أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-6-2017
1124
التاريخ: 28-7-2017
1132
التاريخ: 6-8-2016
868
التاريخ: 30-9-2020
1585
|
أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي المعروف بالمحقق الطوسي وبالخاجة نصير الدين الطوسي الحكيم الفيلسوف أستاذ الحكماء والمتكلمين.
ولادته ووفاته ولد في طوس واختلف في سنة ولادته ولكن غالبية المؤلفين على أنه ولد سنة 597 وتوفي في بغداد يوم الغدير سنة 672 ودفن عند الكاظمين.
والده كان والده محمد بن الحسن من الفقهاء والمحدثين فتربى في حجره ونشأ على يده أقوال العلماء في حقه قال بروكلمن الألماني: هو أشهر علماء القرن السابع وأشهر مؤلفيه اطلاقا وفاضل جلبي في مقدمة كشف الظنون حين يصف المؤلفين المعتبرين يجعل المحقق الطوسي رأس سلسلتهم.
ويقول عنه ابن عبري في كتاب مختصر الدول: حكيم عظيم الشأن في جميع فنون الحكمة كان يقوي آراء المتقدمين ويحل شكوك المتأخرين والمؤاخذات التي وردت في مصنفاتهم وقال العلامة الحلي: كان هذا الشيخ أفضل اهل زمانه في العلوم العقلية والنقلية. وقال عنه في موضوع آخر: هو أستاذ البشر والعقل الحادي عشر.
وعده الصفدي في شرح لامية العجم من الرجال الذين لم يصل أحد إلى رتبتهم في فن المجسطي. وقال عنه في الوافي بالوفيات: كان رأسا في علم الأوائل لا سيما في الارصاد والمجسطي دراسته درس في صغره علوم اللغة من نحو وصرف وآداب بعد دراسته القرآن، ثم بتوجيه من أبيه درس الرياضيات على كمال الدين محمد المعروف بالحاسب، ثم در س الحديث والاخبار وتوسع في دراسة الحديث على أبيه كما درس عليه الفقه، ودرس المنطق والحكمة على خاله، وفي خلال هذه الفترة أتقن علوم الرياضيات من حساب وهندسة وجبر، وكان لا يزال في مطلع شبابه.
ويقول هو عن نفسه: انه بعد وفاة والده عمل بوصيته في الرحيل إلى اي مكان يلقى فيه أساتذة يستفيد منهم. وكانت نيسابور في ذلك العهد مجمع العلماء ومنتجع الطلاب فسافر إليها حيث حضر حلقة كل من سراج الدين القمري وقطب الدين السرخسي وفريد الدين الداماد وأبو السعادات الأصفهاني وآخرين غيرهم. كما لقي فيها فريد الدين العطار. وفي نيسابور قضى فترة ظهر فيها نبوغه وتفوقه وصار فيها من المبرزين المشار إليهم بالبنان الغزو المغولي الأول وفي خلال وجوده في نيسابور زحف المغول زحفهم الأول بقيادة جنكيز حاملين الدمار والموت فاجتاحوا فيما اجتاحوه بلاد خراسان وانهزم امامهم السلطان محمد خوارزم شاه وانهارت بعده كل مقاومة وتساقطت المدن واحدة بعد الأخرى، وساد القتل والخراب والحريق، وفر الناس هائمين على وجوههم: بعض إلى الفلوات، وبعض إلى المدن البعيدة وبعض إلى القلاع الحصينة، ومن لم يستطع شيئا من ذلك انطلق لا يدري اية ساعة يأتيه الموت.
صمود الإسماعيليين والقوة الوحيدة التي حيل بينها وبين المغول فقط هي قلاع الإسماعيليين صمدت هذه القلاع سنوات ولم تستسلم بينما كانت باقي مدن خراسان ومنها نيسابور قد عادت يبابا في أيدي المغول.
