أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-10-2014
3769
التاريخ: 25-11-2014
5400
التاريخ: 30-3-2016
6863
التاريخ: 2023-05-18
1349
|
البحث حول حقيقة الحكومة الإسلامية مع الاخذ بنظر الاعتبار ما تقدم من كلام ...[اي : في الحكومة الالهية ] ليس بتلك الصعوبة ، لان حق الحكومة هو اولًا وبالذات من شأنه سبحانه ، وذلك بعد قبول التوحيد في الحاكمية الذي يعد من فروع التوحيد الافعالي ، وفي المرتبة الثّانية من شأن كل من يعيِّنُه لذلك. وعلى هذا ، فالحكومة الإسلامية ليست حكومة دكتاتورية استبدادية ، ولا حكومة ديمقراطية ، بل نمط من الحكومة الأفضل ، اي الحكومة الإلهيّة.
لكن هذا لا يعني أنّ أصل (الشورى) ، والاهتمام بآراء الشعب ليس له دور في الحكومة الإسلامية ، وأنّه لا يعتد به لا من قريب ولا من بعيد.
لأنّ «مالك الملوك» و«أحكم الحاكمين» حينما يأمر بالشورى والاصغاء إلى آراء الشعب ، تكتسب هذه الامور شرعيتها ، ونعلم بوجود الأمر الصريح بالشورى في آيتين من القرآن الكريم.
ففي الآية 38 من سورة الشورى التي سميت بهذا الاسم لأجل نفس هذه الآية ، ذكرت سبع خصال جلية للمؤمنين المتوكلين على اللَّه تعالى ، أحداهما ، المشورة في الامور المهمّة ، يقول تعالى : {وَ أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُم} !.
وذهبت الآية 159 من سورة آل عمران ابعد من ذلك إذ أوصت النبي صلى الله عليه وآله ثلاث توصيات فيما يتعلق بالمؤمنين ، احداهما مشاورتهم في الامور الحساسة ، يقول تعالى :
{وَشَاوِرْهُم فِى الأَمْر}.
وبناءً على هذا ، فاحترام آراء الناس يكتسب مشروعيته من أمره تعالى. هذا من جهة ومن جهة اخرى ، فالنبي صلى الله عليه وآله وخلفاؤه المعصومون ، وكذلك العلماء الذين يكتسبون مشروعيتهم بالواسطة من قبله سبحانه باعتبارهم من مصاديق «الولي الفقيه» ملزمون برعاية مصالح الناس في كل مكان وزمان ، أي الاهتمام بغبطة العامّة كما يصطلح عليه ، ومن البديهي أنّ مصلحة الناس تستلزم اسهامهم في أمر الحكومة نوعاً ما والاصغاء لآرائهم ، وبهذا يكتسب الاهتمام بآرائهم صبغة إلهيّة.
وبعبارة اخرى ، فالحكومة الإلهيّة إنّما تبدو منسجمة حينما تتمتع بقدرة تنفيذية عالية ، ولا سبيل إلى هذه القدرة إلّا بمشاركة الشعب في أمر الحكومة ، وبما أنّ تنفيذ الأحكام الإلهيّة واجب ، فيكون اسهام الشعب في أمر الحكومة مقدّمة لذلك الواجب ، ومقدّمة الواجب واجبة.
وخلاصة الكلام : ، إنّ جوهر الحكومة الإسلامية هو الحكومة الإلهيّة ، لكن هذه الحكومة تنبع في خاتمة المطاف من الحكومة الشعبية ، فتعيين الأنبياء والأئمّة وخلفائهم يشكل جوهر الحكومة الإلهيّة ، والتزام هؤلاء بمسألة الشورى واحترام آراء الشعب الذي يكون بأمر اللَّه تعالى أيضاً ، يشكل الصبغة الشعبية لها.
فالذين يتصورون أنّ الحكومة الإسلامية متكئة على آراء الشعب مائة بالمائة ، ويهملون عنصرها الإلهي ، يذهبون شططاً ، كما أنّ الذين يولون اهتمامهم للجانب الإلهي ويغضون الطرف عن جانب الشورى وآراء الشعب مخطئون أيضاً.
وعلى أيّة حال ، فكيف يمكن تجاهل هذه الحقيقة ، وهي أنّ مشاركة الشعب في أمر الحكومة تضيف قدرة ومنعة للحكام ، كما أنّهم أعجز ما يكونون عند غياب مشاركة الشعب ، كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام في الخطبة الشقشقية :
«أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَ بَرءَ النَّسَمَةَ لَولَا حُضُورُ الحَاضِرِ وَ قِيَامُ الحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى العُلَمَاءِ إلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَلا سَغَبِ مَظلُومٍ ، لَأَلقَيتُ حَبلَهَا عَلَى غَارِبِهَا» (1).
