أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2014
1772
التاريخ: 27-04-2015
2803
التاريخ: 14-11-2014
2670
التاريخ: 14-11-2014
4971
|
ابـو سـعـيد الحسن بن ابي الحسن يسار البصري كان ابوه مولى لزيد بن ثابت الانصاري ، من سبي مـيسان (بليدة بأسفل البصرة ) ، وامه خيرة مولاة ام سلمة زوج النبى (صلى الله عليه واله)و تربى في بيتها ويقال : ربـمـا كـانـت تـغـذيه بلبنها ـبأذن اللّه ـ عند ما تغيب امه ويقال : انه ولد على الرق ، ولد بالمدينة سـنـة (22) لسنتين بقيتا من خلافة عمر ، ونشا بوادي القرى (واد من اعمال المدينة على طريق الشام ، واقع بين تيما وخيبر) وتوفي بالبصرة مستهل رجب سنة (110) (1) .
كـان الـحـسـن جـسـيما وسيما (2) نابها فصيحا ، وكان يشبه في الفصاحة والبيان برؤبة العجاج (3) وكان عالما جامعا ، وفقيها مأمونا (4) وعابدا ناسكا ، حسب تعبير ابن سعد وغيره (5).
كـان اكـثـر مـا يـقـولـه عـن علي (عليه السلام) من غير ان يصرح باسمه الشريف تقية ، او يكنّى عنه بابي زينب (6) .
وقـد اعـتمد الائمة مراسيله ، لانه لا يرسل الا عن ثقة قال على بن المديني : مرسلات الحسن اذا روى عـنـه الثقات ، صحاح وقال ابو زرعة : كل شيء يقول الحسن : قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله ) ، وجدت له اصلا ثابتا.
قـال يـونـس بـن عـبـيد : سالت الحسن ، قلت : يا ابا سعيد ، انك تقول : قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله)و انك لم تدركه ؟ انـي فـي زمـان كما ترى (7) ـ كل شيء سمعتني اقول : قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله )فهو عن على بن ابي طالب (عليه السلام) غير اني في زمان لا استطيع ان اذكر عليا(عليه السلام) (8).
قال الشريف المرتضى : وكان الحسن بارع الفصاحة ، بليغ المواعظ ، كثير العلم وجميع كلامه في الـمـواعظ وذم الدنيا ، او جله مأخوذ ـ لفظا ومعنى ، او معنى دون لفظ (9) ـ من كلام امير المؤمنين على بن ابي طالب (عليه السلام) ، فهو القدوة والغاية ، فنقل عنه حكما ومواعظ جليلة .
ثـم قـال : وكـان الـحـسـن اذا اراد ان يـحـدث في زمن بني امية عن امير المؤمنين ، قال : قال ابو زينب (10).
وقـال الـشيخ فريد الدين العطار النيسابوري : (كان الحسن انما يوالي عليا امير المؤمنين ، ومنه اخذ العلم ، وكان مرجعه في طريقة العرفان ) (11) .
و لإبان بن ابي عياش كلام بشان الحسن ، يدل على مغالاته في ولائه للأمام اميرالمؤمنين (عليه السلام) قال : لما اودعه سليم بن قيس الهلالي كتابه واوصاه ان لا يريح غير الخواص من الشيعة ـ : فكان اول من لـقـيت بعد قدومي البصرة الحسن بن ابي الحسن البصري ، وهو يومئذ متوار من الحجاج والحسن يـومـئذ من شيعة على بن ابي طالب ـ صلوات اللّه عليه ـ ومن مفرطيهم ، نادم متلهف على ما فاته من نصرة علي والقتال معه فخلوت به في شرقي دار ابي خليفة الحجاج بن ابي عتاب الديلمي ، فعرضته عليه ، فبكى ثم قال : ما في حديثه شيء الا حق ، قد سمعته من الثقات من شيعة علي ـ صلوات اللّه عليه ـ وغيرهم (12).
