أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2016
1883
التاريخ: 11-9-2016
235
التاريخ: 11-9-2016
1870
التاريخ: 11-9-2016
816
|
ويقع البحث فيه عن دوران الفعل بين الوجوب والحرمة ، وذلك معناه انّ ثمّة علما اجماليا بجامع التكليف الإلزامي والشك انّما هو في ماهيّة ذلك التكليف الإلزامي وهل هو الوجوب أو الحرمة.
ومثاله : ما لو علم المكلّف بأنّ تكليفا إلزاميا متوجها اليه تجاه هذا الميت ، هذا التكليف هو إمّا وجوب تجهيزه أو حرمة تجهيزه ، فهنا ان قام بتجهيزه فإنّه يحتمل ارتكابه للحرمة لاحتمال انّ التكليف واقعا هو الحرمة ، وان ترك تجهيزه فإنّه يحتمل تركه للواجب لاحتمال انّ التكليف واقعا هو الوجوب ، فالمكلّف بين محذورين.
وبهذا يتّضح خروج دوران الأمر بين الوجوب والحرمة والكراهة مثلا أو الاستحباب عن محل البحث ، وذلك لأنّ هذا الفرض لا يرجع الى علم اجمالي بجامع التكليف الإلزامي ، إذ من المحتمل ان يكون الواقع هو الكراهة ، ولا ريب حينئذ في جريان البراءة عن الوجوب والحرمة. وبتعبير آخر انّ مآل هذا الفرض الى دوران الأمر بين التكليف الإلزامي والتكليف غير الإلزامي ، فلا يكون من العلم الإجمالي المنجّز.
وباتّضاح ذلك نقول انّهم ذكروا لدوران الأمر بين المحذورين ثلاثة أقسام :
القسم الاول : دوران الأمر بين المحذورين في التوصليات على أن يكون مورد الشك فعلا واحدا.
وهنا يستحيل على المكلّف الموافقة القطعيّة كما تستحيل المخالفة القطعيّة ، أمّا استحالة الموافقة القطعيّة فلأنّ المكلّف إمّا أن يمتثل الوجوب أو يمتثل الحرمة فلا يتمكّن من امتثالها معا لافتراض انّ مورد الشك فعل واحد وبامتثال أحدهما دون الآخر لا يحصل الجزم بموافقة الواقع، وأمّا استحالة المخالفة القطعيّة فلأنّ المكلّف أما انّه سيقوم بالفعل أو سيتركه وعلى كلا التقديرين يحتمل مطابقة ما قام به للواقع ، وذلك لافتراض توصّلية التكليف ، فلو صدر منه الفعل فإنّ من المحتمل امتثاله للتكليف الواقعي حتى مع عدم قصد الامتثال والقربة ، وهكذا لو ترك الفعل.
ومثال هذا القسم ما لو دار الأمر بين وجوب دفن هذا الميت أو حرمة دفنه ، فإنّ الدفن لو كان واجبا لكان توصليا غير منوط بقصد القربة ، فما هو الأصل الجاري في هذا الفرض؟
ذكر السيّد الخوئي رحمه الله انّ في الفرض المذكور خمسة أقوال :
الأوّل : لزوم تقديم جانب الحرمة ، وذلك لأنّ دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة.
الثاني : انّ الأصل الجاري في المقام هو التخيير الشرعي.
الثالث : انّ الأصل الجاري هو الإباحة الشرعيّة والتخيير العقلي ، وهو مختار صاحب الكفاية رحمه الله.
الرابع : انّ الأصل الجاري هو التخيير العقلي دون أن يكون لهذا الفرض أصل شرعي ، وهو مختار المحقّق النائيني رحمه الله.
الخامس : انّ الأصل الجاري هو البراءة الشرعيّة والعقليّة ، بمعنى جريان أصالة البراءة عن الوجوب والحرمة معا ، وهو مختار السيّد الخوئي رحمه الله.
القسم الثاني : دوران الأمر بين المحذورين في التعبديات على أن يكون مورد الشك فعلا واحدا، كما لو دار الأمر بين وجوب الصلاة على المرأة أو حرمتها لاحتمال تحيّضها وطهرها ولم يكن من الممكن اجراء استصحاب أحدهما مع افتراض حرمة الصلاة من الحائض حتى مع عدم قصد القربة.
وهنا ذكر السيّد الخوئي رحمه الله امكان المخالفة القطعيّة واستحالة الموافقة القطعيّة ، أمّا امكان المخالفة القطعيّة فلأنّه يمكن للحائض ان تصلي بغير قصد القربة ، وحينئذ تكون قد خالفت التكليف المعلوم بالإجمال قطعا ، وذلك لأنّه لو كان الواقع هو وجوب الصلاة لكانت هذا المرأة قد خالفت الواقع لأنّ ما صدر عنها من صلاة لم يكن بقصد القربة ولو كان الواقع هو حرمة الصلاة لكانت قد خالفت الواقع لقيامها بصورة الصلاة ، وقد افترضنا انّ الحرمة ثابتة لأصل القيام بالصلاة ولو من غير قصد القربة.
وأمّا استحالة الموافقة القطعيّة فواضح لأنّه من غير الممكن ان تقطع المرأة بأداء التكليف سواء أدّت الصلاة بقصد القربة أو تركتها أو صلتها بغير قصد القربة ، ففي تمام هذه الحالات يبقى احتمال منافاة فعلها للواقع.
وفي هذا الفرض ذهب السيّد الخوئي رحمه الله الى تنجّز العلم الإجمالي إلاّ انّه لما كانت الموافقة القطعيّة مستحيلة فيتعيّن على المكلّف حرمة المخالفة القطعيّة لا مكانها كما ذكرنا ، وذلك لأنّ منجزيّة العلم الإجمالي تعني وجوب الموافقة القطعيّة وحرمة المخالفة القطعيّة ، وتعذّر احداهما لا يبرّر سقوط الاخرى.
القسم الثالث : دوران الأمر بين المحذورين مع افتراض انّ متعلّق الوجوب غير متعلّق الحرمة، وهذا القسم لا يختلف الحال فيه بين التعبديات والتوصليات ، وله صورتان :
الصورة الاولى : هي افتراض انّ زمان التكليفين واحد ، ومثاله ما لو حلف المكلّف بأن يطأ احدى زوجتيه المعيّنة يوم الجمعة وان يترك وطأ الأخرى المعينة يوم الجمعة أيضا إلاّ انّه شك بعد ذلك في أيّهما التي حلف ان يطأها الصغيرة أو الكبيرة ، وحينئذ يدور الأمر كذلك بين وجوب وطأ الكبيرة وحرمة وطئها ، وعندئذ قد يقال بالتخيير بين وطأ الصغيرة وعدم وطئها ، وكذلك التخيير بين وطأ الكبيرة وعدم وطئها ، وهذا القول ـ كما أفاد السيّد الخوئي رحمه الله ـ غير تام ، وذلك لاستلزامه الترخيص في المخالفة القطعيّة رغم امكان عدم المخالفة القطعيّة.
أمّا استلزامه للترخيص في المخالفة القطعيّة فلأنّه يمكن للمكلّف ـ بناء على التخيير ـ ان يترك وطأ كل من الصغيرة والكبيرة أو ان يطأهما معا ، وحينئذ يكون قد خالف الواقع جزما كما هو واضح.
وامّا امكان عدم المخالفة القطعيّة فلأنّ هذا الفرض ينحل روحا الى علمين اجماليين ، الاول هو العلم بوجوب وطأ احدى الزوجتين ، والثاني هو العلم الإجمالي بحرمة وطأ احدى الزوجتين ، ومقتضى الاول هو وجوب وطأ الزوجتين ، كما انّ مقتضى الثاني هو حرمة وطأ الزوجتين ، ولمّا كان الجمع بين وطئهما معا وترك وطئهما معا مستحيل فحينئذ تكون الموافقة القطعيّة غير واجبة إلاّ انّ المخالفة القطعيّة لمّا كانت ممكنة بواسطة ترك كلا الوطأين أو فعلهما معا حينئذ يتنجّز العلم الإجمالي بمقدار عدم المخالفة القطعيّة فيلزم المكلّف عدم المخالفة القطعيّة ، وذلك عن طريق وطأ احداهما وترك الاخرى.
الصورة الثانية : هي افتراض الطوليّة بين التكليفين ، ومثاله ما لو حلف بأن يطأ زوجته في وقت وحلف بأن يترك وطأها في وقت آخر إلاّ انّه اختلط عليه الأمر من جهة أيّ الزمانين هو متعلّق الحلف بالوطء وأيّهما متعلّق الحلف بترك الوطء.
والاصل الجاري في هذا الفرض يبتني ـ كما أفاد السيّد الخوئي رحمه الله ـ على ما هو المبنى في العلم الإجمالي بالتدريجيات ، فبناء على منجزيّة العلم الإجمالي في التدريجيات تكون النتيجة متّحدة مع نتيجة الصورة الاولى بنفس التقريب ، بأن يقال انّ هذا الفرض ينحلّ الى علمين اجماليين ، الاول هو العلم بوجوب الوطء إمّا في الزمان الاول أو الثاني وهذا يقتضي وجوب الوطء في الزمانين ، والثاني هو العلم الإجمالي بحرمة الوطء إمّا في الزمان الاول أو الثاني وهو يقتضي الحرمة في الزمانين ، ولمّا كانت الموافقة القطعيّة مستحيلة كما هو واضح ، إذ لا يمكن الجمع بين الوطء وتركه في الزمانين معا تسقط المنجّزية عن العلم الإجمالي من جهة الموافقة القطعيّة ، ولمّا كانت المخالفة القطعيّة ممكنة بترك الوطء في الزمانين أو فعله في الزمانين من أجل ذلك يكون العلم الإجمالي منجزا من جهة المخالفة القطعيّة ، بمعنى انّ المكلّف ملزم بعدم المخالفة القطعيّة ، فإمّا أن يترك الوطء في الزمان الاول ويفعله في الثاني أو العكس، وعندها تنتفي المخالفة القطعيّة وتحصل الموافقة الاحتماليّة.
وأمّا بناء على عدم منجزيّة العلم الإجمالي في التدريجيّات فالنتيجة تكون هي ملاحظة كلّ زمن على حدة ، وعندئذ يدور أمر الوطء في الزمان الاول بين الوجوب والحرمة وكذلك في الزمن الثاني ، ويكون الأصل الجاري في الزمن الاول هو التخيير وكذلك الثاني.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|