أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-09-2015
2169
التاريخ: 15-11-2014
3161
التاريخ: 25-04-2015
1748
التاريخ: 27-09-2015
1720
|
قال تعالى : {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } [يوسف : 76]. لا شـك ان الـصـحابة ، ممن {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة : 100] كانوا هم مراجع الامة بعد الرسول (صلى الله عليه واله)اذ كانوا حاملي لوائه ومصادر شريعته الى الملاء ، ليس يعدل عنهم الى الابد. نـعـم كـانـوا عـلـى درجـات مـن العلم والفضيلة حسبما اوتوا من فهم وذكاء وسائر المواهب والاسـتـعـداد {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد : 17] ، {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة : 269] . قال مسروق بن الاجدع الهمداني (1) : جالست اصحاب محمد (صلى الله عليه واله) فوجدتهم كالأخاذ ـ يعني الـغـديـر مـن الماءـ فالأخاذ يروي الرجل ، والاخاذ يروي الرجلين ، والاخاذ يروي العشرة ، والاخاذ يروي المائة ، والاخاذ لو نزل به اهل الارض لا صدرهم (2) . وفـي لـفـظ ابن الاثير : تكفي الاخاذة الراكب ، وتكفي الاخاذة الراكبين ، وتكفي الاخاذة الفئام من الناس قال : والاخاذ ككتاب : مصنع للماء يجتمع فيه والفئام : الجماعة الكثيرة (3) . ويـعـني بالأخير (لا صدرهم ) الامام امير المؤمنين ، عليه صلوات المصلين ، حيث كان ـ سلام اللّه عـليه ـ ينحدر عنه السيل ولا يرقى اليه الطير (4) قال مسروق : (انتهى العلم الى ثلاثة : عـالم بالمدينة على بن ابي طالب ، وعالم بالعراق عبد اللّه ابن مسعود ، وعالم بالشام ابي الدرداء ، فاذا التقوا سال عالم الشام وعالم العراق عالم المدينة وهو لم يسالهم ) (5). قال الاستاذ محمد حسين الذهبي : الحق ان الصحابة كانوا يتفاوتون في القدرة على فهم القرآن وبيان مـعانيه المرادة منه ، وذلك راجع الى اختلافهم في ادوات الفهم فقد كانوا يتفاوتون في العلم بلغتهم ، فـمـنـهـم الواسع الاطلاع الملم بغريبها (كعبد اللّه بن عباس ) ، ومنهم دون ذلك ، ومنهم من لازم النبي (صلى الله عليه واله) فعرف من اسباب النزول ما لم يعرفه غيره (كعلى بن ابي طالب (عليه السلام)اضف الى ذلك ان الـصـحابة لم يكونوا في درجتهم العلمية ومواهبهم العقلية سواء ، بل كانوا مختلفين في ذلك اختلافا عظيما (6). هذا عدى بن حاتم (7) ، العربي الصميم ، حسب من قوله تعالى : {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة : 187] انه تمايز احد خيطين : ابيض وآخر اسود ، احدهما عن الاخر في ضوء الفجر ، فاخذ عقالين ابيض واسود وجعلهما تحت وساده ، فجعل يـنظر اليهما فلا يتبين له احدهما عن الاخر ، فلما اصبح غدا الى رسول اللّه (صلى الله عليه واله) يخبره بما صنع ، فضحك رسول اللّه من صنيعه ذلك ، حتى بدت نواجذه ، وفي رواية ، قال له : ان وسادك اذن لعريض ـ كـنـاية عن عدم تنبهه لحقيقة الامر ـ ثم قال له : انما ذاك بياض النهار من سواد الليل (8) ، انه البياض المعترض على الافق تحت سواد الليل المنصرم وفي الدر المنثور : لا يمنعكم من سحوركم اذان بـلال ولا الفجر المستطيل ـ وهو الساطع المصعد ـ ولكن الفجر المستظهر في الافق ، هو الـمـعـترض الاحمر ، يلوح الى الحمرة وفي حديث : لا يمنعكم اذان بلال من سحوركم فانه ينادي بليل ، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا اذان ابن ام مكتوم ، فانه لا يؤذن حتى يطلع الفجر (9) . قـال الامـام ابـو جـعـفر الباقر (عليه والسلام ) : (الفجر هو الخيط الابيض المعترض ، وليس هو الابيض صعدا) (10) .
