المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8127 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

كسب الملكية ابتداء
2-8-2017
جواري وقهرمانات أبو العباس السفاح
24-1-2019
Serotonin
14-11-2021
الضمائر
16-10-2014
أنماط الدراسات الجيوبولتيكية
25-9-2021
خصائص القاعدة الجنائية الإجرائية.
18-4-2017


اصالة الصحة في عمل الغير  
  
543   10:30 صباحاً   التاريخ: 10-8-2016
المؤلف : محمد تقي البروجردي النجفي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأفكار
الجزء والصفحة : ج4. ص.79
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-9-2016 545
التاريخ: 2-9-2016 516
التاريخ: 2-9-2016 601
التاريخ: 4-9-2016 735

(وتنقيح الكلام فيها) انما هو بتوضيح امور:

(الامر الاول) لا اشكال في اعتبارها في الجملة (ويدل عليه) بعد الاجماع المحقق فتوى وعملا، والسيرة القطعية من المسلمين بل من كل ذي دين في جميع الاعصار على حمل الافعال الصادرة من الغير على الصحيح فيما يتعلق بعباداته ومعاملاته وترتيبهم اثر الصحة عليها (مناط التعليل) الوارد في اخبار اليد في رواية حفص بن غياث من لزوم العسر والحرج واختلال النظام بقوله (عليه السلام) ولولا ذلك ما قام للمسلمين سوق (بل الاختلال) اللازم من ترك العمل بهذه القاعدة ازيد من الاختلال الحاصل من ترك العمل باليد، لأهمية موارد القاعدة من موارد اليد، لجريانها في جميع ابواب الفقه من العبادات والمعاملات في العقود والايقاعات، والى ذلك ايضا نظر من استدل على اعتبار هذا الاصل بحكم العقل (بل لعل) هذه الجهة هي المستند للمجمعين، وللسيرة المستمرة من المسلمين، وذوى الاديان وغيرهم في جميع الاعصار والامصار حسب ارتكازهم وجبلتهم على حمل الفعل الصادر من الغير على الصحة وترتيب آثارها (فان) من البعيد جدا ان يكون ذلك منهم لمحض التعبد (نعم لو اغمضنا) عما ذكر، لا يتم الاستدلال لها بالكتاب والسنة، من نحو قوله سبحانه: وقولوا للناس حسنا بناء على تفسيره بما في الكافي من قوله (عليه السلام) لا تقولوا إلا خيرا حتى تعلموا ما هو (وقوله سبحانه) اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم (وقوله (عليه السلام)  ضع امر اخيك على احسنه، ولا تظنن بكلمة خرجت من اخيك سوءا، وانت تجد لها في الخير سبيلا (وقوله (عليه السلام)  ان المؤمن لا يتهم اخاه وانه إذا اتهم اخاه انماث الايمان في قلبه كانمياث الملح في الماء - وان من اتهم اخاه فلا حرمة بينهما - وان من اتهم اخاه فهو ملعون ملعون ، وقوله (عليه السلام)  لمحمد بن الفضل كذب سمعك وبصرك عن اخيك المؤمن، فان شهد عندك خمسون قسامه انه قال: وقال لم اقل فصدقه وكذبهم إلى غير ذلك من الاخبار المشتملة على هذه المضامين أو ما يقرب منها (فان) من الواضح عدم دلالة شيء من تلك الادلة على ما نحن بصدده من الصحة بمعنى ترتيب آثار الصحيح على الافعال والاقوال الصادرة من الغير (فأنها) طرا ناظرة إلى مقام تعليم آداب المعاشرة مع الناس من عدم ترتيب آثار القبيح على الفعل أو القول الصادر من الاخ المؤمن عند الظن به، بعد امكان الحمل على الوجه الحسن، كما يدل عليه قوله (عليه السلام) وانت تجد لها في الخير سبيلا (لا في مقام) ترتيب آثار الحسن عليه، كوجوب رد السلام في الكلام الصادر من الغير المردد بين الشتم والسلام، فمرجع الحمل على الوجه الحسن إلى حسن الظن بالأخ المؤمن فيما يصدر منه من الافعال والاقوال وعدم السرعة إلى ترتيب آثار القبيح عليه عند احتماله أو الظن به مهما امكن، لا لزوم ترتيب آثار الحسن عليه، من الحكم بصحة المعاملة المرددة بين الربوية وغيرها، كما هو مفروض البحث في المقام (فلا ينافى) الحمل على الوجه الحسن من حيث انه حسن، مع التوقف عن ترتيب آثار الحسن (بل الظاهر) من بعض هذه الاخبار هو ذلك، كما في رواية اسماعيل المعروفة (وكيف كان) فعدم وفاء هذه الاخبار بما نحن بصدده من الصحة بمعنى ترتيب الاثر على ما يصدر من الغير من الافعال والاقوال أوضح من ان يحتاج إلى البيان (فالعمدة) حينئذ في مدرك القاعدة ما ذكرناه من الاجماع والسيرة، ولزوم الاختلال الذى علل به في اخبار اليد.

(الامر الثاني) هل المدار في الصحة على الصحة الواقعية، أو الصحة باعتقاد الفاعل، أو الصحة باعتقاد الحامل (فيه وجوه) والمشهور الاول:

وهو الاظهر، لما ذكرنا من الاجماع والسيرة ولزوم الاختلال، فلا عبرة حينئذ بالصحة عند الفاعل باعتقاده اجتهادا، أو تقليدا (فان) اعتقاده، كاعتقاد الحامل طريق إلى الواقع الذي عليه مدار الصحة في مقام ترتيب الاثر، لا ان له موضوعية في ذلك (نعم) لو كان مدرك القاعدة ظهور حال المسلم في عباداته ومعاملاته على الاتيان بها على وجه يراه صحيحا، امكن دعوى تخصيص الصحة بالصحيح عند الفاعل (ولكنه) مضافا إلى اختصاصه بصورة علمه بالصحيح والفاسد، خلاف التحقيق (فان الصحيح) من مدارك هذا الاصل انما هو الاجماع والسيرة، وبرهان اختلال النظام (وعليه) فمدار الحمل على الصحة الواقعية لا غيرها، كما عليه المشهور (ولازمة) العموم لصورة علم الفاعل بالصحيح من الفعل وفاسده، وجهله به (كعمومه) لصورة علم الحامل بخالفة اعتقاده لمعتقد الفاعل في صحيح الفعل وفاسده بنحو العموم المطلق بل التباين ايضا على وجه، فضلا عن صورة جهله بالحال (فان) المدار في الحمل على الصحة على مجرد احتمال مطابقة العمل الصادر من الغير عبادة أو معاملة الواقع (فمهما)شك في صحة العمل وفساده تجرى فيه اصالة الصحة ويترتب عليه اثره، من غير فرق فيه بين الصور المزبورة (وهذا) ولمضح بعد ملاحظة اختلاف الفتاوي والابتلاء بأعمال عوام الناس من اهل الاسواق واهل الصحارى والبراري من الرجال والنساء مع عدم معرفتهم بالأحكام في العبادات والمعاملات (نعم الاشكال) انما هو في صورة علم الحامل بمخالفة معتقده اجتهادا أو تقليدا لمعتقد الفاعل كذلك على نحو التباين، كما لو كان معتقد الفاعل وجوب الجهر بالبسملة في الصلوات الاخفاتية ووجوب الجهر بالقراءة في يوم الجمعة، وكان معتقد الحامل وجوب الاخفات فيهما (إذ ليس) لنا دليل لفظي يكون هو المدرك للقاعدة حتى نتمسك بأطلاقه (بل عمدة) المدرك لها هو الاجماع والسيرة، وبرهان الاختلال في النظام (والاولان) لا اطلاق لهما يعم هذا الفرض، والاختلال ايضا غير لازم في عدم العمل بالقاعدة في هذا الفرض لقلة مورده في الفقه (فالمسألة) محل اشكال من اطلاق الاصحاب، ومن عدم مساعدة الادلة.

(الامر الثالث) ان هذا الاصل كما يجرى ويثبت صحة الفعل إذا كان الشك فيه بعد الفراغ منه، كذلك يجري ويثبت صحته إذا كان الشك في اثنائه وان لم يصدق عليه المضي، فمن اشتغل في غسل الميت أو الصلاة عليه وشك في ان ما يوقعها لغير صحيح أو فاسد تجرى فيه اصالة الصحة ويترتب عليه الآثار المقصودة.

