أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2016
457
التاريخ: 3-8-2016
1159
التاريخ: 25-8-2016
664
التاريخ: 25-8-2016
572
|
مما استدل به على كون الامر بالشيء مقتضيا للنهي عن ضده الخاص هو ان ترك الضد مما يتوقف عليه فعل الواجب توقف الشيء على عدم مانعه فيجب بالوجوب المقدمي فيكون نفس الضد حرام. قال صاحب المعالم في مقام الجواب عن هذا الاستدلال: وايضا فحجة القول بوجوب المقدمة على تقدير تسليمه انما تنهض دليلا على الوجوب في حال كون المكلف مريدا للفعل المتوقف عليها كما لا يخفى على من اعطاها حق النظر .
فظاهر كلامه (قدس سره) ان وجوب المقدمة مشروط بإرادة ذيها بحيث لا وجوب لها عند عدم ارادته. (وفساد هذا الكلام من اوضح الواضحات) فانه ان كان مراده ان وجوب ذي المقدمة ايضا مشروط بإرادته، (ورد عليه) بان الغرض من الامر انما هو ايجاد الداعي والارادة في نفس المكلف فلا يعقل ان يكون مشروطا بهما، (وان كان مراده) ان وجوب ذي المقدمة مطلق غير مشروط بإرادته ولكن وجوب المقدمة مشروط، (استشكل عليه) بان وجوب المقدمة (بناء على الملازمة) وجوب ظلي ترشحي لا ينفك من وجوب ذيها بل يكون ثابتا أينما ثبت فهو في الاطلاق والاشتراط تابع لوجوب ذيها. وهذا في البداهة بحيث لا يحتاج إلى البيان. (ثم انه) بعد ما ثبت ان وجوب المقدمة غير مشروط بإرادة ذيها بل هو في الاطلاق والاشتراط تابع لوجوبه، فهل الواجب مطلق المقدمة، أو خصوص ما قصد به التوصل إلى ذي المقدمة بحيث يكون هو الداعي إلى اتيانها سواء اوصلت إليه ام لا، أو خصوص ما اوصلت إليه سواء اتى بها بهذا الداعي ام لا، أو خصوص ما قصد بها التوصل واوصلت؟ في المسألة وجوه، وقد نسب الثاني إلى الشيخ (قدس سره) واختار الثالث صاحب الفصول (رحمه الله). وليس مرادهما ان قصد التوصل أو نفس الايصال شرط للوجوب كما كان صاحب المعالم يقول باشتراط الوجوب بإرادة ذي المقدمة، بل مرادهما ان الوجوب مطلق ولكن الواجب مقيد، فالواجب على قول الشيخ هو المقدمة التي اتى بها بداعي التوصل بها إلى ذيها، وعلى قول صاحب الفصول هو المقدمة التي اوصلت إلى ذيها، وعلى قول المشهور لا يكون الوجوب ولا الواجب مشروطا بشيء.
(وليعلم) ان مقصود الشيخ وصاحبي المعالم والفصول من هذه التفاصيل التي احدثوها في هذا المقام انما هو تصحيح العبادة التي تكون ضدا لواجب اهم كالصلاة التي تكون ضدا للإزالة، فانه قد اشكل عليهم الامر في ذلك من جهة توهم ان ترك الضد العبادي مقدمة للواجب الاهم فيكون واجبا ولازم هذا كون فعله حرام وحينئذ فكيف يقع عبادة، فصاحب المعالم حيث اختار اشتراط وجوب المقدمة بإرادة ذيه يقول بصحة الصلاة لوجود الصارف عن الازالة وعدم ارادتها فلا يكون ترك الصلاة واجب حتى يحرم فعله وينهى عنه، (هذا) وسيتضح لك في مبحث الضد كلام الشيخ وصاحب الفصول ايضا في تصحيحها فانتظر. ولنرجع إلى اصل المطلب فنقول : القول بكون الواجب عبارة عن المقدمة المأتى بها بقصد التوصل فقط وان نسب إلى الشيخ ويوهمه كلام مقرر بحثه في بادى النظر الا ان الدقة في مجموع كلام المقرر من الصدر إلى الذيل لعلها ترشد إلى ان مقصوده ليس تخصيص الوجوب بالمقدمة المأتى بها بقصد التوصل، بل مقصوده تنقيح ما ذكرناه سابقا في مسألة الطهارات الثلث من ان عبادية المقدمات ووقوعها امتثالا انما تتحقق بإتيانها بداعي الامر النفسي المتعلق بذيها وبقصد التوصل بها إليه لا بقصد امره الغيري الترشحي (وبالجملة) ليس مقصوده دخالة قصد التوصل في وقوع المقدمة على صفة الوجوب، وانما المقصود دخالة ذلك في وقوعها امتثالا للأمر ومقربا إلى ساحة المولى كما في الطهارات الثلاث فراجع كلامه حتى تطلع على مرامه (نعم) ان كان مراده تخصيص الوجوب بما اتى بها بقصد التوصل فقط يرد عليه ما اورده المحقق الخراساني: من ان الملاك لوجوب المقدمة هو المقدمية وكونها في طريق ذي المقدمة لا غير، وعدم دخل قصد التوصل فيه واضح والا لما صح الاكتفاء بما لم يقصد به التوصل مع انه (قدس سره) اعترف بالاجتزاء به فيما لم تكن المقدمة عبادية (انتهى).
