أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-23
1142
التاريخ: 2024-01-27
1172
التاريخ: 21-7-2020
2214
التاريخ: 18-9-2019
1696
|
هو التحسر و التألم ، لفقد محبوب ، او فوت مطلوب , و هو أيضا كالاعتراض و الإنكار مترتب على الكراهة للمقدرات الإلهية.
والفرق : ان الكراهة في الاعتراض أشد من الكراهة في الحزن ، كما ان ضد الكراهة - اعني الحب في ضدهما - بعكس ذلك ، اي ظهوره في السرور الذي ضد الحزن أشد من ظهوره في الرضا الذي هو ضد الاعتراض.
فان الرضا هو منع النفس في الواردات من الجزع مع عدم كراهة و فرح ، و السرور هو منعها فيها عن الجزع مع الابتهاج و الانبساط , فالسرور فوق الرضا في الشرافة ، كما أن الحزن تحت الاعتراض في الخسة و الرذالة ، و سبب الحزن و شدة الرغبة في المشتهيات الطبيعية و الميل إلى مقتضيات قوتي الغضب و الشهوة ، و توقع البقاء للأمور الجسمانية , و علاجه : ان يعلم ان ما في عالم الكون و الفساد من : الحيوان ، و النبات ، و الجماد ، و العروض ، و الأموال ، في معرض الفناء و الزوال ، و ليس فيها ما يقبل البقاء ، و ما يبقى و يدوم هو الأمور العقلية ، و الكمالات النفسية المتعالية عن حيطة الزمان و حوزة المكان و تصرف الاضداد و تطرق الفساد ، و إذا تيقن بذلك زالت عن نفسه الخيالات الفاسدة ، و الاماني الباطلة. فلا يتعلق قلبه بالأسباب الدنيوية ، و يتوجه بشراشره إلى تحصيل الكمالات العقلية ، و السعادات الحقيقية الموجبة للاتصال بالجواهر النورية الباقية ، و المجاورة للانوار القادسة الثابتة ، فيصل إلى مقام البهجة و السرور، و لا تلحقه احزان عالم الزور، كما أشير إليه في الكتاب الإلهي بقوله : {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس : 62] .
وفي اخبار داود (عليه السلام): «يا داود! ما لاوليائي و الهمّ بالدنيا؟ ان الهم يذهب حلاوة مناجاتي من قلوبهم ، ان محبي من اوليائي ان يكونوا روحانيين لا يغتمون».
والحاصل : ان حب الفانيات و التعلق بما من شأنه الفوات خلاف مقتضى العقل ، و حرام على العاقل أن يفرح بوجود الأمور الفانية ، أو يحزن بزوالها , و لقد قال سيد الأوصياء - عليه آلاف التحية و الثناء- : «ما لعلي و زينة الدنيا، و كيف افرح بلذة تفنى ، و نعيم لا يبقى؟!» بل ينبغي أن يرضى نفسه بالموجود ، و لا يغتم بالمفقود ، و يكون راضيا بما يرد عليه من خير و شر.
وقد ورد في الآثار : «ان اللّه - تعالى- بحكمته و جلاله ، جعل الروح و الفرح في الرضا و اليقين» ، و من رضى بالموجود و لا يحزن بالمفقود، فقد فاز بأمن بلا فزع ، و سرور بلا جزع ، و فرح بلا حسرة ، و يقين بلا حيرة ، و ما لطالب السعادة أن يكون أدون حالا من سائر طبقات الناس ، فان كل حزب بما لديهم فرحون ، كالتاجر بالتجارة ، و الزارع بالزراعة ، بل الشاطر بالشطارة ، و القواد بالقيادة ، مع أن ما هو السبب و الموجب المفرّح في الواقع و نفس الامر ليس إلا لأهل السعادة و الكمال ، و ما لغيرهم محض التوهم و مجرد الخيال. فينبغي لطالب السعادة أن يكون فرحانا بما عنده من الكمالات الحقيقية ، و السعادات الأبدية ، ولا يحزن على فقد الزخارف الدنيوية ، و الحطام الطبيعية ، و يتذكر ما خاطب اللّه به نبيه (صلى الله عليه واله) : { وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه : 131] .
