المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6235 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأُمّةُ الهُداة!
8-10-2014
آقا زين العابدين اليزدي
22-9-2017
معنى (نظر) واستعمالاته
15-11-2015
علي (عليه السلام) وغزوة الخندق
23-2-2019
Chandra Mohan Rao Kintala
21-3-2018
تداخلات البروتينات النباتية والبكترية
28-9-2016


الشيخ زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد  
  
2197   11:02 صباحاً   التاريخ: 20-9-2017
المؤلف : السيد محسن الامين.
الكتاب أو المصدر : أعيان الشيعة.
الجزء والصفحة : ج 6 -ص146
القسم : الحديث والرجال والتراجم / علماء القرن العاشر الهجري /

الشيخ زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد بن محمد بن علي بن جمال الدين بن تقي بن صالح بن مشرف العاملي الشامي الطلوسي الجبعي المعروف بابن الحاجة النحاريري الشهير بالشهيد الثاني ولد في 13 شوال سنة 911 كما نقله ابن العودي عنه يوم الثلاثاء واستشهد يوم الجمعة في شهر رجب سنة 966 كما في نقد الرجال أو 965 كما عن خط ولده الشيخ حسن وعمره 54 أو 55 سنة وعن تاريخ جهان آر الفارسي انه استشهد يوم الخميس سنة 965 في العشر الأوسط من السنة المذكورة اه‍. وكانت شهادته قتلا في طريق اسلامبول عند قرية تسمى بايزيد محمل رأسه إلى اسلامبول وفي أمل الآمل قال في تاريخ وفاته بعض الأدباء أقول ويقال انه البهائي ولكن البهائي متأخر عنه وشعره أمتن من شعر هذا الذي عده صاحب الأمل من الأدباء وهو بعيد عنهم قال:
تاريخ وفاة ذاك الأواه * الجنة مستقره والله

سنة 955 وبعضهم أرخه بقوله مثوى الشهيد جنة 964 ويظهر من بعض كتب التراجم ان المعروف بابن الحاجة هو أبوه والطلوسي لم نجده في غير رياض العلماء.

وصاحب الروضات جعله وصفا لجده الشيخ صالح بن مشرف وهو نسبة إلى طلوسة بطاء مهملة مفتوحة ولام مشددة مضمومة وواو ساكنة وسين مهملة وهاء قرية عاملية وهو اسم روماني أو سرياني ويوجد في بلاد الإفرنج طلوزه بالزاي بدل السين ولعل طلوسة تصحيف طلوزه فيظهر ان الطلوسي وصف لجده لا له لان وطنه الأصلي جبع كما يدل عليه قول ابن العودي الآتي ثم رجع إلى وطنه الأصلي جبع واما النحاريري فهو نسبة إلى النحارير بوزن جمع نحرير وحروفه وما يوجد من رسمها بمثناة فوقية بدل النون تصحيف في شعر الشيخ محمد الحياني تلميذ المترجم الآتي ترجمته في محلها ذكر النحاريري وارض النحارير.

والحياني منسوب إلى القرية المسماة بني حيان المجاورة   لطلوسة بينهما وإذ يسمع الصوت من إحداهما للأخرى فالظاهر أن النحارير اسم لقرية بني حيان أو طلوسة أو لأرض أو جهة واقعة بالقرب منهما وبهذه المناسبة وصف جده بالطلوسي والنحاريري وكان بعض من عاصرناه ممن لا يعتمد على نقله يقول إنها المكان الذي بتلك الجهة المعروف الآن بوادي الشحارير واصلها النحارير فصحفت وسميت بذلك لأنها كانت مزرعا لنحارير العلماء والله أعلم. اما انه يعرف بابن الحاجة ففي بعض المواضع رسمها بالحاء والألف بعدها جيم ولا أتذكر الآن أين وجدتها.

وفي الرياض يعرف بابن الحجة وفي بعض المواضع ابن الحاجة وسيجئ في ترجمة والده ان اسم والده في بعض إجازاته على ابن أحمد بن الحجة فلعل جدهم الاعلى كان اسمه الحجة أو ان الحجة لقب جد والده اه‍ ويظهر من ذلك أن الملقب بابن الحاجة أو الحجة هو ووالده معا ثم إن الحاجة بالألف هي المرأة التي حجت فلعل إحدى جداته كانت تعرف بالحاجة وعرف هو وأبوه بالانتساب إليها اما الحجة فيمكن كونها بضم الحاء فتكون لقبا لرجل ويمكن كونها مخفف الحاجة والله أعلم. واشتهر أيضا بالشهيد الثاني في قبالة الشهيد الأول محمد بن مكي المستشهد في دمشق.

استشهد عدد كثير من علماء الإمامية ولم يشتهر واحد منهم باسم الشهيد عدا هذين الشهيدين وإن وصف بعضهم بالشهيد الثالث والرابع ولكنه لم يشتهر بذلك كما أنه اشتهر باسم العلامة على الاطلاق الحسن ابن المطهر الحلي وباسم المحقق جعفر ابن سعيد الحلي وباسم المحقق الثاني الشيخ علي بن عبد العالي العاملي الكركي ولم يشتهر به سواهما ولكن في هذا العصر كثر اطلاق لقب العلامة على كل أحد حتى اطلقه بعض المؤلفين في العراق على رجل عامي لا حظ له بشئ من العلم لكونه وجيها ومن بيت علم.
ألقاب علم أتت في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد واسمه زين الدين بن علي بلا ريب لا زين الدين علي كما توهمه الشيخ عبد النبي الكاظمي نزيل جبل عامل في تكملة نقد الرجال فزين الدين اسمه لا لقب له وعلي اسم أبيه لا اسمه كما وجدناه بخطه الشريف في عدة مواضع منها على مجموعة رسائل له أجاز روايتها لبعض آل سليمان العامليين وكتب الإجازة بخطه في عدة مواضع منها على عدة رسائل رأيتها في النجف الأشرف أيام إقامتي هناك لطلب العلم ونسختها ومنها ما رأيته بخطه على أواخر مجلدات فروع الكافي فعلى آخر كتاب المعيشة ما صورته: أنهاه أحسن الله توفيقه وسهل إلى كل خير طريقه قراءة وفهما وضبطا في مجالس آخرها ليلة الأربعاء 16 شهر ربيع الآخر عام 954 وانا الفقير إلى الله الغني زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي حامدا لله تعالى مصليا مسلما. وعلى آخر كتاب النكاح منه: أنهاه قراءة أحسن الله إليه وأسبغ نعمه عليه في مجالس آخرها يوم 17 شهر جمادى الأولى سنة 954 وانا الفقير إلى الله الغني زين الدين بن علي بن أحمد حامدا مصليا مسلما. وعلى آخر كتاب العقيقة: بلغ قراءة وفقه الله تعالى وإيانا والمؤمنين.

بمحمد وآله الطاهرين وانا الفقير زين الدين بن علي بن أحمد حامدا مصليا مسلما وعلى آخر كتاب الطلاق: أنهاه أحسن الله توفيقه قراءة في مجالس آخرها ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من شهر جمادى الأولى سنة 954 وانا الفقير لله تعالى زين الدين بن علي بن أحمد حامدا لله تعالى مصليا مسلما مستغفرا ورأيت نسخة من أصول الكافي وقع فيها خرق من أولها إلى آخرها وهو في أولها صغير وفي آخرها أكبر وقد أصلح وكتب المترجم على مواضع الاصلاح بخطه وقد قابل النسخة بنفسه وكتب على بعض المواضع منها بلغت المقابلة بحمد الله ومنه بالنسخة المنتسخ ومنها وفق الله للاصلاح وانا الفقير إلى الله زين الدين بن علي حامدا مصليا مسلما منتصف شهر جمادى الأولى سنة 954 وفي بعضها بلغ مقابلة وتصحيحا حسب الجهد والطاقة في مجالس آخرها ليلة الأربعاء سادس عشري شهر ربيع الاخر سنة 954 وانا العبد الفقير إلى الله تعالى زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي حامدا مصليا مسلما.
وهذا دليل على مزيد عنايتهم الاخبار وانها كانت تقرأ عليهم وتدرس وكان بحر العلوم الطباطبائي يدرس كتاب الوافي في العصر الذي قبل عصرنا وألف صاحب مفتاح الكرامة مجلدا في تقرير بحث أستاذه المذكور لكتاب الوافي مشحونا بالفوائد. اما اليوم فقد هجر ذلك واستغني عنه بالبحث عن متن الخبر في ضمن الكتب الفقهية وفي أثناء دروس الفقه اما السند فلا يبحث عنه أصلا ويكتفي بكلام من سلف في وصفه بالصحة والضعف والحسن والوثاقة ولا يخفي ما في البحث عن السند كالبحث عن المتن من الفوائد.
صفته قال ابن العودي في رسالته: كان ربعة من الرجال معتدل الهامة وفي آخر عمره كان إلى السمن أميل بوجه صبيح مدور وشعر سبط يميل إلى الشقرة اسود العينين والحاجبين له خال على أحد خديه وآخر على أحد جبينيه ابيض اللون لطيف الجسم عبل الذراعين والساقين كان أصابع يديه أقلام فضة إذا نظر الناظر في وجه وسمع لفظه العذب لم تسمح نفسه بمفارقته وتسلى عن كل شئ بمخاطبته تملى العيون من مهابته وتبتهج القلوب لجلالته وأيم الله انه فوق ما وصفت وقد اشتمل على خصال حميدة أكثر مما ذكرت اه‍.
آباؤه وأبناؤه وعشيرته كان أبوه من كبار أفاضل عصره وكذلك جداه جمال الدين والتقي وجده الاعلى الشيخ صالح من تلاميذ العلامة وكذلك باقي أجداده الثلاثة كانوا أفاضل أتقياء.

وفي روضات الجنات ان كلا من آبائه الستة المذكورين كانوا من الفضلاء المشهورين اه‍.

وأخوه الشيخ عبد النبي وابن أخيه الشيخ حسن وبعض بني عمومته كانوا علماء أفاضل وأبناؤه تسلسل فيهم العلم والفضل زمانا طويلا وسموا بسلسلة الذهب ويظهر ذلك مما نذكره في تراجم الجميع كلا في بابه انش وكان واسطة عقدهم وأكثرهم به يعرفون واليه ينسبون والمشهور في جبل عامل ان آل زين الدين الذين يقطنون في صفد البطيخ هم من ذريته وكذلك آل الظاهر في النبطية التحتا. وكان لا يعيش له أولاد فمات له أولاد ذكور كثيرون قبل الشيخ حسن الذي كان لا يثق بحياته أيضا ولأجل ذلك صنف كتاب مسكن الفؤاد في الصبر على فقد الأحبة والأولاد ثم تزوج أم صاحب المدارك بعد وفاة زوجها فولد له منها الشيخ حسن فهو أخو صاحب المدارك لامه وكانا متصافيين تصافيا عجيبا قرءا معا وذهبا إلى النجف معا فقرءا عند الأردبيلي وعادا إلى جبع وكان من سبق منهما إلى الصلاة اقتدى به الاخر ومن حل مسالة مشكلة أخبر بها الاخر وعاش .الشيخ حسن بعد صاحب المدارك بقدر ما زاد عليه صاحب المدارك في العمر وهذا من غريب الاتفاق
أقوال العلماء في حقه :

كان عالما فاضلا جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة تقيا نقيا ورعا زاهدا عابدا حائزا صفات الكمال متفردا منها بما لا يشاركه فيه غيره مفخرة  من مفاخر الكون وحسنة من حسنات الزمان أو من غلطات الدهر كما يقال كان فقيها ماهرا في الدرجة العليا بين الفقهاء محدثا أصوليا مشاركا في جميع العلوم الاسلامية لم يدع علما من العلوم حتى قرأ فيه كتابا أو أكثر على مشاهير العلماء من النحو والصرف والبيان والمنطق واللغة والأدب والعروض والقوافي والأصول والفقه والتفسير وعلم الحديث وعلم الرجال وعلم التجويد وأصول العقائد والحكمة العقلية والهيئة والهندسة والحساب وغير ذلك كما يعلم مما يأتي في أحواله وفيمن قرأ عليهم من المشايخ ويقال ان السبب في قراءته علم التجويد ان الشيخ داود الأنطاكي الطبيب صلى خلفه فقال انا اقرأ منه فبلغه ذلك فقرأ علم التجويد وألف في كثير من هذه العلوم المؤلفات النافعة الفائقة.

والفقه أظهر وأشهر فنونه وكتبه فيه كالمسالك والروضة مدار التدريس من عصره حتى اليوم ومحط أنظار المؤلفين والمصنفين ومرجع العلماء والمجتهدين وقد صحح كتب الحديث وقرأها واقرأها.

