أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-6-2016
![]()
التاريخ: 29-4-2022
![]()
التاريخ: 29-4-2022
![]()
التاريخ: 2024-04-14
![]() |
تشكل القواعد العرفية والمبادئ العامة للقانون مصادر أخرى للمشروعية ومن ثم فان ذلك يرتب التزاما على عاتق الإدارة بوجوب احترامها وعم مخالفتها.
المطلب الأول
العرف
العرف عامة هو عادة درج الناس عليها في تنظيم علاقة من علاقاتهم، ان احسو بالزامها(1)، اما العرف القانوني فهو القواعد التي لم تصدر من السلطة العامة، بل نشات جراء الاستعمال العام المستمر مع الايمان بوجوب جزاء على مخالفتها. ولا خلاف حول قيمة العرف كونه مصدرا للقواعد القانونية سواء اكان في نطاق القانون العام ام في نطاق القانون الخاص. وما يهم من هذا المجال هو العرف الإداري، وهو ما يجري عليه العمل من جانب الإدارة في شان من شؤونها على نحو معين وبشكل مضطرد بحيث يشكل ذلك قاعدة ملزمة واجبة الاتباع ما لم تلغي او تعدل بقاعدة أخرى مماثلة. فالعرف بالمعنى السابق يؤدي الى خلق قواعد قانونية تتسم بالعمومية والتجريد ومن ثم فهي ملزمة لجهة الإدارة لانها أصبحت مصدرا من مصادر المشروعية وتعد مخالفتها مخالفة لمبدا المشروعية مما يؤدي الى الحكم ببطلان القرار او الاجراء الذي أصدرته جهة الإدارة. ولكي يحمل سلوك الإدارة صفة العرف فانه يجب ان يكون العمل او النظام الذي اتبعته الإدارة عاما ويجري تطبيقه بصفة دائمة وبصورة منتظمة، فاذا كان العمل به بصورة متقطعة فلا يكفي لانشاء عرف ملزم للإدارة. لكن الجدير بالذكر ان التزام الإدارة باحترام القواعد العرفية التي تضعها لا يعني ابدية هذه القواعد، بل ان الإدارة تملك تعديلها او العدول عنها كلما تطلبت دواعي التطور او اقتضت مصلحة العمل لك فاذا خالفت الإدارة عرفا سائدا، وكان ذلك بقصد العدول عن العرف المذكور وانشاء قاعدة جديدة تثبت افضليتها فلا يعد القرار او الاجراء الذي اتخذ – في هذه الحالة – بالمخالفة للعرف القديم باطلا، وكل ما يشترط هو ثبوت قصد الإدارة في العدول نهائيا وبصفة مطلقة عن العرف القديم(2). والقضاء هو المرجع في التثبت من توافر اركان العرف، وفي تحديد حقيقة موقف الإدارة بهذا الشأن. ومن جهة أخرى فانه لا يجوز مخالفة العرف لنص قائم، فمن المسلم به ان العرف ادنى مرتبة من النصوص القانونية المكتوبة من حيث تدرج القواعد القانونية حيث يأتي العرف بعد التشريع ومن ثم فلا يجوز للعرف ان يخالف نصا في التشريع ولا يملك الخروج عليه.
المطلب الثاني
المبادئ القانونية العامة
ويقصد بالمبادئ القانونية العامة القواعد القانونية غير المكتوبة التي يستخلصها القضاء ويكشف عنها بالرجوع الى روح التشريع وظروف المجتمع السياسية والاجتماعية ومبادئ العدالة والانصاف، ويعلنها في احكامه فتكتسب قوة الزامية وتصبح بذلك مصدرا من مصادر المشروعية.
