أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-02-2015
14891
التاريخ: 2024-09-02
320
التاريخ: 24-04-2015
2383
التاريخ: 23-09-2015
5692
|
ما وجه الحاجة الى تفسير القرآن ، وقد انزله اللّه نورا وهدى وبصائر للناس وتبيانا لكل شيء ، (1) كما انه جاء ليكون بنفسه احسن تفسيرا (2) ، فهل هناك حاجة الى تفسير؟.
نعم انزل اللّه الكتاب ليكون بذاته بيانا للناس عامة وتفصيلا لكل شيء ، (3) غير ان بواعث الابهام امر عارض ، ولعله كان من طبيعة البيان القرآني ، جاء تشريعا للأصول والمباني ، واجمل في البيان ايكالا الى تبيين النبي (صلى الله عليه واله)ليبين للناس تفاصيل ما نزل اليهم (4) .
قال الامام الصادق (عليه السلام) : (ان رسول اللّه (صلى الله عليه واله)نزلت عليه الصلاة ولم يسم لهم ثلاثا ولا اربعا ، حتى كان رسول اللّه (صلى الله عليه واله)هو الذي فسر لهم ذلك ) (5) .
هذا جانب من الاجمال (الابهام ) الحاصل في وجه لفيف من آيات الاحكام ، ولعله طبيعي في مثل البيان القرآني ، كما نبهنا.
وجانب آخر اهم : احتوا القرآن على معان دقيقة ومفاهيم رقيقة ، تنبؤك عن كمون الخليقة واسرار الوجود ، هي تعاليم وحكم راقية جاء بها القرآن ، وكانت فوق مستوى البشرية آنذاك ، ليقوم النبي (صلى الله عليه واله)بتبيينها وشرح تفاصيلها ، وكذا صحابته العلماء {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ *وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [الجمعة : 2، 3] .
وذلك في مثل صفاته تعالى ـ الجلال والجمال ـ ، ومعرفة وجود الانسان ، وسر خلقته ، ومقدار تصرفه في الحياة ، والهدف من الخلق والايجاد ، ومسائل المبدأ والمعاد.
كل ذلك جاء في القرآن في اشارات عابرة ، وفي الفاظ وتعابير كنائية ، واستعارة ومجاز ، فكان حلها والكشف عن معانيها بحاجة الى فقه ودراسة وتدبر ، وامعان نظر وتفكير.
وايضا فان في القرآن إلماعات الى حوادث غابرة وامم خالية ، جاء ذكرها لأجل العظة والاعتبار ، الى جنب عادات جاهلية كانت معاصرة ، عارضها وشدد النكير عليها ، في مثل مسالة النسي ، وانها {زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة : 37] ونهيه عن دخول البيوت من ظهورها {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا } [البقرة : 189] ونحو ذلك ، فاستنكرها عليهم وعنفهم عليها حتى ابادها ، وقطع من جذورها فلم يبق منها سوى اشارات عابرة ، لولا الوقوف عليها ، لما امكن فهم معاني تلكم الآيات .
كما تعرض لأمور اتى عليها من وجه كليها واهمل جانب تعيينها ، فجات مجملة هي بحاجة الى شرح وبيان ، في مثل الدابة التي تخرج من الارض فتكلم الناس ، {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النمل : 82] والبرهان الذي عصم يوسف من ارتكاب الاثم { بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف : 24] .
هذا مضافا الى غرائب اللغة التي جات في القرآن على افصحها وابلغها ، وان كان صعبا فهمها على عامة الناس ، لولا الشرح والبيان .
قال الراغب : فالتفسير اما ان يستعمل في غريب الالفاظ ، نحو (البحيرة ) و(السائبة ) و(الوصيلة ) او في وجيز كلام يبين ويشرح ، كقوله : (و اقيموا الصلاة وآتوا الزكوة ) (6) او في كلام مضم ن بقصة لا يمكن تصوره الا بمعرفتها ، نحو قوله تعالى : {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة : 37] وقوله : {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا } [البقرة : 189].