قـلت : كان اخذه عن علي (عليه السلام) بواسطة الثقات من اصحابه ، وليس مباشرة وبغير واسطة ، لانه لم يـدرك عليا في المدينة بما يمكنه الاخذ عنه ، لحداثة سنه حينذاك ، ولم يلق عليا بعد ان خرج الامام الى العراق ، كما سنوضح .
و الذي انتقصوا به الحسن امران : انه كان يدلس ، وكان منحرفا عن علي (عليه السلام) في بد امره وان كان قد تندم بعد ذلك وشيء ثالث : انه كان قدريا ، ويقول : (من كذب بالقدر فقد كفر) ولننظر في كل هذه التهم ومبلغ اعتبار كل واحدة منها :
امـا الـتـدلـيس ، فقال ابن حجر : وكان يرسل كثيرا ويدلس قال البزار : كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم ، فيتجوز ويقول : حدثنا وخطبنا ، يعني قومه الذين حدثوا وخطبوا بالبصرة (13).
و سـئل ابو زرعة : هل سمع الحسن احدا من البدريين ؟ قال : رآهم رؤية ، راي عثمان وعليا قيل : هـل سـمـع منهما حديثا؟ قال : لا ، رأى عليا بالمدينة ، وخرج على الى الكوفة والبصرة ، ولم يلقه الـحـسـن بعد ذلك وقال على بن المديني : لم ير عليا الا ان كان بالمدينة وهو غلام ، ولم يسمع من جـابر بن عبد اللّه ، ولا من ابي سعيد الخدري ، ولم يسمع من ابن عباس ، وما رآه قط ، كان الحسن بـالمدينة ايام كان ابن عباس بالبصرة واما قوله : (خطبنا ابن عباس بالبصرة ) ، فإنما اراد : خطب اهل البصرة كقول ثابت : (قدم علينا فلان ) اي قدم بلدنا واهلنا وقال ابن المديني : ولم يسمع من ابي موسى ، وقال ابو حاتم وابو زرعة : لم يره قال ابن المديني : روي عن الحسن ان سراقة حدثهم قـال : وهذا اسناد ينبو عنه القلب ان يكون الحسن سمع من سراقة ، الا ان يكون معنى حدثهم : حدث الناس ، قال : فهذا اشبه وهكذا قال الترمذي : لم يثبت له سماع من علي (عليه السلام) (14).
و قد تقدم الجواب عن ذلك ، وانه كان لا يرسل الا عن ثقة ، ولذلك قال ابن المديني وابو زرعة وغيرهما : مرسلات الحسن صحاح ، وان لها اصلا ثابتا وجده الاعلام (15).
و كـان الرجل في محذور عن تسمية الرجال ، ولا سيما اذا كان عن الامام امير المؤمنين علي (عليه السلام) او احد اصحابه المعروفين .
قـال الـطـبـري : كان الحسن فقيها فاضلا ، لا يشك في حديثه فيما روى ، وكان كثير المراسيل وكثير الرواية عن قوم مجاهيل ، وعن صحف قد وقعت اليه لقوم اخذها منهم وروي عن مساور ، قال : قلت للحسن : عمن تحدث هذه الاحاديث ؟ قال : عن كتاب عندنا سمعته من رجل .
قال المحقق التستري ـ تعليقا على هذا الكلام ـ : ولعله اشارة الى كتاب سليم ابن قيس الهلالي الذي وقع بيده وسمعه من ابان بن ابي عياش ، على ما اسلفنا.
و قـال ـ اخـيـرا ـ : والـرجـل ـ كـمـا رايـت ـ مـخـتلف فيه ، الا ان الاحسن حسنه وتقواه وتقيته (16).
