المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
اخذ المشركون لمال المسلم
2024-11-24
حكم الغنائم في البلاد المفتوحة
2024-11-24
احكام الاسارى
2024-11-24
الخرشوف Artichoke (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24

إعادة اختراع القيادة والتمكين
28-4-2016
The head parameter
2023-12-25
Lazare Nicolas Marguérite Carnot
8-7-2016
تقسيم اصناف الكاكي
3-1-2016
تحليل الدهون الكلية Total Lipids
1-2-2017
حجية الأحكام الصادرة في منازعات الجنسية
19-12-2021


الرقابة على القرارات التي لها قوة القانون في ظل القضاء الإداري العراقي  
  
5466   10:03 صباحاً   التاريخ: 12-4-2017
المؤلف : فارس عبد الرحيم حاتم
الكتاب أو المصدر : حدود رقابة القضاء الاداري على القرارات التي لها قوة القانون
الجزء والصفحة : ص170-180
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القضاء الاداري /

ولد القضاء الإداري العراقي بقانون التعديل الثاني رقم (106) لسنة 1989  المعدل لقانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 ، .... .وقد جاء هذا القضاء على خلفية ندرة الرقابة القضائية على القرارات التي لها قوة القانون إن لم يكن انعدامها . إلا أن القضاء الإداري لم تكن له لمسات واضحة في هذا المجال . وقبل أن نتناول رقابة القضاء الإداري على القرارات التي لها قوة القانون سوف نلقي الضوء على رقابة القرارات المذكورة قبل إنشاء هذا القضاء ، وذلك لكي نتمكن من تقييم مدى تأثير وجود القضاء الإداري في رقابة القرارات التي لها قوة القانون في العراق . وعليه سوف نقسم هذا (الموضوع) إلى فرعين .

الفرع الأول : الرقابة على القرارات التي لها قوة القانون قبل إنشاء القضاء الإداري .