(الامر الرابع) لا تجرى هذا الاصل إلا بعد احراز صدور العمل المشكوك صحته وفساده بالعنوان الذي تعلق به الامر أو ترتب عليه الاثر (فإذا كان) موضوع الاثر من العناوين القصدية، كالوضوء، والصلاة، والبيع لا بد في جريان هذا الاصل من احراز عنوان العمل (اما) بالعلم الوجداني، أو بما يقوم مقامه من الامارات المعتبرة، أو الاصول العقلائية، وإلا فلا يكفي في جريان هذا الاصل مجرد احراز صدور ذات العمل مع الشك في عنوانه الذي تعلق به الامر أو ترتب عليه الاثر (فلو شوهد) من يأتي بصورة عمل من وضوء، أو صلاة، أو زكاة، أو بيع ونحو ذلك، وشك في انه قصد بما يأتي به من العمل تحقق العبادة أو المعاملة، أم لا، لم يحمل على ذلك ولا تجري فيه قاعدة الصحة (إلا) إذا كان هناك ظهور حال في كون الفاعل بصدد الانقياد والاطاعة، وفي مقام التوصل بالإنشاء الصادر منه إلى حقيقة البيع أو الاجارة ونحوهما (نعم) في العناوين غير القصدية كغسل اليد والثوب يكفى في الحمل على الصحة مجرد احراز ذات العمل (فإذ) شوهد من يجري الماء على يده أو ثوبه بحيث تحقق عنوان الغسل العرفي وشك في صحته وفساده من جهة الشك في بعض ما اعتبر الشارع فيه في حصول الطهارة، تجرى فيه اصالة الصحة ويترتب عليه آثار الطهارة الواقعية، وان لم يحرز كون الفاعل بإجراء الماء على المحل في مقام التطهير الشرعي وازالة الدنس (نعم) لو كان مدرك القاعدة ظهور حال المسلم في عدم اقدامه على الفاسد، لكان للإشكال في جريان اصالة الصحة عند عدم احراز كون الفاعل بصدد التطهير وازالة الدنس مجال (ولكن) ليس لأمر كذلك، بل المدرك له انما هو الاجماع والسيرة وبرهان الاختلال الذي علل به في بعض اخبار اليد (ولا ريب) في ان مقتضاها التعميم فتأمل.

(الامر الخامس) لا اشكال في جريان اصالة الصحة في ابواب العقود وتقدمها على اصالة الفساد، كجريانها في غيرها من العبادات والمعاملات (بل قيل) ان جريانها في ابواب العقود بالخصوص معقد الاجماع (وانما الكلام) في ان المراد من الصحة فيها استجماع العقد للشرائط المعتبرة فيه بما هو عقد، كالعربية والماضوية والتنجيز واشباهها، فتختص اصالة الصحة في جريانها فيها بما إذا كان الشك في الصحة والفساد مسببا عن الشك في احد الشرائط المذكورة (أو ان المراد) ما يعمها والشرائط المعتبرة في المتعاقدين والعوضين (وبعبارة) اخرى كل شرط شرعي أو عرفي اعتبر في ترتب الاثر وتحقق النقل والانتقال الفعلي سواء كان الشرط راجعا إلى العقد بما هو عقد، أو إلى المتعاقدين، أو العوضين، أو إلى نفس المسبب في قابليته للتحقق (وحيث) ان اصالة الصحة في العقود بنفسها من المسائل التي تعم بها البلوى خصوصا في باب الترافع والتخاصم في تشخيص المدعى والمنكر (فالحري) هو بسط المقال فيها لمعرفة ما هو الموصوف بالصحة والفساد، وما يكون مجرى لأصالة الصحة (وتوضيح) الكلام يتم برسم امرين (الامر الاول) لا شبهة في ان الشرائط المعتبرة في صحة العقد وتماميته في المؤثرية الفعلية لترتب الاثر لا تكون على نمط واحد (بل هي) بين ما يرجع اعتباره إلى دخله في نفس السبب الذي هو العقد من حيث تماميته في السببية والمؤثرية، كالموالات بين الايجاب والقبول والترتيب والتنجيز والعربية والماضوية واشباهها، وبين ما يرجع اعتباره إلى دخله في قابلية المسبب للتحقق عند تحقق سببه بأجزائه وشرائطه (وهذه) الطائفة بين ما يكون محله المتعاقدين كالبلوغ والرشد والعقل ونحوها، وبين ما يكون محله العوضين كالمعلومية والمالية ونحوهما، وبين ما يكون محله نفس المسبب، كعدم الربوية والغررية في البيع (فان) هذه الامور وان كانت معتبرة في فعلية الاثر وترتبه على السبب (ولكنها) اجنبية عن مقام الدخل في السبب بما هو سبب وتماميته في السببية والمؤثرية (لوضوح) ان العقد بدونها على تماميته في الاقتضاء والسببية (وان عدم) اتصافه بالمؤثرية الفعلية بدون الامور المذكورة انما هو لقصور المحل عن قابلية التأثر من قبله (الا انه) لقصور في العقد في اقتضائه وسببيته (كيف) ولا يزيد ذلك عن العلل والاسباب التكوينية كالنار مثلا، (فكما) ان عدم ترتب الاحراق الفعلي على النار عند وجود الرطوبة المانعة في المحل أو انتفاء المحاذات الخاصة ل يوجب قصورا في النار من حيث تماميتها في السببية والمؤثرية، كذلك في المقام (فان) حال العلل والاسباب في الامور الاعتبارية، حال العلل والاسباب التكوينية في الامور الخارجية

(الامر الثاني) لا ريب في ان الصحة في كل شيء بحسيه (لأنها) بمعنى التمامية، وتمامية كل شيء انما هو بلحاظ وفائه بالأثر المرغوب منه في قبال فاسده الذي هو عدم تماميته في الوفاء بما هو الاثر المرغوب منه (فصحة الايجاب) مثلا عبارة عن كونه مؤثرا ضمنيا بحيث لو تعقبه قبول صحيح لحصل اثر العقد، في مقابل فاسده الذى لا يكون كذلك، كالإيجاب بالفارسي بناء على القول باعتبار العربية فيه، (فلو تجرد) الايجاب عن القبول لم يوجب ذلك فساد الايجاب (لان) القبول معتبر في القعد لا في الايجاب، فالإيجاب يدونه على صحته وتماميته في المؤثرية الضمنية (كما ان) صحة العقد عبارة عن تماميته في نفسه في المؤثرية بحيث لو ورد على محل قابل لترتب عليه الاثر واتصف بالمؤثرية الفعلية، في مقابل فاسده الذي لا يكون كذلك (وبعبارة) اخرى ان الصحة في العقد عبارة عن مفاد قضية تعليقية (وهي) كونه بحيث لو ورد على محل قابل لا تصف بالمؤثرية الفعلية، نظير العلل والاسباب التكوينية بالقياس إلى معلولاتها (لا ان) معنى الصحة فيه هو المؤثرية الفعلية في حصول الاثر على الاطلاق، كما يتوهم (فلو تجرد) العقد عن الاثر، لأجل انتفاء ما يكون شرطا لقابلية المسبب للتأثر من قبله، فلا يوجب ذلك فسادا في العقد، بل العقد بدونه على تماميته في السببية والمؤثرية (وحيث) اتضح ذلك: نقول ان مرجع الشك في الصحة والفساد بعد ان كان إلى تمامية الشيء بلحاظ الاثر المرغوب منه (فلا بد) في جريان اصالة الصحة والفساد في العقود والايقاعات من معرفة ما يكون معروضا للشك في الصحة والفساد من السبب أو المسبب، وذلك لا يكون إلا بملاحظة منشأ الشك في الصحة في كونه هو الشك في فقد الشرائط الراجعة إلى السبب، أو الشرائط الراجعة إلى المسبب (مع ملاحظة) ان الشرط المشكوك فيه من الشرائط العرفية للسبب أو المسبب، أو من الشرائط الشرعية لهما (فان كان) الشك في الصحة والفساد مسببا عن الشك في فقد بعض الشرائط العرفية للسبب أو المسبب:

كالشك في التوالي المعتبر عرفا بين الايجاب والقبول: ومطلق المالية في العوضين (فلا مجرى) لأصالة الصحة، لا في السبب، ولا في المسبب، لرجوع الشك المزبور إلى الشك في مجرى اصالة الصحة (ولقد) تقدم في الامر السابق انه لا بد في جريان هذا الاصل من احراز عنوان موضوعه عرف (وإلا) فمع الشك فيه لا تجرى اصالة الصحة (وأما إذا كان) الشك في الصحة والفساد مسببا عن الشك في فقد بعض الشرائط الشرعية (فان كان) الشرط المشكوك فيه من الشرائط الراجعة إلى العقد كالتنجيز، والعربية والماضوية بناءا على اعتبارهما فيه والترتيب بين الايجاب والقبول: تجرى اصالة الصحة في العقد (لانه) عقد عرفي قد شك في صحته وفساده شرعا (وان كان) من الشرائط الراجعة إلى المسبب، وهو البيع مثلا، كالشك في كون المبيع أو الثمن خمرا، أو خنزيرا، أو الشك في بلوغ البائع أو المشترى، أو الشك في كون المعاملة ربوية أو غررية ونحوها (فلا تجرى) الاصل في العقد بما هو عقد (لم عرفت) من ان الصحة فيه عبارة عن تمامية العقد في نفسه في السببية والمؤثرية، وهذ مما يقطع به ولو مع القطع بعدم ترتب المسبب عليه فضلا عن الشك فيه (وعلى فرض) جريانه فيه لا يجدى لإثبات صحة المعاملة، ولا لإثبات قابلية المسبب للتحقق ورفع الشك من جهته (ولو قلنا) بان اصالة الصحة من الاصول المحرزة (لان) غاية اقتضائه انما هو اثبات تمامية العقد في نفسه في السببية لترتب النقل والانتقال (وأما) اثبات قابلية المحل للتحقق من قبله فلا.

