المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17808 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



الناسخ والمنسوخ  
  
4176   01:50 مساءً   التاريخ: 5-5-2017
المؤلف : عدي جواد الحجّار
الكتاب أو المصدر : الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني
الجزء والصفحة : ص312-322.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / الناسخ والمنسوخ /

النسخ في اللغة: النقل والتحويل والازالة، قال الجوهري: (نسخت الشمس الظل وانتسخته: ازالته. ونسخت الريح آثار الدار، ونسخت الكتاب، وانتسخته، واستنسخته كله بمعنى)(1).

واصطلاحا: (هو رفع امر ثابت في الشريعة المقدسة بارتفاع امده وزمانه، سواء أكان ذلك الامر المرتفع من الاحكام التكليفية ام الوضعية، وساء اكان من المناصب الإلهية ام من غيرها من الأمور التي ترجع الى الله تعالى بما انه شارع)(2).

وبعبارة أخرى هو: (إحلال حكم مكان حكم لمصلحة معلومة او مجهولة، فالناسخ هو المتاخر نزولا في القرآن والمنسوخ هو المتقدم نزولا في القرآن)(3).

وذلك يعني ان يكون الحكم المجعول مقيدا يزمان خاص معلوم عند الله، مجهول

عند الناس، ويكون ارتفاعه بعد انتهاء امد الزمان الذي قيد به، وحلول غايته الواقعية. والنسخ بهذا المعنى ممكن، وينصب ذلك على نسخ الحكم من دون التلاوة: وهو المشهور بين العلماء والمفسرين، وقد الف فيه جماعة من العلماء، وذكروا الناسخ والمنسوخ، وخالفهم البعض، فانكروا وجود المنسوخ في القرآن. وقد اتفق الجميع على امكان ذلك، وعلى وجود آيات من القرآن ناسخة لأحكام ثابتة في الشرائع السابقة، ولأحكام ثابتة في صدر الإسلام.

فالحكم الثابت بالقرآن ينسخ بآية أخرى منه ناظرة الى الحكم المنسوخ، ومبينة لرفعه.

اما ان ينسخ الحكم الثابت بالقرآن بآية أخرى غير ناظرة الى الحكم السابق، ولا مبينة لرفعه، التزاما بالنسخ لمجرد التنافي بينهما ويلتزم بان الآية المتأخرة ناسخة لحكم الآية المتقدمة، فالتحقيق: ان هذا غير واقع في القرآن، كيف وقد قال الله عز وجل:

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]... (4).

(ولكن كثيرا من المفسرين وغيرهم لم يتأملوا حق التأمل في معاني الآيات الكريمة، فتوهموا وقوع التنافي بين كثير من الآيات، والتزموا لا جله بان الآية المتأخرة ناسخة لحكم الآية المتقدمة، وحتى ان جملة منهم جعلوا من التنافي ما اذا كانت احدى الآيتين قرينة عرفية على بيان المراد من الآية الأخرى، كالخاص بالنسبة الى العام، وكالمقيد بالإضافة الى المطلق، والتزموا بالنسخ في هذه الموارد وما يشبهها، ومنشأ هذا قلة التدبر، او التسامح في اطلاق لفظ النسخ بمناسبة معناه اللغوي، واستعماله في ذلك وان كان شائعا قبل تحقق المعنى المصطلح عليه، ولكن اطلاقه – بعد ذلك – مبني على التسامح لا محالة)(5).

ولعل بعض ذلك ناشئ من انه قد يطلق لفظ النسخ في لسان المتقدمين والمقصود منه التخصيص، (فالتقييد عندهم ناسخ للإطلاق، لان المطلق متروك الظاهر مع مقيده، والتخصيص عندهم ناسخ للعموم، لان العام اهمل منه ما دل عليه الخاص)(6) وإذ لم يكن الاصطلاح مستقرا على ما هو عليه اليوم، فقد وقع الخلاف في كثير من موارده، من حيث العلاقة بين الآيتين من جهة التباين الكلي او الجزئي بين حكمي الموضوع الواحد، ومن حيث تاريخ نزول الآيتين من ناحية تقدم ايهما على الأخرى، فقد مر اطلاق النسخ عند علماء القرآن والمفسرين بمراحل متعددة من التطور، وهذه المراحل تبدا منذ العصور الأولى لهذا العلم، حيث كان بعض الصحابة يطلق كلمة النسخ على مجرد مخالفة آية لأخرى في الظهور اللفظي، حتى لو كانت هذه المخالفة على نحو العموم والخصوص، كما أشار الجصاص (ت 370هـ) الى ذلك في ما ورد عن قتادة (ت 117هـ) في تفسير قوله تعالى:
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ} [البقرة: 228].

