أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-9-2017
1239
التاريخ: 14-9-2017
2978
التاريخ: 19-8-2017
1312
التاريخ: 5-9-2017
1380
|
الخليل بن أحمد بن عمر بن تميم أبو عبد الرحمن وقيل أبو الصفا الفراهيدي ويقال الفرهودي اليحمدي العتكي الأزدي ويقال الباهلي البصري النحوي العروضي ولد بالبصرة سنة 100 قاله ابن خلكان وعن خط الذهبي 105 وتوفي سنة 160 قاله ابن الأثير وفي مرآة الجنان توفي سنة 170 وقيل 175 وقيل 160 وقيل 130 وغلط هذا الأخير وممن نقله ابن الجوزي والواقدي.
وقال ابن خلكان قيل إنه عاش 74 سنة.
والفراهيدي بالدال المهملة في كل ما عثرنا عليه وشذ صاحب لب اللباب فيما حكي عنه في هامش اللباب نسبة إلى فراهيد بطن من الأزد في معجم الأدباء هو فراهيد بن مالك بن فهم بن عبد الله بن مالك بن مضر الأزدي اه. وعن الأصمعي سالت الخليل بن أحمد ممن هو فقال من أزد عمان من فراهيد قلت وما فراهيد قال جرو الأسد بلغة عمان اه وفي القاموس الفرهود أبو بطن منهم الخليل بن أحمد وهو فرهودي وفراهيدي اه وفي بغية الوعاة الفرهود واحد الفراهيد وفي الرياض عن ابن دريد الفرهود ولد السبع ويقال الغلام الغليظ واليحمدي نسبة إلى يحمد في القاموس كيشفع ويعلم مضارع أعلم أبو قبيلة وفي الرياض يحمد بطن من الأزد والعتكي نسبة إلى العتيك في القاموس كأمير فخذ من الأزد في ذيل المذيل الخليل بن أحمد الفراهيدي من العتيك عن هشام بن محمد اه.
أبوه :
في الشذرات يقال ابن أباه أول من سمي احمد بعد النبي ص. وفي الروضات عن المبرد فتش المفتشون فما وجدوا بعد نبينا ص من اسمه احمد قبل أبي الخليل اه فإذا لا يوجد من اسمه الخليل بن أحمد قبله.
أقوال العلماء فيه :
في الخلاصة الخليل بن أحمد أفضل الناس في الأدب وقوله حجة فيه واخترع علم العروض وفضله أشهر من أن يذكر وكان امامي المذهب وعن ابن إدريس في مستطرفات السرائر انه عده من كبراء أصحابنا الا انه سماه الخليل بن إبراهيم بن أحمد العروضي.
وفي رياض العلماء: كان الخليل على ما قاله الأصحاب من أصحاب الصادق ويروي عنه والخليل جليل القدر عظيم الشأن أفضل الناس في علم الأدب وكان امامي المذهب وكان في عصر مولانا الصادق بل الباقر ع وكان إماما في علم النحو واللغة وسيجئ في ترجمة أبي الأسود الدئلي عن شرح اللباب القول بان الخليل بن أحمد هو أول من استنبط علم النحو لكنه محل نظر وكان الخليل رجلا صالحا عالما حليما وقورا حسن الكلام وقال الشيخ البهائي في حواشي الخلاصة انه كان من أصحاب الصادق ع وقال الكفعمي من علمائنا ان الخليل كان من أزهد الناس وأرفعهم نفسا وكان الملوك يقصدونه ويبذلون له فلا يقبل وكان يحج سنة ويغزو سنة حتى جاءه الموت اه.
الرياض وذكره الجزري في طبقات القراء فقال: الامام المشهور روى الحروف عن عاصم بن أبي النجود وعبد الله بن كثير وهو من المقلين عنهما وهو الذي روى عن ابن كثير غير المغضوب بالنصب تفرد بذلك عنه روى عنه الحروف بكار بن عبد الله العودي اه.
وقال ابن الأثير في حوادث سنة 160 فيها مات الامام النحوي المشهور الخليل بن أحمد وفي مسودة الكتاب ولا اعلم الآن من أين نقلته هو واضع أول ديوان جامع للغة العرب وهو كتاب العين على نهج من الترتيب لم يسبق إليه ولم يشاركه أحد من أبناء عصره فيه اه.
وفي تهذيب التهذيب عن حماد بن زيد كان الخليل يرى رأي الأباضية حتى من الله عليه بمجالسة أيوب السختياني وعن النضر بن شميل ما رأيت أحدا يطلب إليه ما عنده أشد تواضعا منه وكان من الزهاد في الدنيا المنقطعين إلى العلم وقصته مع سليمان أمير البصرة أو السند مشهورة وهي انه ارسل إليه يستدعيه لتأديب ولده فاخرج خبزا يابسا وقال ما دام هذا عندي لا حاجة لي فيه وكان يقول من الشعر البيتين والثلاثة وقال إبراهيم الحزمي كان أهل البصرة يعني أهل العربية منهم أصحاب الأهواء الا أربعة فإنهم كانوا أصحاب سنة وعد منهم الخليل بن أحمد وقال ابن حبان في كتاب الثقات كان من خيار عباد الله المتقشفين في العبادة قال العباس بن يزيد النجراني ثنا أمية بن خالد ولم يكن بالبصرة أوثق منه الا الخليل بن أحمد وقيل لسيبويه هل رأيت مع الخليل كتبا يملي عليك منها قال لم أجد معه كتبا الا عشرين رطلا بخط دقيق. ما سمعته من لغات العرب وما سمعته من النحو فاملاء من قلبه اه تهذيب التهذيب.
وفي معجم الأدباء: سيد الأدباء في علمه وزهده قال السيرافي: كان الغاية في تصحيح القياس في النحو واستخراج مسائل النحو وتعليله وقال ياقوت هو أول من استخرج العروض وضبط اللغة وحصر أشعار العرب يقال انه دعا بمكة ان يرزقه الله تعالى علما لما يسبق به فرجع وفتح عليه بالعروض وكانت له معرفة بالايقاع وهو الذي أحدث له علم العروض وكان يقول الشعر فينظم البيتين والثلاثة ونحوها وكان سفيان الثوري يقول من أحب ان ينظر إلى رجل خلق من الذهب والمسك فلينظر إلى الخليل بن أحمد ويروى عن النضر بن شميل انه قال: كنا نمثل بين ابن عون والخليل بن أحمد أيهما تقدم في الزهد والعبادة فلا ندري أيهما تقدم وكان يقول ما رأيت رجلا اعلم بالسنة بعد ابن عون من الخليل بن أحمد وكان يقول أكلت الدنيا بعلم الخليل بن أحمد وكتبه وهو في خص لا يشعر به وكان يحج سنة ويغزو سنة وكان من الزهاد المنقطعين إلى الله تعالى وكان يقول إن لم تكن هذه الطائفة أي الزهاد أولياء الله فليس لله ولي اه.
وفي شذرات الذهب في حوادث سنة 170 فيها مات امام اللغة والعروض والنحو الخليل بن أحمد الفراهيدي وقيل سنة 175 وهو الذي استنبط علم العروض وحصر أقسامه في خمس دوائر واستخرج منها خمسة عشر بحرا وزاد فيها الأخفش بحرا اسماه الخبب وهو في اختراعه بديهة كاختراع أرسطاطاليس علم المنطق ومن تأسيس بناء كتاب العين الذي يحصر لغة أمة من الأمم وهو أول من جمع حروف المعجم في بيت واحد فقال:
صف خلق خود كمثل الشمس إذ بزغت * يحظى الضجيع بها نجلاء معطار
وكان مع ذلك صالحا قانعا قال النضر أقام في خص بالبصرة لا يقدر على فلس وعلمه قد انتشر وكسب به أصحابه الأموال وكان من الزهد في طبقة لا تدرك حتى قيل إن بعض الملوك طلبه ليؤدب له أولاده فاتاه الرسول وبين يديه كسر يابسة يأكلها فقال قل لمرسلك ما دام يلقى مثل هذه لا حاجة به إليك ولم يأت الملك. وقال الواحدي في تفسيره الاجماع منعقد على أنه لم يكن أحد اعلم بالنحو من الخليل.
