روى الصدوق في (الأمالي) بأسناد معتبر عن الصادق (عليه السلام)، قال : كان ابليس (لعنه الله) يخترق السماوات السبع كلها ويسترق السمع، فلما ولد عيسى بن مريم (عليه السلام) منع ثلاث سماوات وصار يصل الى اربعة منها، ولما ولد النبي (صلى الله عليه واله) منع من الجميع ورميت الشياطين بالنجوم، وقالت قريش : هذا قيام الساعة الذي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه، وقال عمرو بن امية – وكان اخر من ازجر أهل الجاهلية - : انظروا هذه النجوم التي يهتدي بها ويعرف بها ازمان الشتاء والصيف، فان كان رمي بها فهو هلاك كل شيء، وان كانت ثبتت ورمي بغيرها فهو أمر حدث.

وأصبحت الاصنام كلها صبيحة مولد النبي (صلى الله عليه واله) ليس منها صنم الا وهو منكب على وجهه، وارتجس في تلك الليلة ايوان كسرى، وسقطت منه اربعة عشرة شرفة، وغاضت  بحيرة ساوة، وفاض وادي السماوة، وخمدت نيران فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، ورأى الموبذان في تلك الليلة في المنام ابلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانسربت في بلادهم، وانقصم طاق الملك كسرى من وسطه، وانخرقت عليه دجلة العوراء، وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز، ثم استطاع حتى بلغ المشرق، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا الا اصبح منكوسا، والملك مخرسا لا يتكلم يومه ذلك، وانتزع علم الكهنة، وبطل سحر السحرة، ولم تبق كاهنة في العرب الا حجبت عن صاحبتها، وعظمت قريش العرب وسموا ال الله (عز وجل). قال الصادق (عليه السلام) : انما سموا ال الله لانهم في بيت الله الحرام ..

[ومما ذكر من معجزاته أن أمه ] قالت : ان ابني – والله - سقط فاتقى الارض بيده، ثم رفع راسه الى السماء فنظر اليها، ثم خرج مني نور اضاء كل شيء، وسمعت في الضوء قائلا يقول : انك قد ولدت سيد الناس فسميه محمدا، واتي به عبدالمطلب لينظر اليه وقد بلغه ما قالت امه، فأخذه فوضعه في حجره، ثم قال :

الحمد الله الذي اعطاني      هذا الغلام الطيب الاردان

قد شاد في المهد على الغلمان ثم عوذه باركان الكعبة، وقال فيه اشعارا...

[وقال] ولد النبي (صلى الله عليه واله) مختونا مسرورا، فحكى ذلك عند جده عبدالمطلب فقال : ليكونن لابني هذا شأن.

وروى ايضا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قال : لما ولد رسول الله (صلى الله عليه واله) ألقيت الاصنام في الكعبة على وجهه، فلما امسى سمع صيحة من السماء : جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا.

وورد انه اضاءت تلك الليلة جميع الدنيا، وضحك كل حجر ومدر وشجر، وسبح كل شيء في السماوات والارض لله (عز وجل)، وانهزم الشيطان وهو يقول : خير الامم، وخير الخلق، وأكرم العبيد، وأعظم العالم محمد (صلى الله عليه واله)...