هذا ما اردنا ذكره في باب قصد التوصل. (1)
(واما المقدمة الموصلة) التي صارت معركة للآراء فقد عرفت ان القول بوجوبها مما اختاره صاحب الفصول (رحمه الله) ولنذكر بعض كلامه في الفصول، (قال) في هذا الباب ما حاصله: انه هل يعتبر في وقوع المقدمة على صفة الوجوب ان يترتب عليها فعل الغير وان لم يقصد بها ذلك، أو يعتبر قصد التوصل بها إلى الغير وان لم يترتب، أو يعتبر الامران كلاهما، أو لا يعتبر شيء منهما؟ وجوه، والتحقيق هو الوجه الاول لان مطلوبية المقدمة انما تكون للغير، وكون مطلوبية الشيء للغير يقتضى مطلوبية ما يترتب ذلك الغير عليه دون غيره (إلى ان قال) ما حاصله: انه يظهر الثمرة فيما لو وجب عليه الدخول في ملك الغير بغير اذنه لإنقاذ غريق يتوقف عليه، فبناء على ما قلناه من اعتبار الترتب لو دخله وانقذ الغريق وقع المقدمة على صفة الوجوب سواء كان حين الدخول قاصدا للإنقاذ ام لا، غاية الامر انه يكون في الفرض الثاني متجريا، ولو دخله ولم ينقذ الغريق لم تقع المقدمة على صفة الوجوب بل وقعت حراما سواء كان حين الدخول قاصدا للإنقاذ أو لم يكن قاصدا له غاية الامر انه يكون على فرض القصد معذورا في فعل الحرام بخلاف الثاني. واما بناء على كون الواجب مطلق المقدمة فلازمه كون الدخول مطلقا واقعا على صفة الوجوب وهو امر لا يمكن تصديقه. (انتهى ما اردنا نقله من كلامه).
(اقول): القول بوجوب المقدمة الموصلة يتصور على وجهين:
(الاول) ان يكون المتعلق للوجوب ذات ما يوجد من المقدمات في الخارج مصداقا للموصل لا بوصف الموصلية بمعنى ان الشارع مثلا رأى ان المقدمات التي تحصل في الخارج على قسمين: بعض منها مما توصل إلى ذيها ويترتب هو عليها واقعا، وبعض منها مما لا توصل فخص الوجوب بالقسم الاول اعني ما يكون بالحمل الشايع مصداقا للموصل، فعلى هذا لا يكون عنوان الموصلية قيدا مأخوذا في الواجب بنحو يجب تحصيله بل تكون عنوانا مشيرا إلى ما هو واجب في الواقع.
(الثاني) ان يكون المتعلق للوجوب عبارة عن المقدمة الموصلة مع وصف الايصال بحيث يكون قيد ايصال ايضا مأخوذا في الواجب بنحو يجب تحصيله، فان كان مراد القائلين بوجوب المقدمة الموصلة فقط المعنى الاول، فيرد عليه ان هذا ليس تفصيلا جديدا في مسألة وجوب المقدمة بل هو نفس التفصيل الذى ذكره بعضهم اعني اختصاص الوجوب بالمقدمة السببية، فان المقدمة التي تكون موصلة في متن الواقع ويترتب عليها ذو المقدمة لا تنطبق الا على المقدمة السببية (2)وان كان مرادهم المعنى الثاني بان يكون الواجب عبارة عن المقدمة المقيدة بوصف الايصال، ففيه انه يلزم على هذا ان يترشح من هذا الوجوب المقدمي وجوب مقدمي متعلق بذي المقدمة (3) فان تحصيل قيد الايصال لا يمكن الا بإتيان ذي المقدمة، والالتزام بهذا المعنى مشكل جدا فتدبر.
____________
(1)اقول: ولبعض اعاظم المحققين في هذا المقام بيان في اثبات اعتبار قصد التوصل في وقوع المقدمة على صفة الوجوب ولا باس بالإشارة إليه مع ما فيه فنقول: قد اسس المحقق المزبور بنيان كلامه على مقدمتين:
(الاولى) ان الجهات التعليلية في الاحكام العقلية كلها راجعة إلى الحيثيات التقييدية، فالواجب في باب المقدمات بحسب الحقيقة هو التوصل إلى ذي المقدمة لانه الملاك لوجوب المقدمة وقد قلنا: ان الوجوب في الوجوبات العقلية للجهات بحسب الحقيقة.
(الثانية) ان كل حكم من الاحكام انما يتعلق في الحقيقة بما يقع من الطبيعة معلولا للإرادة لا بمطلق الطبيعة إذ هو جامع لما يقع منها بالإرادة ولما ليس كذلك، والتكليف بالنسبة إلى ما لا يقع منها بالإرادة تكليف بأمر غير اختياري. ففيما نحن فيه بعد ما ثبت في المقدمة الاولى ان الوجوب بحسب الحقيقة يتعلق بالتوصل، نضيف إليه هنا انه يتعلق بالتوصل المعلول للإرادة والقصد فثبت المطلوب. هذا ملخص كلامه.
(اقول): وفي المقدمة الثانية نظر، إذ الميزان في اختيارية الفعل ومقدوريته كون الفاعل بحيث ان ارادة فعله وان لم يرده لم يفعله، وصدق الشرطية لا يستلزم صدق الطرفين والا لما كان عدم الممكنات مقدورا للحق تعالى، هذا مضافا إلى ان التكليف انما يتعلق بالطبيعة المهملة لجامعة لما يوجد منه بالإرادة ولما ليس كذلك، والجامع بين الاختياري وغير الاختياري اختياري بالضرورة كما هو واضح. ثم ان ما ذكره (من ان الملاك لوجوب المقدمة هو التوصل به إلى ذي المقدمة امر قد اختاره في قبال المحقق الخراساني فانه قال في كفايته: ان الملاك لوجوب كل مقدمة والغرض منه هو التمكن من ذي المقدمة بالنسبة إلى هذه المقدمة، وقد رد عليه هذا المحقق بان التمكن من ذي المقدمة ليس معلولا لوجود المقدمة بل معلول للتمكن منها ولنا في هذا الامر ايضا اشكال لا مجال لذكره فتدبر.
(2) يمكن ان يقال ان المقدمة التي يترتب عليها ذو المقدمة لا تنحصر في السبب إذ الترتب لا يستلزم ان يكون المترتب عليه علة تامة للمترتب، بل الترتب عبارة عن وقوع شيء عقيب شيء آخر، فالمقدمة التي يترتب عليها ذو المقدمة كما يمكن ان تكون سببا يمكن ايضا ان تكون شرطا أو معدا وجد بعده ذو المقدمة ولو بمعونة ساير المقدمات، فان الشروط مثلا بحسب الواقع على قسمين: بعضها مما يوجد بعده المشروط، وبعضها مالا يوجد المشروط بعده، ومن عبر بالمقدمة الموصلة فقد اراد مطلق الترتب لا خصوص العلة التامة.
(3) اقول : بل يلزم ترشح وجوبين غيريين تعلق احدهما بذى المقدمة والاخر بذات المقدمة، فان المطلق اعني الذات جزء للواجب الذى هو الذات المقيدة بالإيصال حسب الفرض.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|