واما تهمة الانحراف فمستندها حكايات هي اشبه بالأوهام :
من ذلك ما ارسله صاحب كتاب الاحتجاج : ان عليا(عليه السلام) مر ـ بعد واقعة الجمل ـ بالحسن البصري وهـو يتوضأ فـقـال : يا حسن اسبغ الوضوء ، فقال : يا امير المؤمنين ، لقد قتلت بالأمس اناسا يشهدون الـشـهـادتـيـن ويصلون الخمس ويسبغون الوضوء عدونا؟ فقال : لقد خرجت ، وانا لا اشك ان التخلف عن ام المؤمنين عائشة هو الكفر ، فلما انتهيت الى موضع من الخريبة (موضع وقع قتال الجمل فيه ) ناداني مناد : ارجع يا حسن ، فان القاتل والمقتول في النار فقال علي : صدقك ذاك اخوك ابليس ، ان القاتل والمقتول منهم في النار (17).
و هـكـذا ارسـل القطب الراوندي : ان عليا(عليه السلام) قال له : اسبغ طهورك يا لفتي (18) ، فقال : لقد قتلت بالأمس رجالا كانوا يسبغون الوضوء حـزنـك قالوا : فما راينا الحسن قط الا حزينا ، كانه يرجع عن دفن حميم ، او خربندج ضل حماره فقيل له في ذلك ، فقال : عمل في دعوة الرجل الصالح (19).
و ذكر ابن ابي الحديد فيمن كان يبغض عليا(عليه السلام) الحسن البصري ، قال : روى عنه حماد انه قال : لو كـان عـلـي يأكل الحشف (20) بالمدينة لكان خيرا له مما دخل فيه ورووا عنه انه كان من الـمـخذلين عن نصرته وروي عنه ان عليا(عليه السلام) رآه وهو يتوضأ ـ وكان ذا وسوسة ـ فصب على اعـضـائه مـا كثيرا ، فقال له : ارقت دما كثيرا ياحسن ، فقال : ما اراق امير المؤمنين من دما المسلمين اكـثر ان مات (21).
هـذا كل ما قيل بشأنه دليلا على انحرافه عن الامام امير المؤمنين (عليه السلام) ، لكنها روايات لا اسناد لها ، فضلا عما بينها من تهافت وتضارب ، وقد انكرها ابن ابي الحديد بشدة على ما سنذكر.
قلت : ولحسن الحظ ان واضع هذه الروايات قد ذهب عنه ان الحسن ـ وهو غلام يافع ـ لم يكن له شان ذلك اليوم ، ولم يكن حاضر البصرة يوم الجمل ، ولم يخرج الى العراق بعد ، الا في ايام طعن في الـسـن وكـبر ، ايام عبدالملك بن مروان وما بعده كما يظهر من رواية الوراق : كان جابر بن زيد رجـل اهـل الـبصرة ، فلما ظهر الحسن جار جل كأنما كان في الاخرة (22) وجابر بن زيد توفي سنة (93 او 103).
كان الحسن عند مقتل عثمان لم يبلغ الحلم قال ابن سعد : كان للحسن يومذاك اربع عشرة سنة قال ابو رجـاء : قـلـت لـلـحـسـن : متى عهدك بالمدينة ؟ قال : ليالي صفين قلت : متى احتلمت ؟ قال : بعد صفين عاما (23) وقال ابن حبان : احتلم سنة (37) ، وادرك بعد صفين (24)
و عـلـيـه فـكان يوم الجمل غلاما حوالي البلوغ ما بين (14 ـ 15) سنة ، فضلا عن كونه بالمدينة حينذاك ولم يخرج الى العراق وقد عرفت تصريح العلماء بذلك (25).
