المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تربية الانسان جسدياً  
  
9240   11:03 صباحاً   التاريخ: 2-1-2017
المؤلف : ام زهراء السعيدي
الكتاب أو المصدر : التربية من منظور اسلامي
الجزء والصفحة : ص59-67
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الصحية والبدنية والجنسية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-23 86
التاريخ: 2024-09-28 122
التاريخ: 15-4-2016 4650
التاريخ: 2024-09-18 124

يحتاج الانسان كسائر الاحياء الى الغذاء، فبالغذاء يستطيع ان يستمر في حياته، واذا لم يتناول طعامه فانه يموت، وان جميع الشهوات والميول الانسانية التي هي مصدر النشاطات المختلفة تستيقظ بعد تناول الطعام، وتدفع الانسان الى الحركة والعمل والسعي. وفي العصور المظلمة كان بعض الناس يتوهمون ان الانبياء لا يحتاجون الى طعام لمنزلتهم السامية، ولذلك فقد جاء القرآن الكريم مفنداً هذه النظرة بصراحة، وبذلك يقوله تعالى {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ}[الأنبياء: 8]. والجوع من اخطر حالات الانسان وادقها تأثيرا، حتى كان الجائع ينسى دينه وايمانه، ويغفل عن الحنان والعاطفة، ومن اجل ان يملا بطنه، ينقلب الى حيوان مفترس.

بعد هذه المقدمة الوجيزة ننتقل الى صلب الموضوع فنقول: ان النقطة الاولى التي يجب ان نبحث عنها هنا هي مسألة سلامة الطعام ونظافته فالإسلام مؤيد تربية الجسم مع انه مخالف للإسراف ورأى الاسلام يجب ان يكون اسلوب الانسان بنحو يجعل جسمه سليماً، يملك اعلى حد للنمو، ولا تصيبه الامراض والآفات والاضرار.

لا شك ان التعاليم الاسلامية قائمة على اساس حفظ الجسم ونموه وبديهيات الفقه، ان كثيرا من الامور حرمت لأنها مضرة بجسم الانسان لذلك نلاحظ ان بعض النباتات وكذلك بعض الحيوانات لا تلائم البناء الانساني، واذا تغذى شخص منها فإنها تسبب مسموميته او حدوث امراض اخرى له.

ففي العصور المتمادية كان الانسان ـ لقلة المواد الغذائية من جهة، وجهلة بالغذاء المفيد من جهة اخرى ـ يأكل كل حيوان يصطاده، ويتغذى على لحم الكلب، والقطة، والحوت، والفيل.. وغيرها من الحيوانات والحشرات وحتى من لحوم الانسان واللحوم العفنة والفاسدة، ومن جراء ذلك فقد لاقى ملايين الناس حفتهم لتسمم الطعام او انهم فقدوا الاعتدال والسلامة في مزاجهم على الاقل.

واليوم ايضا توجد طوائف وشعوب تقتضي اثر ذلك السلوك الخاطئ ويأكلون من لحوم الحيوانات المفترسة والسباع وحتى من لحوم البشر ـ اذا قدر لهم ذلك ـ ولايزالون يصابون بنفس العوارض والآلام. فنجد العالم المتحضر في اوربا وامريكا يأكلون لحم الخنزير والاسماك المحرمة في الشريعة الاسلامية، ويتناولون الخمر بكل مرية بل بعض الشعوب تتغذى على دم البقر والغنم، اما في الشريعة الاسلامية فان هذه الاطعمة محرمة، ومما لا شك فيه ان تداول هذه الاطعمة عندهم نتيجة قصور العلم في دنيا الغرب، ولو كان العلم الحديث متوصلا الى معرفة جميع جوانب الفائدة والضرر في الاطعمة لما كان يبيح تناول الدم او شرب الخمر اصلاً.

وسوف لا تمضي مدة طويلة حتى يكشف العلم في تقدمه الحقائق العلمية المتينة التي جاءت بها التعاليم الاسلامية فيعترف حنيذاك بعظمة الاسلام كما يقول الامام الرضا (عليه السلام) (ان الله تبارك وتعالى لم يبح اكلا ولا شربا الا لما فيه من المنفعة والصلاح.. ولم يحرم الا لما فيه الضرر والتلف والفساد)(1).

ان احدى الخدمات المهمة التي اسداها الانبياء لهداية البشر هي الاهتمام بالمواد الغذائية. ان اولئك القادة الروحانيين قد قسموا الاطعمة منذ امد بعيد الخبيث والطيب، وعدوا بعض الحيوانات محللة الاكل وبعضها محرم الاكل، واجازوا لاتباعهم ان يتغذوا مما يحل اكل لحمة، ومنعوهم عن اكل ما لا يحل لحمه منعا تاما. ففي الاسلام اصل عام يقول: كل ما فيه ضرر على جسم الانسان فهو حرام. فتحريم الاشياء اذن او اباحتها عن اساس المعالج والمفاسد لا اكثر.

لان اثر الطعام لا يقتصر على جسم الانسان منتجا اثاره الصالحة او الفاسدة، بل أنه يترك من الجهة المعنوية اثاره الحسنة او السيئة على روح الانسان، وهذا متسالم عليه من قبل العلماء المعاصرين. وقد صرح الاسلام بذلك في تعاليمه القيّمة، ان المختبرات العلمية في العصر الحديث قادرة على فحص المواد الغذائية من حيث العناصر الطبيعية المكونة لها وخواصها الكيمياوية الى حد ما، اما الاثار المعنوية والاخلاقية للأطعمة فأنها اما تكون غير قابلة للفحص المختبري ابدا، وان الوسائل الحديثة لم توفق لهذا الموضوع لحد الان على الاقل، وعلى هذا فما اكثر الاطعمة التي تضر بسعادة الانسان من الجانب المعنوي والنفسي، والعلم قاصر عن ادراك تلك الحقائق في العصر الحاضر.

فنحن نعرف كيف تغذي اطفالنا كي يصبحوا رشيقي القامة وعلى جانب كبير من الجمال، وذلك بمعونة علم معرفة الغذاء الحديث، لكن هذا العلم لم يعلمنا كيف نوجد جهازا عصبيا متيناً، وفكرا معتدلا وشجاعة، وحسن خلق، ومقدرة عقلية، وكيف نحميهم من الانهيار النفسي؟ كما يقول الامام علي (عليه السلام): (مالي ارى الناس اذا قرب اليهم الطعام ليلا تكلفوا انارة المصابيح ليبصروا ما يدخلون بطونهم، ولا يهتمون بغذاء النفس بان ينيروا مصابيح ألبابهم بالعلم. ليسموا من لواحق الجهالة والذنوب في اعتقاداتهم واعمالهم)(2).

وقال الامام الحسن بن علي (عليه السلام) : (عجبت لمن يتفكر في مأكوله. كيف لا يفكر في معقوله، فيجنب بطنه ما يؤذيه، ويردع صدره ما يريده)(3).

وقد يقال : لو كان الاسلام موافقا لتنمية البدن، اذا لماذا يقال الاسراف قبيح؟ والجواب: ان الاسراف القبيح والسيء هو غير تربية البدن التي هي بمعنى الصحة، ذلك لأنه الاسراف في الحقيقة هو تمتع النفس وبطرها المنافي غالبا لصحة الجسم وتربيته، لا معناه ان يكون الانسان محبا وعابدا لنفسه وشهواته، ويسعى دائما لتحقيق ميوله النفسية، ولا علاقة له بموضوع نمو الجسم، بل انه على النقيض تماما، فان الانسان المسرف سوف يضر جسمه حتما، لان الانسان المحب لنفسه الشهواني لا يفكر الا ببطنته لكي يشبع لذتها.

لا شك ان الذي يريد ان يحفظ سلامة جسمه لا يمكن ان يحفظ سلامة جسمه يكون هكذا، بل يجب ان يحارب عبودية البطن.

فالإنسان الكسول والمسرف يبحث عن لذات اخرى ويقضي ليله من دون نوم وفي مجالس اللهو، ويجهد جسمه واعصابه، وهذا هو الاسراف في متعة البدن وهو مخالف لتربية الجسم بمعنى الصحة الجسمية بل ان الاثنين متضادات الى حد ما، فاذا اراد الانسان تربية جسمه وروحه فيجب عليه محاربة ذلك النوع من الاهتمام بالبدن، الذي هو حب النفس والشهوة؛ لان تربية الجسم معناها الحقيقي تقويته وابقاؤه سالماً. وهي ممتدحه بلا شك ومن ضروريات الاسلام، بل ان فلسفة كثير من الامور الاخرى من قبيل النظافة والاغتسال وجميع الاوامر في رعاية الصحة الموجودة في الاسلام ماهي الا تقوية للجسم. وان ما يسمى بمعالجة تنمية الجسد، فإنما يريد بذلك تنمية الشهوة، ولاشك ان الاسلام يعارض ذلك، فما اكثر تنميات الجسم التي تؤدي الى ضعفه، ان من ينمي جسمه بمعنى تنمية الشهوة يكون دائما وراء اللذات الجسمانية، فان اول اثر لأعماله هو تخريب جسده واضعافه وان التنمية الحقيقية للجسم تلازم تحمل انواع المحرمات الجسدية لأنها لا تلائم تنمية الجسم، فإذن علينا ان لا نشتبه فتتصور ان محاربة الاسلام لتنمية الشهوة والنفس ـ بسبب تسميتنا هذه الامور تنمية جسدية، محاربة لتنمية الجسم الواقعية وجعله قويا ونشيطاً.

فعلى الرغم  من ان الاهتمام بسلامة الغذاء ـ بنوعية ضرورية في جميع مراحل الحياة، ويجب ان يخضع لرقابة شديدة دائما، لكن ما لا شك فيه ان سلامة التغذية الروحية والمادية بالنسبة الى الطفل اهم منها بالنسبة الى الشاب او الشيخ. لان مرحلة الطفولة هي المتعهدة ببناء كيان الطفل روحيا وجسدياً، وان خطأ واحدا يمكن ان يؤدي الى انحراف الطفل عن طريق السعادة وبقاء اثارها السيئة طوال ايام حياته.. ذلك ان اللبنة الاولى في بناء البيت اذا وقعت بصورة منحرفة استمر البناء في انحرافه مهما علا في السماء.

ونظراً الى العلاقة الوثيقة بين الجسم والروح في حركة الحياة والواقع فلن يبقى مجالات للتعجب. فكثيرا ما تسببت الازمات الروحية في الاصابة بأمراض جسدية، تضعف جسم الانسان وتشل عناصر القوة فيه، فيشيب الرأس وتظلم العين وتخور القوى عند الانسان وخلافه صحيح ايضا. فان الفرح وحالات الراحة التي يمر بها الانسان تنمي جسمه وتقوي فكره، وللغذاء تأثيرا على روح الانسان وسلوكه المعنوي، فمثلا شرب الدم يبعث على قساوة القلب، والعقيدة السائدة هي ان العقل السليم في الجسم السليم ولدينا آيات وروايات تشير الى هذا المعنى منها الآية (41) من سورة المائدة. فقد اشارت الى فئة من اليهود الذين مارسوا انواعا كثيرة من الجرائم بحق الاسلام والمسلمين من قبيل التجسس وتحريف الحقائق الواردة في الكتب السماوية، فقال تعالى : {الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ}[المائدة:41] ، ويعقب مباشرة قائلا {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ}[المائدة:42] ، وهذا التعبير يبين عدم طهارة قلوبهم. وهذا كان نتيجة لأعمالهم التي منها تكذيب الرسول والآيات الالهية، واكلهم للحرام بصورة دائمية، واكل السحت يسود القلب ويميته، وكان سببا لنفوذ عناصر الرذيلة والزيغ، والابتعاد عن الخير والفضائل، وفي الآية (91) من سورة المائدة ورد الحديث عن شرب الخمر ولعب القمار، فقال:- عز من قائل - : {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}[المائدة:91] ، ولا شك. ان العداوة والبغضاء هي من الحالات الباطنية التي ترتبط برابطة وثيقة مع شرب الخمر ولعب القمار، كما ورد في الآية الشريفة. وهذا دليل على ان اكل السحت والشراب الحرام يساعد على بروز الرذائل الاخلاقية، وتأجيج حالات العداء والخصومة بين الافراد في خط الشيطان ونقرأ في الآية (51) من سورة المؤمنين قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}[المؤمنون:51]

ـ ويعتقد بعض المفسرين ان تقارب ذكر هذين الامرين :

وهما (اكل الطيبات والعمل الصالح) هو خير دليل على وثاقة العلاقة بينهما. وهو اشارة الى ان اختلاف وتنوع الاكلات والاطعمة له معطيات اخلاقية مختلفة ومتنوعة ايضا، فأكل الطيبات، يطيب الروح ويصلح العمل وبالنقيض فإن الاكل الحرام يظلم الروح ويخبث العمل(4)، وهناك روايات اسلامية ثبتت علاقة التغذية بالأخلاق ومن هذه الروايات.

1ـ جاء شخص الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال له: (ارحب ان يستجاب دعائي، فقال له رسول الله (صلى الله عليه واله) (طهر مأكلك ولا تدخل بطنك الحرام)(5)، وحديث اخر عنه (صلى الله عليه واله) انه قال (من احب ان يستجاب دعاؤه فليطلب مطعمه ومكسبه)(6).

ونقرأ في حديث آخر عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال (ان الله لا يستجب دعاء بظهر قلب قاس)(7) ويستنتج من ذلك ان الاكل الحرام يقسي القلب، ولأجله لا يستجاب دعاء الاكل الحرام وتتوضح العلاقة الوثيقة بين خبث الباطن واكل الحرام في ما ورد عن الامام الحسين (عليه السلام ) في حديثه المعروف في يوم عاشوراء ذلك الحديث المليء بالمعاني البليغة امام اولئك القوم المعاندين للحق من اهل الكوفة. فعندما ايس من تحولهم الى دائرة الحق والايمان، واستيقن انهم لن يستجيبوا له في خط الرسالة قال لهم : (انكم لا تسمعون الى الحق لأنه قد ملئت بطونكم من الحرام فطبع الله على قلوبكم).

