أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-01-2015
3526
التاريخ: 29-01-2015
3261
التاريخ: 27-10-2015
3896
التاريخ: 10-02-2015
3760
|
كانت غزوة الخندق في شوال سنة خمس بعد الهجرة، وتسمى بغزوة الاحزاب ايضاً. لان جيش العدو كان مؤلفاً من قريش وسائر القبائل _ على ما بينها من التنافر والعداء _ ومن الموالي واليهود. وخبرها ان نفراً من اليهود حزّبوا الاحزاب على رسول الله (صلى الله عليه واله)، فتعاونوا مع قريش على استئصاله (صلى الله عليه واله)، فقالت لهم قريش: يا معشر اليهود، انكم اهل الكتاب الاول والعلم بما اصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خيرٌ أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خيرٌ من دينه وأنتم اولى بالحق منه. فأنزل تعالى فيهم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا } [النساء: 51-52]. فخرجت قريش مع مجموعة من القبائل في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تابعهم من كنانة واهل تهامة، واقبلت غطفان ومن تابعهم من اهل نجد، حتى نزلوا بمنطقة الى جانب اُحد.
«فلما سمع بهم رسول الله (صلى الله عليه واله) وبما اجمعوا له من الامر ضرب الخندق على المدينة، وكان الذي اشار على رسول الله (صلى الله عليه واله) بالخندق: سلمان. وكان اول مشهد شهده سلمان مع رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو يومئذٍ حر. وقال: يا رسول الله، إنّا كنا بفارس اذا حصرونا خندقنا علينا» فحفروا الخندق في ستة ايام، وكان النبي (صلى الله عليه واله) يحفر ويحمل التراب بنفسه (صلى الله عليه واله).
وخرج رسول الله (صلى الله عليه واله) مع ثلاثة آلاف من المسلمين، فضرب عسكره هناك. وقام نعيم بن مسعود بدورٍ في التفريق والتحريض بين اليهود وقريش وغطفان على ضوء قوله (صلى الله عليه واله): ان الحرب خدعة.
ولكن نجم المعركة كان الذي قتل عمرو بن عبد ود، ومزق كبرياء المشركين وتعنتهم وهو علي بن ابي طالب (عليه السلام). فقد كان عمرو بن عبد ود فارساً مشهوراً يعدل بألف فارس، ومن ابطال قريش المزهوين المغرورين بقدراته الحربية. و«كان قد قاتل يوم بدر حتى اثبتته الجراحة، ولم يشهد اُحد فلما كان يوم الخندق خرج معلَّماً ليرى مشهده».
ودام حصار جيوش الاحزاب للمسلمين اكثر من عشرين يوماً، فليس فيها قتال إلا الترامي بالنبل والحجارة. وكان الفاصل بين المسلمين والمشركين هو الخندق. وفي الايام الاخيرة استطاع عدة فوارس من قريش اقتحام الخندق من موضع ضيق وهم: عمرو بن عبد ود، وعكرمة بن ابي جهل، ونوفل بن عبد الله بن المغيرة، وهبيرة بن ابي لهب. وكان اشدهم واوقحهم على المسلمين عمرو بن عبد ود. فقد ضرب رمحه في الارض واخذ يجول وهو راكبٌفرسه ويرتجز ويطلب البراز من المسلمين. فقام علي (عليه السلام) وقال: انا له يا نبي الله. فقال (صلى الله عليه واله): اجلس. ثم كرر عمرو النداء وجعل يهزأ بالمسلمين وبجنتهم ونارهم ويقول: اين جنتكم التي تزعمون ان من قُتل منكم دخلها!! فقام علي (عليه السلام) ثانية فأجلسه النبي (صلى الله عليه واله)، ونادى عمرو الثالثة. فقام علي (عليه السلام) فأذن له النبي (صلى الله عليه واله). فتقدم علي (عليه السلام) بعد ان دعا له رسول الله (صلى الله عليه واله). وهو يقول:
لا تعجلن فقد اتا ك مجيب صوتك غير عاجز
ذو نبهة وبصيرة والصدق منجا كل فائزِ
اني لارجو ان اقيم عليك نائحة الجنائز
من ضربة نجلاء يبقى ذكرها عند الهزائز
فقال عمرو لعلي (عليه السلام): من انت؟
قال (عليه السلام): انا علي بن ابي طالب.
