أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-1-2023
1736
التاريخ: 14-8-2016
2178
التاريخ: 2023-06-24
1277
التاريخ: 31-8-2016
1027
|
إنهم ذكروا لإفادة المتواتر العلم شرائط :
منها : ما يتعلق بالسامع (1) .
ومنها : ما يتعلّق بالمخبرين .
أما الأول : فأمران :
الأول : أن لا يكون السامع عالماً بمدلول الخبر اضطراراً ، كمن اخبر عما شاهده ؛ وعللوا هذا الشرط بأنه لو أفاده ذلك الخبر علماً لكان إما عين العلم الحاصل له بالمشاهدة (2) أو غيره .
والأول : تحصيل للحاصل ، وهو محال .
والثاني : من اجتماع المثلين الذي هو أيضاً محال .
ولا يجوز كونه مفيداً تقوية الحكم الحاصل أولاً ؛ لأنا فرضناه ضرورياً ، والضروري يستحيل أن يتقوى بغيره .
لا يقال : إنا نمنع من لزوم اجتماع المثلين – على تقدير أن يحصل بالخبر علم مغاير للأول – لجواز مخالفته إياه بالنوع وإن ساواه في التعلق بالمعلوم .
وأما استحالة تقوية الضروري بغيره فممنوعة أيضاً .
لأنا نقول : إن ما ذكر خروج عن الفرض ؛ لأن الذي ننكره حصول علم آخر على طبق ما علم قبل الإخبار ، وأما العلمان المتخالفان نوعاً فلا ينكره احد ، وليس من محل البحث .
وأما منع استحالة تقوية الضروري بغيره فلا وجه له أيضاً ، إذ (ما وراء عبادان قرية) .
الثاني : أن لا يسبق الخبر المتواتر حصول شبهة أو تقليد للسامع يوجب اعتقاده نفي موجب الخبر ومدلوله .
وأول من اعتبر هذا الشرط علم الهدى (رحمه الله) وتبعه على ذلك المحققون ، وهو شرط متين ، وبه يندفع احتجاج المشركين من اليهود والنصارى وغيرهم على انتفاء معجزات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، كانشقاق القمر ، وحنين الجذع ، وتسبيح الحصى ...
واحتجاج مخالفينا في المذهب على انتفاء النص على أمير المؤمنين (عليه السلام) بالإمامة .
وبيان ذلك : أن المنكرين لمعجزات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وللنص بالإمامة .. احتجوا بأنها لو كانت متواترة لشاركناكم في العلم بمدلولاتها – كما في الأخبار المتواترة بوجود البلدان النائية والقرون الماضية – والتالي باطل ، فكذا المقدم ، والملازمة ظاهرة .
وجوابه : أن شرط إفادة التواتر العلم – وهو عدم السبق بالشبهة ، أو التقليد المذكورين – حاصل في الأخبار عن البلاد النائية والقرون الخالية للكل ، فكان العلم شاملاً للجميع ، بخلاف معجزات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والنص على أمير المؤمنين (عليه السلام) بالخلافة ؛ فإن الشرط المذكور موجود عند المسلمين والإمامية ، مفقود عند خصومهم ؛ لأن أسلافهم نصبوا لهم شبهات تقررت في أذهانهم تقتضي اعتقاد خلاف (3) الإخبارالمذكور ، فلهذا حصل الافتراق بحصول العلم للأولين دون الآخرين .
أما لخواصهم ؛ فللشبهة ، وأما لعوامهم ؛ فللتقليد ، وكذلك كل من أشرب قلبه حب خلاف ما اقتضاه المتواتر لا يمكن حصول العلم له الا مع تخليته عما شغله عن ذلك الا نادراً .
وأما الثاني : فأمور :
الأول : أن يبلغوا في الكثرة الى حد يمتنع تواطؤهم على الكذب ..
وهذا الشرط قد عرفت وجهه ، كما عرفت عدم صدق المتواتر على خبر الثلاثة المفيد للعلم بسبب الانضمام الى قرائن خارجية ، ولو بلغوا في الثقة والصلاح الغاية ؛ ضرورة ان العادة لا تستحيل (4) الكذب على الثقة الصالح الصادق ، ولا ينافي الكذب عدالته ولا صلاحه أيضاً إذا دعاه اليه ما يبيحه من المصالح والضرورات .
الثاني : أن يكونوا عالمين بما أخبروا به لا ظانين ..
اشترطه جمع ، وأنكره بعضهم واكتفى بحصول العلم من اجتماعهم ، وان كان بعضهم ظانين مع كون الباقين عالمين ؛ نظراً الى أصالة عدم اشتراطه بعد عدم الدليل عليه .
الثالث : ان يستندوا في علمهم بذلك الى الاحساس ، فلو اتفقوا على الإخبار بمعقول ، كحدوث العالم ووحدة الصانع .. لم يفد العلم ، ولم يكن من الخبر المتواتر في شيء .
لرابع : استواء الطرفين والواسطة في ذلك ؛ بأن يكون كل واحد من الطبقات عالمة بما أخذت به لا ظانة ، لكن الطبقة الأولى عالمة بذلك بالمشاهدة ، والثانية والثالثة بالتواتر .
والمراد بالطرفين : الطبقة الاولى المشاهدون لمدلول الخبر ، والطبقة الأخيرة الناقلون عن الواسطة الى المخبر أخيراً ، والواسطة ؛ الطبقة التي بينهما .
ثم الواسطة ؛ قد تتحد وقد تتعدد ، واستواء الواسطة والطرفين إنما يعتبر فيما إذا كان بين المخبرين والمشاهدين طبقتان أخريان ، حينئذ فلا يكون شرط استواء الطرفين عاماً في كل متواتر ، ولا في مطلق الخبر المتواتر ، فإن ما ينقله المشاهدون الى غيرهم بغير واسطة متواتر ، وليس له طرفان وواسطة ، كما هو ظاهر .
وقد اشترط بعض الناس هنا شروطاً آخر لا دليل عليها ، وفسادها أوضح من ان يحتاج الى الذكر .
فمنهم : من شرط الإسلام والعدالة .
ومنهم : من اشترط ان لا يحويهم بلد ، ولا يحصرهم عدد ؛ ليمتنع تواطؤهم على الكذب .
وهو باطل ، فإن أهل بلد لو أخبرونا بقتل ملكهم وما جرى مجراه لم يمتنع إفادته العلم ، وكذا العدد المصحور ؛ ولأنه منقوص بما علم من أحوال الرسول (صلى الله عليه وآله) بتواتر الصحابة مع انحصار عددهم واتحاد بلدهم .
ومنهم : من اشترط اختلافهم في النسب ..
وهو كسابقه في الفساد .
ومنهم : من اشترط عدم اتفاقهم في الدين ..
وضعفه ؛ ضرورة انه لو كان شرطاً لما حصل العلم من اخبار أهل ملة واحدة ، ومن المعلوم خلاف ذلك .
ومنهم : من اشترط وجود المعصوم (عليه السلام) في المخبرين ، حكي عن ابن الراوندي .. وهو باطل . لتحقق العلم من دونه .
ولقد أجاد من قال : إن نسبة اشتراطه الى القوم افتراء او اشتباه بالإجماع .
تذييل :
الأكثر على أنه لا يشترط في إفادة الخبر المتواتر العلم عدد مخصوص في المخبرين ، وأن المعيار هو ما حصل العلم بسبب كثرتهم ، واستندوا في ذلك الى أصالة عدم الاشتراط بعد اختلاف الموارد في حصول العلم ، فربّ عدد يوجب العلم في مورد ولا يوجبه في مورد آخر .
وقال جمع من العامة باشتراط العدد فيهم ..
ثم إنهم اختلفوا على أقوال :
أحدها : ما عن القاضي ابي بكر من أنه يشترط ان يكونوا زائدين على أربعة ، لعدم إفادة خبر الأربعة العدول الصادقين العلم ، وإلا لأفاد خبر كل أربعة عدول صادقين العلم ، والتالي باطل ، فكذا المقدم .
أما الملازمة ؛ فلأنه لو أفاد العلم في بعض الصور دون غيرها لكان إما لمرجح ، فلا يكون إخبارهم بمجرده مفيداً للعلم ، بل لابد من انضمام اعتبار ذلك المرجح إليه ، وإن كان لا لمرجح لزم الترجيح من غير مرجح ، وأنه محال .
وأما بطلان التالي (5) ؛ فلا ستلزامه استغناء القاضي عن طلب مزكي شهود الزنا : لأنه إن أفاد خبرهم العلم بالزنا حكم به ، وإن لم يفده علم كذبهم فيحدهم للفرية ، وهو باطل إتفاقاً .
وتوقف القاضي في الخمسة لعدم اطراد الدليل المذكور فيها ، وعدم الظفر بما يدل على إفادته العلم ولا على عدمها ، فوجب الوقف .
ثانيها : ما عن الإصطخري : من أن أقله عشرة ؛ لأنه أول جموع الكثرة (6) ..
وهو استحسان سخيف .
ثالثها : ما عن جمع من أنه اثنا عشر ؛ عدد نقباء بني اسرائيل ! لقوله تعالى : {وبعثنا منهم أثني عشر نقيباً} (7) خصهم بذلك العدد لحصول العلم بخبرهم .
رابعها : أن أقله عشرون ؛ حُكي ذلك عن ابي هذيل العلّاف ؛ لقوله تعالى : {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} (8) خصهم بذلك لحصول العلم بما يخبرون به (9) .
خامسها : أن أقله أربعون ؛ حُكي ذلك عن جمع ، لقوله : {يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} ، (10) حيث نزلت في الأربعين .
سادسها : ان أقله سبعون ؛ حكي ذلك عن آخرين ، لقوله جلّ شأنه : {واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا} (112) وإنما كان كذلك ليحصل اليقين بإخبارهم أصحابهم ما يشاهدون من المعجزات !
سابعها : ما عن جمع أيضاً من أن أقله ثلاثمائة وبضعة عشر ، عدد أهل بدر ! وإنما خصهم بذلك ليحصل للمشركين العلم بما يخبرونهم من معجزات الرسول (صلى الله عليه وآله) !
.. وهذه الأقوال كلها باطلة ؛ لأن كل واحد من هذه الأعداد قد يحصل العلم معه وقد يتخلف عنه ، فلا يكون ضابطاً له .
ولقد أجاد شيخنا الشهيد الثاني (رحمه الله) حيث قال في البداية (12) ما لفظه : .. لا يخفى ما في هذه الاختلافات من فنون الخرافات (13) ، وأي ارتباط لهذا العدد بالمراد .. ؟! وما الذي أخرج عن نظائره مما ذكر في القرآن من ضروب الأعداد .. ؟! انتهى .
والحق ما عليه الأكثر من دوران الأمر مدار حصول العلم وعدم اعتبار عدد مخصوص فيه .
____ ____ ____ ____ ____
1. في الأصل : بالصانع ، وهو غلط .
2. في الطبعة الثانية : بالشهادة ، وما ذكر أصح .
3. في الأولى وخطيتها : منافي ، وقد جاءت كلمة (خلاف) نسخة على الطبعتين الحجريتين .
4. كذا ، والظاهر : لا تحيل .
5. في الطبعة الثانية من الكتاب : الثاني .. والتالي اولى .
6. اي أن ما دون العشرة خبر آحاد ، ولا يسمى الجمع جمعاً إلا بها أو بما فوقها .
وقيل : إنه استند الى قوله تعالى : {تلك عشرة كاملة} [سورة البقرة (2) : 196] والعجب من السيوطي في تدريب الراوي 2 / 177 حيث قال : وهو المختار . مع أنه قبل ذلك قال : ولا يعتبر فيه عدد معين على الأصح ، فراجع .
7. سورة المائدة (5) : 12 .
8. سورة الأنفال (8) : 65 .
9. كذا في الخطية ، ولا توجد (به) في طبعتي الكتاب .
10. سورة الأنفال (8) : 64 .
11. سورة الأعراف (7) : 155 .
12. البداية : 13 [تحقيق البقّال 1 / 63] .
13. في نسختنا : الجزافات ، بدل : الخرافات ، والمعنى واحد .
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|