المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9142 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



صلاة العيد ورعب المأمون منها  
  
3083   05:59 مساءاً   التاريخ: 8-8-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام الرضا (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏2،ص353-354.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن موسى الرّضا / موقفه السياسي وولاية العهد /

طلب المأمون من الامام الرضا (عليه السّلام) أن يصلي بالناس صلاة العيد و يخطّب بعد الصلاة لتطمئن بذلك قلوب العامة و يعرفوا فضله فامتنع الامام من اجابته و قال له: قد علمت ما كان بيني و بينك من الشروط و هي عدم تدخله في أي أمر من الأمور فقال المأمون: انما أريد بهذا أن يرسخ في قلوب العامة و الجند و الشاكرية هذا الأمر فتطمئن قلوبهم و يقروا لما فضلك اللّه به و اصر المأمون عليه فاضطر إلى إجابته و لكنه شرط عليه أن يخرج إلى الصلاة كما كان يخرج جده رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و جده الامام امير المؤمنين (عليه السّلام) فقال له المأمون: اخرج كيف شئت و أوعز المأمون إلى القوات المسلحة و إلى سائر الناس باستقبال الامام الرضا (عليه السّلام) و خرجت الجماهير تنتظر خروج الامام و قد غصت بهم الطرقات و أشرفوا من اعلى منازلهم و لما طلعت الشمس قام الامام فاغتسل و لبس عمامة بيضاء و القى طرفا منها على صدره الشريف و طرفا بين كتفه و أمر مواليه ان يصنعوا مثل صنعه ثم أخذ بيده عكازة و خرج بتلك الحالة التي تعنو لها الجباه و رفع رأسه الشريف إلى السماء فكبر اربع تكبيرات و قد تهيأ الجيش و تزين بأحسن زينة ثم وقف على الباب فكبر اربعا و قال: اللّه اكبر على ما هدانا اللّه اكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام الحمد للّه على ما أبلانا .

و ضجت الأرض بالتكبير و ماج الناس و علت اصواتهم بالتكبير و تذكروا في صورة الامام (عليه السّلام) صورة جده الرسول (صلى الله عليه واله)  الذي طور الحياة الفكرية في الأرض و تبين لهم زيغ اولئك الملوك الذين حكموهم بالظلم و الجور.

و كان الامام العظيم (سلام اللّه عليه) يمشي على قدميه و يقف في كل عشر خطوات و يكبر اللّه تعالى اربع مرات و تخيل الناس ان السماء و الأرض و الحيطان تجاوبه و صارت (مرو) ضجة واحدة و بلغ المأمون ذلك فارتاع و فزع و انبرى إليه الفضل بن سهل فقال له: يا أمير المؤمنين إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس فالرأي أن تسأله أن يرجع .

و بعث المأمون بعض جلاوزته إلى الامام فسأله الرجوع فدعا (عليه السّلام) بخفة فلبسه و رجع من دون أن يصلي بالناس و قد اظهرت هذه البادرة روحانية الامام و زهده في الدنيا و رفضه لمباهج الملك و السلطان و يصف البحري خروج الامام (عليه السّلام) الى الصلاة بهذه الكيفية بقوله:

ذكروا بطلعتك النبي فهللوا                 لما طلعت من الصفوف و كبروا

حتى انتهيت إلى المصلى لابسا            نور الهدى يبدو عليك فيظهر

و مشيت مشية خاضع متواضع‏           للّه لا يزهو و لا يتكبر

و لو ان مشتاقا تكلف غير ما              في وسعه لمشي إليك المنبر

  و يقول الرواة: إن خروج الامام إلى الصلاة بهذه الكيفية كانت من أهم العوامل التي ادت إلى حقد المأمون على الامام و اقدامه على اغتياله.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.