(نعم) لا بأس حينئذ بإجراء اصالة الصحة في عنوان المسبب وهو البيع مثلا وترتيب آثار الصحة عليه بعد احراز عنوانه عرفا (لانه) بيع عرفي قد احرز عنوانه وشك في صحته وفساده شرعا من جهة الشك في صدوره من البالغ، أو الشك في المالية الشرعية في الثمن أو المثمن، فتجرى فيه اصالة الصحة (ومن هنا) قلن ايضا انه لا يجدى التمسك بالأدلة المتكفلة للأسباب، كعموم الوفاء بالعقد عند الشك في صحة المعاملة من جهة الشك في شرطية شيء للمسبب لأجل الشبهة الحكمية، بلحاظ عدم تكفل هذه الادلة لأثبات قابلية المحل ورفع الشك من جهته (وانه) لا بد في اثبات الصحة من التمسك بالعمومات المتكفلة للمسببات، من نحو قوله سبحانه: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] وتجارة عن تراض ونحو ذلك (وان كان) الشرط المشكوك فيه من الشرائط الشرعية الراجعة إلى السبب والمسبب، بان كان الشك في الصحة والفساد ناشئا من الجهتين: تارة من الشك في فقد بعض الشرائط المعتبرة في السبب: واخرى من الشك في فقد بعض الشرائط المعتبرة في المسبب (فلا بد) في الحكم بالصحة وترتيب الاثر من اجراء اصالة الصحة، تارة في السبب، واخرى في المسبب بعد احراز عنوان العقد والبيع العرفي (ولا يكفى) في الحكم بالصحة وترتيب الاثر مجرد اجرائها في العقد، لم عرفت من ان اصالة الصحة في العقد لا تقتضي ازيد من تمامية العقد في المؤثرية، فليس شأنه اثبات قابلية المحل للتأثر (واما) المنع عن جريان اصالة الصحة في المسبب، بانه لا دليل على اصالة الصحة في العقود إلا الاجماع وليس لمعقد الاجماع اطلاق يعم جميع موارد الشك في الصحة، بل القدر المتيقن منه هو ما إذا كان الشك في الصحة والفساد مسببا عن الشك في تأثير العقد للنقل والانتقال من جهة احتمال فقد بعض ما يعتبر فيه: بعد الفراغ على اهلية المتعاملين وقابلية المعقود عليه شرعا للنقل والانتقال (فمدفوع) بمنع انحصار الدليل بالأجماع المدعى في المسألة (بل العمدة) في الدليل على المسألة، هو برهان اختلال النظام الذي جعل مناطا لاعتبار اليد في رواية حفص ، ولازمه التعميم لجميع موارد الشك في الصحة سببا كان أو مسببا (من غير) فرق بين انحاء القيود الشرعية للسبب أو المسبب.

(وتوهم) ان اهلية العاقد لإيجاد المعاملة وقابلية المعقود عليه للنقل والانتقال مأخوذ في عقد وضع اصالة الصحة، فلا بد من احرازهما، وإلا فمع الشك فيهما لا تجرى اصالة الصحة لرجوع الشك فيهما إلى الشك في عقد وضع هذا الاصل، فكان المرجع حينئذ هو سائر الاصول العملية حسب ما يقتضيه المقام (مدفوع) بانه ان كان المقصود بذلك كونهما من القيود العرفية للعقد بما هو عقد بحيث لا يصدق العقد عرفا على العقد الصادر من غير البالغ، ولا على العقد الواقع على ما لا يقبل الانتقال، كما هو الظاهر من كلام المحقق الثاني قده في مسألة اختلاف الضامن والمضمون له من قوله بعد ترجيح قول الضامن (فان قلت) ان للمضمون له اصالة الصحة في العقود، وظاهر حال البالغ انه لا يتصرف باطلا (قلنا) ان الاصل في العقود الصحة بعد استكمال اركانها ليتحقق وجود العقد، واما قبله فلا وجود له... الخ ما نقله الشيخ عنه (ففساده) أوضح من ان يخفى، لوضوح تحقق العقد العرفي مع القطع بعدم صدوره من البالغ وعدم وقوعه على ما يقبل الانتقال شرعا فضلا عن الشك فيهما (ودعوى) الفرق في صدق العقد عرفا بين العقد الصادر من البالغ، والعقد الصادر من غيره ولو كان مراهقا، كما ترى ليست إلا المكابرة مع الوجدان (وان كان) المقصود ان اهلية العاقد وقابلية المعقود عليه للنقل والانتقال من القيود الشرعية لصحة العقد بما هو عقد من حيث تماميته في السببية والمؤثرية (ففيه) مضافا إلى فساده في نفسه (انه) يبقى سؤال الفرق، بين الشك في صحة العقد وفساده من جهة الشك في اهلية العاقد لإيجاد المعاملة أو قابلية المعقود عليه للنقل والانتقال، وبين الشك في الصحة والفساد من جهة سائر القيود الشرعية المعتبرة في العقد كالماضوية والترتيب بين الايجاب والقبول بناء على اعتبارهما فيه، والتنجيز وعدم الاقتران بالشرط الفاسد (فكما) انه تجرى اصالة الصحة في الثاني عند احراز موضوعها عرفا (كذلك) تجري في الاول (إذ لا فرق) بينهما بعد كون الجميع من القيود الشرعية للعقد (مع ان) هذه الدعوى، دعوى بلا بينة، ولا برهان حتى بالنسبة إلى البلوغ (لان) عمدة ما دل على اعتباره في مقابل مطلقات الادلة، انما هو حديث رفع القلم، (وما ورد) بانه لا يجوز امر الصبي (وغاية) ما يستفاد منهما انما هو اثبات قصور الصبي عن السلطنة في استقلاله على التصرفات المالية فيما يرجع إلى ما له أو نفسه (لا اثبات) كونه مسلوب العبارة بحيث يكون العقد الصادر منه لإيجاد المعاملة بمنزلة العدم حتى في مقام ايجاد المعاملة عن الغير (وان كان) المقصود كونهما من الشرائط الشرعية في تأثير العقد وقابلية المسبب للتأثر (وان) المنع عن جريان اصالة الصحة في العقد، لمكان عدم اقتضاء الاصل الجاري في السبب لأثبات قابلية المسبب ورفع الشك من جهته (لان) غاية ما تقتضيه اصالة الصحة في العقد انما هو مجرد تماميته في نفسه من حيث السببية والمؤثرية لا اثبات قابلية المحل للتأثر (فهو وان كان) متين جدا كما ذكرناه (ولكن) ذلك مع كونه خلاف الظاهر من كلامه في كون الامرين مأخوذا في عقد وضع اصالة الصحة، لا يقتضى المنع عن جريانها بقول مطلق حتى في طرف المسبب عند احراز مجريها عرفا (إذ لا فرق) حينئذ بين الشك في الصحة من جهة الشك في اهلية العاقد وقابلية المعقود عليه، وبين الشك فيها من جهة الشك في مالية العوضين شرعا، أو الشك في ربوية المعاملة أو غرريتها (اللهم) الا ان يكون المقصود دخل اهلية العاقد وقابلية المعقود عليه للنقل والانتقال عرفا في قابلية المسبب للترتب على السبب (ولكن) دون اثباته خرط القتاد (إذ الظاهر) انه لا قصور في صدق عنوان البيع والاجارة والضمان ونحوها عرفا بدون الامور المذكورة.

(فالتحقيق) حينئذ بالنظر الى الادلة السابقة من السيرة ولزوم الاختلال هو التعميم في جميع ما يتصور له الصحة والفساد، بعد احراز مجريها عرفا (ولازمه) التفصيل في جريان هذا الاصل بحسب الموارد بإجرائه، تارة في خصوص السبب إذا كان الشك في الصحة مسببا عن الشك في بعض ما اعتبر فيه شرعا، واخرى في المسبب دون السبب إذا كان الشك في الصحة مسببا عن الشك فيم اعتبر فيه شرعا في قابليته للترتب على السبب، وثالثة في كل من السبب والمسبب، إذ كان الشك في الصحة وترتب الاثر ناشئا من الجهتين (من غير فرق) بين ان يكون الشرط المشكوك فيه مما محله العقد أو المتعاقدين أو العوضين، أو نفس المسبب فان جميع هذه القيود راجعة، اما إلى السبب أو المسبب لاستحالة تمامية السبب وقابلية المسبب مع عدم الاثر، فلا بد في جريان هذا الاصل من ملاحظة مجريه بعد احرار عنوانه عرفا في كونه هو السبب أو المسبب أو كليهما.

