أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-3-2017
12632
التاريخ: 22-3-2017
43879
التاريخ: 6-4-2016
6993
التاريخ: 6-4-2016
9729
|
لما كانت الشخصية الدولية نتاجاً للبيئة التي تعيش فيها فضلا عن انها نتاج لعوامل اخرى خارجة عن بيئتها، فهذا يعني ان تطور المجتمع الدولي ونظامه وواقع العلاقات الدولية يؤثران تاثيرا جوهريا في تطور الشخصية القانونية الدولية تقلبا وثباتا. المجتمع سواء كان محليا ام دوليا ليس من وظائفه خلق وحداته بل ان وظائفه تكمن في تنظيم التفاعل القائم اصلا فيما بينها –الوحدات الداخلة فيه- أي تحديد نقاط التجاذب والتنافر، التصارع والتعاون بينهما(1)، وبالتالي فان نطاق الشخصية القانونية الدولية هو كذلك عرضة للتجاذب والتنافر متى ما توافرت شروطهما.
فالشخصية القانونية بصفة عامة هي "التعبير عن العلاقة التي تقوم بين وحدة معينة ونظام قانوني محدد"(2). وهذا القول يترتب عليه نتيجة مهمة "هي انه لا يوجد في النظم القانونية اشخاص بطبيعتها، وانما توجد الاشخاص في هذه النظم بالقدر وفي الحدود التي يقررها كل نظام من هذه الانظمة عن طريق تعيين من له الاستمتاع بالحقوق فيها، ومن عليه اداء الالتزامات في نطاقها .... فالاشخاص اذن لا توجد في نظام قانوني معين بطبيعتها وانما توجد بفعل هذا النظام وفي الدائرة التي يقوم هو برسمها(3). وهذا يعني انه ليس هناك ما يمنع من وجود نظام قانوني يعترف بالشخصية القانونية للوحدات الداخلة فيه والمتفاعلة ضمن نطاق مجتمعه، من ان توجد فيه قواعد قانونية لا تخاطب اشخاصه بصورة مباشرة، اذ ليس حتميا ان يتمتع جميع الاشخاص بذات الحقوق لمنحهم وصف الشخصية القانونية، ذلك ان أولئك الاشخاص موجودون على مستويات متفاوتة وفي مراكز متباينة في بناء الجماعة من حيث الالتزامات والحقوق المرتبطة بمراكزهم(4). وحيث ان المجتمع الدولي يشهد تطورا متسارعا في جوانب متعددة منه فضلا عن ظهور كيانات ووحدات وان كانت اقتصادية بطبيعتها كالشركات متعددة الجنسية فان امر الاعتراف لها بالشخصية القانونية الدولية امر حيوي ومهم تتطلبه مواكبة هذا التطور من جهة والتقليل من اثارها السلبية في الدول المضيفة لها من جهة اخرى. لهذا فان تحديداً جديداً للشخصية القانونية الدولية يحل محل التحديد التقليدي لها، قد يدعم مبدا عالمية القانون الدولي العام لتمتد دائرته لتنظم وحدات المجتمع الدولي كافة على اختلاف مستوياتها بما فيها الوحدات السياسية والاقتصادية من غير الدول. ويرى الدكتور الغنيمي "ان القول بان اشخاص القانون الدولي هم فقط الدول والافراد والمنظمات الدولية قول يجب ان يؤخذ بحذر لان فهمه فهما آلياً مبتسراً له معقباته غير الدقيقة"(5). فالتحديد الجديد للشخصية القانونية الدولية يعني تجاوز النظرة الضيقة لها والارتقاء بها نحو نظرة اوسع فهي لم تعد حكرا على الدول ذات السيادة فحسب، وانما امتدت لتشمل المنظمات الدولية وكيانات اخرى، بل انه يجب ان تحتوي على عناصر اكثر مرونة وفاعلية كي تكون قادرة على الاستجابة للتطورات التي يشهدها المجتمع الدولي، وان الراي الافتائي لمحكمة العدل الدولية في 11/نيسان/1949 بشان تعويض الاضرار التي تصيب موظفي الامم المتحدة اكد هذا، حيث تضمن رايها الافتائي ما ياتي : "ان اشخاص القانون في أي نظام قانوني ليسوا –بحكم الضرورة- متطابقين في