المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2749 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

البديع الأُسطرلابي
23-3-2016
الميرزا محمد الكرمانشاهي
6-2-2018
الروم والقوط.
2024-07-03
فخر الدين بن محمد علي بن أحمد الطُّرَيْحي (ت/1085 ، 1087 هـ)
2-7-2016
مرشحات الحيوية Biofilters
2-8-2017
الوسائل التي يستخدمها القاضي للكشف عن عيب الانحراف بالسلطة
23-6-2018


اعراب الفعل المضارع  
  
10346   06:07 مساءاً   التاريخ: 22-10-2014
المؤلف : الاشموني
الكتاب أو المصدر : شرح الاشموني على الالفية
الجزء والصفحة : ص332- ص354
القسم : علوم اللغة العربية / النحو / الفعل المضارع وأحواله /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-10-2014 2295
التاريخ: 22-10-2014 3123
التاريخ: 22-10-2014 2305
التاريخ: 22-10-2014 4193

(إرفعْ مُضَارِعاً إذا يُجرَّدُ مِن ناصِبٍ وجازمٍ كتَسْعَدُ) يعني أنه يجب رفع المضارع حينئذٍ، والرافع له التجرد المذكور كما ذهب إليه حذاق الكوفيين منهم الفراء، ولا وقوعه موقع الاسم كما قال البصريون، ولا نفس المضارعة كما قال ثعلب، ولا حروف المضارع كما نسب للكسائي، واختار المصنف الأول. قال في شرح الكافية: لسلامته من النقض، بخلاف الثاني فإنه ينتقض بنحو هلا تفعل وجعلت أفعل وما لك لا تفعل ورأيت الذي تفعل، فإن الفعل في هذه المواضع مرفوع مع أن الاسم لا يقع فيها، فلو لم يكن للفعل رافع غير وقوعه موقع الاسم لكان في هذه المواضع مرفوعاً بلا رافع، فبطل القول بأن رافعه وقوعه موقع الاسم، وصح القول بأن رافعه التجرد اهـ. ورد الأول بأن التجرد عدمي والرفع وجودي والعدمي لا يكون علة للوجودي، وأجاب الشارح بأنا لا نسلم أن التجرد من الناصب والجازم عدمي، لأنه عبارة عن استعمال المضارع على أول أحواله مخلصاً عن لفظ يقتضي تغييره، واستعمال الشيء والمجيء به على صفة مَا ليس بعدمي.

تنبيه: إنما لم يقيد المضارع هنا بالذي لم تباشره نون توكيد ولا نون إناث اكتفاء بتقدم ذلك في باب الإعراب (وبِلَنِ انْصِبْهُ وَكَي) أي الأدوات التي تنصب المضارع أربع: وهي لن وكي وأن وإذن، وسيأتي الكلام على الأخيرتين: فأما لن فحرف نفي تختص بالمضارع وتخلصه للاستقبال وتنصبه كما تنصب لا الاسم، نحو لن أضرب ولن أقوم، فتنفي ما أثبت بحرف التنفيس ولا تفيد تأبيد النفي ولا تأكيده، خلافاً للزمخشري: الأول في أنموذجه والثاني في كشافه، وليس أصلها لا فأبدلت الألف نوناً خلافاً للفراء، ولا لا أن فحذفت الهمزة تخفيفاً والألف للساكنين خلافاً للخليل والكسائي.