قال الامام بدر الدين الزركشي : التفسير علم يعرف به فهم كتاب اللّه ، وبيان معانيه ، واستخراج احكامه وحكمه ، وان اللّه انما خاطب خلقه بما يفهمونه ، ولذلك ارسل كل رسول بلسان قومه ، وانزل كتابه على لغتهم .
والقرآن انما انزل بلسان عربي مبين في زمن افصح العرب ، وكانوا يعلمون ظواهره واحكامه ، وانما احتيج الى التفسير ، لما فيه من دقائق باطنة لا تظهر الا بعد البحث والنظر ، مع سؤال النبي (صلى الله عليه واله)عنها في الاكثر ، كسؤالهم لما نزل : {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام : 82] ، فقالوا : اينا لم يظلم نفسه (7) ، وكسؤال عائشة عن الحساب اليسير (8) ، فقال : (ذلك العرض ، ومن نوقش الحساب عذب ) (9) ، وكقصة عدي بن حاتم في الخيط الذي وضعه تحت راسه ، (10) وغير ذلك مما سألوه عن آحاد منه (11) .
قال : ولم ينقل الينا عنهم تفسير القرآن وتأويله بجملته ، فنحن نحتاج الى ما كانوا يحتاجون اليه وزيادة ، لقصورنا عن مدارك احكام اللغة بغير تعلم ، فنحن اشد الناس احتياجا الى التفسير.
قال : ومعلوم ان تفسير القرآن يكون بعضه من قبيل بسط الالفاظ الوجيزة وكشف معانيها ، وبعضه من قبيل ترجيح بعض الاحتمالات على بعض ، لبلاغته ولطف معانيه ، ولهذا لا يستغنى عن قانون عام يعول في تفسيره عليه ، ويرجع في تفسيره اليه ، من معرفة مفردات الفاظه ومركباتها ، وسياقه ، وظاهره وباطنه ، وغير ذلك ممالا يدخل تحت الوهم ، ويدق عنه الفهم .
بين اقداحهم حديث قصير ـــــ هو سحر ، وما سواه كلام .
و في هذا تتفاوت الاذهان ، وتتسابق في النظر اليه مسابقة الرهان فمن سابق بفهمه ، وراشق كبد الرمية بسهمه ، وآخر رمى فاشوى (11) وخبط في النظر خبط عشوا ، كما قيل : واين الرقيق من الركيك ، واين الزلال من الزعاق (12) .
____________________________________
1- قال تعالى : (يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وانزلنا اليكم نورا مبينا) النسا/174. (هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين )آل عمران / 138. (هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون ) الجاثية / 20. (و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء )النحل / 89.
2- (و لا يأتونك بمثل الا جئناك بالحق واحسن تفسيرا) الفرقان / 33 ، اي احسن بيانا وتوضيحا.
3- (و هو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلا) الانعام / 114 ، (و تفصيل الكتاب لاريب فيه )يونس / 37 .
4- (و انزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون ) النحل / 44.
5- الكافي الشريف ، ج1 ، ص 286.
6- المائدة / 103 قال الراغب : البحيرة هي الناقة اذا ولدت عشرة ابطن ، شقوا اذنها وتركوها ، فلا تركب ولا يحمل عليها والسائبة ، اذا ولدت خمسة ابطن ، تسيبت في المرعى ، فلا تردعن حوض ولا كلا والوصيلة ، اذا ولدت الشاة توأمين ذكرا وانثى ، فلا يذبح الذكر ، ويقال : وصلت اخاها ، فيتركونه لأجلها والحام : الفحل اذا ضرب عشرة ابطن ، كان يقال : حمي ظهره فلا يركب .
7- لقمان / 13.
8- في قوله تعالى : (فأما من اوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا)الانشقاق / 7 ـ8.
9- تفسير الطبري ، ج30 ، ص 74.
10- تفسير الطبري ، ج2 ، ص 100.
11- سوف نذكر نماذج من تفاسير مأثورة عن النبي (صلى الله عليه واله)عند الكلام عن التفسير في عهد الرسالة .
12- البرهان في علوم القرآن ، ج1 ، ص 13 ـ 15 والزعاق : الما المر ، لا يطاق شربه .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|