وبلغ به علو الهمة إلى قراءة كتب العامة في جل الفنون ورواية أكثرها عن مؤلفيها بالإجازة وطاف البلاد لأجل ذلك كدمشق ومصر وفلسطين وبيت المقدس واستانبول وغيرها وفي الجميع يقرأ جملة من الفنون على علمائها وفي استانبول قرأ شطرا من معاهد التنصيص على مؤلفه السيد عبد الرحيم العابسي ونسخه بخطه وكل من قرأ عليهم من علماء العامة يكون له القبول التام عندهم والصداقة. وأخطأ من ظن المفسدة في ذلك فإنه ضم ما وجده نافعا من طريقتهم مما لم يتوسع فيه الامامية إلى طريقة الامامية كالدراية والشروح المزجية وتمهيد القواعد الأصولية والعربية لتفريع الأحكام الشرعية كما يأتي ذكره في مؤلفاته. والشهيد الأول وان صنف القواعد فيما يشبه ذلك الا انه على طراز آخر فهو أول من صنف من الامامية في دراية الحديث سوى ما يحكى عن الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك من تأليفه فيه ما لا يشفي الغليل. اما المترجم فألف فيه الرسالة المشهورة وشرحها بشرح مبسوط جدا ونقل الاصطلاحات من كتب العامة وطريقتهم إلى كتب الخاصة ثم ألف بعده تلميذه الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي وبعده ولده الشيخ البهائي وهكذا وهو أول من وضع الشرح المزجي من علماء الإمامية ولم يكن ذلك معروفا عندهم فأراد حمية ان لا تكون مؤلفات الشيعة خالية منه مع أنه في نفسه شئ حسن فألف شرح الارشاد وبعده شروح اللمعة والألفية والنفلية وغيرها على هذا النحو. ولما رأى كتابي التمهيد والكوكب الدري كلاهما للأسنوي الشافعي أحدهما في القواعد الأصولية والاخر في القواد العربية وما يتفرع عليهما وليس لأصحابنا مثلهما ألف كتابه تمهيد القواعد وجمع بين ما في الكتابين في كتاب واحد على طرز عجيب كما يأتي تفصيله عند ذكر مؤلفاته. وتفرد بالتأليف في مواضيع لم يطرقها غيره أو طرقها ولم يستوف الكلام فيها مثل آداب المعلم والمتعلم فقد سبقه إلى ذلك المحقق الطوسي فصنف فيه رسالة صغيرة لا تبل الغليل وألف هو فيه منية المريد فلم يبق بعدها منية لمريد ومثل أسرار الصلاة والزكاة والصوم والحج واسرار معالم الدين والصبر على فقد الأحبة والأولاد والولاية ووظائف الصلاة القلبية وغير ذلك مما لم يسبق إليه.
وأفرد جملة من المسائل الفقهية وغيرها بالتأليف واستوفى الكلام عليها مثل صيغ العقود والايقاعات ونجاسة البئر وطلاق الغائب والنية والعدالة والحبوة وميراث الزوجة ومن أحدث في أثناء الغسل وحكم المقيمين في الاسفار والشاك في السابق من الحدث والطهارة وطلاق الحائض وتقليد الميت واصطلاحات المحدثين والغيبة وخصائص يوم الجمعة وألف في شرح أربعين حديثا إلى غير ذلك.
وارتفعت به همته إلى طلب التدريس في المدارس العامة فسافر إلى استانبول لذلك ونال قبولا تاما من أرباب الدولة وأعطي تدريس المدرسة النورية في بعلبك ولم يحتج إلى شهادة قاضي صيدا كما كان معمولا عليه في ذلك الوقت ولا يمكن اخذ التدريس بدونه وذلك بسبب تأليفه خلال 18 يوما رسالة في عشر مسائل من مشكلات العلوم وكان لهذه المدارس أوقاف تسلم إلى المدرس مدة تدريسه ليأخذ نماءها فأقام فيها خمس سنين يدرس في المذاهب الخمسة ويعاشر كل فرقة بمقتضى مذهبهم والحق ان ذلك اقتدار عظيم وعلو همة ما عليه من مزيد لا سيما مع شدة الخوف في تلك الاعصار بسبب التعصبات المذهبية.
وما ظنك برجل يؤلف مؤلفاته الجليلة الخالدة على مرور الدهور والأعوام في حالة الخوف على دمه لا يشغله ذلك عنها مع ما تقتضيه هذه الحالة من توزع الفكر واشتغال البال عن التفكير بمسألة من مسائل العلم يؤلفها بين جدران البيوت المتواضعة وحيطان الكروم لا في قصور شاهقة ورياض ناضرة ولا مساعد له ولا معين حتى على تدبير معاشه ونقل الحطب لدفئه وصنع طعامه ونوابغ علماء إيران يتمتعون بنضارة العيش ولهم الخدم والحشم وسعة المعاش حتى قيل إن الجواري التي في مطبخ المجلسي كان لباسها شالات الترم ومع هذا يقول الشيخ البهائي في كشكوله رحم الله أبي لو لم يأت إلى بلاد العجم لم ابتل بصحبة الملوك ولو ذاق الشيخ البهائي ما ذاقه الشهيد الثاني وأمثاله من علماء جبل عامل من مرارة العيش وجشوبة المطعم والملبس لقال وهو يذهب في ركاب الشاه عباس وأمره نافذ في مملكته وقبة قبرة تزار كما تزار قبور الأنبياء والأوصياء وتصرف الدولة الإيرانية في زماننا هذا على بنائها ستة ملايين تومان لقال رحم الله أبي الذي اتى بي من جبل عامل إلى بلاد العجم وخلصني ما يعانيه علماء جبل عامل من المشاق التي تنوء بحملها الجبال وإذا كانت الدولة الإيرانية صرفت على تعمير قبر الشيخ البهائي ستة ملايين تومان فهذه قبور أجلاء علماء جبل عامل الذين لا يقصرون عن الشيخ البهائي ان لم يزيدوا في جبع وغيرها مداس للاقدام وطريق للمارة وبعضها اخذه السيل وبعضها أشرف على الزوال أمثال صاحبي المعالم والمدارك والظهيري. وقبر السيد علي الصائغ في قرية صديق في وسط مزرع قد اخنى عليه الدهر وخيم عليه الهجران والنسيان وأشرف على الاندثار ولا يفكر أحد في صيانته وحفظه حقا ان جبل عامل مضيعة العلماء احياء وأمواتا.
ولقد عانى كاتب هذه السطور كثيرا من هذه المشاق فتضطرني الحال وانا في سن الشيخوخة إلى شراء حوائجي من السوق بنفسي والى غير ذلك من الأعمال البيتية ولا أزال وقد جاوزت الرابعة والثمانين من عمري أزاول ذلك واشتغل بالتأليف والتصنيف ليلي ونهاري ولا مساعد ولا معين الا الله تعالى.
وما ظنك برجل من أعظم العلماء وأكابر الفقهاء يحرس الكرم ليلا ويطالع الدروس وفي الصباح يلقي الدروس على الطلبة وكرمه الذي كان له في جبع معروف محله إلى الآن ويحتطب لعياله ليلا ويشتغل بالتجارة أحيانا فيتجر بالشريط ويحمله إلى البلاد النائية ويسافر به مع من لا يعرفون قدره ويباشر بناء داره ومسجده الذي هو إلى جنبها في قرية جبع وقد رأيتهما وداره   مفتوحة للضيوف والواردين وغيرهم يخدمهم بنفسه ويباشر أمور بيته ومعاشه بنفسه وهكذا كانت طريقة علماء جبل عامل في الزهد والقناعة والجد والكد والعمل للمعاش والمعاد ويظهر مما يأتي من أحواله انه كان مداوما على الاستخارة بالقرآن الكريم فيما يعرض له فتأتي الآية كأنها وحي منزل وانه كان يقسم أعماله على أوقاته كما يفهم مما ذكره ابن العودي في رسالته فيصلي المغرب والعشاء جماعة في مسجده ويشتغل فيما بين المغرب والعشاء بتصحيح كتب الحديث وقراءتها واقرائها ثم يذهب إلى الكرم لحراسته من السراق ومن تدريسه في اليوم المقبل ويشتغل عند اللزوم ينقل الحطب ليلا على حمار إلى منزله ويقوم في الليل بأداء النوافل كلها فإذا طلع الفجر جاء إلى مسجده فصلى فيه صلاة الصبح وعقب ما شاء ثم يشرع في البحث والتدريس ثم ينظر في امر معاشه والواردين عليه من ضيوف ومتخاصمين فيقضي بينهم ثم يصلي الظهرين في وقتيهما ويصرف باقي يومه بالمطالعة والتأليف ولا يدع لحظة تمضي من عمره في غير اكتساب فضيلة وإفادة .مستفيد وخلف مائتي كتاب بخطه من تأليفه وتأليف غيره
وفي أمل الآمل: امره في الثقة والعلم والفضل والزهد والعبادة والورع والتحقيق والتبحر وجلالة القدر وعظم الشأن وجمع الفضائل والكمالات أشهر من أن يذكر ومحاسنه وأوصافه الحميدة أكثر من أن تحصى وتحصر ومصنفاته كثيرة مشهورة وكان فقيها محدثا نحويا قارئا متكلما حكيما جامعا لفنون العلم.

وفي نقد الرجال: وجه من وجوه هذه الطائفة وثقاتها كثير الحفظ نقي الكلام له تلاميذ أجلاء وله كتب نفيسة جيدة اه‍. وألف تلميذه الشيخ بهاء الدين محمد بن علي بن الحسن العودي العاملي الجزيني المدفون على رابية فوق قرية عديسة وعلى قبره قبة ويعرف بالعويذي بالياء والذال المعجمة تصحيف العودي بالدال المهملة رسالة في أحوال شيخه المذكور أدرج حفيد المترجم علي بن محمد بن الحسن بن زين الدين ما وجده منها في كتابه الدر المنثور فقال: ومن ذلك نبذة من تاريخ جدي المبرور العالم الرباني زين الملة والدين الشهير بالشهيد الثاني قدس الله تربته وأعلى في عليين رتبته وهو الذي ألفه الشيخ الفاضل الاجل محمد بن علي بن حسن العودي الجزيني أحد تلامذته قال وهذا الكتاب قد ذهب فيما ذهب من الكتب ووقع في يدي منه أوراق بقيت من نسخته أحببت ان أنقلها في هذا الكتاب تيمنا بذكر بعض أحواله. قال المؤلف رحمه الله ثم ذكر خطبة الكتاب وفيها ما صورته ان أحق ما أودع في الطروس تواريخ العلماء لما في ذلك من الحث على اقتفاء آثارهم والاقتداء بأفعالهم الجميلة وأخلاقهم الحسنة ثم قال وكان أحق من نظم بعقد هذا الشأن وأولى من نوه بذكره من فضلاء كل زمان شيخنا ومولانا ومرجعنا ومقتدانا ومنقذنا من الجهالة وهادينا ومرشدنا إلى الخيرات ومربينا وحيد زمانه ونادرة أوانه وفريد عصره وغرة دهره الشيخ الإمام الفاضل والحبر العالم العامل والنحرير المحقق الكامل خلاصة الفضلاء المحققين وزبدة العلماء المدققين الشيخ زين الملة والدين ابن الشيخ الامام نور الدين علي ابن الشيخ الفاضل أحمد بن جمال الدين بن تقي الدين صالح تلميذ العلامة ابن مشرف العاملي أفاض الله على روحه المراحم الربانية وأسكنه فسيح جنانه العلية وجعلنا من المقتدين باثاره والمهتدين بأنواره بمحمد وآله عليهم أفضل الصلاة وأتم السلام. ولما كان هذا الضعيف الملهوف عليه المحزون على طيب عيش مر لديه مملوكه وخادمه محمد بن علي بن حسن العودي الجزيني ممن حاز على حظ وافر من خدمته من 10 ربيع الأول سنة 945 إلى يوم انفصالي عنه بالسفر إلى خراسان في 10 ذي القعدة سنة 972.
فكأنها أحلام نوم لم تكن * يا ليتها دامت ولم تتصرم

وتمتعت منها القلوب ونارها * من فوقها طفئت ولم تنضرم

وجب ان نوجه الهمة إلى جمع تاريخ يشتمل على ما تم من امره من حين ولادته إلى انقضاء عمره تأدية لبعض شكره وامتثالا لما سبق إلي من امره فإنه كان كثيرا ما يشير إلي بذلك على الخصوص ويرغب فيه من حيث العموم وقد نبه عليه في منية المريد في آداب المفيد والمستفيد فجمعت هذه النبذة اليسيرة وسميتها بغية المريد من الكشف عن أحوال الشيخ زين الدين الشهيد. وقد رتب الرسالة على مقدمة وعشرة فصول وخاتمة ولكنه قد ضاع أكثر فصولها ولم يوجد منها الا القليل وهو الذي أدرجه حفيده في الدر المنثور.

قال في المقدمة ما لفظه: حاز من صفات الكمال محاسنها ومآثرها وتروى من أصنافها بأنواع مفاخرها كانت له نفس علية تزهى بها الجوانح والضلوع وسجية سنية يفوح منها الفضل ويضوع كان شيخ الأمة وفتاها ومبدأ الفضائل ومنتهاها ملك من العلوم زماما وجعل العكوف عليها لزاما فأحيا رسمها وأعلى اسمها ان رآه الناظر على أسلوب ظن أنه ما تعاطى سواه ولم يعلم أنه بلغ من كل فن منتهاه ووصل منه إلى غاية أقصاه اما الأدب فإليه كان منتهاه ورقى فيه حتى بلغ سهاه أسمى سماه فجاء تكلمه فيه ارق من النسيم العليل وآنق من الروض البليل واما الفقه فكان قطب مداره وفلك شموسه وأقماره وكانه هوى نجم سعوده في داره واما الحديث فقد مد فيه باعا طويلا وذلل صعاب معانيه تذليلا أدأب نفسه في تصحيحه وابرازه للناس حتى فشا وجعل ورده في ذلك غالبا ما بين المغرب والعشا وما ذاك الا لأنه ضبط أوقاته بتمامها وكانت هذه الفترة بغير ورد فزين الأوراد بختامها واما المعقول فقد اتى فيه من الابداع ما أراد وسبق فيه الأنداد والافراد وان تكلم في علم الأوائل يعني به السير والتواريخ بهج الاذان والألباب وولج منها كل باب واما علوم القرآن العزيز وتفاسيره من البسيط والوجيز فقد حصل على فوائدها وحازها وعرف حقائقها ومجازها وعلم اطالتها وايجازها واما الهيئة والهندسة والحساب والميقات فقد كان له فيها يد لا تقصر عن الآيات واما السلوك والتصوف فقد كان له فيه تصرف وأي تصرف وبالجملة فهو عالم الأوان ومصنفه ومقرض البيان ومشنفه ان نطق رأيت البيان متسربا من لسانه وان أحسن رأيت الاحسان منتسبا إلى احسانه جدد شعائر السنن الحنفية بعد أخلاقها وأصلح للأمة ما فسد من أخلاقها وبه اقتدى من رام تحصيل الفضائل واهتدى بهداه من تحلى بالوصف الكامل عمر مساجد الله وأشاد بنيانها ورتب وظائف الطاعات فيها وعظم شانها امر بالمعروف ونهى عن المنكر وكم أرشد من صلى وصام وحج واعتمر كان لأبواب الخيرات مفتاحا وفي ظلمة عمى الأمة مصباحا منه تعلم الكرم كل كريم واستشفى به من الجهالة كل سقيم واقتفى اثره في الاستقامة كل مستقيم لم تأخذه في الله لومة لائم ولم تثن عزمه عن .المجاهدة في تحصيل العلوم الصوادم خلصت لله أعماله فاثرت في القلوب أقواله

وفي الرياض الفاضل العالم المجتهد الكامل العامل العادل المعروف بالشهيد الثاني وكان شريكا في الدرس مع الشيخ جعفر بن الشيخ علي بن عبد العالي الميسي وقد جازهما والد الشيخ جعفر المذكور بإجازة على حدة حين ألف الشهيد رسالة الحبوة وأرسلها إليه اه‍ وفي المقاييس بعد بعض الاصلاح: انه أفضل المتأخرين وأعمل المتبحرين نادرة الخلف وبقية السلف مفتي طوائف الأمم والمرشد إلى التي هي أقوم الذي قصرت الأقلام عن استقصاء مزاياه وفضائله السنية وحارت الافهام في وصف مناقبه  وفواضله العلمية الجامع في معارج الفضل والكمال والسعادة بين مراتب العلم والعمل والجلالة والكرامة والشهادة وفي روضات الجنات بعد اصلاح وحذف بعض عباراته المعروفة: لم ألف إلى هذا الزمان الذي هو سنة 1263 من العلماء الأجلة من هو بجلالة قدره وسعة صدره وعظم شانه وارتفاع مكانه وجودة فهمه وحسن سليقته واستواء طريقته ونظام تحصيله وكثرة أسانيده وجودة تصانيفه
 

أحواله :

