إعتماد بعض الكتّاب المتأخرين على التوراة والإنجيل في الاستدلال على نضرية الإمامة والاثني عشرية |
1985
12:23 مساءاً
التاريخ: 16-11-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-11-2016
1656
التاريخ: 17-11-2016
1441
التاريخ: 17-11-2016
1192
التاريخ: 17-11-2016
1278
|
نص الشبهة :
كتب صاحب النشرة مقالا يستنكر فيه الاستدلال بالتوراة على إمامة أهل البيت (عليهم السلام) وعنون المقال بمانشيت عريض يقول فيه (المنهج السبئي في البناء الفكري) ومما جاء في مقاله هذا قوله :
يلاحظ اعتماد بعض الكتاب المتأخرين على التوراة والإنجيل لتعزيز نظرية الإمامة ونظرية الاثني عشرية.
وقد نقل السيد مرتضى العسكري في كتاب (معالم المدرستين) الجزء الأول ص 539 فقرة من سفر التكوين، الإصحاح 17، الرقم 8102 تقول (و إسماعيل أباركه و أثمره و أكثره جدا جدا، اثنا عشر إماما يلد و اجعله أمة كبيرة) وعلق عليها قائلا (يتضح من هذه الفقرة ان التكثير و المباركة إنما هما في صلب إسماعيل (عليه السلام) مما يجعل القصد واضحا في الرسول محمد (صلى الله عليه واله) وأهل بيته (عليهم السلام) باعتبارهم امتدادا لنسل إسماعيل). كما استشهد بتلك الفقرة كاتب هو تامر مير مصطفى في كتاب له صدر تحت عنوان (بشائر الأسفار بمحمد و آله الأطهار) عن دار التوحيد بقم سنة 1414.
وفسر الكاتب (الاثني عشر رئيسا) الذين وعد الله في التوراة إسماعيل بولادتهم منه بأن المقصود منها ليس هم أبناؤه الاثني عشر المذكورة أسماؤهم في التوراة (سفر التكوين 52، 31، 61 (وإنما المقصود هم الأئمة الاثنا عشر من ذرية الرسول، و ذلك بعد حساب كلمة (كثيرا جدا) بحساب الجمل واثبات ان مجموعها يعادل رقم 92 و هو مجموع كلمة (محمد)، و قال كما أثبتنا ان مباركة الله الأولى لإسماعيل قد تحققت بمحمد رسول الله (صلى الله عليه واله) فان المباركة الثانية قد تحققت بظهور اثني عشر إماما مباركا جعلهم الله خلفاء لرسوله و امتدادا طبيعيا لدعوته المباركة (المصدر ص 62).
ولا نريد هنا ان نناقش الكاتبين في مدى دلالة الفقرة الإسرائيلية على المطلوب، أو صراحتها، و هل تشمل (الاثنا عشر) لا تحتاج إلى كل هذا التكلف و المقارنة و الاستعانة بالمصادر الإسرائيلية، و يكفي ان يتم بحثها و إثباتها عن طريق القرآن الكريم و الأحاديث النبوية و أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) إذا ثبتت فبها و نعمت، و إذا لم تثبت بعض معانيها و تفاصيلها فلا بد ان نقتصر على الأحاديث الصحيحة. و ربما كان عبد الله بن سبأ على فرض وجوده قد أساء إلى الشيعة و التشيع بمقارنته المشهورة بين وصية النبي موسى (عليه السلام) ليوشع بن نون و وصية النبي محمد (صلى الله عليه واله) لعلي بن أبي طالب حيث قدم بهذه المقارنة مادة لاتهام الشيعة باستيراد نظرياتهم من الإسرائيليات (1).
و يؤاخذ على كلامه الانف الذكر :
أولا :
ان الاستدلال بالتوراة على مسألة إمامة أهل البيت (عليهم السلام) لم تكن من ابتداع المتأخرين بل هو استدلال قديم دأب علماء الشيعة على ذكره ضمن الأدلة الأخرى على الإمامة و ... ان اقدم كتاب كلامي ميسر عند الشيعة هو ياقوت الكلام لإبراهيم بن نوبخت قد ذكر ذلك كما ذكره أيضا النعماني (ت 361 ه) في كتابه الغيبة و فيما يلي نص كلامه، قال النعماني رحمه الله :
و يزيد بإذن الله تعالى هذا الباب دلالة و برهانا و توكيدا تجب به الحجة على كل مخالف .. ما ثبت في التوراة مما يدل على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) ما ذكره في السفر الأول فيها من قصة إسماعيل قوله عز و جل (و قد أجبت دعاءك في إسماعيل و قد سمعتك ما باركته و سأكثره جدا جدا و سيلد اثني عشر عظيما اجعلهم أئمة كشعب عظيم) أقرأني عبد الحليم بن الحسين السمري رحمه الله ما أملاه عليه رجل من اليهود، ثمّ أورد النص العبري و هو (و ليشمعيل شمعتيخا هني برختي اوتو و هفرتي اوتو وهربيتي اوتو بمئدمئد شنيم عاسار نسيئم يولد ونتتيوا لغوي غادول).