(فجعل عدة المطلقات ثلاث حيض، ثم نسخ منها التي لم يدخل بها في العدة، ونسخ من الثلاثة القروء امرأتان :

{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: 4].

او كانت احدى الآيتين مطلقة والأخرى مقيدة)(7)، ثم علق على ذلك قائلا: (فانه اطلق لفظ النسخ في الآية واراد به التخصيص، وكثيرا ما يوجد عن ابن عباس وعن غيره من اهل التفسير اطلاق لفظ النسخ ومرادهم التخصيص، فإنما أراد قتادة بذكر النسخ في الآية التخصيص لا حقيقة النسخ، لأنه غير جائز ورود النسخ الا فيما قد استقر حكمه وثبت، وغير جائز ان تكون الآيسة مرادة بعدة الاقراء مع استحالة وجودها منها، فدل على انه أراد التخصيص)(8). وهذا التعليق تام في بيان استعمال المتقدمين لفظ النسخ في موارد التخصيص.

ولعل ذلك نتيجة للتوسع في فهم اصل الفكرة، كما يمكن ان تكون نتيجة الفهم الاولي لأول وهلة لبعض الآيات القرآنية. ومن هنا وقع الاختلاف بين العلماء في تعيين الآيات المنسوخة والآيات الناسخة. فبين من بلغ بتعدادها الى (138) موردا، وبين من انكر وقوعه(9).

وقد أشار البحث الى جملة اختلافاتهم في الفصل الثاني من هذه الرسالة، عند ذكر الاختلاف في الناسخ والمنسوخ(10).

وتشتمل مباحث النسخ على مفردات دقيقة، ينبغي للمفسر ان يتنبه اليها، لما يترتب عليها من دلالات الخطاب، لتوظيفه في بيان المراد، كنسخ التخفيف، ونسخ التخيير، ونسخ آية بآية على قراءة معينة من دون غيرها، ونسخ آية متأخرة تلاوة، بأخرى متقدمة عليها بالتلاوة.

فالنسخ من ابرز الموضوعات الخاصة بأسس التفسير التي يوظفها المفسر ابان

عمله التفسيري، فلا يسع جهله لمن شرع الى التفسير(11)، فهو باب واسع ذو أهمية كبرى لما له من الدخل في بيان المراد بعد التأمل في معنى آيتين متعلق بموضوع واحد وحكم مختلف، وتتمثل هذه الأسس بجملة من الضوابط، فمنها:

1- التثبت من حد النسخ وتعريفه لئلا يختلط بالتخصيص والتقييد(12).

2- وجود التنافي بين لساني النصين ليقال بالنسخ، بحيث لا يمكن العمل بهما جميعا(13).

3- معرفة تاريخ نزول الآيات لمعرفة المتقدم والمتأخر من النصين(14).

4- النظر الى امكان تعلق مفاد آية بامد تنتهي به، بغض النظر عن النص اللاحق. فان هذا اللاحق والحال هذه لا يكون من النسخ في شيء(15).

5- ليس لخبر الواحد صلاحية نسخ ما دليله القرآن، اذ ليس لما يقتضى الظن نسخ دلالة النص القرآني(16).

6- اذا كان احتمال النسخ مبتنيا على مفادين تفسيرين مختلفين، حيث لا يمكن معها الجمع الدلالي بين الآيتين، فلابد ان يكون طريقة التفسير الذي يبتني عليه النسخ،

وثبت به الناسخ مثل طريقة التفسير الذي ثبت به تفسير المنسوخ او اقوى منه(17).

7- امكان نسخ آية متاخرة تلاوة، باخرى متقدمة عليها بالتلاوة(18).

8- صيانة مقاد الآيات من النسخ مهما امكن، اذ ان النسخ على خلاف الأصل(19).

9- أولوية التخصيص على النسخ اذا دار الامر بينهما(20)
10- ان يكون المنسوخ أيضا حكما شرعيا لا عقليا(21).