(ثم انه) يظهر من الشيخ (قدس سره) وبعض آخر الاشكال في جريان اصالة الصحة في بعض الفروع .

(منها) الشك في صحة بيع الصرف من جهة الشك في تحقق القبض في المجلس بعد العلم بتحقق الايجاب والقبول، وكذا الشك في صحة البيع من جهة الشك في اجازة المالك لبيع الفضول .

(ومنها) الشك في صحة بيع الوقف ولو من المتولي من جهة الشك في وجود المصحح له، لمكان ان بيع الوقف لو خلى وطبعه مبنى على الفساد.

 (ومنها) الشك في صحة بيع الراهن من جهة الشك في اذن المرتهن أو اجازته (ومنشأ) الاشكال انما هو لدعوى ان المتيقن من مجرى هذا الاصل في عناوين المسببات هو صورة تردده حين وجود العقد بين الصحة الفعلية والبطلان، لا الصحة التأهلية (كما في صورة) الشك في صحة البيع وفساده من جهة بلوغ العاقد أو مالية العوض أو المعوض، أو من جهة ربوية المعاملة وغرريتها (فان) مجرى الاصل في جميع هذه الصور مردد من حين وجود العقد بين الصحة الفعلية والبطلان محض (وهذا) المعنى لا يتصور في الامثلة المزبورة (فانه) على المشهور من كون القبض في الهبة والصرف والسلم، واجازة المالك لبيع الفضول شرطا ناقلا من الحين لا كاشفا، لا يحتمل فيه الصحة والفساد من حين حدوث العقد، وانما المحتمل فيه عند وجود العقد هي الصحة الفعلية أو التأهلية، فلا تجرى اصالة الصحة بالنسبة إلى عنوان الهبة والصرف والسلم (كما لا تجرى) بالنسبة إلى العقد ايضا مع الشك في القبض أو الاجازة في بيع الفضول (لان) صحة العقد ليست إلا عبارة عن تمامية العقد بما هو عقد من حيث اقتضائه للتأثير، وهذا المعنى مما يقطع به ولو مع اليقين بعدم حصول القبض في المجلس في بيع الصرف وعدم الاجازة من المرتهن لبيع الرهن، ولا اجازة من المالك في بيع الفضول (وان شئت) قلت ان الصحة في العقد ليست إلا تأهلية معناها كون العقد بحيث لو تعقبه ما يتوقف عليه الصحة الفعلية من القبض أو اذن من المرتهن في المجلس أو من المالك في عقد الفضول، لكان مؤثرا فعليا في النقل والانتقال، لا ان الصحة فيه بمعنى المؤثرية الفعلية، كي يقال ان القبض وكذا الاجازة بعد ما لا يكون من اجزاء السبب، بل من شرائط نفوذه وتأثيره، فالصحة الفعلية فيه تكون مشكوكة بلحاظ الشك في تحقق ما هو شرط نفوذه وتأثيره (ولا مانع) من اجراء اصالة الصحة الفعلية فيه للحكم بترتب النقل والانتقال في بيع الصرف والسلم، إلا بقصر مجرى الاصل على صحة العقد عند حدوثه.، لا مطلقا ولو بقاء (فانه) بلحاظ حدوثه مع الشك في القبض لا تكون الصحة فيه الا التأهلية التي هي ايضا غير مشكوكة (نعم) لو كان القبض في الهبة والصرف والسلم من قبيل الشرائط المتأخرة كاشفا عن تحقق الملكية والنقل والانتقال من حين العقد بالكشف الحقيقي، كما قيل به في اجازة المالك في عقد الفضول، لكان للتمسك بأصالة الصحة في عنوان المسبب من الهبة وبيع الصرف والسلم وفي بيع الراهن بعد احراز عنوانه العرفي مجال (ولكنه) خلاف التحقيق (فان) التحقيق هو كون القبض من الشرائط المقارنة الناقلة من حين وجوده (ومعه) لا تجرى في اصالة الصحة مع الشك في تحقق القبض (بل الامر) في اجازة المالك لعقد الفضول حتى على مذاق المشهور من الكشف الحقيقي اشكل (لان الاثر) انما هو للبيع المنتسب إلى المالك الذي هو الموصوف بالصحة الفعلية، ولا انتساب إلا بالإجازة، فمع الشك في الاجازة يشك في الانتساب المزبور، فلم يحرز عنوان موضوع الاصل، وعلى فرض احرازه لا يعقل الشك في العقد المنتسب إلى المالك من جهة الشك في الاجازة (نعم) لو قلنا انه يكفى في صحة عقد الفضول مجرد رضى المالك في نفس الامر، وان الاحتياج إلى الاجازة في الحكم بالصحة وترتب النقل والانتقال انما هو لكشفه عن رضى المالك، لا انه لخصوصية فيها تقتضي اضافة العقد الصادر من الفضول إلى المالك (لامكن) التمسك بأصالة الصحة عند الشك في الاجازة على التفصيل المتقدم في القبض بين الكشف الحقيقي والنقل (ولكن) المبني ضعيف جدا (وبمثل هذا) البيان انقدح الحال في بيع الوقف عند الشك في عروض ما يسوغ معه بيعه (فان) بيع الوقف لو خلى وطبعه لما كان مبنيا على الفساد، لأباء طبع الوقف بعنوانه الاولى عن قابلية النقل والانتقال يحتاج صحة بيعه إلى طرو ما يسوغ معه بيعه، ومع الشك في ذلك لا مجرى لإصالة الصحة فيه، وذلك لا من جهة ان اصالة الصحة فيه لا يثبت عروض مسوغات بيعه، بل من جهة عدم احراز ما هو موضوع الصحة (الا ان يقال) انه ليس في الادلة إلا ان بيع الوقف حال صدوره مع عدم المسوغ فاسد لا يصلحه لحوق الشيء، ومع المسوغ صحيح، نظير البيع الصادر من البالغ وغير البالغ، بلا اخذ هذا العنوان في موضوع الصحة (ولازمه) الحمل على الصحة خصوصا إذا كان البيع صادرا من المتولي، كما هو الشأن في كل عمل صادر من الغير بعنوانه الاجمالي القابل للاتصاف بالصحة الفعلية والفساد، والمسألة غير نقية عن الاشكال، فتحتاج إلى مزيد تأمل فيها (ثم ان ذلك) كله بالنظر إلى ترتيب الشاك في الصحة للأثر، مع قطع النظر عن تخاصم المتعاملين في بعض ما يتفرع عليه صحة المعاملة (وإلا) وجب العمل فيه بالقواعد المقررة لفصل الخصومة بالنسبة إلى مورد المخاصمة، ويختلف الحكم في ذلك باختلاف كيفية تحرير الدعوى.

(تفريع) إذا علم بوقوع الرهن على مال الغير وصدور واذن ايضا من المالك في رهن ماله مع رجوعه عن اذنه، وشك في تقدم الرجوع على الرهن وتأخره عنه (أو علم) وقوع البيع من الراهن وصدور اذن ورجوع من المرتهن، وشك في تقدم الرجوع على البيع وتأخره عنه (ففي جريان) اصالة الصحة في الرهن في الفرع الاول، وفي البيع في الفرع الثاني، الاشكال المتقدم من دوران الامر في كل من الرهن والبيع عند وجود العقد بين الصحة الفعلية والتأهلية، لا بين الصحة الفعلية والفساد (بل يزداد) الاول اشكالا بما ذكرناه في بيع الفضول عند الشك في الصحة فعلا من جهة الشك في اجازة المالك، من حيث عدم احراز عنوان الموضوع، وعدم اثبات اصل الصحة لحيث انتساب البيع إلى المالك (واما) اصالة بقاء الاذن أو عدم الرجوع عنه إلى حين وجود العقد (فقد) يقال بجريانها في الفرعين واقتضائها صحة كل من الرهن والبيع (ولكنه) مشكل في الفرع الاول (لان) مقتضى التجارة عن تراض هو ان يكون الرهن حين وجوده ناشئا عن اذن مالك العين المرهونة، بل ذلك يكون من مقتضيات طبع الوثيقة عرفا (فكان) لحيث النشو المزبور دخل في موضوع الاثر (واصالة) بقاء اذن المالك، أو عدم رجوعه عن اذنه غير مثبت لمثل هذه الاضافة النشوية (لان) نشو الرهن عن كونه من رضى المالك واذنه من اللوازم العقلية لبقاء الاذن إلى حين وجود العقد (نعم) يتم ذلك في الفرع الثاني (فان) الاحتياج إلى اذن المرتهن أو اجازته، ليس لأجل انتساب الرهن إلى المرتهن، كم في اجازة المجيز المالك لعقد الفضول (وانما) هو لأجل ابطال حقه المتعلق بالعين المرهونة المانع عن نفوذ بيع الراهن المالك (فأصالة) عدم الرجوع عن الاذن السابق إلى حين وجود العقد تكون مجدية في ترتيب آثار الصحة على البيع الصادر من الراهن.