و اليك من كلام ابن ابي الحديد في ذلك :
قـال : فأما اصـحـابنا فانهم يدفعون ذلك عنه وينكرونه ، ويقولون : انه كان من محبي على بن ابي طـالب (عليه السلام) والمعظمين له وروى ابو عمرو ابن عبد البر في كتابه (الاستيعاب ) ان انسانا سال الـحسن عن علي (عليه السلام) ، فقال : كان واللّه سهما صائبا من مرامي اللّه على عدوه ، ورباني هذه الامة وذا فضلها ، وذا سابقتها ، وذا قرابتها من رسول اللّه (صلى الله عليه واله)لم يكن بالنؤمة عن امر اللّه ، ولا بالملومة فـي دين اللّه ، ولا بالسروقة لمال اللّه اعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياض مونقة ، ذلك على بن ابي طالب ، يا لكع (26).
وروى الواقدي ، قال : سئل الحسن عن علي (عليه السلام) ، وكان يظن به الانحراف عنه ، ولم يكن كما يظن ، فقال : ما اقول فيمن جمع الخصال الاربع : ائتمانه على براة ، وما قال له الرسول في غزاة تبوك : فلو كـان غير النبوة شيء يفوته لاستثناه ، وقول النبى (صلى الله عليه واله ) : (الثقلان كتاب اللّه وعترتي ) ، وانه لم يؤمر عليه امير قط ، وقد امرت الامراء على غيره .
و روى ابـان بـن ابـي عياش ، قال : سالت الحسن البصري عن علي (عليه السلام) ، فقال : ما اقول فيه السابقة ، والفضل ، والعلم ، والحكمة ، والفقه ، والراي ، والصحبة ، والنجدة ، والبلاء ، والزهد ، والقضاء ، والقرابة ان عليا كان في امره عليا رحم اللّه عليا ، وصلى عليه .
فقلت : يا ابا سعيد ، اتقول : (صلى عليه ) لغير النبى على النبى وآله ، وعلي خير آله .
فـقلت : اهو خير من حمزة وجعفر؟ قال : نعم قلت : وخير من فاطمة وابنيها؟ قال : نعم واللّه انه خـيـر آل مـحـمـد كـلهم ومن يشك انه خير منهم ، وقد قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله ) : (و ابوهما خير مـنـهـمـا) (زوجـتـك خـيـر امـتي ) اصحابه ، فآخى بين على ونفسه فرسول اللّه (صلى الله عليه واله)خير الناس نفسا ، وخيرهم اخا.
فـقلت : يا ابا سعيد ، فما هذا الذي يقال عنك ، انك قلته في على ؟ فقال : يا ابن اخي ، احقن دمي من هؤلاء الجبابرة ، ولولا ذلك لشالت بي الخشب (27) .
وذكـر ابـو الـفـتـح محمد بن علي الكراجكي (ت 449) ان الحجاج بن يوسف كتب الى الحسن الـبـصـري والى واصل بن عطا وعمرو بن عبيد وعامر الشعبي ، ان يخبروه بقولهم في القضاء والقدر.
فـكتب اليه الحسن : (ما اعرف فيه الا ما قاله على بن ابي طالب (عليه السلام) فانه قال : يا ابن آدم ازعمت ان الذي نهاك دهاك ، وانما دهاك اسفلك واعلاك وربك بري من ذاك ).
وكـتـب اليه واصل : (ما اعرف فيه الا ما قاله على بن ابي طالب (عليه السلام) فانه قال : ما تحمد اللّه عليه فهو منه وما تستغفر اللّه عنه فهو منك).
وكـتـب اليه عمرو : (ما اعرف فيه الا ما قاله على بن ابي طالب (عليه السلام) فانه قال : ان كان الوزر في الاصل محتوما ، لكان الموزور في القصاص مظلوما).
وكـتـب اليه الشعبي : (ما اعرف فيه الا ما قاله على بن ابي طالب (عليه السلام) : من وسع عليك الطريق ، لم يأخذ عليك المضيق).
فلما قرا الحجاج اجوبتهم ، قال : قاتلهم اللّه ، لقد اخذوها من عين صافية (28) .