قال تلميذه ابن العودي في رسالته الآنفة الذكر: كان قد ضبط أوقاته ووزع أعماله عليها ولم يصرف لحظة من عمره الا في اكتساب فضيلة ووزع أوقاته على ما يعود نفعه عليه في اليوم والليلة اما النهار ففي تدريس ومطالعة وتصنيف ومراجعة واما الليل فله فيه استعداد كامل لتحصيل ما يبتغيه من الفضائل هذا مع غاية اجتهاده في التوجه إلى مولاه وقيامه بأوراد العبادة حتى تكل قدماه وهو مع ذلك قائم بالنظر في أحوال معيشته على أحسن نظام وقضاء حوائج المحتاجين بأتم قيام يلقى الأضياف بوجه مسفر عن كرم كانسجام الأمطار وبشاشة تكشف عن شميم كالنسيم المعطار يكاد يبرح بالروح واعز ما صرف همته فيه خدمة العلم وأهله فحاز الحظ الوافر لما توجه إليه بكله وكان مع علو رتبته وسمو منزلته على غاية من التواضع ولين الجانب ويبذل جهده مع كل وارد في تحصيل ما يبتغيه من المطالب إذا اجتمع بالأصحاب عد نفسه كواحد منهم ولم تمل نفسه بشئ إلى التميز عنهم حتى أنه كان يتعرض إلى ما يقتضيه الحال من الاشغال من غير نظر إلى حال من الأحوال ولا ارتقاب لمن يباشر عنه ما يحتاج إليه من الاشغال ولقد شاهدت منه سنة ورودي إلى خدمته انه كان ينقل الحطب على حمار في الليل لعياله ويصلي الصبح في المسجد ويشتغل بالتدريس بقية نهاره فلما شعرت منه بذلك كنت اذهب معه بغير اختياره وكنت استفيد من فضائله وارى من حسن شمائله ما يحملني على حب ملازمته وعدم مفارقته وكان يصلي العشاء جماعة ويذهب لحفظ الكرم ويصلي الصبح في المسجد ويجلس للتدريس والبحث كالبحر الزاخر ويأتي بمباحث عجز عنها الأوائل والأواخر وقد تفرد عن غيره بمنقبة وفضيلة جليلة وهي ان العلماء لم يقدروا على ترويج أمور العلم والتأليف والتصنيف حتى اتفق لهم من يقوم بما يحتاجون إليه اما ذو سلطان يسخره الله لهم أو بعض أهل الخير وكانوا آمنين ولهم وكلاء قائمون بمصالح معيشتهم بحيث لا يعرفون الا العلم وممارسته ولم يبرز لهم من المصنفات في الزمان الطويل الا القليل ومن التحقيقات الا اليسير وكان شيخنا المذكور يتعاطى جميع مهماته بقلبه وبدنه حتى لو لم يكن الا مهمات الواردين عليه ومصالح الضيوف لكفى مضافا إلى القيام بأحوال الأهل والعيال ونظام المعيشة وأسبابها من غير وكيل ولا مساعد يقوم بها حتى أنه ما كان يعجبه تدبير أحد في أموره ومع ذلك كان في غالب أوقاته في حالة الخوف على تلف نفسه وفي التستر والاختفاء الذي لا يسع الإنسان معه ان يفكر في مسالة من الضروريات البديهية ولا يحسن ان يعلق شيئا يقف عليه من بعده وقد برز منه مع ذلك من التصانيف والأبحاث والتحقيقات ما هو ناشئ عن فكر صاف ومغترف من بحر علم واف بحيث ان من تفكر في الجمع بين هذا وما ذكرناه تحير ولو بذل أحدنا مع قلة موانعه وتوفير دواعيه أوقاته جهده في كتابة مصنفاته لعجز عنها اه‍ وببالي اني رأيت في الدر المنثور لسبطه انه كان يخدم أضيافه بنفسه وانه كان يتعاطى التجارة في الشريط ويسافر في تجارته هذه إلى الأماكن البعيدة. وفي أمل الآمل: اخبرني من أثق به انه خلف ألفي كتاب منها مائتا كتاب كانت بخطه من مؤلفاته وغيرها ومن عجيب امره برواية ابن العودي انه كان يكتب بغمسة واحدة في الدواة عشرين أو ثلاثين سطرا
الموازنة بينه وبين الشهيد الأول الشهيد الأول أفقه وأدق نظرا وابعد غورا وأكثر وأمتن تحقيقا وتدقيقا يظهر ذلك لكل من تأمل تصانيفهما مع الاعتراف بجلالة قدر الشهيد الثاني وعظمة شانه وعلو مقامه.
أحواله في طلبه العلم قال ابن عدي: رأيت قطعة بخطه في تاريخ يتضمن مولده وجملة من أحواله جاء فيها: هذه جملة من أحوالي وتصرف الزمان بي في عمري وتاريخ بعض المهمات التي اتفقت لي:
كان مولدي في يوم الثلاثاء 13 شهر شوال سنة 911 من الهجرة النبوية ولا احفظ مبدأ اشتغالي بالتعلم لكن كان ختمي لكتاب الله العزيز سنة 920 من الهجرة النبوية وسني إذ ذاك تسع سنين واشتغلت بعده بقراءة الفنون العربية والفقه على الوالد قدس سره إلى أن توفي في العشر الأوسط من شهر رجب يوم الخميس سنة 925 وكان من جملة ما قرأته عليه مختصر الشرائع واللمعة الدمشقية وفي الروضات: كان والده قد جعل له راتبا من الدراهم بإزاء ما كان يحفظه من العلم كما حكي قال ثم ارتحلت في شهر شوال من تلك السنة 925 مهاجرا في طلب العلم إلى ميس واشتغلت بها على شيخنا الجليل الشيخ علي بن عبد العالي قدس الله سره من تلك السنة إلى أواخر سنة 933 وكان من جملة ما قرأته عليه شرائع الاسلام والارشاد وأكثر القواعد والظاهر أنهم كانوا يقرأون هذه المتون مع بيان أدلة المسائل بوجه مطول أو مختصر.

فيكون عمره حين رحلته إلى ميس وهي أول رحلاته 14 سنة ونحو من ثلاثة أشهر وارتحاله من ميس إلى كرك نوح في حياة الشيخ علي الميسي لان الشيخ علي توفي في جمادى الأولى سنة 938 كما صرح به الشهيد الثاني نفسه فيما يأتي من كلامه وكان الشيخ علي زوج خالته وتزوج في تلك المدة ابنة الشيخ علي وهي زوجته الكبرى وأولى زوجتيه قال ثم ارتحلت في شهر ذي الحجة إلى كرك نوح ع وقرأت بها على المرحوم المقدس السيد حسن ابن السيد جعفر صاحب كتاب المحجة البيضاء جملة من الفنون وكان مما قرأته عليه قواعد ميثم البحراني في الكلام والتهذيب في أصول الفقه والعمدة الجلية في الأصول الفقهية من مصنفات السيد المذكور والكافية في النحو وسمعت جملة من الفقه وغيره من الفنون. ثم انتقلت إلى جبع وطني زمن الوالد في شهر جمادى الآخرة سنة 934 فتكون مدة اقامته في كرك نوح سبعة أشهر الا أياما. قال وأقمت بها مشتغلا بمطالعة العلم والمذاكرة إلى سنة 937.

رحلته إلى دمشق:

قال ثم ارتحلت إلى دمشق واشتغلت بها على الشيخ الفاضل المحقق الفيلسوف شمس الدين محمد بن مكي فقرأت عليه من كتب الطب شرح الموجز النفيسي وغاية القصد في معرفة الفصد من مصنفات الشيخ المبرور المذكور وفصول الفرغاني في الهيئة وبعض حكمة الاشراق للسهروردي    وقرأت في تلك المدة بها على المرحوم الشيخ أحمد بن جابر الشاطبية في علم القراءة وقرأت القرآن بقراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وعاصم ثم رجعت إلى جبع سنة 938 وبها توفي شيخنا شمس الدين المذكور وشيخنا المقدم الاعلى الشيخ علي في شهر واحد وهو شهر جمادي الأولى وكانت وفاة شيخنا السيد حسن 6 شهر رمضان سنة 933 وأقمت بالبلدة المذكورة جبع إلى تمام سنة 941 ثم عدت إلى دمشق ثانيا أول سنة 942 واجتمعت في تلك السفرة بجماعة كثيرة من الأفاضل فأول اجتماعي بالشيخ شمس الدين بن طولون الدمشقي الحنفي وقرأت عليه جملة من الصحيحين وأجازني روايتهما مع ما يجوز له روايته في شهر ربيع الأول من السنة المذكورة. قال ابن العودي: وكانت قراءته عليه في الصالحية بالمدرسة السليمية وكنت انا إذ ذاك في خدمته اسمع الدرس وأجازني الشيخ المذكور الصحيحين المذكورين، وقد وقع هنا خلل واضطراب فيما نقله بعض الحاكمين لهذه القصة عن رسالة ابن العودي سببه تحريف النساخ.
منام قال ابن العودي رآه بعض الاخوان الصالحين وهو الشيخ زين الدين الفقعاني شريك الشهيد الثاني في الدرس عند المحقق الميسي تلك السنة في المنام في قرية يقال لها البصة على ساحل البحر مع جماعة فدخل عليهم رجل ذو هيبة ومعه جرة فيها ماء فألقم باب الجرة شيخنا الشيخ زين الدين وجعل يكرع من الماء وهو قابضها معه فسأل الرائي عنه فقيل له هذا الشيخ علي بن عبد العالي الكركي وهذا الشيخ يروي عنه شيخنا بواسطة توفي مسموما 12 ذي الحجة سنة 945 في الغري على مشرفة السلام فكان ذلك هو تأويل المنام سفره إلى مصر قال ورحلت إلى مصر أول سنة 943 لتحصيل ما أمكن من العلوم وفي نسخة 942 فعلى النسخة الأولى تكون اقامته بدمشق في السفرة الثانية شهرين ونصفا وعلى النسخة الثانية سنة وشهرين ونصفا. وقال ابن العودي وكنت أريد صحبته إلى مصر فأرسلت إليه فمنعني وما كان ذلك الا لسوء حظي وكان القائم بامداده وتجهيزه بهذه السفرة الحاج الخير الصالح شمس الدين محمد بن هلال رحمه الله عمل معه عملا قصد به وجه الله وقام بكل ما يحتاج إليه مضافا إلى ما أسدى إليه من المعروف وأجرى عليه من الخيرات في مدة طلبه للعلم قبل سفره هذا وأصبح هذا الحاج محمد مقتولا في بيته هو وزوجته وولدان له أحدهما رضيع في السرير في سنة 952 وفي بعض النسخ سنة 956 ثم ودعناه وسافر من دمشق يوم الأحد منتصف ربيع الأول سنة 942 قال ابن العودي واتفق له في الطريق ألطاف الهية وكرامات جلية حكى لنا بعضها منها ما اخبرني به ليلة الأربعاء عاشر ربيع الأول سنة 960 انه في منزل الرملة مضى إلى مسجدها المعروف بالجامع الأبيض لزيارة الأنبياء الذين في الغار وحده فوجد الباب مقفولا وليس في المسجد أحد فوضع يده على القفل وجذبه فانفتح فنزل إلى الغار واشتغل بالصلاة والدعاء وحصل له اقبال على الله بحيث انه ذهل عن القافلة ومسيرها ثم جلس طويلا ودخل المدينة بعد ذلك ومضى إلى مكان القافلة فوجدها قد ارتحلت ولم يبق منها أحد فبقي متحيرا في امره مع عجزه عن المشي فاخذ يمشي على اثرها وحده فمشى حتى أعياه التعب فبينما هو في هذا الضيق إذ اقبل عليه رجل لاحق به وهو راكب بغلة فلما وصل إليه قال له اركب خلفي فردفه ومضى كالبرق فما كان الا قليلا حتى لحق بالقافلة وانزله وقال له اذهب إلى رفقتك ودخل هو في القافلة قال فتحريته مدة الطريق اني أراه ثانيا فما رأيته أصلا ولا قبل ذلك وهذه كرامة ظاهرة وعناية باهرة لا ينكرها الا من غطى هواه على عقله واعتقد ان الله لا يعتني بمن هو من أهله ومنها انه لما وصل إلى غزة واجتمع بالشيخ محيي الدين عبد القادر بن أبي الخير الغزي وجرت بينه وبينه احتجاجات ومباحثات واجازه إجازة عامة وصار بينهما مودة زائدة وادخله إلى خزانة كتبه فقلب الكتب وتفرج في الخزانة فلما أراد الخروج قال له اختر لنفسك كتابا من غير تأمل ولا انتخاب فظهر كتاب لا يحضرني اسمه من كتب الشيعة من مصنفات الشيخ جمال الدين بن المطهر قال وكان وصولي مصر يوم الجمعة منتصف شهر ربيع الاخر من سنة 942 وذلك بعد شهر من خروجه من دمشق واشتغلت بها على جماعة وعد ستة عشر شيخا منهم الشيخ شهاب الدين احمد الرملي الشافعي قرأت عليه منهاج النووي في الفقه وأكثر مختصر الأصول لابن الحاجب وشرح العضدي مع مطالعة حواشيه السعدية والشريفية وسمعت عليه كتبا كثيرة في الفنون العربية والعقلية وغيرهما فمنها شرح تصريف العزي ومنها شرح الشيخ المذكور لورقات امام الحرمين الجويني في أصول الفقه ومنها أذكار النووي وبعض شرح جمع الجوامع والمحلى في أصول الفقه وتوضيع ابن هشام في النحو وغير ذلك مما يطول ذكره وأجازني إجازة عامة بما يجوز له روايته سنة 943 ومنهم الملا حسين الجرجاني قرأنا عليه جملة من شرح التجريد للملا علي القوشجي مع حاشية ملا جلال الدين الدواني وشرح أشكال التأسيس في الهندسة لقاضي زاده الرومي وشرح الجغميني في الهيئة له ومنهم الملا محمد الاسترآبادي قرأنا عليه جملة من المطول مع حاشية السيد شريف والجامي شرح الكافية ومنهم الملا محمد علي الكيلاني سمعنا عليه جملة في المعاني والمنطق ومنهم الشيخ شهاب الدين بن النجار الحنبلي قرأت عليه جميع شرح الشافية للجاربردي وجميع شرح الخزرجية في العروض والقوافي للشيخ زكريا الأنصاري وسمعت عليه كتبا كثيرة في الفنون والحديث منها الصحيحان وأجازني جميع ما سمعت وقرأت وجميع ما يجوز له روايته في السنة المذكورة ومنهم الشيخ أبو الحسن البكري سمعت عليه جملة من الكتب في الفقه والتفسير وبعض شرحه على المنهاج.
وفي مقدمات البحار ان له كتاب الأنوار في مولد النبي ص وكتاب مقتل أمير المؤمنين ع وكتاب وفاة فاطمة الزهراء ع. قال ابن العودي كثيرا ما كان قدس الله سره يطري علينا أحوال هذا الشيخ ويثني عليه وذكر انه كان له حافظة عجيبة كان التفسير والحديث نصب عينيه وكان أكثر المشايخ المذكورين أبهة ومهابة عند العوام والدولة وكان على غاية من حسن الطالع والحظ الوافر من الدنيا واقبال القلوب عليه وكان من شدة ميل الناس إليه إذا حضر مجلس العلم أو دخل المسجد يزدحم الناس على تقبيل كفيه وقدميه حتى أن منهم من يمشي حبوا ليصل إلى قدميه يقبلهما صحبه شيخنا نفع الله به من مصر إلى الحج وذكر انه خرج في مهيع عظيم من مصر راكبا في محفة مستصحبا ثقلا كثيرا بعزم المجاورة باهله وعياله وكان شانه إذا حج يجاور سنة ويقيم بمصر سنة ويحج وكان معه من الكتب عدة أحمال ذكر شيخنا عددها ولكن ليس في حفظي الآن حتى أنه ظهر له منه التعجب من   كثرتها فروى له ان الصاحب ابن عباد رحمه الله كان إذا سافر يصحب معه سبعين حملا من الكتب بحيث صار ما صحبه قليلا في جنب ذلك وذكر انه حكى له في أول منزل برز إليه الحاج خارج مصر انه اخرج حتى صار في ذلك المنزل ألف دينار من المال. وكان محبا لشيخنا مقبلا عليه متلطفا به ولما رآه أول مرة راكبا في المحارة وكان هو في المحفة سلم عليه وتواضع معه وقال له يا شيخ انا أول حجة حججتها ركبت في موهبة وعاء من خوص وأنت الحمد لله من أول حجة ركبت في المحارة وكان شيخنا يتحرى ان لا يراه وقت الاحرام فاتفق انه صادفه حال السير فقال له بصوت عال ما أحسن هذا ما أحسن هذا تقبل الله منكم. وكانت له معه محاورات ولطائف في تضاعيف المباحثات سأله يوما في الطريق ما تقولون في امر هؤلاء العوام والرعاع الذين لا يعرفون شيئا من الدلالات المنجية من المهلكات ما حكمهم عند الله سبحانه وهل يرضى منهم مع هذا التقصير بل ننقل الكلام إلى العلماء الاعلام والفضلاء الكرام الذين جمد كل فريق منهم على مذهب من المذاهب الأربعة ولم يدر ما قيل فيما عدا المذهب الذي اختاره مع قدرته على الاطلاع والفحص وادراك المطالب وقنع بالتقليد للسلف وجزم بأنهم كفوه مؤونة ذلك ومن المعلوم ان الحق في جهة واحدة فان قالت إحدى الفرق ان الحق في جانبها اعتمادا على فلان وفلان فكذلك الأخرى تقول اعتمادا على محققيهم وأعيان مشايخهم لأنه ما من فرقة الا ولها فضلاء ترجع إليهم وتعول عليهم فالشافعية مثلا يقولون نحن الإمام الشافعي وفلان وفلان كفونا ذلك وكذلك الحنفية يستندون إلى الامام أبي حنيفة وغيره من محققي المذهب وكذلك المالكية والحنابلة يستندون إلى فضلائهم ومحققيهم وكذلك الشيعة يقولون نحن السيد المرتضى والشيخ الطوسي والخواجة نصير الدين والشيخ جمال الدين وغيرهم بذلوا الجهد وكفونا مؤونة التفحص ونحن على بصيرة وثقة من أمرنا فكيف يكتفي مثل هؤلاء الفضلاء بالاقتصار على أحد هذه المذاهب ولم يطلع على حقيقة المذاهب الاخر بل ولا وقف على مصنفات أهلها ولا عرف أسماءهم فكون الحق مع الجميع لا يمكن ومع البعض ترجيح من غير مرجح فأجاب الشيخ أبو الحسن: اما ما كان من امر العوام فنرجو من عفو الله ان لا يؤاخذهم بتقصيرهم واما العلماء فيكفي كون كل منهم محقا في الظاهر قال شيخنا كيف يكفيهم مهما ذكر من تقصيرهم في النظر وتحقيق الحال فقال له يا شيخ جوابك سهل مثال ذلك من ولد مختونا خلقة فإنه يكفيه عن الختان الواجب شرعا فقال له شيخنا هذا المختون خلقة لا يسقط عنه الوجوب حتى يعلم أن هذا هو الختان الشرعي بان يسأل ويتفحص من أهل الخبرة والممارسين لذلك ان هذا القدر الموجود خلقة هل هو كاف في الواجب شرعا أم لا اما انه من نفسه يقتصر على ما وجده فهذا لا يكفيه شرعا في السقوط فقال له يا شيخ ليست هذه أول قارورة كسرت في الاسلام توفي سنة 953 بمصر ودفن بالقرافة وكان يوم موته يوما عظيما بمصر لكثرة الجمع ودفن بجانب قبة الإمام الشافعي وبنوا عليه قبة عظيمة قال روح الله روحه الزكية ومنهم الشيخ زين الدين الجرمي المالكي قرأت عليه ألفية ابن مالك ومنهم الشيخ المحقق ناصر الدين اللقاني الملقاني المالكي محقق الوقت وفاضل تلك البلدة لم أر بالديار المصرية أفضل منه في العلوم العقلية والعربية سمعت عليه البيضاوي في التفسير وغيره من الفنون ومنهم الشيخ ناصر الدين الطبلاوي الشافعي قرأت عليه القرآن بقراءة أبي عمرو ورسالة في القراءة من تأليفاته ومنهم الشيخ شمس الدين محمد بن أبي النحاس قرأت عليه الشاطبية في القراءة والقرآن العزيز للأئمة السبعة وشرعت ثانيا اقرأ عليه العشرة ولم أكمل الختم بها.
قال ابن العودي كثيرا ما كان ينعت هذا الشيخ بالصلاح وحسن الأخلاق والتواضع وكان فضلاء مصر يترددون إليه للقراءة في فنون القرآن العزيز لبروزه فيها وكان هذا الفن نصب عينيه حتى أن الناس كانوا يقرؤون عليه وهو مشتغل بالصنعة لا يرمي المطرقة من يده الا إذا جاء أحد من الفضلاء الكبار فيفرش له شيئا ويجلس هو على الحصير.