(الامر السادس) قد عرفت ان مقتضى هذا الاصل ترتيب الشاك الحامل جميع الآثار الثابتة للفعل الصحيح التي لها مساس به (فلو صلى) شخص على ميت وشك في صحتها تحمل على الصحيح ويسقط عنه الصلاة عليه، وكذا لو آجر شخصا لتطهير ثوبه، فغسله وشك في صحته من جهة الشك في بعض شروطه من اطلاق الماء أو وروده على النجاسة ونحو ذلك حكم بطهارته بعد احراز الغسل العرفي، من غير فرق في ذلك بين العناوين القصدية وغيرها (نعم، في العناوين القصدية كعنوان الصلاة يحتاج في جريان اصالة الصحة إلى احراز القصد المقوم للعنوان ايضا، ولا يكتفى في الحكم بالصحة بصرف احراز ذات العمل مع الشك في تعنونه بالعنوان الذي ترتب عليه الاثر أو تعلق به الامر (وإذا كان) العمل من الاعمال النيابية كالصلاة عن الميت، والحج عن العاجز (لا بد) في الحكم بالصحة وترتيب الاثر من استحقاق العامل الاجير للأجرة، وتفريغ ذمة المنوب عنه زائدا عن احراز العمل المعنون من احراز وقوعه من الفاعل النائب على وجه النيابة عن المنوب عنه، ام بالوجدان أو بالبينة أو بأخبار الفاعل اما مطلقا، أو بشرط عدالته على ما يأتي تفصيله (فإذا) احرز صدور العمل من النائب على وجه النيابة وتفريغ الذمة عن الغير المكلف بالعمل أو لا وبالذات، كالحج عن العاجز والصلاة عن الميت، وشك في صحته لأجل احتمال اخلاله ببعض ما يعتبر في صحته، يحمل على الصحيح، ويترتب عليه جميع ما له من الآثار (ولكن) الذى يظهر من الشيخ (قده) هو الاشكال في الحكم بالصحة في تفريغ ذمة المنوب عنه ولو مع احراز قصد الفاعل بعمله تفريغ ذمة المنوب عنه (ومحصل) ما افاده قده هو ان لفعل النائب حيثيتين:

(الاولى) كونه فعلا من افعال النائب، وبهذا الاعتبار يترتب عليه آثار صدور الفعل الصحيح منه، كاستحقاقه للاجرة وجواز استيجاره ثانيا.

(الثانية) كونه فعلا للمنوب عنه عرضا لكونه بمنزلة الفاعل بالتسبيب، فكان الفعل الصادر منه بعد قصد النيابة قائما بالمنوب عنه، وبهذا الاعتبار يترتب عليه تفريغ ذمة المنوب عنه وعدم وجوب الاستيجار عليه ثانيا.

(والصحة) من الحيثية الاولى لا يستلزم الصحة من الحيثية الثانية لانه من هذه الحيثية فعل من الافعال القائمة بالمنوب عنه والشاك الحامل لا من افعال الصادر من الغير (فأصالة الصحة) فيه بما هو فعل من افعال الغير، لا يثبت الصحة بما هو فعل من افعال المنوب عنه (فيجب) التفكيك بين اثرى الفعل من الجهتين، فيحكم باستحقاق النائب الاجير للاجرة، وعدم تفريغ ذمة المنوب عنه (وفيه ما لا يخفى) فان الصحة من الجهة الثانية انما هي من آثار الصحة من الجهة الاولى (لوضوح) ان الفعل الواحد الصادر من الغير بعنوان النيابة عن المنوب عنه إذا كان صحيحا تعبدا، فهذا الصحيح بعينه هو المنسوب إلى المنوب عنه بنحو من الانتساب، فكيف لا يكون مبرء للذمة (إذ لا معنى) لحكم الشارع البناء على صحة فعل النائب من حيث النيابة عن الغير ولاستحقاق الاجرة عليه بهذا العنوان، الا البناء على تفريغ ذمة المنوب عنه (واما حكم) المشهور باعتبار العدالة في النائب عن الحى والميت (فليس) من جهة عدم كفاية صحة التعبدية في فعل النائب من حيث النيابة للصحة من جهة براءة ذمة المنوب عنه (بل انما) هو من جهة احراز صدور الفعل على وجه النيابة، بلحاظ اقتضاء العدالة للوثوق بصدور العمل النيابي عنه (والا) فمع احراز صدوره على وجه النيابة عن الغير، اما بالوجدان، أو بغيره من الامارات المعتبرة، لا يظن بأحد منهم التشكيك في اقتضاء الصحة من الجهة الاولى للصحة من الجهة الثانية (مضافا) إلى منع كون الفعل الصادر عن النائب بعنوان النيابة عن الغير من قبيل الفعل بالتسبيب أو الآلة بالنسبة إلى المنوب عنه بحيث يصاف ويستند إليه بأسناد حقيقي (إذ نقول) انه ليس لفعل النائب حتى بمعناه الاسم المصدر الا اضافة واحدة وقيام واحد بالفاعل المباشر دون المنوب عنه (وان) ما يقع عن المنوب عنه انما هو اثره من تفريغ ذمته وتخضعه للمولى وتقربه إليه كما يقع نظيره في الخضوعات العرفية من نحو تقبيل اليد وغيره (فانه) بإيجاد ما هو آلة الخضوع عن الغير، يقع الخضوع لذلك الغير مع رضائه به بلا احتياج إلى امره بذلك، بخلاف باب التسبيب، فانه يحتاج فيه إلى امر من الآمر بالإيجاد ولا يكفيه صرف رضائه بفعله فخضوع المنوب عنه وتقربه إلى المولى وتفريغ ذمته انما يكون من آثار فعل النائب بإيجاد ما هو آلة الخضوع ووظائف العبودية عن قبله، كما ان من آثاره في فرض الاستيجار عليه استحقاق النائب الاجرة عليه، لا انه من آثار اضافة فعل النائب إليه وقيامه به ولو بمعناه، الاسم المصدر، لما عرفت من انه ليس له الا اضافة واحدة قائمة بالنائب، لا ان له اضافتين، اضافة إلى النائب واضافة إلى المنوب عنه وما يرى احيانا من انتساب العمل واسناده إلى المنوب عنه فانم هو بنحو من العناية، لا انه بأسناد حقيقي كما في التسبيبيات وحينئذ فإذا كان العمل الصادر من النائب بعنوان النيابة عن الغير وتفريغ ذمته محكوم بالصحة، يترتب عليه لا محالة، كلا الاثرين من استحقاق العامل للأجرة وبرائة ذمة المنوب عنه.

