المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4876 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

قاعدة : المشتق‏
25-04-2015
Magnetofection
25-12-2018
ترخيم المنادى
24-1-2022
Firthian (adj.)
2023-09-01
أنواع المعرفة
9-6-2022
اغنام صوف السجاد Carpet wool sheep
17/9/2022


ما دام المسلمون في الأرض ويحتاجون إلى دولة وإمام فلا يمكن حصر عدد الأئمة باثني عشر  
  
1427   11:26 صباحاً   التاريخ: 17-11-2016
المؤلف : السيد سامي البدري
الكتاب أو المصدر : شبهات وردود
الجزء والصفحة : ج2 , ص 15 - 45
القسم : العقائد الاسلامية / شبهات و ردود / إمامة الائمـــــــة الاثني عشر /

نص الشبهة :

قال صاحب النشرة [ اي نشرة الشورى وصاحبها احمد الكاتب] :

ما دام في الأرض مسلمون و يحتاجون إلى دولة و إمام و كان محرما عليهم اللجوء إلى الشورى و الانتخاب كما تقول النظرية الإمامية و كان لا بد أن يعين الله لهم إماما معصوما منصوصا عليه فلما ذا إذن يحصر عدد الأئمة في اثني عشر واحدا فقط (1).

التعليق على الشبهة :

أقول:

اولا: ان المستشكل قَصَر الإمام معنى الحكم و الرئاسة التنفيذية في المجتمع كما هو واضح من كلامه هنا و في موارد متعددة من النشرة.

ثانيا: ان الإمامة التي حصرت باثني عشر من أهل البيت (عليهم السلام) ليست هي إمامة الحكم حسب بل هي الإمامة الدينية التي كانت لرسول الله (صلى الله عليه واله) خاصة بوصفه حجة الله تعالى بقوله و فعله و تقريره‏ (2) وكون‏ حق الحكم خاصا به في زمانه لا يجوز لغيره ان يمارسه الّا بإذنه.

وكذلك الأمر في أوصيائه الاثني عشر فهم حجج الله تعالى على خلقه بعد نبيه الأكرم بقولهم و فعلهم و تقريرهم و كون حق الحكم خاصا بهم في زمانهم لا يجوز لغيرهم ان يمارسه الا بإذنهم و من هنا اشترطت فيهم العصمة و النص.

وفي ضوء ذلك فان إمامة أهل البيت الاثني عشر (عليهم السلام) كما يعتقد بها الشيعة ليست هي الإمامة التي يعتقدها الزيدية أو المعتزلة أو السنة فهؤلاء يعتقدون بالإمامة على أنها حكم و إجراء حدود و تولية أمراء و تطبيق أحكام الشريعة في المجتمع حسب.

ويفترق الزيدية عن غيرهم بقولهم: ان الذي له حق إجراء الحدود هم علي و الحسن و الحسين (عليهما السلام) و من دعا إلى نفسه و حمل السيف من ذرية الحسن و الحسين بعدهما.

أما أهل السنة و المعتزلة فقد أنكروا ان تكون هناك نصوص تدل على حصر حق الحكم بأهل البيت (عليهم السلام) بالشكل الذي قال به الزيدية فضلا عما قال به الشيعة.

وفي قبال الزيدية و المعتزلة و السنة قالت الشيعة بإمامة أهل البيت لا بمعنى الحكم بل بالمعنى الذي يجعل منزلتهم بمنزلة الأنبياء أي كونهم حججا إلهيين تجب طاعتهم سواء بايعهم الناس على الحكم أو لم يبايعوهم، لا فرق بينهم و بين النبي (صلى الله عليه واله) إلا في النبوة و الأزواج‏ (3) ، أما الحكم و إجراء الحدود فنسبته إليهم كنسبته إلى الرسول من حيث اختصاصه به وعدم جواز تصدي الغير له ما دام حاضرا (4) .

وهذا المعنى للإمام أي كونه حجة الله تعالى في دينه هو المأثور عن هشام بن الحكم في مناظراته.

قال الشامي لهشام :

" يا غلام سلني في إمامة هذا (و أشار إلى الإمام الصادق (عليه السلام) أقال هشام للشامي يا هذا أربك انظر لخلقه أم خلقه؟ فقال الشامي بل ربي انظر لخلقه. قال ففعل بنظره لهم ما ذا؟

قال أقام لهم حجة و دليلا، كيلا يتشتتوا، أو يختلفوا، يتآلفهم ويقيم أودهم‏ (5) و يخبرهم بفرض ربهم.

قال فمن هو؟

قال رسول الله (صلى الله عليه واله).

قال هشام فبعد رسول الله (صلى الله عليه واله)؟

قال الكتاب و السنة.

قال هشام فهل نفعنا اليوم الكتاب و السنة في رفع الاختلاف عنا؟ (6).

 قال فسكت الشامي.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام) للشامي ما لك لا تتكلم؟

قال الشامي ان قلت لم نختلف كذبت، و ان قلت ان الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت، لأنهما يحتملان الوجوه، و ان قلت قد اختلفنا و كل واحد منا يدعي الحق فلم ينفعنا إذن الكتاب والسنة، إلّا انَّ لي عليه الحجة.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام) سله تجده مليا.