الطوسي عند الإسماعيليين في هذا البحر المخيف والمحنة الرائعة كان الطوسي حائرا لا يدري أين يلجأ ولا بمن يحتمي، وكان المحتشم ناصر الدين عبد الرحيم بن أبي منصور متولي قهستان قد ولي السلطة على قرع الإسماعيليين في خراسان من قبل علاء الدين محمد زعيم الإسماعيليين آنذاك، وكان ناصر الدين هذا من أفاضل زمانه وأسخياء عهده، وكان يعني بالعلماء والفضلاء، وكانت شهرة الطوسي قد وصلت اليه وعرف مكانته في العلم والفلسفة والفكر، وكان من قبل راغبا في لقياه فأرسل يدعوه إلى قهستان، وصادفت الدعوة هوى في نفس المدعو الشريد ورأى أنه وجد المأمن الذي يحميه فقبل الدعوة وسافر إلى قهستان.
وإذا كان الطوسي قد حمد الحمى في قهستان فان ناصر الدين كان أشد حمدا إذ اعتبر وجود الطوسي عنده مغنما اي معنم فاستقبله باجلال وكان يسعى جهده في ارضائه وتلبية رغباته، مستفيدا دائما من عشرته ومجالسته.
في هذه الفترة استجاب لرغبة ناصر الدين فترجم للفارسية كتاب الطهارة لأبي علي مسكويه الرازي وزاد عليه مطالب جديدة وسماه أخلاق ناصري ناسبا ايه إلى مضيفه ناصر الدين.
ومضى الزمن سريعا والطوسي مقيم عند المحتشم ناصر الدين وطالت اقامته هناك معززا مكرما يقضي وقته بالمطالعة والكتابة والتأليف، وعدا كتاب أخلاق ناصري فقد ألف هناك الرسالة المعينية في علم الهيئة، والمعينية منسوبة إلى معين الدين ابن ناصر الدين، كما ألف غيرها كتبا كثيرة.
وبلغ علاء الدين محمد زعيم الإسماعيليين نزول الطوسي على واليه ناصر الدين، وعرف مقدار ما يستفيد من معارفه فطلبه منه فلم يكن مناص للطوسي من إجابة الدعوة، فمضى ناصر الدين يصطحب الهدية العظيمة إلى زعيمه علاء الدين في قلعة ميمون در فاستقبله الزعيم الإسماعيلي استقبالا يتفق ومنزلته واستبقاه لديه معززا مكرما.
ثم انتهت حياة علاء الدين قتلا بيد أحد حجابه فتولى امر الإسماعيليين بعده ابنه الأكبر ركن الدين خورشاه، وظل الطوسي مع ركن الدين في قلعة الموت حتى استسلام ركن الدين للمغول في حملتهم الثانية بقيادة هولاكو.
هل ذهب مرغما أم مختارا هذا هو المعروف عن اتصال الطوسي بالإسماعيليين، ولكن هناك مؤرخين يخالفون هذا الرأي ويرون أن الطوسي ذهب إليهم مرغما وأقام عندهم مكرها. فقد جاء في درة الاخبار أن أوامر قد صدرت إلى فدائيي الإسماعيليين باختطاف الطوسي وحمله إلى قلعة ألموت وأن الفدائيين ترصدوه في أطراف بساتين نيسابور وطلبوا اليه مرافقتهم إلى الموت وأنه امتنع فهددوه بالقتل وأجبروه على مرافقتهم، وأنه كان يعيش هناك سنواته شبه أسير أو سجين.
وكذلك فان سرجان ملكم في تاريخه قد أيد ارغامه على السفر إلى ألموت وأن كان قد ذكر هذا الارغام برواية تختلف عن رواية درة الاخبار. غير أن وصاف الحضرة قد جاء بامر وسط بين الأمرين، اي أن الطوسي قد ذهب مختارا إلى ناصر الدين وخلال مقامه عنده حدث ما عكر صفو ودادهما فنقم عليه ناصر الدين واعتبره سجينا لديه ثم أرغمه على مصاحبته إلى ميمون در حيث عاش سجينا لا يبرح مكانه.