و قـال الـشـريـف الـمرتضى : واحد من تظاهر من المتقدمين بالقول بالعدل ، الحسن بن ابي الحسن البصري كان يقول : من زعم ان المعاصي من اللّه ـ عز وجل ـ جاء يوم القيامة مسودا وجهه ، ثم قرا : {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر : 60] ـ وذكر عنه كثيرا من اقـواله في ذلك ـ ثم قال : وروى ابو بكر الهذلي (29) ان رجلا قال للحسن : ان الشيعة تزعم انـك تبغض عليا(عليه السلام) مـرامـي ربـنـا ـ عـز وجـل ـ على عدوه ، رباني هذه الامة ، ذو شرفها وفضلها ، وذو قرابة من الـنـبـى (صلى الله عليه واله)قريبة ، لم يكن بالنؤمة عن امر اللّه ، ولا بالغافل عن حق اللّه ، ولا بالسروقة من مال اللّه ، اعـطى القرآن عزائمه فيما له وعليه ، فاشرف منها على رياض مونقة ، واعلام بينة ذلك ابن ابي طالب ، يا لكع قـال : واتـى عـلى بن الحسين (عليه السلام) يوما الحسن البصري ، وهو يقص عند الحجر ، فقال : اترضي يا حسن نفسك للموت ؟ قال : لا ، قال : فعملك للحساب ؟ قال : لا ، قال : فثم دار للعمل غير هذه الدار؟ قال : لا ، قـال : فـلـلـه فـي ارضـه مـعـاذ غـيـر هـذا الـبـيـت ؟ قـال : لا ، قـال : فـلم تشغل الناس عن التطواف ؟ (30).
و رواه ابـن خـلـكـان بـتـبـديـل لـفـظ (يا حسن ) بـ (يا شيخ ) ، وعقبه : فما قص الحسن بعدها (31).
و ذكـر ابـو مـحـمـد الـحـسن بن علي ابن شعبة الحراني (من اعلام القرن الرابع ) كتابا للحسن الـبـصـري ، بـعـث بـه الـى الامـام السبط الاكبر الحسن بن علي (عليه السلام) يساله عن رايه في القدر والاسـتـطـاعـة ، وفـي مـفـتـتـح الكتاب ما ينبئ عن ولا صميم وعقيدة ثابتة كان يحملها لإل بيت الرسول (صلى الله عليه واله)جاء فيه :
(اما بعد فأنكم ـ معشر بني هاشم ـ الفلك الجارية في اللجج الغامرة ، والاعلام النيرة الشاهرة ، او كسفينة نوح التي نزلها المؤمنون ونجا فيها المسلمون .
كـتبت اليك يا ابن رسول اللّه عند اختلافنا في القدر ، وحيرتنا في الاستطاعة فاخبرنا بالذي عليه رايك وراي آبائك (عليه السلام) فان من علم اللّه علمكم ، وانتم شهدا على الناس ، واللّه الشاهد عليكم ، ذرية بعضها من بعض ، واللّه سميع عليم (32).
و روى الـصـدوق باسناده في اماليه عن ابي مسلم ، قال : خرجت مع الحسن البصري وانس بن مالك حتى اتينا باب ام سلمة فقعد انس على الباب ودخلت مع الحسن ، فسمعت الحسن وهو يقول :
السلام عليك يا اماه ورحمة اللّه وبركاته فقالت : وعليك السلام ، من انت يا بنى ؟.
فقال الحسن : انا الحسن البصري .
فقالت : فيما جئت يا حسن فقال لها : جئت لتحدثيني بحديث سمعتيه من رسول اللّه (صلى الله عليه واله)في على بن ابي طالب (عليه السلام).
فـقـالـت ام سـلمة : واللّه لاحدثنك بحديث سمعته اذناي من رسول اللّه (صلى الله عليه واله)و الا فصمتا ، وراته عـيـنـاي والافعميتا ، ووعاه قلبي والا فطبع اللّه عليه ، واخرس لساني ان لم يكن سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه واله)يقول لعلى بن ابي طالب (عليه السلام) :
(يا علي ، ما من عبد لقي اللّه يوم يلقاه جاحدا لولايتك الا لقي اللّه بعبادة صنم او وثن ).