لقد تضمن القانون الأساسي للدولة العراقية كما علمنا نصاً يمنح السلطة التنفيذية حق إصدار قرارات لها قوة القانون، والذي ورد بالفقرة الثالثة من المادة (26) من الدستور . إلا انه مما يؤسف له أن الفقرة المذكورة قد حصنت المراسيم الصادرة بموجبها من رقابة القضاء العادي بنصها على أن ( …. تشمل لفظة ـ القانون ـ المراسيم الصادرة بمقتضى أحكام هذه المادة ما لم يكن في متنه قرينه تخالف ذلك )(1) . وبذلك فان الرقابة القضائية على المراسيم الصادرة بموجب هذه المادة تقتصر على المحكمة العليا التي تمارس الرقابة على دستورية القوانين وهو الأمر الذي يماثل الرقابة على لوائح الضرورة في مصر بعد إنشاء المحكمة الدستورية العليا، في اقتصار رقابة هذه اللوائح على المحكمة المذكورة ، إلا انه لم يسجل خلال العمل بدستور 1925 طعناً مرفوعاً أمام هذه المحكمة يختص بالمراسيم المذكورة(2). ونرى أن سبب ذلك يكمن في أن تحريك الدعوى أمام هذه المحكمة لمخالفة أحد القوانين لأحكام الدستور يكون بإرادة ملكية وبموافقة مجلس الوزراء وهو الأمر الذي لا يمكن حصوله بالنسبة لهذه المراسيم ، إذ كيف يمكن تصور قيام السلطة التنفيذية بالطعن في دستورية مرسوم له قوة القانون صادر عنها .  لذا نرى أن الرقابة القضائية على هذه المراسيم معدومة سواء من جهة القضاء الدستوري أو القضاء العادي . وعبثاً حاول ديوان التدوين القانوني ، وهو جهة استشارية (3) ، أن يمارس اختصاصه للحد من صدور المراسيم التي لها قوة القانون المخالفة لسندها الدستوري . إذ أن الحكومة تصر على رأيها المخالف لرأي الديوان إذا تطلبت مصلحتها ذلك (4) . وعليه فان المراسيم التي لها قوة القانون الصادرة بموجب المادة (26) من القانون الأساسي لسنة 1925 أصبحت سلاحاً خطيراً في يد السلطة التنفيذية ، فلا رقيب عليها في ذلك إلاّ مجلس الأمة الذي يتميز بضعفه أمام الحكومة . أما بخصوص الأحكام العرفية أو حالة الطوارئ والتي تعدّ تطبيقاً لنظرية الظروف الاستثنائية (5) في العراق ، فان القضاء العادي عدّ إعلان اللجوء أليها من أعمال السيادة ، ويتضح ذلك من حكم محكمة التمييز في 9/5/1966 الذي عرفت فيه أعمال السيادة بقولها ( إن أعمال السيادة حسبما جرى به الفقه والقضاء ـ هي تلك الأعمال التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة فتباشرها بمقتضى هذه السلطة العليا لتنظيم علاقتها بالسلطات الأخرى داخلية كانت أو خارجية أو تتخذها اضطراراً للمحافظة على كيان الدولة في الداخل أو الذود عن سيادتها في الخارج ومن ثم يغلب فيها أن تكون تدابير تتخذ في النطاق الداخلي أو في النطاق الخارجي أما لتنظيم علاقات الحكومة بالسلطات العامة وأما لدفع الأذى والشر عن الدولة في الداخل أو في الخارج ، وهي تارة تكون أعمالاً منظمة لعلاقات الحكومة بالمجلس الوطني أو مجلس الدفاع الأعلى وهي طوراً تكون تدابير تتخذ للدفاع عن الأمن العام من اضطراب داخلي بإعلان الإحكام العرفية أو إعلان حالة الطوارئ ) (6) . يظهر من هذا القرار القضائي أن المحكمة قد خلطت بين نظرية أعمال السيادة ونظرية الظروف الاستثنائية بالرغم من انهما مستقلتان ومختلفتان ، عن بعضهما في الأسس التي تستند إليها (7) . أما الإجراءات المتخذة تطبيقاً للأحكام العرفية أو حالة الطوارئ فان محكمة التمييز قد ظهرت مترددة بشأنها .فتارةً تبسط رقابتها عليها ، كما جاء في حكم لها بتاريخ 18/3/1957 الذي نقضت به حكم صادر عن محكمة البداءه برد الدعوى لعدم اختصاصها بنظرها، والتي رفعها أحد المحامين وذلك لمنعة من قبل سلطة الطوارئ من السفر لحضور مؤتمر المحامين في القاهرة . حيث ذكرت محكمة التمييز في قرارها بأنه ( ….. لم تبحث المحكمة سبب منع السفر وحيث أن القضاء له الولاية على تطبيق القانون بما يحول دون مخالفته أو التعسف في استعمال الحقوق ، حيث أن محكمة البداءه لم تحقق في الأسباب التي أدت إلى منع السفر فيكون قرارها برد الدعوى مخالفاً للقانون لذا قرر نقضه ) (8)  . ونرى محكمة التمييز تارةً أخرى تعدّ هذه الإجراءات من أعمال السيادة وتمتنع عن النظر فيها ، كما جاء في حكمها الصادر في 24/6/1959 والذي قضت فيه ( بعدم جواز المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي نجمت عن تطبيق القانون بصورة غير صحيحة في ظل الأحكام العرفية وليس للمحاكم ولاية النظر في أمثال هذه الطلبات ) (9) . يمكن القول أن القضاء العادي يميل إلى الامتناع عن الرقابة على الإجراءات المتخذة طبقاً للأحكام العرفية أو حالة الطوارئ ومنها القرارات التي لها قوة القانون اكثر من ميله إلى بسط رقابته عليها ،وهذا واضح من ندرة الأحكام التي تقر هذه الرقابة في مسيرة هذا القضاء .

الفرع الثاني : الرقابة على القرارات التي لها قوة القانون استناداً إلى القانون رقم (106) لسنة 1989 .

عند صدور قانون التعديل الثاني لمجلس شورى الدولة كانت القرارات التي لها قوة القانون الصادرة عن مجلس قيادة الثورة بموجب المادة (42ـ أ ) من دستور 1970 هي السائدة في النظام القانوني العراقي التي كانت ولا تزال تحتل مساحة واسعة جداً من هذا النظام وهو الأمر الذي أدى إلى الاستغناء عن اللجوء إلى حالة الطوارئ برغم الظروف التي مرت بها البلاد ... .

إن محكمة القضاء الإداري لم تخرج عمّا سار عليه القضاء العادي ، وهو عدم التعرض لهذه القرارات بالطعن ، بل الاستناد عليها في إصدار الأحكام دون مناقشة دستوريتها . إن المتتبع لقضاء مجلس شورى الدولة يرى كثرة الاستناد في أحكامه على قرارات مجلس قيادة الثورة . ويذهب هذا المجلس إلى عدّ هذه القرارات بأنها تحمل صفة قانون.

فقد جاء في حكم لمحكمة القضاء الإداري بتاريخ 20/12/2000 بأنه ( …. إذا نظرنا …. على أسباب وموجبات قرار مجلس قيادة الثورة رقم (157) لسنة 1994 فان الأهداف التي أرادها المشرع في إصدار هذا القرار والذي حصر فيه تسجيل التصرفات العقارية الناقلة للملكية ضمن حدود التصميم الأساسي لمدينة بغداد أو لمن تنتقل اليه الملكية أن يكون مسجلاً ضمن إحصاء 1957 أو أي إحصاء سابق له في بغداد أو المناطق الأخرى المشمولة به وما أراده المشرع في هذا القرار من تحقيق أهداف تنظيمية وعمرانية واقتصادية وتخطيطية وغيرها من أهداف ……. ) (10) .وكان قبل ذلك قد جاء في حكم لمحكمة القضاء الإداري بتاريخ 25/7/1997 بان ( لا تختص محكمة القضاء الإداري في تفسير القوانين وتعديلاتها أو القرارات الصادرة عن السلطة التشريعية ) (11)  . ويقصد بالقرارات هنا تلك الصادرة عن مجلس قيادة الثورة . يتبين لنا من الحكمين السابقين أن مجلس شورى الدولة يقر الصفة التشريعية لمجلس قيادة الثورة وان كل ما يصدر عنه يعدّ قانوناً بطبيعته طبقاً للمعيار الشكلي ، وحتى المعيار الموضوعي بالنسبة للكثير من قرارات مجلس قيادة الثورة التي تتضمن قواعد عامة مجردة .  إننا لا نؤيد السند الذي يعتمده مجلس شورى الدولة وهو عدّ هذه القرارات قوانين بطبيعتها ، إذ أن هذه القرارات لها قوة القانون فقط وليس طبيعته .فمجلس قيادة الثورة ليس سلطة تشريعية فقط ، وانما هو السلطة العليا في الدولة ، ويشارك السلطتين التشريعية والتنفيذية في اختصاصهما  . فليس بالضرورة أن ما يصدر عنه يكون بصفته سلطة تشريعية . كما أن المادة (42ـ أ) من دستور 1970 قد نصت على أن مجلس قيادة الثورة له ( إصدار القوانين والقرارات التي لها قوة القانون ) مما يعني أنها ميزت بينهما بحسب ما تدل عليه صياغة هذه الفقرة ، وعليه فان القرارات التي لها قوة القانون الصادرة بموجب هذه المادة هي ذات طبيعة إدارية وليست قانونية ، وبغير هذا القول تكون صياغة المشرع الدستوري هنا في التمييز بين القانون والقرارات المذكورة عبثاً . وهذا أمر من الصعب تصوره في مواد دستورية . ونتيجة لما تقدم فإننا نرى بان سند عدم خضوع هذه القرارات للرقابة القضائية هو اعمال السيادة لان القرارات التي لها قوة القانون الصادرة عن مجلس قيادة الثورة تصدر بالصفة التنفيذية وليس التشريعية لهذا المجلس . وإضافة للقرارات التي لها قوة القانون السابقة الذكر فقد صدر في 28/1/1993 التعديل الثالث والعشرون لدستور 1970 الذي بموجبه تمت إضافة الفقرة (ج) إلى المادة السابعة والخمسون من الدستور ، التي نصت على انه ( لرئيس الجمهورية عند الاقتضاء اصدار قرارات لها قوة القانون). ويمكننا القول هنا بان هذا النص قد ولد محصناً من الرقابة القضائية وذلك استناداً للفقرة (خامساً ـ أ ) من المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة التي استحدثت بقانون التعديل الثاني رقم (106) لسنة 1989 ، وقد جاء في هذه الفقرة بان ( لا تختص محكمة القضاء الإداري بالنظر في الطعون المتعلقة بما يلي: أ ـ اعمال السيادة وتعتبر من اعمال السيادة المراسيم والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية ) . فهنا جميع ما يصدر عن رئيس الجمهورية من مراسيم وقرارات ومنها القرارات التي لها قوة القانون الصادرة بموجب المادة (57ـ ج) التي تسمى القرارات الجمهورية تعدّ من اعمال السيادة (12) . إن أعمال السيادة هي نظرية ابتدعها مجلس الدولة الفرنسي لاسباب ذكرناها في المبحث الأول من هذا الفصل . وقد تبنت الكثير من الدول هذه النظرية ونصت عليها في قوانينها . ومن هذه الدول مصر ، إذ نصت المادة السادسة من قانون مجلس الدولة المصري رقم (112) لسنة 1946 على انه (لا تقبل الطلبات الاتيه : الطلبات المقدمة عن القرارات المتعلقة بالأعمال المنظمة لعلاقة الحكومة بمجلس البرلمان ، وعن التدابير الخاصة بالأمن الداخلي والخارجي للدولة وعن العلاقات السياسية أو المسائل الخاصة بالأعمال الحربية ، وعلى العموم سائر الطلبات المتعلقة بعمل من اعمال السيادة ) (13) . لقد أثار هذا النص انتقادات شديدة من قبل البرلمان والفقه المصريين وذلك لما تضمنه من تمثيل لاعمال السيادة . إذ قيل في هذه الانتقادات بأنه ليس من شان الشارع أن يحصر أعمال السيادة بنفسه وبأنه منذ أن نشأ مجلس الدولة الفرنسي لم يدر بخلد الشارع الفرنسي تحديد اعمال السيادة ، كما قيل بأنه لا يمكن سرد أمثلة لأعمال السيادة في مقام يقضي مجرد الإشارة إليها ، إذ أنها محل خلاف فقهي كبير ومحل تطور قضائي وفقهي مستمر . كما قيل في
انتقاد مسلك المشرع المصري بان هذه الأعمال يجب ترك أمر تحديدها للقضاء وذلك تبعاً لتطور الظروف والاعتبارات السياسية في الدولة (14) . وإزاء هذه الانتقادات فقد عدل المشرع المصري عن مسلكه هذا ونص في   المادة (12ـ1) من قانون مجلس الدولة رقم (165) لسنة 1955 على انه ( لا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في الطلبات المتعلقة بإعمال السيادة ) (15) . نستنتج مما تقدم من موقف الفقه المصري من تمثيل المشرع لاعمال السيادة بأنه كان على المشرع العراقي أن يبدأ من حيث انتهى مجلس الدولة المصري لا من حيث بدأ . وهو الذي استفاد مما توصل أليه كلاً من مجلسي الدولة الفرنسي والمصري في دعوى الإلغاء عند تنظيمه للعديد من عناصر هذه الدعوى في القانون رقم (106) لسنة 1989 . إن مسلك المشرع العراقي هذا كان محل انتقاد الفقه العراقي الذي أكد إن القضاء في فرنسا ومصر قد بسط رقابته على قرارات ومراسيم صادرة عن رئيس الجمهورية (16) . وكان من الأنسب ترك النص مطلقاً دون تمثيل تاركاً تقدير ما يعد من أعمال السيادة إلى القضاء ، وهو آخر ما توصل أليه القضاء الإداري في دول القضاء المزدوج (17) . كما ذكر الفقه بان ما جرى عليه العمل واجمع عليه الفقه في فرنسا ومصر أن القضاء هو الذي يضفي على العمل صفة اعمال السيادة (18) .

ونحن نؤيد الفقه فيما ذهب إليه ، ففكرة اعمال السيادة متغيرة تبعاً لظروف الدولة ولا يمكن تجميدها في نص تشريعي بل تترك لتقدير القضاء بحسب الأحوال السياسية والاقتصادية . لقد ذكرت محكمة القضاء الإداري المصري في حكم لها بأنه ( ….. لم يتيسر وضع تعريف حاسم أو حصر دقيق لاعمال السيادة ، إذ أن ما يعتبر عملاً إدارياً قد يرقى في ظروف وملابسات سياسية في دولة ما إلى مرتبة اعمال السيادة ، كما أن ما يعتبر عملاً ممن اعمال السيادة قد يهبط في ظروف أخرى إلى مستوى الأعمال الإدارية . وهذا النظر جميعه هو ما اتجه إليه الفقه والقضاء الإداريان في فرنسا ومصر ) (19) .

ولنا أن نقول في هذا الموضوع أن الفقرة (خامساً ـ أ ) من المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة تحجب حق التقاضي بصورة كاملة عن الأفراد في كل ما يصدر عن رئيس الجمهورية ، وهذا مخالف للمادة (63ـ ب) من دستور 1970 التي جعلت حق التقاضي مكفولاً لجميع المواطنين . وعليه فان الفقرة (خامساً ـ أ) هي غير دستورية وعلى القضاء عدم تطبيقها لتعارضها مع نص دستوري ، ومن واجب القاضي عند تعارض النصوص أن يغلب النص الأعلى مرتبة في التدرج القانوني (20)  . وإضافة إلى ذلك فإن لقضائنا الإداري أن يحذو حذو نظيرة المصري الذي قضى في ظل المادة السادسة من قانون مجلس الدولة لسنة 1946 بان (التدابير الخاصة بالأمن الداخلي والخارجي للدولة التي تعتبر من اعمال السيادة طبقاً للمادة السادسة من قانون إنشاء مجلس الدولة ، ويحرم تبعاً لذلك على محكمة القضاء الإداري التعرض لها هي تلك الإجراءات العليا التي تتخذها الحكومة بموجب سلطتها العليا في حفظ الأمن واستتبابه ورده إلى نصابه . أما تلك التي تتخذها تطبيقاً لنصوص القوانين واللوائح ومباشرة لتفاصيل سلطتها في هذا الشان فهي من القرارات الإدارية العادية التي تخضع لرقابة محكمة القضاء الإداري إلغاء وتعويض ) (21) . وتبعاً لذلك للقضاء الإداري العراقي أن يميز بين القرارات التي لها قوة القانون الصادرة من رئيس الجمهورية التي تتصل بوظيفة الحكومة بصفتها سلطة حكم ، أي التي تتصل بالمصالح العليا للدولة وعدّها اعمال السيادة . وبين تلك القرارات التي تصدر عن رئيس الجمهورية بوصفه سلطةً إداريةً (22) . في نهاية هذا المطلب نستنتج انعدام رقابة القضاء الإداري العراقي على القرارات التي لها قوة القانون وهو أمر له خطورته البالغة على حقوق وحريات الأفراد ، إذ أن القضاء الإداري وكما لحظنا ذلك في فرنسا ومصر هو الضمانة الفعالة لحماية الحقوق والحريات ، وعلى قضائنا الإداري أن يستفيد من تجارب القضاءين المذكورين ويبدأ من حيث انتهيا لا من حيث بدءا .

___________________

1- د. رعد الجدة ، التشريعات الدستورية في العراق. ص38 .

2- د. رافع شبر ، النظام الدستوري في العراق ، مذكرات مطبوعة بالرونيو ، كلية القانون ، جامعة بابل ، بلا سنة طبع . ص170 .

3- أنشئ ديوان التدوين القانوني بالقانون رقم (49) الذي صدر بتاريخ 11/7/1933 ودخل حيز النفاذ في 3/8/1933 . والغرض من إنشائه لتحقيق هدفين هما :

1ـ تدقيق اللوائح القانونية والأنظمة من قبل مؤسسة مختصة ، وإبداء الملاحضات نحو أساسها ومبادئها ، وعدم إعطاء مجال لتعارضها مع القانون الأساسي والقوانين الأخرى ، وذلك قبل تقديمها إلى مجلس الوزراء ، ليكون المجلس على علم من الأخطاء والنواقص التي قد تشوب اللوائح ، ولتكون القوانين والأنظمة متقنة من حيث مبادئها وصياغتها .

2ـ إبداء الرأي والمشورة نحو النقاط القانونية التي تتزود فيها الوزارات والدوائر التابعة لها بغية الاسترشاد بآرائه . د. عبد الرحمن نورجان الأيوبي : القضاء الإداري في العراق حاضره ومستقبله ، دار مطابع الشعب ، القاهرة ، 1965. ص270 .

4-  طلبت وزارة المالية بكتابها المرقم 830 والمؤرخ في 10/8/1950 إصدار مرسوم لإعفاء فوائد قروض من ضريبة الدخل ، فأبدى الديوان الرأي التالي :

( أن الفقرة الثالثة من المادة السادسة والعشرين من القانون الأساسي التي نصها " إذا ظهرت ضرورة أثناء عطلة المجلس لاتخاذ تدابير مستعجلة لحفظ النظام العام والأمن العام أو لدفع خطر عام أو لصرف مبالغ مستعجلة …. الخ " صريحة فيما يجوز تشريعه بمرسوم . ولما كان موضوع  لائحة مرسوم لإعفاء فوائد قروض من ضريبة الدخل غير داخل في عدد الجمل الثلاث في الفقرة الآنف الذكر فلا يجوز سنه بمرسوم . وعليه لا يجوز الإعفاء من الضريبة بمرسوم بل يجب بقانون .