هذا التعبير يحكي بكل وضوح عن أنّ تأييد الشعب يؤدّي أيضاً إلى إقامة الحجّة على الولي المنصوب من قبل اللَّه تعالى.
ولا شك أنّ ولايته عليه السلام كانت ثابتة من قبل اللَّه تعالى وعن طريق الرسول صلى الله عليه وآله ، وأنّ هذه الولاية فعلية ، فهي- وعلى خلاف ما قاله بعض المغفلين- لم يكن لها جنبة الشأنية والقوة ، أمّا من الناحية التنفيذية والعملية فلا تستغني عن دعم الشعب ، ولا يتحرك لها ساكن بدون ذلك الدعم.
أمّا بالنسبة لفقهاء الإسلام- وكما سيأتي- فالولاية الفعلية ثابتة للجميع ، لكن تجسيد هذه الولاية إنّما يكون ممكناً حينما تتمتع بدعم وتأييد الشعب فقط ، ولهذا السبب فالولي الفقيه الذي يحظى بآراء الشعب تكون له الأولوية قياساً بالفقهاء الآخرين ، لتمكنه من تطبيق ولايته التي يتمتع بها دون غيره ،
وعلى هذا ، فلو تمّ التعبير في مثل هذه الموارد ب «الانتخاب» ، فذلك لا يعني أنّ هذا المنصب يُمنح لهم من قبل الشعب ، لأنّ حقّ الولاية من وجهة النظر التوحيدية إنّما هو للَّه لا غير ، وهذا المنصب إنّما يكون للذين عيّنهم اللَّه تعالى مباشرة أو عن طريق أوليائه ، أمّا اعتبار الشعب هو الأساس ونفي الجانب الإلهي للحكومة فنابع من عقائد الشرك غير التوحيدية.
والمقصود أنّ الشعب إنّما يعلن دعمه لفقيه ما حينما يراه أفضل وأليق من كل الفقهاء ، ولو كان الانتخاب بيد الشعب ، ولما كانت هنالك ضرورة لانتخابه من بين الفقهاء ، بل لأمكنهم انتخاب من شاؤوا لهذا الأمر ، سواء كان فقيهاً أم لم يكن.
وخلاصة القول : إنّ الشعب لا يضع أحداً على سدة الحكم ، لأنّ هذا الحق خاص باللَّه تعالى ، ودور الناس إنّما يقتصر على انتخاب شخص من بين الذين منحهم اللَّه تعالى حق الولاية ، ولو تمّ التعبير ب «الانتخاب» فهذا لا يعني ما يروج له العالم المادي ، والقرائن الحالية والمقالية شاهد صدق على هذه الحقيقة ، وهي أنّ حقيقة هذين الانتخابين متفاوتة تماماً.
(تأمل جيداً).
وعلى هذا ، فإنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان ولياً من قِبل اللَّه تعالى حتى قبل بيعة الناس له ، ومن الجدير بالذكر أنّ اللَّه تعالى قد منح هذه الولاية له عليه السلام طبقاً لصريح آية الولاية : {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ}. (المائدة/ 55)
وطبقاً لحديث الغدير المتواتر وجملة : «مَنْ كُنْتُ مَولَاه فَهذا عَلىٌّ مَولَاه» ، حيث إنّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله قد عيّنه رسمياً لهذا المنصب من قبل اللَّه تعالى ، لكن بيعة الناس للآخرين حالت بينه وبين تطبيق ولايته مدّة من الزمن ، ولم يمكن تجسيد هذه الولاية إلّا بعد بيعة الناس له عليه السلام. أجل ، فالشعب قد هيأ الأرضية للتنفيذ ، لا أنّه أوصله إلى مقام الولاية الفعلي.
وكذا الأمر بالنسبة للفقهاء ، حيث إنّهم- وطبقاً لما سيأتي من الأدلة- كلما تمتعوا بحسن التدبير والإدارة والإحاطة بأمور الزمن وشروطه فضلًا عن الاجتهاد والعدالة ، فلهم الولاية الفعلية من قبل اللَّه تعالى ، لكن تطبيق هذه الولاية يحتاج إلى مقدمات وعلى رأس هذه المقدّمات دعم الشعب وتأييده.
وهكذا الحال في النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ، إذ إنّه لم يتمكن من تشكيل الحكومة فترة وجوده في «مكة» ، بل قام بتشكيلها حينما دخل المدينة وكان دعم الشعب كافياً لذلك والعقبات قد ازيلت ، لكن هذا لا يعني أنّ النبي صلى الله عليه وآله لم تكن له الولاية في مكة ، وأنّها منحت له من قبل الناس في المدينة ، (تأمل جيداً).
______________________
(1) نهج البلاغة ، الخطبة 3.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|