وقد قال كريم آقسرائي في مسامرة الاخبار: كان الطوسي الوزير المطلق لدى الإسماعيليين وأنه بلغ عندهم رتبة أطلقوا فيها عليه لقب أستاذ الكائنات وبهذا القول ينفي آقسرائي قصة ارغامه وسجنه، والذين ادعوا الارغام والسجن استدلوا على ذلك فيما استدلوا عليه بأنه كتب في آخر كتابه شرح الإشارات وهو الذي ألفه خلال اقامته في قلاع الإسماعيليين ما يلي:
رقمت أكثرها في حال صعب لا يمكن أصعب منها حال، ورسمت أغلبها في مدة كدورة بال لا يوجد أكدر منه بال، بل في أزمنة يكون كل جزء منها طرفا لغصة وعذاب أليم وحسرة وندم عظيم وأمكنة توقد كل آن فيها زبانية نار جحيم ويصب من فوقها حميم ما مضى وقت ليست عيني فيه مقطرا ولا بالي مكدرا ولم يجئ حين لم يزد ألمي ولم يضاعف همي وغمي، نعم ما قال الشاعر بالفارسية:
وهنا يستشهد ببيت شعر فارسي ثم يتمم القول:
وما لي في امتداد حياتي زمان ليس مملوء بالحوادث المستلزمة للندامة والحسرة الأبدية، وكان استمرار عيشي أمير جيوشه غموم، وعساكره هموم، اللهم نجني من تزاحم أفواج البلاء، وتراكم أمواج العناء، بحق رسولك المجتبى ووصيه المرتضى ص وفرج عني ما انا فيه بلا إله الا أنت ارحم الراحمين.
ويقول السيد محمد مدرسي الزنجاني في كتابه سركذشت وعقائد فلسفي خواجة نصير الدين الطوسي في رد ذلك: بسبب اختلاف عقيدته عن عقيدتهم اي الإسماعيليين ولأنه كان أحيانا مضطرا لأن يخالف ميوله ورغباته في بعض ما يكتب، بهذا السبب كانت نفسه في عذاب، وهذا ما جعله يكتب ما كتب في آخر كتاب شرح الإشارات.
الغزو المغولي الثاني كان الغزو المغولي الثاني بقيادة هولاكو أشد ضراوة من الغزو الأول، والقلاع الإسماعيلية التي صمدت في وجه جنكيز لم تستطع الصمود في وجه هولاكو، فكان أن أسرع ناصر الدين مستجيبا لدعوة التسليم التي دعاه إليها هولاكو فسلم ثم والى هولاكو زحفه على إيران وارسل إلى ركن الدين خورشاه يطلب اليه التسليم، وأيقن ركن الدين بعدم جدوى الدفاع والعصيان فأرسل اخاه شاهنشاه وجمعا من كبار رجال الدولة إلى هولاكو مظهرا الطاعة والانقياد، ثم عاد فأرسل اخاه الثاني شيرانشاه مع ثلاثمائة جندي فقابلوا هولاكو وعادوا منه برسالة رضى وملاينة، وبقي السفراء يتعاقبون بين هولاكو وركن الدين على هذا المنوال زمنا، وركن الدين يتحفظ في موقفه ولا يجرؤ على ملاقاة هولاكو بنفسه، ثم عاد وارسل اخاه الثالث ايرانشاه مصحوبا بالخاجة نصير الدين الطوسي وجماعة من الوزراء وأعيان الدولة وقادة الجيش فعمد هولاكو إلى استجوابهم فردا فردا دون أن يتشدد في استجوابهم ثم أعادهم وارسل إلى ركن الدين أنه لن يرضيه الا حضوره بنفسه واعلان استسلامه، فاستشار ركن الدين خاصته وأركان دولته فأشاروا بالتسليم ليقينهم بان المقاومة ميؤوس من نتيجتها، فمضى ركن الدين وبصحبته أولاده ونصير الدين الطوسي والوزير مؤيد الدين والطبيبان موفق الدولة ورئيس الدولة ونزلوا من قلعة ألموت مخلفين دارهم التي عمروها مائة وسبعا وسبعين سنة، وكان نزول ركن الدين من القلعة وذهابه إلى هولاكو ايذانا بانتهاء دولة الإسماعيليين في إيران.
اما هولاكو فقد انهى الامر بعد حين بقتل ركن الدين ومن معه واستثنى من ذلك الطوسي والطبيبين موفق الدولة ورئيس الدولة، إذ أنه كان عارفا بمكانة الطوسي العلمية والفكرية، وعارفا كذلك بمكانة الطبيبين، فاحتفظ بالثلاثة وأمر بضمهم إلى معسكره ووجوب ملازمته.