قال ابو مسلم : فسمعت الحسن البصري وهو يقول : اللّه اكبر ، اشهد ان عليا مولاي ومولى المؤمنين .
فلما خرج قال له انس بن مالك : ما لي اراك تكبر؟ من رسول اللّه (صلى الله عليه واله)في على ، فقالت لي : كذا وكذا فقلت : اللّه اكبر اشهد ان عليا مولاي ومولى كل مؤمن .
قـال ابـو مـسلم : فسمعت عند ذاك انس بن مالك وهو يقول : اشهد على رسول اللّه (صلى الله عليه واله)انه قال هذه المقالة ثلاث مرات او اربع مرات (33).
و امـا القول بالقدر ، ـ حسبما يفسره اهل العدل ـ (34) فقد عرفت من السيد نسبته اليه ، قال : (و احـد من تظاهر من المتقدمين بالقول بالعدل الحسن البصري ، قال : كل شيء بقضاء اللّه وقدره الا المعاصي ) (35).
و لـكـن الاشـاعـرة ـ وهـم جمهور اهل السنة ـ لم يرقهم ذلك بشان مثل الحسن البصري الامام المعترف به لدى الجميع ، فجعلوا يتاولون كلامه في ذلك او يحملونه على رايه القديم ، وقد تاب منه ورجع الى راي الجماعة ، كما زعموا.
قـال ابـو عـبـد اللّه الـذهـبي : واما مسالة (القدر) فصح عنه الرجوع عنها ، وانها كانت زلقة لسان (36)
و روى ابـن سـعد عن حماد بن زيد عن ايوب ، قال : نازلت الحسن في القدر غير مرة ، حتى خوفته الـسلطان ، فقال : لا اعود فيه بعد اليوم وعن ابي هلال ، قال : سمعت حميدا وايوب يتكلمان ، فسمعت حميدا يقول لأيوب : لوددت انه قسم علينا غرم ، وان الحسن لم يتكلم بالذي تكلم به ، قال ايوب : يعني في القدر (37)
قـال عـبـد الـكريم الشهرستاني : ورايت رسالة نسبت الى الحسن البصري كتبها الى عبدالملك بن مـروان (38) وقـد سـاله عن القول بالقدر والجبر ، فأجابه فيها بما يوافق مذهب القدرية واستدل فيها بيات من الكتاب ودلائل من العقل قال : ولعلها لواصل بن عطا ، فما كان الحسن ممن يخالف السلف في ان القدر خيره وشره من اللّه تعالى فان هذه الكلمات كالمجمع عليها عندهم قال : والعجب انه حمل هذا اللفظ (الخير والشر كله من اللّه ) الوارد في الخبر ، على البلاء والعافية ، والشدة والرخاء ، والمرض والشفاء ، والموت والحياة ، الى غير ذلك من افعال اللّه تعالى ، دون الخير والشر ، والحسن والقبيح ، الصادرين من اكتساب العباد ، وكذلك اورده جماعة من المعتزلة في المقالات عن اصحابهم (39)
و للحسن البصري آرا معروفة في التفسير ، وكانت روايته المشهورة عن طريق عمرو بن عبيد الـمعتزلي (توفي سنة 144) ، واستخدمه الثعلبي في كتابه (الكشف والبيان ) وتوجد منه بقايا في تاريخ الطبري بهذه الرواية : (حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة عن ابن اسحاق عن عمرو بن عـبـيـد عـن الحسن ) قال شواخ : ويبدو ان الطبري كان يستخدم نقول ابن اسحاق ، كما قال فؤاد سزكين وتوجد بقايا كثيرة من هذا الكتاب في كتب التفسير (40)
و لـه ايـضـا (نـزول الـقـرآن ) وكـتـاب (الـعدد في القرآن ) ، على ما ذكره الاستاذ عادل نويهض(41).