قال أعاد الله علينا بركاته ومنهم الشيخ الفاضل الكامل عبد الحميد السمنهوري قرأت عليه جملة صالحة من الفنون وأجازني إجازة عامة قال ابن العودي وهذا الشيخ أيضا كان شيخنا قدس سره كثير الثناء عليه بالجمع بين فضيلتي العلم والكرم وانه كان في شهر رمضان لا يدعهم يفطرون الا عنده حتى أنهم غابوا عنه ليلة فلما جاءوا بعدها تلطف بهم كثيرا وقال كل من في البيت استوحش لكم البارحة حتى لطيفة اسم بنت صغيرة كانت له وكان له جارية إذا جاء أحد يطلبهم للضيافة يقول اعلمي سيدك بالخبر ان فلانا يطلب الجماعة ليكونوا عنده الليلة تقول هذا الخبر لا اعلمه به ولا أقول له عن ذلك. قال قدس سره ومنهم الشيخ شمس الدين محمد بن عبد القادر الفرضي الشافعي قرأت عليه كتبا كثيرة في الحساب الهوائي والمرشدة في حساب الهند الغباري والياسمينية وشرحها في علم الجبر والمقابلة وسمعت عليه شرح الوسيلة وأجازني إجازة عامة وسمعت بالبلد المذكور من جملة متكثرة من المشايخ يطول الخطب بتفصيلهم منهم الشيخ عميرة والشيخ شهاب الدين بن عبد الحق والشيخ شهاب الدين البلقيني والشيخ شمس الدين الديروطي وغيرهم قال ابن العودي وكل هؤلاء المشايخ لم يبق منهم أحد وقت انشاء هذا التاريخ فسبحان من بيده ملكوت كل شئ واليه ترجعون.

رحلته من مصر للحجاز :

قال ثم ارتحلت من مصر إلى الحجاز الشريف في 17 شهر شوال سنة 943 فتكون مدة مقامه بمصر 18 شهرا ويومين قال ابن العودي وكان قدس سره قد رأى النبي ص في منامه بمصر ووعده بالخير ولا احفظ صورة المنام الآن فلما وقف على القبر المقدس وزاره خاطبه وأنشده وقال وذكر الأبيات الآتية عند ذكر أشعاره.

عوده إلى وطنه جبع :

قال طاب مثواه ورجعت إلى وطني الأول بعد قضاء الواجب من الحج والعمرة والتمتع بزيارة النبي وأصحابه ص ووصلت في 14 صفر سنة 944 قال ابن العودي وكان قدومه إلى البلاد كرحمة نازلة أو غيوث هاطلة أحيا بعلومه نفوسا أماتها الجهل وازدحم عليه أولو العلم والفضل كان أبواب العلم كانت مقفلة ففتحت وسوقه كانت كاسدة فربحت. وأشرقت أنواره على ظلمة الجهالة فاستنارت. وابتهجت قلوب أهل المعارف وأضاءت أشهر ما اجتهد في تحصيله منه وأشاع وظهر من فوائده ما لم يطرق الاسماع رتب الطلاب ترتيب الرجال وأوضح السبيل لمن طلب وفي هذه السنة توشح ببرود الاجتهاد وأفاض مولاه عليه من السعادة ما أراد الا انه بالغ في كتمان امره وقال ابن العودي أيضا في مكان آخر:
اخبرني قدس الله لطيفه وكان في منزلي بجزين متخفيا من الأعداء ليلة الاثنين 11 صفر سنة 956 ان ابتداء امره في الاجتهاد كان سنة 944 وان ظهور اجتهاده وانتشاره كان في سنة 948 فيكون عمره لما اجتهد 33 سنة وكان في ابتداء امره يبالغ في الكتمان وشرع في شرح الارشاد ولم يبده    لاحد وكتب منه قطعة ولم يره أحد فرأيت في منامي ذات ليلة ان الشيخ على منبر عال وهو يخطب خطبة ما سمعت مثلها في البلاغة والفصاحة فقصصت عليه الرؤيا فدخل إلى البيت وخرج وبيده جزء فناولني إياه فنظرته فإذا هو شرح الارشاد قد اشتمل على خطبته المعروفة التي اخذت بمجامع الفصاحة والبلاغة وقال أعلى الله درجته هذه الخطبة التي رأيتها وأمرني ان أطالع الجزء خفية وكان كلما فرع من جزء يأتيني به فأطالعه.
قال روح الله الزكية وأقمت بها اي جبع إلى سنة 946 قال ابن العودي وفي هذه السنة عمر داره التي أنشأها بها وقلت فيها من أبيات:
لقد أصبحت تفتخرين بشرا * بزين الدين إذ قد حل فيك

فلا زال السرور بك يوم * يخاطب بالتحية ساكنيك

وشرع في عمارة المسجد المجاور للدار المذكورة انتهى في سنة 948.

سفره إلى زيارة أئمة العراق عليهم السلام :

قال ابن العودي: قال نفعنا الله بعلومه وسافرت إلى العراق لزيارة الأئمة وكان خروجي في 17 ربيع الاخر سنة 946 ورجوعي في 15 شعبان منها قال ابن العودي قلت وكنت في خدمته مع جماعة من الأصحاب وأهل البلاد تلك المرة وكانت من أبرك السفرات بوجوده واتفق انه رافقنا من حلب رجل أخو بعض سلاطين الأزبك كان قد جاء من الحج ومعه جماعة ومن جملتهم رجل شيعي أعجمي ومنهم آخر من بلاده في غاية البغض للشيعة والبعد عنهم وكان شيخا كبيرا طاعنا في السن وآخر ملا يصلي به إماما وكان يظهر من الرجل بعد زائد عن الشيخ ورفقته حتى ألف بينه وبين الشيخ وما بقي يصلي الا معه وإذا نزلت القافلة حين نزوله عن الفرس يجئ إلى عنده والقى الله سبحانه حبه في قلبه وترك الصلاة مع صاحبه الملا وجعله قائدا لكلاب كانت معه فحصل في نفسه ونفس ذلك الشيخ على شيخنا من الغل والحقد ما حصل وعزما على السعاية به في بغداد وكان شيخنا في فكر لذلك حتى أنه عزم على الرجوع ان لم يمكنه الزيارة خفية فلما وصلنا الموصل ضعف ذلك الشيخ جدا وعجز عن السفر مع القافلة وانقطع هناك وكفاه الله شره وزار الشيخ الأئمة ع مستعجلا واجتمع عليه مدة وجوده هناك فضلاء العراق وكان منهم السيد شرف الدين السماك العجمي أحد تلامذة المرحوم الشيخ علي بن عبد العالي الكركي واخذ عليه العهد عند قبر الامام أمير المؤمنين ع الا ما اخبره ان كان مجتهدا وأقسم له انه لا يريد بذلك الا وجه الله سبحانه ثم بعد رجوعه إلى البلاد جاءه منه سؤالات ومباحث وايرادات واجابه عنها بما يقتضيه الحال وحقق فيها المقال ورجع الشيخ إلى وطنه في جبع في تلك السنة وأقام فيه إلى سنة 948.

سفره لزيارة بيت المقدس :

قال أعلى الله شانه في الجنة وسافرت لزيارة بيت المقدس منتصف ذي الحجة سنة 948 واجتمعت في تلك السفرة بالشيخ شمس الدين بن أبي اللطف المقدسي وقرأت عليه بعض صحيح الامام البخاري وبعض صحيح مسلم وأجازني إجازة عامة ثم رجعت إلى الوطن الأول المتقدم جبع وأقمت به إلى أواخر سنة 951 مشتغلا بمطالعة العلم ومذكراته مستفرغا وسعى في ذلك.
سفره إلى القسطنطينية واخذه تدريس المدرسة النورية ببعلبك:

قال ثم برزت لي الأوامر الإلهية والإشارات الربانية يشير إلى الاستخارة بالسفر إلى جهة الروم والاجتماع بمن فيها من أهل الفضائل والعلوم والتعلق بسلطان الوقت والزمان السلطان سليمان بن عثمان وكان ذلك على خلاف مقتضى الطبع وسياق الفهم لكن ما قدر لا تصل إليه الفكرة الكليلة والمعرفة القليلة من أسرار الحقائق وأحوال العواقب والكيس الماهر هو المستسلم في قبضة العالم الخبير القاهر المتمثل لأوامره الشريفة المنقاد إلى طاعته المنيفة كيف لا وانما يأمر بمصلحة تعود على المأمور مع اطلاعه على دقائق عواقب الأمور وهو الجواد المطلق والرحيم المحقق والحمد لله على انعامه واحسانه وامتنانه والحمد لله الذي لا ينسى من ذكره ولا يهمل من غفل عنه ولا يؤاخذ من صدف عن طاعته بل يقوده إلى مصلحته ويوصله إلى بغيته وكان الخروج إلى السفر المذكور بعد بوادر الامر به والنواهي عن تركه والتخلف عنه وتأخيره إلى وقت آخر 12 ذي الحجة الحرام سنة 951 وأقمت بمدينة دمشق بقية الشهر ثم ارتحلت إلى حلب ووصلت إليها يوم الأحد 16 شهر المحرم سنة 952 وأقمت بها إلى السابع من شهر صفر من السنة المذكورة ومن غريب ما اتفق لنا بحلب انا أزمعنا عند الدخول إليها على تخفيف الإقامة بها بكل ما أمكن ولم ننو الإقامة فخرجت قافلة إلى الروم على الطريق المعهود المار بمدينة أذنة فاستخرنا الله على مرافقتها فلم يخر لنا وكان قد تهيا بعض طلبة العلم من أهل الروم إلى السفر على طريق طوقات وهو طريق غير مسلوك غالبا لقاصد قسطنطينية وذكروا انه قد تهيأت قافلة للسفر على الطريق المذكور فاستخرنا الله تعالى على السفر معهم فأخار به فتأخر سفرهم وساءنا ذلك فتفاءلت بكتاب الله تعالى على الصبر وانتظارهم فظهر قوله تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم فاطمأنت النفس لذلك وخرجت قافلة أخرى من طريق أذنة وأشار الأصحاب برفقتهم لما يظهر من مناسبتهم فاستخرت الله على صحبتهم فلم تظهر خيرة وتفاءلت بكتاب الله على انتظار الرفقة الأولى وان تأخروا كثيرا فظهر قوله تعالى ومن يولهم يومئذ دبره إلى فقد باء بغضب من الله ثم خرجت قافلة أخرى على طريق أذنة فاستخرت الله تعالى على الخروج معهم فلم تظهر خيرة فضقت لذلك ذرعا وسئمت الإقامة وتفاءلت بكتاب الله تعالى في ذلك فظهر قوله تعالى واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين ثم خرجت قافلة رابعة على الطريق المذكور فاستخرت الله تعالى على رفقتها فلم تظهر خيرة وكانت القافلة التي أمرنا بالسفر معها تسوفنا بالسفر يوما بعد يوم وتكذب كثيرا في اخبارنا ففتحت المصحف صبيحة يوم السبت وتفاءلت به فظهر قوله تعالى وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون فتعجبنا من ذلك غاية التعجب وقلنا ان كانت القافلة تسافر في هذا اليوم فهو من أعجب الأمور وأغربها وأتم البشائر بالخير والتوفيق فأرسلنا بعض أصحابنا نستعلم الخبر فقالوا له اذهب إلى أصحابك وحملوا ففي هذا اليوم نخرج فحمدنا الله تعالى على هذه النعم العظيمة والمنن الجسيمة التي لا نقدر على شكرها ثم بعد ذلك ظهر لإقامتنا بحلب تلك المدة فوائد واسرار لا يمكن حصرها وظهر لسفرنا  على الطريق المذكور أيضا فوائد واسرار وخيرات لا تحصى وأقلها انه بعد ذلك بلغنا ممن سافر على تلك الطريق التي نهينا عنها ان عليق الدواب وغذاء الناس كان في غاية القلة والصعوبة والغلاء العظيم حتى أنهم كانوا يشترون العليقة الواحدة بعشرة عثامنة دراهم عثمانية واحتاجوا مع ذلك إلى حمل الزاد أربعة أيام لعدم وجوده في الطريق لا للدواب ولا للانسان فلو كنا نسافر في تلك الطريق لاتجه إلينا ضرر عظيم لا يوصف بل لا يفي جميع ما كان بيدنا من المال بالصرف في الطريق خاصة لكثرة ما معنا من الدواب والاتباع وكانت العليقة في طريقنا أكثر الأوقات بعثماني واحد بدرهم واحد عثماني وأقل إلى أن وصلنا ولم نفتقر إلى حمل شئ البتة بل جميع طريقنا نمر على البلاد العامرة والخيرات الوافرة فالحمد لله على نعمه الغامرة وكان وصولنا إلى مدينة طوقات صبيحة يوم الجمعة 12 شهر صفر سنة 952 ونزلنا بعمارة السلطان بايزيد وهي مدينة كثيرة الخيرات عامرة آهلة يجلب إليها ومنها أكثر الأمتعة والأرزاق كثيرة المياه والجبال محيطة بها من كل جانب ويليها إلى الشمال واد طويل متسع فيه نهر كبير جدا يشتمل هذا الوادي على ما قيل على نحو أربعمائة قرية شاهدنا كثيرا منها ومررنا فيه يومين بعد خروجنا من طوقات وهذه القرى المذكورة كلها عامرة جدا كثيرة الخير والفواكه متصلة بعضها ببعض لا يفصل بينها شئ وربما يعد الإنسان منها في نظر واحد ما يزيد عن عشر قرى إلى عشرين قرية وكان خروجنا من طوقات يوم الأحد عند الظهر ووصلنا يوم الأربعاء إلى مدينة اماسية وبها أيضا عمارة السلطان بايزيد عظيمة البناء محكمة غاية الاحكام في بقعة متسعة جدا حسنة تشتمل على مطابخ عظيمة وصدقات وافرة لكل وارد فيها مدرسة عظيمة حسنة وحاكم المدينة مع باقي تلك الجهات يومئذ السلطان مصطفى ابن السلطان سليمان وهذا السلطان مصطفى قتله أبوه خوفا على الملك سنة 960 وهي السنة التي خرج فيها إلى حرب الفرس وفيها مات ولده آخر الزمان اسمه جهانكير وهو فارسي معناه آخر الزمان بحلب وقيل إن أباه قتله أيضا وأقمنا بهذه المدينة 16 يوما ثم توجهنا منها نحو القسطنطينية ومن غريب ما رأيناه في الطريق بعد مفارقتنا أماسية بأيام اننا مررنا بواد عظيم لم نر أحسن منه وليس فيه عمارة طوله مسيرة يوم تقريبا وفيه من سائر الفواكه والثمار بغير مالك بل هو نبات من الله سبحانه كغيره من الأشجار البرية وكذا فيه معظم أنواع المشمومات العطرة والأزهار الأرجة ومما رأينا فيه الجوز والرمان والبندق والعنب والعناب والتفاح وأنواع من الخوخ وأنواع من الكمثرى والزعرور والقراصيا حتى أن بعض أشجار القراصيا قدر شجر الجوز الكبير بغير حرث ولا سقي وفيه البرباريس بكثرة ورأينا ومن المشمومات الورد الأبيض والأحمر والأصفر والياسمين الأصفر والبلسان والزيزفون والبان وكان ذلك الوقت أوان زهرها وفيه من الأشجار الجيدة العظيمة شجر الصنوبر والدلب والصفصاف والسنديان والملول شجر البلوط وهذه الأشجار كلها مختلطة بعضها ببعض ورأينا فيه أنواعا كثيرة من الفواكه قد انعقد حبها ولا نعرف أسماءها ولا رأيناها قبل ذلك اليوم ابدا. ثم سرنا عنه أياما كثيرة ثم وصلنا إلى ارض أكثر شجرها الفواكه لا سيما الخوخ والتفاح وأكثر ما اشتمل عليه ذلك الوادي يوجد فيها وسرنا في هذه الأرض خمسة أيام وهي من أعجب ما رأينا من ارض الله تعالى وأحسنها وأكثرها فاكهة مجتمعة بعضها ببعض كأنها حدائق منضودة بالغرس لا يدخل بينها أجنبي وفيها أشجار عظيمة طولا وعرضا وربما بلغ طولها مائتي شبر فصاعدا ودور بعضها يبلغ ثلاثين شبرا فصاعدا ومررنا في جملة هذا السير على مدن حسنة وقرى بعيدة وكان وصولنا إلى مدينة قسطنطينية يوم الاثنين 17 شهر ربيع الأول سنة 952 ووفق الله تعالى لنا منزلا حسنا رفقا من أحسن مساكن البلد قريبا إلى جميع أغراضنا وبقيت بعد وصولي 18 يوما لا اجتمع بأحد من الأعيان ثم اقتضى الحال ان كتبت في هذه الأيام رسالة جيدة تشتمل على عشرة مباحث جليلة كل بحث في فن من الفنون العقلية والفقهية والتفسير وغيرها وأوصلتها إلى قاضي العسكر وهو محمد بن قطب الدين بن محمد بن محمد بن قاضي زاده الرومي وهو رجل فاضل أديب عاقل لبيب من أحسن الناس خلقا وتهذيبا وأدبا فوقعت منه موقعا حسنا وحصل لي بسبب ذلك منه حظ عظيم وأكثر من تعريفي والثناء علي للأفاضل واتفق في خلال هذه المدة بيني وبينه مباحثة في مسائل كثيرة من الحقائق قال ابن العودي ومن قواعد الأروام المقررة في قانونهم بحيث لا يمكن خلافه عندهم ان كل طالب منهم لا بد له من عرض قاضي جهته بتعريفه وانه أهل لما طلب الا شيخنا قدس الله سره فإنه استخار الله سبحانه ان يأخذ عرضا من قاضي صيدا وكان إذ ذاك القاضي معروف الشامي فلم تظهر خيرة وكان بينه وبينه صحبة ومداخلة فبقي متحيرا في أنه يسافر ولا يعلمه ولا يطلب منه عرضا فاقتضى الرأي ان أرسلني إليه لأسوق معه سياقا يفهم منه الاعلام بالسفر ولا اطلب منه عرضا فمضيت وأعلمته بذلك فقال نكتب له عرضا فقلت هو ما قال لي من جهة العرض فقال رواحه بلا عرض لا يمكن لأنه لا ينقضي له الا به البتة لان من عادة هؤلاء الأروام و وقانونهم انه لو مضى امام مذهبهم أبو حنيفة وطلب منهم غرضا من الاغراض يقولون له أين عرض القاضي فيقول لهم انا امامكم ولا احتاج عرض القاضي فيقولون له لا بد من ذلك نحن لا نعرف الا القانون قال وحكى لنا قدس سره انه اجتمع ببعض الفضلاء في قسطنطينية فسأله هل معك عرض القاضي فقال لا فقال إذن امرك مشكل يحتاج إلى تطويل زائد فاخرج له الرسالة المذكورة التي ألفها وقال هذا عرضي فقال لا تحتاج معه شيئا قال طاب ثراه ففي اليوم الثاني عشر من اجتماعي به ارسل إلي الدفتر المشتمل على الوظائف والمدارس وبذل لي ما اختاره واكد في كون ذلك في الشام أو حلب فاقتضى الحال ان اخترت منه المدرسة النورية ببعلبك لمصالح وجدتها ولظهور امر الله تعالى بها على الخصوص فاعرض لي بها إلى السلطان سليمان وكتب لي بها براءة وجعل لي في كل شهر ما شرطه واقفها السلطان نور الدين الشهيد واتفق من فضل الله سبحانه ومنته لي في مدة إقامتي بالبلدة المذكورة في الألطاف الإلهية والاسرار الريانية والحكم الخفية ما يقصر عنه البيان ويعجز عن تحريره البنان ويكل عن تقريره اللسان فلله الحمد والمنة والفضل والنعمة على هذا الشأن ونسأله ان يتم علينا منه الاحسان انه الكريم الوهاب المنان ثم انه ذكر جملة من غرائب نعم الله تعالى عليه في تلك البلدة قال ابن العودي لم يذكر اجتماعه فيها بالسيد عبد الرحيم العباسي فقد كان قدس سره كثيرا ما يطري ذكره علينا وانه من أهل الفضل التام وله مصنفات منها شرح شواهد التلخيص سلك فيه مسلكا واسعا وسماه معاهد التنصيص في شرح أبيات التلخيص نقل شيخنا جملة منه بخطه وذكر انه إذا تعلق بشرح بيت من الأبيات اتى على غالب أحوال قائلة وأشعاره وما يتعلق به وأطنب ولهذا السيد أشعار في غاية الجودة موجود منها شئ بخط شيخنا في بعض المجاميع لجامع الكتاب قال وكانت مدة إقامتي بمدينة قسطنطينية ثلاثة أشهر ونصفا وخرجت منها يوم السبت 11 شهر رجب سنة 952 وعبرت البحر إلى مدينة اسكدار وهي مدينة حسنة جيدة صحيحة  الهواء عذبة الماء محكمة البناء يتصل بكل دار منها بستان حسن يشتمل على الفواكه الجيدة العطرة على شاطئ البحر مقابلة لمدينة قسطنطينية بينهما البحر خاصة وأقمت بها انتظر وصول صاحبنا الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي والد البهائي وكان بصحبته في ذلك السفر لطلب تدريس مدرسة فاعطي تدريس مدرسة ببغداد لأنه احتاج إلى التأخر عني تلك الليلة.
ومن غريب ما اتفق لي بها حين نزلتها اني اجتمعت برجل هندي له فضل ومعرفة بفنون كثيرة منها الرمل والنجوم فجرى بيني وبينه كلام فقلت له ان قاضي العسكر أشار علي بان أسافر يوم الاثنين وخالفته وجئت في هذا اليوم السبت حذرا من نحس يوم الاثنين بسبب كونه ثالث عشر الشهر وكان قد ذكر لي قاضي العسكر المذكور ان يوم الاثنين يوم جيد للسفر لا يكاد يتفق مثله بالنسبة إلى احكام النجوم وان سعده يغلب نحسه بسبب كونه ثالث عشر فقال لي ذلك الرجل الهندي على البديهة صدق القاضي فيما قال واما يوم السبت الذي خرجت فيه فإنه يوم صالح لكن يقتضي انك تقيم في هذه البلدة أياما كثيرة فاتفق الامر كما قال فان الشيخ حسين بعد مفارقتي بحث عن امر المدرسة التي كان قد أعطاه إياها القاضي ببغداد فوجد أوقافها قليلة فاحتاج إلى ابدالها بغيرها فتوقف لأجل ذلك 21 يوما وظهر صدق ذلك الفاضل الهندي بما أخبر به على البديهة ثم اتفق ان رسمت له شكلا رمليا وطلبت البحث عنه ففكر فيه ساعة ثم أظهر لي منه أمورا عجيبة كلها رأيتها موافقة للواقع بحسب حالي وكان مما أخرجه من بيت العاقبة انها في غاية الجودة والخير والتوفيق فالحمد لله على ذلك ومن بيت السفر ان هذه سفرة صالحة جيدة جدا والعود فيها سعيد صالح لكن فيه طولا خارجا عن المعتاد بالنسبة إلى العود إلى الوطن وكان الامر في الباطن على ما ذكر لأني كنت قد عزمت على التوجه إلى العراق لتقبيل العتبات الشريفة في طريق العود ثم ارجع منها إلى الوطن وذلك بعد تأكد الامر الإلهي لنا بذلك ونهينا عن تركه.

سفره من بلاد الروم إلى العراق :

قال وكان خروجنا من اسكدار متوجهين إلى العراق يوم السبت لليلتين خلتا من شعبان من هذه السنة سنة 952 واتفق ان طريقنا إليها هي الطريق التي سلكناها من سيواس إلى اصطنبول ووصلنا إلى مدينة سيواس يوم الاثنين لخمس بقين من شعبان وخرجنا منها يوم الأحد ثاني شهر رمضان متوجهين إلى العراق وهو أول ما فارقناه من الطريق الأولى وخرجنا في حال نزول الثلج وبتنا ليلة الاثنين على الثلج وكانت ليلة عظيمة البرد. ومن غريب ما اتفق لي تلك الليلة اني نمت يسيرا فرأيت كأني في حضرة شيخنا الجليل محمد بن يعقوب الكليني وهو شيخ بهي الطلعة جميل الوجه عليه أبهة العلم ونحو نصف لمته بياض ومعي جماعة من أصحابي منهم رفيقي وصديقي الشيخ حسين بن عبد الصمد فطلبنا من الشيخ أبي جعفر الكليني المذكور نسخة الأصل لكتابه الكافي فدخل البيت واخرج لنا الجزء الأول منه في قالب نصف الورق الشامي ففتحه فإذا هو بخط حسن معرب مصحح ورموزه بالذهب فجعلنا نتعجب من كون نسخة الأصل بهذه الصفة فسررنا بذلك كثيرا لما كنا قبل ذلك قد ابتلينا به من رداءة النسخ فطلبنا منه بقية الاجزاء فجعل يتألم من تقصير الناس في نسخها ورداءة نسخهم إلى آخر ما ذكره من القصة قال ثم انتبهت وانتهينا بعد أربعة أيام من اليوم المذكور إلى مدينة ملطبة وهي مدينة لطيفة كثيرة الفواكه تقرب من أصل منبع الفرات ومررنا بعد ذلك بمدينة لطيفة تسمى زغين وهي قريبة من منبع الدجلة وكان وصولنا إلى المشهد المقدس المبرور المشرف بالعسكريين بمدينة سامراء يوم الأربعاء رابع شهر شوال وأقمنا بها ليلة الخميس ويومه وليلة الجمعة ثم توجهنا إلى بغداد ووصلنا إلى المشهد المقدس الكاظمي يوم الأحد ثامن الشهر فأقمنا به إلى يوم الجمعة وتوجهنا ذلك اليوم إلى زيارة ولي الله سلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهما ورحلنا منه إلى مشهد الحسين ع ووصلنا إليه يوم الأحد منتصف الشهر المذكور وأقمنا به إلى يوم الجمعة وتوجهنا منه إلى الحلة وأقمنا بها إلى يوم الجمعة وتوجهنا منها إلى زيارة القاسم ثم إلى الكوفة ومنها إلى المشهد المقدس الغروي وأقمنا به بقية الشهر وقد أظهر الله سبحانه لجماعة من الصالحين بالمشهدين وغيرهما آيات باهرة ومنامات صالحة وأسرارا خفية أوجبت كمال الاقبال وبلوغ الآمال فله الحمد والمنة على كل حال.

اظهاره الانحراف في قبلة الحضرة العلوية :

