خباثة فيها حتى يجتنب عنها لأجلها ، وهو اعتداء والله لا يحب المعتدين.
قوله تعالى : { وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } قد عرفت أن ظاهر السياق أن المراد بالاعتداء هو التحريم المذكور في الجملة السابقة عليه فقوله : { وَلا تَعْتَدُوا } يجري مجرى التأكيد لقوله : { (لا تُحَرِّمُوا) ، إلخ }.
وأما ما ذكره بعضهم : أن المراد بالاعتداء تجاوز حد الاعتدال في المحللات بالانكباب على التمتع بها ولاستلذاذ منها قبال تركها واجتناب تناولها تقشفا وترهبا فيكون معنى الآية : لا تحرموا على أنفسكم ما أحل الله لكم من الطيبات المستلذة بأن تتعمدوا ترك التمتع بها تنسكا وتقربا إليه تعالى ، ولا تعتدوا بتجاوز حد الاعتدال إلى الإسراف والإفراط الضار بأبدانكم أو نفوسكم.
أو أن المراد بالاعتداء تجاوز المحللات الطيبة إلى الخبائث المحرمة ، ويعود المعنى إلى أن لا تجتنبوا المحللات ولا تقترفوا المحرمات ، وبعبارة أخرى : لا تحرموا ما أحل الله لكم ، ولا تحللوا ما حرم الله عليكم .
فكل من المعنيين وإن كان في نفسه صحيحا يدل عليه الكتاب بما لا غبار عليه لكن شيئا منهما لا ينطبق على الآية بظاهر سياقها وسياق ما يتلوها من الآية اللاحقة فما كل معنى صحيح يمكن تحميله على كل لفظ كيفما سيق وأينما وقع.
قوله تعالى : { وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً } إلى آخر الآية ، ظاهر العطف أعني انعطاف قوله : { وَكُلُوا } على قوله : { لا تُحَرِّمُوا } أن يكون مفاد هذه الآية بمنزلة التكرار والتأكيد لمضمون الآية السابقة ، ويؤيده سياق صدر الآية من حيث اشتماله على قوله : { حَلالاً طَيِّباً } ، وهو يحاذي قوله في الآية السابقة : { طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ } ، وكذا ذيلها من حيث المحاذاة الواقعة بين قوله فيه : { وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ } وقوله في الآية السابقة : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } وقد مر بيانه.
وعلى هذا فقوله : { كُلُوا } ( إلخ ) ، من قبيل ورود الأمر عقيب الحظر ، وتخصيص قوله : { كُلُوا } بعد تعميم قوله : { لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ } ( إلخ ) ، إما تخصيص بحسب اللفظ فقط ، والمراد بالأكل مطلق التصرف فيما رزقه الله تعالى من طيبات نعمه ، سواء كان بالأكل بمعنى التغذي أو بسائر وجوه التصرف ، وقد تقدم مرارا أن استعمال الأكل بمعنى مطلق التصرف استعمال شائع ذائع.
وإما أن يكون المراد ـ ومن الممكن ذلك ـ الأكل بمعناه الحقيقي ، ويكون سبب نزول الآيتين تحريم بعض المؤمنين في زمن النزول المأكولات الطيبة على أنفسهم فتكون الآيتان نازلتين في النهي عن ذلك ، وقد عمم النهي في الآية الأولى للأكل وغيره إعطاء للقاعدة الكلية لكون ملاك النهي يعم محللات الأكل وغيرها على حد سواء.
وقوله : { مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ } لازم ما استظهرناه من معنى الآيتين كونه مفعولا لقوله : { كُلُوا } وقوله : { حَلالاً طَيِّباً } حالين من الموصول وبذلك تتوافق الآيتان ، وربما قيل : إن قوله : { حَلالاً طَيِّباً } مفعول قوله : { كُلُوا } وقوله : { مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ } متعلق بقوله : { كُلُوا } أو حال من الحلال قدم عليه لكونه نكرة ، أو كون قوله : { حَلالاً } وصفا لمصدر محذوف ، والتقدير : رزقا حلالا طيبا إلى غير ذلك.
وربما استدل بعضهم بقوله : { حَلالاً } على أن الرزق يشمل الحلال والحرام معا وإلا لغا القيد.
والجواب : أنه ليس قيدا احترازيا لإخراج ما هو رزق غير حلال ولا طيب بل قيد توضيحي مساو لمقيده ، والنكتة في الإتيان به بيان أن كونه حلالا طيبا لا يدع عذرا لمعتذر في الاجتناب والكف عنه على ما تقدم ، وقد تقدم الكلام في معنى الرزق في ذيل الآية 27 من سورة آل عمران في الجزء الثالث من هذا الكتاب.
___________________________
1. تفسير الميزان ، ج6 ، ص 88-91 .
في الآية الاولى إشارة إلى قيام بعض المسلمين بتحريم بعض النعم الإلهية . فنهاهم الله عن ذلك قائلا : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ } (2).
إنّ ذكر هذا الحكم ، مع أخذ سبب النّزول بنظر الاعتبار ، قد يكون إشارة إلى أنّه إذا كان في الآيات السابقة شيء من الثناء على فريق من علماء المسيحية ورهبانها لتعاطفهم مع الحقّ والتسليم له ، لا لتركهم الدنيا وتحريم الطيبات ، وليس للمسلمين أن يقتبسوا منهم ذلك ، فبذكر هذا الحكم يعلن الإسلام صراحة استنكار الرهبنة وهجر الدنيا كما يفعل المسيحيون والمرتاضون (ثمّة شرح أوفى لهذا الموضوع في تفسير الآية (٢٧) من سورة الحديد : { ... وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها } .
ثمّ لتوكيد هذا الأمر تنهي الآية عن تجاوز الحدود ، لأنّ الله لا يحبّ الذين يفعلون ذلك { وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } .
وفي الآية التي تليها آخر للأمر ، إلّا أنّ الآية السابقة كان فيها نهي عن التحريم ، وفي هذه الآية أمر بالانتفاع المشروع من الهبات الإلهية ، فيقول :( وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً ) .
والشرط الوحيد لذلك هو الاعتدال والتقوى عند التمتع بتلك النعم :( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ) أي أنّ إيمانكم بالله يوجب عليكم احترام أوامره في التمتع وفي الاعتدال والتقوى .
هناك احتمال آخر في تفسير هذه الآية ، وهو أنّ الأمر بالتقوى يعني إن تحريم المباحات والطيبات لا يأتلف مع درجات التقوى المتكاملة الرفيعة ، فالتقوى تستلزم أن لا يتجاوز الإنسان حد الاعتدال من جميع الجهات.
____________________________
1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 615 – 616 .
2. في معنى «الحلال» و «الطيب» أنظر المجلد الأول من هذا التفسير.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
جامعة كربلاء: مشاريع العتبة العباسية الزراعية أصبحت مشاريع يحتذى بها
|
|
|