أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-3-2017
4737
التاريخ: 2-3-2017
10740
التاريخ: 12-2-2017
4577
التاريخ: 12-2-2017
4933
|
قال تعالى : {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة: 60]
عدّ سبحانه وتعالى على بني إسرائيل نعمة أخرى إضافة إلى نعمة العلى الأولى فقال {وإذ استسقى موسى} أي : سأل موسى (2) قومه ماء والسين سين الطلب وترك ذكر المسئول ذلك إذ كان فيما ذكر من الكلام دلالة على معنى ما ترك و كذلك قوله {فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت} لأن معناه فضربه فانفجرت فترك ذكر الخبر عن ضرب موسى الحجر لأن فيما أبقاه من الكلام دلالة على ما ألقاه و هذا كما يقال أمرت فلانا بالتجارة فاكتسب مالا أي فاتجر و اكتسب مالا و قوم موسى هم بنو إسرائيل و إنما استسقى لهم ربه الماء في الحال التي تاهوا فيها في التيه فشكوا إليه الظمأ فأوحى الله تعالى إليه {أن اضرب بعصاك} و هو عصاه المعروفة و كان من آس الجنة دفعها إليه شعيب و كان آدم حمله من الجنة معه إلى الأرض و كان طوله عشرة أذرع على طول موسى و له شعبتان تتقدان في الظلمة نورا و به ضرب البحر فانفلق و هو الذي صار ثعبانا و أما الحجر فاختلف فيه فقيل كان يقرع لهم حجرا من عرض الحجارة فينفجر عيونا لكل سبط عينا و كانوا اثني عشر سبطا ثم يسير كل عين في جدول إلى السبط الذي أمر بسقيهم عن وهب بن منبه و قيل كان حجرا بعينه خفيفا إذا رحلوا حمل في مخلاة فإذا نزلوا ضربه موسى بعصاه فانفجر منه الماء عن ابن عباس و هذا أولى لدلالة الألف و اللام للعهد عليه و قيل كانت حجرة فيها اثنتا عشرة حفرة و كان الحجر من الكذان (3) و كان يخرج من كل حفرة عين ماء عذب فرات فيأخذونه فإذا فرغوا أراد موسى حمله ضربه بعصاه فيذهب الماء و كان يسقي كل يوم ستمائة ألف عن أبي مسروق (4) و روي أنه كان حجرا مربعا و روي أنه كان مثل شكل الرأس و كان موسى إذا ضربه بعصاه انفجرت منه في كل ناحية ثلاث عيون لكل سبط عين و كانوا لا يرتحلون مرحلة إلا وجدوا ذلك الحجر(5) بالمكان الذي كان به منهم في المنزل الأول و قوله {فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا} لا ينافي قوله في سورة الأعراف فانبجست لأن الانبجاس هو الانفجار إلا أنه أقل و قيل أنه لا يمتنع أن يكون أول ما يضرب عليه العصا كان ينبجس ثم يكثر حتى يصير انفجار و قيل كان ينبجس عند الحاجة و ينفجر عند الحاجة و قيل كان ينبجس عند الحمل و ينفجر عند الوضع و قوله {قد علم كل أناس مشربهم} أي قد علم كل سبط و فريق منهم موضع شربهم و قوله {كلوا و اشربوا} أي و قلنا لهم كلوا و اشربوا و هذا كلام مبتدأ و قوله {من رزق الله} أي كلوا من النعم التي من الله بها عليكم من المن و السلوى و غير ذلك و اشربوا من الماء فهذا كله من رزق الله الذي يأتيكم بلا مشقة و لا مئونة و لا تبعة فإن الرزق ما للمرزوق أن ينتفع به و ليس لأحد منعه منه و قوله {و لا تعثوا} أي لا تسعوا في الأرض فسادا و إنما قال {لا تعثوا في الأرض مفسدين} و إن كان العثي لا يكون إلا فسادا لأنه يجوز أن يكون فعل ظاهره الفساد و باطنه المصلحة فبين أن فعلهم هو العيث الذي هو الفساد ظاهرا و باطنا و متى سئل فقيل كيف يجتمع ذاك الماء الكثير في ذلك الحجر الصغير و هل يمكن ذلك فالجواب أن ذلك من آيات الله الباهرة و الأعاجيب الظاهرة الدالة على أنها من فعل الله تعالى المنشىء للأشياء القادر على ما يشاء الذي تذل له الصعاب و يتسبب له الأسباب فلا بدع من كمال قدرته و جلال عزته أن يبدع خلق المياه الكثيرة ابتداء معجزة لموسى و نعمة عليه و على قومه و من استبعد ذلك من الملاحدة الذين ما قدروا الله حق قدره و لم يعرفوه حقيقة معرفته فالكلام عليهم إنما يكون في وجود الصانع و إثبات صفاته و اتساع مقدوراته و لا معنى للتشاغل بالكلام معهم في الفرع مع خلافهم في الأصل .