قال ابن العودي مما اخبرني به من الكرامات بعد رجوعه من هذه الزيارة في صفر سنة 956 انه لما حرر الاجتهاد في قبلة العراق وحقق حالها واعتبر محراب جامع الكوفة الذي صلى فيه أمير المؤمنين ع ووجد محراب حضرته المقدسة مخالفا لمحراب الجامع وأقام البرهان على ذلك وصلى فيه منحرفا نحو المغرب كما يقتضيه الحال وقرر ما أدى إليه اجتهاده في ذلك المجال وسلم طلبة العلم ذلك لما اتضح لهم الامر وتخلف رجل عن التسليم أعجمي يقال له الشيخ موسى وانقطع عن ملاقاته لأجل ذلك ثلاثة أيام وأنكر عليه غاية الإنكار لما قد تردد إلى تلك الحضرة من الفضلاء الأعيان على تطاول الزمان خصوصا الشيخ علي الكركي المحقق الثاني وغيره من الأفاضل الذين عاصرهم هؤلاء الجماعة وهذا هو الموجب لنفوره عما حققه الشيخ قدس سره فلما انقطع الرجل المذكور عنه هذه المدة رأى النبي ص في منامه وانه دخل إلى الحضرة المشرفة وصلى بالجماعة على السمت الذي صلى عليه الشيخ منحرفا كانحرافه فانحرف معه أناس وتخلف آخرون فلما فرع النبي ص من الصلاة التفت إلى الجماعة وقال كل من صلى ولم ينحرف كما انحرفت فصلاته باطلة فلما انتبه الشيخ موسى طفق يسعى إلى شيخنا قدس سره وجعل يقبل يديه ويعتذر إليه من الجفاء والإنكار والتشكيك في امره فتعجب شيخنا من ذلك وسأله عن السبب فقص عليه الرؤيا كما ذكر. يقول المؤلف: الذي ترجح عندنا ان القبلة ليس فيها هذا التدقيق الذي ذكره العلماء وان الأقوى الاكتفاء بالجهة العرفية وفاقا للشيخ الأكبر الشيخ جعفر في كشف الغطاء وان قلنا ان القبلة عين الكعبة بان يكون الشارع اكتفى في الطريق إلى معرفتها بالجهة العرفية ويدل على ذلك الروايات التي هي أصل مستندهم في التعويل على جعل الجدي علامة من قول أحدهما عليهما السلام حين سئل عن القبلة فقال ضع الجدي في قفاك وصله وقول الصادق ع لمن قال له اني أكون في السفر ولا اهتدي إلى القبلة بالليل:
أتعرف الكوكب الذي يقال له الجدي قلت نعم نعم قال اجعله على يمينك وإذا كنت في طريق الحج فاجعله بين كتفيك وحمل صاحب المدارك العلامة الأولى والثالثة على أطراف العراق الغربية والثانية على أواسط العراق مع أنه لا شاهد له لا يتم في الثالثة فابن طريق الحج من أطراف العراق الغربية فلا مناسبة بينهما حتى يحمل أحدهما على الاخر وحينئذ فقوله إذا كنت في طريق الحج فاجعله في قفاك مع تفاوت الأماكن التي يكون فيها وهو في طريق الحج تفاوتا كثيرا أقوى دليل على أن امر القبلة واسع وانه أوسع مما ذكروه ويدل عليه قول أبي جعفر ع لما سئل أين حد القبلة فقال ما بين المشرق والمغرب قبلة كله. قال الشهيد في الذكرى: هذا نص في الجهة    ثم إن بعض العلماء غير قبلة مسجد الكوفة لظهور الانحراف فيها إذا عول على الجدي. وتطبيق الشهيد الثاني قبلة المشهد الشريف على محراب مسجد الكوفة بناء على أنه محراب صلى فيه معصوم فيه ما لا يخفى فإنه لا يحصل القطع ببقاء المحراب على ما كان عليه في عهد أمير المؤمنين وولده الحسن ع ولا بكيفية صلاتهما إلى ذلك المحراب والاستناد إلى الرؤيا التي رآها الشيخ موسى العجمي فيه ما لا يخفى إذ الأحكام الشرعية لا تثبت بالرؤيا على الأصح والله أعلم.
قال ابن العودي: وقال لي أحسن الله جزاءه وطيب مثواه ومما اتفق لي اني كنت جالسا عند رأس الضريح المقدس ليلة الجمعة وقرأت شيئا من القرآن وتوجهت ودعوت الله ان يخرج لي ما اختبر به عاقبة أمري بعد هذه السفرة مع الأعداء والحساد وغيرهم فظهر لي في اولي الصفحة اليمنى ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين فسجدت الله شكرا على هذه النعمة والفضل بهذه البشارة السنية.
وكان خروجنا من المشاهد الشريفة بعد أن أدركنا زيارة عرفة بالمشهد الحائري والغدير بالمشهد الغروي والمباهلة بالمشهد الكاظمي 17 ذي الحجة الحرام من السنة المتقدمة ولم يتفق لنا الإقامة لادراك زيادة عاشوراء مع قرب المدة لعوارض وقواطع منعت من ذلك والحمد لله على كل حال.

رجوعه للبلاد وإقامته في بعلبك :

قال واتفق وصولنا إلى البلاد منتصف شهر صفر سنة 953 ووافقه من الحروف بحساب الجمل حروف خير معجل وهو مطابق للواقع أحسن الله خاتمتنا بخير كما جعل بدايتنا إلى خير بمنه كرمه ثم أقمنا ببعلبك ودرسنا فيها مدة في المذاهب الخمسة وكثير من الفنون وصاحبنا أهلها على اختلاف آرائهم أحسن صحبة وعاشرناهم أحسن عشرة وكانت أياما ميمونة وأوقاتا بهجة ما رأى أصحابنا في الاعصار مثلها قال ابن العودي كنت في خدمته تلك الأيام ولا انسى وهو في أعلى مقام ومرجع الأنام وملاذ الخاص والعام ومفتي كل فرقة بما يوافق مذهبها ويدرس في المذاهب كتبها وكان له في المسجد الأعظم بها درس مضافا إلى ما ذكر وصار أهل البلد كلهم في انقياده ومن وراء مراده بقلوب مخلصة في الوداد وحسن الاقبال والاعتقاد وقام سوق العلم بها على طبق المراد ورجعت إليه الفضلاء من أقاصي البلاد اه‍ قال ثم انتقلنا عنهم إلى بلدنا جبع بنية المفارقة امتثالا لأمر إلاهي سابقا في المشاهد الشريفة ولاحقا في المشهد الشريف مشهد شيث ع وأقمنا في بلدنا إلى سنة 955 مشتغلين بالدرس والتصنيف قال ابن العودي، هذا آخر ما وجدته بخطه الشريف مما نسبته إليه من التاريخ كان خاتمة أوقات الأمان والسلامة من الحدثان ثم نزل به ما نزل وستقف عليه انش إلى خاتمة الاجل.

مشايخه :

في أمل الآمل روى عن جماعة كثيرين جدا من الخاصة والعامة في الشام ومصر وبغداد وقسطنطينية وغيرها ثم قال ويظهر مما ذكره ابن العودي في ترجمته ومن إجازة الشيخ حسن وإجازة والده انه قرأ على كثيرين جدا من علماء العامة وقرأ عندهم كثيرا من كتبهم في الفقه والحديث والأصوليين وغير ذلك وروى جميع كتبهم وكذلك فعل الشهيد والعلامة ولا شك ان غرضهم كان صحيحا ولكن ترتب على ذلك ما يظهر لمن تأمل وتتبع كتب الأصول وكتب الاستدلال وكتب الحديث ويظهر من الشيخ حسن عدم الرضا بما فعلوه اه‍ والظاهر أن مراده بما ترتب على ذلك اتباعهم طريقة العامة في الاجتهاد وتقسيمهم الحديث إلى أقسامه المشهورة فان ذلك مما لا يرضاه الأخباريون ولذلك ينقل عنهم ان الدين هدم في يومين أحدهما يوم ولد العلامة الحلي وقد بين في موضعه خطا الأخباريين في زعمهم صحة جميع أحاديث الكتب الأربعة أو القطع بصدورها بما لا مجال لذكره هنا الذي أقله ان أصحاب هذه الكتب كانوا يردون بعضها بضعف السند فكيف بغيرهم والعلامة والشهيدان اجل قدرا من أن يقلدوا أحدا في مثل هذه المسائل أو يقودهم قراء كتب غيرهم إلى اتباع ما فيها بدون برهان وهم رؤساء المذهب ومؤسسو قواعده وبهم اقتدى فيه أهله ومنهم اخذوه وإنما اخذوا اصطلاحات العامة ووضعوها لأحاديثهم غيرة على المذهب لما لم يروا مانعا من ذلك وكذلك فعلوا في أصول الفقه وفي الاجماع وغيره كما بين في محله وكذلك في فن الدراية وغيره وكيف يكون عدم رضا الشيخ حسن بما فعلوا لهذه العلة وهو قد تبعهم فيها وزاد عليهم. ويأتي ترجمة سبطه زين الدين بن محمد بن الحسن بن زين الدين انه كان يتعجب من جده الشهيد الثاني ومن العلامة والشهيد الأول في كثرة قراءتهم على علماء العامة وتتبع كتبهم وانه قال قبل ذلك وقد أدى ذلك إلى قتل جماعة منهم مع ظهور مراده من المشار إليه بذلك وقد بينا هنالك ما في كلامه من النظر وفي الرياض قرأ على طائفة كثيرة من علمائنا ومن العامة ويروي عنهم وقرأ عليه أيضا جم غفير من مشاهير علماء الإمامية وغيرهم ويروون عنه.

مشايخه من علماء الإمامية:

وقد مر ذكر الكتب التي قرأها عليهم في اجازته للشيخ حسين بن عبد الصمد وعدهم ابن العودي وذكر الكتب التي قرأها عليهم كما يأتي وهم :

1- والده علي بن أحمد المعروف بابن الحاجة النحاريري.

2- المحقق الشيخ علي بن عبد العالي الميسي .

3- السيد حسن ابن السيد جعفر بن السيد فخر الدين ابن السيد حسن بن نجم الدين الأعرجي الحسيني الكركي قرأ عليه ويروي عنه إجازة .

4- شمس الدين محمد بن مكي الدمشقي.

5- الشيخ أحمد بن جابر.

6- الشيخ الامام الحافظ المتقي خلاصة الأتقياء والفضلاء والنبلاء الشيخ جمال الدين احمد ابن الشيخ شمس الدين محمد بن خاتون العاملي يروي عنه إجازة وفي الرياض قال الشيخ البهائي في حواشي أربعينه ان للشيخ زين الدين طريقين إلى المحقق الشيخ على الكركي إحداهما عن الشيخ علي الميسي وعن الشيخ احمد ابن خاتون العاملي كلاهما عن الشيخ علي الكركي والأخرى إجازة بالكتابة قال إشارة بهذه إلى روايته عن الشيخ علي الميسي يعني إجازة مرة مشافهة ومرة كتابة واما حمله على أن مراده رواية الشهيد الثاني عن الشيخ على الكركي مرة بواسطة الشيخ علي الميسي ومرة بلا واسطة كما ظنه بعض العلماء في حواشيه على أصول العالم فهو مع عدم صحته لا يحتمله لفظ ذلك لان اسم الشيخ علي الكركي غير مذكور في ذلك السند الا بعد حاء الحيلولة في السند الآخر اه‍.
مشايخه من علماء من تسموا باهل السنة وهم 19 شخصا واحد بدمشق هو:

1- شمس الدين بن طولون الدمشقي الحنفي وأجيز منه برواية الصحيحين ورواية كلما يجوز له روايته في شهر ربيع الأول سنة 942 قال ابن العودي وكنت إذ ذاك في خدمته اسمع الدرس وأجاز لي الشيخ المذكور الصحيحين وواحد بغزة وهو.

2- الشيخ محيي الدين عبد القادر بن أبي الخير الغزي يروي عنه إجازة وواحد ببيت المقدس وهو .

3- الشيخ شمس الدين بن أبي اللطف المقدسي واجازه  إجازة عامة وستة عشر بمصر وهم.

4- الشيخ شهاب الدين احمد الرملي قال قرأت عليه وأجازني إجازة عامة مما يجوز وله روايته سنة 943 .

5- الملا حسين الجرجاني.

6- الملا محمد الاسترآبادي.

7- الملا محمد الجيلاني ويمكن كون الثلاثة من أصحابنا.

8- الشيخ شهاب الدين بن النجار الحنبلي .

9- الشيخ أبو الحسن البكري.

10- الشيخ زين الدين الجرمي المالكي.

11- الشيخ ناصر الدين الملقاني المالكي .

12- الشيخ ناصر الدين الطبلاوي الشافعي.

13- الشيخ شمس الدين محمد النحاس .

14- الشيخ عبد الحميد السمنهودي.

15- الشيخ شمس الدين محمد بن عبد القادر الفرضي الشافعي.

16- الشيخ عميرة.

17- الشيخ شهاب الدين بن عبد الحق .

18- الشيخ شهاب الدين البلقيني .

19- الشيخ شمس الدين الديروطي.

تلاميذه :

1- السيد نور الدين علي بن الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعي والد صاحب المدارك وقد رباه الشهيد الثاني كالوالد لولده وزوجه ابنته رغبة فيه وجعله من خواص ملازميه فكان صاحب المعالم خال صاحب المدارك من هذه الجهة.

2- السيد علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعي وهو غير والد صاحب المدارك.

3- السيد علي بن الحسين بن محمد الحسيني العاملي الجزيني الشهير بالصائغ صاحب شرحي الشرائع والارشاد المدفون بقرية صديق قرب تبنين وقبره ظاهر إلى اليوم وعليه صخرة كتب عليها اسمه ومدحه وتاريخ وفاته رأيتها وقد صارت مداسا للاقدام في وسط مزرع وغمرتها الأتربة وهي تمثل حالة علماء جبل عامل بعد وفاتهم كما كانوا في حياتهم إلا ما ندر وهو شيخ صاحب المعالم ويقال ان الشهيد الثاني دعا الله ان يرزقه ولدا ويعلمه السيد علي الصايغ لما رأى من فضله فاستجاب الله دعاءه. قال ابن العودي في رسالته قرأ عليه اي على الشهيد الثاني وسمع جملة نافعة من العلوم عليه في المعقول والمنقول والأدب وغير ذلك وكان قدس الله لطيفته له به خصوصية تامة اه‍. ويروي عنه إجازة يوم الخميس آخر جمادي الأولى سنة 958.

4- الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي الحارثي الهمداني والد الشيخ البهائي وهو أول من قرأ عليه في أول تصديه للتدريس وكان رفيقه إلى مصر في طلب العلوم والى اسلامبول وفارقه إلى العراق وأقام بها مدة ثم ارتحل إلى خراسان واستوطن هناك واجازه الشهيد الثاني إجازة مطولة تبلغ 15 صفحة بالقطع الكبير تاريخها ليلة الخميس لثلاث ليال مضين من شهر جمادي الآخرة سنة 941 أوردها الشيخ يوسف البحراني في كشكوله ج 1 ص 404 واشتملت على فوائد جمة ومطالب مهمة قال فيها قرأ على هذا الضعيف وسمع كتبا كثيرة في الفقه والأصوليين والمنطق وغيرهما فمما قرأه من كتب أصول الفقه مبادي الوصول وتهذيب الأصول من مصنفات الداعي إلى الله تعالى جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر قدس سره وشرح جامع البين في مسائل الشرحين للشيخ الامام الأعلم شمس الدين محمد بن مكي عرج الله بروحه إلى دار القرار وجمع بينه وبين أئمته الأطهار ومن كتب المنطق رسائل كثيرة منها الرسالة الشمسية للامام نجم الدين الكاتبي القزويني وشرحها للامام العلامة سلطان المحققين والمدققين قطب الدين محمد بن محمد بن أبي جعفر بن بويه الرازي أنار الله برهانه وأعلى في الجنان شانه ومما سمع من كتب الفقه كتاب الشرائع والارشاد وقرأ جميع كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام من مصنفات شيخنا الامام الأعظم أستاذ الكل في الكل جمال الدين أبي منصور الحسن بن الشيخ سديد الدين يوسف بن المطهر شرف الله قدره ورفع في العليين ذكره قراءة مهذبة محققة جمعت بين تهذيب المسائل وتنقيح الدلائل حسبما وسعته الطاقة واقتضاه الحال وقرأ وسمع كتبا أخرى.

5- الشيخ على بن زهرة العاملي الجبعي ابن عم الشيخ حسين المذكور وكان الشهيد الثاني يعتقد فيه الولاية وكان رفيقه إلى مصر وتوفي بها .

6- محمد بن الحسين الملقب بالحر العاملي المشغري جد والد صاحب الوسائل ووالد زوجة الشهيد الثاني المتوفاة في حياته بمشغرى وهو أول المذعنين لاجتهاده المخلصين معه واجازه إجازة عامة وكانت له به خصوصية ومحبة صادقة وعلاقة متصلة بتمام المودة وصدق المحبة .

7- الشيخ أبو القاسم نور الدين علي بن عبد الصمد العاملي الشيخ البهائي قرأ على الشهيد الثاني ويروي عنه إجازة.

8- السيد نور الدين ابن السيد فخر الدين عبد الحميد الكركي القاطن بدمشق المحروسة وكان من أكابر خاصته وأوائل العاكفين على ملازمته .

9- بهاء الملة والدين محمد بن علي بن الحسن العودي الجزيني وهو من خواص تلاميذه ومن جملة من حاز على حظ وافر من خدمته وتشرف بمدة مديدة من ملازمته وكان وروده إلى خدمته كما ذكره نفسه في رسالته المشار إليها سابقا 10 ربيع الأول سنة 945 وانفصاله عنه بالسفر إلى خراسان 10 ذي القعدة سنة 962 .

10- السيد عطاء الله بن السيد بدر الدين حسن الحسيني الموسوي قرأ عليه جلة من الكتب منها ارشاد العلامة ويروي عنه إجازة وكتب له الإجازة على ظهر الارشاد بتاريخ يوم الأحد 3 جمادى الأولى سنة 950.

11- المولى محمد بن محمد بن علي الجيلاني.

12- الشيخ محيي الدين بن أحمد بن تاج الدين الميسي العاملي.