ولما لم تؤخذ الأسس الضابطة للنسخ بنظرة جدية كثر الاخذ والرد في امكان النسخ وامتناعه في القرآن الكريم، كما وقع التباين في اقوال المفسرين في كثير من الآيات، بين قائل بالنسخ، ومنكر له، وبين من يدعي النسخ بآية معينة، ومدعي النسخ بغيرها، الى غير ذلك من الأمور التي ذكرها المفسرون والباحثون في علوم القرآن(22)، وعلى ذلك ابتنى التشاح في عدد المنسوخ من آي القرآن الكريم، فمنهم من بلغ بها (في كتب التفسير وغيرها آيات كثيرة ادعى نسخها. وقد جمعها أبو بكر النحاس في كتابه (الناسخ والمنسوخ) فبلغت (138 آية))(23)، ومنهم من ذكر في سورة واحدة (24) آية منسوخة، قال ابن حزم: (سورة النساء: وهي تحتوي على اربع وعشرين آية منسوخة)(25)، ونظم السيوطي في بيان النسخ، بعد ان ذكر ما اختاره من الآيات المنسوخة، قائلا: (فتمت عشرون، وقد نظمتها في ابيات فقلت:

قد اكثر الناس في المنسوخ من عدد               وادخلوا فيه آيا ليس تنحصر

وهاك تحرير آي لا مزيد لهــــــــــــا               عشرين حررها الحذاق والكبر)(26)

مشيرا الى ان عدد ما ادعي نسخه غير منحصر كثرة، الا انه اختار القول بان المنسوخ عشرون آية، على ما حرره كبار العلماء.

ولم يتفق كلامهم مثل ما اتفق على نسخ آية الا في آية النجوى، وهي قوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المجادلة: 12].

حيث ذهبوا الى نسخها بقوله تعالى:

{أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المجادلة: 13].

(فقد استفاضت الروايات من الطريقين(27): ان الآية المباركة لما نزلت لم يعمل

بها غير علي (عليه السلام) فكان له دينار فباعه بعشرة دراهم، فكان كلما ناجى الرسول (صلى الله عليه واله) قدم درهما حتى ناجاه عشر مرات)(28).

قال الآلوسي: (وفي هذا الامر تعظيم الرسول (صلى الله عليه واله) ونفع للفقراء وتمييز بين المخلص والمنافق ومحب الآخرة ومحب الدنيا ودفع للتكاثر عليه (صلى الله عليه واله) من غير حاجة مهمة، فقد روى عن ابن عباس، وقتادة: ان قوما من المسلمين كثرت مناجاتهم للرسول عليه الصلاة والسلام طول جلوسهم ومناجاتهم فنزلت، واختلف في ان الامر للندب او للوجوب، لكنه نسخ بقوله تعالى: ((أأشفقتم))... ولم يعمل بها على المشهور غيره كرم الله تعالى وجهه [يعني عليا عليه السلام]، اخرج الحاكم وصححه، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وغيرهم عنه كرم الله تعالى وجهه انه قال: ان في كتاب الله تعالى لآية ما عمل بها احد قبلي ولا يعمل بها احد بعدي آية النجوى: ((يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم)).. الخ، كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت كلما ناجيت النبي (صلى الله عليه واله) قدمت بين يدي نجواي درهما، ثم نسخت فلم يعمل بها احد، فنزلت ((أأشفقتم))(29).

ومما يتصور من وجوه الحكمة في نزول الآية ونسخها، ان النزول كان من باب التاديب او الردع عن إيذاء الرسول(صلى الله عليه واله)، وكذا الامتحان لبيان قوة الايمان وضعفه ليعرف كل امرئ قدر نفسه، وبيان أهمية مواساة الفقراء.

ولا ريب في ان الاعراض عن المناجة يفوت كثيرا من المنافع والمصالح العامة من معرفة الاحكام وغيرها مما يعرف من طريق الشارع. فمن وجوه الحكمة في رفع الحكم هو حفظ تلك المنافع فرفع الله عنهم وجوب الصدقة بين يدي المناجاة تقديما لتلك المصلحة المهمة، وامرهم بالتأكيد على الالتزام بإقامة الصلاة، وايتاء الزكاة، واطاعة الله ورسوله، فهو باب للتقرب الى الله ورسوله، وفيه تنبيه على ان التقرب الى الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه واله)، ليس ضابطه مناجاة الرسول الصورية فقط والتي كشف الله النقاب عنها بآية النجوى، وانما بالالتزام باركان الدين ثم لتكن المناجاة عن حاجة حقيقية بنية خالصة، هو الذي يرقى بالإنسان الى مدارج الكمال.

