المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



الأنانية وكيفية معالجتها ؟  
  
4043   01:10 مساءً   التاريخ: 12-2-2017
المؤلف : عبد الكريم بكار
الكتاب أو المصدر : مشكلات الاطفال
الجزء والصفحة : ص105-115
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية النفسية والعاطفية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-4-2022 2058
التاريخ: 13/11/2022 1816
التاريخ: 2023-11-09 1203
التاريخ: 12-2-2017 6979

مشكلة الانانية من المشكلات الشائعة في البيوت؛ حيث نجد ان كثيرا من الاباء والامهات يشكون مر الشكوى من ان بعض ابنائهم يريدون الاستحواذ على كل شيء، وهم لا يعرفون أي فارق بين ان يكون هذا الشيء لهم او لغيرهم، كما يشكون من ان اطفالهم شبه متوحشين، فهم لا يعرفون معنى المشاركة في الطعام او اللعب او القراءة...

وقبل ان نلج في اعماق الموضوع اود ان اشير إلى شيء مهم، هو ان من طبيعة التقدم المادي والعمراني انه يزيد في درجة الانانية وحب الاستحواذ لدى الكبار من خلال تذوقهم معنى الرفاهية وانفتاح وعيهم على مصالحهم الخاصة، وهذا يدفعهم إلى ان ينكفئوا على انفسهم، ويميلوا إلى جعل افراحهم فردية عوضا عن ان تكون جماعية كما ان معاني (المحاصة) تتعمق، وتصبح نبرة المطالبة بالحقوق اقوى على حين ان الاهتمام بأداء الواجبات يظل شيئا شخصياً او خاصاً، ولا ريب في ان الصغار سوف يتعلمون كل هذا من الكبار، وهذا يعني ان مشكلة (الانانية) لدى الاطفال ربما كانت في طريقها إلى المزيد من التضخم ما لم ننتبه جميعا، ونبدأ في توفير الافكار والآليات التي تساعد الصغار والكبار على ان يفكروا في غيرهم ويتواصلوا معهم، ويمدوا لهم يد المعونة.

ـ ما الأنانية ؟

الأنانية أو (التمركز حول الذات) هي ذلك الحب المفرط للذات، والحب المفرط لتملك الاشياء والاستيلاء عليها مع عدم الموافقة على إشراك أي شخص اخر للانتفاع بها... ان الطفل خلال الاشهر الثمانية عشرة الاولى من عمره يتصرف وفق المفهوم التالي: كل ما تقع عيني عليه، وكل ما تصل يدي اليه فهو ملكي، وليس لاحد ان ينازعني فيه مهما كانت الظروف، ومهما كانت حاجته، انه يبدأ رحلة الحياة بالتعرف على نفسه، ويظن في البداية انه وحده في هذا العالم، وينظر إلى كل ما حوله من افق رؤيته الشخصية. تشتد الانانية لدى الطفل في عامه الثالث وعامه الرابع، ويكون مؤمنا بقوة في المشاركة في عامه السابع وعامه الثامن. قد يقول قائل: لماذا ننظر إلى انانية الاطفال على انها مشكلة، ما دام الطفل سوف يتخلص منها في نهاية المطاف؟

ـ الحقيقة ان الازعاج في الموضوع يأتي من ناحيتين :

الأولى: المعاناة التي يشعر بها الاهل خلال السنوات الست الاولى من حياة الطفل حيث يقعون في الحرج عشرات المرات بسبب امتناع الطفل الاناني من السماح لأبناء الضيوف والجيران والاقرباء من الاقتراب من العابه وادواته الشخصية وبسبب المشاكسات بينه وبين اخوته؛ حيث يكثر من البكاء والشكوى كلما امتنع احد من اخوته الكبار عن منحه اشياءه الخاصة.

الثانية: إمكانية استمرار النزعة الانانية لدى الطفل وترسخها في شخصيته ليصبح في المستقبل شخصا شحيحاً سلبياً لا يفكر فيمن حوله، ولا يفكر الا في مصلحته الخاصة، وذلك اذا لم تعامل اسرته نزعته هذه بالحكمة والاسلوب الرشيد.

