أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-08-2015
2336
التاريخ: 25-12-2015
4084
التاريخ: 22-7-2016
7218
التاريخ: 13-08-2015
6694
|
في حقبة قلقة من تأريخ العراق، حيث الصراع الدامي بين الفرس الصفويين والأتراك العثمانيين الى جانب ضعف الحالة الاجتماعية والثقافية، عاش العالم الجليل عبد القادر بن عمر بن بايزيد بن الحاج أحمد البغدادي (1) الذي رفد المكتبة العربية بذخيرة قيمة لا زال طلاب المعرفة يعودون اليها ويستفيدون منها:
ولد في بغداد سنة 1030هـ في أسرة محبة للعلم والأدب، وتردد على مدارس بغداد منذ الصبا وأخذ من علمائها واتقن الى جانب اللغة العربية اللغتين التركية والفارسية.
نزح الى دمشق سنة 1048هـ واتصل بنقيب الاشراف الطالبيين فيها محمد ابن كمال الدين الحسيني، فأكرمه واحتفى به وجعل له منزلا قبالة داره، وأفاده من علمه، واتصل كذلك بالعلماء الأفذاذ الآخرين ودر عليهم علوم اللغة العربية ولا سيما الإمام محمد بن يحيى الفرضي.
ورحل الى القاهرة سنة 1050هـ لاستكمال متطلبات دراسته، وطاب له المقام فيها، واختلف الى مجالس العلماء والأدباء أمثال شهاب الدين الخفاجي وياسين بن زين الدين الحمصي وسري الدين الدروري والبرهان ابراهيم المأموني .. وقد أجازه الخفاجي بمؤلفاته كلها. وكان كثير الاكبار والتعظيم له، قال (2): (جميع ما حفظته قطرة من غدير الشهاب، وما استفدت هذه العلوم الأدبية إلا منه)، ولازم مكتبته وقرأ ما فيها من كتب مهمة ثم تملك أكثرها بعد وفاته، وقال عن نفسه (3): (وكنت ممن مرن في علم الأدب، حتى صار يلبيه من كتب؛ وأفرغ في تحصيله جهده، وبذل فيه وكده وكده، وجمع دواوينه، وعرف قوانينه، واجتمع عنده بفضل الله من الأسفار، ما لم يجتمع عند أحد في هذه الأعصار).
وكانت القسطنطينية عاصمة الدولة العثمانية ومحط أنظار الأدباء والعلماء آنذاك، فسافر اليها سنة 1077 هـ ومكث قليلاً فيها ثم عاد الى القاهرة ثانية واتصل بواليها ابراهيم باشا وصار نديماً له وسميراً، وحينما عزل هذا الوالي رافقه الى ادرنا في تركيا سنة 1085هـ ومن هناك اتصل بالوزير العالم الأديب أحمد بن محمد باشا كوبرلي ونال إعجابه، وهو الذي معهد له سبيل الوصول الى السلطان محمد بن السلطان ابراهيم، وأهدى لهذا السلطان كتابه الكبير الموسوم بـ (خزانة الأدب).
مرض في أدرنة، وأصيب بالرمد، وعاد الى القاهرة، وتوفي بها سنة 1093هـ.
آثاره:
1- خزانة الأدب ولب لباب الأدب، وأفضل طبعة لهذا الكتاب بتحقيق عبد السلام محمد هارون.
2- شرح شواهد شرح الشافية للرضي الاستراباذي، وهو مطبوع.
3- شرح أبيات مغني اللبيب وهو مطبوع.
4- حاشية على شرح بانت سعاد لابن هشام، وهو مطبوع.
5- شرح التحفة الشاهدية باللغة العربية، وهو منظومة باللغة التركية لابراهيم دده الشاهدي، منه نسخة خطية بالمكتبة التيمورية.
6- رسالة في معنى التلميذ، نشرها عبد السلام محمد هارون في مجلة المقتطف سنة 1945، وأعاد نشرها في المجلد الأول من نوادر المخطوطات.
7- شرح مقصورة ابن دريد.
8- رسالة في توجيه قراءة ابن محيصن في الاستبرق وتحقيق كونها معربة.
9- مختصر تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون لخليل بن أبيك الصفدي.
10- مقصد المرام في عجائب الاهرام.
11- لغة شاهنامة، شرح فيه باللغة التركية غريب الألفاظ الفارسية في كتاب شاهنامة. طبع في بطرسبرج سنة 1895.
12- تراجم العلماء، منه نسخة في مكتبة عاشر أفندي 1: 627 وأهم هذه الكتب وأجلها كتاب (خزانة الأدب)، وهو شرح لشواهد الكافية (957 شاهداً)، والكافية كتاب في النحو لابن الحاجب المتوفي سنة 646هـ وقد أهدى هذا الكتاب الى السلطان محمد بن السلطان ابراهيم العثماني، ويعد أعلى موسوعة في علوم العربية وآدابها، شحنه بالنصوص النادرة، وحفظ لنا به بقايا من كتب قد فقدت أو اندثرت، مع عناية حازمة بالنقد والتحقيق لكل ما يورده من ذلك.
هذا الى سرده لكثير من أمثال العرب وبيان معانيها ومضاربها وأصولها وحشده للغات القبائل ولهجاتها، وحرصه على إيراد قصائد الأبيات التي تعرض لها، مع شرح الكثير منها شرحاً محققاً، مستطرداً في ذلك الى أخبار العرب وذكر أيامها في الجاهلية والاسلام، الى العناية الكاملة بالمقصد الأول لشرح الشواهد، وهو تحقيق المسائل النحوية، واستيعاب دراستها، مع الاعتماد على أمهات النحو ومطولاته، ومراجع شروح الشواهد، في علاج علمي نقدي (4).
نثره:
كان عبد القادر البغدادي فطناً ذكياً، قرأ مئات الكتب، وحفظ شيئاً كثيراً منها، فاكتسب بذلك حذقاً ومهارة في نقد النصوص ومقارنتها. وكان دقيقاً، يتحرى الصحة في الكتابة ولا يتحرج من التنبيه على بعض ما وهم فيه أساتذته أو السابقون له كما يفعل المحقق الثبت المتمكن من مادته العلمية. قال المحيي عنه (5): (وكان فاضلاً بارعاً مطلعاً على أقسام كلام العرب النظم والنثر، راوياً لوقائعها وحروبها وايامها، وكان يحفظ مقامات الحريري وكثيراً من دواوين العرب على اختلاف طبقاتهم، وهو أحسن المتأخرين معرفة باللغة العربية والأشعار والحكايات البديعية مع الثبت في النقل وزيادة الفضل والانتقاد الحسن ومناسبة ايراد كل شيء منها في موضعه مع اللطافة وقوة المذاكرة وحسن المنادمة).
إن اسلوب عبد القادر البغدادي سهل مرسل، لا غرابة فيه ولا تعقيد غايته إيصال المعرفة ودقائق العلم الى القراء بأيسر الطرق، خاصة في كتبه التي اتخذت طابع الشرح والإيضاح والتبيين، من ذلك قوله موضحاً منهجه في تأليف كتاب خزانة الأدب (6): (ولهذا اجتهدنا في تخريج أبيات الشرح، وفحصنا عن قائليها، حتى عزونا كل بيت الى قائله – ان أمكننا ذلك – ونسبناه الى قبيلته أو فصيلته، وميزنا الاسلامي عن الجاهلي، والصحابي عن التابعي، وهلم جراً، وضممنا الى البيت ما يتوقف عليه معناه، وان كان من قطعة نادرة أو قصيدة عزيزة، أوردناها كاملة وشرحنا غريبها ومشكلها، وأوردنا سببها ومنشأها، كل ذلك بالضبط والتقييد، ليعم النفع، ويؤمن التحريف والتصحيف، وليوثق بالشاهد لمعرفة قائله، ويدفع احتمال ضعفه). لقد طغت الصفة العلمية على القطعة السابقة، فلا يجد القارئ في فهمها صعوبة أو كداً للذهن، يضاف الى ذلك بعدها عن الزخارف اللفظية والتعقيدات المعنوية وننقل هنا نصاً آخر له تأكيداً لما قلناه عن أسلوبه، وذلك قوله عن الأبيات التي أوردها سيبويه في كتابه (7): (ولكون أبياته أصح الشواهد، التزمنا في هذا الشرح أن ننص على ما وجد فيه منها بيتاً بيتاً، ونميزها عن غيرها، ليرتفع شأنها ويظهر رجحانها، وربما روي البيت الواحد من أبياته أو غيرها على أوجه مختلفة، وربما لا يكون موضع الشاهد في بعضها أو جميعها، ولا ضير في ذلك؛ لأن العرب كان بعضهم ينشد شعره للآخر فيرويه على مقتضى لغته التي فطره الله عليه وبسببه تكثر الروايات في بعض الأبيات، فلا يوجب ذلك قدحاً فيه ولا غضاً منه، فإذا وقع في هذا الشرح من ذلك شيء نبهنا عليه).
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) ينظر التقديم الذي كتبه عبد السلام محمد هارون لكتاب خزانة الأدب 3 – 24.
(2) خلاصة الاثر 2: 452.
(3) خزانة الأدب 1: 3.
(4) تقديم عبد السلام محمد هارون لكتاب خزانة الأدب ص19. وينظر (عبد القادر بن عمر البغدادي وجهوده النحوية واللغوية في خزانة الأدب) تأليف حسن سليمان حسن، رسالة ماجستير – بجامعة الموصل، كلية الآداب 1985.
(5) خلاصة الأثر 2: 456.
(6) خزانة الأدب 1: 15.
(7) خزانة الأدب 1: 17.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|