13- الشيخ تاج الدين بن هلال الجزائري ويروي عنه إجازة بتاريخ 964.

14- السيد عز الدين حسين بن أبي الحسن العاملي.

الراوون عنه إجازة على ما في الذريعة:

1- الشيخ ظهير الدين إبراهيم بن الشيخ زين الدين أبي القاسم علي بن الشيخ الصالح التقي تاج الدين عبد العالي الميسي بتاريخ 957 وفي آخرها أشرك معه ولده الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم .

2- الشيخ محيي الدين احمد أو ابن أحمد بن تاج الدين العاملي الميسي.

3- الشيخ تاج الدين بن هلال الجزائري كتبها له بمكة المعظمة في 14 ذي الحجة سنة 964 .

4- الشيخ عز الدين حسين بن زمعة المدني بتاريخ أوائل شوال سنة 948.

5- الشيخ سلمان بن محمد بن محمد العاملي الجبعي بتاريخ 2 ذي القعدة سنة 954.

6- الشيخ محمود بن محمد بن علي بن حمزة اللاهيجي بتاريخ رجب سنة 953 اه‍ .

7- اخوه الشيخ عبد النبي بن علي بن أحمد النباطي في أمل الآمل انه يروي عن أخيه الشهيد الثاني.

مؤلفاته:

قال ابن العودي في رسالته هو عالم الأوان ومصنفه ومقرط البيان ومشنفه بتواليف كأنها الخرائد وتصانيف أبهى من القلائد وضعها في فنون مختلفة وأنواع وأقطعها ما شاء من الاتقان والابداع وسلك فيها مسلك المدققين وهجر طريق المتشدقين اه‍ وأول مؤلفاته الروض وآخرها الروضة وهي هذه :

1- روض الجنان في شرح الارشاد الأذهان للعلامة الحلي وصل فيه إلى آخر كتاب الصلاة وهو أول ما أفرغه في قالب التصنيف بطريق   الشرح المزجي مطبوع.

2- المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية للشهيد الأول وهو شرح مزجي أيضا مطول. وفي الرياض أكثره مأخوذ من شرح المحقق الكركي مطبوع.

3- شرح الألفية الشهيدية متوسط بمنزلة الحاشية فرع منه ضحى يوم الاثنين 27 رجب سنة 929 .

4- شرح الألفية المذكورة مختصر بمنزلة الحاشية تكتب على الهامش لتقييد الفتوى.
واعلم أن بعضهم قال إن له ثلاثة شروح على الألفية مطول ومتوسط ومختصر وبعضهم قال إن له المقاصد العلية شرح الألفية وحاشيتين على الألفية وسطى وصغرى تكتب على الهامش لتقييد الفتوى واستظهرنا ان يكون الشرحان هما الحاشيتان وذلك أن الشهيد لما رأى رواية يستفاد منها ان الصلاة لها ألف واجب صنف رسالة سماها الألفية جمع فيها ألف واجب تصديقا لهذا الحديث فشرحها الشهيد الثاني بهذه الشروح الثلاثة.

5- الفوائد الملية في شرح الرسالة النفلية للصلاة للشهيد الأول مزجي مطبوع .

6- الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية في الفقه بتمامه وهو آخر ما صنفه وأعطي حظا عظيما في التدريس فكان عليه المعول عمله في ستة أشهر وستة أيام وكان في الغالب يكتب كل يوم كراسا فرع منه خاتمة ليلة السبت 21 جمادى الأولى سنة 957 وهو شرح مزجي مطبوع عدة مرات.

7- مسالك الأفهام إلى شرائع الاسلام شرح على شرائع المحقق الحلي فيه تمام الفقه مختصر في العبادات مطول في سواها وصفه المصنف بأنه من اجل مصنفاته في سبع مجلدات كبيرة وعمل ربيبه السيد محمد صاحب المدارك في العبادات لداركا لاختصار المسالك فيها والمسالك عليه معول المؤلفين والمدرسين والمجتهدين مطبوع عدة طبعات في مجلدين كبيرين .

8- تعليقات لطيفة على المسالك في مجلدين ذكره في بعض إجازاته.

9- تمهيد القواعد الأصولية والعربية لتفريع الأحكام الشرعية وصفه مؤلفه بأنه كتاب واحد في فنه بحمد الله ومنه قال ومن وقف عليه علم حقيقة ذلك وذكر في أوله انه لما رأى كتاب التمهيد في القواعد الأصولية وما يتفرع عليها من الفروع المؤلف سنة 768 والكوكب الدري في القواعد العربية كلاهما للأسنوي الشافعي أراد ان يحذو حذوه ويجمع بين تلك القواعد في كتاب واحد مع اسقاط ما بين الكتابين من الحشو والزوائد فألف تمهيد القواعد هذا ورتبه على قسمين أحدهما في تحقيق القواعد الأصولية وتفريع ما يلزمها من الاحكام الفرعية والثاني في تقرير المطالب العربية وترتيب ما يناسبها من الفروع الشرعية واختار من كل قسم منهما مائة قاعدة متفرقة من عدة أبواب مضافا إلى مقدمات وفوائد ومسائل لا نظير لها في رد الفروع إلى أصولها ورتب لها فهرسا مبسوطا لتسهيل التناول للطالب فرع منه في المحرم سنة 958 .

10- حاشية الارشاد للعلامة توجد على هوامش الارشاد من أوله إلى آخره كما عن خط الفاضل الهندي في ظهر روض الجنان على فرائض الارشاد والحاشية على قطعة من عقود الارشاد وقد ذكرت الأخيرة في عداد مؤلفاته مع حاشية الارشاد لكن الظاهر أنها قطعة منه.

11- حاشية على قواعد العلامة حقق فيها المهم من المباحث ومشى فيها مشي الحاشية المشهورة بالنجارية للشهيد الأول غالب المباحث فيها بينه وبينه برز منه مجلد إلى كتاب التجارة .

12- حاشية مختصرة على الشرائع خرج منها قطعة صالحة ولعلها هي التي ذكرها في الرياض وسماها شرحه الصغير على الشرائع وفي المحكي عن اجازته للشيخ تاج الدين بن هلال الجزائري انها في مجلدين ورأى صاحب الذريعة نسخة من هذه الحاشية على كتاب الفرائض خاصة من الشرائع .

13- حاشية على خلافيات الشرائع أو حاشية فتوى خلافيات الشرائع كما في أمل الآمل جزء لطيف في خلافيات الشرائع ولعله المسمى في كلام بعض الأفاضل المقاربين لعصره فتاوى الشرائع بمعنى بيان الفتوى في المسائل الخلافية المذكور في الشرائع .

14- حاشية على المختصر النافع.

15- حاشية الخلاصة وهي التي علقها بخطه على خلاصة العلامة في الرجال وينقل عنها الرجاليون بل نقلوها بأجمعها مفرقة على الأبواب والظاهر أنها هي المذكورة بعنوان فوائد خلاصة العلامة في الرجال .

16- فتاوى المختصر النافع مجردة.

17- فتاوى الارشاد.

18- فتاوى اللمعة مجردة ولعلها هي المذكورة بعنوان رسالة في فتوى الخلاف من اللمعة.

19- رسالة في أسرار الصلاة سماها التنبيهات العلية على وظائف الصلاة القلبية وأسرارها جعلها ثالثة الرسالتين الألفية في واجبات الفرائض اليومية والنفلية في مستحباتها والتنبيهات في اسرارها وبعض المعاصرين جعل التنبيهات والاسرار اثنين وهما واحد مطبوع عدة مرات.

20- رسالة في احكام نجاسة البئر بالملاقاة وعدمها مطبوعة.

21- رسالة فيما إذا تيقن الطهارة والحدث وشك في السابق منهما مطبوعة 22 رسالة فيما إذا أحدث في أثناء غسل الجنابة بالحدث الأصغر مطبوعة.

23- رسالة في تحريم طلاق الحائض الحائل الحاضر زوجها معها المدخول بها مطبوعة.

24- رسالة في طلاق الغائب.

25- رسالة في حكم صلاة الجمعة حال الغيبة ولعلها الرسالة المنسوبة إليه في عينية صلاة الجمعة نسبها إليه صاحب المدارك والسيد علي الصائغ تلميذه في شرح الارشاد وغيرهما وفي الرياض قد يقال انه لم يثبت انتسابها إليه ولو ثبت فلعلها كانت في أوائل حاله ولم يكن ماهرا في الفقه ولذلك صرح في شرح اللمعة بخلافه ثم قال اما انتسابها إليه فقد اتضح من مطاوي هذه الترجمة ومن تصريح سبطه صاحب المدارك وتصريح غيره بذلك واما كونها من أوائل تصنيفه فغلط واضح لان تاريخ تأليفها ربيع الأول سنة 963 قبل شهادته بأربع سنين فهي من أواخر مؤلفاته اه‍ ولكن تصريحه في الروضة التي هي آخر مصنفاته بعدم الوجوب العيني يدل على أنه قد عدل عما في الرسالة مطبوعة.

26- رسالة في الحث على صلاة الجمعة وهي غير رسالة عينية الجمعة مطبوعة.

27- رسالة في خصائص يوم الجمعة طبعناها في بيروت بعد ما قاسينا مشقة شديدة في تصحيحها وكأنها هي المذكورة في الأمل بعنوان رسالة في آداب الجمعة وفي الذريعة باسم اعمال الجمعة .

28- رسالة في احكام الحبوة فرع منها يوم الثلاثاء 25 ذي الحجة سنة 956 مرتبة على ستة مطالب دائرة على ست كلمات استفهامية. ما مفهوم الحبوة. كم أعيان الحبوة. هل هي واجبة أو لا من المحبو من الورثة كيف يختص مجانا أم لا لم يحبى هو خاصة مطبوعة.

29- رسالة في ميراث الزوجة مطبوعة.

30- رسالة في جواب ثلاث مسائل لبعض الأفاضل ويحتمل كونه جوابات المسائل الثلاث الخراسانية الآتية .

31- رسالة في عشرة مباحث مشكلة من عشرة علوم صنفها في استنبول خلال 18 يوما .

32- رسالة في عدم جواز تقليد الأموات من المجتهدين صنفها برسم الصالح الفاضل السيد حسين ابن أبي الحسن جد صاحب المدارك في 18 صفحة ذكر انه كتبها في جزء يسير من يوم واحد قصير 5 شوال سنة 949 .

33- رسالة سماها الاقتصاد والارشاد إلى طريق الاجتهاد ولعلها المحكية عن كشف الحجب بعنوان الاجتهادية.

34- رسالة في شرح قوله الدنيا مزرعة الآخرة 35 رسالة في تحقيق النية 36 رسالة في أن الصلاة لا تقبل الا بالولاية 37 رسالة في تحقيق الاجماع في حال الغيبة .

38- رسالة في شرح البسملة.

39- رسالة في تفسير قوله تعالى والسابقون الأولون.

40 - رسالة المسائل الاسطنبولية في الواجبات العينية مذكورة في الرياض.

42- رسالة في الاخبار مشتملة على خمسة فصول في الرياض رأيتها ببلدة ساوة اه‍ ولعلها الكتاب الذي فيه نحو ألف حديث الآتي.

43 -رسالة في دعوى الاجماع في مسائل من الشيخ ومخالفة نفسه .

44- رسالة في ذكر أحواله وهي التي نقل عنها ابن العودي.

45- منية المريد في آداب المفيد والمستفيد مشتمل في آداب وفوائد جليلة وهو نعم المهذب لأخلاق الطلاب لمن عمل به طبع مرتين في الهند وإيران.

46- بغية المريد مختصر منه وكان ابن العودي اخذ اسم كتابه في ترجمة الشهيد منه.

47- نتائج الأفكار في حكم المقيمين في الاسفار.

48- كفاية المحتاج في مناسك الحاج وهو المناسك الكبير في الحج والعمرة لطيفة.

51- مسكن الفوائد عند فقد الأحبة والأولاد لم يسبق إلى مثله وسبب تصنيفه له كثرة ما توفي له من الأولاد بحيث لم يبق منهم أحد الا الشيخ حسن وكان لا يثق بحياته وقد استشهد وهو ابن أربع سنين أو سبع سنين كما مر في ترجمته مطبوع.

52- مبرد الأكباد مختصر منه .

53- كشف الريبة عن احكام الغيبة لم يسبق إليه مطبوع .

54- البداية في علم الدراية .

55- شرح البداية مزجي فرع منه ليلة الثلاثاء 5 ذي الحجة سنة 959 مطبوعان معا .

56- البداية في سبيل الهداية وهو غير بداية الدراية المتقدم فقد ذكرا معا في أمل الآمل ويعطي اسمه انه في العقائد.

57- جواهر الكلمات في شيع العقود والايقاعات في الرياض هو كتاب حسن رأيت منه نسخة في خزانة الحضرة الرضوية ويحتمل اتحاده مع ما سبق في كلام الشيخ المعاصر بعنوان كتاب العقود بل هو الظاهر لكن الحق عندي كونه من مؤلفات غيره وهو الشيخ حسن بن مفلح الصيمري المشهور اه‍ ورأى صاحب الذريعة نسخة صيغ العقود وليس فيها التسمية بجواهر الكلمات وقد وقع خلل في كلام صاحب الرياض فان عادته ان يعبر بالشيخ المعاصر عن صاحب أمل الآمل وليس في الأمل ذكر لكتاب العقود وانما ذكره صاحب الرياض نفسه .

58- منار القاصدين في أسرار معالم الدين.

59- غنية القاصدين في اصطلاحات المحدثين .

60- كتاب الرجال والنسب.

61- كتاب تحقيق الاسلام والايمان. وهو كتاب حقائق الايمان الذي رأينا منه نسخة مخطوطة في طهران صرح بذلك صاحب الذريعة.

62- كتاب الإجازات قال ولده الشيخ حسن في أواخر اجازته الكبيرة المشهورة ان والدي جمع أكثر إجازات المشايخ في كتاب مفرد ذكره في فهرست كتب خزانته.

63- منظومة في النحو وشرحها.

64- جوابات مسائل الشيخ زين الدين ولا يعرف من هو هذا الشيخ زين الدين ولعله الفقعاتي شريكه في الدرس.

65- جوابات مسائل الشيخ احمد والظاهر أن المراد به الشيخ احمد العاملي الشهير بالمازحي فان له مسائل سال عنها الشهيد الثاني واجابه عنها في الذريعة أكثرها فقهية تاريخ كتابة النسخة 980 .

66- جوابات المسائل الثلاث الخراسانية.

67- جوابات المباحث النجفية .

68- جوابات المسائل الهندية.

69- جوابات المسائل الشامية ذكرت الأربعة في أمل الآمل .

70- جوابات ستين مسالة في الذريعة محذوفة السؤال بعنوان مسالة اقتصر فيها على الجواب فقط وفي آخرها: اعلم أن الشيخ زين الدين الشهيد كتب هذه المسائل في جواب سؤالات وجدتها بخطه لكن تركت السؤالات لمعلوميتها وكتبت الأجوبة لاستقلالها والنسخة بخط شرف الدين علي بن جمال الدين المازندراني الذي كان حيا سنة 1070 اه‍ .

71- مختصر الخلاصة ومر مختصر مسكن الفؤاد ومختصر المناسك ومختصر منية المريد.

72- فؤاد خلاصة العلامة في الرجال ولعله حاشية الخلاصة المتقدم.

73- إجازة الشيخ حسين بن عبد الصمد وهي إحدى الإجازات الثلاث المشهورات تاريخها ليلة الخميس 3 جمادى الآخرة سنة 941 .

74- كتاب فيه نحو ألف حديث انتخبها من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب رآه صاحب أمل الآمل بخطه ويحتمل كونه المذكور في الرياض بعنوان رسالة في الاخبار مشتملة على خمسة فصول.

75- الأربعون حديثا في الفضائل ينقل عنه المولى احمد الأردبيلي في حديقة الشيعة جملة من اخبار فضائل أمير المؤمنين ع 76- آداب الصلاة وهو غير أسرار الصلاة المتقدم.