(بقى الكلام) فيما يحرز به موضوع الاثر (فنقول) اما في العناوين غير القصدية، كتطهير الثوب وازالة الخبث عنه، فلا اشكال في انه يكتفى في جريان اصالة الصحة مجرد احرازها بصورتها (فإذا) شوهد من يأتي بصورة الغسل المزيل عرفا للخبث وشك في كونه مزيلا شرعا لاحتمال الاختلال ببعض شروطه، يحمل على الصحيح ويترتب عليه اثره (واما في العناوين القصدية)، كالعبادات والمعاملات من العقود والايقاعات المتقومة بالقصد (فالظاهر) كفاية احراز عناوينها بصورتها ايضا في الحمل على الصحة، ولا يعتنى باحتمال كونها مجرد صورة قصد بها التعود أو غيره من الدواعي العقلائية (ولذا) لا يتوقف احد في الاخبار عمن شوهد كونه متلبسا بصورة هذه الاعمال من صلاة أو زيارة، أو نسك، بانه يصلى ويزور(فلو شوهد) من يأتي بصورة الصلاة على ميت وشك في صحتها من جهة احتمال كونها مجرد صورة قصد بها التعليم، يحمل على كونها صلاة فيسقط عنه التكليف بالصلاة عليه (وكذا) من يأتي بصورة عقد في مقام المعاملة من بيع ونحوه، حيث يحمل على كونه صادرا عن قصد التسبب به إلى المعاملة بحيث يقدم قول من يدعي الصحة إذ تنازعا في صحة العقد وفساده لأجل التنازع في القصد وعدمه (والعمدة) في ذلك هي السيرة العرفية وبرهان اختلال النظام (حيث انهما) يقضيان بالحمل على الصحيح في نحو هذه الامور من حيث اقترانها بالقصد ما لم يعلم كونها مجرد صورة خالية عن قصد عناوينها، ومن حيث اشتمالها على الشرائط الشرعية المعتبرة في صحتها، وان لم يكن اخبار من الفاعل باقترانها بالقصد المقوم لعناوينها (هذا) في غير الاعمال النيابية (واما) في الاعمال النيابية كالصلاة عن الميت، والحج عن العاجز (فان كان) الشك فيه من جهة القصد المقوم لعنوان العمل من الصلاتية ونحوها، فحكمها ما تقدم من الاكتفاء في احراز عناوينها بإحراز صورتها (وان كان) الشك من جهة وقوعها عن قصد النيابة عن المنوب عنه (فلا طريق) إلى احرازها الا اخبار العامل بعمله من كونه قاصدا به عن المنوب عنه (ولا اشكال) في قبول قوله، لكونه مما لا يعلم الا من قبله (وهل يعتبر) فيه العدالة، أو يكفي فيه الوثوق، أو لا يعتبر فيه العدالة ولا الوثوق فيه وجوه (اظهرها) الاخير، لكونه مما لا يعلم الا من قبله، فيكتفي بإخباره في الحكم بفراغ ذمته واستحقاق الاجرة، وفراغ ذمة المنوب عنه (هذا) إذا كان العمل بصورته أو بعنوانه محرزا بالوجدان (واما لو كان) الشك في اصل وجود العمل وتحققه (فالظاهر انه) لا طريق إلى احرازه الا العلم أو البينة من غير فرق بين العناوين القصدية وغيرها، فلو استأجر شخص لتطهير ثوبه أو للصلاة عن الميت فشك في اصل صدور الغسل المزيل للخبث منه أو اتيانه بالصلاة فلا بد من احراز اصل العمل اما بالعلم أو بالبينة (ولا يكتفي) بأخباره في احراز العنوان وان كان عدلا أو ممن يحصل الوثوق من قوله (إذ لا دليل) على حجية اخباره (بل مقتضى الادلة) كرواية مسعدة بن صدقة من قوله ع حتى تستبين أو تقوم بها البينة اعتبار التعدد والعدالة في الموضوعات الخارجية (وشمول) ادلة حجية خبر الواحد لمثله، ممنوع (لاختصاصه) بالأخبار القائمة على الاحكام الشرعية (وعلى) فرض عمومها للموضوعات الخارجية، لا بد من تقييدها بما دل على اعتبار التعدد والعدالة فيها (نعم) لو فرض كونه مندرجا في مورد تحت قاعدة من القواعد المقتضية لقبوله، كقاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به، أو قاعدة الائتمان، يقبل قوله في ذلك المورد بلحاظ تلك القاعدة، فيحزر به عنوان الموضوع، وتجرى فيه اصالة الصحة عن الشك في صحته وفساده (والا) فيشكل اثبات حجيته قوله ولو مع كونه عدلا أو ممن يوثق بقوله.

(الامر السابع) ان الثابت بهذه القاعدة انما هو خصوص ترتب الآثار الشرعية المترتبة على العمل الصحيح (دون) ما يلازم الصحة من الامور الخارجة عنها (فلو شك) في صحة عقد من العربية أو الماضوية، أو من جهة بلوغ العاقد، يحمل على الصحة بلحاظ ما يترتب عليها من تحقق الملكية والنقل والانتقال (لا بلحاظ) الآثار المترتبة على ما يلازمها من عربية العقد، وماضويته أو بلوغ المتعاقدين (لقصور) اصالة الصحة عن اثبات هذه اللوازم، حتى على القول بامارية هذه القاعدة، فضلا عن اصليتها (لان) مجرد كون الشيء امارة لا يقتضى حجيته بجميع مداليله مطابقة والتزاما (وانما) هو تابع اطلاق دليل تتميم كشفه في الشمول لجميع ما يحكى عنه من المدلول المطابقي والالتزامي (والا) فبدونه لا بد من الاقتصار في تتميم كشفه على المدلول المطابقي وحيث انه ليس في المقام دليل لفظي يقتضى بأطلاقه حجية هذه القاعدة وتتميم كشفها في جميع ما تحكى عنه مطابقة والتزام لان العمدة في الدليل على حجيتها هو الاجماع، والسيرة، ومناطا لاختلال فلا بد من الاقتصار على ما هو المتيقن منها، ولا يكون ذلك الا تتميم كشفها من حيث الصحة، دون ما يلازمه هذ على المختار في وجه حجية مثبتات الامارة من كونه بمناط تعدد الحكاية في الامارة مطابقة والتزام واقتضاء دليل حجيتها لتتميم كشفها بجميع مداليلها واما على ما سلكه بعض الاعاظم قدس سره ، من كونه بمناط ان المجعول في الامارات في نفسه معنى يقتضى حجية مثبتاته فلا بد من الالتزام بعدم التفكيك، بين أماريه هذه القاعدة، ومثبتيتها (ولكن) الكلام في اصل المبني (ولقد) اشبعنا الكلام في ضعفة بما لا مزيد عليه في التنبيه السابع في شرح مثبتات الاصول والامارات فراجع.

(ثم ان) الشيخ (قدس سره) افاد في التفريع على هذا البحث مسألة الشك في كون الشراء بما يملك أو ما لا يملك (حيث قال): فلو شك في ان الشراء الصادر من الغير كان بما لا يملك أو بعين من اعيان ماله، فلا يحكم بخروج تلك العين من تركته، بل يحكم بصحة الشراء وعدم انتقال شيء من تركته إلى البائع: (انتهى)

(وظاهر) اطلاقة شمول الحكم بعدم الانتقال، لما إذا كان المبيع عينا معينا قد شك بشبهة بدوية في كونه خمر أو خلا (مع انه) في هذا الفرض، كما يحكم بصحة الشراء وانتقال الثمن إلى البائع، كذلك يحكم ايضا بانتقال العين المعين الخارجي إلى ملك المشتري (لان) الحكم بصحة الشراء الصادر ليس إلا الحكم بانتقال كل من الثمن والمثمن من ملك صاحبه إلى ملك الآخر (نعم) لا يحكم عليه بالمالية الشرعية، لكونه مما يقصر الحمل على الصحة عن اثباته (نعم لو كان المقصود) من التفريع المزبور صوره تردد ما وقع عليه الشراء بين الفردين احدهما الخل والآخر الخمر (لكان) ما افاده (قدس سره ) من صحة الشراء وعدم الحكم بانتقال شيء من تركته إلى البائع في غاية المتانة (وذلك) اما الحكم بصحة الشراء الصادر في الفرض مع الشك في مالية الثمن شرعا، فلوجود المقتضى للحمل على الصحة (لان) ما به قوام الشراء عرفا انما هو مطلق المالية في العوضين، لا خصوص المالية الشرعية فيها (ولذا) لا شبهة في صدق عنوان البيع والشراء عرفا عند كون الثمن أو المثمن خمرا أو خنزيرا (وحينئذ) فبعد احراز عنوانه العرفي بالوجدان والشك في صحته وفساده من جهة الشك في مالية الثمن شرعا وقابليته للانتقال، تجرى فيه اصالة الصحة (واما) عدم الحكم بانتقال عين من اعيان ماله مما له المالية الشرعية، كالخل مثلا (فانما) هو من جهة كونه من لوازم تطبيق العنوان المعلوم بالإجمال الذى وقع به الشراء على خصوص الخل (ومثله) خارج عن عهدة هذا الاصل (لان) غاية ما يقتضيه الاصل المزبور انما هو التعبد بانتقال العوض المعلوم بالإجمال المردد بين الخمر والخل إلى البائع (واما) كونه هو الخل بالخصوص فلا، وان كان ذلك مما يلازم الصحة واقعا (كم نظيره) في استحباب الكلى المردد بين الباقي والزائل من حيث عدم اثباته لكون الموجود هو الفرد الباقي(وان كان) بينهما فرق من جهة اخرى (ولا تنافي) بين الحكم بصحة الشراء وانتقال المبيع إلى المشتري ظاهرا، وبين عدم الحكم بانتقال شيء من تركته إلى البائع، بل ومع الحكم ببقائه على ملك المشتري ظاهرا بمقتضى اصالة عدم النقل (لان) مثل هذا التفكيك في الاحكام الظاهرية، غير عزيز (نعم) ما ينافي الحكم بصحة الشراء انما هو الحكم بعدم انتقال شيء الي البائع ولو بالعنوان الاجمال المردد بين الفردين (وقد) فرضنا اقتضاء الحمل على الصحة انتقال المعلوم بالإجمال بالعنوان الاجمالي إلى البائع، غير انه لا طريق إلى تطبيقه في الخارج على خصوص الخل. (وبما ذكرنا) من البيان، يظهر اندفاع ما اورد عليه من الاشكال (تارة) على أصل حكمه بصحة الشراء، من جهة ما توهم من تخصيص مورد القاعدة بما إذا كان الشك في الصحة والفساد، من غير جهة الشك في اهلية العاقد وقابلية العوضين شرعا للنقل والانتقال (واخرى) على قوله بعدم الحكم بانتقال شيء من تركته إلى البائع (بدعوى) انه لا معنى الحكم بصحة الشراء مع القول بعدم انتقال شيء من تركته إلى البائع (لانه) اما ان نقول بانتقال المبيع من البائع إلى المشترى، واما ان لا نقول بذلك (فعلى الاول) يلزم الحكم بدخول المبيع في ملك المشتري من دون ان يدخل في ملك البائع ما يقابله من الثمن وهو كما ترى (وعلى الثاني) لا اثر لإصالة الصحة في شرائه (لان) كلا من الثمن والمثمن بعد باق على ملك مالكه، فأي أثر يترتب على اصالة الصحة (وجه الاندفاع) يعلم مما بيناه

