أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-10-2015
2572
التاريخ: 2023-05-04
854
التاريخ: 2023-11-25
1193
التاريخ: 19-1-2023
1289
|
حيث ان النصوص الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات, ترد عادة بصيغة العموم, دون ان تتضمن التفصيلات الخاصة بممارسة تلك الحريات, او الشروط الواجب مراعاتها من قبل المشرع عند تنظيمه للحريات او من قبل الافراد عند ممارستهم لها, الامر الذي يقتضي توافر عدة شروط في التشريع المنظم للحرية, بالشكل الذي يسمح من ممارستها بسهولة ويسر من قبل الافراد وبذات الوقت كفالة سلطة الضبط الاداري في تأدية وظيفتها , العام. وحتى تكون على بينة تامة من دواعي تقييد الحريات العامة المقررة دستورياً(1). ويمكن ايجاز الشروط الواجب توافرها في التشريع المنظم للحريات العامة, بالآتي:-
أولاً: ان يستند التشريع المنظم للحقوق والحريات على اسس من دعمهما وكفالتهما:
لئن كانت النصوص الدستورية المتعلقة بالحريات العامة, لايمكن ان تخاطب غير المشرع العادي, كونه هو المختص لوحده في تنظيم الحريات العامة, ولا يمكن لغيره القيام بذلك, فأن على المشرع ان يستند في عملية التنظيم على اسس من دعم الحرية وكفالتها دون الانتقاص منها او هدرها(2). واذا كان الاصل في التشريع المنظم للحرية, ان يكون ضامناً للحرية, وكفالة ممارستها من قبل الافراد, فان فرض القيود عليها من خلال تنظيمها يمثل استثناء من الاصل العام, لذا فان مثل ذلك التشريع يجب ان يفرض اقرار الحرية وكفالتها تجاه كافة السلطات وبذات الوقت كفالة سلطة الضبط الاداري في تأدية وظيفتها لغرض المحافظة على النظام العام , بالشكل الذي يقف حائــلاً دون استغلال الثغرات التشريعية من قبل تلك السلطات, ويتم ذلك من خلال حسن الصياغة التشريعية ورصانتها, وهذا ما يمثل حماية للافراد ايضاً من تسلط اجهزتها(3), ذلك ان مجرد التنظيم التشريعي لاحدى الحريات العامة انما يكون عديم الجدوى, وبدون فاعلية تذكر, مالم ترافقه نصوص تشريعية محددة لسلطات الضبط الاداري(4). اضافة الى ذلك, فان على المشرع ان يضفى على الحرية صفة الالزام القانوني, وذلك من خلال فرض القيمة القانونية للنصوص الدستورية عند صياغته للنصوص التشريعية المنظمة للحرية, مع التقيد بالاساليب الضابطة خصوصاً, كما ان على المشرع ان يضمن عدم فرض الحصانات للتصرفات الصادرة من سلطة الضبط الاداري, والتي يتم اتخاذها بشكل ينتهك الحريات العامة او المخالفة للضمانات القانونية لها, باعتبار ان وجود مثل تلك الحصانات قد يحول دون اثارة مسؤولية سلطة الضبط الاداري عن افعالها الماسة بالحريات وما يمكن ان يرتبه ذلك من آثار سلبية تجاه حقوق الافراد(5). وحتى يكون التشريع المنظم للحرية قائم على اسس من دعمها, فلا بد من كفالته لحق الافراد من الالتجاء للجهة الادارية المختصة لغرض تقديم الشكاوي او التظلمات بسبب الاجراءات التي تتخذها الجهات الادارية والمخالفة لاحكام القانون, كما يكون لهم الحق من اللجوء الى القاضي المختص لاقامة الدعوى, بسبب المساس بالحريات العامة او اهدارها من قبل سلطة الضبط الاداري, اذ يكون للقاضي المختص الكلمة الفصل لفض النزاع الحاصل بصددها(6).