فقال الشامي يا هذا من انظر للخلق أربهم أو أنفسهم؟

فقال هشام ربهم انظر لهم منهم لأنفسهم.

فقال الشامي فهل أقام لهم من يجمع لهم كلمتهم و يقيم أودهم و يخبرهم بحقهم من باطلهم؟

قال هشام في وقت رسول الله (صلى الله عليه واله) أو الساعة؟

قال الشامي في وقت رسول الله رسول الله (صلى الله عليه واله) و الساعة من؟

فقال هشام هذا القاعد الذي تشد إليه الرحال و يخبرنا بأخبار السماء و الأرض وراثة عن أب عن جد (7).

قال الشامي فكيف لي ان اعلم ذلك قال هشام سله عما بدا لك.

قال الشامي قطعت عذري فعليَّ السؤال.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام) يا شامي أخبرك كيف كان سفرك، و كيف كان طريقك، كان كذا و كذا.

فاقبل الشامي يقول صدقت، أسلمت لله الساعة.

فقال أبو عبد الله (عليه السلام) بل آمنت بالله الساعة، ان الإسلام قبل الإيمان و عليه يتوارثون و يتناكحون و الإيمان عليه يثابون.

فقال الشامي صدقت فأنا الساعة اشهد ان لا اله إلا الله و ان محمداً رسول الله (صلى الله عليه واله) و انك وصي الأوصياء" (8).

وهذا المعنى للإمامة الذي ناظر من أجله هشام طفحت به أحاديث الأئمة (عليهم السلام).

روى الكليني عن داود الرقي عن العبد الصالح (عليه السلام) قال:" ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حتى يعرف" (9).

وروى أيضا عن عبد الله بن سليمان العامري عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:" ما زالت الأرض إلا و لله فيها الحجة يعرف الحلال و الحرام و يدعو الناس إلى سبيل الله" (10).

وروى أيضا عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:" سمعته يقول ان الأرض لا تخلو إلا و فيها إمام كي ما ان زاد المؤمنون شيئا ردَّهم و ان نقصوا شيئا أتمَّه لهم" (11) .

وروى أيضا عن بشير العطار قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:" نحن قوم فرض الله طاعتنا (12) وانتم تأتمون بمن لا يعذر الناس‏ بجهالته" (13) .

وروى الكليني أيضا عن صفوان بن يحيى قال قلت للرضا (عليه السلام) قد كنا نسألك قبل ان يهب الله لك أبا جعفر (عليه السلام) فكنت تقول يهب الله لي غلاما، فقد وهبه الله لك فاقر عيوننا، فلا أرانا إليه يومك، فان كان كون فإلى من؟

فأشار بيده إلى أبي جعفر (عليه السلام) و هو قائم بين يديه.

فقلت جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين؟

فقال:" و ما يضره من ذلك فقد قام عيسى (عليه السلام) بالحجة وهو ابن ثلاث سنين" (14) وفي نسخة إرشاد المفيد و أعلام الورى (ابن اقل‏ من ثلاث سنين).

والإمامة بهذا المعنى عرضها القرآن الكريم للأنبياء السابقين قال تعالى (وَ إِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاما قَالَ وَ مِنْ ذُرِّيَتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) البقرة/ 124.

وقال تعالى (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) الأنبياء/ 73.

فالإمام في كلا الآيتين هو الهادي إلى دين الله و الحجة على خلقه بقوله و فعله و تقريره.

وفي ضوء ذلك يتضح:

ان الذي ذكرته الأحاديث النبوية من حصر الإمامة بعد النبي باثني عشر إنما هو منزلة خاصة لا يراد بها موقع الحكم و إجراء الحدود حسب بل أريد بها موقع من هو بمقام الرسول في كونه حجة لله تعالى في القول و الفعل و التقرير و كون الحكم وإجراء الحدود من خصائصه في زمانه، و قد ألحقت أحاديث أخرى الزهراء (عليها السلام) بالأئمة فهي حجة في قولها و فعلها و تقريرها دون خصوصية الحكم.

وبواسطة هؤلاء الحجج حفظ الله شريعة نبيه من التحريف و صارت ميسرة لكل من أرادها.

مشيئة الله تعالى في آل محمد (صلى الله عليه واله) :

وقد يقال لِمَ حُصر الحجج بعد النبي باثني عشر و لِمَ حُصر بأسرة النبي (صلى الله عليه واله)؟

والجواب :

ان حصر حجج الله تعالى بعد نبيه الأكرم بأسرة النبي (صلى الله عليه واله) و بعدد محدود منهم، و هم علي و الزهراء و الحسن و الحسين وتسعة من ذرية الحسين (عليه السلام)، نظير حصر حججه تعالى بعد نوح و إبراهيم و يعقوب و عمران في ذريتهم كما في قوله تعالى:) وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَ وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) الحديد/ 26 وقوله: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى‏ آدَمَ وَ نُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) آل عمران/ 3433.

وقد شاءت حكمة الله تعالى ان يجعل في الحجج من بعد محمد (صلى الله عليه واله) امرأة حجة وهي فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه واله) كما جعل بعد موسى امرأة حجة و هي مريم بنت عمران.