قال: ان اباك كان لي صديقاً ونديماً، واني اكره ان اقتلك!
قال علي (عليه السلام): ولكن والله ما اكره ان اقتلك. ثم قال علي (عليه السلام): يا عمرو انك كنت تقول: لا يدعوني احد الى واحدة من ثلاث الا قبلتها.
قال: اجل.
قال (عليه السلام): ادعوك ان تشهد ان لا اله الا الله، وان محمداً رسول الله.
قال: نحّ هذه عني. هات الثانية.
قال (عليه السلام): ترجع الى بلادك، فان يك محمد صادقاً كنت اسعد الناس به، وان يك كاذباً كان الذي تريد.
قال: اذن تتحدث عني نساء قريش اني جبنت، وخذلت قوماً رأسوني عليهم. هات الثالثة.
قال (عليه السلام): البراز!
قال: هذه خصلة ما كنت اظن ان احداً من العرب يروعني بها.
فقال (عليه السلام): كيف اقابلك وانت فارس وانا راجل؟
فاقتحم عن فرسه وعقمه، وسلّ سيفه وكأنه شعلة نار. وبادر بضرب علي (عليه السلام) ضربة اتقاها بالدرقة فقدها السيف وشج رأس علي (عليه السلام). فضربه الامام (عليه السلام) على ساقيه فقطعهما جميعاً، فسقط على الارض. فأخذ علي (عليه السلام) بلحيته واحتز رأسه. وجزع الاعداء لمقتل سيدهم واميرهم، وأصابهم الخوف كما اصاب المسلمين اول الامر قبل مبارزة علي وعمرو. وبذلوا للنبي (صلى الله عليه واله) عشرة آلاف درهم ليعطيهم جثة عمرو، فقال (صلى الله عليه واله): هي لكم، لا نأكل ثمن الموتى.
ثم ارسل الله تعالى على المشركين ريحاً عاتية في ليلة شاتية شديدة البرد، فكفأت قدورهم، وطرحت أخبيتهم، وما ان عتم الليل حتى نادى ابو سفيان بجنوده بالرحيل وقال لهم: يا معشر قريش، ان كنا نقاتل اهل السماء بزعم محمد، فلا طاقة لنا بأهل السماء. وحين علم رسول الله (صلى الله عليه واله) برحيلهم قال: الآن نغزوهم ولا يغزوننا.
وفي رواية اخرى ان رسول الله (صلى الله عليه واله) « البس علياً درعه الفضول وعممه عمامته وقال له: تقدم، فلما ولى قال النبي (صلى الله عليه واله): برز الايمان كله الى الشرك كله. وقال: ربّ لا تذرني فرداً، اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه. فاستقبل علي (عليه السلام) عمراً [ فتبارزا كما اشرنا الى ذلك آنفاً ]... فسمعنا تكبيرة علي (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه واله): قتله علي. وقال (صلى الله عليه واله): ابشر يا علي، لو وزن اليوم عملك بعمل امة محمد لرجح عملك بعملهم، فنـزلت آية: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25]، وروى الخوارزمي قول النبي (صلى الله عليه واله): «لمبارزة علي يوم الخندق افضل من عبادة الثقلين».
وقد وصف الله سبحانه خوف المسلمين من الاحزاب بالقول: {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب: 10]، وقال المنافقون: كان محمد يدعنا كنوز كسرى وقيصر، واحدنا لا يأمن على نفسه ان يذهب الى الغائط. فكان عمل علي (عليه السلام) البطولي نقطة تحول عظيمة في نفسية المسلمين بعد ان زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر من الخوف، وبعد ان شككوا بالله ورسوله (صلى الله عليه واله) وظنوا بهما الظنون.
وكان من دعائه (صلى الله عليه واله) الذي دعا به ربه سبحانه وتعالى يوم الاحزاب: «يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين ويا مجيب المهمومين اكشف غمي وكربي وهمي، فقد ترى حالي وحال اصحابي». وفي هذا الدعاء دلالات واضحة على الوضع النفسي الصعب الذي كان يمر به المسلمون قبل مقتل عمرو بن عبد ود.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|