أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-6-2019
772
التاريخ: 8-9-2016
804
التاريخ: 10-9-2016
344
التاريخ: 9-9-2016
296
|
وقع النزاع في مسألة اجتماع الأمر والنهي على شيء واحد من حيث الجواز والامتناع ، فقد ذكر صاحب الكفاية رحمه الله انّ المشهور ذهبوا الى امتناع الاجتماع مطلقا وذهب آخرون الى جواز الاجتماع مطلقا ، وفصّل البعض بين ما يقتضيه العقل وما يقتضيه المتفاهم العرفي ، فما يقتضيه العقل هو إمكان الاجتماع وأما ما يقتضيه الفهم العرفي فهو الامتناع.
إلاّ انّه نسب الى المحقق البروجردي إنكار صحة نسبة القول بالامتناع الى المشهور ، وبرّر ذلك بأنّ الذي أوهم بناء المشهور على الامتناع هو اشتهار الفتوى بينهم بفساد الصلاة في الأرض المغصوبة ، والحال انّ ذلك لا يلازم القول بالامتناع ، إذ لعلّ المدرك الذي اعتمدوه هو عدم صلوح الحرام لأن يتقرب به للمولى ، وهذا القول يمكن ان يتبناه القائلون بالجواز.
وكيف كان فتحرير محل النزاع يقتضي بيان امور :
الأمر الأول:
انّه لا نزاع في استحالة تعلّق الأمر والنهي بعنوان واحد كتعلّق الأمر والنهي بالصلاة مثلا ، وذلك لما ثبت في محلّه من تضاد الاحكام فيما بينها ، فتعلّق الأمر بشيء معناه انّ متعلق الامر محبوب للمولى كما انّ تعلّق النهي بشيء معناه مبغوضية متعلّق النهي للمولى ، فإذا كان متعلّق الامر ومتعلّق النهي شيئا واحدا فهذا يعني انّ هذا المتعلّق محبوب ومبغوض في آن واحد ، واستحالة ذلك من الوضوح بحيث تستوجب صرف النزاع عن هذا الفرض ـ وان أوهمت عبائر البعض انّ ذلك هو محل النزاع ـ وعليه فمورد النزاع في هذه المسألة فرض آخر ، وهو ما لو تعلّق الأمر بعنوان وتعلق النهي بعنوان آخر واتفق ان تصادق العنوانان على مورد واحد ، كما لو كان متعلّق الأمر هو الصلاة ومتعلّق النهي هو الغصب واتفق ان تطابق عنوانا الصلاة والغصب على مورد واحد بأن وقعت الصلاة في الأرض المغصوبة.
وهنا يقع البحث عن انّ مورد التصادق هل هو واحد حقيقة أو هو متعدّد وان التركيب بينهما انضمامي ، فلو كنا نبني على انّ مورد التصادق متّحد حقيقة وان تعدد العنوان لا يوجب تعدّد المعنون وانّ النهي يسري من متعلّقه ـ وهو طبيعة المنهي عنه ـ الى منطبق متعلّق الأمر لو كنا نبني على ذلك لكان ذلك يستلزم البناء على الامتناع وأما لو كنّا نبني على انّ تعدد العنوان يوجب تعدّد المعنون وان النهي لا يسري من متعلّقه الى منطبق متعلّق الأمر وكذلك العكس فلا بدّ من الالتزام بجواز الاجتماع.
وبهذا اتضح انّ محل النزاع في مسألة اجتماع الأمر والنهي صغروي ، وذلك لانّ الكبرى وهي استحالة ان يكون شيء واحد متعلقا للأمر والنهي مسلّمة حتى عند القائلين بالجواز. فالبحث اذن انّما هو عن انّ مورد التصادق هل هو واحد حقيقة فيكون من صغريات الكبرى المسلّمة أو انّ الواقع هو انّ ما تعلّق به النهي غير ما تعلّق به الأمر وان متعلّق النهي لا يسري لمنطبق المأمور به فلا تكون المسألة من صغريات الكبرى المسلمة ولا يكون ثمة مانع من اجتماع الامر والنهي على مورد التصادق بعد ان لم يكن مورد التصادق واحدا حقيقة وذلك لأنّ تعدد العنوان يوجب تعدّد المعنون.
الأمر الثاني:
انّ المراد من الواحد المأخوذ في عنوان المسألة هو الواحد المقابل للمتعدّد لا الواحد المقابل للكلّي.
وبيان ذلك : انّه قد يكون متعلّق الأمر غير متعلّق النهي بمعنى انّ متعلّقيهما شيئان متغايران ، وقد يكون متعلّق الأمر متّحدا مع متعلّق النهي والثاني هو مورد البحث والاول هو ما أردنا الاحتراز عنه بواسطة التعبير بالواحد.
ومن هنا قلنا ان المراد من الواحد في المقام هو المقابل للمتعدّد والذي يكون معه متعلّق الأمر مباينا لمتعلّق النهي وان كان عنوان المأمور به وعنوان المنهي عنه متحدين مفهوما إلاّ انّ الأمر تعلّق بحصة منه والنهي تعلّق بحصة اخرى كما في الأمر بالسجود لله جلّ وعلا والنهي عن السجود للصنم ، فإنّ متعلّق أحدهما لا يتحد مع متعلّق الآخر دائما ، فلا يمكن ان يتفق تصادق عنواني السجود لله جلّ وعلا والسجود للصنم على مورد واحد ، فدائما يكون مصداق أحدهما مباينا لمصداق الآخر ، وهذا بخلاف عنوان الصلاة وعنوان الغصب فإنّه قد يتفق اتحادهما على مورد واحد ، ففي الوقت الذي تكون الافعال الخاصة مصداقا لعنوان الصلاة تكون مصداقا لعنوان الغصب ، وذلك فيما لو أوقع المكلّف الصلاة في الأرض المغصوبة ، فإنّ الحركات المخصوصة التي يوقعها المكلّف في الارض المغصوبة تكون متعلقا للأمر وفي الوقت نفسه تكون متعلقا للنهي ، فليس ثمة شيئان متغايران أحدهما متعلق للأمر والآخر متعلّق للنهي ، وهذا هو المقصود من الواحد المأخوذ في عنوان المسألة ، لا انّ المقصود من الواحد هو المقابل للكلّي حتى يكون المراد منه الواحد الشخصي الذي لا يقبل الصدق على غيره بل الواحد في المقام قد يكون كليا وعليه يكون المراد من الواحد الأعم من الواحد الشخصي أو الواحد النوعي أو الجنسي. فالمقصود هو كلما كان موردا لتصادق متعلّقي الأمر والنهي ، فالصلاة في المغصوب والتي هي مورد لاجتماع الأمر والنهي ليس واحدا شخصيا ، وذلك لقابلية صدق هذا العنوان على أفراد كثيرة.
الأمر الثالث:
في بيان الفرق بين مسألة اجتماع الأمر والنهي وبين مسألة النهي في العبادات هل يقتضي الفساد.
فنقول : انّ الفرق بينهما ـ كما أفاد السيد الخوئي رحمه الله ـ انّما هو من جهة البحث ، وذلك لأنّ البحث في المسألة الاولى صغروي ـ كما اتضح مما تقدم ـ حيث قلنا انّ محل البحث فيها هو انّ النهي هل يسري من متعلّقه الى منطبق متعلّق الأمر أو لا ، فلو قلنا بالسريان فالنتيجة هي الامتناع ولو قلنا بعدمه فالنتيجة هي الجواز.
وأما البحث عن مسألة النهي في العبادات فهو بحث كبروي ، وذلك لأنّ جهة البحث عنها هي انّه هل يلزم من النهي عن العبادة فسادها أو لا يلزم ، وهذا يعني اننا قد فرغنا عن تعلّق النهي بالعبادة أي عن سريان النهي الى منطبق متعلّق الامر وهي العبادة ، ونبحث عندئذ عن انّ هذا السريان هل يوجب فساد العبادة أو لا. وهو بحث كبروي.
الأمر الرابع :
انّه بناء على القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي يقع التعارض بين دليلي الأمر والنهي ، إذ انّ مقتضى دليل الأمر هو وجوب مورد التصادق ومقتضى دليل النهي هو حرمة مورد التصادق ، وعندئذ يقع التكاذب بين مدلولي الدليلين فلا بدّ من الرجوع الى أحكام باب التعارض لترجيح أحد الدليلين على الآخر أو الحكم بتساقطهما ولو في مورد التصادق أو التخيير بينهما على اختلاف المباني.
وببيان أوضح : إنّ البناء على الامتناع ناشئ عن دعوى اتّحاد مورد التصادق حقيقة وأنّ منطبق متعلّق الأمر هو عينه منطبق متعلّق النهي وانّه ليس ثمة شيئان أحدهما منطبق لعنوان المأمور به والآخر منطبق لعنوان المنهي عنه ، فليس في البين سوى شيء واحد ، واذا كان كذلك فهذا الشيء الواحد حقيقة مأمور به لأنّه مصداق لطبيعة المأمور به ومنهي عنه لأنه مصداق لطبيعة المنهي عنه وهو من اجتماع الحكمين المتضادين على موضوع واحد ، وهو مستحيل ، وعندئذ يحصل الجزم بعدم مطابقة أحد الحكمين للواقع وهذا ما يعني انّ واحدا من الدليلين كاذب ، ولمّا لم نكن نعلم أيّ الدليلين هو الكاذب وأيّهما المطابق للواقع فلا محاله يكون المرجع هو أحكام باب التعارض.
وأما بناء على القول بالجواز فالمرجع هو أحكام باب التزاحم ، وذلك لانّ البناء على الجواز ناشئ عن دعوى عدم اتحاد مورد التصادق حقيقة وانّ الواقع ونفس الأمر هو انّ منطبق المأمور به مغاير لمنطبق المنهي عنه فلا يسري النهي من متعلّقه الى منطبق المأمور به ، إذ انّ أحدهما غير الآخر وان الاتحاد بينهما من قبيل التركيب الانضمامي ، وعندئذ لا مانع من أن يكون مورد الاجتماع مأمورا به ومنهيا عنه ، لأنّ الواقع انّ المأمور به غير المنهي عنه فلا يكون من اجتماع الضدين ، واذا كان كذلك فالمكلّف مسئول عن كلا الحكمين ، غايته انّ المكلّف لمّا كان عاجزا عن امتثالهما معا ، إذ انّ امتثال الأمر يؤدي في الفرض المذكور الى عجزه عن امتثال النهي وهكذا العكس ، فعندئذ يقع التزاحم في مقام الامتثال ، فلا بدّ من الرجوع لمرجحات باب التزاحم.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|