وشاءت حكمة الله تعالى أيضاً ان يجعل من ذرية فاطمة (عليها السلام) خاتم أوصياء محمد (صلى الله عليه واله) و هو الحجة بن الحسن العسكري كما جعل من ذرية مريم (عليها السلام) من قبلُ حجته عيسى (عليه السلام) خاتم أصفيائه من آل عمران وبني إسرائيل.

بل شاءت حكمة الله تعالى ان يجعل المهدي من آل محمد (صلى الله عليه واله) نظيرا لعيسى من آل عمران من ناحية الاختلاف في ولادته والامتحان بغيبته فقد اختلف بنو إسرائيل في ولادة المسيح بعد ان كانوا ينتظرونه جميعا للنصوص الثابتة عن أنبيائهم و في كتبهم‏ (15) ، فآمنت طائفة لما ولد و أنكرت طائفة ذلك إلى اليوم.

واختلف بنو إسماعيل (أمة محمد (صلى الله عليه واله) في ولادة المهدي‏ المنتظر من ولد فاطمة (عليها السلام) بعد ان اخبر النبي (صلى الله عليه واله) عنه و بشر به‏ (16) فآمنت طائفة لما ولد سنة 255 هج، و هي لا تزال مؤمنة به إلى اليوم، و أنكرت طائفة ذلك إلى اليوم أيضا.

وامتُحن أنصار عيسى بغيبته، فمنهم من قال قتل، و منهم من قال أنجاه الله من كيد الظالمين و اتصل بخواص تلاميذه لفترة يوجههم ثمّ غيَّبه الله تعالى ليظهره آخر الزمان.

وكذلك امتحن شيعة المهدي (عليه السلام) بغيبته فمنهم/ و هو قليل جدا و في وقته/ من قال انه مات في الغيبة (17) ، وقال الأغلب بحياته في غيبته الطويلة التي غاب فيها بعد غيبته‏ (18) القصيرة و هم ينتظرون‏ ظهوره ليحقق الله تعالى به وعده الذي وعده لنبيه الخاتم.

وشاءت حكمة الله أيضا ان يجعل في آل محمد (صلى الله عليه واله) حجة لله في سن دون العاشرة من عمره وهو أبو جعفر محمد الجواد (عليه السلام) ليكون نظيرا ليحيى في آل عمران آتاه الله الحكم صبيا.

وشاءت حكمة الله ان يجعل أوصياء محمد (صلى الله عليه واله) اثني عشر و ان يجعل الثاني عشر منهم المهدي يحقق الله تعالى على يده وعده لنبيه محمد (صلى الله عليه واله) و يرث المؤمنون برسالته الأرض كلها (وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) الأنبياء/ 105 وان يكون ذلك نظيرا لأوصياء موسى الاثني عشر و ما جعله على يد الثاني عشر من أوصيائه و هو داود من تحقق للوعد الذي وعده لموسى و بني إسرائيل من وراثة ارض فلسطين و ما حولها.

وشاءت حكمة الله ان يجعل اغلب أوصياء محمد (صلى الله عليه واله) من ذرية أخيه و وزيره و أول أوصيائه علي (عليه السلام) و ان يكون ذلك نظيرا لما جعله الله تعالى من كون اغلب أوصياء موسى (عليه السلام) بعده في ذرية أخيه و وزيره هارون (عليه السلام) (19) .

من له حق الحكم عند اهل البيت (عليهم السلام):

أما ما يتعلق بمسالة الحكم فان القانون الإسلامي قد أوجب على المسلمين إقامته إلى آخر الدنيا، و من الطبيعي جداً ان لا يحدد عدد الحكام بعدد معين، و إنما الطبيعي هو ان تحدد مواصفات من له أهلية لإشغال هذا المنصب في المجتمع، و قد حدد القانون الإلهي ذلك صريحا في قوله تعالى‏ (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَ نُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَ كانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ) المائدة/ 44.

والنظرية التي تطرحها الآية من وجود ثلاثة طبقات من العلماء بالكتاب الإلهي يبينون أحكامه و ينفذونها في المجتمع، و هم النبيون ثمّ الربانيون ثمّ الأحبار، ليست خاصة بالتوراة بل تشمل كل كتاب إلهي تضمَّن الشريعة.

والمراد بالأحبار هم الفقهاء رواة أحاديث الأوصياء.

وفي ضوء الآية الكريمة يكون الذي له حق الحكم في المجتمع هو النبي و من بعده الوصي و من بعده الفقيه العادل الكفوء.

وقد وردت النصوص في القرآن و السنة تشير إلى وجود منزلة الربانيين و الأحبار في أمة محمد (صلى الله عليه واله).

روى المحدِّث البحراني في تفسيره البرهان عن العياشي عن أبي عمرو الزبيري عن أبى عبد الله (عليه السلام) قوله:

" ان مما استحقت به الإمامة التطهير و الطهارة من الذنوب و المعاصي الموبِقة التي توجب النار، ثمّ العلم المكنون بجميع ما تحتاج إليه الأمة حلالها و حرامها و العلم بكتابها خاصه و عامه و المحكم و المتشابه و دقائق علمه و غرائب تأويله و ناسخه ومنسوخه.