ثانياً: أن يكون التشريع المنظم للحرية مقرراً لضماناتها:
حيث ان الحرية قد تكون معرضة للانتهاك او التعدي من قبل سلطة الضبط الاداري او من غيرها, فلا بد من ان يكون التشريع المنظم لها محققاً للضمانات التي تحول دون انتهاك الحرية, ويتم ذلك من خلال:
1. اتفاق التشريع المنظم للحرية مع احكام المشروعية:
يفترض بالتشريع الضابط ان يكون صادراً من السلطة المخولة بموجب النصوص الدستورية صلاحية تنظيم الحريات العامة, اذ يرد النص عادة في النصوص المذكورة اما بعبارة (بناء على القانون) او (وفق احكام القانون), ومن ذلك على سبيل المثال ما ورد في الدستور العراقي الحالي لعام 2005, المادة (15) منه, ان ((لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية, ولايجوز الحرمان من هذه الحقوق او تقييدها الا وفقاً للقانون...)), والمادة (18/ ثانياً) من انه ((يعد عراقياً كل من ولد لأب عراقي او لأم عراقية, وينظم ذلك بقانون)), والمادة (22/ثالثاً) من ان ((تكفل الدولة حق تأسيس النقابات والاتحادات المهنية, او الانضمام اليها, وينظم ذلك بقانون)), والمادة (39/ أولاً) من ان ((حرية تاسيس الجمعيات والاحزاب السياسية, او الانضمام اليها, مكفولة, وينظم ذلك بقانون)). والمادة (46) من انه ((لا يكون تقييد ممارسة اي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور او تحديدها الا بقانون او بناءً عليه, على ان لا يمس ذلك التحديد او التقييد جوهر الحق او الحرية)). أما في الدستور المصري لعام 1971 ، فقد ورد النص عل سبيل المثال في المادة (44) منه بأن (( للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقا لأحكام القانون )) والمادة (45) بأن (( لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون . وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة ، ... ووفقا لأحكام القانون )) ، والمادة (27) بأن (( حرية الرأي مكفولة ، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون ...)) ، والمادة (48) بأن ( حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة ... وذلك كله وفقا للقانون )) ويلاحظ بان ما ورد في النصوص الدستورية, من تخويل المشرع العادي بتنظيم الحريات العامة, كان مقصوداً لدى المشرع الدستوري, ذلك ان استخدام عبارة (وفق احكام القانون) في النصوص الدستورية له دلالة على وجوب صدور التشريع المنظم للحريات من المشرع العادي فقط, اذ ليس له في هذه الحالة تفويض السلطة التنفيذية بذلك, حيث يكون التفويض الحاصل في هذه الحالة مخالفاً للدستور, اما في حالة استخدام عبارة (بناء على قانون) او (في حدود احكام القانون), فان ذلك يجيز ضمناً تفويض السلطة التنفيذية القيام بذلك(7). ان وجوب ان يكون التشريع المنظم للحرية صادراً من السلطة المخولة دستورياً ما هو الا تطبيق صريح لمبدأ المشروعية او سيادة القانون, القائم على وجوب احترام الحكام والمحكومين للقانون, والخضوع لسلطاته(8). ويعد مبدأ خضوع الدولة للقانون من الضمانات الأساسية للحقوق والحريات ، اذ إن هنالك ارتباطا مباشرا لفكرة الحقوق والحريات بالدولة القانونية ، وهي الدولة التي يلتزم كافة السلطات والأفراد فيها بنصوص القانون والخضوع لأحكامه وذلك ما يميزها من الدولة البوليسية . ويلاحظ بأن وجود الدولة القانونية ، وان كان شرطا ضروريا لتقرير حقوق الأفراد وحرياتهم قانونا ، إلا إن ذلك لا يكون كافيا لضمان ممارستها من قبل أفراد المجتمع ما لم يقرر القانون فيها صراحة حماية الحقوق والحريات والحد من تعسف السلطات فيها عموما وسلطة الضبط الإداري باعتبارها جزء من السلطة التنفيذية خصوصا في مواجهة تلك الحقوق والحريات (9) . واعمالاً لمبدأ المشروعية, فان التشريع المنظم للحرية لا بد ان يصدر ضمن نطاق التدرج الهرمي للسلم التشريعي, بمعنى انه يجب التقيد بمبدأ تدرج القواعد القانونية من الناحيتين الشكلية والموضوعية, وبذات الوقت فلا بد من التقيد بمبدأ سمو الدستور, حيث تكون النصوص الدستورية في قمة الهرم القانوني, باعتبار ان الدستور هو الذي ينشأ السلطات في الدولة, ويحدد اختصاصاتها مع بيان الاجراءات الواجب اتباعها من قبل تلك السلطات, بحيث يترتب على عدم التزام تلك السلطات بالاختصاصات المنوطة بها, بطلان الاجراءات المتخذة من قبلها(10).