مع هولاكو أصبح الطوسي في قبضة هولاكو ولم يعد يملك لنفسه الخيار في صحبته فعزم منذ الساعة الأولى أن يستغل هذا الموقف لانقاذ ما يمكن انقاذه من التراث الاسلامي المهدد بالزوال، وأن يحول دون اكتمال الكارثة النازلة والبلاء المنصب وقد استطاع بحنكته أن ينفذ خطته بحزم وتضحية واصرار وقد بلغ من احكام امره وترسيخ منهجه أن الدولة التي أقبلت بجيوشها الجرارة لتهدم الاسلام وتقضي على حضارته انتهى امرها بعد حين إلى أن تعتنق هي نفسها الاسلام ويصبح خلفاء جنكيز وهولاكو الملوك المسلمين!...
يقول الدكتور علي أكبر فياض في كتاب محاضراته عن الأدب الفارسي والمدنية الاسلامية:
وكانت النهضة الإسماعيلية في قمة نشاطها في ذلك العصر وكانت لهم مشاركة تامة في دراسة الفلسفة والنهوض بها للاستفادة منها في تقرير أصولهم واثبات دعاويهم، وقد أسسوا لهم في قلعة ألموت في جبال قزوين مكتبة عظيمة بادت على أيدي المغول. وكان يعيش في رعاية الإسماعيليين رجل يعد من أكبر المشتغلين بالعلوم العقلية بعد ابن سينا ألا وهو نصير الدين الطوسي، قدر لهذا الرجل العظيم أن يقوم بانقاذ التراث الاسلامي من أيدي المغول.
إلى أن يقول:
لقد فرض اليه هولاكو امر أوقاف البلاد فقام بضبطها وصرفها على إقامة المدارس والمعاهد العلمية، وجمع العلماء والحكماء وتعاون معهم في إقامة رصد كبير في مراغة بآذربيجان ومكتبة بجانبه يقال إنها كانت تحوي 400 ألف من المجلدات.
ويقول المستشرق روندلسن:
ثم اقترح الطوسي في مراغة على هولاكو: أن القائد المنتصر يجب أن لا يقنع بالتخريب فقط فأدرك المغولي المغزى وخوله بناء مرصد عظيم على تل شمالي مراغة وتم هذا العمل في 12 سنة. وجمع خلال ذلك الزيج الذي أتمه بعد وفاة هولاكو وهو الزيج الإيلخاني، وقد أظهر خطا أربعين دقيقة في موضع الشمس في أول السنة على حساب الأزياج السابقة وجمع مكتبة عظيمة ضم إليها ما نهب من الكتب في بغداد آه.
ويبدو أن هم الطوسي انصرف أول ما انصرف إلى انقاذ حياة أكبر عدد من العلماء، وحفظ أعظم عدد من الكتب، إذ أنه كان من الواضح أن الغزاة القادمين لا يمكن مقاومتهم بالقوة وأن الدولة في بغداد قد بلغت من التفسخ والانحلال والفتن ما لن تستطيع معه أن تقف بوجه هذا السيل المغولي الجارف، وكان لا يصح التسليم وترك الوثنية تحل محل الاسلام فإذا عجز المسلمون اليوم عن مقابلة السيف بالسيف فإنهم لن يعجزوا عن مقابلة آثاره بالعلم والثقافة والدعوة الحسنة، ولن يتأتى ذلك إذا باد العلماء وانقرضت الكتب، لذلك اتخذ الطوسي من مرصد مراغة حجة لجمع الجم الغفير من العلماء وحمايتهم من القتل، كما انصرف إلى استخلاص الكتب وجمعها وحفظها فادت النتيجة إلى أن ينقلب الامر ويعود المغول بعد ذلك مسلمين منافحين عن الاسلام.
مرصد مراغة أول مرصد هو مرصد ابرخسن في اليونان أنشئ قبل الميلاد.
وبعده بحوالي ثلاثة قرون أنشئ مرصد بطليموس في الإسكندرية.
اما في الاسلام فان أول مرصد أنشئ كان مرصد الخليفة المأمون في بغداد، وفي أواخر القرن الثالث أنشئ مرصد محمد بن جابر البتاني في الشام، وأنشئ في مصر المرصد الحاكمي وأنشئ في بغداد مرصد آخر.