قلت: وما الحجة بأن الإمام لا يكون إلا عالما بهذه الأشياء التي ذكرت؟

قال: قول الله فيمن أذن لهم بالحكومة و جعلهم أهلها (انا أنزلنا التوراة فيها هدى و نور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا و الربانيون) فهذه الأئمة دون الأنبياء الذين يؤتون الناس بعلمهم‏ (20).

وأما (الأحبار) فهم العلماء دون الربانيين.

ثمّ اخبرنا فقال: (بما استحفظوا من كتاب الله و كانوا عليه شهداء) و لم يقل بما حملوا منه" (21) .

شرح الرواية:

قوله (عليه السلام): ان مما استحقت به الإمامة التطهير ثمّ العلم المكنون .

العلم المكنون هو: العلم المخزون المصون عن الاختلاف، نظير قوله تعالى‏ (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) الواقعة 7877.

ومراده (عليه السلام) ان الإمامة الإلهية الخاصة تتقوم بأمرين:

الأول: الطهارة من الذنوب صغيرها و كبيرها.

الثاني: العلم بكل ما تحتاج إليه الأمة علما مصونا عن الخطأ و الاختلاف.

وكلاهما فضل من الله يمنحه من يشاء من عباده.

قوله (عليه السلام):) قول الله فيمن أذن الله لهم بالحكومة و جعلهم أهلها).

يشير الى ان الذين أذن الله لهم بالحكومة هم ثلاث فئات:

الفئة الأولى: النبيون.

الفئة الثانية: الربانيون.

الفئة الثالثة: الأحبار (22).

قوله (عليه السلام):( فهذه الأئمة دون الأنبياء).

يشير إلى ان الربانيين في الآية هم الأئمة الإلهيون، و هم العلماء أصحاب العلم المصون عن الخطأ المطهرون عن الذنوب‏ (23) المنصوص عليهم الذين ورد ذكرهم في قوله تعالى‏ (وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَ جَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ، وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) السجدة 23, 24.

ان الأئمة من بني إسرائيل من بعد موسى المشار اليهم في الآية على قسمين:

الأول: أنبياء و رسل كداود و سليمان و زكريا و يحيى و عيسى.

الثاني: غير أنبياء و لكنهم علماء معصومون منصوص عليهم و هم آل هارون و طالوت‏ (24) وصاحب سليمان‏ (25) وغيرهم و هؤلاء هم الربانيون المشار إليهم في الآية 44 من سورة المائدة موضوع البحث و لهم نظائر في هذه الامة.

وقد قال الامام الباقر (عليه السلام) في تفسيرها:" انها فينا نزلت" (26) ، و مراده (عليه السلام) انها نزلت لبيان مقامهم بواسطة ذكر نظائرهم في الامم السابقة.

وتفسير الإمام الباقر (عليه السلام) هذا من باب البطن.

وقد وضَّح الامام الباقر معنى (البطن) حين سأله الفضيل بن يسار عن الرواية التي تقول (ما في القرآن آية الا و لها ظهر و بطن) ما يعني بقوله لها ظهر و بطن قال:" ظهره تنزيله و بطنه تأويله".

وفي رواية مهران عن ابي جعفر (عليه السلام) أيضا قال:" ظهر القرآن الذين نزل فيهم و بطنه الذين عملوا مثل اعمالهم" (27).

قوله (عليه السلام):" ثمّ اخبر فقال (بما استحفظوا من كتاب الله ..) و لم يقل بما حملوا منه"

إشارة منه (عليه السلام) إلى ان (الاستحفاظ) لا يراد به مجرد حمل العلم فقط، بل يراد به (حمل العلم و عدم تضييعه عمليا) وهذا المعنى صادق دائما مع النبيين و الربانيين، أما مع غيرهم فقد يتخلف فيكون عالما بحدود الله و مضيعا لها عمليا.

مسألة الشورى عند الشيعة:

أما ما يتعلق بمسالة الشورى فان لها مجالات أربعة:

الأول: الشورى كطريق لمعرفة الحجة المعصوم بعد رسوله و لا شك هي غير صالحة لذلك.

الثاني: الشورى كطريق لتشخيص من هو الأصلح للحكم في زمن الحجج الاثني عشر الذين نص عليهم الرسول، و لا شك هي باطلة في هذا المورد كبطلانها في زمن رسول الله (صلى الله عليه واله)، إذ الحكم من خصائص حجة الله نبيا كان أو وصيا و على الأمة ان تبايعه و تبسط يده و لا تبايع غيره.

ومما لا شك فيه ان الشورى في هذين المجالين مما اجمع على رفضه الشيعة في كل عصورهم.

الثالث: الشورى كطريق لتشخيص من هو الأصلح للحكم من بين الفقهاء في فترة الغيبة الكبرى، و هذه المسألة لم تكن موضع بحث عند القدامى من علماء الشيعة لعدم ابتلائهم بها، أما المحدثون فقد ذهب قسم منهم ممن بحثها إلى القول بها (28).

