أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-7-2017
1047
التاريخ: 4-7-2017
889
التاريخ: 2024-01-04
1048
التاريخ: 4-7-2017
981
|
قتل أبي مسلم الخراساني:
كان في نفس المنصور قديماً حزازات من أبي مسلم، وكان بينهما تباغض. وقد كان المنصور أشار على أخيه السفاح بقتله فامتنع السفاح وقال: كيف يكون ذلك مع حسن بلائه في دولتنا؟ فلما ولي المنصور الخلافة أرسل أبا مسلم إلى الشأم لحرب عمه عبد الله بن علي بن العباس، كما تقدم شرحه. فلما ظفر أبو مسلم وغنم جميع ما كان في عسكر عبد الله بن علي وانهزم عبد الله إلى البصرة، أرسل المنصور بعض خدمه ليحتاط على باقي العسكر من الأموال. فغضب أبو مسلم وقال: أمين على الدماء خائن في الأموال! وشتم المنصور. وكتب بعض أصحاب الأخبار بذلك إلى المنصور، وعزم أبو مسلم على الخلاف وأن يتوجه إلى خراسان ولا يحضر عند المنصور، فخاف المنصور أن يتوجه أبو مسلم إلى خراسان بهذه الصفة فتفسد عليه الأمور هناك.
وكان أبو مسلم رجلاً مهيباً داهية شجاعاً لبيباً جريئاً على الأمور فطناً عالماً، قد سمع الحديث وعلم من كل شيء. فكتب إليه المنصور يطيب نفسه ويسكنه ويعده الجميل ويستدعي منه الحضور. فأجاب بأني على الطاعة وأني متوجه إلى خراسان، فإن أصلحت نفسك كنت سامعاً مطيعاً، وإن أبيت إلا أن تعطي نفسك سؤلها كنت قد نظرت لنفسي بالحال التي تقارنها السلامة. فاشتد خوف المنصور منه وحنقه عليه وكتب إليه كتاباً معناه أنك لست في نظرنا بهذه الصفة التي قد وسمت بها نفسك، وإن حسن بلائك في دولتنا يغنيك عن هذا القول؛ واستدعى منه الحضور، وقال لوجوه بني هاشم: اكتبوا أنتم أيضاً إليه. فكتبوا إليه يقبحون عليه خلاف المنصور ومشاققته ويحسنون له الحضور عنده والاعتذار إليه. وأرسل المنصور الكتب على يد رجلٍ عاقلٍ من أصحابه، وقال له: امض إليه وحدثه ألين حديث تحدثه أحداً، فإن رجع فارجع به حتى تقدم به علي، وإن أصر على المشاققة وصمم على التوجه وأيست منه ولم يبق لك حيلة فقل له: يقول لك فلان لست من العباس وبرئت من محمد إن مضيت على هذه الحال ولم تعد أن يتولى حربك غيري، وعلي كذا وكذا إن لم أتول أنا ذلك بنفسي.
فمضى الرسول إليه وناوله الكتب فقرأها والتفت إلى صديق له يقال له مالك بن الهيثم، وقال له: ما الرأي؟ قال: الرأي ألا ترجع إليه، فإنك إن رجعت إليه قتلك، وإن مضيت على طريقك حتى تصل إلى الري، وهم جندك، فتقيم وتنظر في أمرك، فإن حدث لك حادث كانت خراسان من ورائك. فعزم أبو مسلم على ذلك وقال للرسول: قل لصاحبك إنه ليس من رأيي الحضور عندك، وأنا متوجه إلى خراسان. فقال له الرسول: يا أبا مسلم أنت ما زلت أمين آل محمد فأنشدك الله ألا تسم نفسك بسمة العصيان والشقاق، والرأي أن تحضر عند أمير المؤمنين وتعتذر إليه فلن ترى عنده إلا ما تحب. فقال له أبو مسلم: متى كنت تخاطبني بمثل هذا الخطاب؟ فقال الرجل: سبحان الله، أنت دعوتنا إلى ولاية هؤلاء القوم ونصرهم وقلت لنا: من خالفهم فاقتلوه، فلما دخلنا معك فيما ندبتنا إليه رجعت عنه وأنكرته علينا! فقال أبو مسلم: هو ما قلت لك ولست أرجع. فقال له: فليس عندك غير هذا؟ قال: نعم! فخلا - به وأبلغه ما قال المنصور. فوجم وأطرق ساعة ثم قال: أرجع وأعتذر إليه. ورجع، ثم سلم عسكره إلى بعض أصحابه وقال له: إن جاءك كتابي وهو مختوم بنصف خاتمي فهو كتابي، وإن كان مختوماً بكل الخاتم فاعلم أنه ليس ختمي، وأوصاه بما أراد. ثم سار إلى المنصور فلقيه بالمداين.
فلما علم المنصور بوصوله أمر الناس جميعاً بتلقيه. فلما دخل عليه قبل يد فأدناه وأكرمه، ثم أمره أن يعود إلى خيمته ويستريح ويدخل الحمام ويعود من الغد. فمضى، فلما أصبح أتاه رسول المنصور يستدعيه، وقد أعد المنصور جماعةً من أصحابه خلف الستور بأيديهم السلاح، فأوصاهم أنه إذا ضرب بإحدى يديه على الأخرى يخرجون فيقتلون أبا مسلم. فلما دخل أبو مسلم عليه قال له: أخبرني عن سيفين وجدتهما في عسكر عبد الله بن علي. فقال أبو مسلم: هذا أحدهما، وكان في يده سيف، فأخذه المنصور ووضعه تحت مصلاه، ثم شرع في توبيخه وتقريعه على ذنبٍ، وأبو مسلم يعتذر عن كل واحد بعذر، فعدد عليه عدة ذنوب. فقال أبو مسلم: يا أمير المؤمنين مثلي لا يقال له هذا ولا تعدد عليه مثل هذه الذنوب بعدما فعلت. فاغتاظ المنصور وقال: يا ابن اللخناء أنت فعلت! والله لو كانت مكانك أمة سوداء لفعلت ما فعلت، وهل نلت ما نلت إلا بنا وبدولتنا؟ فقال أبو مسلم: دع هذا فقد أصبحت لا أخشى غير الله. فضرب المنصور بيده على الأخرى فخرج أولئك النفر وخبطوه بالسيوف، فصاح استبقني يا أمير المؤمنين لعدوك. فقال المنصور: وأي عدو لي أعدى منك؟ ثم أمر به فكف في بساط. ودخل عيسى بن موسى فقال: أين أبو مسلم يا أمير المؤمنين؟ فقال المنصور: هو ذاك في البساط. فقال: قتلته؟ قال: نعم! قال: ً إنا لله وإنا إليه راجعونً بعد بلائه وفعله وأمانه! وكان المنصور قد آمنه وكفل عيسى بن موسى على ذلك. فقال له المنصور: خلع الله قلبك، والله ليس لك على وجه الأرض عدو أعدى منه، وهل كان لكم ملك في حياته؟ ثم أمر المنصور بمال لجنده فتفرقوا، وتصرف المنصور في خراسان، وذلك في سنة سبع وثلاثين ومائة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
مستشار رئيس الوزراء يشيد بحملة العتبة العباسية الإغاثية لدعم الشعب اللبناني
|
|
|