ولما اقترح الطوسي على هولاكو انشاء مرصد مراغة ووافقه على ذلك جمع عديدا من العلماء ليعاونوه في العمل وباشر بانشائه سنة 657 وظل يعمل فيه حتى وفاته وسمي الزيج المستنبط من هذا المرصد الزيج الإيلخاني ونشره في كتاب خاص احتوى على جداول وطرائف حسابية جديدة لم تكن معروفة من قبل. لذلك كان هذا الزيج هو المعتمد عليه في أوربا في عصر النهضة جامعة مراغة قال محمد مدرسي زنجاني في كتابه سركذشت وعقائد فلسفي خاجه نصير الدين الطوسي:
فضلا عن مقام الطوسي العلمي استطاع بتأثيره على مزاج هولاكو أن يستحوذ تدريجيا على عقله، وأن يروض شارب الدماء فيوجهه إلى اصلاح الأمور الاجتماعية والثقافية والفنية، فادى الامر إلى أن يوفد هولاكو فخر الدين لقمان بن عبد الله المراغي إلى البلاد العربية وغيرها ليحث العلماء الذين فروا بأنفسهم من الحملة المغولية فلجؤوا إلى أربل والموصل والجزيرة والشام ويشوقهم إلى العودة، وأن يدعو علماء تلك البلاد أيضا إلى الإقامة في مراغة.
وكان فخر الدين هذا رجلا كيسا حسن التدبير فاستطاع أن ينجز مهمته على أحسن وجه، فعاد العلماء إلى بلادهم.
ومن جهة ثانية شغل الطوسي بتأسيس مكتبة في مراغة بلغ عدد كتبها 400 ألف مجلد وقرر رواتب دائمة لطلاب المدارس والمعاهد بحسب أهميتها.
وجاء في البداية والنهاية:
عين الخواجة نصير الدين الطوسي لكل من الفلاسفة ثلاثة دراهم يوميا ولكل من الأطباء درهمين ولكل من الفقهاء درهما واحدا ولكل من المحدثين نصف درهم، لذلك اقبل الناس على معاهد الفلسفة والطب أكثر من اقبالهم على معاهد الفقه والحديث بينما كانت تلك العلوم من قبل تدرس سرا آه وهكذا اجتمع حوله العدد الوافر من الطلاب واقبل العلماء من كل ناحية إلى تلك الديار وطافوا حوله كالفراشات على النور، واشتغلوا بكشف دقائق العلوم عالم دمشقي في مراغة لقد لقيت دعوة الطوسي استجابة كبرى لا من العلماء النازحين فحسب بل من غيرهم من العلماء العرب وغير العرب الذين لبوا الدعوة فرحلوا إلى مراغة حيث اجتمع هناك علماء من دمشق ومن الموصل ومن قزوين ومن تفليس ومن سائر البلاد الاسلامية.
ويحسن هنا أن نذكر ما كتبه العالم الدمشقي مؤيد الدين العرضي في مقدمة رسالته التي أنشأها في شرح آلات مرصد مراغة وأدواته والعرضي هذا أحد العلماء العرب الذين لبوا دعوة رسول الطوسي فترك دمشق ومضى إلى مراغة عاملا تحت لواء الطوسي في الميدان العلمي الواسع.
واليك ما كتبه في مقدمة رسالته:...
وكذلك كله بإشارة مولانا المعظم والامام الأعظم العالم الفاضل المحقق الكامل قدوة العلماء وسيد الحكماء أفضل علماء الاسلاميين بل المتقدمين وهو من جمع الله سبحانه فيه ما تفرق في كافة اهل زماننا من الفضائل والمناقب الحميدة وحسن السيرة وغزارة الحلم وجزالة الرأي وجودة البديهة والإحاطة بسائر العلوم فجمع العلماء اليه وضم شملهم بوافر عطائه وكان بهم أرأف من الوالد على ولده فكنا في ظله آمنين وبرؤيته فرحين كما قيل:
نميل على جوانبه كانا * نميل إذا نميل على أبينا
ونغضبه لنخبر حالتيه * فنلقى منهما كرما ولينا
وهو المولى نصير الملة والدين محمد بن محمد الطوسي أدام الله أيامه، ولقد كنت:
واستكبر الاخبار قبل لقائه * فلما التقينا صغر الخبر الخبر
فلله أيام جمعتنا بخدمته وأبهجتنا بفوائده وأن كانت قد أبعدتنا عن الأوطان والعشيرة والولدان فان هي وجوده عوضا عن غيره ومن وجده فما فاته شئ ومن فاته فقد عدم كل شئ فلا أخلانا الله منه وأمتعنا بطول بقائه.