الرابع: الشورى كممارسة من الحاكم في الشئون التنفيذية العامة كما في كيفية الحرب و غيرها و هذه الشورى قد نص عليها القرآن الكريم في قوله تعالى‏ (وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران/ 159 (29).

وفي ضوء ذلك يتضح ان قول القائل (ان الشيعة لا يؤمنون بالشورى و الانتخاب) ليس صحيحا على إطلاقه بل لا بد من مراعاة التفصيل الآنف الذكر.

مسألة البيعة في نظر علماء الشيعة :

وهناك مسألة اخرى تجدر الاشارة اليها هنا و هي مسألة البيعة، و الذي يتبناه الشيعة فيها هو: أنَّ البيعة عهد شرعي على النصرة و اقامة الحكم لا تصح الا مع من تصح البيعة معه على ذلك‏ (30) وهم:

النبي ثمّ الوصي ثمّ الفقيه العادل في فترة الغيبة الكبرى.

روى الشيخ الطوسي في أماليه بسنده عن الرضا (عليه السلام) عن آبائه ان عليا (عليه السلام) قال:

" ان فلانا و فلانا (يريد أبا بكر و عمر) أتياني و طالباني بالبيعة لمن سبيله ان يبايعني" (31).

قال الشيخ راضي آل ياسين (رح):

" وانما على الناس ان يبايعوا من ارادته النصوص النبوية و لا تصحح الامامية بيعة غيره" (32).

وقال ايضا:

" لما كان الواجب على الناس ديناً الانقياد الى بيعة الامام المنصوص عليه كان الواجب على الامام مع قيام الحجة بوجود الناصر قبول البيعة، أ، و لا مجال للتخلف عن الواجب مع وجود شرطه" (33).

وقال الشهيد الصدر (رح):

" ولا شك ان البيعة للقائد المعصوم واجبة لا يمكن التخلف عنها شرعا" (34).

و قال السيد محمود الهاشمي:

" الناس مكلفون بأن يقوموا بالقسط، و هم من اجل ذلك لا بد و ان يبايعوا القائد المنصوب من قبل الله سبحانه و تعالى كي يهيئوا له فرصة اقامة القسط و هذه مسئولية الامة ايضا، اذ ان من اصول الفكر السياسي في الاسلام (البيعة) لولي الامر المنصب من قبل المبدأ الاعلى او وليه بشكل خاص، او بالشكل العام ضمن الشروط و المواصفات المعينة المعروفة، كما يسمى عند الفقهاء ب (القضية الحقيقية) و لا نقصد (بالبيعة) جانبها الشكلي او الصوري، و ان كان ذلك ايضا محمودا و لازما، و انما نقصد بها لزوم (الطاعة) لتمكين هذا القائد (الحاكم) من القيام بدوره القيادي في اقامة العدل و القسط بين الناس، ولكن لا يكون الا من خلال (المبايعة) و اقرار (الطاعة) له" (35).

وقال السيد مرتضى العسكري:

" فالحاجة الى البيعة هي تنفيذ الاحكام الاسلامية و الامام (عليه السلام) بحاجة الى من ينصره لتنفيذ الاحكام .. و لا يلزم من ذلك ان يتعاهد جميع الناس، اذ ان تعاهد مقدار من الناس بانهم يقومون بتنفيذ الاحكام الاسلامية يعتبر كافيا" (36).

وقال ايضا في سؤال وجه اليه عن رسائل اهل الكوفة هل يمكن اعتبارها بيعة قال:

" نعم، و لكن البيعة وقعت بعد ذهاب مسلم بن عقيل حيث‏ يصدق على كتبهم قول الامام امير المؤمنين (عليه السلام) (لو لا حضور الحاضر و قيام الحجة بوجود الناصر) أ فيجب عليه تلبية طلب جماعة من المسلمين .. و كذلك فان الكوفة كانت مركزا للجند كالشام مثلا فكان ارسالهم الكتب اليه يلزمه باجابة طلبهم و كان ملزما شرعا ان يجبيهم الى طلبهم" (37) . اقول: و من الجدير ذكره ان هذه البيعة الواجبة مع المعصوم ليس دورها دور انشاء حق الحكم للمعصوم لان حقه في ذلك ثابت بالنص ... وانما دورها دور تمكينه و بسط يده.

قال السيد كاظم الحائري :

" ان المعصوم (عليه السلام) على رغم ان له ولاية الامر و الحكومة بتشريع من قبل الله تعالى لم يكن من المقرر الهيا ان يرضخهم لما له من حق الحكومة بالاكراه الاعجازي، كما انه لا تجبر الامة على الاحكام الاخرى كالصلاة و الصوم بالجبر الاعجازي و الا لبطل الثواب و الجزاء، لان الناس يصبحون مسيرين عن غير اختيار. بل كان من المقرر ان يصل المعصوم الى السلطة بالطرق الاعتيادية و من الواضح الوصول الى السلطة بالطريق الاعتيادي و بغير الاعجاز ينحصر في وجود ناصرين له من البشر، فكان اخذ البيعة منهم لاجل التأكد من وجود ثلة كافية من الامة تعهدوا بنصر المعصوم و العمل معه في جهاده و سائر اموره الحكومية و لولاهم لعجز المعصوم حسب القوة البشرية و من دون الاعجاز عن تحقيق السلطة و الحكومة خارجا" (38) .