2.كفالة التشريع المنظم للحق اوالحرية لحق التقاضي : ـ
تمثل الحماية القضائية ضمانة أساسية لكفالة ممارسة الأفراد لحقوقهم وحرياتهم ، ذلك إن هذه الأخيرة إنما تمثل ركائز أساسية لسيادة القانون ، الأمر الذي يوجب ضمان هذه الركائز لغرض أن تقف حائلا دون إساءة استعمال السلطة ، ويتحقق ذلك الضمان بأن يعهد إلى هيئة ذات طابع قضائي من أجل الرقابة للوقوف على مدى احترام الجميع للشرعية الدستورية (11) .
ويعرف حق التقاضي بأنه ((لجوء الإنسان إلى قاضيه الطبيعي إذا تم الاعتداء على حقه ، أو انتهكت حريته مهما كانت صفة هذا المعتدي سواء أكان فردا ام جهة عامة )) (12) ، ويبرز دور القضاء في حماية حقوق الأفراد وحرياتهم ، من خلال حمايتها من التجاوز الذي قد يقع من قبل السلطة التشريعية ، عن طريق الرقابة على دستورية القوانين والتي تخرج عن نطاق بحثنا بهذا الخصوص ، وكذلك حماية تلك الحقوق والحريات من التجاوز الذي قد يحصل من السلطة التنفيذية ، باعتبار إن سلطة الضبط الإداري هي جزء منها ، عن طريق الرقابة التي تمارسها جهتي القضاء العادي والإداري (13) .
ولا بد من الإشارة إلى إن وجود هيئة قضائية مختصة بفض المنازعات بين الأفراد ذاتهم أو بينهم وبين السلطات العامة في الدولة ، قد لا يكون كافيا لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم ، إذ إن تعقد إجراءات التقاضي ، وارتفاع تكاليفها ، وتأخر حسم الدعاوى ، قد يقف مانعا دون التجاء الأفراد للقضاء للمطالبة بحقوقهم وحمايتهم عند خروج السلطات العامة على قواعد القانون ، الأمر الذي يستوجب أن تضم الهيئات القضائية عناصر على قدر عالٍ من الكفاءة والخبرة (14) . إن كفالة حق التقاضي بالتشريع المنظم للحقوق والحريات ، إنما يقتضي ألاّ يحاكم الفرد إلا أمام قاضيه الطبيعي أي امام القاضي الذي عينه القانون له ، كما يقتضي أيضا عدم سلب الولاية العامة من المحاكم ، وعدم انشاء محاكم استثنائية للنظر في الدعاوى ، وكذلك فلا بد
من احترام ، الاحكام الصادرة عن المحاكم ، بحيث لايجوز عدم تنفيذها الا وفقاً للطرق المحددة قانوناً (15) ولاهمية دور القاضي في حماية الافراد وحرياتهم ، فقد صرحت الدساتيرعلى النص صراحة على مبدأ استقلال القضاء وحياده ، اذ خصص المشرع الفرنسي الباب الثامن من الدستور الفرنسي لعام 1958 للسلطة القضائية ، كما ورد في المادة (66) منه بان ( لايجوز ان يحبس احد تعسفاً ، وتتولى السلطة حارسة الحرية الفردية ، ضمان واحترام هذا المبدأ وفقاً للشروط المنصوص عليها في القانون ) . كما ورد النص في المادة (68) من الدستور المصري لعام 1971 بان ( التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة . ولكل مواطن حق الالتجاء الى قاضيه الطبيعي . وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء ومن المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا . ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل او قرار اداري من رقابة القضاء) . اما في احكام الدستور العراقي لعام 2005 ، فقد افرد المشرع الدستوري الفصل الثالث من الباب الثاني للسلطة القضائية ، حيث نصت المادة (87) منه على ان ( السلطة القضائية مستقلة ، وتتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها ، وتصدر احكامها وفقاً للقانون ) كما نصت المادة ( 95) على ان ( يحظر انشاء محاكم خاصة او استثنائية ) . والمادة (100) بان ( يحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل او قرار اداري من الطعن ) .