النتائج الخطيرة لتنظيمات الطوسي مضى هولاكو فتولى الحكم بعده ابنه أباقا خان، ثم مضى أباقا خان فولي الحكم ابن هولاكو الآخر تكودار، وكانت أغراس الطوسي قد بدأت تؤتي اكلها فإذا بابن هولاكو يعلن اسلامه. وإذا كان الطوسي في ذلك الحين قد لقي وجه ربه فقد كان هناك تلميذه ومن أقرب المقربين اليه قطب الدين أبو الثناء محمود بن مسعود الشيرازي فاستدعاه تكودار الذي أصبح اسمه احمد تكودار وضم اليه جمعا من العلماء ليكونوا سفراءه إلى علماء بغداد وإلى السلطان منصور قلاوون ملك مصر فيحملوا إليهم النبأ العظيم نبا اسلام ابن هولاكو واسلام الدولة المغولية تبعا لاسلامه من اخباره لما ورد العراق بصحبة هولاكو زار الفيحاء وحضر درس المحقق أبي القاسم نجم الدين جعفر بن سعيد الحلي فكان البحث في القبلة في استحباب التياسر قليلا لأهل الشرق من اهل العراق عن السمت الذي يتوجهون اليه فاعترض الطوسي أن التياسر اما إلى القبلة فيكون واجبا لا مستحبا واما عنها فيكون حراما فأجاب المحقق الحلي في الدرس بان الانحراف منها إليها ومعنى ذلك أن الاستحباب المذكور مبني على أن الكعبة المعظمة هي قبلة القريب والحرم قبلة البعيد والحرم عن يسار الكعبة ثمانية أميال وعن يمينها أربعة أميال فإذا انحرف العراقي إلى جهة يساره لم يخرج عن سمت القبلة لاتساع المسافة فيما يستقبل فالانحراف اليسير إلى بعض جهاتها لا يخرج عنها بل يكون منها إليها وربما قيل أن الحكمة أن قبلة مساجد العراق كان فيها تياسر كثير كما يشاهد في قبلة مسجد الكوفة مع عدم امكان التصريح بذلك فأمروا بالتياسر إليها لذلك. ثم إن المحقق الحلي عمل في ذلك رسالة وأرسلها إلى الطوسي فاستحسنها وقد أورد الرسالة ابن فهد في المهذب البارع بتمامها وقال: اعلم أنه اتفق حضور العلامة المحقق خواجة نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه مجلس المصنف طاب ثراه ودرسه فكان فيما قرره بحضوره درس القبلة وأورد إشكالا على القياس فأجاب المصنف في الحال بما اقتضاه في ذلك الزمان ثم عمل في المسالة رسالة وبعثها اليه فاستحسنها المحقق حين وقف عليها وها انا موردها بلفظها:
جرى في أثناء فوائد المولى أفضل علماء الاسلام وأكمل فضلاء الأنام نصير الدنيا والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي أيد الله بقوته العالية قواعد الدين ووطد أركانه ومهد بمباحثه السامية عقائد الايمان وشيد بنيانه إشكال على التياسر وحكايته الأمر بالتياسر لأهل العراق لا يتحقق معناه لأن التياسر امر إضافي لا يتحقق الا بالإضافة إلى صاحب يسار متوجه إلى الجهة وحينئذ اما ان تكون الجهة محصلة للقبلة واما أن لا تكون ويلزم من الأول التياسر عما وجب التوجه اليه وهو خلاف مدلول الآية وعن الثاني عدم امكان التياسر إذ تحققه موقوف على تحقق الجهة التي يتياسر عنها ثم يلزم مع تحقيق هذا الاشكال تنزيل التياسر على التأويل أو التوقف فيه حتى يوضحه الدليل. وهذا الاشكال مما لم تقع عليه الخواطر ولا تنبه له الأوائل والأواخر ولا كشف عن مكنونه الغطاء لكن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وفرض من يقف على فوائد هذا المولى الأعظم من علماء الأنام ان يبسطوا له يد