الخلاصة :

وخلاصة الجواب: ان الامر الذي حُصِرَ باثني عشر هو منزلة خاصة لا يراد بها موقع الحكم و اجراء الحدود حسب، بل اريد بها منزلة الحجة على الخلق في القول و الفعل و التقرير، و الله تعالى اعلم حيث يجعل رسالته و حجته و في أي اسرة و بأي عدد.

اما الحكم و اجراء الحدود فهو من اختصاص هؤلاء الحجج في زمانهم و حضورهم و لا يجوز لأحد ان يمارسه الا بإذنهم اما في عصر الغيبة فقد اذن الائمة (عليهم السلام) لفقهاء شيعتهم و رواة احكامهم ان يمارسوه و امروا شيعتهم بالرجوع اليهم للاحتكام اليهم و الاخذ عنهم.

اما الشورى فقد تبين ان الذي رفضه الشيعة منها هو ما كان في قبال النص، اما ما كان في طوله و امتداده فليس كذلك.

اما البيعة على الحكم فالذي يراه الشيعة هو عدم صحتها مع من لا تصح معه شرعا و ان الذي تصح معه بل تجب هو النبي ثمّ الوصي ثمّ الفقيه العادل في عصر الغيبة.

__________________

(1) الشورى العدد العاشر ص 19.

(2) و يترتب على هذه الإمامة ان الله تعالى لا يقبل عمل امرئ ما لم يكن موافقا في التفاصيل مع قول الحجة و فعله و تقريره و يترتب عليها الشفاعة أيضا، فشفاعة الرسول لا تنال إنسانا لا يقتدي بسنته، و يترتب على ذلك أيضا ان صاحب هذه المنزلة يؤيده الله تعالى بخوارق العادات يجريها على يديه حين يتوقف فتح طريق الهداية عليها.

(3) روى الكليني في الكافي ج 270: 1 عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول الأئمة بمنزلة رسول الله (صلى الله عليه واله) إلا انهم ليسوا بأنبياء و لا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي (صلى الله عليه واله) فأما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله (صلى الله عليه واله).

(4) انظر كلام القاضي عبد الجبار في كتابه المغني الجزء المتم للعشرين ق 36: 1، 93، 98 90 حيث أشار إلى ان الشيعة ينظرون إلى أئمتهم كحجج لله تعالى، و انظر أيضا الشافي في الإمامة للسيد المرتضى ج 309: 3101، و الشيخ المفيد في كتابه الجمل ط. المؤتمر العالمي: 7473 ه. ش. و العلامة الحلي في كتابه أنوار الملكوت في شرح ياقوت الكلام لإبراهيم بن نوبخت ص 204.

(5) الأَوَدُ: العِوَج( لسان العرب).

(6) ادعى صاحب النشرة ان هشام بن الحكم كان يناظر من اجل الإمامة بمعنى الحكم بينما نصوص مناظراته كما يرى القارئ الكريم تدور حول من له مقام الرسول بكونه حجة في قوله و فعله و تقريره و كونه الفيصل في الاختلاف الفكري و الفقهي.

(7) يشير قول هشام (رح) هذا إلى ما اشتهر عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه كان يخبر بوقوع الملاحم استنادا إلى كتب آبائه (عليهم السلام) و من ذلك ما اخبر عن مستقبل حركة الحسنيين في زمانه و انه لا يملك أحد منهم و ان ذلك مذكور عنده في كتاب فاطمة (عليها السلام) أصول الكافي 242: 1، و بصائر الدرجات: 170169. و في هذا الأخير عن معلى بن خنيس قال كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ اقبل محمد بن عبد الله بن الحسن فسلم ثمّ ذهب و رقَّ له أبو عبد الله و دمعت عينه فقلت له: لقد رأيتك صنعت به ما لم تكن تصنع قال( رققت له لانه ينسب في أمر ليس له، لم أجده في كتاب علي من خلفاء هذه الأمة و لا ملوكها) و في مقاتل الطالبيين ص 206 قال الصادق (عليه السلام) لعبد الله بن الحسن ان هذا الأمر ليس إليك و لا إلى ولديك و إنما هو لهذا/ يعني السفاح/ ثمّ لهذا/ يعني المنصور/ ثمّ لولده من بعده لا يزال فيهم حتى يؤمروا الصبيان و يشاوروا النساء. فقال عبد الله و الله يا جعفر ما أطلعك الله على غيبه فقال الصادق (عليه السلام): لا و الله ما حسدت ابنك و ان هذا يعني أبا جعفر يقتله على أحجار الزيت ثمّ يقتل أخاه بعده بالطفوف و قوائم فرسه بالماء. و قد اشتهر ذلك عن الإمام الصادق، انظر تاريخ الطبري( طبعة دار المعارف) 598: 7 و أيضا صفحة 600، و مقاتل الطالبين 347 و ابن خلدون في مقدمته ج 1 ص 595 و من الجدير ذكره ان علم الإمام بالمغيبات و غيرها لا ينحصر من خلال قراءة تلك الكتب الموروثة بل هو محدَّث من قبل الملائكة بإذن الله( الكافي ج 270: 1) هذا مضافا إلى كونه مؤيدا بروح القدس الذي به يعلم الإمام مادون العرش و ما تحت الثرى( الكافي ج 1: 272).