__________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج1 ، ص232-233.
2- [ان يسقى].
3- الكذان : حجارة رخوة نكانها مدر..
4- وفي نسختين مخطوطتين ((ابي مسروق)) وهو الظاهر.
5- [منهم]
{ وإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ } . لا تأويل في هذه الآية ، فان المراد منها هو نفس المعنى المتبادر إلى الفهم من ظاهرها ، وقال الرازي : « أجمع جمهور المفسرين على ان ذلك كان في التيه » أي صحراء سيناء . . ومهما يكن ، فان اللَّه سبحانه بعد أن ظللهم بالغمام ، وأطعمهم من المنّ والسلوى سقاهم الماء أيضا ، فأجرى لهم اثنتي عشرة عينا بقدر عشائرهم ، فاختصت كل عشيرة بعينها حتى لا يقع بينهم التشاجر والتنازع على الماء .
__________________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1 ، ص111.
انفجار العيون في الصّحراء
تذكير آخر بنعمة اُخرى من نعم الله على بني إسرائيل: وهذا التذكير تشير إليه كلمة «إذ» المقصود منها {وَاذكُرُوا إِذ}، وهذه النعمة أغدقها الله عليهم، حين كان بنو إسرائيل في أمسّ الحاجة إلى الماء وهم في وسط صحراء قاحلة، فطلب موسى(عليه السلام) من الله عزّ وجلّ الماء: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسى لِقَوْمِهِ}، فتقبل الله طلبه، وأمر نبيّه أن يضرب الحجر بعصاه: {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الحَجَرَ فَانْفَجَرتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً} بعدد قبائل بني إسرائيل.
وكل عين جرت نحو قبيلة بحيث أن كل قبيلة كانت تعرف العين التي تخصّها {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاس مَشْرَبَهُمْ}.
كثرت الأقوال في طبيعة الحجر الذي انفجرت منه العيون، وكيفية ضربه بالعصا، والقرآن لا يزيد على ذكر ما سبق.
قال بعض المفسرين: إن هذا الحجر كان في ثنايا الجبال المطلة على الصحراء وتدل جملة «انبجست» الواردة في الآية 160 من سورة الاعراف على أن المياه جرت قليلة أولا، ثم كثرت حتى ارتوى منها كل قبائل بني إسرائيل مع مواشيهم ودوابهم.
ظاهرة انفجار المياه من الصخور طبيعية، لكن الحادثة هنا مقرونة بالإِعجاز كما هو واضح.
ثمة أقوال تذكر أن ذلك الحجر كان من نوع خاص حمله بنو إسرائيل معهم، ومتى احتاجوا إلى الماء ضربه موسى بعصاه فيجري من الماء. وليس في القرآن ما يثبت ذلك، وإن أشارت إليه بعض الروايات.
في الفصل السابع عشر من «سفر الخروج» تذكر التوراة:
فقال الرب لموسى سر قدام الشعب وخذ معك من شيوخ إسرائيل وعصاك التي ضربت بها النهر خذها في يدك واذهب ـ ها أنا أقف أمامك هناك على الصخرة في حوريب فتضرب الصخر فيخرج منها ماء ليشرب الشعب ففعل موسى هكذا أمام عيون شيوخ إسرائيل»(2).
لقد مَنّ الله على بني إسرائيل بإنزال المنّ والسلوى، وفي هذه المرّة يمنّ عليهم بالماء الذي يعزّ في تلك الصحراء القاحلة، ثم يقول سبحانه لهم: {كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلاَ تَعْثَوا فِي الاْرْضِ مُفْسِدِينَ}.
وفي هذه العبارة حث لهم على ترك العناد وإيذاء الأنبياء، وأن يكون هذا أقل شكرهم لله على هذه النعم.
___________________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج1 ، ص190-191.
1 ـ الفصل السابع عشر، العدد 6 و 5.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|