ـ اسباب الانانية لدى الطفل :

1- الانانية مكتسب اجتماعي :

تشير بعض الدراسات إلى ان تأثير الوراثة في الانانية محدود، وان الطفل يتعلم السلوك الاناني من اسرته على نحو اساسي، ثم من البيئة التي يعيش فيها، ان الطفل حين يرى اخوته الكبار مهتمين بشؤونهم وحريصين للسيطرة على كل شيء، فانه يظن ان هذا هو الشيء الطبيعي، وهو الشيء الصحيح، وحين يرى الاشياء تقدم له ممن حوله بكرم وسهولة، فانه يظن ايضا ان هذا هو الشيء الصحيح، وقد ادرك هذا المعنى كثير من الامهات الفاضلات؛ حيث إنك تجد الواحدة منهن تشجع صغيرها على ان يطعم ابناء الضيوف شيئا مما في يده او تحثه على ان يسمح لهم باللعب بدراجته، او الدخول إلى غرفته... وحين يفعل ذلك فإنها تمطره بوابل من القبلات وكلمات الثناء.. ان كون الانانية مكتسب اجتماعي ـ في غالب الأمر- يحمل الابوين مسؤولية بث معاني الكرم والمشاركة والشهامة في نفوس الصغار من خلال السلوك الشخصي والمواقف السخية.

2- الشعور بالضعف والاهمال  :

حين يشعر الطفل بانه ضعيف او مهمل من قبل المحيطين به، فان من المتوقع ان يتقوقع على نفسه ويهتم بشخصيته واشيائه، ان الشعور بالضعف قد يكون بسبب خوفه من تكرار اضطهاد حدث له؛ حيث يشعر ان اللعب مع الاخرين ومشاركتهم قد يعرضه لمثل ما تعرض له من الاذى.

شعور الطفل بالإهمال من قبل ابويه واخوته الكبار بسبب اهتمامهم بشؤونهم الخاصة يحفزه على التقليد : ما دام الجميع مشغولين بأنفسهم فلماذا لا اكون كذلك؟

والشعور بالإهمال يجعله ايضا ينظر إلى الاشياء التي يمتلكها على انها ملاذ يلوذ به؛ حيث لا يتوقع الكثير من غيره، ومن هنا فان الحرمان من العاطفة الجياشة والاحضان الدافئة والحرمان من المساندة الاسرية، من العوامل المهمة في تأجيج نار الانانية في نفوس الاطفال.

3- الدلال الزائد :

يقولون : الشيء اذا زاد على حده انقلب إلى ضده، وهذا القول : لا يصدق على شيء كصدقه على اسلوب تربية الابناء؛ حيث إن التوازن والاعتدال من القواعد الاساسية في التربية.

الطفل المدلل يتلقى عناية زائدة وحماية مبالغا فيها من قبل اسرته، انها تقدم له كل شيء، ولا تطلب منه ان يقدم أي شيء، فيحدث لديه نوع من الاكتفاء الذاتي، والعزوف عن مخالطة الاخرين او مشاركتهم، واحيانا يؤدي الدلال الزائد إلى شعور الطفل بانه محور اهتمام الاخرين، وهذا يقوي لديه الشعور بالأنانية.

ـ كيف نعالج السلوك الاناني ؟

1- تنمية روح المشاركة :

ذكرنا ان الانانية عبارة عن استغراق في الشأن الشخصي، وانكفاء على الذات؛ ومن ثم فإن تقوية روح المشاركة لدى الطفل ستجعله يشعر بالآخرين، ويعمل على مراعاتهم، ويلمس منافع ومسرات الاحتكاك بهم، ان (اللعب الجماعي) من افضل ما ينمي روح المشاركة؛ وذلك لان اللعب الجماعي يعرف الطفل على معنى التعاون مع فريقه، كما يعرفه على معنى العدل، ويجعله يشعر ببعض ميزات من يلعب معهم بالإضافة إلى ان اللعب يتطلب بذل الجهد وذوق معنى التعب والمعاناة، وكل يضعف القطيعة مع الاخرين، فاذا وسع الله على الواحد منا فليخصص مكانا مناسب للعب الاطفال، وليرحب بأصدقاء الطفل وابناء الجيران كي يلعبوا مع بعضهم.

2- الثقة بالنفس  :

كثيرا ما يدفع الشعور بالضعف والعجز والشعور بالإحباط.. الطفل إلى أن يكون انانيا، ان هذه المشاعر تجعل الطفل غير قادر على التواصل مع نظرائه من الاطفال وغير قادر على الوفاء بالتزاماته والعهود التي يقطعها على نفسه؛ ولهذا فإنه يتصرف وكانه يعيش وحده دون أي اعتبار للآخرين، هذا يعني ان على الابوين وعلى المعلمين كذلك التحدث مع الطفل حول ما لديه من نقاط قوة وميزات، وما يلكه من قدرات ومهارات بالإضافة إلى الثناء على كل نجاح يحققه.

بعض الاطفال لديهم قدرة على التحدث بطلاقة، وبعضهم دائم الابتسامة، وبعضهم يعرف كيف يرحب بضيوفه، وبعضهم لديه تفوق في الدراسة، كما ان منهم من يحفظ الكثير من كتاب الله؛ ومنهم من يقرأ ويطالع بشغف... وان بإمكاننا ان نتخذ من هذه الميزات والفضائل نقطة ارتكاز من اجل تقوية ثقة الطفل بنفسه، وانما نقول هذا الكلام لان كثيرا من المواقف الانانية يكون عبارة عن تعويض عن الاحساس بالنقص تجاه بعض الامور.

على الابوين إلى جانب الثناء والتحفيز تقبل الطفل على ما هو عليه، وهذا هو المعنى العميق للحب غير المشروط، فالطفل ابنهما مهما كان شكله، ومهما كانت اخلاقه واوضاعه، ومن المهم ان يشعراه دائما انه موضع ترحيب في الاسرة، وان الله ـ تعالى - رزق اسرته به كرما وجودا منه؛ وهذا لا يعني بالطبع عدم مناصحته عند الحاجة.

3- احترام الاخرين :

الأناني لا يهتم الا بنفسه، وقد يشعر انه مركز الكون، وان الاخرين ليسوا بشيء، ومن هنا فان غرس معاني الاحترام للآخرين في نفوس الاطفال مما يخفف من السلوك الاناني، ويولد لديهم معاني التعاطف والاهتمام.

أحد الاباء كان يقول لأبنائه: إن المؤمنين اخوة، وان من شأن المؤمن ان يحب الخير لأخيه المؤمن، ويدعو له بالصلاح والتوفيق، كما ان بين معارفنا واقربائنا من هم افضل منا دينا وخلقا، ومن هم اكثر مالا منا، ووظائفهم افضل من وظيفتي... أب آخر كان يستغل بعض المناسبات ليوضح لأبنائه اهمية بعض الاشخاص الذين تعود الناس النظر اليهم باستخفاف؛ فقد حدث ان تغيب العمال الذين يقومون بتنظيف الشوارع ونقل القمامة غياباً جماعيا، وكانت النتيجة هي تكدس الاوساخ في الحي وانتشار الحشرات والروائح الكريهة، وهنا وضَّح الاب لأولاده انه ليس هناك شخص او تخصص غير مهم، ولكن الواحد منا لا يعرف قيمة الخدمات الموفرة له حتى يفقدها....

إن التعاطف مع الناس وسيلة اخرى لمعالجة الانانية لدى الطفل، التعاطف يعني ان نفهم الاخرين، ونتفاعل مع ظروفهم واوضاعهم وفق رؤيتهم لها، وقد كانت احدى الامهات تشفق دائما على العاملة التي كانت تساعدها في تنظيف المنزل، وكانت تتعمد ان تقول لابنتها: ان الله ـ تعالى - يحب منا ان نتعاون مع الناس الذين يساعدوننا على قضاء حاجاتنا، وان نحسن اليهم، وفي احدى المرات قالت لها احدى بناتها: امي ان فلانة تخدمنا وتساعدنا فعلا لكنها تأخذ اجرة ذلك، واذا كانت الاجرة منخفضة، فهذا ليس ذنبنا وانما ذنبها، لماذا لم تتعلم حتى تجد وظيفة رفيعة..؟

هنا قالت الام : هذه المرأة نشأت يتيمة، ولم يكن لديها المال حتى تكمل تعليمها، وحين بلغت العشرين تزوجت بواحد من ابناء حيها، وبعد سنة طلقها؛ لأنه تبين له انها عقيم لا تنجب، ومن ثم فانها اضطرت إلى العمل في بيوت الناس حتى تُؤمِّن لقمة عيشها، ومن ذلك اليوم زاد تعاطف كل الاولاد مع تلك المرأة، وصاروا يحثون امهم على زيادة الاجرة لها؛ لأنها تعول والدتها المريضة!

ان علاج الانانية لدى الطفل يمكن ان يكون مدخلا لتحسين الوضع الاخلاقي للأسرة كلها؛ وذلك من خلال تشرب الصغار لروح التسامح والتعاون والشعور بمشاعر الاخرين، وهذا يتم من خلال وعي الابوين بقيمة هذه المعاني ومن خلال سلوكياتهم القائمة عليها.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.