( 8) الكافي ج 1: ص 171 الرواية 4.

( 9) الكافي ج 1 ص 177.

( 10) الكافي ج 1 ص 178.

( 11) الكافي ج 1 ص 178.

( 12) روى الكليني في الكافي ج 276: 1 عن بريد قال، قال أبو جعفر (عليه السلام)  في قوله تعالى( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم) النساء: 63 إيانا عنا خاصة، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا. و في تفسير فرات الكوفي عن الحسين انه سأل جعفر بن محمد (عليه السلام)  عن قوله الله تعالى( أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم) قال: أولي الفقه و العلم قلنا: أ خاص أم عام قال بل خاص لنا. و فيه أيضا عنه (عليه السلام)  قال أولي الأمر في هذه الآية هم آل محمد (صلى الله عليه واله)  ص 108 تحقيق محمد الكاظم ط 1410 هج و في الكافي ج 2 باب دعائم الإسلام ح 2 و ح 9( ان الولاية التي أمر الله عز و جل بها ولاية آل محمد (صلى الله عليه واله)  ثمّ ذكر قوله تعالى( أطيعوا الله و الرسول و أولي الأمر منكم) و في أصول الكافي ج 189: 1 الحديث 16 عن الحسين بن علاء قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام)  الأوصياء طاعتهم مفترضة قال نعم هم الذين قال الله عز و جل( أطيعوا الله و الرسول و أولي الأمر منكم) و هم الذين قال الله عز و جل( انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون) أقول: في ضوء هذه النصوص يتضح ان( اولي الامر) في الآية مصطلح خاص اريد به أوصياء الرسول الاثني عشر (عليهم السلام)  خاصة.

( 13) الكافي ج 186: 1.

( 14) الكافي ج 1. ص 321 الرواية رقم 10.

( 15) جاء في سفر اشعياء/ و هو من أسفار الكتاب المقدس عند اليهود و النصارى/ الإصحاح التاسع الفقرة 14 قوله( و لكن الرب نفسه يعطيكم آية. ها العذراء تحبل و تلد ابنا و تدعو اسمه عمانوئيل) و عمانوئيل لفظة عبرية معناها( الرب معنا) و من الواضح ان النص يشير إلى مريم(عليها السلام) التي حملت من غير رجل و قد أيدها الله تعالى لما ولدت عيسى بان انطقه في المهد ليكون آية لأمه و لبني إسرائيل و مع ذلك فقد كذبت طائفة كبيرة من اليهود ذلك و أنكروا ولادة المسيح المنتظر من العذراء إلى اليوم.

( 16) روى أبو داود في سننه عن أبي الطفيل عن علي (عليه السلام)  عن النبي (صلى الله عليه واله) قال:( لو لم يبق من الدهر إلا يوم، لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا) و فيه أيضا عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله)  يقول:( المهدي من عترتي من ولد فاطمة.) ج 2/ 422 ط 1.

( 17) و قد مر الكلام على هذا القول في الشبهة 1 من الحلقة الأولى و قد ذكر الشيخ المفيد في الإرشاد و الشيخ الطوسي في الغيبة أقوالا أخرى انقرض أصحابها.

( 18) قال الفضل بن الحسن الطبرسي( رح) في كتابه أعلام الورى ان أخبار الغيبة قد سبقت زمان الحجة بل زمان أبيه وجده و خلدها المحدثون من الشيعة في أصولهم المؤلفة أيام السيدين الباقر و الصادق (عليهما السلام)  و آثروها عن النبي و الأئمة واحدا بعد واحد ... و ليس يمكن أحدا دفع ذلك و من جملة ثقاة المحدثين و المصنفين من الشيعة الحسن بن محبوب الزراد و قد صنف كتاب المشيخة الذي هو في أصول الشيعة اشهر من كتاب المزني و أمثاله قبل زمان الغيبة بأكثر من مائة سنة و من جملة ما رواه عن إبراهيم الخارقي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)  قال: قلت له كان أبو جعفر (عليه السلام)  يقول لقائم آل محمد غيبتان واحدة طويلة و الأخرى صغيرة قال: فقال لي نعم يا أبا بصير إحداهما أطول من الأخرى ثمّ لا يكون ذلك( يعني ظهوره) حتى يختلف ولد فلان و يظهر السفياني و يشتد البلاء) ص 416. و روى الشيخ الصدوق في إكمال الدين عن سعد بن عبد الله و عبد الله بن جعفر الحميري و محمد بن يحيى العطار جميعا قالوا حدثنا احمد بن محمد بن عيسى و إبراهيم بن هاشم و احمد بن أبي عبد الله البرقي و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب جميعا قالوا حدثنا أبو علي الحسن بن محبوب السراد عن داود بن الحصين عن أبي بصير عن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام)  قال قال رسول الله (صلى الله عليه واله)  المهدي من ولدي اسمه اسمي و كنيته كنيتي أشبه الناس بي خلقا و خلقا تكون له غيبة و حيرة حتى تضل الخلق عن أديانهم فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا) ص 287، البحار 51 صفحة 72.

