أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
1528
التاريخ: 11-10-2014
3022
التاريخ: 11-10-2014
1226
التاريخ: 8-7-2016
1753
|
قال تعالى : {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ *قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ * وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف : 54 - 56] .
بعد أن شهدت امرأة العزيز والنسوة على أنفسهن ، وعرف الناس جميعا ان يوسف منزّه عن الأغراض والعيوب ، بعد هذا رضي يوسف بالخروج من السجن ، وطلبه الملك ليكون زعيما في مملكته وعونا له على تدبيرها وإدارتها .
ولما اجتمع به ، وسمع منه وقع حبه واحترامه في قلبه ، وقال له فيما قال : أنت محترم عندنا ومؤتمن على كل شيء في الدولة ، وما قال الملك هذا إلا حين أيقن بمقدرته وعلمه وحكمته . وقيل ان يوسف كان عمره آنذاك 30 سنة ، وفي « مجمع البيان » ان يوسف سلم على الملك بالعربية ، ولما سأله من أين لك هذا اللسان ؟
قال : هو لسان عمي إسماعيل ، وفي تفسير المنار ان ملك مصر كان في عهد يوسف من ملوك العرب المعروفين بالرعاة « الهكسوس » ( 1 ) وقال الطبري ان هذا الملك كان اسمه الوليد بن الريان .
( قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) . بعد أن فوض الملك الأمر ليوسف في كل ما يريد ويختار من المناصب اختار الولاية على خزانة الدولة واقتصادها ( 2 ) ، اختار هذه الولاية بعد أن خيّر ، ولم يطلبها ابتداء كي يقال :
كيف طلب الولاية . . وعلى افتراض انه طلبها ابتداء فلم يطلبها لمصلحته الخاصة ، بل للصالح العام ، وليحفظ للمستضعفين حقوقهم وبالخصوص في سني القحط والمجاعة . . لقد علم يوسف ان البلاد مقبلة على بلاء وشدة ، فإذا لم يكن صاحب الخزانة حفيظا عليها عليما بشؤونها ضاعت حقوق الناس بخاصة الفقراء والمساكين . .
هذا إلى أن المال عصب الأمة وحياتها ، فإذا لم يكن زمامه بيد الأكفاء علما وخلقا كان مصير الأمة إلى الهلاك والدمار ، حتى في سني الخصب والرخاء .
أما إذا كانت مقادير الأمة بيد الأكفاء والأمناء فإنهم يقودونها إلى خيرها وصلاحها دنيا وآخرة ، وقد نقل كثيرون ان يوسف حين تولى أمر الخزانة ، ورأى الناس من عدله وحسن تدبيره ما صان لكل ذي حق حقه آمنوا برسالته ، حتى الملك آمن وشهد ان لا إله الا اللَّه وان يوسف رسول اللَّه ، قال إسماعيل حقي في « روح البيان » :
« قال مجاهد : أسلم الملك على يد يوسف ، وجمع كثير من الناس » ، وعقّب صاحب « تفسير البيان » على قول مجاهد بهذه الكلمة : « إذا كان الإحسان إلى يوسف والإكرام له سببا للايمان والعرفان فما ظنك بمن آسى رسول اللَّه (صلى الله عليه واله)وذب عنه ما دام حيا وهو عمه أبو طالب ، فالأصح انه ممن أحياه اللَّه للايمان ، كما سبق في المجلد الأول » . وسبق الكلام عن اسلام أبي طالب عند تفسير الآية 113 من سورة التوبة .
( إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) . أحفظ المال من الإسراف والضياع ، وأعلم المستحقين له من غيرهم ، وأضع كل شيء في موضعه . وعن الإمام جعفر الصادق انه قال : يجوز للرجل أن يزكي نفسه إذا اضطر إلى ذلك ، فلقد قال يوسف : « اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم » .
وفي بعض التفاسير : « لم يقل يوسف للملك : عشت يا مولاي ، أنا عبدك الخاضع ، كما يقول المتملقون للطواغيت ، وانما طالب بما يعتقد انه قادر على النهوض به من أعباء الأزمة ، وصيانة الأرواح من الموت ، والبلاد من الخراب . .
فيا ليت المتملقين للطغاة يقرؤون القرآن ليعرفوا ان الكرامة والإباء والاعتزاز يدر من الربح أضعاف ما يدر التمرغ والتزلف والانحناء » . قال الرازي : روي ان الملك قال ليوسف : « أحب ان أشركك في كل شيء الا في أهلي والأكل معي . فقال له يوسف : لا آكل معك وأنا يوسف بن يعقوب بن اسحق بن إبراهيم الخليل » .
( وكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ ولا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) . صبر يوسف على إلقائه في البئر ، وعلى بيعه في سوق العبيد ، وخدمته في بيت العزيز ، وعلى التهمة بالخيانة ، والسجن ، والأسر ، صبر على ذلك وأكثر من ذلك ، صبر واحتسب وتوكل على اللَّه . . فما ذا كانت النتيجة ؟ . لقد خرج من السجن خروج الأبطال من معارك النصر . . خرج ليحكم في الأرض مطلق اليد مسموع الكلمة ، نافذ السلطان . . وهكذا يوفّى الصابرون أجرهم في الدنيا ( ولأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وكانُوا يَتَّقُونَ ) . وأجر الآخرة الجنة التي « لا ينقطع نعيمها ، ولا يظعن مقيمها ، ولا يهرم خالدها ، ولا يبأس ساكنها » كما قال الإمام علي ( عليه السلام ) . . وأين من هذا النعيم الدائم الذي لا يشوبه بؤس ولا هرم ذلك الملك الزائل المشوب بالأتعاب والآلام ؟ . وفي بعض الروايات ان امرأة العزيز أتت يوسف في السنين العجاف تطلب منه قوتا ، وقد مات زوجها ورماها الدهر بالخطوب ، ونال منها ما نال ، وان يوسف لما رآها قال لها :
ما الذي أوصلك إلى ما أرى ؟ . فقالت له : سبحان من جعل الملوك بمعصيته عبيدا ، وجعل العبيد بطاعته ملوكا .
______________________
1-قرأت في جريدة « اخبار اليوم » المصرية تاريخ 25 - 1 - 1969 ان بعثة جامعة فيينا المكونة من 6 من علماء الآثار أعلنت ان الهكسوس كانوا عربا.
2- في مصر يسمون وزير المالية بوزير الخزانة : وغير بعيد ان يكون مصدر التسمية قول يوسف : « اجعلني على خزائن الأرض » .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
مكتبة العتبة العباسية.. خدمات رقمية متطورة وجهود لتلبية احتياجات الباحثين
|
|
|