3. ان يكون التشريع المنظم للحرية, مقرراً للجزاءات الواجب فرضها عند مخالفة احكامه.
ان تقرير الحقوق والحريات العامة بنصوص دستورية صريحة, وتنظيمها من خلال تشريع يصدر لهذا الغرض, لا يمكن ان يكون كافياً لحماية الحقوق والحريات العامة, ما لم تقترن بجزاءات يمكن فرضها على من يخالف احكامها, وذلك من خلال اثارة مسؤوليته عند الخروج على النصوص القانونية الحامية للحقوق والحريات العامة, سواء اكانت تلك المسؤولية تاديبية ام جزائية, وما يمكن ان يرتبه ذلك الحد من الانتهاكات الحاصلة تجاه الحريات العامة بهذا الصدد.(16)
_________________
3- منيب محمد ربيع: المصدر السابق, ص382-383.
4- د. نعيم عطية: في النظرية العامة للحريات الفردية، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، 1965, ص153.
5- د. عادل ابو الخير: الضبط الاداري وحدوده, المصدر السابق, ص340-341.,
6- منيب محمد ربيع: المصدر السابق, ص385
7- الاستاذ ابراهيم ابراهيم شحاتة: وظيفة القاضي عند فحص دستورية القوانين, مجلة مجلس الدولة المصري, س8-9-10, 1960, ص404. عامر احمد المختار: تنظيم سلطة الضبط الاداري في العراق, رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون, جامعة بغداد, 1975,, ص76. عبد الامير علي موسى: النظام القانوني للترخيص او الاجازة في التشريع العراقي, رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون جامعة بغداد, 1981, ص26.
.
8- لتفصيل ذلك ينظر د. طعيمة الجرف: مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الادارة العامة للقانون, ط3, دار النهضة العربية, القاهرة, 1976, ص13-14.
9- د. كريم يوسف احمد كشاكش : الحريات العامة في الانظمة السياسية المعاصرة ، منشاة المعارف الاسكندرية ،1987 ،381 .
- د. ثروت عبد العال احمد : الحماية القانونية للحريات العامة ، ص114.
10- د. عادل السعيد ابو الخير: انعكاسات مبدأ المشروعية على اعمال الضبط الاداري, , ص256 .
11- د. احمد فتحي سرور / الحماية الدستورية للحقوق والحريات ، المصدر السابق ، ص139.
12- د. سامي سالم الحاج : المفاهيم القانونية لحقوق الانسان عبر الزمان والمكان ، مشورات الجامعة المفتوحة ، الاسكندرية ، 1995 ص502 .
13- لتفصيل ذلك ينظر جعفر صادق مهدي : ضمانات حقوق الانسان دراسة دستورية ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون ، جامعة بغداد ، 1990 ص69.
14- د. سعاد الشرقاوي: نسبية الحريات العامة وانعكاسها على التنظيم القانوني, دار النهضة العربية, القاهرة, 1979، ص109.
15- د.ثروت عبد العال احمد : الحماية القانونية للحريات العامة ، ص116.
16- د. محي شوقي احمد: الجوانب الدستورية لحقوق الانسان، دار الفكر العربي، القاهرة، 1986, ص326. د. محمد الطيب عبد اللطيف: قانون القضاء الاداري, مسؤولية السلطة العامة, الكتاب الثالث, دار النهضة العربية, القاهرة, 2004, ص15. د. كامل عبد السميع محمود: مسؤولية الادارة عن اعمالها المادية المشروعة, دار النهضة العربية, القاهرة, 2002, ص39.
ش
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|