تنبيهات مسألة دوران الأمر بين المتباينين(الاضطرار إلى بعض الأطراف) |
474
11:07 صباحاً
التاريخ: 4-9-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-8-2016
1874
التاريخ: 2-9-2016
520
التاريخ: 10-8-2016
503
التاريخ: 4-9-2016
527
|
هل الاضطرار إلى أحد الأطراف يوجب إنحلال العلم الإجمالي، أو لا؟
وللمسألة أربع صور:
الصورة الاُولى: حصول الاضطرار إلى واحد معيّن، كما إذا علم بوقوع النجاسة في واحد من إنائين أحدهما عذب فرات، والثاني ملح اُجاج واضطرّ إلى شرب الأوّل.
الصورة الثانية: حصول الاضطرار إلى واحد غير معيّن كما إذا كانا معاً من العذب الفرات.
وفي كلّ منهما إمّا يحصل الاضطرار بعد حصول العلم الإجمالي أو يحصل قبله (أو معه)، فتكون الصور أربعة.
والأقوال في المسألة أربعة أيضاً.
الأوّل: إنّ الاضطرار موجب لانحلال العلم الإجمالي مطلقاً، وهو مختار المحقّق الخراساني(رحمه الله).
الثاني: التفصيل بين ما إذا حصل الاضطرار إلى واحد معيّن بعد طروء العلم الإجمالي، وبين ثلاث صور اُخرى بوجوب الاحتياط في الأوّل دون الثاني، وقد اُستفيد هذا من بعض كلمات المحقّق الخراساني(رحمه الله) في محضر درسه.
الثالث: التفصيل بين ما إذا حصل الاضطرار إلى واحد معيّن قبل العلم الإجمالي وبين ثلاث صور اُخرى بوجوب الاحتياط في الثاني دون الأوّل، وهو مختار شيخنا الأعظم(رحمه الله).
الرابع: التفصيل بين صورتي حصول الإضطرار بعد العلم الإجمالي وبين صورتي حصوله قبله (أو معه) بوجوب الاحتياط في الثاني دون الأوّل.
واستدلّ على القول الأوّل بما حاصله: إنّ الاضطرار إلى بعض الأطراف مانع عن فعلية الحكم المعلوم بالإجمال مطلقاً، لأنّ الاضطرار من قيود التكليف شرعاً فطروّه يوجب سقوط العلم الإجمالي عن الحجّية والأثر لأنّ حجّيته فرع تعلّقه بتكليف فعلي.
إن قلت: هذا صحيح في ما إذا كان الاضطرار قبل العلم الإجمالي لا ما إذا كان بعده لأنّ التكليف بوجوب الإجتناب قد تنجّز بالعلم الإجمالي قبل طروء الاضطرار، وبعده انتهى أمد تنجّز احتمال التكليف بالنسبة إلى المضطرّ إليه فقط بعروض الاضطرار وأمّا بالنسبة إلى الباقي فأصالة الاشتغال محكمة، وإلاّ يلزم إمكان اسقاط العلم الإجمالي من جميع الموارد بإعدام أحد الأطراف وإتلافه، وهو ممّا لا يلتزم به أحد.
قلنا: إنّ الشكّ إن كان في مرحلة الفراغ وسقوط ما في الذمّة كان المرجع فيه قاعدة الاشتغال وإن كان في مرحلة ثبوت التكليف واشتغال الذمّة به كان المرجع فيه أصالة البراءة، وبما أنّ الحكم الواقعي مقيّد بعدم طروّء الاضطرار فمع طروّه لا علم بالتكليف حتّى يكون الشكّ في مرحلة الإمتثال والفراغ، وهذا بخلاف باب التلف فإنّ التكليف فيه مطلق غاية الأمر يرتفع بارتفاع موضوعه، فإذا كان التالف هو موضوع التكليف المعلوم بالإجمال فقهراً يرتفع الحكم وينعدم لا أنّه محدود من هذه الناحية.
وأورد عليه بوجهتين:
الأوّل: إنّ هذا الفرق بين باب الاضطرار وباب التلف ليس بفارق لأنّه لا فرق في نظر العقل في تنجيز العلم لمتعلّقه المعلوم بالإجمال بين أن يكون تكليفاً مطلقاً على كلّ تقدير أو كان مطلقاً على تقدير إنطباقه على هذا الطرف مثلا وبين أن يكون وتكليفاً محدوداً على تقدير إنطباقه على الطرف الآخر كما لو علم إجمالا بوجوب صلاة الظهر أو الجمعة مثلا، فوجوب صلاة الظهر مطلق يجب أن يأتي بها طول العمر أمّا أداءً أو قضاءً، ووجوب صلاة الجمعة محدود إلى ساعة بعد الزوال فلا يصحّ بعد مضي ساعة من الظهر إجراء البراءة عن صلاة الظهر كما هو واضح.
وبعبارة اُخرى: إنّ غاية ما يلزم في صورة طروء الاضطرار بعد العلم الإجمالي أن يصير المورد من قبيل التكليف المردّد بين فرد طويل العمر وفرد قصير العمر كما في المثال.
الثاني: أنّه كما أنّ عدم طروء الاضطرار قيد للحكم والحكم مشروط به، كذلك وجود الموضوع يكون قيداً للحكم، أي الحكم مشروط بوجود الموضوع، فلا فرق بين تقيد الحكم بالاضطرار أو تقييده بوجود موضوعه.
أقول: الصحيح هو الوجه الرابع، وهو التفصيل بين صورتي طروء الاضطرار بعد العلم الإجمالي وبين صورتي حصوله قبله، والدليل عليه أنّ العلم الإجمالي إذا تعلّق بحكم، فعلي على كلّ حال يكون مؤثّراً بلا شبهة، ففي ما إذا حصل الاضطرار قبل العلم الإجمالي فحيث إنّا نحتمل تعلّقه بالجنس الواقعي في مثال الإنائين المعلومة نجاسة أحدهما فلا إشكال في أنّ شكّنا في نجاسة غير المضطرّ إليه بدوي يكون المرجع فيه أصالة البراءة سواء كان الاضطرار إلى أحدهما المعيّن أو إلى أحدهما غير المعيّن.
إن قلت: «إنّ الإضطرار إلى أحدهما غير المعيّن يجتمع مع التكليف الواقعي ولا مزاحمة بينهما لإمكان رفع الاضطرار بغير متعلّق التكلّف مع قطع النظر عن العلم والجهل الطاريء، بل لولا الجهل بشخص متعلّق التكليف لكان يتعيّن رفع الإضطرار بغيره فالإضطرار إلى غير المعيّن قبل العلم بالتكليف كلاًّ اضطراراً، لا يوجب التصرّف في الواقع ولا يصادم متعلّق التكليف ولا تقع المزاحمة بينهما»(1).
قلنا: إنّ رفع الاضطرار بالإناء الطاهر واقعاً يتوقّف على العلم بالنجس الواقعي بعينه وإمكان الجمع بين «إجتنب عن النجس» و «رفع ما اضطرّوا إليه»، وهذا خارج عن محلّ البحث لأنّ محلّ البحث هو ما إذا كان الواقع مجهولا واحتمل إنطباق ما يختاره على النجس الواقعي، وحينئذ لا علم لنا بما يكون فعليّاً على كلّ تقدير، بل المعلوم هو ما يكون فعلياً على تقدير (وهو عدم تعلّق الاختيار بالنجس الواقعي) وغير فعلي على تقدير آخر (وهو تعلّق الاختيار بما هو طاهر واقعاً) وتكون النتيجة حينئذ عدم العلم بحكم فعلي على كلّ تقدير، فيصير المورد مجرى أصالة البراءة والحلّية.
هذا كلّه إذا طرأ الاضطرار قبل العلم الإجمالي، وأمّا إذا حصل بعده فيجب الاحتياط مطلقاً أيضاً بالنسبة إلى غير المضطرّ إليه لتساقط الاُصول المرخّصة الجارية في الأطراف قبل حصول الاضطرار بالتعارض أو عدم جريانها للتناقض في مدلولها، فلا مجال لجريانها بعد حصوله لما ثبت في محلّه من عدم عموم أزماني لها فليس المراد من قوله(صلى الله عليه وآله) «رفع عن اُمّتي ما لا يعلمون» مثلا هو الرفع في كلّ ساعة وكلّ يوم، وإلاّ يلزم جواز إعدام أحد أطراف العلم الإجمالي في الغنم الموطوءة مثلا وإجراء الاُصول المؤمنة في سائر الأطراف بلا معارض، وكذلك كان الجائز أن يقول الإمام(عليه السلام) في حديث الإهراق «يهرق أحدهما ويتوضأ من الآخر» بدل «يهريقهما» ونهايةً يلزم ثبت عدم جريان أصل مرخّص في غير المضطرّ إليه أي عدم مؤمن من العذاب كان الاحتياط واجباً عقلا وإن كان العلم الإجمالي مرفوعاً بعد مجيء الاضطرار.
وبما ذكرنا يظهر الضعف في القول الثاني والثالث فلا نحتاج إلى مزيد بحث.
____________
1. راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 98 ـ 99، طبع جماعة المدرّسين.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|