ولا يجوز الاستناد في سن مرسوم إلى القانون ، وانما يجب أن يستند المرسوم إلى القانون الأساسي) . إلا أن وزير العدلية لم يوافق على هذا الرأي . ولما لم يسعفه الديوان برأي يوافق هوى الحكومة أجاب الوزير ( أؤيد الرأي الذي أثبته في الورقة المرفقة والممضاة من قبلي ، يكتب بهذا ) .

وهكذا فانه كتب إلى رئاسة ديوان مجلس الوزراء حسب رأي وزير العدلية ، أي انه أجاب بنفسه دون إحالة السؤال إلى ديوان التدوين .

د. عبد الرحمن نورجان الأيوبي ، مصدر سابق . ص270 .

5- د. فاروق أحمد خماس : الرقابة على أعمال الإدارة ، دار الكتب للطباعة والنشر ، كلية القانون ، جامعة الموصل ، 1988. ص50 .

    د. عبد الرحمن نورجان الأيوبي ، مصدر سابق . ص294ـ295 .

6-  ذكره د. ماهر صالح علاوي الجبوري : القرار الإداري ، دار الحكمة للطباعة والنشر ، بغداد ، 1991. ص172 .

7- تختلف نظرية اعمال السيادة عن نظرية الظروف الاستثنائية في عدة اوجه . منها من حيث رقابة القضاء ، إذ أن الأولى تمنع القضاء من مباشرة رقابته على الأعمال التي تدخل ضمن نطاقها . أما الثانية فإنها لا تمنع من الرقابة القضائية بل إن الرقابة هنا تكون على أساس المشروعية الاستثنائية .

كما إن نظرية أعمال السيادة تتصف بالدوام . بينما نظرية الظروف الاستثنائية تتصف بأنها دائماً مؤقتة . يُنظر في الاختلاف بين النظريتين المذكورتين . د. عبد الفتاح سايرداير : نظرية أعمال السيادة ، دراسة مقارنة ، مطبعة جامعة القاهرة ، القاهرة ، 1955  . ص134ـ136.

8- ذكره علي نجيب حمزة ، سلطات الضبط الإداري في الظروف الاستثنائية ( دراسة مقارنة ) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون ، جامعة بابل ، 2001 . ص161 .  

 لقد علمنا من دراستنا في الفصل الأول من هذه الرسالة لرقابة القضاء العادي العراقي للقرارات الإدارية ، إن القضاء العادي لا يلغي القرارات المعيبة بل يكتفي بمنع المعارضة فقط والتعويض إذا استلزم الأمر ذلك.    

9- ذكره عبد الأمير محسن مغير ، سلطة الإدارة في إصدار القرارات التنظيمية والرقابة عليها
( دراسة مقارنة ) ، رسالة ماجستير ، كلية القانون والسياسة ، جامعة بغداد ، 1980 . ص342 .

10- مجلة العدالة ، مجلة فصلية تصدرها وزارة العدل ، العدد الثالث ( تموز ـ أب ـ أيلول ) ، 2001 . ص113 .

11- د. عبد الباقي محمود سوادي: مسؤولية المحامي المدنية عن أخطائه المهنية ، الطبعة الأولى ، دار الحرية للطباعة ، بغداد ، 1979. ص101 .

12- وبموجب الفقرة ( خامساً ـأ ) من المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة فان الإجراءات الصادرة من رئيس الجمهورية تطبيقاً لحالة الطوارئ تعد من اعمال السيادة . 

13- ذكره د. عبد الفتاح ساير داير ، مصدر سابق ، ص707 . وقد تكرر نفس النص في المادة (7) من قانون مجلس الدولة رقم (9) لسنة 1949 . المصدر نفسه .

14- يُنظر في انتقادات البرلمان د. عبد الفتاح ساير داير ، مصدر سابق . ص714ـ717 .