 (اما الاشكال) الاول، فيما ذكرنا من ان ما به قوام الشراء عرفا انما هو مطلق المالية في العوضين (وبعد) احراز عنوانه عرفا والشك في صحته وفساده شرعا من جهة المالية الشرعية في الثمن أو المثمن، لا قصور في جريان القاعدة والحمل على الصحة

(واما الاشكال) الثاني، فاندفاعه انما هو بالالتزام بخروج المبيع من ملك البائع إلى ملك المشتري، ولكن لا بلا عوض، بل بإزاء المعلوم بالإجمال المردد بين الخمر والخل، وان لم يكن طريق شرعي إلى تطبيقه على خصوص الخل، أو شيء من اعيان تركته، بلحاظ عدم كون مثل هذ التطبيق من شؤن هذه القاعدة، إلا على القول بالمثبت (فالاستغراب) المزبور من كلام الشيخ (قدس سره) في حمل الشراء الصادر على الصحة مع عدم الحكم بانتقال خصوص شيء من اعيان تركة المشتري إلى البائع، لا يخلو عن غرابة (اللهم) الا ان يقال ان الحكم بانتقال المعلوم بالإجمال بعنوانه الاجمالي إلى البائع انما يصح، إذ كان بحيث على تقدير انطباقه على كل من الفردين قابلا للانتقال إلى البائع بإزاء المبيع (والا) فعلى فرض عدم قابليته لذلك الا على تقدير خاص، فلا يصح الحكم بانتقاله بأزاء المبيع (وبعد) عدم الحكم بانتقال شيء من اعيان تركته إلى البائع، يلزمه عدم الحكم بصحة الشراء ايضا (ولكن) هذه الدعوى غير وجيهة (والا) لا قتضت الحكم بعدم الصحة حتى في فرض العلم بوقوع الشراء بعين معينة محتمل بشبهة بدوية كونها خمرا أو خلا، لجريان المناط المزبور فيه أيضا (وهو) كما ترى (ثم انه) قد يورد على الشيخ (قدس سره) اشكال آخر، (وهو) استلزام الحمل على الصحة في الشراء الصادر، وعدم الحكم بانتقال شيء من تركة المشتري إلى البائع، الوقوع في محذور مخالفة العلم الاجمالي في مجموع التركة، وفيما لو جمع بعض الورثة أو الثالث بين المبيع، والعوض الذي حكم ببقائه على ملك المشترى (ولكنه) كما ترى فان الوقوع في محذور مخالفة العلم الاجمالي احيانا امر غير مرتبط بصحة الشراء من حيث الشراء في الحكم بانتقال المبيع إلى المشتري تعبدا.

(الامر الثامن) في نسبة القاعدة مع الاستصحاب وتقديمها عليه في استصحابات الحكمية والموضوعية (فنقول): اما تقديمها على استصحاب الفساد وما في معناه من الاصول الحكمية، فلا اشكال فيه (من غير فرق) بين القول بكون القاعدة من الامارات الكاشفة، أو من الاصول المحرزة (ولا بين) جعل الصحة في القاعدة بمعنى التمامية، أو بمعنى ترتب الاثر (فانه) على جميع التقادير تكون القاعدة مقدمة على الاصول الحكمية المقتضية لفساد المعاملة، وعدم ترتب النقل والانتقال(وهذا) على أمارية القاعدة واضح، فانها بمقتضى دليل تتميم كشفها تكون حاكمة على تلك الاصول لكونها رافعة للشك في ترتب النقل والانتقال المأخوذ في موضوع تلك الاصول (وهكذا) الكلام على اصلية القاعدة مع البناء على كون الصحة فيها بمعنى التمامية، لا بمعنى ترتب الاثر (بلحاظ) مسببية الشك في ترتب الاثر وتحقق النقل والانتقال، عن الشك في تمامية العقد في المؤثرية، وتمامية المسبب في قابليته للمتأثرية (واما) بناء على كون الصحة فيها عبارة عن نفس ترتب الاثر (فتقديم) القاعدة عليها يكون بمناط التخصيص (لانه) ما من مورد يمكن ان تجري فيه القاعدة إلا وفيه اصل يقتضي الفساد وعدم ترتب الاثر المقصود (فلولا) تقديم القاعدة على تلك الاصول، ليلزم لغوية جعلها (بخلاف) العكس، فانه لا يلزم من تقديم القاعدة على الاصول الحكمية محذور اللغوية في جعل الاصول (لان) لها موارد كثيرة لا تجرى فيه القاعدة (مع امكان) دعوى الحكومة على هذا المبنى ايضا بناء على ما عولنا عليه من الدليل لهذه القاعدة من السيرة واختلال النظام المستفاد من التعليل الوارد في بعض اخبار اليد بانه لولاه ما قام للمسلمين سوق (فان) مثل هذا اللسان ناظر إلى تخصيص مجرى الاصول الحكمية المقتضية للفساد، بغير مجرى هذه القاعدة (إذ لا نعنى) من الحكومة الا ما يكون ناظرا إلى دليل آخر بتوسعة أو تضيق في دائرته، ولو لا يكون بلسان تتميم الكشف.