________________________________
1- تـتـمـة الـمـنـتـهـى لـلـقـمي ، ص 7 وطبقات ابن سعد ، ج7 ، ق1 (ط ليدن ) ، ص 115 وتهذيب التهذيب ، ج2 ، ص 266.
عـن عـاصـم الاحـول ، قـلـت للشعبي : لك حاجة ؟ قال : نعم ، اذا اتيت البصرة فأقرا الحسن
2- مـنـي الـسـلام قـلـت : ما اعرفه ؟ قال : اذا دخلت البصرة فانظر الى اجمل رجل تراه في عينك ، واهيبه في صدرك فأقراه مني السلام.
3- طبقات ابن سعد ، ج7 ، ق1 ، ص 121.
4- قال قتادة : ما جالست فقيها قط الا رايت فضل الحسن عليه وقال ايوب : ما رات عيناي رجلا قط كان افقه من الحسن وقـال الاعمش : ما زال الحسن يعي الحكمة حتى نطق بها وكان اذا ذكر عند ابي جعفر الباقر(عليه السلام ) قال : (ذاك الذي يشبه كلامه كلام الانبياء) (تهذيب التهذيب ، ج2 ، ص 265). وقـال بلال بن ابي بردة : ما رايت رجلا قط لم يصحب النبى (صلى الله عليه واله ) اشبه بأصحاب رسول اللّه (صلى اله عليه واله ) مـن هـذا الشيخ ، يعني الحسن اشبه بهم منه
5- قـال مـطـر الـوراق : كـان جابر بن زيد (توفي سنة103 ) رجل اهل البصرة ، فلما ظهر الحسن ، جاء رجل كأنما كان في الاخرة ، فهو يخبر عما رأى وعاين (تهذيب التهذيب ، ج2 ، ص 264).
6- امالي الشريف المرتضى ، ج1 ، ص 162.
7- كان ذلك ايام ولاية الحجاج على البصرة .
8-تهذيب التهذيب ، ج2 ، ص 266 بالمتن والهامش .
9- قـال ابـن عـون : كـان الـحـسـن يـحـدث بالحديث وبالمعاني وقال جرير بن حازم : كان الحسن يحدثنا الحديث يختلف فيزيد في الحديث وينقص منه ، ولكن المعنى واحد (طبقات ابن سعد ، ج7 ، ق1 ، ص 115 ، ط ليدن ).
10- امـالـي الـمـرتـضـى ، ج1 ، ص 153 و162 ولـه كـلام يأتي فيه وصف علي (عليه السلام ) نقله المرتضى (المصدر ، ج1 ، ص 162).
11- تذكرة الاولياء ، ص 34.
12- مقدمة كتاب سليم بن قيس ، ص 65 ـ 66.
13- التقريب لابن حجر ، ج1 ، ص 165 رقم 263.
14- تهذيب التهذيب ، ج2 ، ص 266 ـ 270.
15- المصدر نفسه ، ص 266.
16- قاموس الرجال (ط الاولى ) ، ج3 ، ص 136 ـ 137.
17- كتاب الاحتجاج المنسوب الى الطبرسي (؟) (ط نجف ) ، ج1 ، ص 250.
18- على وزان (قبطي ) قيل : معناه الشيطان بالنبطية .
19- الـخـرائج والـجـرائح ، ج2 ، ص 547 رقـم 8 ، والبحار ، ج41 ، ص 302 رقم 33 ، وج42 ، ص 143 رقم 5.
20- الحشف : اردا التمر ، او اليابس الفاسد من التمر.
21- شرح النهج ، ج4 ، ص 95 ـ 96.
22- تهذيب التهذيب ، ج2 ، ص 264.
23- طبقات ابن سعد ، ج7 ، ق1 ، ص 114.