أما انتقادات الفقه ، يُنظر د. طعيمه الجرف ، رقابة القضاء لاعمال الإدارة العامة ( قضاء الإلغاء ) ، مصدر سابق . ص97 . د. عبد الفتاح ساير داير ، مصدر سابق . ص718 . د. عثمان خليل ، القانون الإداري ، مصدر سابق . ص86. د. محسن خليل ، القضاء الإداري ورقابته لاعمال الإدارة ، مصدر سابق . ص92.  

15-  د. عبد الفتاح ساير داير ، مصدر سابق . ص707 .

16- د. عصام عبد الوهاب البرزنجي : مجلس شورى الدولة وميلاد القضاء الإداري العراقي ، مجلة العلوم القانونية ، العدد الأول والثاني ،المجلد التاسع ، 1990  . ص154 .

17- د. فاروق أحمد خماس : محكمة القضاء الإداري في ضوء القانون رقم ((106)) لسنة 1989 ، مجلة العلوم القانونية ، العدد الأول والثاني ، المجلد التاسع ، 1990. ص432 .

18- د. ماهر صالح علاوي الجبوري : القرار الإداري ، دار الحكمة للطباعة والنشر ، بغداد ، 1991 ص174 .

19- حكم محكمة القضاء الإداري بتاريخ 19/1/1956 . حمدي ياسين عكاشة : الأحكام الإدارية في قضاء مجلس الدولة ، الطبعة الأولى ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1997  ص117 .

20- جاء في حكم للمحكمة الإدارية العليا بتاريخ 12/7/1958 ( بان القانون لا يكون غير دستوري إلا إذا خالف نصاً دستورياً قائماً أو خرج على روحه ومقتضاه ومرد ذلك إلى أن الدستور هو القانون الأعلى فيما يقرره لا يجوز أن تهدده أية أداة أدنى وان وظيفة القضاء هي تطبيق القانون فيما يعرض له من الأقضية …… فإذا تزاحمت في التطبيق هذه التشريعات أو التنظيمات ( القرارات التنظيمية ) جميعاً وقام بينها التعارض وجب على القضاء أن يطبق القاعدة الأعلى في المرتبة فيغلب الدستور على القانون ويغلب القانون على القرار الإداري أياً كانت مرتبته …….. وذلك لأن المناط في الفصل عند التعارض هو إن الأعلى يسود الأدنى ) . ذكره د. فؤاد العطار : القضاء الإداري ، دار النهضة العربية ، 1962-1963ص21 .

21- حكم محكمة القضاء الإداري بتاريخ 13/4/1948 . وقد صدر حكم مشابه للحكم المذكور وذلك بتاريخ 6/6/1950 ( في ظل المادة " 7 " من قانون مجلس الدولة لسنة 1949 ) . ينظر حمدي ياسين عكاشة ، مصدر سابق . ص121 .

22- في مصر صدر قانون رقم 31 لسنة 1963 معدلاً لقانون مجلس الدولة متضمناً في مادته الأولى ، على أن ( تستبدل بالمادة " 12 " من القانون رقم " 55 " لسنة 1959 المشار أليه النص الآتي : لا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في الطلبات المتعلقة بإعمال السيادة ، ويعتبر من قبيل اعمال السيادة قرارات رئيس الجمهورية الصادرة بإحالة الموظفين العموميين إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم عن غير الطريق التأديبي …… ) .

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون بان اعمال السيادة التي يعني بها هذا القانون هي ( القرارات التي تتصل بوظيفة الحكومة بوصفها سلطة حكم ، أي تلك التي تتصل بمصالح الدولة العليا أو النظام
العام أو سير المرافق العامة وفقاً لما يجب أن تسير عليه بانتظام واطراد ، ومن ثم ، يتعين استبعاد ، من نطاق تطبيق هذا القانون ، القرارات التي تصدر من رئيس الجمهورية في هذا الخصوص باعتباره ممثلاً للسلطة التنفيذية بوصفها سلطة إدارية لا سلطة حكم ) يُنظر د. فؤاد العطار ، مصدر سابق . ص 534 .

وقد عاد المشرع المصري في قانون مجلس الدولة رقم " 47 " لسنة 1972 إلى إطلاق النص بشان اعمال السيادة ، إذ جاء في المادة " 11 " منه بان ( لا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة ) . يُنظر د. سليمان محمد الطماوي : النظرية العامة للقرارات الإدارية ، الطبعة الرابعة ، دار الفكر العربي ، 1976. ص138 .

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .