المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

معنى كلمة فزع‌
10-12-2015
خلافـة القاهـر باللّه
18-10-2017
مناهج البحث في جغرافية الزراعة – المنهج الحرفي وينقسم هذا المنهج من حيث الحرفة
16-7-2022
مبيت علي في فراش النبي
21-01-2015
دنا السّقطْ Junk DNA
17-10-2018
Ion Exchange Chromatographic Columns
2-2-2020


أوضاع العرب الإجتماعية قبيل ظهور الإسلام  
  
2975   11:31 صباحاً   التاريخ: 29-3-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني .
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص83-87.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /

إن اُولى خطوة خطاها البَشَر باتّجاه النمط الإجتماعي كانت عندما أقْبَل على تأسيس وإقامة الحياة القبلية فالقبيلة تتكون من اجتماع عدة عوائل واُسر مترابطة فيما بينها بوشائج القربى والنسب تحت زعامة شيخ القبيلة وبهذا يتحقق أبسط نمط من أنماط الحياة الإجتماعية.

وقد كانت الحياةُ العربية ـ آنذاك ـ من هذا القبيل فكلُ مجموعة من العوائل المترابطة نسبياً تتجمع في شكل قبيلة وتشكل بذلك مجتمعاً صغيراً يخضع فيه الجميع لأوامر رئيس القبيلة وزعيمها ولقد كان الجامع بين افراد القبيلة هو الرابطة القومية والوشيجة النسبية وكانت هذه القبائل تختلف في عاداتها ورسومها وتقاليدها وأعرافها اختلافاً كبيراً وإذ كانت كل قبيلة تعتبر القبائل الاخرى غريبة عنها لذلك كانت لا تقيم للآخرين وزناً ولا قيمة ولا تعترف لهم باي حق أو حرمة.

ولهذا كانت ترى الإغارة على الآخرين وقتلهم ونهب أموالهم وسلب ممتلكاتهم وسبي نسائهم من حقوقها القانونية المشروعة اللّهم إلاّ أن يكون بين القبيلة والقبيلة الاُخرى حلف أو معاهدة .. هذا من جانب.

ومن جانب آخر كانت القبيلة الّتي تتعرض للإغارة من جانب قبيلة اُخرى ترى من حقها أن تردَّ الصاع صاعين تقتل كل أفراد القبيلة المغيرة لأن الدّم ـ في نظرهم ـ لا يغسله الا الدّم!!!

ولقد تبدلت أخلاقيةُ العرب هذه بعد انضوائهم تحت لواء الإسلام الحنيف بل تحوَّلوا من نمط الحكومة القبلية المتخلفة والنظام العشائري الضيّق هذا إلى حكومة عالميّة واستطاع رسولُ الإسلام (صـلى الله علـيه وآله) ان يؤلف من القبائل العربية المتفرقة اُمّة واحدة.

ولا شك أن تأليف اُمة واحدة من قبائل وجماعات اعتادت طوال سنين مديدة من التاريخ على التناحر والتنازع والتخاصم والتقاتل والتهاجم والإغارة في ما بينها واستمرأت سفك الدماء وإزهاق الارواح وذلك في مدة قصيرة عملٌ عظيم جداً ومعجزة اجتماعية لا نظير لها لأن مثلَ هذا التحوُّل العظيم إذا اُريدَ لَهُ أن يتمَّ عبر التحوُّلات والتطورات العاديّة لاحتاج إلى تربية طويلة الامد ووسائل لا تحصى كثرة.

يقول توماس كارليل في هذا الصدد : لقد اخرج اللّه العرب بالإسلام من الظلمات إلى النور وأحيى به منها امة خاملة لا يُسمعُ لها صوتٌ ولا يُحسُّ فيها حركة حتّى صار الخمولُ شُهرة والغموض نباهة والضعة رفعة والضعف قوة والشرارة حريقاً وشمل نورُه الأَنحاء وعمَّ ضوؤه الأرجاء ما هُو إلا قرنٌ بعد إعلان هذا الدين حتّى أصبح للعرب ( المسلمين ) قدمٌ في الهند واخرى في الاندلس .

وإلى هذه الحقيقة يشير ايضاً مؤلف تاريخ اللغات السامية الشهير رينان قائلا : لا مكان لبلاد العرب في تاريخ العالم السياسيّ والثقافي والدينيّ قبل ذلك الانقلاب المفاجئ الخارق للعادة الّذي صار به العربُ اُمّة فاتحة مُبدعة ولم يكن لجزيرة العرب شأنٌ في القرون الاُولى مِنَ الميلاد حين كانت غارقة في دياجير ما قبل التاريخ .

أجل إنّ هذه القبائل العربية الجاهلية المختلفة المتناحرة لم تكن تعيش أية حضارة ولم تمتلك أية تعاليم وقوانين وأنظمة وآداب قبل مجيء الإسلام لقد كانت محرومة من جميع المقومات الإجتماعية الّتي توجبُ التقدم والرقي ولهذا لم يكن من المتوقع ابداً ان تصل إلى تلك الذرى الرفيعة من المجد والعظمة ولا أن تنتقل من نمط الحياة القبلية الضيقة إلى عالم الإنسانية الواسع واُفق الحضارة الرحيب بمثل هذه السُرعة الّتي وَصَلت إليه والزمن القصير الّذي انتقلت فيه.

إنَّ مَثَل الشعوب والاُمم البشرية مثل المباني والعمارات تماماً فكما أن البناء القوي الراسخ يحتاج إلى موادّ انشائية قوية معدَّة بإتقان ومحضّرة بأحكام حتّى يستطيع البناء المصنوع من هذه الموادّ والمؤسس بعناية وهندسة متقَنة من الوقوف في وجه الأعاصير والأمطار الغزيرة كذلك يحتاج كيانُ كل اُمة رشيدة من الاُمم إلى اُسس وقواعد محكمة ( وهي الاُصول والآداب الكاملة والأخلاق الإنسانية العالية ) لتستطيع من البقاء والتقدم.

ولهذا السبب لابد من التأمل في أمر وسرّ هذه الظاهرة العجيبة ولابد أن نتساءل : كيف تحقق ذلك التطورُ العظيم وذلك التحول العميق للعرب الجاهلية ومن اين نشأ؟؟

كيف امكن ان تتحول جماعة متشتتة متعادية متناحرة متباغضة في ما بينها بعيدة عن النظم الإجتماعية بمثل هذه السرعة إلى اُمّة متآلفة متاخية متعاونة متسالمة متحابة وتشكل دولة قوية كياناً سياسياً شامخاً أوجب أن تخضع لها دول العالم وشعوبه وتطيعها وتحترم مبادءها واخلاقها وآدابها آنذاك.

حقاً لو كان في مقدور العرب أن يحرزوا ذلك التقدم الهائل بفعل عامل ذاتي فلماذا لم تستطع عربُ اليمن الّذين كانوا يمتلكون شيئاً كبيراً من الثقافة والحضارة والذين عاشوا الانظمة الملكية سنيناً عديدة بل وربَّت في احضانها ملوكاً وقادة كباراً أن تصل إلى مثل هذه النهضة العظيمة الشاملة وتقيم مثل هذه الحضارة العريضة الخالدة.

لماذا لم تستطع العربُ الغساسنَة الذين كانوا يجاورون بلادَ الشام المتحضرة ويعيشون تحت ظلّ حضارة الروم أن يصلوا إلى هذه الدرجة من الرشد؟

لماذا لم تستطع عربُ الحيرَة الذينَ كانُوا ـ وإلى الامس القريب ـ يعيشون في ظلّ الامبراطورية الفارسية أن ينالوا مثل هذا الرقي والتقدم؟ وحتّى لووصلوا إلى هذه الدرجة من التقدم وحققوا هذه القفزة فانه لم يكن أمراً يثير العجب لأنهم كانوا يعيشون في أحضان مدنيات كبرى ويتغذون منها ولكن الّذي يثير الدهشة والعجب هو أن تستطيع عرب الحجاز من تحقيق هذه النهضة الباهرة ويرثوا الحضارة الإسلامية العظمى وهم الذين كانوا يفتقرون إلى أبسط مقوّمات الحضارة الذاتية ولم يكن لهم عهدٌ بأيَّ تاريخ حضاريّ مشرق بل كانُوا كما عرفت يرزحون تحت أغلال الوَهْم والتخَيُّل ويسيرون في ظلمات الخرافات والأساطير.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.