الانقياد والاستسلام وأن يكون قصاراهم التقاط ما يصدر عنه من جواهر الكلام فإنها شفاء أنفس الأنام وجلاء الافهام غير أنه ظاهر الله جلاله ولا أولياءه فضله وإفضاله سوع لي الدخول في هذا الباب وأذن لي ان أورد ما يحضرني في الجواب ما يكون صوابا أو مقاربا للصواب فأقول ممتثلا لأمره مشتملا ملابس صفحه وغفره انه ينبغي ان يتقدم ذلك مقدمة تشتمل على بحثين ثم ذكر في البحث الأول ان لفقهائنا قولين أحدهما ان القبلة هي الكعبة للقريب والبعيد الثاني انها قبلة من في الحرم والحرم قبلة من خرج عنه وفي البحث الثاني ان من يشاهد الكعبة أو يتقين جهتها لا تياسر عليه ومن فقد الأمرين يرجع للعلامات لكن ذلك لا يوجب تيقن محاذاة القبلة اما كون التياسر امرا إضافيا فلا ريب فيه واما انه إذا كانت محصلة الخ فالجواب عنه انا قد بينا ان الفرض للبعيد على هذا القول استقبال الحرم فالتياسر حينئذ استظهار في مقابلة الحرم فان العلامات قد يحصل الخلل في مسامتتها إلى آخر ما ذكره.
وقال ابن الفوطي في مجمع الآداب: ان قطب الدين أبا المظفر أحمد بن محمود بن أبي بكر النباكتي الناسخ من الفضلاء الواردين مراغة في أيام مولانا السعيد نصير الدين أبي جعفر سنة 671 وكتب الكثير لنفسه ولغيره من تصانيف مولانا نصير الدين. ومن تلاميذ نصير الدين الطوسي قطب الدين أبو الثناء محمد بن مسعود بن المصلح الشيرازي الكازروني الأصل الحكيم المهندس نزيل تبريز قاضي القضاة بالروم قال ابن الفوطي: قدم مراغة إلى حضرة مولانا وسيدنا نصير الدين سنة 658 واشتغل عليه في العلوم الرياضية الخ...
وقال أيضا:
اتفق الحكماء الخمسة على رصد مراغة في أيام السلطان الأعظم هولاكو سنة 657 ورئيسهم نصير الدين وهم: فخر الدين الخلاطي وفخر الدين محمد بن عبد الملك المراغي ومؤيد الدين العرضي ونجم الدين التزويني وهؤلاء هم الذين اختارهم نصير الدين وانفذ السلطان في طلبهم. قدم فخر الدين منصور بن محمد بن محمود بن منصور الكازروني الحكيم الطبيب مراغة سنة 654 إلى حضرة مولانا السعيد نصير الدين أبي جعفر فأكرمه اكراما تاما وأنزله بالمدرسة الصدرية وكان معه كتب كثيرة من الحكمة والطب ومد له من ذلك فلم يلتمس مولانا سوى كتاب واحد.
وقال في الدرر الكامنة: ذكر لنا عمر بن الياس بن يونس المراغي أبو القاسم الصوفي كمال الدين انه جالس خواجة نصير الدين الطوسي.
وفاته يفهم مما ورد في الكتاب الذي ظن أنه كتاب الحوادث الجامعة وهو يسرد حوادث سنة 672 انا أباقا خان جاء في هذه السنة إلى بغداد لقضاء فصل الشتاء فيها يصبحه الأمراء ورجال الجيش والخواجة نصير الدين الطوسي فلما انقضى الشتاء رجع الملك إلى عاصمته الصيفية وبقي الطوسي في بغداد يتفقد الأوقاف وينظمها ويعين رواتب الفقهاء والمدرسين والصوفية إلى أن أدركه الاجل تلك السنة.
وقد رثي كثير عربي وفارسي فمما قاله بهاء الدين عيسى الأربلي في رثائه ورثاء عز الدين الأربلي الذي توفي في نفس السنة:
ولما قضى عبد العزيز بن جعفر * وأردفه رزء النصير محمد
جزعت لفقدان الاخلاء وانبرت * شؤوني كمرفض الجمان المبدد
وجاشت إلي النفس حزنا ولوعة * فقلت تعزي واصبري فكان قد
وكان قد أوصى ان يدفن في جوار الإمام موسى الكاظم فنفذت وصيته.