( 19) قضية التناظر بين آل محمد (صلى الله عليه واله)  و آل عمران و آل هارون و الحجج الإلهيين في الأمم الماضية مسألة ملفتة للنظر جعلها الله تعالى من المعالم الهادية إلى حقانية حركة الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)  و بخاصة بعد ان أصبحت حركتهم (عليهم السلام)  بما فيها غيبة المهدي عج واقعا تاريخيا ناجزا ثابتا تسهل مقارنته مع الواقع التاريخي لحركة الحجج في الأمم السابقة كما ذكرها القرآن الكريم و النصوص الموافقة له من أسفار التوراة و الإنجيل المتداولة و قد درسنا ذلك مفصلا و أعددناه في كتاب خاص.

( 20) و في نسخة( يربون الناس بعلمهم) و الظاهر ان الصحيح هو( يؤُمُّون الناس).

( 21) تفسير البرهان تفسير الآية.

( 22) انظر تفصيل الاستدلال على ان الربانيين في الآية هم الائمة (عليهم السلام)  في تفسير الآية عند العلامة الطباطبائي( رح). رجوع .

( 23) و من الجدير ذكره هنا هو ان الوصي فضلا عن الفقيه في عصر النبي (صلى الله عليه واله)  ليس له ان يمارس الحكم إلا بإذن النبي (صلى الله عليه واله) ، و كذلك الأمر مع الفقهاء في زمن حضور الأوصياء، أما زمان الغيبة الكبرى فقد أذن الأوصياء لفقهاء شيعتهم خاصة ان يمارسوا الحكم و أوجبوا على شيعتهم الرجوع إليهم و الرضا بهم دون غيرهم و قد استدل الفقهاء على هذا الإذن بقول الإمام الصادق (عليه السلام) ( اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا و حرامنا فإني قد جعلته عليكم قاضيا و إياكم ان يخاصم بعضكم بعضا إلى السلطان الجائر( التهذيب للطوسي ج 6/ 303) و قوله (عليه السلام)  من كان منكم ممن قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما)( الكافي ج 7/ 412، من لا يحضره الفقيه ج 3/ 5، التهذيب ج 1/ 301، وسائل الشيعة 18/ 98، و التوقيع الصادر عن الحجة بن الحسن العسكري (عليه السلام) ( اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فانهم حجتي عليكم و أنا حجة الله) إكمال الدين للصدوق ص 483.

( 24) قال تعالى: ( وَ قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى‏ وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) البقرة: 248.

( 25) قال تعالى : ( قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) النمل: 4038.

( 26) تفسير العياشي ج 1: تفسير الآية 44 من سورة المائدة.

( 27) البرهان ج 20: 1.

( 28) حصر بعض الفقهاء المعاصرين حجية الترجيح بالانتخاب في فرض التشاح انظر كتاب ولاية الأمر في عصر الغيبة للسيد كاظم الحائري ص 314 فما بعدها. و ذهب آخرون إلى عدم تقيدها بذلك الفرض انظر دراسات في ولاية الفقيه ج 1 للشيخ المنتظرى و كتاب الحكم الإسلامى بين النظرية و التطبيق للسيد محمد باقر الحكيم ص 108 109 و كتاب ولاية الأمر للشيخ الآصفي.

( 29) انظر الإسلام يقود الحياة للشهيد الصدر رح ص 162.

( 30) قال السيد مرتضى العسكري:( تنعقد البيعة في الاسلام اذا توفرت فيها الشروط الثلاثة التالية: ان يكون المبايِع ممن تصِح منه البيعة و يبايِع مختارا. ب ان يكون المبايَع له ممن تصِح مبايعته. ج ان تكون البيعة لأمر يصح القيام به. و على ما بينا لا تصِح البيعة من صبي او مجنون لانهما غير مكلفين بالاحكام في الاسلام و لا تنعقد بيعة المكره لان البيعة مثل البيع فكما لا ينعقد البيع بأخذ المال من صاحبه قهرا و دفع الثمن له كذلك البيعة لا تنعقد بأخذها بالجبر و في ظل السيف. و كذلك لا تصِح البيعة للمتجاهر بالمعصية و لا تصِح البيعة للقيام بمعصية الله. اذن فالبيعة مصطلح اسلامي و لها احكامها في الشرع الاسلامي) معالم المدرستين ط 4 ج 1 ص 206.

( 31) البحار ج 248: 28. و قريب منه ما رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج 2: 52 لما قيل لعلي (عليه السلام)  بايع قال لهم انا احق بهذا الأمر منكم لا ابايعكم و انتم أولى بالبيعة لي أ

( 32) صلح الحسن ص 54.

( 33) صلح الحسن ص 60.

( 34) الاسلام يقود الحياة. 162.

( 35) مصدر التشريع و نظام الحكم في الاسلام ص 102.

( 36) صحيفة الجهاد العدد( 700) 1995.

( 36) الجهاد العدد( 700) 1995.

( 38) رسالة الثقلين العدد 12 مغزى البيعة مع المعصومين.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.