77- أسرار الزكاة والصوم والحج عن كشف الحجب انه استخرجه من جواهر القرآن للغزالي ويمكن كونه منار القاصدين في أسرار معالم الدين المتقدم.

78- أنوار الهدى في مسالة البدا .

79- الرسالة الاعتقادية في معرفة الله وما يتبعها من الأصول رآها صاحب الذريعة.
ما قاله ولده الشيخ حسن في كتاب المسالك في حاشية الرياض للمؤلف قال ولده الشيخ حسن في مدح كتاب المسالك لوالده:
لولا كتاب مسالك الأفهام * ما بان نهج الشرائع الاسلام

كلا ولا كشف الحجاب مؤلف * عن مشكلات غوامض الاحكام

قد زينته حقائق ودقائق * خضعت لهن نواصب الافهام

وحوت صحائفه نفيس فرائد * قد نظمت بنهاية الاحكام

تزهو بهن كمثل أحسن روضة * أزهارها خرجت من الأكمام

ان اللسان لعاجز عن نعته * وكذاك تعجز السن الأقلام

فجزى مؤلفه الرحيم بجوده * خير الجزا وحباه بالاكرام

أشعاره :

لما زار النبي ص سنة 943 ووقف على قبره الشريف بالمدينة المنورة وكان قد رآه ص في منامه بمصر فوعده بالخير أنشأ يقول:
صلاة وتسليم على أشرف الورى * ومن فضله ينبو عن الحد والحصر

ومن قد رقى السبع الطباق بنعله * وعوضه الله البراق عن المهر

وخاطبه الله العلي بحبه * شفاها ولم يحصل لعبد ولا حر

عدولي عن تعداد فضلك لائق * يكل لساني عنه في النظم والنثر

وما ذا يقول الناس في مدح من أتت * مدائحه الغراء في محكم الذكر

سعيت إليه عاجلا سعي عاجز * بعبئ ذنوب جمة أثقلت ظهري

ولكن ريح الشوق حرك همتي * وروح الرجا مع ضعف نفسي ومع فقري

ومن عادة العرب الكرام بوفدهم * اعادته بالخير والحبر والوفر

وجادوا بلا وعد مضى لنزيلهم * فكيف وقد واعدتني الخير في مصر

فحقق رجائي سيدي في زيارتي * بنيل منائي والشفاعة في حشري.

شهادته :

عن بعض مؤلفات الشيخ البهائي: قال اخبرني والدي قدس سره انه دخل في صبيحة بعض الأيام على شيخنا الشهيد الثاني فوجده مفكرا فسأله عن سبب تفكيره فقال يا أخي أظن اني سأكون ثاني الشهيدين قال أو ثاني شيخنا الشهيد في الشهادة لأني رأيت البارحة في المنام ان السيد المرتضى علم الهدى عمل ضيافة جمع فيها العلماء الامامية بأجمعهم في بيت فلما دخلت عليهم قام السيد المرتضى ورحب بي وقال لي يا فلان اجلس بجنب الشيخ الشهيد فجلست بجنبه فلما استوى بنا المجلس انتبهت ومنامي هذا دليل على اني أكون تاليا له في الشهادة اه‍ واتفق انه شرح من مؤلفات الشهيد الألفية والنفلية واللمعة وضاهاه في تأليف تمهيد القواعد.

وعنه أيضا بطريق آخر انه مر على مصرعه المعروف في زمن حياته ومعه والد الشيخ البهائي فلما رأى ذلك المكان تغير لونه وقال سيهرق في هذا المكان دم رجل فظهر بعد ذلك أنه كان يعني نفسه اه‍ وكان ذلك في سفره إلى اسلامبول بصحبة والد البهائي كما مر وقال سبطه الشيخ علي في الدر المنثور ومما سمعته في بلادنا مشهورا ورأيته أيضا مشهورا وغيرها انه قدس سره لما سافر السفر الأول إلى اسلامبول ووصل إلى ذلك المكان تغير لونه فيه فسأله أصحابه عن ذلك فقال ما معناه انه يقتل في هذا المكان رجل كبير أو عظيم الشأن فلما اخذ قتل في ذلك المكان وقال في الحاشية وجدت بخط المرحوم المبرور الشيخ حسين بن عبد الصمد رحمه الله بعد سؤاله وصورة السؤال والجواب سئل الشيخ حسين بن عبد الصمد ما يقول شيخ الاسلام فيما روي عن الشيخ المرحوم المبرور الشهيد الثاني انه مر بموضع في اسلامبول ومولانا الشيخ سلمه الله معه فقال يوشك ان يقتل في هذا الموضع رجل له شان أو قال شيئا قريبا من ذلك ثم انه رحمه الله استشهد في ذلك الموضع ولا ريب انه من كراماته رحمه الله وأسكنه جنان الخلد الجواب نعم هكذا وقع منه قدس سره وكان الخطاب للفقير وبلغنا انه استشهد في ذلك الموضع وذلك مما كشف لنفسه الزكية حشره الله مع الأئمة الطاهرين ع كتبه حسين بن عبد الصمد الحارثي ثامن عشر ذي الحجة سنة 983 بمكة المشرفة زادها الله شرفا وتعظيما وكذا نقله السيد نعمة الله الجزائري في كتاب المقامات قال وجد بخط المرحوم الشيخ حسين الخ وهذا السؤال من جملة مسائل السيد بدر الدين حسن بن شدقم الحسيني المدني التي سال الشيخ حسين بن عبد الصمد والد البهائي عنها. وكان السبب في قتله كما في أمل الآمل انه سمعه من بعض المشايخ ورآه بخط بعضهم انه ترافع إليه رجلان فحكم لأحدهما على الاخر فغضب المحكوم عليه وذهب إلى قاضي صيدا واسمه معروف وهو الذي كان أشار عليه بأخذ عرض منه لما أراد السفر إلى بلاد الروم فلم يقبل كما مر وكان الشيخ في تلك الأيام مشغولا بتأليف شرح اللمعة فأرسل القاضي إلى جبع من يطلبه وكان مقيما في كرم له مدة منفردا عن البلد متفرغا للتأليف فقال له بعض أهل البلد قد سافر عنها منذ مدة وفي رواية انه كتب فيما أرسله إليه أيها الكلب فكتب إليه في جوابه ان الكلب معروف قال فخطر ببال الشيخ ان يسافر إلى الحج وكان قد حج مرارا لكنه قصد الاختفاء فسافر في محمل مغطى وكتب القاضي إلى سلطان الروم انه قد وجد ببلاد الشام رجل مبدع خارج عن المذاهب الأربعة فأرسل السلطان رجلا في طلب الشيخ وقال له أئتني به حيا حتى أجمع بينه وبين علماء بلادي فيبحثوا معه ويطلعوا على مذهبه ويخبروني فاحكم عليه بما يقتضيه مذهبي فجاء الرجل فأخبر ان الشيخ توجه إلى مكة فذهب في طلبه فاجتمع به في طريق مكة فقال له تكون معي حتى نحج بيت الله ثم افعل ما تريد فرضي بذلك فلما فرع من الحج سافر معه إلى بلاد الروم فلما وصل إليها رآه رجل فسأله عن الشيخ فقال هذا رجل من علماء الشيعة أريد ان أوصله إلى السلطان فقال أوما تخاف ان يخبر السلطان بأنك قد قصرت في خدمته وآذيته وله هناك أصحاب يساعدونه فيكون سببا لهلاكك بل الرأي ان تقتله وتأخذ رأسه إلى السلطان فقتله في مكان على ساحل البحر وكان هناك جماعة من التركمان فرأوا في تلك الليلة نورا ينزل من السماء ويصعد فدفنوه هناك وبنوا عليه قبة واخذ الرجل رأيه إلى السلطان فأنكر عليه وقال أمرتك ان تأتيني به حيا فقتلته وسعى السيد عبد الرحيم العباسي الذي كان الشهيد الثاني قرأ عليه في سفره إلى اسلامبول في قتل ذلك الرجل فقتله السلطان اه‍ .

وعن حسن بكروملو في أحسن التواريخ انه قال في سنة 965 في أواسط سلطنة الشاه طهماسب الصفوي استشهد إفادة مآب حاوي المعقول والمنقول جامع الفروع والأصول الشيخ زين الدين العاملي وكان السبب في شهادته ان جماعة من السنيين قالوا لرستم باشا الوزير الأعظم للسلطان سليمان ملك الروم ان الشيخ زين الدين يدعي الاجتهاد ويتردد إليه كثير من علماء الشيعة ويقرؤون عليه كتب الامامية وغرضهم بذلك إشاعة التشيع فأرسل رستم باشا الوزير في طلب الشيخ زين الدين وكان وقتئذ بمكة المعظمة فأخذوه من مكة وذهبوا به إلى استنبول فقتلوه فيها من غير أن يعرضوه على السلطان سليمان اه‍. ومهما يكن من امر فالسبب في شهادته لا يخرج عن التشيع وعن خط السيد علي الصائغ تلميذ الشهيد الثاني انه رحمه الله أسر وهو طائف حول الكعبة واستشهد يوم الجمعة في رجب تاليا للقرآن على محبة أهل البيت والحال انه غريب ومهاجر إلى الله سبحانه وختم له بحج بيت الله الحرام وزيارة النبي عليه أفضل الصلاة وأكمل السلام وفي لؤلؤة البحرين: وجدت في بعض الكتب المعتمدة في حكاية قتله رحمه الله ما صورته: قبض شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه بمكة المشرفة بأمر السلطان سليم مر انه سليمان ملك الروم خامس شهر ربيع الأول سنة 965 وكان القبض عليه بالمسجد الحرام بعد فراغه من صلاة العصر وأخرجوه إلى بعض دور مكة وبقي محبوسا هناك شهرا وعشرة أيام ثم ساروا به على طريق البحر إلى قسطنطينية وقتلوه بها في تلك السنة وبقي مطروحا ثلاثة أيام ثم ألقوا جسده الشريف في البحر اه‍ وعن مقامات السيد نعمة الله الجزائري انهم بنوا عليه بناء خارج استانبول يسمى مزار الدين اه‍ فقتله قد كان خارج اسلامبول ومن قال إنه قتل في اسلامبول أراد ذلك توسعا.
مراثيه :

في أمل الآمل: رثاه السيد رحمة الله النجفي بقصيدة طويلة وكذا غيره ولم اقف على تلك المراثي وفي الروضات وممن رثاه السيد عبيد أو عبد النجفي والسيد رحمة الله النجفي ورثاه تلميذه ابن العودي اه‍ والسيد رحمة الله هو تلميذه أيضا ويعرف بالفتال كذا في كتاب لبعض المعاصرين والشهيد الثاني لم يذهب للعراق للتحصيل انما ذهب للزيارة فمتى قرأ عليه رحمة الله  الا ان يكون جاء إلى جبل عامل فقرأ عليه اما ابن العودي صاحب الرسالة المار ذكرها فرثاه بقصيدة يقول فيها:
هذي المنازل والآثار والطلل * مخبرات بان القوم قد رحلوا

ساروا وقد بعدت عنا منازلهم * فالآن لا عوض منهم ولا  فسرت

شرقا وغربا في تطلبهم * وكلما جئت ربعا قيل لي ارتحلوا

فحسن أيقنت ان الذكر منقطع * وانه ليس لي في وصلهم امل رجعت

والعين عبرى والفؤاد شج * والحزن بي نازل والصبر مرتحل

وعاينت عيني الأصحاب في وجل * والعين منهم بميل الحزن تكتحل

فقلت ما لكم لا خاب فالكم * قد حال حالكم والضر مشتمل

هل نالكم غير بعد الألف عن وطن * قالوا فجعنا بزين الدين يا رجل

اتى من الروم لا اهلا بمقدمه * ناع نعاه فنار الحزن تشتعل

فصار حزني أنيسي والبكا سكني * والنوح دأبي ودمع العين ينهمل

لهفي له نازح الأوطان منجدلا * فوق الصعيد عليه الترب يشتمل

أشكو إلى الله خطبا ليس يشبهه * الا مصاب الأولى في كربلا قتلوا

واما السيد رحمة الله النجفي فرثاه بقصيدة طويلة أوردها بعض المعاصرين في كتاب له من جملتها قوله:
ما للكواكب لا تخر بأرضها * حزنا وما للشم لا تتصدع

فاهنأ فأنت لدى الاله منعم * حي ومن ألطافه متمتع

أأسر في خطب أصابك إذ به * حزت الشهادة أم لفقدك اجزع

لله اي معظم قد صغروا * وعظيم حق حقه قد ضيعوا

لو كنت ذا قبر يزار ودونه * بيض المواضي والعوالي شرع

لقصدته ولثمت ترب ضريحه * وقطعت بيدا مثلها لا يقطع

هذا قليل من عبيد مودة * والحر يرضى بالقليل ويقنع

وقال السيد عبيد النجفي من قصيدة:
ثوى الامام الذي بث العلوم كما * بث النوال بيوم الجود والكرم

ذا كعبة الفضل والطلاب عاكفه * به عكوف حجيج الله بالحرم

إذا اليراع نضاه يوم معضلة * رأيت معنى اسود الغاب في الاجم

لؤمت يا دهر كم أفنيت من عدد * وكم نقضت بناء غير منهدم

وكم رفعت مضافا للهوان كما * خفضت كل رفيع مفرد علم منام

لتلميذه الشيخ محمد الحياني يتعلق به في الرياض رأيت في المواضع قصة رؤيا للشيخ محمد الحياني مشتملة على بعض أحوال الشهيد الثاني فذكرتها في هذا المقام. ثم ذكر رؤيا طويلة جدا ملخصها ان الحياني قال وصلنا بعد مشقة إلى قرية جزين يوم الأربعاء 22 ذي الحجة الحرام سنة 965 ونوينا الإقامة وفي يوم الخميس 23 من الشهر المذكور حصل لي حمى وفصدت آخر النهار ولي الليل اشتدت الحمى واعتراني القئ وحصل لي ضعف أيقنت معه بالموت وفي الصباح انقطع القئ وحصل لي اسهال وتزايد الضعف حتى بقيت كالميت وفي ليلة 26 ذي الحجة رأيت كان قائلا يقول لي لا تخف فإنك بين اثني عشر بيتا في كل واحد ماء جار وانتبهت فوجدت بعض الخفة وفي ليلة الثلاثاء 28 من الشهر المذكور قلت لو مت في مرضي ما تكون حالي ثم أزريت على نفسي ثم نمت وذكر انه رأى في منامه كأنه في ارض موحشة مقفرة فقال له شخص هذا يوم القيامة ثم امر به إلى النار فرأى النبي ص وأمير المؤمنين ع ومعهما ثلاثة أشخاص فأعطاه صحيفة الحسنات فإذا ليس فيها الا الايمان وحب أهل البيت ع وأعطاه صحيفة السيئات فإذا هي ملأى من السيئات ثم اخرج النبي ص صحيفة الحسنات فإذا هي مليئة وصحيفة السيئات فإذا هي خالية فامر به إلى الجنة وذكر تفاصيل طويلة منها ان النبي ص قال له كل مما هناك وهو رطب وعنب ولبن فقال يا رسول الله اني أحب العنب واللبن فقال هما مأكول أهل بلادك قال وانتهينا إلى حائط فقالوا هذا ملك الشيخ زين الدين قلت وأين هو قالوا جالس في الموضع الذي أعطاه الله إياه ثم ذكر انه رأى السيد علي الصائغ وسر كل واحد منهما بصاحبه ثم قال: ثم انتبهت وعرقت بقية ليلتي ومن الله تعالى بالعافية ونسأل الله سبحانه ان لا يجعل ما رأيناه في المنام أضغاث أحلام اه‍ ونحن قد اختصرنا من هذا المنام أكثر من ثلثيه وما حواه هذا المنام لو حصل لشخص في اليقظة لا يمكنه ان يحفظه يعيده بهذا الترتيب لا سيما مع هذا الطول المفرط والله أعلم بحقيقة ذلك.

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)