مؤلفاته:
كتب ما يناهز مائة وأربعة وثمانين مؤلفا ما بين كتب ورسائل وأجوبة مسائل في فنون شتى نعدد منها ما يلي:
في الرياضيات:
1- تحرير اقليدس .
2- الرسالة الشافية عن الشك في الخطوط المتوازية .
3- تحرير المجسطي.
4 -كشف القناع عن اسرار شكل القطاع.
5- تحرير مانالاوس.
6- تحرير ثاوذوثيوس.
7- تحرير مأخوذات أرخميدس .
8- تحرير كتاب المناظر .
9- تحرير كتاب المساكن .
10- تحرير كتاب الكرة المتحركة لاطولوقوس .
11- تحرير كتاب ثاوذوثيوس في الأيام والليالي .
12- تحرير ظاهرات الفلك .
13- تحرير كتاب اطولوقوس في الطلوع والغروب .
14- تحرير كتاب ابسقلاوس في المطالع .
15- كتاب ارسطرخس في جرمي النيرين وبعديهما.
16- تحرير كتاب المفروضات لأرخميدس .
17- تحرير كتاب معرفة مساحة الاشكال البسيطة والكرية.
18- تحرير كرة واسطوانة أرخميدس .
19- تحرير المعطيات .
20- ترجمة ثمرة الفلك .
21- رسالة في انعطاف الشعاع وانعكاسه .
21- التذكرة النصيرية .
22- ترجمة صور الكواكب.
23- رسالة في الشعاع .
24- الرسالة المعينية .
25- ذيل الرسالة المعينية .
26- الزيج الإيلخاني.
27- مقدمة الزيج الإيلخاني .
28- عشرون بابا في معرفة الأسطرلاب.
29- زبدة الهيئة .
30- تعريف الزيج .
31- ثلاثون فصلا في الهيئة والنجوم .
32- رسالة في الحساب والجبر والمقابلة .
33- زبدة الاستدراك في هيئة الأفلاك .
34- مدخل في علم النجوم.
35- مائة باب في معرفة الأسطرلاب .
36- استخراج قبلة تبريز.
37- الأسطوانة .
38- المخروطات .
39- في أحوال الخطوط المنحنية .
40- تربيع الدائرة .
41- جامع الحساب .
42- رسالة في علم المثلثات.
في الاخلاق:
43- ديباجة الاخلاق الناصرية.
44- خاتمة الاخلاق الناصرية.
45- أوصاف الاشراف.
46- ترجمة الاخلاق الناصرية.
في التفسير:
47- تفسير سورة الاخلاص والمعوذتين.
48- تفسير سورة العصر.
في التاريخ:
49- واقعة بغداد.
في الفقه:
50- جواهر الفرائد.
في الجغرافيا:
51- الصبح الكاذب.
في الطب:
52- تعليقة على قانون ابن سينا .
53- جواب في رفع التناقضي في أقوال حنين وابن سينا.
في التربية والتعليم:
54- آداب المتعلمين.
في المنطق:
55- أساس الاقتباس .
56- تجريد المنطق .
57- تعديل المعيار في نقد تنزيل الأفكار.
58- المقولات.
في الفلسفة والحكمة:
59- شرح الإشارات.
60- رسالة اثبات الجوهر المفارق.
61- رسالة في العلم الاكتسابي واللدني.
62- رسالة بقاء النفس بعد فناء الجسد.
63 رسالة في النفي والاثبات.
64- الرسالة النصيرية .
65- رسالة في العقل.
65- العلل والمعلومات.
66- ربط الحديث بالقديم.
في علم الكلام:
67- تجريد العقائد .
68- قواعد العقائد .
69- الفصول النصيرية .
70- تلخيص المحصل .
71- مصارع المصارع .
72- رسالة في الجو والاختيار .
73- رسالة الجبر والقدر.
74- الرسالة الاعتقادية .
75- رسالة في الإمامة .
76- اثبات الواجب .
77- الابتداء والانتهاء.
78- رسالة في أصول الدين.
79- رسالة في العصمة .
80- روضة القلوب .
81- روضة التسليم .
82- رسالة السير والسلوك.
83- معرفة النفس.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|