أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-9-2016
268
التاريخ: 29-9-2016
288
التاريخ: 29-9-2016
334
التاريخ: 29-9-2016
276
|
الوضوء في اللغة اسم مصدر بمعنى النظافة، من وضوء من باب شرف صار نظيفا حسنا، وتوضأ بالماء تنظف واغتسل، والوضوء بالفتح ما يتوضأ به، وفي النهاية : قد تكرر في الحديث ذكر الوضوء والوضوء فالوضوء بالفتح الماء الذي يتوضأ به كالفطور والسحور، والوضوء بالضم التوضؤ والفعل نفسه وقد أثبت سيبويه الوضوء والطهور والوقود بالفتح في المصادر فهي تقع على الاسم والمصدر، وأصل الكلمة من الوضاءة وهي الحسن ووضوء الصلاة معروف ، انتهى.
أقول يعرف من ذلك كله ان إطلاق الوضوء على الفعل الخاص لكونه سببا للنظافة والحسن في الظاهر وللنضارة والطهارة من ظلمة الذنوب في الباطن.
وأما معناه المصطلح عليه في الفقه والذي صارت الكلمة فيه حقيقة شرعية ومتشرعية، فهو أنه عبادة خاصة متوقفة على النية اخترعها الشارع وجعلها شطرا من الدين وجزءا من العبادات، لها جهة نظافة ظاهرية وطهارة باطنية، وهي محبوبة في نفسها ومطلوبة لغيرها. وفي الحديث إنما أمر اللّه به ليكون العبد ذاهب الكسل والنعاس، نقيا من الأدناس، طاهرا عند مناجاة ربه، زكي الفؤاد للقيام بين يديه، وهو طهور ولا صلاة إلّا بطهور، وهو افتتاح للصلاة، وقد أوضحوا ماهيته الشرعية ومفهومه الاصطلاحي بذكر أجزائه وشرائطه وموانعه ونواقضه وغاياته، فهنا جهات من الكلام.
الأولى: في بيان أجزاء الوضوء فنقول انه عندنا مركب من ثلاث غسلات وثلاث مسحات، وعبر عنه أيضا في النصوص بأنه غسلتان ومسحتان، وهو عند مخالفينا ثلاث غسلات ومسحة وغسلتان، ولم يعبر في الكتاب الكريم عنه باسمه المعروف بل بشرح أجزائه قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] وحمل الآية المباركة على بيان ما عندنا من حقيقته أظهر لفظا وأنسب معنى مما ذكره العامة، ومرجع الفرق بين المسلكين بالنظر إلى ظاهر الآية الشريفة، إلى عطف الأرجل إلى الوجوه أو إلى محل الرؤوس، وأما بالنظر إلى الأدلة الخارجية فالمسألة واضحة المفاد قاطعة الدليل، وقد فصلوا في الفقه أحكام كل من الغسلات والمستحبات بعد التحقيق في أطرافها، وفرعوا على ذلك فروعا ترجع إلى إتيانها صحيحة تامة عند الشارع مطابقة لأمره، كوجوب كون الغسل من الأعلى، وإحاطته بجميع الأعضاء، وغسل اليدين من المرفق إلى أطراف الأصابع وعدم العكس، ووجوب رفع المانع من محل الغسل والمسح، وعدم المسح على القناع والجورب ونحوهما إلّا لتقية.
الجهة الثانية: فيما ذكروه من شرائطه، وهي الأمور الدخيلة في تأثير الإجزاء فيما هو ملاك الطلب ومناط الأمر من المصالح الكامنة في الأفعال، وهي كثيرة أحدها إطلاق الماء وعدم إضافته، ثانيها طهارته وعدم نجاسته، ثالثها إباحة الماء، والظرف، والمكان بمعنى الفضاء الذي تقع فيه أفعال الوضوء، ومصب الماء على اختلاف في غير الأول، رابعها سعة الوقت للوضوء والصلاة وإلّا انتقل إلى التيمم، خامسها الإتيان بالأفعال مباشرة مع القدرة، سادسها الترتيب بين الأفعال بتقديم الغسلات على المسحات، وتقديم غسلة الوجه على اليدين وغسلة يمناهما على يسراهما، وتقديم مسحة الرأس على الرجلين، وعدم تقديم مسحة يسراهما على يمناهما، وأشرنا إلى شيء من ذلك تحت عنوان الترتيب فراجع، سابعها الموالاة بين الأفعال بمعنى حصول التتابع العرفي بينها وان جف السابق من أعضاء الغسل قبل الشروع في اللاحق، أو عدم حصول الجفاف في أعضاء الغسل وان لم يحصل التتابع، ثامنها النية أي القصد إلى الفعل بداعي التقرب إلى اللّه أو إحدى الجهات المصححة لعبادية العمل.
الجهة الثالثة: فيما ذكروه من موانعه التي تجب إزالتها وهي التي تمنع تأثير الأجزاء في ملاكاتها الموجبة لتعلق الطلب بها وهي أيضا أمور:
أولها وجود المانع عن وصول الماء أو الرطوبة إلى أعضاء الغسل والمسح، ثانيها غصبية الماء والظرف والفضاء الذي يقع فيه الوضوء ومصب الماء على اختلاف في غير الأول، ثالثها كون الظرف من الذهب أو الفضة إذا كان يتوضأ برمس الأعضاء فيه أو يصب به الماء على أعضائه، رابعها عدم كون ماء الوضوء مستعملا في رفع الخبث كماء الاستنجاء ولو كان طاهرا وأما المستعمل في الحدث الأكبر ففيه اختلاف، خامسها عدم وجود مرض أو خوف عطش في المتوضي أو في غيره بحيث لو توضأ حصل التضرر.
الجهة الرابعة: فيما ذكروه من نواقضه، وهي الأمور التي تكون مزيلة للطهارة ولآثارها فتزول وتنتفي بمجرد حدوثها، وهي في الحقيقة نواقض بالقوة وفعليتها تتوقف على مصادفتها الطهارة الفعلية وهي أمور:
الأول خروج البول من المخرج المتعارف طبعا أو عرضا ، الثاني خروج الغائط كذلك ، الثالث خروج الريح من مخرج الغائط إذا كان من الأمعاء ، الرابع النوم الغالب على القلب والسمع ، الخامس كل ما أزال العقل مثل الإغماء والسكر والجنون ، السادس خروج دم الاستحاضة القليلة ، السابع الجنابة ، الثامن خروج البلل المشتبه ممن اغتسل من الجنابة بالإنزال، التاسع مس الميت الإنساني بعد البرد وقبل الغسل، العاشر خروج دم الحيض من المرأة، الحادي عشر خروج دم النفاس منها، الثاني عشر خروج دم الاستحاضة المتوسطة والكثيرة.
ثم انه قد يطلق عليها اسم السبب والموجب وفيه مسامحة فإنه لا تأثير لها إلّا في بطلان الطهارة السابقة، وأما وجوبها بعدها فليس مسببا عنها، بل عن الغايات التي أوجبت طلبها، نعم الستة الأخيرة سبب وموجب للغسل وهو أمر آخر.
تنبيه: فرعوا على ذكر النواقض انه إذا شك المتطهر في طرو بعضها بنى على عدمه استصحابا، وأنّ خروج الدم وغيره من الرطوبات من المخرجين لا يكون ناقضا، وأنّ هنا رطوبات ثلاث تشبه البول والمني وتخرج من مخرجها أحدها ما يخرج بعد الملاعبة ويسمى مذيا، وثانيها ما يخرج بعد خروج المني ويسمى وذيا، وثالثها ما يخرج بعد خروج البول ويسمى وديا وكلها طاهر غير ناقض، إلى غير ذلك.
الجهة الخامسة: فيما ذكروه من غاياته والمراد بها هنا ما للوضوء نوع دخل فيه تعبدا، وهي أقسام.
الأول: ما يكون الوضوء سببا لحدوثه وتحققه كالكون على الطهارة.
الثاني: ما يكون شرطا لصحته كالصلوات الواجبة عدا صلاة الميت، والصلوات المندوبة، والطواف الواجب، أعني ما يكون جزءا من حج أو عمرة مطلقا.
الثالث: ما يكون رافعا لحرمته، كمس كتابة المصحف الشريف.
الرابع: ما يكون رافعا لكراهته، كأكل الجنب وشربه ونومه وجماعة وتغسيله الميت وذكر الحائض في مصلاها مقدار الصلاة، والوضوء في هذا القسم مطلوب حال الحدث الأكبر.
الخامس: ما يكون سببا لكماله كالطواف المندوب وهو ما لا يكون جزءا من عمرة أو حج، والإتيان بمناسك الحج عدا صلاة الطواف والطواف الواجب، ودخول المساجد، ودخول المشاهد المشرفة، وصلاة الأموات، وزيارة أهل القبور، وقراءة القرآن أو كتابته، أو لمس حواشيه أو حمله، والدعاء وطلب الحاجة، وزيارة الأئمة (عليهم السّلام) ولو من بعيد، وسجدة الشكر والتلاوة، والأذان والإقامة، ودخول الزوج على الزوجة ليلة الزفاف بالنسبة لكل منهما، وورود المسافر على أهله.
السادس: ما دل الدليل على استحباب الوضوء لأجله فكان غاية تعبدية كالتهيّؤ للصلاة في وقتها فيؤتى به قريبا من الوقت، والنوم، ومقاربة الحامل، وجلوس القاضي في مجلس القضاء.
ثم إنّ هنا مسائل:
إحداها: انه لا إشكال في كون الوضوء رافعا للحدث في القسم الأول وعدم كونه رافعا له في القسم الرابع، ومعنى كونه رافعا أو شرطا أحد وجهين امّا القول بان المطلوب في الحقيقة طهارة النفس الحاصلة بالوضوء فهو مقدمة محصلة لها، أو كون المطلوب نفس الوضوء وعنوان تقدمه على الغايات.
ثانيتها: انه لو قلنا باستحباب الوضوء بنفسه ولو لم يقصد غاية فهو بطبعه الأولى مندوب غير واجب، واما بناء على عدم ذلك وكون مطلوبيته للغايات يكون تابعا لها مقدمة، فان وجبت وجب وان استحبت استحب.
ثالثتها: انه يباح بالوضوء الذي يؤتى به بقصد إحدى الغايات غير الرابعة منها، جميعها كما يباح الجميع إذا قصد الجميع، واما الرابعة فلا يباح بوضوئها شيء من غايات غيرها، واما إباحة سائر ما يشاركها في الغاية ففيه إشكال لا سيما إذا لم يقصد الجميع.
رابعتها: انه لو اجتمعت الغايات الواجبة والمندوبة كان الوضوء واجبا مؤكدا لا واجبا ومندوبا لاستحالة اجتماع المثلين فيجوز قصد الإيجاب، أو المرتبة الخاصة التي أورثها الاستحباب، وقصد الملاك وسائر ما يصح به عبادية العبادة - فتأمل.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|