أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2015
1665
التاريخ: 28-09-2015
1280
التاريخ: 28-09-2015
1624
التاريخ: 28-09-2015
1314
|
قال تعالى : {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة : 124]
قال البيضاوي بعد قوله تعالى في قصة خليله ـ عليه السلام ـ لا ينال عهدي الظالمين » : فيه تنبيه على انه قد يكون من ذريته ظلمة ، وانهم لا ينالون الامامة ؛ لأنها امانة من الله وعهده ، والظالم لا يصلح لها ، وانما ينالها البررة الاتقياء منهم (1).
وقال الفاضل المحشي عصام الدين محمد في حواشيه على هذا التفسير : معناه لا ينال عهدي الظالمين ما داموا ظالمين ، فالظالم اذا تاب لم يبق ظالما.
وكيف لا يكون المراد ذلك؟ وقد نالت الامامة ابا بكر وعمر وعثمان ، ومراده ان هذه قضية سالبة ، والمراد من السالبة المطلقة ـ كما ذكره المنطقيون ـ هو العرفية العامة ، فالآية لا تدل على عدم نيل الامامة الظالم بعد توبته ؛ لعدم صدق الظالم عليه حينئذ.
اقول : أية فائدة في الاخبار بأن الظالم ، اي الكافر ، كما هو مراد المحشي ، ويدل عليه قوله تعالى {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [البقرة: 254] ما دام كافراً لا تناله الامامة ؛ وهي الرئاسة العامة في امر الدين والدنيا خلافة عن الله او عن النبي.
فان من الاوليات بل الاجلى منها ان الامامة والظلم بالمعنيين المذكورين لا يجتمعان ، ولا يتوهمه عاقل ، ليحتاج الى دفعه بأنزال آية من السماء ، ضرورة ثبوت التنافي بينهما ، فكيف يصير هذا الحكم موضعا للإفادة؟ وخاصة اذا صدر من الحكيم العليم الذي لا يتطرق اليه ولا الى كلامه عبث ولا لغو ، ولا يكون كلامه ككلام الساهي والنائم والهاذي.
فظهر انه لا يمكن ان يراد بالظالم المنفي عنه الامامة ، من يباشر الظلم ويرتكبه ، حتى يصح ان يقال : انه اذا تاب عنه ويصلح لم يبق ظالما ، فيمكن ان تناله الامامة ، بل هو واقع ، لانها قد نالت هؤلاء بثلاثتهم ، بعد ان تابوا عن ظلمهم وكفرهم واصلحوا.
وهل هذا الا مصادرة وتفسير للآية بما يطابق اهواءهم ، بل المراد به من وجد منه الظلم وقتا ما ، وان لم يكن في الحال ظالما ، بل كان تائبا.
لان ابراهيم ـ عليه السلام ـ لم يسأل الامامة لبعض ذريته المباشرين للظلم من قبل ان يتوبوا عنه ، فلانه قبيح عمن يدعي صحبة عاقل من العقلاء ، فكيف لا يكون قبيحا عمن هو من اعقل الأنبياء.
فتعين ان سؤاله الامامة : اما لبعض ذريته مطلقا ، او للذين لم يظلموا منهم اصلا ، او ظلموا ثم تابوا عنه.
والاول لا يحتمل المباشرين للظلم منهم ، كما مر لما مر ، فيتحقق في ضمن احد الاخيرين ، فقوله تعالى في جوابه « لا ينال عهدي الظالمين » منهم ، صريح في ان الذين ظلموا منهم ، اي : سبقوا في الظلم والكفر لا ينالهم عهد الله ، وان تابوا بعد ظلمهم واصلحوا ، ولم يكونوا في الحال ظالمين.
فدلت على ان الامامة عهد من الله وامانة منه لا تنال من كان ظالما ولو وقتا ما.
ويدل عليه ما رواه الفقيه ابن المغازلي الشافعي ، عن عبد الله بن مسعود في تفسير الآية ، قال قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله : انتهت الدعوة الي والى علي ، لم يسجد احد منا لصنم قط ، فاتخذني الله نبياً ، واتخذ علياً وصياً. (2) وهذا نص بالباب.
والى ذلك اشار صاحب التجريد بقوله : وسبق كفر غير علي ـ عليه السلام ـ فلا يصلح للإمامة غيره ، فتعين هو (3).
وجواب القوشجي بأن غاية الامر ثبوت التنافي بين الظلم والامامة ، ولا محذور اذا لم يجتمعا. مندفع بما سبق.
واعلم ان الشافعي وشيعته كالبيضاوي ، ذهبوا الى ان اطلاق المشتق بعد وجود المشتق منه وانقضائه ، كالظلم لمن قد ظلم قبل وهو الان لا يظلم ، حقيقة مطلقا ، سواء كان مما يمكن بقاؤه ، كالقيام والقعود ، اولا كالمصادر السيالة نحو التكلم والاخبار.
فعلى قاعدتهم هذه يرد عليهم ان الظالم وان انقضى ظلمه وتاب عنه وقبل توبته لا يصلح للامامة ؛ اذ يصدق عليه انه ظالم حقيقة على ما ذهبوا اليه ، وقد نفى الله عنه الامامة.
فكيف نالت الامامة من يعتقدون امامته مع ظلمه وكفره بالاتفاق ، وهذا مع قطع النظر عما سبق منا امر يلزمهم بخصوصهم وهم لا يشعرون. وما وقفت في كلام احد تفطن بهذا ، فهو من سوانح الوقت والحمد لله.
واذا ثبت ان الظالم وهو من وضع الشيء في غير موضعه وان كان وقتا ما ، او من تعدى حدود الله التي هي الاوامر والنواهي ، لقوله تعالى : {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ } [الطلاق: 1] لا تناله الامامة.
ثبت ان الامام لابد وان يكون معصوما ، والا لكان ظالما : اما لنفسه ، او لغيره ، وقد سبق ان منفي عنه الامامة ، فالآية مما دل على اعتبار العصمة في الامام ، والحمد لله وحده ذي الجلال والاكرام.
____________
(1) انوار التنزيل : 1 / 54.
(2) مناقب ابن المغازلي : 277.
(3) التجريد : 237.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|