و زعـمت عائشة من قوله تعالى : (يؤتون ما آتوا) ارادة ارتكاب المآثم ، الامر الذي يتنافى مع سياق الايـة الواردة بشان الاشادة بموضع المؤمنين حقا ، قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } [المؤمنون : 57 - 61] . فـسـالت عن ذلك رسول اللّه (صلى الله عليه واله) ، وقالت : هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر ، وهو يخاف اللّه ؟ (11) كناية عن اتيانه الطاعات ، وجلا ان لا يكون مؤديا لها تامة حسبما اراده اللّه . ولعلها كانت تتصور من الكلمة انها مقصورة (يأتون ما اتوا) بمعنى : (يعملون ما عملوا) ، وقد اسلفنا الكلام عن تزييفه (12) وان الصحيح هو قراءة المد (يؤتون ما آتوا) بمعنى : يؤدون ما ادوا ، اي من افعال البر والخيرات ، من غير اعجاب ولا رياء ، والى ذلك ينظر تفسيره (صلى الله عليه واله).
وروى زرارة عـن الامـام ابي جعفر الباقر(عليه السلام) قال : اتى عمار بن ياسر رسول اللّه (صلى الله عليه واله) فقال : يا رسـول اللّه ، اجنبت الليلة ولم يكن معي ماء قال : كيف صنعت ؟ قال : طرحت ثيابي ثم قمت الى الصعيد فتمعكت(13) فعلمه رسول اللّه التيمم ، سواء اكان بدل وضوء ام بدل غسل(14). وقـرا عـمـر بن الخطاب من سورة (عبس ) حتى وصل الى قوله تعالى : {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} [عبس : 24 - 32] ، فقال : هذه الفاكهة قد عرفناها ، فما الاب ؟ ثم رجع الى نفسه فقال : ان هذا لهو التكلف يا عمر وفي رواية : ثم رفض ـ او نقض ـ عصا كانت في يده ، وقال : هذا لعمر اللّه هو التكلف ، فما عليك ان لا تـدري ما الأب ، اتبعوا ما بين لكم هداه من الكتاب فاعملوا به ، وما لم تعرفوه فكلوه الى ربه ولعله سئل عن تفسير الاية فحار في الجواب . وقـد ورد ان ابـا بـكـر ـ ايضا ـ سئل قبل ذلك عن تفسير الاية ، فقال : اى سما تظلني ، وأي ارض تقلني ، اذا قلت في كتاب اللّه ما لم اعلم (15) . قال الذهبي : ولو اننا رجعنا الى عهد الصحابة لوجدنا انهم لم يكونوا في درجة واحدة بالنسبة لفهم مـعاني القرآن ، بل تتفاوت مراتبهم ، واشكل على بعضهم ما ظهر لبعض آخر منهم وهذا يرجع الى تـفـاوتهم في القوة العقلية ، وتفاوتهم في معرفة ما احاط بالقرآن من ظروف وملابسات واكثر من هذا انهم كانوا لا يتساوون في معرفة المعاني التي وضعت لها المفردات ، فمن مفردات القرآن ما خفي معناه على بعض الصحابة ، ولا ضير في هذا ، فان اللغة لا يحيط بها الا معصوم ، ولم يدع احد ان كل فرد من امة يعرف جميع الفاظ لغتها. قال : ومما يشهد لهذا الذي ذهبنا اليه ، ما اخرجه ابو عبيدة في الفضائل عن انس : ان عمر بن الخطاب قـرا على المنبر (و فاكهة وابا) فقال : هذه الفاكهة قد عرفناها ، فما الاب ؟ ثم رجع الى نفسه فقال : ان هذا لهو التكلف يا عمر وما روي من ان عمر كان على المنبر فقرأ : {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} [النحل : 47] ثم سال عن معنى التخوف ، فقال له رجل من هذيل : التخوف عندنا التنقص ، ثم انشد : تخوف الرحل منها تامكا قردا ـــــ كما تخوف عود النبعة السفن (16) . قـال الـطبرسي : التخوف : التنقص ، وهو ان يأخذ الاول فالأول حتى لا يبقى منهم احد ، وتلك حالة يخاف معها الهلاك والفنا وهو الغنا تدريجا ، ثم انشد البيت بتبديل الرحل الى السير (17) . قـال الـفـرا : جـاء الـتـفـسـيـر بانه التنقص والعرب تقول : تحوفته ـ بالحا المهملة ـ : تنقصه من حافاته (18) . ومـعـنـى الاية ـ على ذلك ـ : انه تعالى يهلكهم على تدرج شيئا فشيئا ، بما يجعلهم على خوف الفنا ، حـيـث يـرون انـهم في تنقيص ، والاخذ من جوانبهم تدريجا ، وهذا نظير ما ورد في آية اخرى : {أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } [الأنبياء : 44] وقوله : {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ} [البقرة : 155] . وايـضـا اخـرج ابو عبيدة من طريق مجاهد عن عبد اللّه بن عباس ، قال : كنت لا ادري ما (فاطر الـسـماوات ) حتى اتاني اعرابيان يتخاصمان في بئر فقال احدهما : انا فطرتها ، والاخر يقول : انا ابتدأتها (19) . قـال الذهبي : فاذا كان عمر بن الخطاب يخفى عليه معنى (الاب ) ومعنى (التخوف ) ، ويسال عنهما غيره ، وابن عباس ـ وهو ترجمان القرآن ـ لا يظهر له معنى (فاطر) الا بعد سماعه من غـيره ، فكيف شان غيرهما؟ مـثـلا ـ ان يـعلموا من قوله تعالى : (و فاكهة وابا) انه تعداد للنعم التي انعم اللّه بها عليهم ، ولا يلزمون انفسهم بتفهم معنى الاية تفصيلا ، ما دام المراد واضحا جليا (20) .
__________________________
1- كـان مـن الـتـابـعـيـن ، فـقيه عابد قال الشعبي : ما رأيت اطلب منه للعلم كان معلما ومقرئا ومفتيا صحب عليا(عليه السلام)و لم يتخلف عن حروبه توفي سنة 62 ، وله من العمر 63 سنة .
2- التفسير والمفسرون ، ج1 ، ص 36.
3- النهاية ، ج1 ، ص 28.
4- راجع : الخطبة الشقشقية من نهج البلاغة ، رقم3 .
5- راجع : تاريخ دمشق لابن عساكر ، ترجمة الامام على بن ابي طالب ، ج3 ، ص 51 ، رقم1086 .
6- التفسير والمفسرون ، ج1 ، ص 35.
7- هـو ابـن حـاتـم الموصوف بالجود الذي يضرب به المثل ، وفد على النبي (صلى الله عليه واله ) سنة تسع كـان جـوادا شريفا في قومه وكان ثابت الايمان راسخ العقيدة ، روي عنه انه قال : ما دخل على وقت صـلاة الا وانـا مـشـتاق اليها وكان رسول اللّه (صلى الله عليه واله )يكرمه اذا دخل عليه قال الشعبي : ارسل اليه الاشـعث يستعير منه قدور حاتم فملاها وحملها الرجال اليه فقال : انما اردناها فارغة ، فقال عدى : انا لا نعيرها فارغة كان منحرفا عن عثمان ، ثابتا مع امير المؤمنين (عليه السلام ) فقئت عينه يوم الجمل وقتل ابـنـان له في ركاب علي (عليه السلام)و شهد صفين بنفسه توفي سنة 67بالكوفة ايام المختار ، وله مائة وعشرون سنة ، (اسد الغابة ، ج3 ، ص 392).