ص332

تنبيهات: الأول الجمهور على جواز تقديم معمول معمولها عليها نحو زيداً لن أضرب، وبه استدل سيبويه على بساطتها، ومنع ذلك الأخفش الصغير. الثاني تأتي لن للدعاء كما أتت لا كذلك وفاقاً لجماعة منهم ابن السراج وابن عصفور، من ذلك قوله:
 لَنْ تَزَالُوا كَذَلِكُمْ ثُمَّ لاَ زِلـ                  ــــتُ لَكُمْ خَالِداً خُلُودَ الجِبَالِ
وأما: {فلن أكون ظهيراً للمجرمين} (القصص: 17) فقيل ليس منه لأن فعل الدعاء لا يسند إلى المتكلم بل إلى المخاطب أو الغائب، ويرده قوله: ثم لا زلت لكم. الثالث زعم بعضهم أنها قد تجزم كقوله:
فَلَنْ يَحْلَ لِلعَينَينِ بَعْدَكِ مَنْظَرُ
وقوله:
لَنْ يَخِبِ الآنَ مِنْ رَجَائِكَ مَنْ حَرْ
رَكَ دُونَ بَابِكَ الحَلَقَهْ
والأول محتمل للاجتزاء بالفتحة عن الألف للضرورة. وأما كي فعلى ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون اسماً مختصراً من كيف كقوله:
 كَي تَجْنَحُونَ إلَى سِلمٍ وَمَا ثُئِرَتْ            قَتْلاَكُمُ وَلَظَى الهَيجَاءِ تَضْطَرِمُ
الثاني أن تكون بمنزلة لام التعليل معنى وعملاً وهي الداخلة على ما الاستفهامية في قولهم في السؤال عن العلة: كيمه بمعنى لمه، وعلى ما المصدرية كما في قوله:
إذَا أنْتَ لَمْ تَنْفَعْ فَضُرَّ فَإنَّمَا
يُرْجَّى الفَتَى كَيمَا يَضُرَّ وَيَنْفَعْ وقيل ما كافة، وعلى أن المصدرية مضمرة نحو جئت كي تكرمني إذا قدرت النصب بأن، ولا يجوز إظهار أن بعدها. وأما قوله:
(كَيمَا أنْ تغُرَّ وَتَخْدَعَا) فضرورة. الثالث أن تكون بمنزلة أن المصدرية معنى وعملاً وهو مراد الناظم، ويتعين ذلك في الواقعة بعد اللام وليس بعدها أن كما في نحو: {لكيلا تأسوا} (الحديد: 23)، ولا يجوز أن تكون حرف جر لدخول حرف الجر عليها، فإن وقع بعدها أن كقوله:

ص333

أَرَدْتَ لِكَيمَا أنْ تَطِيرَ بِقَرْبَتِي
احتمل أن تكون مصدرية مؤكدة بأن، وأن تكون تعليلية مؤكدة للام، وبترجح هذا الثاني بأمور: الأول أنّ أن أمّ الباب فلو جعلت مؤكدة لكي لكانت كي هي الناصبة فيلزم تقديم الفرع على الأصل. الثاني ما كان أصلاً في بابه لا يكون مؤكداً لغيره. الثالث أن أن لاصقت الفعل فترجح أن تكون هي العاملة، ويجوز الأمران في نحو جئت كي تفعل: {كيلا يكون دولة} (الحشر: 7)، فإن جعلت جارة كانت أن مقدرة بعدها وإن جعلت ناصبة كانت اللام مقدرة قبلها.
تنبيهات: الأول ما سبق من أن كي تكون حرف جر ومصدرية هو مذهب سيبويه وجمهور البصريين، وذهب الكوفيون إلى أنها ناصبة للفعل دائماً وتأوّلوا كيمه على تقدير كي تفعل ماذا، ويلزمهم كثرة الحذف وإخراج ما الاستفهامية عن الصدر، وحذف ألفها في غير الجر، وحذف الفعل المنصوب مع بقاء عامل النصب، وكل ذلك لم يثبت. ومما يردّ قولهم قوله:
فَأَوقَدْتُ نَارِي كَي لِيُبْصَرَ ضَوؤُهَا
وقوله:
كَي لِتَقْضِينِي رُقَيَّةُ مَا                         وَعَدَتْنِي غَيرَ مُخْتَلَسِ
لأن لام الجر لا تفصل بين الفعل وناصبه. وذهب قوم إلى أنها حرف جر دائماً، ونقل عن الأخفش. الثاني أجاز الكسائي تقديم معمول معمولها عليها نحو جئت النحو كي أتعلم، ومنعه الجمهور. الثالث: إذا فصل بين كي والفعل لم يبطل عملها خلافاً للكسائي نحو جئت كي فيك أرغب، والكسائي يجيزه بالرفع لا بالنصب. قيل والصحيح أن الفصل بينها وبين الفعل لا يجوز في الاختيار. الرابع زعم الفارسي أن أصل كما في قوله:
وَطَرْفُكَ إمَّا جِئتَنَا فَاحْبِسَنَّهُ                   كَمَا يَحْسَبُوَا أن الهَوَى حيثُ تَنْظُرُ
كيما فحذفت الياء ونصب بها. وذهب المصنف إلى أنها كاف التشبيه كفت بما ودخلها معنى التعليل فنصبت، وذلك قليل. وقد جاء الفعل بعدها مرفوعاً في قوله:

ص334

لاَ تَشْتُمِ النَّاسَ كَمَا لاَ تُشْتَمُ
الخامس إذا قيل جئت لتكرمني فالنصب بأن مضمرة، وجوّز أبو سعيد كون المضمر كي، والأول أولى لأن أن أمكن في عمل النصب من غيرها فهي أقوى على التجوّز فيها بأن تعمل مضمرة و (كَذَا بأنْ) أي من نواصب المضارع أن المصدرية نحو: {وأن تصوموا} (البقرة: 184)، {والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي} (الشعراء: 82)، (لاَ بعدَ عِلمٍ) أي ونحوه من أفعال اليقين فإنها لا تنصبه لأنها حينئذٍ المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن نحو: {علم أن سيكون} (المزمل: 20)، {أفلا يرون ألا يرجع} (طه: 89)، أي أنه سيكون وأنه لا يرجع. وأما قراءة بعضهم أن لا يرجع بالنصب وقوله:
 نَرْضَى عَن اللَّهِ أنَّ النَّاسِ قَدْ عَلِمْوَا                   أن لاَ يُدَانينَا مِنْ خَلقِهِ بَشْرُ
فمما شذ. نعم إذا أول العلم بغيره جاز وقوع الناصبة بعده، ولذلك أجاز سيبويه ما علمت إلا أن تقوم بالنصب، قال لأنه كلام خرج مخرج الإشارة فجرى مجرى قولك أشير عليك أن تقوم: وقيل يجوز بلا تأويل. ذهب إليه الفراء وابن الأنباري. والجمهور على المنع (وَالتِي مِنْ بَعْدِ ظَنْ) ونحوه من أفعال الرجحان (فَانْصِبْ بِهَا) المضارع إن شئت بناء على أنها الناصبة له (وَالرَّفعَ صحِّحْ وَاعْتَقِدْ) حينئذٍ (تَخْفِيفَهَا مِنْ أنَّ) الثقيلة (فَهْوَ مُطَّرِدْ) وقد قرىء بالوجهين: {وحسبوا أن لا تكون فتنة} (المائدة: 71)، قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي برفع تكون والباقون بنصبه. نعم النصب هو الأرجع عند عدم الفصل بينها وبين الفعل، ولهذا اتفقوا عليه في قوله تعالى: {أحسب الناس أن يتركوا} (العنكبوت: 2).
تنبيهات: الأول أجرى سيبويه والأخفش أن بعد الخوف مجراها بعد العلم لتيقن المخوف نحو خفت أن لا تفعل وخشيت أن تقوم، ومنه قوله:
 أخَافُ إذَا مَا مِتُّ أنَ لاَ أذُوقهَا