ويعود الفضل في ابراز هذه المبادئ الى قضاء مجلس الدولة الفرنسي الذي عمل على استنباطها والكشف عنها وإعلان الزاميتها من خلال احكامه الكثيرة لاسيما في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية حتى أصبحت هذه المبادئ نظرية متكاملة حلت محل ما انهار من المبادئ الدستورية بسبب الاحتلال، حيث شهدت تلك الفترة عودة الحياة الدستورية اثر صدور دستور الجمهورية الرابعة سنة 1946، وتطبيق مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الافراد وكفالة تمتعهم بحرياتهم. والقضاء الإداري حين يقوم بالكشف عن هذه المبادئ والاعلان عن وجودها فانه لا يقوم بخلقها او انشائها وانما الكشف عنها باعتباره مبادئ موجودة وكائنة في الضمير العام للجماعة وضمير المشرع الذي لم يفصح عنها في نصوص صريحة. ومن امثلة المبادئ القانونية العامة التي اقرها مجلس الدولة الفرنسي – واقر اغلبها من بعد القضاء الإداري المصري – مبدا المساواة امام القانون، والمساواة امام الضرائب، والمساواة في استعمال الأموال العامة، وامام الوظائف العامة، والمسواة في الانتفاع بخدمات المرافق العامة، والمسواة امام الأعباء او التكاليف العامة، ومبدا استمرار سير المرافق العامة، ومبدا عدم رجعية القرارات الإدارية، ومبدا تخصيص المؤسسات العامة. وقد فرض مجلس الدولة الفرنسي على السلطة الإدارية احترام المبادئ القانونية في لوائحها بما فيها تلك التي لا تستمد من الدستور او مقدمته صراحة استنادا الى ما يرتبه مبدا المشروعية من وجوب خضوع الدولة بكل سلطاتها لكل قاعدة قانونية ملزمة أيا كان مصدرها. وقد اثار هذا التوجه لمجلس الدولة نقاشا محتدما حول القوة الإلزامية لهذه المبادئ، فقبل دستور الجمهورية الخامسة لسنة 1958 كان الفقه والقضاء مستقرين على ان للمبادئ القانونية العامة نفس قوة التشريع ومرتبته، فهذه المبادئ بمثابة قانون غير مكتوب وعليه يستطيع المشرع ان يستبعد هذه المبادئ طالما يستطيع ان يعدل في التشريع القائم او يلغيه(3). ومن ثم لا يجوز الاعتداد بالمبادئ القانونية المخالفة للتشريع(4)، ويطبق التشريع حتى وان خالف بعضا من المبادئ القانونية العامة، ولا يصح الاحتجاج عليه بانه خالف مبدا قانونيا عاما، في حين يتوجب على الإدارة وهي بصدد ممارستها لاختصاصها اللائحي – المستقل – احترام تلك المبادئ نظرا لقوتها المساوية لقوة التشريع العادي(5). والعلة في هذا التوجه لمجلس الدولة الفرنسي انه لم يعط لنفسه – حتى الان – حق مراقبة دستورية القوانين، فاذا كان من راي المجلس ان النصوص الدستورية المكتوبة لا نستطيع ان تعيق تطبيق التشريعات العادية المخالفة لها فمن باب أولى ان لا تعيق المبادئ القانونية العامة تطبيق التشريعات العادية المخالفة لها. ولذلك رفض المجلس ان يعطي المبادئ القانونية العامة قوة تعلو القوانين العادية، بل انه غلب القوانين العادية عند التعارض. وبعد صدور دستور سنة 1958ن ظهر راي في الفقه الفرنسي – يمثله (فيدل) – يدعو الى ان تكون للمبادئ القانونية العامة مرتبة اسمى من مرتبة التشريع العادي، مؤسسا دعوته على ان القضاء الداري انما يستنبط هذه المبادئ من مقدمات الدساتير او من العرف الدستوري، ومن ثم يجب ان تسمو على القوانين العادية(6). وقد عارض جانب كبير من الفقه هذا الراي على اساس ان اللوائح التي تصدرها الإدارة – بما فيها اللوائح المستقلة – هي مجرد قرارات إدارية عامة ومن ثم فهي مرتبة ادنى من القانون من حيث قوتها القانونية، ومن ثم فلا حاجة الى إعطاء المبادئ القانونية العامة – التي تخضع لها هذه اللوائح – قوة قانونية تعلو منزلة القانون وترفعها الى منزلة القوانين الدستورية(7)، فضلا عن ان إعطائها مثل هذه القوة يؤدي الى خلق تفرقة غير مستساغة او مقبولة اذ تتمتع المبادئ المستوحاة من الأصول الدستورية بقوة الدستور، بينما تتمتع المبادئ المستوحاة من روح التشريع العادي بقوة القانون(8). وبذلك ينتهي الراي السائد في الفقه الفرنسي الى ان المبادئ القانونية العامة تعادل القوانين العادية في المنزلة والقوة القانونية. ومهما يكن الامر بشان القيمة او القوة القانونية لتلك المبادئ، فان مجلس الدولة الفرنسي قد فرض على السلطة اللائحية احترامها