8- فـتـح الـبـاري بـشـرح الـبـخاري لابن حجر ، ج4 ، ص 113 ـ 114 وتفسير الطبري ، ج2 ، ص 100.
9- الدر المنثور ، ج1 ، ص 198 ـ 200. هـكـذا رواه القوم بشان بلال وابن ام مكتوم ، ولعله اشتباه من الراوي او الناسخ ، لان بلالاً كان هو الـمـؤذن الـمعتمد عند رسول اللّه (صلى الله عليه واله) والاصحاب وكان ابن ام مكتوم مكفوفا ، يؤذن قبيل طلوع الفجر ، وكان ذلك سبب تشريع اذانين وقد تداوم عليه اهل المدينة ، حتى اليوم . قـال ابـو جعفر الصدوق : كان لرسول اللّه (صلى الله عليه واله) مؤذنان ، بلال والاخر ابن ام مكتوم وكان اعمى ، وكان يؤذن قبل الصبح وكان بلال يؤذن بعد الصبح ، فقال النبي (صلى الله عليه واله) : ان ابن ام مكتوم يؤذن بالليل ، فاذا سمعتم اذانه فكلوا واشربوا ، حتى تسمعوا اذان بلال فغيرت العامة هذا الحديث عن جهته ، وقالوا : انـه (عليه السلام) قال : ان بلالا يؤذن بليل ، فاذا سمعتم اذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا اذان ابن ام مكتوم (من لا يحضره الفقيه ، ج1 ، ص 193 ـ 194).
10- وسائل الشيعة ، ج3 ، ص 153 ، رقم4 ، باب 27 ، المواقيت .
11- الاتقان ، ج4 ، ص 238.
12- عـنـد الـمـبـحـث عـن مسالة التحريف عند حشوية العامة برقم20 وراجع : المستدرك ، ج2 ، ص 235و 246.
13- التمعك : التمرغ في التراب .
14- العياشي ، ج1 ، ص 244 ، رقم144 و145و ص 302 ، رقم63 .
15- راجع : الدر المنثور ، ج6 ، ص 317 ، والمستدرك للحاكم ، ج2 ، ص 514. والاب : الـعـشـب المتهيئ للرعي والجز ، من قولهم : اب لكذا ، اذا تهيا له كما ان الفاكهة هي الثمرة الـنـاضـحة للأكل والقطف جاء في المعجم الوسيط : الاب : العشب رطبه ويابسه يقال : فلان راع له الحب ، وطاع له الاب ، اذا زكا زرعه واتسع مرعاه .
16. التفسير والمفسرون ، ج 1 ، ص 34 ، ( الموافقات ، ج2 ، ص 87 ـ 88).
17 . مجمع البيان . ج6 ، ص363.
و الـرحـل : القتب وهو ما يجعل على ظهر البعير كالسرج للفرس والتامك : السنام ، لارتفاعه ، يقال : تمك السنام تموكا اذا طال وارتفع والقرد : الذي تجعد شعره فصار كانه وقاية للسنام والنبع : شجر للقسي والسهام والسفن : ما ينحت به كالمبرد ونحوه . ومعنى البيت : ان الرحل قد اخذ من جوانب السنام فجعل يأكله وينقص من اطرافه ، رغم سموكه وتجعده بالشعر المتلبد كما ياخذ المبرد من اطراف عود النبعة لبريه سهما او قوسا.
18. معاني القرآن ، ج2 ، ص 101.
19. الاتقان ، ج2 ، ص 4 (ط2) وج1 ، ص 113 ، (ط1).
20. التفسير والمفسرون ، ج1 ، ص 35.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|