أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-11-2016
1192
التاريخ: 12-1-2017
1641
التاريخ: 12-1-2017
1435
التاريخ: 12-1-2017
1308
|
[جواب الشبهة]
صحابة النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) هم المسلمون الأوائل الذين رأوا النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله ) وتشرفوا بكرامة الصحبة ، وتحملوا جانبا مهما في عملية نشر الدعوة الإسلامية ، وبذل جمع منهم النفس والنفيس في نشر الإسلام ، حتى امتد إلى أقاصي المعمورة فأقاموا أسسه ، وشادوا بنيانه، ورفعوا قواعده بجهادهم المتواصل ، وبلغوا ذروة المجد باستسهال المصاعب ، فلولا بريق سيوفهم ، وقوة سواعدهم ، وخوضهم عباب المنايا ، لما قام للدين عمود ، ولا اخضر له عود .
ولما كان الكتاب والسنة هما المصدرين الرئيسيين عند المسلمين جميعا ، والشيعة منهم ، وبهدي نورهما يسترشد في استشراف الحقائق الثابتة التي لا غبار عليها ، فإن التأمل في هذين المصدرين الغدقين يبين مدى فضل أولئك ومنزلتهم في الإسلام .
ولعل المتأمل في الكتاب والسنة يجد مدى ما يحفى به الصحابة الصادقون من ثناء وتكريم ، ومن تلا آيات الذكر الحكيم حول المهاجرين والذين اتبعوهم بإحسان ، لا يملك نفسه إلا أن يغبط منزلتهم وعلو شأنهم ، بل ويتمنى من صميم قلبه أن يكون أحدهم ويدرك شأنهم ، ومن استمع للآيات النازلة في الذين بايعوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تحت الشجرة أو أصحاب سورة الفتح ( 1 ) فلا بد أن تفيض عيناه دمعا ويرتعش قلبه شوقا نحو تلك الثلة المؤمنة التي صدقت ما عاهدت الله عليه ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) .
فإذا كان هذا حال الصحابة في الذكر الحكيم فكيف يتجرأ مسلم على تكفير الصحابة ورميهم بالردة والزندقة أو تفسيقهم جميعا ؟ { سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } .
وكيف يستطيع أن يصور دعوة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ضئيلة الفائدة أو يتهمه بعدم النجاح في هداية قومه وإرشاد أمته ، وأنه لم يؤمن به إلا شرذمة قليلة لا يتجاوزون عدد الأصابع ، وأن ما سواهم كانوا بين منافق ستر كفره بالتظاهر بالإيمان ، أو مرتد على عقبيه القهقرى بعد رحلة النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) .
كيف يجوز لمسلم أن يصف دعوته ويقول : إنه لم يهتد ولم يثبت على الإسلام بعد مرور ( 23) عاما من الدعوة إلا ثلاثة أو سبعة أو عشرة .
إن هذا ليس إلا هراء وكذب رخيص لا تقبله العقول .
والأنكى من ذلك كله أن يرمى الشيعة بهذا التقول الممجوج ، وأن تجد من يصدق ذلك ويرتب على أساسه مواقف وآراء ، وإنا نسأل أولئك عن هذا فنقول لهم : أي شيعي واع ادعى ذلك ؟ ومتى قال ؟ وأين ذكره ؟ إن الشيعة بريئة من هذه التخرصات ، وما هذه الحكايات السقيمة إلا جزءا من الدعايات الفارغة ضد الشيعة والتي أثارها الأمويون في أعصارهم ، ليسقطوا الشيعة من عيون المسلمين ، وتلقفتها أقلام المستأجرين لتمزيق الوحدة الإسلامية ، وفصم عرى الأخوة.
وترى تلك الفرية في هذه الأيام في كتيب نشره الكاتب أبو الحسن الندوي أسماه ب " صورتان متعارضتان " . وهو يجتر ذلك مرة بعد أخرى ، وما يريد من ذلك إلا زيادة الأمة فرقة وتمزيقا.
نعم وردت روايات في ذلك ، ولكنها لا تكون مصدرا للعقيدة ، ولا تتخذ مقياسا لها ، لأنها روايات آحاد لا تفيد علما في مجال العقائد ...
إنا لو أحصينا المهتدين في عصر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) من بني هاشم لتجاوز عددهم العشرات ، بدءا من عمه أبي طالب ومرورا بصفية عمته ، وفاطمة بنت أسد ، وبحمزة والعباس وجعفر وعقيل وطالب وعبيدة بن الحارث " شهيد بدر " وأبي سفيان بن الحارث ونوفل بن الحارث وجعدة بن أبي هبيرة وأولادهم وزوجاتهم ، وانتهاء بعلي ( عليه السلام ) وأولاده وبناته وزوجته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين .
أما الذين استشهدوا في عهد النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) فهم يتجاوزون المئات ، ولا يشك أي مسلم في أنهم كانوا مثال المؤمنين الصادقين الذين حولهم الإسلام وأثر فيهم ، فضربوا في حياتهم أروع الأمثلة في الإيمان والتوحيد والتضحية بالغالي والنفيس ، خدمة للمبدأ والعقيدة.
ولعل الاستعراض المتعجل لمجموع تلك الأسماء لا يملك إلا أن يجزم بصحة ما ذهبنا إليه من القول بمكانة أولئك الصحابة ابتداء بآل ياسر الذين كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لهم وهو يسمع أنينهم تحت سياط التعذيب : " صبرا آل ياسر إن موعدكم الجنة " ( 2 ) ، ومرورا بمن توفي في مهجر الحبشة وشهداء بدر وأحد ، وقد استشهد في معركة أحد سبعون صحابيا كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يزورهم ويسلم عليهم ، ثم شهداء سائر المعارك والغزوات ، حتى قال النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) في حق سعد بن معاذ شهيد غزوة الخندق : " اهتز العرش لموته " ، وشهداء بئر معونة والتي يتراوح عدد الشهداء فيها بين (40) حسب رواية أنس بن مالك و ( 70 ) حسب رواية غيره ، إلى غير ذلك من الأصحاب الصادقين الأجلاء الذين : {صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] ، {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } [آل عمران: 173]، {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ...* وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 8، 9] .
أوليست هذه الآيات تثبت نجاح النبي ( صلى الله عليه وآله ) في دعوته ، وأنه اجتمع حوله رجال صالحون ومخلصون ، فكيف يمكن رمي مسلم يتلو الذكر الحكيم ليل نهار باعتقاده بخيبة النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) في دعوته وتهالكه في هداية أمته .
إن الموقف الصحيح من الصحابة هو ما جاء في كلام الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : "أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق ؟ أين عمار ؟ وأين ابن التيهان ؟ وأين ذو الشهادتين ؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية وأبرد برؤوسهم إلى الفجرة ؟ أوه على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه وتدبروا الفرض فأقاموه . أحيوا السنة وأماتوا البدعة، دعوا للجهاد فأجابوا ، ووثقوا بالقائد فاتبعوه " ( 3 ) .
وليس ما جاء في هذه الخطبة فريدا في كلامه ، فقد وصف أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوم صفين ، يوم فرض عليه الصلح بقوله : " ولقد كنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا ، ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما ، ومضيا على اللقم ، وصبرا على مضض الألم ، وجدا في جهاد العدو ، ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين ، يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون ، فمرة لنا من عدونا ، ومرة لعدونا منا . فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت ، وأنزل علينا النصر، حتى استقر الإسلام ملقيا جرانه ومتبوئا أوطانه ، ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم ما قام للدين عمود ، ولا اخضر للإيمان عود " ( 4 ) .
هذه كلمة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قائد الشيعة وإمامهم ، أفهل يجوز لمن يؤمن بإمامته أن يكفر جميع صحابة النبي ( صلى الله عليه وآله ) أو يفسقهم أو ينسبهم إلى الزندقة والإلحاد أو الارتداد ، من دون أن يقسمهم إلى أقسام ، ويصنفهم أصنافا ويذكر تقاسيم القرآن والسنة في حقهم ! ! كلا وألف كلا .
وهذا هو الإمام علي بن الحسين يذكر في بعض أدعيته صحابة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ويقول : " اللهم وأصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله ) خاصة الذين أحسنوا الصحبة ، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره ، وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته ، وسابقوا إلى دعوته ، واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالاته ، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته ، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته ، وانتصروا به ، ومن كانوا منطوين على محبته ، يرجون تجارة لن تبور في مودته ، والذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته ، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته ، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك ، وأرضهم من رضوانك ، وبما حاشوا الخلق عليك وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك ، واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم ، وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه ، ومن كثرت في إعزاز دينك من مظلومهم . اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا . . . " ( 5 ) .
فإذا كان الحال كذلك ، واتفق الشيعي والسني على إطراء الذكر الحكيم للصحابة والثناء عليهم ، فما هو موضع الخلاف بين الطائفتين كي يعد ذلك من أعظم الخلاف بينهما ؟ إن موضع الخلاف ليس إلا في نقطة واحدة ، وهي أن أهل السنة يقولون بأن كل من رأى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعاشره ولو يوما أو يومين فهو محكوم بالعدالة منذ اللقاء إلى يوم أدرج في كفنه ، ولو صدر منه قتل أو نهب أو زنا أو غير ذلك ، محتجين بما نسب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " أصحابي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم " وفي ذلك خلل كبير أعاذ الله المسلمين منه ، فالتاريخ بين أيدينا ، وصفحاته خير شاهد على ما نقول ، ونحن لا نقول كما قال الحسن البصري : " طهر الله سيوفنا عن دمائهم ، فلنطهر ألسنتنا " ، لأنا لا نظن أن الحسن البصري يعتقد بما قال بل إنه تدرع بهذه الكلمة وصان بها نفسه عن هجمات الأمويين الذين كانوا يروجون عدالة الصحابة في جميع الأزمنة ، بل يلبسونهم ثوب العصمة ، إلى حد كان القدح بالصحابي أشد من القدح برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فنفي العصمة عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) واتهامه بالذنب قبل بعثه وبعده كان أمرا سهلا يطرح بصورة عقيدة معقولة ولا يؤاخذ القائل به ، وأما من نسب صغيرة أو كبيرة إلى صحابي فأهون ما يواجهونه به هو الاستتابة وإلا فالقتل . . . فإذا كان هذا هو محل النزاع - أي عدالة الكل بلا استثناء أو تصنيفهم إلى مؤمن أو فاسق ، ومثالي أو عادي ، إلى زاهد أو متوغل في حب الدنيا ، إلى عالم بالشريعة وعامل بها أو جاهل لا يعرف منها إلا شيئا طفيفا - فيجب تحليل المسألة على ضوء الكتاب والسنة ، مجردين عن كل رأي مسبق ، لا يقودنا في ذلك إلا الدليل الصحيح والحجة الثابتة .
_______________
(1) لاحظ الآيتين 18 و 29 من سورة الفتح ، ففيهما إشارة واضحة إلى ما تحدثنا عنه .
(2) السيرة النبوية لابن هشام 1 : 320 طبعة الحلبي .
(3) نهج البلاغة ، الخطبة 182 .
(4) نهج البلاغة ، الخطبة 56 .
(5) الصحيفة السجادية ، الدعاء 4 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|