الطبيعة او في مدى الحقوق، فطبيعتهم القانونية متوقفة على حاجات الجماعة. وتطور القانون الدولي –خلال تاريخه كله- كان متاثرا بمطالب الحياة الدولية. وكان النمو الاطرادي للنشاط الجماعي للدول قد ادى الى نشوء حالات من العمل على المستوى الدولي تصدر من هيئات لا يصدق عليها وصف الدول بالمعنى المفهوم"(6). ويرى "ايجلتون" انه "وعلى ذلك فان الاشخاص القانونيين ليس دائما متمتعين بذات الحقوق ومخاطبين بذات القواعد وانما يختلف مدى المخاطبة بين حالة واخرى"(7). في حين ان الدكتور الغنيمي يرى "انه من الخطا البالغ ان نتكلم عن اشخاص القانون الدولي على سبيل الحصر او ان نتصور ان لهؤلاء الاشخاص معيارا ثابتا يمكن ان نستعين به للحكم على توافر الشخصية من عدمه"(8). فضلا عن ذلك فالشخصية الدولية هي تعبير عام لا تعني اشخاصاً محددين على سبيل الحصر. وانما تشير الى فكرة بذاتها يختلف من يندرج تحتها باختلاف الزمان والمكان(9). ونطاق الشخصية القانونية الدولية يمكن تحديده بامرين :
اولا : القدرة على التعبر عن ارادة ذاتية خاصة في ميدان العلاقات الدولية.
ثانيا : القدرة على ممارسة بعض الحقوق او الاختصاصات الدولية وفقا لاحكام القانون الدولي
العام.(10).
فتمتع الشخص القانوني بالحقوق وتقيده بالالتزامات التي يفرضها عليه النظام القانوني يعد من اهم النتائج المترتبة على تمتع ذلك الشخص بالشخصية القانونية في النظام القانوني الذي يحكمه(11). ونظرا الى عدم قدرة النظام الداخلي في اسناد الحقوق والالتزامات على الشركات متعددة الجنسة فان القدرة على اسناد هذه الحقوق والالتزامات منوطة بالقانون الدولي العام. فقواعده هي الاقدر على مخاطبة هذه الشركات وبالتالي تبيان ما لها من حقوق وما عليها من واجبات.
_________
1- انظر د. محمد كامل ياقوت، الشخصية الدولية في القانون الدولي العام والشريعة الاسلامية، ط1، دار الهنا للطباعة، القاهرة، 1971، ص747.
2- د.حامد سلطان، احكام القانون الدولي في الشريعة الاسلامية، القاهرة، 1970، ص171. كذلك انظر د.يحيى الجمل، الاعتراف في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة، 1963، ص26.
3- د. حامد سلطان، احكام القانون الدولي في الشريعة الاسلامية، القاهرة، 1970، ص171. كذلك أنظر بنفس المعنى بول روتيه، التنظيمات الدولية، ترجمة أحمد رضا، دار المعرفة، القاهرة، 1978 ، ص91
4- انظر د.محمد كامل ياقوت ، مصدر سابق، ص523.
5- د. محمد طلعت الغنيمي، الاحكام العامة في قانون الامم (قانون السلام)، منشاة المعارف، الاسكندرية، 1970، ص219.
6- د.حامد سلطان، احكام القانون الدولي العام في الشريعة الاسلامية، مصدر سابق، ص174 كذلك انظر
Pierre- Marie Dupuy , Driot International Public. 4e'd, Paris, 1998, P-160.
7- انظر د. يحيى الجمل، الاعتراف في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة، 1963، ص30.
8- د.محمد طلعت الغنيمي، الاحكام العامة في قانون الامم، مصدر سابق، ص577.
9- انظر المصدر نفسه، ص578.
10- انظر د.عصام العطية، القانون الدولي العام، ط6، دار الكتب للطباعة والنشر، بغداد، 2001،ص291. كذلك انظرد. حامد سلطان، القانون الدولي العام وقت السلم، دار النهضة العربية، القاهرة، 1975، ص87-88.
11- انظر المصدر نفسه، ص85.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|