ثمّ فسره بما ذكره في أول كلامه.
ثمّ قال رحمه الله بعد ذلك:
فما بعد شهادة كتاب الله عز و جل، ورواية الشيعة عن نبيّها و أئمتها، و رواية العامة من طرقها عن رجالها، و شهادة الكتب المتقدمة و أهلها، بصحة أمر الأئمة الاثني عشر لمسترشد مرتاد طالب أو معاند جاحد من حجة تجب و برهان يظهر و حق يلزم ان في هذا كفاية و مقنعا و معتبرا و دليلا و برهانا لمن هداه الله إلى نوره ..." (2).
و قد اخذ الشيعة الأوائل هذا المنهج عن أئمتهم (عليهم السلام) حين كانوا يحاجون أهل الكتاب و يدلونهم على مواضع ذكرهم مع الرسول (صلى الله عليه واله) في التوراة و الإنجيل. ففي حوار الجاثليق مع الرضا (عليه السلام) قال الرضا (عليه السلام) لنسطاس الرومي:
كيف حفظك للسفر الثالث من الإنجيل؟
قال: ما احفظني له. ثمّ التفت إلى رأس الجالوت فقال أ تقرأ الإنجيل قال بلى لعمري، قال: فخذ على السفر الثالث فان كان فيه ذكر محمد و أهل بيته و أمته فاشهدوا لي و ان لم يكن ذكره فلا تشهدوا ..." (3).
و منهج أهل البيت (عليهم السلام) هو منهج القرآن نفسه حيث كان يستدل على نبوة محمد (صلى الله عليه واله) بأدلة متنوعة منها وجود خبر بعثته في التوراة كقوله تعالى: (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) الشعراء 197 و قوله: (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ) الأعراف 751، و قد اجمع علماء الإسلام على الاستدلال بالتوراة والإنجيل على نبوة محمد (صلى الله عليه واله) في مقام الاحتجاج على أهل الكتاب وكتبوا بذلك عشرات الكتب.
وإذا كان الله تعالى قد أكرم أهل البيت (عليهم السلام) بان ذكرهم في كتبه الأولى جنباً إلى جنب مع رسوله المكي الموعود فما وجه الغرابة ان يستدل بذلك على إمامتهم؟ والذي ينعم النظر في عدد من نصوص البشارة بمحمد (صلى الله عليه واله) في الكتب السابقة يجد فيها النبي مقرونا بأهل بيته و ليس من شك ان الفقرة -20- من الإصحاح -17- من سفر التكوين (4) هي اشهر نص و أوضحه في الحديث عن النبي و أهل بيته و عددهم، و كان يدركها علماء اليهود بوضوح و كانوا حين ينشرح صدرهم للإسلام يختارون الائتمام بأهل البيت (عليهم السلام) سواء في زمانهم أو في عصر الغيبة.
قال ابن تيمية في تعليقه على حديث الاثني عشر:
وهؤلاء المبشر بهم في حديث جابر بن سمرة و قرر انهم يكونون مفرقين في الأمة و لا تقوم الساعة حتى يوجدوا، و(قد) غلط كثير ممن تشرف بالإسلام من اليهود فظنوا انهم الذين تدعوا إليهم فرقة الرافضة فاتبعوهم (5).
وكلامه و ان كان سلبياً من ناحية تطبيق النص على أهل البيت (عليهم السلام) و لكنه من ناحية أخرى يؤكد ما ذكره النعماني وما ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) من وجود نصوص في أمر أهل البيت (عليهم السلام) كما هو الحال في خاتم الأنبياء (صلى الله عليه واله).
وقد فات ابن تيمية و نظراءه ان علماء اليهود الذين أسلموا و تشيعوا لأهل البيت (عليهم السلام) كانوا قد وجدوا أنفسهم أمام ظاهرة من النصوص التوراتية بعضها يعضد بعضاً باتجاه أهل البيت (عليهم السلام) دون غيرهم (6).