(واما تقديمها) على الاستصحابات الموضوعية، كأصالة عدم البلوغ ونحوها فقد اختلف فيه كلمات الاعلام (والظاهر) اختلاف الحكم في المقام باختلاف المباني في مفاد دليل الاستصحاب من حيث جعل المماثل والاثر، أو مجرد الامر بالمعاملة من حيث الجري العملي، وكذا في القاعدة من جهة الا مارية والاصلية، ومن حيث معنى الصحة فيها في كونه نفس ترتب الاثر، أو التمامية (فنقول): ان جعلنا هذ الاصل من الامارات والظواهر المعتبرة، كما هو ظاهر جماعة (فان) قلنا بحجتيه في جميع ماله من المدلول مطابقة والتزاما (فلا شبهة) في تقديمه على تلك الاستصحابات بمناط الحكومة، لاقتضائه بدليل كشفه ارتفاع الشك المأخوذ في موضوع تلك الاصول (واما ان قلنا) بعدم حجيته الا في خصوص مدلوله المطابقي دون غيره، كما هو التحقيق وتقدم الكلام فيه في الامر السابق (فان بنينا) في مفاد لا تنقض على كونه ناظرا إلى جعل المماثل في استصحاب الاحكام وجعل الاثر في استصحاب الموضوعات (فلا محيص) من التعارض بين هذا الاصل، وبين استصحاب عدم بلوغ العاقد حين العقد (إذ بعد) عدم اقتضاء هذا الاصل لأثبات بلوغ العاقد ورفع الشك من جهته، يجري فيه استصحاب العدم ويترتب عليه أثره الذي هو فساد العقد وعدم ترتب النقل والانتقال، فتقع بينهما المعارضة (ومع) هذا التعارض لا مجال لتقديم القاعدة على الاستصحاب الا بمناط التخصيص بما ذكرنا من لزوم اللغوية في جعلها لولا تقديمه على تلك الاستصحابات (كما لا مجال) لتقديم الاستصحاب عليه من جهة الحكومة (بتوهم) تسبب الشك في الصحة والفساد حينئذ عن الشك في بلوغ العاقد، وبأصالة عدمه يرتفع الشك عن صحة العقد تعبدا (فانه) لو تم ذلك فإنما هو فيما إذا كان الشك مأخوذا في موضوع القاعدة، لا موردا لها (والا) فعلى فرض اخذه فيها على نحو الموردية، كما هو المفروض من إمارية القاعدة، فلا حكومة للاستصحاب عليها (واما ان بنينا) في مفاد لا تنقض على كونه ناظرا إلى مجرد الامر بالمعاملة مع المستصحب معاملة الواقع من حيث الجري العملي كما هو المختار (فيمكن) ان يقال بتقديم القاعدة على الاستصحاب الموضوعي بمناط الحكومة (لانها) بمقتضى دليل تتميم كشفها توجب الغاء احتمال فساد المعاملة (ومعه) لا يجري استصحاب عدم البلوغ، لخلوه حينئذ عن الاثر (لا يقال) على هذا الفرض لا بد من التعارض ايضا بين الاستصحاب والقاعدة، كالفرض السابق، فكيف التفكيك بينهم (فانه يقال) ان مرجع التنزيل في الفرض الثاني في استصحاب الموضوع إلى تعبدين تعبد بالموضوع وتعبد بأثره حسب تعدد الشك من حيث الموضوع واثره من الحكم التكليفي أو الوضعي (فإذا) كان التعبد الثاني محكوما بأصالة الصحة، يكون التعبد بالموضوع لغو لخلوه عن الاثر (بخلاف) الفرض الاول (فان) فيه لا يكون الا تعبد واحد بالموضوع بلحاظ جعل اثره (ولأجله) يقع التعارض بين التعبد بالصحة بمقتضى القاعدة، وبين التعبد بعدمها بمقتضى استصحاب عدم البلوغ (ولا مجلل) فيه لتقديم القاعدة على الاستصحاب الا بمناط التخصيص من جهة محذور اللغوية في جعلها، من غير فرق في ذلك بين القول بأن الصحة في القاعدة بمعنى التمامية، أو ترتب الاثر (هذا كله) على القول بامارية هذه القاعدة (واما على القول) بأصليتها، كما هو التحقيق فيها (فان جعلنا) الصحة فيها عبارة عن نفس ترتب الاثر، كما هو المشهور (فلا محيص) من حكومة الاستصحاب على القاعدة (بلحاظ) تسبب الشك في ترتب الاثر عن الشك في بلوغ العاقد، وباستصحاب عدمه يرتفع الشك المزبور، فيترتب عليه الحكم بالفساد وعدم ترتب الاثر من النقل والانتقال (من غير) فرق في ذلك بين القول باستفادة جعل الاثر من دليل حرمة النقض في استصحاب الموضوع، وبين القول باستفادة الامر بالمعاملة منه من حيث الجري العملي منه (وان كانت) الحكومة على الاول اظهر (وان جعلنا) الصحة فيها بمعنى التمامية، كما هو المختار(فقد يتوهم) كونها محكومة ايضا باستصحاب عدم البلوغ، باعتبار تسبب الشك في تمامية العقد عن الشك في بلوغ العاقد، فأصالة عدم البلوغ تكون مزيلة للشك في تمامية العقد (ولكنه) توهم فاسد (إذ نقول) انهما وان كانا متغايرين مفهوما، ولكنهما متحدين منشئاً، فان تمامية العقد في مرحلة السببية والمؤثرية، وكذا تمامية المسبب في مرحلة القابلية للمتأثرية ليست الا عين واجدية العقد والمسبب للشرائط المعتبرة فيهم (وانما الفرق) بينهما بصرف الاجمال والتفصيل بلا سببية ولا مسببية في البين (ومعه) كما تجرى استصحاب عدم البلوغ فيترتب عليه الفساد، كذلك تجرى اصالة الصحة، فيتعارضان ولازمه الحكم بسقوطهما معا (الا) ان يتشبث لتقديم القاعدة عليه بما ذكرناه من محذور اللغوية في جعل القاعدة (لانه) ما من مورد يشك في صحة عمل وفساده في ابواب العقود وغيرها الا وكان الشك في بعض ما يعتبر فيه وجودا وعدما مما كان في نفسه مجرى الاستصحاب (فلو قيل) حينئذ بسقوط القاعدة في تلك الموارد لأجل الاصول الجارية فيه لم يبق لجريانها الا الموارد النادرة، فيلزم من جعلها محذور اللغوية ويلزمه محذور الاختلال في النظام (بخلاف) فرض العكس، فانه لا يلزم محذور من تقديم القاعدة على الاستصحاب في موارد جريانها في طرف الاستصحاب (فالأقوى) حينئذ تقديم القاعدة على الاستصحاب مطلقا سواء في الاستصحابات الحكمية أو الموضوعية، وسواء بين الصحة بمعنى التمامية، وبينها بمعنى ترتب الاثر (ثم ان) للشيخ الاعظم قده كلاما في المقام في وجه بيان المعارضة وتقديم اصالة الصحة، ولأجل تلامذته السيد العلامة الشيرازي ( قدس سره ) كلام آخر في وجه المعارضة، ولا يسعني المجال للتعرض لهما.....

(بقى الكلام) في اصالة الصحة في الاقوال والاعتقادات (اما الاقوال) فالشك في صحتها يتصور على وجوه :

(الاول) من حيث كونه مباحا، أو حراما موجبا لفسقه (ولا اشكال) في الحمل على الصحة من هذه الجهة :

(الثاني) من حيث كونه على طبق القواعد العربية من حيث المادة والهيئة، كما (لو شوهد) صدور عقد أو ايقاع من الغير وشك في كونه على طبق القواعد العربية من حيث المادة والهيئة (ولا اشكال) في الحمل على الصحة من هذه الجهة ايضا وانه يترتب عليه آثار الصحة من حيث النقل والانتقال وغيرهما :

(الثالث) من حيث كونه كاشفا عن المعنى المقصود (والشك) من هذه الحيثية يكون من وجوه (الاول) من جهة ان المتكلم قصد المعنى بقوله بعت أو ملكت اما لم يقصده بل تكلم من غير قصد (ولا ريب) في الحمل على الصحة من هذه الجهة وترتيب آثارها، بحيث لو ادعى عدم قصد المعنى بقوله بعت أو انه تكلم لغوا أو للتعلم ونحو ذلك لم يسمع منه

(الثاني) من جهة ان المتكم اراد من اللفظ معناه الحقيقي حتى يترتب عليه الاثر، أو اراد منه المعنى المجازي في مقام الاستعمال بلا ذكر القرينة (وفي جريان) اصالة الصحة في هذه الصورة اشكال ينشأ من عدم تصور الفساد في استعماله ذلك.

لعدم كون استعمال اللفظة في المعنى المجازي في نفسه بلا ذكر القرينة استعمالا فاسدا، مع وضوح اختصاص هذا الاصل بما إذا كان مجريه مما له فرد صحيح وفرد فاسد (وكذا الكلام) فيما لو شك في كون المتكلم معتقدا لمؤدي قوله من الاخبار أو الانشاء (نعم) في فرض تصور الصحة والفساد في انشائه أو اخباره، لا اشكال في الحمل على الصحيح (ولكن) ذلك مع قطع النظر عن اصالة الحقيقة واصالة الظهور ونحوها من الاصول اللفظية المرادة (والا) فلا مجال لأصالة الصحة في الكلام الصادر من المتكلم مع وجود هذه الاصول كما هو ظاهر (الرابع) من جهة كون اخباره مطابقا للواقع في نفس الامر، وهذا معنى حجية خبر المسلم (ولا ينبغي) الاشكال في عدم جريان قاعدة الحمل على الصحيح في هذه الصورة (وذلك) لا من جهة الاجماع على عدم قبول كل خبر صدر من مسلم (بل من جهة) عدم دخل حيث المطابقة واللامطابقة للواقع في صحة اخبار المسلم (لان) هذه الحيثية من الامور الاتفاقية غير الملازمة لخبرية الخبر (مضافا) إلى انه لا اثر لحيث مطابقة الخبر للواقع ونفس الاثر، كي عند الشك في المطابقة وعدمها تجرى فيه اصالة الصحة (لوضوح) ان الامر وهو الحجية أو المعذرية انما هو من لوازم احراز الواقع بخبره، لا من لوازم صدق الخبر ومطابقته للواقع في نفس الامر (ولذا لو اخبر) بوجوب شيء واحرز كونه مطابقا للواقع يترتب عليه الحجية ووجوب العمل على طبقه، وان كان ما اخبر بوجوبه مباحا في الواقع (وبالعكس) لو اخبر بعدم وجوب ما كان واجبا في نفس الامر، يترتب عليه مع الاحراز المزبور المعذرية (فإذا كان) عنوان المطابقة واللامطابقة للواقع اجنبيا عن موضوع الاثر، وعن حيث دخله في اتصاف الخبر بالصحة والفساد، فلا تجري فيه هذا الاصل (لما عرفت) من اختصاصه بما إذا كان مجراه مما له فرد صحيح يترتب عليه الاثر، وفرد فاسد لا يترتب عليه الاثر (وحينئذ) فعدم جريان هذا الاصل من هذه الحيثية انما يكون من جهة عدم المقتضى للحمل على الصحة، لا انه من جهة عدم وفاء الدليل عليه، كما يظهر من الشيخ (قدس سره).

(واما الصحة في الاعتقادات) فإجمال الكلام فيها، هو ان الشك في صحة اعتقاد الغير (ان كان) من جهة نشوه عن مدرك صحيح من دون تقصير منه في مقدماته، أو نشوه عن مدرك فاسد لتقصير منه في مقدماته (فالظاهر) هو الحمل على الصحيح، كما في المفتي وغيره ممن يعتبر رأيه واعتقاده بالنسبة إلى مقلديه ،فان الحجة بالنسبة إلى المقلد انما هو رأي المجتهد واعتقاده في المطلب، وان حجية قوله بانه يجب كذا ويحرم كذا انما يكون من جهة كونه كاشفا عما هو الحجة وهو رأيه واعتقاده (فإذا) شك في صحة اعتقاده من الجهة المزبورة يحمل على الصحة (وان كان) الشك في صحته من جهة المطابقة للواقع، فلا يحمل على الصحة لما تقدم من عدم المقتضى للحمل على الصحة من هذه الجهة.

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.