فلقد انتظمت آية النجوى (مجابهة للفضوليين، الذين كانوا ياخذون عليه راحته، ويزاحمونه وهو في رحاب بيته، بين افراد عائلته وزجاته، فينادونه باسمه المجرد، ويطلبون لقاءه دون موعد مسبق، بما عبر عنه القرآن بصراحة:

{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } [الحجرات: 4].

واستأثر البعض من هؤلاء وغيرهم بوقت القائد، فكانت الثرثرة والهذر، وكان التساؤل والتنطع، دون تقدير لملكية هذا الوقت، وعائدية هذه الشخصية، فحد القرآن من هذه الظاهرة، واعتبرها ضربا من الفوضى، وعالجها بوجوب دفع ضريبة مالية، تسبق هذا التساؤل او ذاك الخطاب، فكانت آية النجوى... وكان لهذه الآية وقع كبير، فامتنع الاكثرون عن النجوى، وتصدق من تصدق، فسال ووعى وعلم، وانتظم المناخ العقلي بين يدي الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) فكف الفضول، وتحددت الأسئلة، ليتفرغ النبي (صلى الله عليه واله) للمسؤولية والقيادة. ولما وعت الجماعة الإسلامية مغزى الاية، وبلغ الله منها امره، نسخ حكمها ورفع، وخفف الله عن المسلمين بعد شدة مؤدبة، وفريضة رادعة، وتانيب، في آية النسخ)(30).

وعلى ذلك فلا مناص من الالتزام بالنسخ، وان الحكم المجعول بالآية الأولى قد نسخ وارتفع بالآية الثانية.

وهذا النسخ مما كانت الآية الناسخة ناظرة فيه الى انتهاء امد الحكم المذكور في الآية المنسوخة، ومع ذلك فنسخ الحكم المذكور في الآية الأولى ليس من جهة اختصاص المصلحة، التي اقتضت جعله بزمان من دون زمان، اذ ان زمان الآية الأولى عام لجميع ازمنة حياة الرسول (صلى الله عليه واله) لولا النساخ، ولكن الحرص على المال، والاشفاق من تقديم الصدقة بين يدي المناجاة كان مانعا من استمرار الحكم المذكور ودوامه، فنسخ الوجوب وابدل الحكم بالترخيص.

ففي جعل هذا الحكم ثم نسخه، تنبيها وتاديبا، واتماما للحجة. فقد ظهر بذلك ان الصحابة كلهم آثروا المال على مناجاة الرسول الاكرم، ولم يعمل بالحكم غير امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام). وترك المناجاة وان لم يكن معصية لله سبحانه، لان المناجاة بنفسها لم تكن واجبة، ووجوب الصدقة كان مشروطا بالنجوى، فاذا لم تحصل النجوى فلا وجوب للصدقة ولا معصية في ترك المناجاة، الا انه يدل على ان من ترك المناجاة يهتم بالمال اكثر من اهتمامه بها. وفي نسخ هذا الحكم بعد وضعه ظهرت حكمة التشريع، وانكشفت منة الله على عباده(31).

وكلما نظر المشتغل في التفسير وجد أهمية كبرى للأسس التي يبرمجها في استخلاص بياناته وافاداته التفسيرية، كما اجتمع ذلك في شرائط القول بالنسخ في آية النجوى، ابتدأء بالنثبت من حد النسخ، ثم النظر الى وجود التنافي بين لساني النصين، الذي يقتضي القول بالنسخ، والتامل في تاريخ نزول الآيات لمعرفة المتقدم والمتاخر منها، ثم لابد من البناء على ان النسخ على خلاف الأصل واولوية التخصيص على النسخ اذا دار الامر بينهما، وملاحظة كون المنسوخ أيضا حكما شرعيا لا عقليا.

فلابد من الإحاطة بتلك الأسس وما يبتني عليها، لئلا يقع المفسر والباحث في خطر الحكم بنسخ آية وهي غير منسوخة، فيعطل نصا قرآنيا مقدسا أراد الله تعالى له الخلود رسما وحكما.

ـــــــــــــــــــــ

1) الجوهري: الصحاح 1/433.

2) أبو القاسم الخوئي: البيان في تفسير القرآن/277.

3) محمد حسين علي الصغير: المبادئ العامة في تفسير القرآن الكريم/ 55.

4) ينظر: أبو القاسم الخوئي – البيان في تفسير القرآن: 277.