2- ورد عن الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله): (من اكل لقمة حرام لم تقبل له صلاة اربعين ليلة، ولم تستجب له دعوة اربعين صباحا، وكل لحم ينبته الحرام فالنار اولى به، وان اللقمة الواحدة تنبت اللحم)(8)، (أي لحم نبت على حرام فالنار اولى به)(9) ومن الطبيعي فان قبول الصلاة له شروط عدة منها: حضور القلب وطهارته من الدرن والغفلة، والحرام يسلب منه تلك الطهارة والصفاء، ويخرجه من اجواء النور والايمان.

3- ونقل عن الرسول الاعظم (صلى الله عليه واله) حديث يروي علاقة فضول الطعام بقساوة القلب (اياكم وفضول المطعم فانه يسم القلب ويبطئ بالجوارح عن الطاعة ويصم الهمم عن سماع الموعظة)(10) (فضول الطعام): كما قال ناصر مكارم الشيرازي في كتاب الاخلاق في القرآن يمكن ان تكون اشارة الى ادخال الطعام على الطعام والاكل الزائد عن الحاجة، او انها تدل على تناول الطعام المتبقي من الوجبات السابقة أي بقايا الطعام الفاسد. وعلى اية حال فان الحديث يدل على علاقة التغذية بالمسائل الاخلاقية التي تؤطر سلوك الانسان في حركة الحياة وورد هذا المعنى ايضا في بحار الأنوار ج74 ص182 الذي نقل عن رواة اهل السنة ونقلوه ايضاً عن الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله) ويستفاد من هذا الحديث امور :

1ـ ان الأكل الزائد يقسي القلب.

2- ويقيد الانسان في دائرة الكسل والاسترخاء ولا يقوي على العبادة.

3- يصم اذانه في مقابل الوعظ فلا تؤثر فيه النصيحة والموعظة في خط التربية، وهذا الامر ملموس فعلا فان الانسان يثقل عند الاكل الكثير، ولا يكاده ان يؤدي عبادته من موقع الشوق والرغبة، ولا يبقى لديه نشاط في خط العبادة وبالنقيض ما لو اذا تناول طعاما خفيفاً فسيكون في نشاط ويؤدي عباداته ووظائفه في وقتها المعين، وكذلك بالنسبة للصيام فهو يرقق القلب، ويهيئ الانسان لقبول المواعظ فتبين مما ذكر العلاقة الوثيقة بين الغذاء والروحيات والاخلاق، ونحن لا ندعي ابداً ان الاكل والغذاء هو العلة التامة لبلورة الاخلاق، ولكنه يمثل عاملا مساعدا في ذلك، بحلاله وحرامه وانواعه ونختم حلقتنا بنقل قصة تاريخية نقلها المسعودي في مروجه فقال نقل عن الفضل الربيع ان (شريك بن عبدالله) دخل يوماً على (المهدي) الخليفة العباسي في وقتها فقال له المهدي العباسي : (أي شريك) اعرض عليك ثلاثة امور عليك ان تختار احداها، فقال ماهي؟ فقال له: اما ان تقبل منصب القضاء. او ان تعلم ابني، او تأكل معنا على مائدتنا ففكر شريك قليلاً. وقال ان الاخير اسهلها فحجره المهدي. وقال لطباخه، حضر له انواعا من اطباق امخاخ الحيوانات المخلوطة بالسكر والعسل.

فعندما أكل شريك من ذلك الطعام (وطبعا الحرام) قال الطباخ للمهدي. ان هذا الشيخ لن يفلح ابدا بعد هذا الطعام. فقال الربيع وفعلا قد صدقت نبؤة الطباخ. فان شريك بعدها قبل منصب القضاء وعلم ابناء المهدي ايضاً.

_____________

1ـ مستدرك الوسائل: ج3، ص71.

2ـ سفينة البحار للقمي ص84.

3ـ المصدر نفسه، والصفحة نفسها.

4ـ ينظر : الاخلاق في القران : التربية والتعليم في الاسلام، الاسرة ومسائل الجنس.

5ـ بحار الانوار :ج9، ص373.

6ـ المصدر نفسه : ج9، ص392.

7ـ المصدر نفسه :ج9، ص305.

8ـ بحار الانوار : ج63، ص314.

9ـ جواهر الكلام : ج36، ص236.

10ـ بحار الانوار : ج69، ص199.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.