ثانيا:
قوله (و ربما كان ابن سبأ على فرض وجوده قد أساء إلى التشيع بمقارنته بين وصية النبي موسى ليوشع و وصية النبي محمد (صلى الله عليه واله) لعلي ...
أقول: ان المؤسس للمقارنة هو رسول الله (صلى الله عليه واله) بقوله:" يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي" و هو حديث صحيح مروي في الكتب المعتبرة عند السنة فضلًا عن لشيعة (7).
وبقوله (صلى الله عليه واله) لسلمان لما سأله يا رسول الله لكل نبي وصي فمن وصيك فسكت عنه ثمّ بعد ذلك دعاه فقال:
يا سلمان تعلم من وصي موسى؟
قال: سلمان قلت نعم يوشع بن نون!
قال: و لم؟
قلت: لانه كان أعلمهم.
قال: فان وصيي و موضع سري و خير من اترك بعدي و ينجز عدتي و يقضي ديني علي بن ابي طالب (8) .
وبقوله (صلى الله عليه واله) :
الخلفاء بعدي اثنا عشر عدتهم كنقباء بني إسرائيل.
وكذلك قوله (صلى الله عليه واله) في الحسن و الحسين:
إني سميتهما باسم شبر وشبير ولدي هارون.
فهل يقال في حق النبي (صلى الله عليه واله) انه قدم مادة لاتهام الإسلام باستيراد نظرياته من الإسرائيليات؟
وقبل ذلك فان القرآن الكريم هو المؤسس لهذه المقارنة و غارس بذرتها، حين ضرب الأمثال للآخِرين بما جرى على الأولين، و قد عني عناية خاصة بقصص بني إسرائيل للتشابه الكبير بينها و بين نظيراتها في بني إسماعيل بعد بعثة محمد (صلى الله عليه واله) إلى آخر الدنيا. و قد قال النبي (صلى الله عليه واله):
كل ما كان في الأمم السالفة فإنه يكون في هذه الأمة مثله حذو النعل بالنعل و القُذة بالقذة (9) .
وفي رواية :
لتركبن سنن من كان قبلكم حلوَها ومرَّها (10).
_______________________________________
(1) الشورى العدد الثالث ص 6.
(2) الغيبة للنعماني/ 110109.
(3) كتاب التوحيد للصدوق/ 314.
(4) بحثنا هذا النص بشكل مفصل في مقال نشر في مجلة ميقات الحج العدد الاول.
(5) البداية و النهاية ج 6/ 250
(6) و قد قمنا بدراسة تفصيلية لهذه النصوص نرجوا ان نوفق لنشرها في فرصة قريبة.
(7) رواه البخاري و مسلم في صحيحيهما و احمد بن حنبل في مسنده و غيرهم.
(8) المعجم الكبير للطبراني ج 6/ 221/ رقم 6063. قال حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا ابراهيم بن الحسن الثعلبي حدثنا يحيى بن يعلى عن ناصح بن عبد الله عن سماك بن حرب عن ابي سعيد الخدري عن سلمان. و قد علق الطبراني على الحديث بقوله( قوله وصيي يعني انه اوصاه في اهله لا بالخلافة و قوله خير من اترك بعدي يعني من اهل بيته (صلوات الله وسلامه عليهم) و جاء بهامشه كلام محقق الكتاب حمدي السلفي يخاطب الطبراني ( من اين لك هذا يا ابا القاسم( يريد الطبراني) و الحديث ليس بصحيح و لو كان صحيحا لم يقبل التأويل و هو بمعنى الخلافة لا كما قلت انت، قال ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد( و في اسناده ناصح بن عبد الله و هو متروك). أقول انما تركوا حديث ناصح لأجل حديثه الانف الذكر لما علموا من دلالته الصريحة و لما رواه اسماعيل بن ابان عنه عن سماك عن جابر قال قالوا يا رسول الله من يحمل رايتك يوم القيامة قال( من عسى ان يحملها الا من حملها في الدنيا).( رواه الذهبي في ميزان الاعتدال بترجمة ناصح). و قد قال عنه الذهبي في ترجمته انه كان من العابدين ذكره الحسن بن صالح فقال رجل صالح نعم الرجل. و قد روى حديث سلمان هذا ايضا سبط بن الجوزي في كتابه تذكرة الخواص و رواه أيضا المحب الطبري في الرياض النضرة ج 2/ 178.
(9) اكمال الدين للصدوق/ 576( و القذة ريش السهم).
(10) فتح الباري 17/ 64، مسند احمد 3/ 94، ج 2/ 327، 367، 450، 511، 527، ج 3/ 94، ج 4/ 125، ج 5/ 218، 340.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|