أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-8-2017
4146
التاريخ: 12-8-2017
2733
التاريخ: 8-8-2017
2790
التاريخ: 3-9-2017
6793
|
ممّا لا شكّ فيه أنّ الإمام الشهيد أبا عبد اللّه (عليه السلام) لم يترك القتلى في حومة الميدان، وإنّما كان يأمر بحملهم إلى الفسطاط الذي يقاتلون دونه، وهذا وإن لم نجده صريحاً في كُلّ واحد من المستشهدين إلاّ أنّ التأمّل فيما يؤثر في الواقعة يقتضيه، وإنّ طبع الحال يستدعيه، ويؤيّده ما في البحار من حمل الحرّ حتّى وضع بين يديّ الحسين، وعند سقوط علي الأكبر أمر الحسين فتيانه أن يحملوه إلى الفسطاط الذي يقاتلون دونه، وقد حمل القاسم بنفسه المقدّسة حتّى وضعه مع ابنه الأكبر، وقتلى حوله من أهل بيته.
هذا لفظ ابن جرير وابن الأثير، ومن البعيد جداً أن يحمل سيّد الشهداء أهل بيته خاصّة إلى الفسطاط ويترك أُولئك الصفوة الأكارم الذين قال فيهم: " لا أعلم أصحاباً أولى ولا خيراً من أصحابي "، ففضّلهم على كُلِّ أحد حتّى على أصحاب جدّه وأبيه، وإن كُلّ أحد لا يرضى من نفسه هذه الفعلة، فكيف بذلك السيّد الكريم الذي علّم الناس الشمّم والإباء والغيرة؟!
على أنّ الفاضل القزويني يحكي في تظلّم الزهراء (عليها السلام) ص118 عن غيّبة النعماني: أنّ أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: " كان الحسين يضع قتلاه بعضهم مع بعض، ويقول: قتلة مثل قتلة النبيّين وآل النبيّين " .
نعم، ممّا لا شكّ فيه أنّه (عليه السلام) ترك أخاه العبّاس في محلّ سقوطه قريباً من المسنّاة، لا لما يمضي في بعض الكتب من كثرة الجروح وتقطع الأوصال، فلم يقدر على حمله، لأنّ في وسع الإمام أن يحرّك ذلك الشلو المبضع إلى حيث أراد ومتى شاء.
وإلاّ لِما قيل: من أنّ العبّاس أقسم عليه بجدّه الرسول أن يتركه في مكانه ; لأنّه وعد سكينة بالماء ويستحي منها ; لعدم الشاهد الواضح على كُلِّ منهما.
بل إنّما تركه لسرّ دقيق، ونكتة لا تخفى على المتأمّل ومن له ذوق سليم، ولولاه لم يعجز الإمام عن حمله مهما يكن الحال، وقد كشفت الأيام عن ذلك السرّ المصون وهو: أن يكون له مشهد يقصد بالحوائج والزيارات، وبقعة يزدلف إليها الناس، وتتزلّف إلى المولى سبحانه تحت قبته التي تحك السماء رفعة وسناء، فتظهر هنالك الكرامات الباهرة، وتعرف الأُمة مكانته السامية ومنزلته عند اللّه، فتقدّره حقّ قدره، وتؤدّي ما وجب عليهم من الحبّ المتأكّد، والزورة المتواصلة، ويكون (عليه السلام) حلقة الوصل بينهم وبين اللّه تعالى، وسبب الزلفى لديه.
فشاء المهيمن تعالى شأنه وشاء وليه وحجّته أن تكون منزلة أبي الفضل الظاهرية شبيهة بالمنزلة المعنوية الآخروية، فكان كما شاءا وأحبا.
ولو حمله سيّد الشهداء إلى حيث مجتمع الشهداء في الحائر الأقدس لغمره فضل الإمام الحجّة (عليه السلام)، ولم تظهر له هذه المنزلة التي ضاهت منزلة الحجّج الطاهرين، خصوصاً بعد ما أكّد ذلك الإمام الصادق (عليه السلام) بإفراد زيارة مختصّة به، وإذناً بالدخول إلى حرمه الأطهر، كما شرع ذلك لأئمة الهدى غير ما يزار به جميع الشهداء بلفظ واحد، وليس هو إلاّ لمزايا اختصّت به.
وقد أرشدتنا آثار أهل البيت (عليهم السلام) على هذا الموضع من مرقده الطيّب، ففي كامل الزيارة لابن قولويه ص256 بسند صحيح عن أبي حمزة الثمالي عن الصادق (عليه السلام) قال: " إذا أردت زيارة العبّاس بن علي وهو على شطّ الفرات بحذاء الحير، فقف على باب السقيفة وقل: سلام اللّه وسلام ملائكته... ".
وحكى المجلسي أعلى اللّه مقامه في مزار البحار عن الشيخ المفيد وابن المشهدي زيارة أُخرى له في هذا المشهد، الذي أشار إليه الصادق برواية، غير مقيّدة بوقت من الأوقات.
وهكذا حكي عن المفيد والشهيد والسيّد ابن طاووس في زيارة النصف من رجب، وليلة القدر، ويومي العيدين، ومثله العلاّمة النوري في تحيّة الزائر.
وعبارة المفيد في الإرشاد صريحة فيما نصّت به رواية أبي حمزة الثمالي، فإنّه قال عند ذكر من قتل من آل الحسين: " وكلّهم مدفونون ممّا يلي رجلي الحسين (عليه السلام) في مشهده، حفر لهم حفيرة وأُلقوا فيها جميعاً.. إلاّ العبّاس بن علي رضوان اللّه عليه، فإنّه دفن في موضع مقتله على المسنّاة بطريق الغاضرية، وقبره ظاهر، وليس لقبور أخوته وأهله الذين سمّيناهم أثر، وإنّما يزورهم الزائر من عند قبر الحسين، ويومئ إلى الأرض التي نحو رجليه بالسلام، وعلي ابن الحسين في جملتهم، ويقال: إنّه أقربهم دفناً إلى الحسين (عليه السلام).
فأمّا أصحاب الحسين الذين قُتلوا معه، فإنّهم دفنوا حوله، ولسنا نحصل لهم أجداثاً على التحقيق، إلاّ أنا لا نشكّ أنّ الحائر محيط بهم.. " .
وعلى هذا مشى العلماء المحقّقون والمنقّبون في الآثار من كون مشهده بحذاء الحائر الشريف، قريباً من شطّ الفرات، نصّ عليه الطبرسي في إعلام الورى ص147، والسيّد الجزائري في الأنوار النعمانية ص344، والشيخ الطريحي في المنتخب، والسيّد الداودي في عمدة الطالب ص349، وحكاه في رياض الأحزان ص39 عن كامل السقيفة .
وهو الظاهر من ابن إدريس في السرائر، والعلاّمة في المنتهى، والشهيد الأوّل في مزار الدروس، والأردبيلي في شرح الإرشاد، والسبزواري في الذخيرة، والشيخ آغا رضا في مصباح الفقيه، فإنّهم نقلوا كلام المفيد ساكتين عليه .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|