ومن تصفح فرق الناس ، يجد أن كل فرقة منهم فرحهم بشيء من الأشياء ، و به اهتزازهم و قوامهم و نظام امرهم , فالصبيان فرحهم باللعب و تهيئة أسبابه ، و هو في غاية القبح و الركاكة عند من جاوز مرتبتهم.
والبالغون حد الرجولية ، بعضهم فرحان بالدرهم و الدينار، و بعضهم بالضياع و العقار، و آخر بالاتباع و الأنصار ، و فرقة بالنسوان و الأولاد ، و طائفة بالحرف و الصنايع ، و بعضهم بالحسب و النسب ، و الآخر بالجاه و المنصب ، و بعضهم بالقوة الجسمانية ، و آخر بالجمال الصوري ، و طائفة بالكمالات الدنيوية : كالخط ، و الشعر ، و حسن الصوت ، و الطب ، و العلوم الغريبة ، و غير ذلك ، حتى ينتهي إلى من لا يفرح إلا بالكمالات النفسية و الرياسات المعنوية ، و هم أيضا مختلفون ، فبعضهم غاية فرحه بالعبادة و المناجاة ، و آخر بمعرفة حقائق الأشياء ، حتى يصل إلى من ليس فرحه إلا بالأنس بحضرة الربوبية ، و الاستغراق في لجة أنواره ، و سائر المراتب عنده فيء زائل و خيال باطل.
و لا ريب في أن العاقل يعلم أن ما ينبغي أن يفرح و يبتهج به حصول هذه المرتبة ، و سائر الأمور كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء , فلا ينبغي للعاقل أن يحزن بفقدها و يفرح بوجودها. ثم ، من تأمل ، يجد أن الحزن ليس أمرا وجوديا لازما ، بل هو أمر اختياري يحدثه الشخص في نفسه بسوء اختياره , إذ كلما يفقد من شخص و يحزن لأجله ليس موجودا لكثير من الناس بل ربما لم يملكوه في مدة عمرهم أصلا ، و مع ذلك لا تجدهم محزونين على عدمه ، بل فرحون راضون ، و لو كان الحزن لازما لفقد هذا الامر لكان كل من فقده محزونا ، و ليس كذلك , و أيضا كل حزن يعرض لأجل مصيبته يزول بعد زمان و يتبدل بالسرور، و لو كان الحزن لاجلها أمرا ضروريا لازما لما زال أصلا.
ثم العجب من العاقل أن يحزن من فقد الأمور الدنيوية ، مع أنه يعلم ان الدنيا دار الفناء ، و زخارفها متنقلة بين الناس ، و لا يمكن بقاؤها لأحد ، و جميع الأسباب الدنيوية ودائع اللّه ينتقل إلى الناس على سبيل التبادل و التناوب , و مثلها مثل شمامة تدار في مجلس بين أهله على التناوب ، يتمتع بها في كل لحظة واحد منهم ، ثم يعطيها غيره , فطامع البقاء للحطام الدنيوية كمن طمع في ملكية الشمامة و اختصاصها به ، إذا وصلت إليه نوبة الاستمتاع ، و إذا استردت منه عرض له الحزن و الخجلة , و ما المال و الأهلون الا ودائع ، و لا بد يوما أن ترد الودائع. فلا ينبغي للعاقل أن يغتم و يحزن لأجل رد الوديعة ، كيف و الحزن بردها كفران للنعمة؟ , اذ أقل مراتب الشكر ان ترد الوديعة إلى صاحبها على طيب النفس ، لا سيما اذا استرد الاخس اعني الخبائث الدنيوية ، و بقى الأشرف- اعني النفس و كمالاتها العلمية و العملية- ، فينبغي لكل عاقل الا يعلق قلبه بالأمور الفانية ، حتى لا يحزن بفقدها .
قال سقراط : «إنى لم أحزن قط ، إذ ما أحببت قط شيئا حتى أحزن بفوته ، و من سره الا يرى ما يسوؤه ، فلا يتخذ شيئا يخاف له فقدا» .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|