باعتبارها اعلى مرتبة من اللوائح، من دون ان ينص صراحة على ان القيمة القانونية لتلك المبادئ تعلو على قيمة اللوائح التي تصدرها الإدارة، مكتفيا بقرير وجود مبادئ قانونية مفروضة على السلطة اللائحية حتى مع غياب النص(9). وفي مصر، فالملاحظ ان القضاء المصري لم يخرج عن المسلك السابق للقضاء الفرنسي، فقد استقر قضاء مجلس الدولة المصري على إعطاء المبادئ القانونية العامة مرتبة معادلة لنصوص القوانين العادية، وبذلك فان هذه المبادئ تلزم الإدارة ولا تقيد المشرع(10). اما في العراق فان المشرع الدستوري – عبر الدساتير العراقية عموما – لم يعالج موضوع اصدار الأنظمة – في الظروف العادية – استقلالا عن القانون سواء اكانت لأغراض تنظيم المرافق العامة ام لأغراض الضبط الإداري، ولذلك فقد ذهب الراي الراجح في الفقه العراقي الى عدم جواز اصدار هذه الأنظمة استقلالا عن القانون، فالنصوص الدستورية لم تمنح الحكومة سوى سلطة اصدار الأنظمة التنفيذية (11)ن كما ان من هذه الأنظمة ما ينطوي على مساس بالحقوق والحريات التي كفلها الدستور للافراد – كما هو الحال بالنسبة للوائح الضبط – الامر الذي لا يجوز الا بقانون او بناءا على قانون(12)، ومع ذلك وبافتراض ان السلطة التنفيذية تملك ان تصدر أنظمة مستقلة في الظروف العادية، فاننا نرى انها مقيدة – بهذا الصدد – باحترام المبادئ القانونية العامة، في حين ان هذه المبادئ لا تقيد المشرع العادي طبقا للنهج الدستوري الذي يقوم عليه النظام القانوني في العراق(13).
____________________
1- د. ماجد راغب الحلو، القضاء الإداري، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1985، ص39، ص35.
2- د. محمود محمد حافظ، القضاء الإداري، ط5، دار النهضة العربية، القاهرة، 1972،، ص36.
3- د. محمد مصطفى حسن، السلطة التقديرية في القرارات الإدارية، القاهرة، 1974، ص18.
4- د. محسن خليل، القضاء الإداري اللبناني ورقابته على اعمال الإدارة، ط2، 1968، ص49.
5- د. محمد محمد بدران، رقابة القضاء على اعمال الإدارة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1985، ص47.
6- vedel (g) – droit administrative (themis) paris 1968 p 250 – 251
7- ومن ابرز انار هذا الراي لوبادير (de laubadere) انظر د. محسن خليل، القضاء الإداري اللبناني ورقابته على اعمال الإدارة، ط2، 1968، ص50.
8- ومن انصار هذا الراي ريفيرو (rievero) انظر د. سامي جمال الدين، اللوائح الإدارية وضمانة الرقابة القضائية، منشاة المعارف بالإسكندرية، 1982، ص200.
9- انظر قرارات مجلس الدولة الفرنسي بهذا الخصوص:
c. e. 14. jan.1970, epoux redois, r. d. p. 1970,1456 - c. e. 30 oct 1973 rassembiement national, r. d. p. 1974,1532
د. سامي جمال الدين، اللوائح الإدارية وضمانة الرقابة القضائية، منشاة المعارف بالإسكندرية، 1982، ص203، ومع ذلك فثمة راي في الفقه يجد في قضاء مجلس الدولة الفرنسي سنة 1959 في قضية: (syndicat general des ingenieurs – conseil) بانه اعتراف للمبادئ القانونية العامة بقيمة دستورية. انظر بهذا الشأن د. محمد مصطفى حسن، المصدر السابق، ص19.
10- د. محمد مصطفى حسن، السلطة التقديرية في القرارات الإدارية، القاهرة، 1974، ص21.
11- تنص المادة (80/ ثالثا) من الدستور العراقي لسنة 2005 على ان يمارس مجلس الوزراء صلاحية ((اصدار الأنظمة والتعليمات والقرارات بهدف تنفيذ القوانين)).
12- انظر من هذا الراي، على سبيل المثال: د. محمود سعد الدين شريف، أصول القانون الإداري في العراق (الجزء الأول)، مطبعة المعارف، بغداد، 1956، ص98، حسن أبو السعود سيف، القانون الإداري، مطبقة الجزيرة، بغداد، 1935، ص106، د. مصطفى كامل، شرح القانون الإداري العراقي، مطبعة الأهالي، بغداد، 1942، ص158 – 159.
13- انظر مؤلفنا: لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع راجع مؤلفنا: ((الاختصاص التشريعي للإدارة في الظروف العادية))، ط1، مطبعة الميناء، بغداد، 2004، ص191.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
ملاكات العتبة العباسية المقدسة تُنهي أعمال غسل حرم مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) وفرشه
|
|
|