وفي العبر الخليل بن أحمد الأزدي البصري أبو عبد الرحمن صاحب العربية والعروض كان إماما كبير القدر خيرا متواضعا فيه زهد وتقشف وفي لفظ آخر ذا زهد وعفاف اه الشذرات. وفي الرياض عن هامش جمهرة ابن دريد قال ولعله من الأصل قال أبو داود المصاحفي سمعت النضر بن شميل يقول: ما رأى الراؤون مثل الخليل ولا رأى الخليل مثل نفسه وفي الرياض عن الأزهري استخرج الخليل من العروض واستنبط من النحو ومن علله ما لم يستخرج أحد ولم يسبقه إلى علمه سابق من العلماء كلهم اه. وبلغ من زهده ما حكاه النضر قال كان الخليل أشعث الرأس شاحب اللون شعث الهيئة منخرق الثياب منقطع القدمين مغمورا في الناس لا يعرف اه وما ضره ذلك وقد بقي ذكره أبد الدهر زاهيا زاهرا أضوع من المسك وأنور من النيرين وفي مرآة الجنان في حوادث سنة 170 فيها توفي امام اللغة والعروض والنحو الخليل بن أحمد وهو الذي استنبط علم العروض قال حمزة بن الحسن الأصفهاني في كتابه التنبيه على حدوث التصحيف ان دولة الاسلام لم تخرج أبدع للعلوم التي لم يكن لها عند علماء العرب أصول من الخليل. وليس على ذلك برهان أوضح من علم العروض الذي لا عن حكيم اخذه ولا على مثال تقدمه احتذاه وانما اخترعه من ممر له بالصفارين من وقع مطرقة على طست ليس فيها حجة ولا بيان يؤديان إلى غير حليتهما أو يفسران غير جوهرهما فلو كانت أيامه قديمة ورسومه بعيدة لشك فيه بعض الأمم لصنعته ما لم يصنعه أحد منذ خلق الله الدنيا من اختراعه العلم الذي قدمت ذكره ومن تأسيسه بناء كتاب العين الذي يحصر لغة أمة من الأمم قاطبة ثم من امداده سيبويه من علم النحو بما صنف منه كتابه الذي هو زينة لدولة الاسلام اه وفي مرآة الجنان وقيل هو في اختراعه علم المنطق الذي هو ميزان المعالي وصحة البرهان اه وتشبيه العروض بالمنطق مناسب جدا فالعروض لا يحتاجه معتدل السليقة بل يمكنه معرفة الوزن الصحيح من الفاسد بفهمه وسليقته كما كانت تعرفه العرب وان كانت العرب قد تخرج عن ذلك كما قالوا في:
اشدد حيازيمك للموت * فان الموت لاقيكا
ولا تجزع من الموت * إذا حل بناديكا
فجعلوا اشدد زائدة ووزن البيت حيازيمك للموت كما انها قد تخالف قواعد النحو فيسمون ذلك ضرورة أو شذوذا وفي الشعر اقواء كذلك المنطق الذي انما يعصم عن الخطأ في صورة الاشكال لا في مادتها يمكن الاستغناء عنه لذي الفطنة القوية وتعصم مراعاته عن الخطأ الذي قد يقع أحيانا.
وفي مرآة الجنان عن بعض المؤرخين: كان الخليل رجلا صالحا عاقلا حليما وقورا.
وقال ابن شهرآشوب في المناقب: من دار علي ع خرج العروض روي أن الخليل بن أحمد أخذ رسم العروض من رجل من أصحاب محمد بن علي الباقر أو علي بن الحسين ع فوضع لذلك أصولا اه .
وفي كتاب الفلاكة والمفلوكين كان الخليل إماما في علم النحو وهو الذي استنبط العروض وعنه أخذ سيبويه وغيره كان متقللا من الدنيا صبورا على العيش الخشن الضيق وكان يقول لا يجاوز همي ما وراء بأبي وفي مروج الذهب عند ذكره خلافة الراضي أن عمرو بن بحر الجاحظ ذكر في كتابه في تفصيل صنعة الكلام وهي الرسالة المعروفة بالهاشمية أن الخليل بن أحمد من اجل احسانه في النحو والعروض وضع كتابا في الايقاع وتراكيب وهو لم يعالج وترا قط ولا مس بيده قضيبا قط ولا كثرت مشاهدته للمغنين وكتب كتابا في الكلام ولو جهد كل بليغ في الأرض أن يتعمد ذلك الخطأ والتعقيد لما وقع له ولو أن محرورا استغرق قوى مرته في الهذيان لما تهيا له مثل ذلك منه ولا يتأتى مثل ذلك لاحد الا بخذلان الله الذي لا يقي منه شئ ولولا أن أسخف الكتاب وأهجر الرسالة وأخرجها من حد الجد إلى الهزل حكيت صدر كتابه في التوحيد وبعض ما وصفه في العدل ولم يرض بذلك حتى عمد إلى الشطرنج فزاده في الدولاب حملا فلعبت به أناس من حاشية الشطرنجيين ثم رموا به اه وقد شهد له الجاحظ بأنه وان ألف في الايقاع وتراكيب الأصوات لم يباشر شيئا من ذلك بل كان تأليفه من باب العلم بالسحر وعدم العمل به لكن ذم تأليفه في الكلام وبالغ في ذلك ولسنا ندري مبلغ الصحة في هذا الذم لأننا لم نر الكتاب الا أننا نعلم أن الجاحظ بقوة بيانه إذا ذم شيئا أو مدحه يصوره بخلاف ما هو عليه في الواقع وأنه إذا تعصب لأمر أخرجه عن صفته تهجينا ومدحا واستنبط الأساليب في ذلك فلسنا نطمئن إلى صحة قوله وفي بغية الوعاة كان آية في الذكاء وكان الناس يقولون لم يكن في العرب بعد الصحابة أذكى منه ثم ذكر حكاية الدواء لظلمة العين. وفي محاضرات الراغب قيل أربعة لم يدرك مثلهم في الاسلام في فنونهم وعد منهم الخليل بن أحمد.
وفي بعض المجلات المصرية: كان الخليل آية من الآيات في الذكاء ودقة التصور وتوقد الفطنة وصدق الحدس وسعة الحافظة وقوة الذاكرة ورجاحة العقل حتى كانوا يقولون: لا يجوز على الصراط أحد بعد الأنبياء أدق ذهنا من الخليل ولا حاجة بنا إلى برهان أنصع من هذه المبتكرات التي أخرجها للناس من العروض والموسيقي وكتاب العين والشكل كما يأتي وقد نقل عنه أهل العلم حكايات من هذا الشأن تتجاوز حد التصديق لولا ثقة رواتها وتكاثر نقلتها من ذلك أنه جاءته رسالة غربية مكتوبة بالحرف السرياني فقرأها وهو لا يعرف شيئا عن الحرف السرياني ولكنه استعان بما عرف انها تصدر عادة بالبسملة والحمدلة ونحوهما. وهذه الحكاية نقلها صاحب الروضات عن محاضرات الراغب وانه جاءته رسالة من بعض اليونانيين بلسانهم فخلا بها شهرا حتى فهمها فقيل له في ذلك فقال علمت أنه لا بد ان يفتتح الكتاب باسم الله فبنيت على ذلك وقسمت عليه.
مخترعاته ومبتكراته :
ابتكر الخليل واخترع في العلم أمورا لم يسبقه إليها أحد وتبعه فيها كل من تأخر عنه حتى اليوم وبعد اليوم :
1- العروض.
2- الموسيقي.
3- ضبط لغة العرب كلها بكتاب .
4- الشكل وهذه قد وفق فيها وحاول أمرا خامسا وهو اختراع قاعدة في الحساب تسهل على كل أحد فحالت المنية بينه وبين ذلك. في بغية الوعاة: سبب موته انه قال أريد أن أعمل نوعا من الحساب تمضي به الجارية إلى الفامي (1) فلا يمكنه ان يظلمها فدخل المسجد وهو يعمل فكره فصدمته سارية وهو غافل فانصدع ومات.
العروض :
هو من مبتكرات الخليل ولو لم يكن له من المبدعات الا هذا العلم لكفاه منقية فإنه أبدع في تنسيق قواعده وضبط أبوابه كما بهر الألباب باختراعه فقد حصر أقسامه في خمس دوائر يستخرج منها خمسة عشر بحرا على كيفية أدهشت الفطن وحيرت الأفئدة ونحن نعلم أن كل مبتكر يعتريه في بادئ الامر الاضطراب ويعتوره النقص حتى يتم عمله من بعده سنة الله في خلقه ولكنا رأينا علم الخليل بلغ الرشد يوم ولادته فلم يستدرك عليه من جاء بعده بابا أهمله أو قاعدة أخل بها أو فصلا ذهل عنه الا ما كان من أمر البحر الذي زاده تلميذه الأخفش وسماه الخبب ولا يعسر رد هذا البحر إلى واحد من بحور الخليل سؤال الأخفش له عن أسماء بحور العروض في الشذرات سأله الأخفش عن بحور العروض لم سميتها بأسمائها فقال الطويل لأنه تمت اجزاؤه والبسيط لأنه انبسط على حد الطويل والمديد لتمدد سباعيه حول خماسيه والكامل لكمال اجزائه السباعية ليس فيه غيرها والوافر لوفور أجزائه لان فيه ثلاثين حركة لا تجتمع في غيره والرجز لاضطرابه كاضطراب قوائم الناقة الرجزاء والرمل لأنه يشبه رمل الحصير يضم بعضه إلى بعض والهزج لأنه يضطرب يتصرف شبه هزج الصوت والسريع لسرعته على اللسان والمنسرح لانسراحه وسهولته والخفيف لأنه أخف السباعيات والمقتضب لأنه اقتضب من الشعر لقلته والمضارع لأنه ضارع المقتضب والمجتث لأنه اجتث أي قطع من طول دائرته والمتقارب لتقارب اجزائه وأنها خماسية كلها يشبه بعضها بعضا اه وسمي الذي زاده الأخفش الخبب لأنه يشبه خبب الناقة في السير وسميت هذه الأبحر بهذه الأسماء إلى اليوم والى آخر الدهر.
الموسيقي :
لم يكن الخليل يميل إلى اللهو والقصف وينافي ذلك زهده وورعه وعبادته ولكنا رأيناه ألف كتابا في الموسيقي جمع فيه أصناف النغم وحصر أنواع اللحون وحدد ذلك كله ولخصه وذكر مبالغ أقسامه ونهايات اعداده فصار الكتاب آية في بابه ولما وضع إسحاق بن إبراهيم الموصلي كتابه في النغم واللحون عرضه على إبراهيم بن المهدي فقال له أحسنت فقال إسحاق بل أحسن الخليل لأنه جعل لي السبيل إلى الاحسان فقال بعض أهل العلم ان مهارة الخليل في علم الألحان هي التي اعانته على علم العروض.
الشكل :
كان الخط في صدر الاسلام خلوا من الشكل والاعجام فوضع أبو الأسود الدؤلي المتوفي سنة 69 هـ علامات للحركات الثلاث فجعل علامة الفتحة نقطة فوق الحرف والكسرة تحته والضمة بين يديه وجعل التنوين نقطتين كل ذلك بمداد يخالف مداد الحرف وهكذا وجدناه في المصحف المنسوب إلى خط مولانا أمير المؤمنين ع في المكتبة الرضوية فلما وضع نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر بأمر من الحجاج نقط الاعجام اضطرب الامر واشتبه الاعجام بالشكل فتصدى الخليل لإزالة هذا اللبس فوضع الشكل على الطريقة المعروفة اليوم وبقي ذلك على مقاييس مضبوطة وعلل دقيقة بان جعل للفتحة ألفا صغيرة مضطجعة فوق الحرف وللكسرة رأس ياء صغيرة تحته وللضمة واوا صغيرة فوقه فان كان الحرف المحرك منونا كرر الحرف الصغير فكتب مرتين فوق الحرف أو تحته ذلك لان الفتحة جزء من الألف والكسرة جزء من الياء والضمة جزء من الواو ووضع للتشديد رأس شين بغير نقط ووضع للسكون دائرة صغيرة وهي الصفر من الأرقام العربية القديمة وذلك لان الحرف الساكن خلو من الحركة ووضع للهمزة رأس عين ء لقرب الهمزة من العين في المخرج ووضع لألف الوصل رأس صاد ص توضع فوق الألف الوصل مهما كانت الحركة فيها وللمد الواجب ميما صغيرة مع جزء من الدال هكذا آ فكان مجموع ما تم له وضعه ثماني علامات الفتحة والكسرة والضمة والسكون والشدة والهمزة والصلة والمدة كلها حروف صغيرة أو ابعاض حروف بينها وبين ما دلت عليه أجلى مناسبة بخلاف علامات أبي الأسود واتباعه فإنها مجرد اصطلاح لم يبن على مناسبة بين الدال والمدلول وألف الخليل في هذا الموضوع كتابا نفيسا فلم يزد أحد على طريقته هذه شيئا ولا أصلح منها رأيا فكأنه به ابتدأها وبه ختمت. اما كتاب العين الذي ضبط به لغة العرب فيأتي الكلام عليه مفصلا عند ذكر مؤلفاته.
أخباره طاف الخليل على قبائل العرب كقيس وتميم وأسد وغيرهم وشافههم وأخذ منهم وفي الروضات: قال أبو عبيدة ضاقت المعيشة على الخليل بالبصرة فخرج يريد خراسان فشيعه من أهل البصرة ثلاثة آلاف رجل ما فيهم الا محدث أو نحوي أو لغوي أو أخباري فلما صار بالمربد قال يا أهل البصرة يعز علي فراقكم والله لو وجدت كل يوم كيلجة باقلا ما فارقتكم فلم يكن فيهم من يتكلف له ذلك فسار إلى خراسان فأفاد بها أموالا وفي معجم الأدباء: روي أنه كان يقطع بيتا من الشعر فدخل عليه ولده في تلك الحالة فخرج إلى الناس وقال إن أبي قد جن فأخبروه بما قال ابنه فقال له:
لو كنت تعلم ما أقول عذرتني * أو كنت أجهل ما تقول عذلتكا
لكن جهلت مقالتي فعذلتني * وعلمت انك جاهل فعذرتكا
أقول ونظيره ما يحكى عن ابن النحاس النحوي انه كان جالسا على شاطئ النيل يقطع بيتا من الشعر فرآه رجل فقال هذا يريد ان يسحر النيل لئلا يزيد فاجتمع عليه العامة فقتلوه. وجاءت امرأة إلى بقال فسمعته يقطع بيتا ويقول فاعلاتن فاعلاتن فقالت له أمك الفاعلة.
قال ياقوت ووجه إليه سليمان بن علي والي الأهواز لتأديب ولده فاخرج الخليل لرسول سليمان خبزا يابسا وقال ما دمت أجده فلا حاجة لي إلى سليمان فقال الرسول فما أبلغه عنك فقال:
أبلغ سليمان اني عنه في سعة * وفي غنى غير اني لست ذا مال
شحا بنفسي اني لا أرى أحدا * يموت هزلا ولا يبقى على حال
فالرزق عن قدر لا العجز ينقصه * ولا يزيدك فيه حول محتال
والفقر في النفس لا في المال تعرفه * ومثل ذاك الغنى في النفس لا المال
وفي مرآة الجنان الذي كتب إليه هو سليمان بن حبيب بن المهلب وكان في ولايته ارض فارس والأهواز وفي كتاب الفلاكة والمفلوكين كان له راتب على سليمان بن حبيب بن المهلب بن صفرة الأزدي وكان والي فارس والأهواز فكتب إليه يستدعيه فكتب الخليل جوابه: أبلغ سليمان اني عنه في سعة الأبيات فقطع سليمان عنه الراتب فأنشد بيتين في ذلك أقول هما قوله:
ان الذي شق فمي كافل * للرزق حتى يتوفاني
حرمتني مالا قليلا فما * زادك في مالك حرماني
فبلغت سليمان فكتب إليه يعتذر واضعف له الراتب فقال الخليل:
وزلة يكثر الشيطان ان ذكرت * منها التعجب جاءت من سليمانا
لا تعجبن لخير زل عن يده * فالكوكب النحس يسقي الأرض أحيانا
وروي انه اجتمع الخليل بن أحمد وعبد الله بن المقفع ليلة يتحدثان إلى الغداة فقيل للخليل كيف رأيت ابن المقفع فقال رأيت رجلا علمه أكثر من عقله وقيل لابن المقفع كيف رأيت الخليل قال رأيت رجلا عقله أكثر من علمه وقد صدقا في ذلك فعقل الخليل أدى به إلى الزهد في الدنيا وعقل ابن المقفع أدى به إلى طلب الدنيا حتى قتل في سبيل طلبها وقال ابن أبي الحديد قيل للأصمعي أيما كان أعظم ذكاء وفطنة الخليل أم ابن المقفع فقال كان ابن المقفع أفصح واحكم والخليل آدب واعقل ثم قال شتان ما بين فطنة أدت بصاحبها إلى القتل وفطنة أفضت بصاحبها إلى النسك والزهد في الدنيا اه وكان ابن المقفع كتب كتاب عهد عن لسان المنصور أغضبه وكان يسخر بأمير البصرة فقتله الأمير وتغاضى المنصور عنه فذهب دمه هدرا.
وفي شذرات الذهب قال تلميذه النضر بن شميل جاءه رجل من أصحاب يونس يسأله عن مسالة فاطرق الخليل يفكر وأطال حتى انصرف الرجل فعاتبناه فقال ما كنتم قائلين فيها قلنا كذا وكذا قال فان قال كذا وكذا قلنا نقول كذا وكذا فلم يزل يغوص حتى انقطعنا وجلسنا نفكر فقال إن العاقل يفكر قبل الجواب وقبيح ان يفكر بعده وقال ما أجيب بجواب حتى اعرف ما علي فيه من الاعتراضات والمؤاخذات وقرأ عليه رجل في العروض فلم يفهم فقال له الخليل قطع هذا البيت:
إذا لم تستطع شيئا فدعه * وجاوزه إلى ما تستطيع
قال الخليل فشرع الرجل في تقطيعه على مبلغ علمه ثم قام فلم يرجع إلي فعجبت من فطنته لما قصدته في البيت مع بعد فهمه ولكن في الروضات ان ذلك الرجل هو يونس بن حبيب النحوي اه ويبعد أن يكون يونس في علمه وفضله يقع منه ذلك. وقيل لما دخل البصرة لمناظرة أبي عمرو بن العلاء جلس إليه ولم يتكلم بشئ فسئل عن ذلك فقال هو رئيس منذ خمسين سنة فخفت ان ينقطع فيفتضح في البلد اه الشذرات أقول أبو عمرو بن العلاء شيخه فكيف يجتمع ذلك مع مجيئه لمناظرته وقوله هذا القول. وفي خاص الخاص قال ابن المبارك كنت أماشي الخليل فانقطع شسع نعلي فخلعتها وطفقت أمشي فخلع الخليل أيضا نعليه فقلت بأبي أنت يا أبا عبد الرحمن لم خلعتهما فقال لأساعدك على الحفاء. وفي الرياض يحكى عن الخليل أنه كان ينشد كثيرا هذا البيت وهو للأخطل:
وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد * ذخرا يكون كصالح الأعمال
وفي مرآة الجنان: من براعة ذكائه ما ذكر في كتاب المقتبس أنه كان رجل يعطي دواء لظلمة العين ينتفع به الناس فمات ولا يعرف ذلك الدواء غيره فذكر ذلك للخليل فقال هل له نسخة فقالوا لا فقال هل كان له اناء يعمل الدواء فيه قالوا نعم فاتى به فجعل يتشممه ويخرج نوعا نوعا حتى ذكر خمسة عشر نوعا ثم سئل عن جمعها ومقدارها فعرف ذلك فعمله وأعطاه الناس فشفوا به ثم وجدت نسخته والاخلاط المذكورة فيها ستة عشر لم يغفل الا واحد.
وفي الرياض: نقل انه دخل رجل على الخليل بن أحمد ومعه ولده فقال أريد أن تعلم ابني هذا النحو والنجوم والطب والفرائض والحمار بالباب فقال الرفع للفاعل في الأسماء والثريا في الشتاء على وسط السماء والسقمونيا مسهل للصفراء وإذا مات رجل وله ابنان فالمال بينهما على السواء ثم قال قوله أريد ان تعلم ابني إلى قوله بالباب مثل مشهور بين العجم ولكنه ينسب إلى بعض القرويين وله قصة مشهورة اه. وعن كشف الغمة عن محمد بن سلام الجمحي عن يونس بن حبيب النحوي تلميذ الخليل (2) قلت له أريد ان أسألك عن مسالة فتكتمها علي قال قولك يدل على أن الجواب أغلظ من السؤال فتكتمه أيضا قلت نعم، أيام حياتك، قال سل قلت ما بال أصحاب النبي ص كأنهم كلهم بنو أب واحد وأم واحدة وعلي من بينهم كأنه ابن علة (3) قال من أين لي الجواب قلت قد وعدتنيه قال وقد ضمنت لي الكتمان قلت: أيام حياتك قال إن عليا تقدمهم اسلاما وفاقهم علما وبذهم شرفا ورجح عليهم زهدا وطالهم جهادا والناس إلى أشكالهم وأشباههم أميل منهم إلى من بان عنهم وعن الصدوق في أماليه عن أبي زيد النحوي الأنصاري سالت الخليل بن أحمد لم ترك الناس عليا وقربه من رسول الله ص قربه وموضعه من المسلمين موضعه وغناؤه في الاسلام غناؤه فقال بهر والله نوره أنوارهم وغلبهم على صفو كل منهل والناس إلى أشكالهم أميل أما سمعت قول الأول:
وكل شكل لشكله آلف * أما ترى الفيل يألف الفيلا قال
وأنشدنا الرياشي في معناه للعباس بن الأحنف:
وقائل كيف تهاجرتما * فقلت قولا فيه انصاف
لم يك من شكلي فهاجرته * والناس أشكال وآلاف
مشايخه :
في معجم البلدان أخذ عن أبي عمرو بن العلاء وروى عن أيوب السختياني وعاصم الأحول وغيرهما وزاد في تهذيب التهذيب عن عثمان بن حاضر والعوام بن حوشب وغالب القطان وفي الرياض قرأ الخليل على عيسى بن عمر الثقفي وأبي عمرو وهو عن عبد الله بن إسحاق الحضرمي عن أبي عبد الله ميمون الأقرن عن عنبسة الفيل وهو عن أبي الأسود الدئلي عن علي ع لكن قال ابن شهرآشوب في المناقب ان الخليل يروي علم النحو عن عيسى بن عمرو الثقفي عن عبد الله بن إسحاق الحضرمي عن أبي عمرو بن العلاء عن ميمون الأقرن عن عنبسة الفيل عن أبي الأسود الدئلي عن علي ع.
تلاميذه :
قال ياقوت واخذ عنه الأصمعي وسيبويه والنضر بن شميل وأبو فيد مؤرخ السدوسي وعلي بن نصر الجهضمي وغيرهم وزاد في تهذيب التهذيب حماد بن زيد وأيوب بن المتوكل وسيبويه وهارون بن موسى النحوي ووهب بن جرير بن حازم وداود وهذاب ابنا المحبر وغيرهم وفي بغية الوعاة من تلاميذه عيينة بن عبد الرحمن المهلبي وفيه عن السيرافي: هو أستاذ سيبويه وعامة الحكاية في كتابه عنه وكلما قال سيبويه وسألته أو قال من غير أن يذكر قائله فهو الخليل وفي كتاب الفلاكة والمفلوكين كان إذا قدم عليه سيبويه يقول مرحبا بزائر لا يمل.
ذريته :
في الرياض سماعي انه كان من أولاده الآقا أشرف الحكيم مجد السلطان بأصبهان وان كتاب العين موجود الآن عندهم وقد أخذ والدهم ذلك الكتاب من مدرسة أشرف في بلاد مازندران.
مؤلفاته :
1- زبدة العروض منها نسخة في مكتبة المدرسة الفاضلية في إيران وفي معجم الأدباء له كتاب العروض.
2- كتاب العين ويأتي الكلام عليه وقال النجاشي في ترجمة أبي الحسن علي بن محمد العدوي السميساطي أنه عمل كتاب العين للخليل بن أحمد فذكر المستعمل وألغى المهمل والشواهد والتكرار وزاد على ما في الكتاب.
3- فائت العين.
4- كتاب في الإمامة أورده بتمامه محمد بن جعفر المراغي في كتابه وسماه كتاب الخليلي وقال النجاشي في ترجمة المراغي هذا ان له كتاب الخليلي وفي معجم الأدباء له.
5- كتاب الايقاع .
6- النغم .
7- الجمل أي جمل الاعراب في النحو .
8- الشواهد .
9- النقط والشكل.
10- كتاب في معاني أسماء الحروف .
قال جرجي زيدان في الجزء الثاني من تاريخ آداب اللغة العربية: من الكتب التي تنسب إلى الخليل كتاب في معاني الحروف في مكتبة لندن ومكتبة برلين اه وقال مكاتب نجفي لمجلة العرفان م 4 ص 190 انه وجد في مجموعة مخطوطة رسالة نسبت للخليل بن أحمد في تفسير حروف الهجاء أقول الصواب أن يقال في معاني أسماء حروف الهجاء ولعلها مأخوذة من كتاب العين وفيها أغلاط لم نتمكن من معرفة صوابها لعدم وجود مرجع لغوي عندنا ساعة التحرير وهذا ما وجد فيها: قال الخليل بن أحمد في تفسير حروف الهجاء عند العرب:
الألف الرجل الفرد الباء الرجل الكثير الجماع وفيه يقول الشاعر:
نبئت انك باء حين تلقاها * وفي المعارك لا يستعمل الباها التاء البقرة تحلب يقول الشاعر:
انا فارس الهيجاء في كل حومة * وأنت ابن تاء تحلب التاء دائبا الثاء العين من كل شئ
الكلام على كتاب العين:
في الرياض كتاب العين في اللغة كتاب معروف متداول إلى الآن وهو داخل في ماخذ كتاب البحار للأستاذ المجلسي اه وكان في خزانة الخلفاء العلويين المصريين عدة نسخ منه إحداها بخط الخليل بن أحمد. وعن ابن دريد في أول الجمهرة انه قال ألف أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد كتاب العين فأتعب من تصدي لغايته وعنى من سما إلى نهايته فالمنصف بالقلب معترف والمعاند متكلف وكل من بعده تبع له أقر بذلك أم جحد ولكنه ألف كتابه بفهمه الثاقب وذكاء فطنته لتضئ أذهان أهل دهره وفي كشف الظنون قال السيوطي في المزهر هو أول من ألف فيها أي اللغة وقال الامام فخر الدين أصل الكتب في اللغة كتاب العين اه والأصل في تأليفه كتاب العين أن لغة العرب لم تكن مدونة قبل الخليل فأداه ثاقب فكره أن يجمعها ويأتي بما لم يسبقه إليه غيره كما أتى بمثل ذلك في أوزان الشعر وعلم العروض فاعمل فكره في ذلك ونجح في عمله فجمع مهمل اللغة ومستعملها بمقتضى القسمة العقيلة ولم يغادر شكلا من أشكال الحروف ملتئمة ومفترقة الا أحصاه واتى عليه وبين ما يتصف به من اهمال واستعمال وابتدأ كتابه بالحروف على حسب مخارجها فابتدأ بحروف الحلق وابتدأ منها بالعين لأنها تخرج من أقصى الحلق ولذلك سمى كتابه العين ثم بما يليها من حروف الحلق على ترتيب الخروج ثم بما يخرج من أقصى اللسان ثم من وسطه ثم من طرفه ثم من الشفتين ثم صنف بعده الأزهري كتاب التهذيب وابن سيده كتاب المحكم على ما يشبه ترتيبه من بعض الوجوه ثم ألف الجوهري الصحاح على ترتيب أسهل مراعيا ترتيب الحروف الهجائية في أول الكلمة وآخرها وتبعه الناس على ذلك. واستغنى الناس بهذه الكتب عن كتاب العين ولكن الفضل للمتقدم وبقي الذكر لعمله هذا خالدا خلود الدهر وفي الرياض عن الأزهري في أول تهذيبه: لم أر خلافا بين أهل المعرفة وطلبة هذا العلم ان التأسيس الأول في كتاب العين لأبي عبد الرحمن خليل بن أحمد وان ابن المظفر أكمل الكتاب عليه بعد تلقنه إياه عنه وعلمت أنه لم يتقدم أحد الخليل فيما أسسه ورسمه قال الليث بن المظفر (4) لما أراد الخليل بن أحمد الابتداء بكتاب العين أعمل فكره فيه فلم يمكنه ان يبتدئ به من أول ا ب ت ث لأن الألف حرف معتل فلما فاته أول الحروف كره ان يجعل الثاني أولا وهو الباء الا بحجة وبعد استقصاء وتدبر نظر إلى الحروف كلها فذاقها فوجد مخرج الكلام كله من الحلق فصير أولاها بالابتداء به ادخلها في الحلق وكان إذا أراد ان يذوق الحرف فتح فاه بألف ثم أظهر الحرف نحو ات أخ. أع فوجد العين أقصاها في الحلق وأدلمها فجعل أول الكتابة العين ثم ما قرب مخرجه منها بعد العين الأرفع فالأرفع حتى اتى على آخر الحروف قال وقلب الخليل الحروف عن موضعها على قدر مخرجها من الحلق وهذا تأليفه ع ح ه خ ع ق ك ج ش ص ض س ط ز د ت ظ ذ ث ر ل ن ف ب م و ا ي اه الرياض فهذه ثمانية وعشرون حرفا باسقاط الألف المعتلة مع أنها من الحروف والاقتصار على الهمزة وفي كشف الظنون نظم أبو الفرج سلمة بن عبد الله المغافري في ترتيب الخليل أبياتها منها:
العين والحاء ثم الهاء والخاء * والغين والقاف ثم الكاف أكفاء
والجيم والشين ثم الصاد يتبعها * ضاد وسين وزاي بعدها طاء
والدال أيضا بها كالتاء متصل * بالظاء ذال وثاء بعدها راء
واللام والنون ثم الفاء والباء * والميم والواو والمهموز والياء
وقد جعل صاحب الرياض وصاحب هذه الأبيات آخر الحروف الهمزة ثم الياء المثناة التحتية وجعلا الباء الموحدة قبل الميم كما في نسخة الرياض المخطوطة التي عندي ونسخة كشف الظنون المطبوعة ويوشك ان يكون الصواب الهمزة ثم الباء الموحدة أما الهمزة فكان حقها ان تجعل أول الحروف لأنها من أقصى الحلق كما يأتي لكنه حيث ابتدأ بالعين جعل الهمزة قبل آخر الحروف واما الباء الموحدة فلان مخرجها آخر المخارج وهو الشفة وتحصل باطباق الشفتين واما الياء المثناة التحتية فكان اللازم جعلها قبل الكاف فان ذلك كله هو الموافق لترتيبه الحروف بحسب ترتيب المخارج وفي الرياض: قال الخليل كلام العرب مبني على أربعة أوجه على الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي قال: والظاهر من هذه الجملة انه بسبب كون أوله حرف العين سمي الكتاب بالعين من الخليل نفسه أو ممن جاء بعده اه .
أقول فسمي باسم باب منه كما سمي ديوان الحماسة باسم باب منه وفي كشف الظنون قال أبو طالب المفضل بن سلمة الكوفي ذكر صاحب العين انه بدأ بحرف العين لأنها أقصى الحروف مخرجا والذي ذكره سيبويه ان الهمزة أقصى الحروف مخرجا. ولو قال بدأت بالعين لأنها أكثر في الكلام وأشد اختلاطا بالحروف لكان أولى اه أقول الصواب ان أقصى الحروف مخرجا هي الهمزة كما قاله سيبويه فان مخرجها أقصى الحلق كما يظهر بالوجدان ولذلك جعلوا حروف الحلق أه ع ح ع خ مرتبة بحسب المخرج اما الألف أحد حروف العلة فحرف هوائي لا يمكن النطق به وحده ولذلك جعلوها مع اللام فقالوا لام ألف وعدوا الحروف الهجائية 29 حرفا وهو الصواب والهمزة حرف صحيح ولذلك بطل تعليل الليث عدم ابتدائه بالألف لأنه حرف معتل كما مر فان هذا التعليل صحيح في الألف لا في الهمزة.
اعداد الكلمات التي في كتاب العين :
قال السيوطي في بغية الوعاة بدأ الخليل بسباق مخارج الحروف ثم باحصاء أبنية الاشخاص وأمثلة احداث الأسماء فذكر ان مبلغ عدد أبنية كلام العرب المستعمل والمهمل على مراتبها الأربع من الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي من غير تكرير اثنا عشر ألف ألف وثلاثمائة ألف وخمسة آلاف وأربعمائة واثنا عشر الثنائي 756 والثلاثي 19650 والرباعي 491400 والخماسي 11793600 وهذا مجموعها 00000756 الثنائي 00019650 الثلاثي 00491400 الرباعي 11793600 الخماسي 12305406 وهذا مجموعها فهي تنقص ستة عما قال ولعل الستة سقطت من بعض الاعداد من قلم النساخ. ثم قال السيوطي: ذكر ذلك حمزة الأصبهاني في كتاب الموازنة فيما نقله عنه المؤرخون وهذا صريح في أنه أي خليل أكمله اي كتاب العين اه.
الخلاف في مؤلف كتاب العين:
المستفاد من كلامهم ان فيه أقوالا ثلاثة:
1- انه كله من تأليف الخليل.
2- انه من تأليف غيره .
3- انه ابتدأ به وأكمله غيره .
في بغية الوعاة: اختلف الناس في نسبته إلى الخليل فقال أبو الطيب اللغوي ليس له وانما هو لليث بن نصر بن سيار وقيل عمل الخليل منه قطعة من أوله في العين وكمله الليث لأن أوله لا يناسب آخره وقيل بل أكمله الخليل وفي معجم الأدباء في ترجمة الخليل له كتاب العين في اللغة ويقال انه لليث بن نصر بن سيار عمل الخليل منه قطعة وأكمله الليث وفيه أيضا في ترجمة القاسم بن معن المسعودي: كان الليث بن المظفر (5) صاحب الخليل بن أحمد أحد من اخذ عنه اي عن القاسم النحو واللغة وروى عنه وادخل اي الليث في كتاب الخليل من علم القوم شيئا كثيرا فأفسد الكتاب بذلك وفي كشف الظنون: كتاب العين في اللغة اختلف الناس في مؤلفه فقيل الخليل بن أحمد وأكثر الناس أنكر كونه من تصنيف الخليل وقالوا بل هو لليث بن نصر بن سيار الخراساني وقيل عمل الخليل قطعة من أوله إلى نهاية حرف العين وكمله الليث اه.
ومر قول السيوطي أن كلام حمزة الأصفهاني عند نقل حصر اعداد الكلمات التي في كتاب العين صريح في أن الخليل أكمل كتاب العين وفي معجم الأدباء: قال الأزهري: من المتقدمين الليث بن المظفر الذي نحل الخليل بن أحمد تأليف كتاب العين لينفق كتابه باسمه ويرغب فيه من حوله وثبت لنا عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي الفقيه أنه قال كان الليث رجلا صالحا ومات الخليل ولم يفرع من كتاب العين فأحب الليث ان ينفق الكتاب كله فسمى نفسه الخليل فما في الكتاب سالت الخليل أو اخبرني الخليل فهو الخليل بن أحمد وما فيه قال الخليل فإنما يعني نفسه وانما وقع الاضطراب فيه من قبل الليث وقال وسئل ثعلب عن كتاب العين فقال ذاك كتاب ملئ غددا وأراد ان في جراب العين حروفا كثيرة قد أزيلت عن صورها ومعانيها بالتصحيف والتغيير فهي تضر حافظها كما تضر الغدد آكلها. وعن إسحاق بن راهويه كان الخليل قد عمل منه باب العين وأحب الليث ان ينفق سوق الخليل فصنف باقيه وسمى نفسه الخليل من حبه له إلى آخر ما مر عن الأزهري وحكى عن كتاب نظم الجمان تصنيف أبي الفضل المنذري ان نصر بن سيار كان والي خراسان والليث بن المظفر بن نصر صاحب العربية وصاحب الخليل بن أحمد هو ابنه أقول نصر كان والي خراسان من قبل بني أمية وفي أيامه استولى عليها أبو مسلم صاحب الدعوة لبني العباس قال ياقوت وحدث عبد الله بن المعتز في كتاب الشعراء عن الحسن بن علي المهلبي قال كان الخليل منقطعا إلى الليث بن رافع بن نصر بن سيار وكان الليث من اكتب الناس في زمانه بارع الأدب بصيرا بالشعر والغريب والنحو وكان كاتبا للبرامكة وكانوا معجبين به فارتحل إليه الخليل وعاشره فوجده بحرا فأغناه وأحب الخليل أن يهدي إليه هدية تشبهه فاجتهد في تصنيف كتاب العين فصنفه له وخصه به دون الناس وحبره وأهداه إليه فوقع منه موقعا عظيما وسر به وعوضه عنه مائة ألف درهم واعتذر إليه واقبل الليث ينظر فيه ليلا ونهارا لا يمل النظر فيه حتى حفظ نصفه وكانت ابنة عمه تحته فاشترى جارية نفيسة بمال جليل فغارت وقالت والله لأغيظنه وان غظته في المال فلا يبالي ولكني أراه مكبا ليله ونهاره على هذا الدفتر والله لأفجعنه به فأحرقته واقبل الليث إلى البيت الذي كان فيه الكتاب فلم يجده فسال خدمه عنه فقالوا اخذته الحرة فبادر إليها وضحك في وجهها وقال ردي الكتاب فقد وهبت لك الجارية فأرته رماده فسقط في يده فكتب نصفه من حفظه وجمع على الباقي أدباء زمانه وأمرهم ان يكملوه على نمطه وقال لهم مثلوا عليه واجتهدوا فعملوا هذا النصف الذي بأيدي الناس فهو ليس من تصنيف الخليل ولا يشق غباره وكان الخليل قد مات اه معجم البلدان. وفي كشف الظنون عن أبي الطيب اللغوي ان الخليل رتب أبوابه وتوفي قبل ان يحشيه قال ثعلب فحشاه قوم من العلماء وقال ابن جني في الخصائص ان فيه من التخليط والخلل والفساد ما لا يجوز ان يحمل على أصغر اتباع الخليل فضلا عنه. وقال مختصره أبو بكر محمد بن الحسن بن عبد الله بن مذحج الزبيدي الأندلسي لم يصح انه له ولا ثبت عنه وأكثر الظن ان الخليل أثبت أصله ومات قبل كماله فتعاطى اتمامه من لا يقوم في ذلك فكان ذلك سبب الخلل والدليل على ما قاله ثعلب اختلاف النسخ واضطراب روايات الكتاب وعن أبي علي القالي لما ورد كتاب العين من بلاد خراسان أنكره أبو حاتم وأصحابه أشد الإنكار لأن الخليل لو كان ألفه لكمله أصحابه وكانوا أولى بذلك من رجل مجهول والدليل على كونه لغير الخليل ان جميع ما وقع فيه من معاني النحو انما هو على مذهب الكوفيين لا مذهب البصريين الذي ذكره سيبويه عن الخليل وسيبويه حامل علم الخليل وفيه خلط الرباعي والخماسي من أولهما إلى آخرهما فهذبنا جميع ذلك في المختصر وكان الخليل أولى بذلك اه كشف الظنون وأقول يظهر مما مر أن قولهم انه كله لليث أو أنه أكمله يراد به انه املى نصفه الذي حفظه وأمر العلماء باكماله فأكملوه وان نسبة الاكمال إليه من باب بني الأمير المدينة وان قول ابن راهويه السابق فصف الليث باقية يراد به هذا والا فهو غير صواب. ثم إن هذه الأقوال مع تعارضها وتناقضها لا تعارض الشهرة التي كادت تبلغ التواتر أو بلغته في أن كتاب العين كله للخليل فمن قائل كله لليث ومن قائل بعضه للخليل وأكمله الليث أو جمع أدباء عصره لاكماله وهل هذا الا تناقض فإذا كان كله لليث فأجدر ان ينسبه إلى نفسه فيكسب به شهرة عظيمة وما الذي يدعوه إلى نسبته للخليل وسوق الخليل نافقة لا تحتاج إلى أن ينفقها الليث بنسبة ما ليس للخليل إلى الخليل وكان الليث في نقله وعقله يعرف ان ذلك يكسد سوق الخليل ولا ينفقها على أن ما مر يدل على أن الليث ان كان كمله فبتلقين الخليل وان كان الخليل رتب أبوابه فقط ولم يحشه وحشاه قوم من العلماء فأجدر ان ينسبوا تحشيتهم إلى نفسهم وما الذي يدعوهم ان ينسبوها إلى الخليل فيكسبوا اثم الكذب وتفوتهم الشهرة التي يرغب فيها كل أحد وما نسبه إليه ابن جني من التخليط وغيره لا يمكننا الحكم عليه ولم نره فلعل ما رآه تخليطا وخللا كان عين الصواب والزبيدي لم يثبت عنده لعدم اطلاعه على المثبت فلا يكون حجة على من أثبته وبنى قوله على الظن وهو لا يغني من الحق شيئا واختلاف النسخ والروايات لا يدل على ما قاله ثعلب فأي كتاب لم تختلف نسخه باختلاف الروايات وبغيره وتعليل انكار أبي حاتم له عليل فالمكمل له ان صح ان أحدا أكمله هم العلماء الذين اختارهم الليث ولعلهم أصحاب الخليل ولا يلزم تسميتهم بأعيانهم والخليل يجوز ان يوافق الكوفيين في مذاهبهم في النحو وان كان بصريا وخلط الرباعي بالخماسي وعدم فصله عنه لأن المخترع لا بد ان يقع منه مثل ذلك فيستدركه المتأخر كما يقع مثله لكل مخترع. وقد حكى صاحب كشف الظنون عن السيوطي انه قال طالعته فرأيت وجه التخطئة غلبة من جهة التصريف والاشتقاق واما كون الخطأ في لفظه من حيث اللغة بان يقال هذه اللفظة كذب فمعاذ الله لم يقع ذلك وحينئذ لا قدح فيه فالانكار راجع إلى الترتيب وهذا أمر بين وان كان مقام الخليل تنزه عن ارتكاب مثل ذلك فلا يمنع الوثوق به والاعتماد عليه واما التصحيف فمن ذا الذي سلم من التصحيف اه أقول عدم حسن الترتيب لا بد ان يقع فيه المخترع كما مر مهما عظمت منزلته.
المنسوب إليهم التأليف في اكماله والرد عليه وغيرهما في كشف الظنون ممن ألف الاستدراك على العين أبو طالب المفضل بن سلمة الكوفي قال أبو الطيب رد أشياء من العين أكثرها غير مردود وترتيبه ليس على الترتيب المعهود قال وعليه مدخل لأبي الحسن النضر بن شميل النحوي المتوفي سنة 204 من أصحاب الخليل وصنف أحمد بن محمد الخارزنجي المتوفي سنة 348 تكملة له. وجمع أبو عمر محمد بن عبد الواحد المعروف بغلام ثعلب فائت العين. وصنف محمد بن عبد الله الإسكافي الخطيب كتابا في غلط العين. وصنف أبو غالب بن التباني كتابا متعلقا به سماه فتح العين. ومر عن الليث بن نصير أو ابن المظفر انه أكمله. وان جماعة من علماء عصره أكملوه. وان احمد البشتي أكمله وان بعض المتحذلقين قال إن الخليل لم يف بما شرط لأنه أهمل من كلمات العرب ما وجد في كلماتهم مستعملا مع وروده. وفي الروضات:
صنف محمد بن عبد الله بن محمد بن موسى الكرماني أبو عبد الله النحوي المعروف بالوراق تلميذ ثعلب كتاب ما أغفله الخليل في العين وما ذكر انه مهمل وهو مستعمل وما هو مستعمل وقد أهمل وعن معجم الأدباء ان محمد بن عبد الله الخطيب الإسكافي صنف كتاب غلط العين وفي الرياض قال الأزهري في أول تهذيبه هذا ما ألفه الخليل من حروف الهجاء التي عليها مدار كلام العرب وألفاظها إذ لا يخرج شئ منها عنها أراد ان يعرف بذلك جميع ما تكلمت به العرب في اشعارها وأمثالها وان لا يشذ عنه شئ منها قال أبو منصور أشكل هذا الفصل على كثير من الناس حتى ظن بعض المتحذلقين ان الخليل لم يف بما شرط لأنه أهمل من كلمات العرب ما وجد في لغاتهم مستعملا وقال احمد البشتي الذي ألف كتاب التكملة لنقص كتاب الخليل: ما أودعناه كتابنا هذا يشتمل على ضعفي كتاب الخليل ويزيد قال أبو منصور ولما قرأت هذا الفصل من كتاب البشتي استدللت به على غباوته وقلة فطنته وتمييزه وعلمت انه لم يفهم ما اراده الخليل بكلامه ولم يفطن الذي قصده وانما أراد الخليل حروف ا ب ت ث التي عليها مدار كلام العرب لا يخرج شئ منها عنها وأراد بما ألف منها معرفة جميع ما يتفرع منها إلى آخره ولم يرد انه حصل جميع ما لفظوا به من الألفاظ على اختلافها ولكنه أراد ما أسس ورسم بهذه الحروف وما بين من وجوه ثنائيها وثلاثيها ورباعيها وخماسيها وسالمها ومعتلها على ما بين من وجوهها أولا فأولا حتى انتهت الحروف إلى آخرها فيعرف به يميع ما هو من ألفاظهم إذا تتبع لا انه تتبعه فحصله وكمله من غير أن فاته من ألفاظهم لفظة أو من معانيهم للفظ الواحد معنى ولا يجوز ان يخفى على الخليل مع ذكاء فطنته وثقوب فهمه ان رجلا واحدا ليس بنبي يوحي إليه لا يمكن علمه بجميع لغات العرب وألفاظها على كثرتها حتى لا يفوته منها شئ وكان الخليل أعقل من أن يظن هذا أو يقدره وانما معنى كلامه وما ذهب إليه وهمه ما بينته فتفهمه ولا تغلط عليه اه. وحاصل ذلك أن الخليل ألف كتاب العين على ترتيب الحروف إذا اجتمعت ثنائيا أو ثلاثيا أو رباعيا أو خماسيا المهمل من ذلك والمستعمل فذكر كلما يمكن ان يتألف من هذه الحروف من حرفين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة حسبما وصل إليه علمه وربما تكون كلمة تتألف من هذه الحروف نطقت بها العرب ولم يطلع عليها وربما تكون اللفظة التي ذكر لها معنى آخر لم يطلع عليه أو تكلم بها فريق من العرب دون فريق ولم يطلع عليه فان الإحاطة بذلك لا تتيسر لغير علام الغيوب وربما يكون ذكر أصول الكلمات دون متفرعاتها ومشتقاتها لكن لا يخفى انه إذا كانت لفظة مستعملة لم يطلع عليها أو لها معنى لم يطلع عليه واطلع على ذلك يصح ان يقال انه استدرك عليه.
الذين اختصروا كتاب العين في كشف الظنون اختصره أبو بكر محمد بن الحسن بن مذحج الزبيدي الأندلسي اللغوي المتوفي سنة 379 فقال في أوله: هذا كتاب امر بجمعه وتأليفه الأمير الحاكم المستنصر بالله تعالى وعن مقدمة ابن خلدون انه اختصره مع المحافظة على الاستيعاب وحذف منه المهمل كله وكثيرا من شواهد المستعمل ولخصه للحفظ أحسن تلخيص اه. وفي الرياض لخصه الخارزنجي ولكن سيأتي عن كشف الظنون ان أحمد بن محمد الخازرنجي صنف تكملة له لا انه اختصره ولعله اختصره وأكمله وقال النجاشي في ترجمة علي بن محمد العمدي الشمشاطي انه لخصه وذكر المستعمل والقى المهمل والشواهد والتكرار وزاد على ما في الكتاب واختصره أبو الحسن علي بن القاسم الخوافي كما أشار إليه فخر الدين الرازي في كتاب مناقب الشافعي اه.
مما يتعلق بكتاب العين ما حكاه ياقوت في معجم الأدباء عن القاسم بن محمد الأنباري العالم المشهور قال قدمت بغداد وليس لي دار فبعث بي ثعلب إلى قوم يقال لهم بنو بدر فاعطوني شيئا لا يكفيني وذكروا كتاب العين فقلت هو عندي قالوا بكم تبيعه قلت بخمسين دينارا قالوا اخذناه بما قلت إن قال ثعلب انه للخليل فاتيت أبا العباس ثعلب فقلت يا سيدي هب لي خمسين دينارا فقال لي أنت مجنون فقلت لست أريد من مالك وحدثته الحديث قال فأكذب قلت حاشاك ولكن أنت أخبرتنا ان الخليل فرع من باب العين ثم مات فإذا حضرنا بين يديك فضع يدك على ما لا تشك فيه فقال تريد ان انجش (6) لك فلما حضروا ناولوه الكتاب وقالوا هذا للخليل أم لا ففتح حتى توسط باب العين وقال هذا كلام الخليل ثلاثا اه. ومن ذلك يعلم ما كان لكتاب العين من الشهرة والرغبة في ذلك الزمان والخمسون دينارا تزيد على خمسة وعشرين ليرة عثمانية ذهبية في هذا الزمان.
مخطوطات العين قال عبد الله درويش:
لم يكتنف الغموض مخطوطا من المخطوطات كما اكتنف مخطوطة العين التي ضاع خيط الأمل في العثور عليها وشاء سوء الطالع الا تحتفظ بها إحدى دور الكتب الرسمية في العالم العربي أو الأقسام الشرقية في مكتبات أوروبا، حتى أن دائرة المعارف الاسلامية اعتبرته مفقودا لا يوجد الا مختصره. وقد ذهب هذا المذهب أيضا بروكلمان. وتبعهما كثير من العلماء المحدثين ممن خاضوا في هذه المسألة اتكالا على دقة بروكلمان واستقصاء دائرة المعارف الاسلامية.
ولكني حين تعرضت للبحث عن هذه المسألة لم أفقد الأمل في العثور على نسخة مخطوطة لكتاب العين.
ويشاء الحظ ان يسافر من لندن إلى بغداد المستشرق البروفسور الفريد جيوم ليحضر دورة المجمع اللغوي هناك فيعثر في مكتبة مديرية الآثار على نسخة كاملة بخط الشيخ محمد السماوي. نسخت عام 1936 م في ثمانمائة صحيفة من القطع الكبير بكل صحيفة خمسة وعشرون سطرا، وبخط فارسي واضح. وقد صورت النسخة على مايكروفيلم أودع في مكتبة معهد الدراسات الشرقية... بلندن. وعنه احتفظت بنسخة خاصة لنفسي.
وفي أغسطس آب 1945 في مدينة كامبردج عقد مؤتمر المستشرقين الثالث والعشرون، القيت فيه بحثا عن اكتشاف مخطوطة العين.
وبطريق المصادفة كان بين المستمعين المستشرق الألماني، الأستاذ كريمر رئيس القسم العربي بجامعة توبنجن فقال إن مكتبة الجامعة تحتفظ بنسخة من الكتاب نقلها من العراق المستشرق الألماني ريتر وكانت محفوظة في مكتبة برلين ثم نقلت أثناء الحرب الكبرى ضمن الكتب العربية كلها إلى توبنجن خوفا عليها من الغارات وقد تفضل الأستاذ كريمر فتبادل معي النسخ. وهذه النسخة الألمانية تقع في 850 صحيفة وفي آخرها انها نسخت عام 1926 م عن نسخة في الكاظمية عند آل الصدر.
أبيات في جماعة نسب إليهم السرقة من كتاب العين في معجم الأدباء وجدت على ظهر جزء من كتاب التهذيب لأبي منصور الأزهري:
ابن دريد بقره * وفيه عجب وشره
ويدعي بجهله * وضع كتاب الجمهره
وهو كتاب العين * الا انه قد غيره
الأزهري وزغه * وحمقه حمق دغه
ويدعي بجهله * كتاب تهذيب اللغة
وهو كتاب العين * الا انه قد صبغه
في الخارزنجي بله * وفيه حمق ووله
ويدعي بجهله * وضع كتاب التكملة
وهو كتاب العين * الا انه قد نقله تعريفه
الأقواء والأكفاء والايطاء في خاص الخاص قال الخليل: الأقواء ان يكون بعض القوافي مرفوعا وبعضها منصوبا وبعضها مخفوضا. والأكفاء ان يكون بعض القوافي على حرف وبعضها على حرف آخر. والايطاء إعادة القافية من غير اختلاف المعنى قال يزيد بن حرب الضبي يهجو خفض بن وبرة وقد لحن مرقشا في شعر له:
تتبع لحنا في كلام مرقش * وخلقك مبني على اللحن أجمع
فعينك اقواء وانفك مكفء * ووجهك ايطاء وأنت المرقع
روايته الحديث في بغية الوعاة أسندنا حديثه في الطبقات الكبرى وتكرر في جمع الجوامع.
ما أثر عنه من الكلام في الحكم وغيرها قال لا تماش من لا يساويك ولا تجالس من لا يشتهيك ولا تتكلم فيما لا يعنيك ولا تغضب على من لا يرضيك ولا تشك الفقر لمن لا يغنيك.
ومن كلامه لا يصل أحد من النحو إلى ما يحتاج إليه الا بعد معرفة ما لا يحتاج إليه ومن كلامه في علي ع استغناؤه عن الكل واحتياج الكل إليه دليل انه امام الكل وقال من نم لك نم عليك ومن أخبرك بخبر غيرك أخبر غيرك بخبرك وفي ذل المذيل بسنده عن الخليل بن أحمد صاحب النحو أنه قال إذا نسخ الكتاب ثلاث مرات ولم يعارض تحول بالفارسية قال أبو يعقوب يعني يكثر سقطه. وفي خاص الخاص للثعالبي قال اليزيدي دخلت يوما إلى الخليل فوجدته قاعدا على طنفسة فكرهت التضييق عليه فقال لي يا أبا محمد إلي فان سم الخياط لا يضيق على متصادقين والدنيا لا تسع متعاديين وقال: العزلة توقي العرض، وتبقي الجلالة وتستر الفاقة، وترفع مؤونة المكافاة في الحقوق اللازمة. ومن كلامه لا يعلم الإنسان خطا من علمه حتى يجالس غيره.
وفي بغية الوعاة: من كلامه ثلاثة تنسي المصائب مر الليالي والمرأة الحسناء ومحادثات الرجال. وفي أحياء العلوم كان الخليل بن أحمد يقول اللهم اجعلني عندك من أرفع خلقك واجعلني عند نفسي من أوضع خلقك واجعلني عند الناس من أوسط خلقك وعن محاضرات الراغب أنه قال العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك ثم أنت في اعطائه إياك بعضه مع اعطائك إياه كلك على خطر وقال: أصفى ما يكون ذهن الإنسان وقت السحر. أكمل ما يكون الإنسان عقلا وذهنا إذا بلغ أربعين سنة وهي السن التي بعث الله فيها رسول الله ص وكان يقول كما مر ان لم تكن هذه الطائفة اي الزهاد أو العلماء أولياء الله فليس لله ولي وقال اني لأغلق علي بأبي فما يجاوزه همي حكاه النصر وقال النضر قيل للخليل أمؤمن أنت قال لا أقوله أخاف ان يكون تزكية اه وهذا غاية الورع. وقال إذا رأيت من هو أعلى مني فذاك أول يوم استفادتي وإذا رأيت من هو دوني في العلم فذاك يوم إفادتي وإذا رأيت من هو مثلي في العلم فذاك يوم مذاكراتي وإذا لم أر أحدا من هؤلاء فذلك يوم مصيبتي. وقال الدنيا مختلفات تأتلف ومؤتلفات تختلف قيل إن هذا والله لحدها الجامع المانع. وحكى عنه الديلمي في ارشاده: انما يجمع المرء المال لاحد ثلاثة كلهم أعداؤه اما زوج امرأته أو زوج ابنته أو زوجة ولده فمال المرء لهؤلاء ان تركه والعاقل الناصح لنفسه الذي يأخذ معه زادا لآخرته ولا يؤثر هؤلاء على نفسه.
وحكى الأصمعي قال قدم رجل من فزارة على الخليل بن أحمد وكان الفزاري غبيا فأبطأ الخليل في جوابه فتضاحك الفزاري فالتفت الخليل إلى بعض جلسائه وقال الرجال أربعة رجل يدري ويدري أنه يدري فذلك عالم فذروه ورجل يدري ولا يدري أنه يدري فذلك غافل فأيقظوه ورجل لا يدري ويدري انه لا يدري فذلك جاهل فعلموه ورجل لا يدري ولا يدري انه لا يدري فذلك مائق فاجتنبوه والمائق الأحمق. ومر قوله المجيب يفكر في الجواب قبل الجواب وقبيح أن يفكر بعده وقال: ما أجيب بجواب حتى أعرف ما فيه علي من الاعتراضات والمؤاخذات. وعن مجمع البيان عن النضر بن شميل سئل الخليل عن معنى قوله تعالى رب ارجعوني ففكر ثم قال سألتموني عن شئ لا أحسنه ولا اعرف معناه فاستحسن منه ذلك.
وفي الروضات عنه أنه قال أفضل كلمة ترغب الإنسان في طلب العلم والمعرفة قول أمير المؤمنين ع قيمة كل امرئ ما يحسنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الفامي ما يقال له البقال في هذا الرمان. - المؤلف -
(2) لم يذكره المترجمون في تلاميذه فليراجع عصره.
(3) ابن العلة الولد من أم وحدها لان أباه قد على منها بعد ما نهل من غيرها. - المؤلف -
(4) اختلفت عباراتهم عن الليث هذا ففي الرياض الليث بن المظفر وعقد له ياقوت ترجمة بعنوان الليث بن المظفر وحكى عن الأزهري في مقدمة كتابه انه قال من المتقدمين الليث بن المظفر الذي نحل الخليل بن أحمد تأليف كتاب العين ثم حكى عن ابن المعتز في كتاب الشعراء انه الليث بن رافع بن نصر بن سيار فإذا اليث بن نصر واحد. - المؤلف -
(5) مر في الحاشية السابقة ان الليث بن نصر والليث بن المظفر واحد. - المؤلف -
(6) النجش بالنون والجيم الزيادة في السلعة لا بقصد الشراء - المؤلف -.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|