24- تهذيب التهذيب ، ج2 ، ص 270.
25- تهذيب التهذيب ، ج2 ، ص 266 ـ 270.
26- اللكع : الاحمق واللئيم .
27- شرح النهج ، ج4 ، ص 95 ـ 96.
28- كـنـز الـفوائد (ط حجرية ) ، ص 170 ونقله الجزائري في زهر الربيع ، ج2 ، ص 96 ـ 97 ، باختلاف في الترتيب مع نقص .
29-اسـمـه سـلـمـى ، وقـيـل : روح ، ابن عبد اللّه بن سلمى البصري قال ابن حجر : هو ابن بنت حميد بن عبد الرحمان الحميري مات سنة (167) كان من علما الناس بايامهم روى عن الحسن وابـن سـيـريـن والـشـعـبـي وعـكـرمـة وقـتادة وروى عنه ابن جريج ووكيع وابن عيينة وآخرون (تهذيب التهذيب ، ج12 ، ص 45).
30- امالي المرتضى ، ج1 ، ص 153 و162.
31- وفيات الاعيان ، ج2 ، ص 70.
32- تـحـف الـعـقـول (غـفـاري ) ، ص 231 وذكـر الكراجكي في كنز الفوائد ، ص 170 مع اختلاف يسير.
33- بـحـار الانـوار ، ج42 ، ص 142 ـ 143 رقـم 4 عـن امـالـي الصدوق مجلس 47 (ط نجف ) ، ص 389.
34- وهـم الـمـعـتـزلـة والامامية من الشيعة قالوا : كل شيء بقضاء اللّه وقدره ، وحتى افعال الـعـبـاد الاخـتـيـارية ، انما تقع باقداره تعالى ، وان كانت المعاصي انما تقع منهيا عنها غير مرضية لـديـه تعالى ، وان المكلفين انما يرتكبونها عن اختيارهم وعن اقداره تعالى ، اختبارا لهم وتصحيحا لـلـتـكليف وهذا معنى قول الحسن : (كل شيء بقضاء اللّه وقدره الا المعاصي ) ، لان اللّه لا يرضى لعباده الكفر ، فكيف يجبرهم عليه ؟ فالمعصية انما تقع لا عن رضى اللّه وكانت منهيا عنها البتة ، غير ان اللّه تعالى اقدر العباد على فعلها اختبارا ، ولولاه لم يصح التكليف ولا الذم والعقاب . اما الاشاعرة فراقهم القول بان (الخير والشر) كليهما من اللّه ، يقعان وفق ارادته تعالى ، السابقة عـلـى ارادة الـعـبـاد وان كـل ذلـك مـن فـعـل اللّه وليس من فعل العبد في شيء للشهرستاني ، ج1 ، ص 91 ـ الاشعرية ـ).
35- امالي المرتضى ، ج1 ، ص 153.
36- ميزان الاعتدال ، ج1 ، ص 483 عند ترجمة سمية البغدادي برقم 1828.
37-امالي المرتضى ، ج1 ، ص 153. 1035- ميزان الاعتدال ، ج1 ، ص 483 عند ترجمة سمية البغدادي برقم 1828.
38- الطبقات ، ج7 ، ق1 ، ص 122.
39- يـنـسـب لـه الـقـاضـي عـبـد الجبار رسالة في العدل والتوحيد ، ارسلها الى عبد الملك بـن مـروان (هـامش الاصول الخمسة ، ص 137) قال المحقق التستري : والرسالة رايتها في مكتبة الطهراني بكربلاء ، وهي كما قال الشهرستاني رسالة حسنة مشتملة على ادلة متقنة (قاموس الرجال ، ج3 ، ص 137).
40- الملل والنحل ، ج1 ، ص 47. 1039- معجم مصنفات القرآن الكريم ، ج2 ، ص 161 رقم 996.
41- معجم المفسرين ، ج1 ، ص 148.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|