5) أبو القاسم الخوئي – البيان في تفسير القرآن: 279.

6) مصطفى زيد – النسخ في القرآن الكريم: .110

7) احكام القرآن: 1/456.

8) المصدر نفسه: 1/457.

9) ينظر: أبو القاسم الخوئي: البيان في تفسير القرآن/ 277.

10) ينظر: الاختلاف في النسخ والمنسوخ: 99.

11) ينظر: الثعلبي- تفسير الثعلبي: 1/254.

12) ينظر: ابن حزم-الاحكام: 4/438 والسرخس-أصول السرخسي: 2/35 والغزالي-المستصفى: 86/ 87 والطوسي – عدة الأصول: 1/ 339 وابن كثير – تفسير ابن كثير: 1/ 154.

13) ينظر: الطبرسي- مجمع البيان: 1/ 493 والراوندي- فقه القرآن: 2/ 306 وابن الجوزي – نواسخ القرآن: 23 و193 وأبو القاسم الخوئي – البيان في تفسير القرآن: 286 ومحمد باقر الحكيم – علوم القرآن: 206.

14) ينظر: ابن جزي – التسهيل لعلوم التنزيل: 1/7 والسرخسي – أصول السرخسي: 2/ 13 وحسن بن علي اصغر البجنوردي – متنهى الأصول: 1/ 261.

15) ينظر: الراوندي – فقه القرآن ج2/133-134 وابن حزم- الناسخ والمنسوخ: 7-8.

16) ينظر: الشيرازي-اللمع: 173 وابن الجوزي-نواسخ القرآن: 27 وأبو القاسم الخوئي- البيان في تفسير القرآن: 206 ومحمد باقر الحكيم-علوم القرآن: 213.

17) ينظر: أبو حيان الاندلسي – البحر المحيط: 3/204 والشوكاني-فتح القدير: 2/48 والشنقيطي -أضواء البيان: 1/124 -125.

18) ينظر: الرازي-تفسير الرازي: 5/80 وج6/170.

9) ينظر: الغزالي -المستصفى: 150 والرازي -تفسير الرازي: 6/ 170 والآمدي -الاحكام: 4/269 والآلوسي -تفسير الآلوسي: 8/46.

20) ينظر: الرازي- تفسير الرازي: 6/170 وضياء الدين العراقي-نهاية الأفكار: ج4 ق2/157-158.

21) ينظر: ابن حزم-الناسخ والمنسوخ: 7-8.

22) ينظر: مصطفى زيد-النسخ في القرآن الكريم: 552-562.

23) أبو القاسم الخوئي-البيان في تفسير القرآن: 277.

25) الناسخ والمنسوخ: 31.

26) الاتقان: 2/63.

27) ينظر: محمد بن سليمان الكوفي -مناقب الامام امير المؤمنين (عليه السلام): 1/188 وعلي بن إبراهيم – تفسير القمي: 2/357 ومحمد بن جرير الطبري (الشيعي) – المسترشد: 357 والحاكم النيسابوري -المستدرك: 2/482 والواحدي -أسباب النزول: 276 والحاكم الحسكاني –شواهد التنزيل: 2/312 وج2/320 وابن الجوزي -زاد المسير: 7/325 ونواسخ القرآن: 235 وابن البطريق – العمدة: 186 والزرندي الحنفي -نظم درر السمطين: 90 والزيلعي -تخريج الاحاديث والآثار: 3/431 والسيوطي-الدر المنثور: 6/ 185 والمتقي الهندي- كنز العمال: 2/521.

28) أبو القاسم الخوئي- البيان في تفسير القرآن: 274.

29) تفسير الآلوسي: 28/30 وينظر: الطبري -جامع البيان: 28/30 والثعلبي- تفسيرالثعلبي: 9/261 -262 وابن حزم- الناسخ والمنسوخ: 59 والطوسي- التبيان: 9/551 والزمخشري- الكشاف: 4/76 والطبرسي- مجمع البيان: 9/419 والثعالبي – تفسير الثعالبي: 5/403 والشوكاني- فتح القدير: 5/191 وأبو القاسم الخوئي- البيان في تفسير القرآن: 373 ومحمد حسين الطباطبائي -الميزان في تفسير القرآن: 19/189.

30) محمد حسين علي الصغير – تاريخ القرآن: 13-14.

31) ينظر: أبو القاسم الخوئي – البيان في تفسير القرآن: 276-279.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .