المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6251 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



المساواة في الإسلام  
  
2318   04:57 مساءاً   التاريخ: 29-7-2016
المؤلف : ألسيد مهدي الصدر
الكتاب أو المصدر : أخلاق أهل البيت
الجزء والصفحة : ص473 -486
القسم : الاخلاق و الادعية / الفضائل / العدل و المساواة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-7-2016 1587
التاريخ: 2024-01-08 968
التاريخ: 29-7-2016 2319
التاريخ: 29-7-2016 2147

 لقد شرّع الإسلام مبدأ المساواة ، ونشَر ظِلاله في رُبوع المجتمع الإسلامي بأُسلوبٍ مثاليٍّ فريد  لم تستطع تحقيقه سائرُ الشرائع والمبادئ .

فأفراد المجتمع ذكوراً وإناثاً ، بيضاً وسوداً ، عرباً وعجماً ، أشرافاً وسَوَقَة ، أغنياءً وفقراء كلّهم في شرعة الإسلام سواسيةً كأسنان المشط ، لا يتفاضلون إلاّ بالتقوى والعمل الصالح .

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات : 13] .

والقوانين الإسلاميّة والفرائض الشرعيّة نافذةً عليهم جميعاً دون تمايز وتفريق بين الأجناس والطبَقات.

وما انفك النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) عن تركيز مبدأ المساواة وتصعيده حتّى استطاع تطويره والتسامي به إلى المؤاخاة الروحيّة بين المؤمنين .

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات : 10] .

حسبُك في ذلك أنّ الملوك كانوا يحسبون أنّهم فوق مستوى البشر ، ويترفّعون عنهم في أبراجٍ عاجيّة يطلّون منها زهواً وكِبَراً على الناس .

يأمر القرآن الكريم سيّد المُرسلين أنْ يعلن واقعه للناس : {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف : 110].

لذلك كان هو ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، وذرّيته الأطهار : المثل الأعلى في تطبيق مبدأ المساواة والدعوة إليه قولاً وعملاً .

قال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( إنّ اللّه تبارك وتعالى قد أذهب بالإسلام نخوةَ الجاهليّة وتفاخرها بآبائها ، ألا إنّ الناس مِن آدم ، وآدم مِن تراب ، وأكرمهم عند اللّه اتقاهم ) .

ويُحدّثنا الرواة : أنّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) كان في سفَر فأمر بإصلاح شاة ، فقال رجل : يا رسول اللّه ، عليّ ذبحها ، وقال آخر : عليّ سلخها ، وقال آخر : عليّ طبخها ، فقال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( وعليّ جمع الحطَب ) .

فقالوا يا رسول اللّه ، نحن نكفيك ، فقال : ( قد علِمت أنّكم تكفوني ، ولكن أكره أنْ أتميّز عليكم ، فإنّ اللّه يكره مِن عبدهِ أنْ يراه متميّزاً بين أصحابه وقام فجمع الحطب ) (1) .

ويحدّث الرواة : أنْ سوادة بن قيس قال للنبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) في أيّام مرضه : يا رسول اللّه ، إنّك لمّا أقبلت مِن الطائف استقبلتك ، وأنت على ناقتك العضباء ، وبيَدِك القضيب المَمْشوق  فرفعت القضيب وأنتَ تريد الراحلة فأصاب بطني ، فأمره النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) أنْ يقتصّ منه فقال : اكشف لي عن بطنك يا رسول اللّه ، فكشَف عن بطنه .

فقال سوادة : أتأذن لي أنْ أضع فمي على بطنك ، فأذن له فقال : أعوذ بموضع القصاص مِن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) النار يوم النار ، فقال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( يا سوادة بن قيس أتعفو أم تقتص ؟ ) فقال : بل أعفو يا رسول اللّه .

فقال : ( اللهمّ اعفُ عن سَوادة بن قيس كما عفَى عن نبيّك محمّد ) (2) .

وهكذا كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : قال الصادق ( عليه السلام ) : ( لما وِلّيَ عليّ ( عليه السلام ) صعَد المنبر فحمِد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال : إنّي لا أرزؤكم مِن فَيئكم درهماً ما قام لي عذق بيثرب ، فلتصدقكم أنفسكم ، أفَتروني مانعاً نفسي ومُعطيكم ؟ .

قال : فقام إليه عقيل كرّم اللّه وجهه فقال له : اللّه ! لتجعلني وأسوَد بالمدينة سَواء .

فقال ( عليه السلام ) : اجلس أما كان هنا أحدٌ يتكلّم غيرك ؟ , وما فضلك عليه إلاّ بسابقةٍ أو تقوى ) (3) .

( ومشى إليه ثُلّة مِن أصحابه عند تفرّق الناس عنه ، وفرار كثير منهم إلى معاوية طلَباً لِما في يدَيه مِن الدنيا ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، أعطِ هذه الأموال وفضل هؤلاء الأشراف مِن العرَب وقُرَيش على المَوالي والعجَم ومَن تخاف عليه مِن الناس فراره إلى معاوية .

فقال لهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أتأمروني أنْ أطلب النصر بالجور ؟, لا واللّه ما أفعل ما طلَعت شمسٌ ولاحَ في السماء نجم ، واللّه لو كان مالهم لي لواسَيت بينهم ، وكيف وإنّما هي أموالهم )(4) .

( وقال عُمَر بن الخطّاب للناس يوماً : ما قولكم لو أنّ أميرَ المؤمنين شاهدَ امرأةَ على معصية  يعني أتكفي شهادته في إقامة الحدّ عليها؟.

فقال له عليّ بن أبي طالب : ( يأتي بأربعةِ شهود ، أو يُجلَد حدّ القذف شأنه في ذلك شأن سائر المسلمين ) (5) .

وفقد انبهر الكاتب الغربي ( جَـب ) بمبدَأ المساواة في الإسلام ، وراح يُعرِب عن إعجابه وإكباره لذلك ، فقال في كتابه - مع الإسلام :

ليس هناك أيّة هيئة سِوى الإسلام يُمكن أنْ تنجح مثله نجاحاً باهراً في تأليف هذه الأجناس البشريّة المُتنافرة في جبهةٍ واحدة أساسها المساواة .

وإذا وضعت منازعات دول الشرق والغرب العظمى موضع الدرس فلا بدّ مِن الالتجاء إلى الإسلام لحزم النزاع .

وبتقرير مبدأ المساواة استشعر المسلمون مفاهيم العزّة والكرامة ، ومعاني الوئام والصفاء  وغدَوا قادة الأُمم وروّادها إلى العدل والحريّة والمساواة .

وفي الوقت الذي قرّر الإسلام فيه المساواة ، فإنّه قرّرها بأُسلوبٍ منطقيٍّ حكيم يُلائم العقول النيّرة والفطَر السليمة ، ويُساير مبادئه الخالدة في إشاعة العدل ، وإتاحة فُرَص التكافؤ بين عامّة المسلمين ، وإناطة التفاضل والتمايز بينهم فيما هو مقدور لهم وداخلٌ في إمكاناتهم ، مِن أعمال الخير والصلاح دون ما كان خارجاً عن طاقتهم وإرادتهم ، مِن وَفرة المال أو سعة الجاه .

{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات : 13] .

فهو يشرّع المساواة تحقيقاً لمبادئه العادلة البنّاءة ويقرّر التمايز كذلك نظَراً لبعض القِيَم والكفاءات التي لا يجوز إغفالها وهدرها .

{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر : 9] .

لذلك فضّل اللّه الأنبياء بعضهم على بعض ، لاختلاف كفاءتهم وجهادهم في سبيل اللّه تعالى وإصلاح البشَر وإسعادهم .

{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ } [البقرة : 253]. وفضّل العلماء على الجهّال ، والمؤمنين بعضَهم على بعض ، لتفاوتهم في مدارج العِلم والتُّقى والصلاح .

{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة : 11] .

وهكذا فاضَل بين الناس في الرزق ، لاختلاف كفاءاتهم وطاقاتهم في إجادة الأعمال ، ووفرة الإنتاج ، فلَيس مِن العدل مساواة الغبيّ بالذكيّ ، والكسول بالمُجِد والعالِم المُخترع بالعامل البسيط ، إذ المساواة والحالة هذه مدعاة لخَفق العبقريّات والمواهب وهدر الطاقات والجهود .

{ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف : 32].

5 - حقّ العِلم :

للفرد قيمتُه وأثَره في المجتمع بصِفته عضواً مِن أعضائه ، ولبنةً في كيانه ، وعلى حسَب كفاءته ومؤهّلاته الفكريّة والجسميّة تُقاس حياة المجتمع وحالته رُقيّاً أو تخلّفاً ، ازدهاراً أو خمولاً ، للتفاعل القويّ بين الفرد والمجتمع .

مِن أجل ذلك دأَبت الأمَم المتحضّرة على تربية أبنائها وتثقيفهم بالعلم ، حتّى فرَضوا التعليم الإجباري ويسّروه مجّاناً في مراحله الأُولى ، دَعماً لحضارتهم وتصعيداً لكفاءاتهم .

وقد كان المسلمون إبّان حضارتهم مثلاً رفيعاً وقدوةً مثاليّةً في إشاعة العِلم لطلاّبه وتمجيد العُلماء وتكريمهم ، حتّى استطاعت المعاهد الإسلاميّة أنْ تُخرّج أُمّةً مِن أقطاب العِلم وأعلامه .

كانوا قادةَ الفكر وبُناة الحضارة الإسلاميّة ، وروّاد الأًمم إلى العلم والعرفان ، وعليهم تَتلْمذ الغرب ومنهم اقتبس علمه وحضارته .

قال ( سديو ) في كتابه تاريخ العرب :

كان المسلمون في القرون الوسطى منفردين في العِلم والفلسفة والفنون وقد نشروها اينما حلت اقدامهم ، وتسربت عنهم إلى أُوربا ، فكانوا هُم سبباً لنهضتها وارتقائها .

وقال ( جوستاف لويون ) في كتابه حضارة العرب :

ثبت الآن أنّ تأثير العرَب في الغرب عظيمٌ كتأثيرهم في الشرق ، وأنّ أوربّا مدينةٌ للعرب بحضارتها .

وكان مِن أقوى بواعث ازدهار العلوم الإسلاميّة واتّساع آفاقها ، أنّ حقَّ التعليم - في المجتمع الإسلامي - كان مضموناً ومتاحاً لكلّ طالبٍ مهما كان عنصره ومستواه شريفاً أو وضيعاً ، غنيّاً أو فقيراً ، عربيّاً أو أعجميّاً .

وأنّ الشريعة الإسلاميّة كما فرضت على كلّ مسلمٍ طلَب العِلم والتحلّي به والانتفاع بثماره اليانعة ، حتّمت على العالِم أنْ ينشر علمه ويذيعه بين المسلمين ولا يكتمه عنهم .

قال الباقر ( عليه السلام ) : ( عالمٌ يُنتفعُ بعلمه ، أفضل مِن سبعين ألف عابد ) (6) .

فلَم يعرف المسلمون تلك الإثرة العلميّة ، التي اتّصف بها رجال الدين الغربيّون ، حتّى قيام النهضة الحديثة ، وبذلك أصبَح المسلمون مَشعلاً وهّاجاً بالعِلم والعرفان .

6 - حقّ الملكيّة :

لم يشهد التاريخ فتنةً أثارت الجدل الحادّ والنزاع الضاري كفتنة المال والملكيّة في هذا العصر  فقد انقسم العالَم فيها إلى فريقين متناحرين : أحدهما يبيح الملكيّة الفرديّة بغير حدٍّ أو شرط وهو الفريق الرأسمالي .

وثانيهما يستنكرها ويمنعها وهو الفريق الاشتراكي .

وغدا العالَم مِن جرّاء هذَين المبدَأين المتناقضين يُعاني ضروب الأزَمات والمشاكل .

وقد حسَم الإسلام هذه الفتنة ، وعالَجها علاجاً ناجحاً حكيماً ، لا تجِد البشريّة أفضل منه أو بديلاً عنه لتحقيق سعادتها وسلامتها .

فهو : لا يمنع الملكيّة الفرديّة ، ولا يبيحها مِن غير شرط  لا يمنعها : لأنّ الإنسان مفطور على غريزة التملّك ، وحُبّ النفع الذاتي ، وهما نَزعَتان راسختان في النفس ، لا يستطيع الانفكاك منهما والتخلّي عنهما ، وإنْ تجاهلتهما النظريّات الخياليّة التي لا تؤمن بغرائز الإنسان وميوله الفطريّة .

هي حقٌّ طبيعي يُحقّق كرامة الفرد ، ويُشعره بوجوده ، ويُحرّره مِن عبوديّة السلطة التي تحتكر أرزاق الناس وتستعبدهم بها .

هي حقٌّ يُفجّر في الإنسان طاقات المواهب والعبقريّات ، وينفخ فيه روح الأمل والرجاء ويُحفّزه على مضاعفة الجهود ووفرة الإنتاج وتحسينه .

وفي الوقت الذي منح الإسلام حقّ الملكيّة ، فإنّه لم يمنحه على طرائق الجاهليّة الرأسماليّة  التي تُجيز اكتساب المال واستثماره بأيّ وجهٍ كان ، حلالاً أم حراماً ؛ ممّا يُوجِب اجتماع المال واكتنازه في أيدٍ قليلة وحِرمان أغلَب الناس منه ، ووقوعهم في أسرِ الأثرياء يتحكّمون فيهم ويستغلون جهودهم كما يشاؤون .

إنّه أباح الملكيّة بأُسلوبٍ يضمن صالح الفرد ، ويَضمن صالح الجماعة ولا يضرّ بهذا ولا بأُولئك  وذلك بما وضَع لها مِن شروط :

1 - فهو لا يجيز اكتساب المال وتملّكه إلاّ بطرقٍ مشروعة محلّلة ، وحرّم ما سِوى ذلك كالربا والرشا والاحتكار ، واكتناز المال الذي فرَض اللّه فيه نصيباً للفقراء ، أو ابتزازه غصباً .

2 - شرّع قانون الإرث المُوجب لتفتيت الثراء وتوزيعه على عدَد مِن الورّاث في كلّ جيل .

3 - شرّع الفرائض الماليّة لإعانة الفقراء وإنعاشهم ، كالزكاة والخُمس والكفّارات وردّ المظالم .

وقد استطاع الإسلام بمبادئه الاقتصاديّة الحكيمة أنْ يُشيع بين المسلمين روح التعاطف والتراحم ، ويحقّق العدل الاجتماعي فيهم ، فلا تجِد بينهم جائعاً إزاء مُتخَم ، ولا عارياً إزاء مكتسٍ بالحرير .

7 - حق الرعاية الإسلاميّة :

كان مِن أبرَز خصائص المجتمع الإسلامي ومزاياه ، ذلك التجاوب العاطفي ، والأحاسيس الأخويّة المتبادلة بين أفراده ، ما جعلهم كالبُنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً ، أو كالجسَد الواحد إذا اشتكى عضوٌ تألّمت له سائر الأعضاء .

فما كان للمسلم الحقّ أنْ يتغاضى عن الاهتمام بشؤون مجتمعه ، ورعاية مصالحه العامّة والحرص على رقيّه وازدهاره ، كما قال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( مَن أصبح لا يهتم بأُمور المسلمين فليس بمسلم ) (7) .

وقال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( ما آمَن بي مَن بات شبْعان وجاره جائع ، وما مِن أهل قريةٍ فيهم جائع ينظر اللّه إليهم يوم القيامة ) (8) .

وما كان للمجتمع الإسلامي أنْ يتغاضى عن رعاية أفراده البؤساء ، وهُم يعانون مرارة الفاقة ومضض الحرمان ، دون أنْ يتحسّس بمشاعرهم ويتطوّع لإغاثتهم والتخفيف مِن ضُرّهم .

وحسبُك في شرف المؤمن وضرورة دعمه وإسناده ، دعوة أهل البيت ( عليهم السلام ) وحثّهم على توقيره وإكرامه ورعايته مادّياً ومعنويّاً ما لو طبَقه المسلمون اليوم لكانوا أسعد الأُمم وأرغدهم عيشاً وأسماهم منعةً وجاهاً .

وإليك نماذج مِن وصاياهم في ذلك :

أ - إطعامه وسقيه :

قال عليّ بن الحسين ( عليه السلام ) : ( مَن أطعَم مؤمناً مِن جوعٍ ، أطعمه اللّه مِن ثِمار الجنّة ، ومَن سقى مؤمناً سقاه اللّه مِن الرحيق المختوم ) (9) .

وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( مَن أطعم مؤمناً حتّى يشبعه لم يدرِ أحدٌ مِن خلقِ اللّه ماله مِن الأجر في الآخرة ، لا ملَكٌ مُقرّب ، ولا نبيٌّ مُرسل إلاّ اللّه ربّ العالمين ) .

ثمّ قال : ( مِن مُوجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان ) ، ثمّ تلا قول اللّه تعالى : {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ } [البلد : 14 - 16] (10) .

وعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : مَن سقى مؤمناً شُربةً مِن ماء مِن حيثُ يقدّر على الماء ، أعطاه اللّه بكلّ شربةٍ سبعينَ ألفَ حسنةٍ ، وإنْ سقاه مِن حيث لا يقدِر على الماء ، فكأنّما أعتق عشرَ رِقاب مِن وِلد إسماعيل )(11) .

ب - إكساء المؤمن :

وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( مَن كسا أخاه كسوةً ، شتاءً أو صيف ، كان حقّاً على اللّه أنْ يكسوه مِن ثياب الجنّة ، وأنْ يهوّن عليه مِن سكَرات الموت وأنْ يوسّع عليه في قبره ، وأنْ يلقى الملائكة إذا خرَج مِن قبره بالبشرى ، وهو قوله تعالى في كتابه : {وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء : 103] (12).

وقال ( عليه السلام ) : ( مَن كسا أحداً مِن فُقراء المسلمين ثوباً مِن عري ، أو أعانة بشيءٍ ممّا يقوته مِن معيشته ، وكّل اللّه تعالى به سبعة آلاف ملَك مِن الملائكة ، يستغفرون لكلِّ ذنبٍ عمِله إلى أنْ يُنفخ في الصور).

وعن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :(  قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : مَن كسا أحداً.. ) الحديث مثله - إلاّ أنّ فيه سبعين ألف ملَك (13) .

ج - قضاء حاجة المؤمن :

عن المفضّل عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : قال لي : ( يا مفضل ، اسمع ما أقول لك ، واعلم أنّه الحقّ ، وافعله واخبر به علية إخوانك ) ، قلت : جُعلت فِداك وما علية إخواني ؟

قال : ( الراغبون في قضاء حوائج إخوانهم ) ، قال : ثمّ قال :

( ومَن قضى لأخيه المؤمن حاجة ، قضى اللّه تعالى له يوم القيامة مِئة ألف حاجة ، مِن ذلك أوّلها الجنّة ، ومِن ذلك أنْ يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنّة ، بعد أنْ لا يكونوا نصاباً ) (14) .

وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلاّ ناداه اللّه تعالى : عليّ ثوابك ، ولا أرضى لك بدون الجنّة ) (15) .

وقال ( عليه السلام ) : ( إنّ المؤمن منكم يوم القيامة ليمرّ به الرجل له المعرفة به في الدنيا وقد أُمر به إلى النار ، والملَك ينطلق به ، قال : فيقول له : يا فلان ، أغثني فقد كُنت أصنع إليك المعروف في الدنيا ، وأُسعفك في الحاجة تطلبها منّي ، فهل عندك اليوم مكافأة ؟ فيقول المؤمن للملَك الموكّل به خلّ سبيله ، قال : فيسمع اللّه قول المؤمن ، فيأمر الملَك أنْ يَجبر قول المؤمن  فيُخلّي سبيله ) (16) .

د - مسرّة المؤمن :

عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، عن أبيه ، عن عليّ بن الحسين ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : إنّ أحبَّ الأعمال إلى اللّه تعالى إدخال السرور على المؤمنين ) (17) .

وعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : الخَلْق عِيال اللّه ، فأحبُّ الخَلْق إلى اللّه مَن نفَعَ عِيالَ اللّه ، وأدخَل على أهل بيتٍ سروراً ) (18) .

وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( مَن أدخَل على مؤمن سروراً ، خلَق اللّه مِن ذلك السرور خلْقاً فيَلقاه عند موته فيقول له : أبشِر يا ولي اللّه  بكرامة من اللّه ورضوان ، ثمّ لا يزال معه حتّى يدخله قبره ، فيقول له مثل ذلك فإذا بُعِث يلقاه فيقول له مثل ذلك ، ثمّ لا يزال معه عند كلّ هول يُبشّره ويقول له مثل ذلك ، فيقول له : مَن أنت رحِمَك الله ؟ , فيقول له : أنا السرور الذي أدخلته على فلان ) (19) .

هـ - زيارة المؤمن :

عن أبي عزّة قال : سمِعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : ( مَن زار أخاه في اللّه ، في مرضٍ أو صحّة ، لا يأتيه خِداعاً ولا استبدالاً ، وكّل اللّه به سبعين ألفَ ملَك ، ينادونه في قَفاه : أنْ طِبتَ وطابَت لك الجنّة ، فأنتم زوّار اللّه  وأنتم وفد الرحمان ، حتّى يأتي منزله ) (20) .

وقال ( عليه السلام ) : ( إنّ ضيفَ اللّه عزّ وجل : رجلٌ حجّ واعتمر فهو ضيفُ اللّه حتّى يرجع إلى منزله ، ورجلٌ كان في صلاته فهو كنَف اللّه حتّى ينصرف ، ورجلٌ زار أخاه المؤمن في اللّه عز وجل فهو زائر اللّه في ثوابه وخزائن رحمته ) .

_____________________

1- سفينة البحار : ج 1 , ص 415 .

2- سفينة البحار : ج 1 , ص 671 .

3- البحار : م 9 , ص 359 عن الكافي .

4- البحار : م 9 , ص 533 ( بتصرّف وتلخيص ) .

5- عن كتاب حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام ، وإعلان الأُمم المتّحدة : ص 27 , لمحمّد الغزالي.

6- الوافي : ج 1 , ص 40 , عن الكافي .

7- الوافي : ج 3 , ص 99 , عن الكافي .

8- الوافي : ج 3 , ص 96 عن الكافي .

9- الوافي : ج 3 , ص 120 , عن الكافي .

10- الوافي : ج 3 , ص 120 , عن الكافي .

11- ، 12 ، 13 - الوافي : ج 3 , ص 121 , عن الكافي .

14- الوافي : ج 3 , ص 117 , عن الكافي .

15- الوافي : ج 3 , ص 118 , عن الكافي .

16- البحار , كتاب العشرة : ص 86 , عن ثواب الأعمال للصدوق .

17- الوافي : ج 3 , ص 117 عن الكافي .

18- الوافي : ج 3 , ص 99 عن الكافي .

19- الوافي : ج 3 , ص 117 عن الكافي .

20- الوافي : ج 3 , ص 107 عن الكافي .




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.