ص335

ومنع ذلك الفرّاء. الثاني: أجاز الفراء تقديم معمول معمولها عليها مستشهداً بقوله:
رَبَّيتُهُ حَتَى إذَا تَمَعْدَدَا                        كَانَ جَزَائِي بِالعَصَا أنْ أُجْلَدَا
قال في التسهيل: ولا حجة فيما استشهد به لندوره أو إمكان تقدير عامل مضمر. الثالث أجاز بعضهم الفصل بينها وبين منصوبها بالظرف وشبهه اختياراً نحو أريد أن عندك أقعد، وقد ورد ذلك مع غيرها اضطراراً كقوله:
لَمَّا رأيتُ أبَا يَزِيدَ مُقَاتِلاً                     أَدَعَ القِتَالَ وَأَشْهَدَ الهَيجَاءَ
والتقدير لن أدع القتال مع شهود الهيجاء مدة رؤية أبي يزيد. الرابع أجاز بعض الكوفيين الجزم بها، ونقله اللِّحياني عن بعض بني صباح من ضبة، وأنشدوا:
إذَا مَا غَدَونَا قَالَ وِلَدَانُ أهْلِنَا                تَعَالَوا إلَى أنْ يَأتِنَا الصَيدُ نَحْطِبِ
وقوله:
أُحَاذِرُ أنْ تَعَلمَ بِهَا فَتَرُدَّهَا                   فَتَتْرُكُهَا ثِقْلاً عَليَّ كَمَا هِيَا
وفي هذا نظر لأن عطف المنصوب ــــ وهو فتتركها ــــ عليه يدل على أنه سكن للضرورة لا مجزوم. الخامس تأتي أن مفسرة وزائدة فلا تنصب المضارع. فالمفسرة هي المسبوقة بجملة فيها معنى القول دون حروفه نحو: {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك} (المؤمنون: 27)، {وانطلق الملأ منهم أن امشوا} (ص: 6) والزائدة هي التالية للما نحو: {فلما أن جاء البشير} (يوسف: 96) والواقعة بين الكاف ومجرورها كقوله:
 كَأَنْ ظَبيَةٍ تَعْطُوا إلَى وَارِقِ السَّلَمْ           
في رواية الجر. وبين القسم ولو كقوله:
فَأُقْسِمُ أنْ لَوِ التَقَينَا وأَنْتُمْ          لَكَانَ لَكُمْ يَومٌ مِنَ الشَّرِّ مُظْلِمُ

ص336

وأجاز الأخفش إعمال الزائدة، واستدل بالسماع كقوله تعالى: {وما لنا أن لا نقاتل} (البقرة: 246)، وبالقياس على حرف الجر الزائد، ولا حجة في ذلك لأنها في الآية مصدرية، فقيل: دخلت بعد ما لنا لتأوله بما منعنا، وفيه نظر لأنه لم يثبت إعمال الجار والمجرور في المفعول، ولأن الأصل أن لا تكون لا زائدة، والصواب قول بعضهم: أن الأصل وما لنا في أن لا نقاتل، والفرق بينها وبين حرف الجر أن اختصاصه باق مع الزيارة بخلافها فإنها قد وليها الاسم في البيت الأول والحرف في الثاني (وبَعضهمُ) أي بعض العرب (أَهْمَلَ أنْ حَمْلاً عَلى ما أُخْتِهَا) أي المصدرية (حيثُ اسْتَحَقَّتْ عَمَلاً) أي واجباً، وذلك إذا لم يتقدمها علم أو ظن كقراءة ابن محيصن: {لمن أراد أن يتمُّ الرضاعة} (البقرة: 233)، وقوله:
أَنْ تقْرَآنِ عَلَى أسْمَاءِ ويَحْكُمَا                        مِنِّي السَّلامَ وَأنْ لاَ تُشْعِرَا أحَدَا
هذا مذهب البصريين، وأما الكوفيون فهي عندهم مخففة من الثقيلة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن إهمالها مقيس (ونَصَبْوا بإذنِ المُسْتَقْبَلاَ إنْ صُدِّرَتْ وَالفِعْلُ بَعْدُ مُوصَلاَ. أو قَبْلَهُ اليمينُ) أي شروط النصب بإذن ثلاثة: الأول أن يكون الفعل مستقبلا، فيجب الرفع في إذن تصدق جواباً لمن قال: أنا أحبك. الثاني: أن تكون مصدرة، فإن تأخرت نحو أكرمك إذن أهملت، وكذا إن وقعت حشوا كقوله:
لَئِنْ عَادَ لِي عَبْدُ العَزِيزِ بِمِثْلِهَا                         وَأمْكَنَنِي مِنْهَا إذَا لاَ أُقِيلُهَا
فأما قوله:
لاَ تَتْرُكَنِّي فِيهُمُ شَطِيرَا                                 إنِّي إذاً أَهْلِكُ أو أَطِيرَا
فضرورة أو الخبر محذوف: أي إني لا أستطيع ذلك، ثم استأنف: إذن أهلك، فإن كان المتقدم عليها حرف عطف فسيأتي. الثالث: أن لا يفصل بينها وبين الفصل بغير القسم، فيجب الرفع في نحو. إذا أنا أكرمك ويغتفر الفصل بالقسم كقوله:

ص337

إذنْ وَاللَّهِ نَرْميهُمْ بِحَرْبٍ                     يَشِيبُ الطِّفْلُ مِنْ قَبلِ المَشِيبِ

وأجاز ابن بابشاذ الفصل بالنداء والدعاء، وابن عصفور الفصل بالظرف، والصحيح المنع إذ لم يسمع شيء من ذلك. وأجاز الكسائي وهشام الفصل بمعمول الفعل، والاختيار حينئذٍ عند الكسائي النصب وعند هشام الرفع (وانْصِبْ وارْفَعَا إذا إذَنْ مِنْ بَعْدِ عَطْفٍ) بالواو والفاء (وَقَعَا) وقد قرىء شاذاً «وإذا لا يلبثوا خلفك» {فإذا لا يؤتون الناس نقيراً} (النساء: 53)، على الأعمال نعم الغالب الرفع على الإهمال وبه قرأ السبعة.

ص338

تنبيهات: الأول أطلق العطف والتحقيق أنه إذا كان العطف على ما له محل ألغيت، فإذا قيل أن تزرني أزرك وإذن أحسن إليك فإن قدرت العطف على الجواب جزمت وأهملت إذن لوقوعها حشواً، أو على الجملتين معاً جاز الرفع والنصب. وقيل يتعين النصب لأن ما بعدها مستأنف أو لأن المعطوف على الأول أول. ومثل ذلك زيد يقوم وإذن أحسن إليه إن عطفت على الفعلية رفعت، أو على الاسمية فالمذهبان. الثاني الصحيح الذي عليه الجمهور أن إذن حرف، وذهب بعض الكوفيين إلى أنها اسم والأصل في إذن أكرمك إذا جئتني أكرمك، ثم حذفت الجملة وعوض عنها التنوين وأضمرت أن.وعلى الأول فالصحيح أنها بسيطة لا مركبة من إذ وأن وعلى البساطة فالصحيح أنها الناصبة لا أن مضمرة بعدها كما أفهمه كلامه. الثالث معناها عند سيبويه الجواب والجزاء فقال الشلوبين في كل موضع. وقال الفارسي في الأكثر. وقد تتمحض للجواب بدليل أنه يقال أحبك فتقول إذن أظنك صادقاً إذ لا مجازاة هنا.الرابع اختلف في لفظها عند الوقف عليها والصحيح أن نونها تبدل ألفاً تشبيهاً لها بتنوين المنصوب. وقيل يوقف بالنون لأنها كنون لن وأن. وروي ذلك عن المازني والمبرد، وينبني على هذا الخلاف خلاف في كتابتها، والجمهور يكتبونها بالألف وكذا رسمت في المصاحف، والمازني والمبرد بالنون، وعن الفراء إن عملت كتبت بالألف وإلا كتبت بالنون للفرق بينها وبين إذا، وتبعه ابن خروف. الخامس حكى سيبويه وعيسى بن عمر أن من العرب من يلغيها مع استيفاء الشروط وهي لغة نادرة، ولكنها القياس لأنها غير مختصة، وإنما أعملها الأكثرون حملاً على ظنّ لأنها مثلها في جواز تقدمها على الجملة وتأخرها عنها وتوسطها بين جزأيها، كما حملت ما على ليس لأنها مثلها في نفي الحال اهـ. (وبينَ لاَ ولامِ جَرَ التُزِمْ إظهارُ أنْ ناصبةً) نحو: {لئلا يكون للناس عليكم حجة} (البقرة: 15)، {لئلا يعلم أهل الكتاب} (الحديد: 29)، لا في الآية الأولى نافية وفي الثانية

ص339

مؤكدة زائدة (وإنْ عُدِمْ لاَ فَأن اعمِل مُظهراً أو مُضمراً) لا في موضع الرفع بعدم، وأن في موضع النصب بأعمل، ومظهراً ومضمراً نصب على الحال: إما من أن إن كانا اسمي مفعول، أو من فاعل أعمل المستتر إن كانا اسمي فاعل، أي يجوز إظهار أن وإضمارها بعد اللام إذا لم يسبقها كون ناقص ماض منفي ولم يقترن الفعل بلا فالاضمار نحو: {وأمرنا لنسلم لرب العالمين} (الأنعام: 71) والإظهار نحو: {وأمرت لأن أكون أول المسلمين} (الزمر: 12) فإن سبقها كون ناقص ماض منفي وجب إضمار أن بعدها هذا أشار إليه بقوله: (وبعدَ نَفْيٍ كَانَ حَتْماً أُضْمِرَا) أي نحو: {وما كان الله ليظلمهم} (العنكبوت: 40) {لم يكن الله ليغفر لهم} (النساء: 137)، وتسمى هذه اللام لام الجحود، وسماها النحاس لام النفي وهو الصواب، والتي قبلها لام كي لأنها للسبب كما أن كي للسبب. وحاصل كلامه أن لأن بعد لام الجحود ثلاثة أحوال: وجوب إظهارها مع المقرون بلا، ووجوب إضمارها بعد نفي كان، وجواز الأمرين فيما عدا ذلك. ولا يجب الاضمار بعد كان التامة لأن اللام بعدها ليست لام الجحود، وإنما لم يقيد كلامه بالناقصة اكتفاء بأنها المفهومة عند إطلاق كان لشهرتها وكثرتها في أبواب النحو. ودخل في قوله نفي كان نحو لم يكن أي المضارع المنفي بلم كما رأيت لأن لم تنفي المضارع. وقد فهم من النظم قصر ذلك على كان خلافاً لمن أجازه في أخواتها قياساً ولمن أجازه في ظننت.
تنبيهات: الأول ما ذكره من أن اللام التي ينصب الفعل بعدها هي لام الجر والنصب بأن مضمرة هو مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن اللام ناصبة بنفسها، وذهب ثعلب إلى أن اللام ناصبة بنفسها لقيامها مقام أن، والخلاف في اللامين أعني لام الجحود ولام كي. الثاني اختلف في الفعل الواقع بعد اللام: فذهب الكوفيون

ص340

إلى أنه خبر كان واللام للتوكيد. وذهب البصريون إلى أن الخبر محذوف واللام متعلقة بذلك الخبر المحذوف، وقدروه ما كان زيد مريداً ليفعل، وإنما ذهبوا إلى ذلك لأن اللام جارة عندهم، وما بعدها في تأويل مصدر. وصرح المصنف بأنها مؤكدة لنفي الخبر إلا أن الناصب عنده أن مضمرة، فهو قول ثالث. قال الشيخ أبو حيان: ليس بقول بصري ولا كوفي. ومقتضى قوله مؤكدة أنها زائدة، وبه صرّح الشارح، لكن قال في شرحه لهذا الموضع من التسهيل سميت مؤكدة لصحة الكلام بدونها لا لأنها زائدة، إذ لو كانت زائدة لم يكن لنصب الفعل بعدها وجه لم يكن لنصب الفعل بعدها وجه صحيح، وإنما هي لام اختصاص دخلت على الفعل لقصد ما كان زيد مقدّراً أو هامًّا أو مستعداً لأن يفعل. الثالث قد تحذف كان قبل لام الجحود كقوله:
 فَمَا جَمْعٌ لِيَغْلِبَ جَمْعَ قَومِي                     مُقَاوَمَةً وَلاَ فَرْدٌ لِفَرْدِ

ص341

أي فما كان جمع. ومنه قول أبي الدرداء في الركعتين بعد العصر: ما أنا لأدعهما. الرابع: أطلق النافي ومراده ما ينفي الماضي وذلك ما ولم دون لن، لأنها تختص بالمستقبل، وكذلك لا لأنَّ نفي غير المستقبل بها قليل. وأما لما فإنها وإن كانت تنفي الماضي لكن تدل على اتصال نفيه بالحال. وأما إن فهي بمعنى ما وإطلاقه يشملها. وزعم كثير من الناس في قوله تعالى: {وإنْ كان مكرهم لتزول منه الجبال} (إبراهيم: 46)،في قراءة غير الكسائي أنها لام الجحود، لكن يبعده أن الفعل بعد لام الجحود لا يرفع إلا ضمير الاسم السابق، والذي يظهر أنها لام كي وأن إن شرطية، أي وعند الله جزاء مكرهم وهو مكر أعظم منه وإن مكرهم لشدته معداً لأجل زوال الأمور العظام المشبهة في عظمها بالجبال، كما يقال أنا أشجع من فلان وإن كان معداً للنوازل. الخامس أجاز بعض النحويين حذف لام الجحود وإظهار أن مستدلاً بقوله تعالى: {وما كانَ هذا القرآنُ أن يفترى} (يونس: 37)، والصحيح المنع، ولا حجة في الآية لأن أن يفترى في تأويل مصدر وهو الخير (كَذَاكَ بَعْدَ أو إذَا يَصْلُحُ فِي مَوضِعِهَا حتى أوِ إلاَّ أنْ خفِي) أن مبتدأ وخفي خبره وكذاك وبعد متعلقان بخفي، وحتى فاعل يصلح، وإلا عطف عليه:أي كذا يجب إضمار أن بعد أو إذا صلح في موضعها حتى، نحو لألزمنك أو تقضيني حقي، وقوله:
لأَسْتَسْهِلَنَّ الصَّعْبَ أو أُدْرِكَ المُنَى                   فَمَا انْقَادَتِ الآمَالُ إلاَّ لِصَابِرِ
أو إلا كقولك: لأقتلن الكافر أو يسلم وقوله:
 وَكُنْتُ إذَا غَمَزْتُ قَنْاةَ قَومٍ                   كَسَرْتُ كُعُوبهَا أو تَسْقِيمَا
ويحتمل الوجهين قوله:
فَقُلتَ لَهُ لاَ تَبْكِ عَينُكَ إنَّمَا                 نُحَاوِلُ مُلكاً أو نَمُوتَ فَنُعْذَرَا
واحترز بقوله إذا يصلح في موضعها حتى أو إلا من التي لا يصلح في موضعها أحد الحرفين، فإن المضارع إذا ورد بعدها منصوباً جاز إظهار أن كقوله:

ص342

 وَلَولاَ رِجَالٌ مِنْ رِزَامٍ أعِزَّةٌ                    وَآلُ سُبَيعٍ أو أسُوءَكَ عَلقَمَا
تنبيهات: الأول قال في شرح الكافية: وتقدير إلا وحتى ــــ في موضع أو ــــ تقدير لحظ فيه المعنى دون الإعراب، والتقدير الإعرابي المرتب على اللفظ أن يقدر قبل أو مصدر وبعدها أن ناصبة للفعل وهما في تأويل مصدر معطوف بأو على المقدر قبلها، فتقدير لأنتظرنه أو يقدم: ليكونن انتظار أو قدوم، وتقدير لأقتلن الكافر أو يسلم: ليكونن قتله أو إسلامه، وكذلك العمل في غيرهما. الثاني ذهب الكسائي إلى أن أو المذكورة ناصبة بنفسها، وذهب الفراء ومن وافقه من الكوفيين إلى أن الفعل انتصب بالمخالفة، والصحيح أن النصب بأن مضمرة بعدها لأن أو حرف عطف فلا عمل لها، ولكنها عطفت مصدراً مقدراً على مصدر متوهم، ومن ثم لزم إضمار أن بعدها. الثالث قوله إذا يصلح في موضعها حتى أو إلا أحسن من قوله في التسهيل بعد أو الواقعة موقع إلى أن أو إلا أن لأن لحتى معنيين كلاهما يصح هنا: الأول الغاية مثل إلى. والثاني التعليل مثل كي، فيشمل كلامه هنا نحو لأرضين الله أو يغفر لي بخلاف كلام التسهيل لأن المعنى حتى يغفر لي بمعنى كي يغفر لي. وقد بان لك أن قول الشارح يريد حتى بمعنى إلى لا التي بمعنى كي لا وجه له. وكلتا العبارتين خير من قول الشارح بعد أو بمعنى إلى أو إلا فإنه يوهم أن أو ترادف الحرفين وليس كذلك، بل هي أو العاطفة كما مر (وبعدَ حتى هكذا إضْمَارُ أن حَتْمٌ) أي واجب. والغالب في حتى حينئذٍ أن تكون للغاية نحو: {لن نبرحَ عليه عاكفين حتى يَرجع إلينا موسى} (طه: 91)، وعلامتها أن يصلح في موضعها إلى وقد تكون للتعليل (كجُدْ حتى تَسْرَّ ذَا حزَنْ) وعلامتها أن يصلح في موضعها كي، وزاد في التسهيل أنها تكون بمعنى إلا أن كقوله:
 لَيسَ العَطَاءُ مِنَ الفُضُولِ سَمَاحَةً            حَتَى تَجُودَ وَمَا لَدَيكَ قَلِيلُ

ص343

وهذا المعنى على غرابته ظاهر من قول سيبويه في تفسير قولهم والله لا أفعل إلا أن تفعل المعنى حتى أن تفعل. وصرّح به ابن هشام الخضراوي، ونقله أبو البقاء عن بعضهم في: {وما يعلمان من أحد حتى يقولا} (البقرة: 102) والظاهر في هذه الآية خلافه. وأن المراد معنى الغاية. نعم هو ظاهر في قوله:
 واللَّهِ لاَ يَذْهَبُ شَيخِي بَاطِلاً                          حَتَى أُبِيرَ مَالِكاً وَكَاهِلاَ
لأن ما بعدها ليس غاية لما قبلها ولا مسبباً عنه.

ص344

تنبيه: ذهب الكوفيون إلى أن حتى ناصبة بنفسها وأجازوا إظهار أن بعدها توكيداً كما أجازوا ذلك بعد لام الجحود (وَتِلوَ حَتَى حالاً أو مُؤوَّلا بهِ) أي بالحال (ارْفَعْنَّ) حتماً (وانصِبْ المُسْتَقْبَلاَ) أي لا ينصب الفعل بعد حتى إلا إذا كان مستقبلاً: ثم إن كان استقباله حقيقياً بأن كان بالنسبة إلى زمن التكلم فالنصب واجب نحو لأسيرن حتى أدخل المدينة وكالآية السابقة. وإن كان غير حقيقي بأن كان بالنسبة إلى ما قبلها خاصة فالنصب جائز لا واجب نحو: {وزلزلوا حتى يقول الرسول} (البقرة: 214)، فإن قولهم إنما هو مستقبل بالنظر إلى الزلزال لا بالنظر إلى زمن قص ذلك علينا. فالرفع ــــ وبه قرأ نافع ــــ على تأويله بالحال، والنصب ــــ وبه قرأ غيره ــــ على تأويله بالمستقبل: فالأول يقدر اتصاف المخبر عنه وهو الرسول والذين آمنوا معهبالدخول في القول فهو حال بالنسبة إلى تلك الحال. والثاني يقدر اتصافه بالعزم عليه فهو مستقبل بالنسبة إلى تلك الحال. ولا يرتفع الفعل بعد حتى إلا بثلاثة شروط: الأول أن يكون حالاً، إما حقيقة نحو سرت حتى أدخلها إذا قلت ذلك وأنت في حالة الدخول، والرفع حينئذٍ واجب، أو تأويلاً نحو: {حتى يقول الرسول} (البقرة: 214) في قراءة نافع. والرفع حينئذٍ جائز كما مر. الثاني: أن يكون مسبباً عما قبلها فيمتنع الرفع في نحو لأسيرن حتى تطلع الشمس، وما سرت حتى أدخلها، وأسرت حتى تدخلها لانتفاء السببية: أما الأول فلأن طلوع الشمس لا يتسبب عن السير. وأما الثاني فلأن الدخول لا يتسبب عن عدم السير. وأما الثالث فلأن السبب لم يتحقق، ويجوز الرفع في أيهم سار حتى يدخلها، ومتى سرت حتى تدخلها لأن السير محقق وإنما الشك في عين الفاعل أو في عين الزمان، وأجاز الأخفش الرفع بعد النفي على أن يكون أصل الكلام إيجاباً ثم أدخلت أداة النفي على الكلام بأسره لا على ما قبل حتى خاصة. ولو عرضت هذه المسألة بهذا المعنى على سيبويه لم

ص345

يمنع الرفع فيها وإنما منعه إذا كان النفي مسلطاً على السبب خاصة وكل أحد يمنع ذلك. الثالث أن يكون فضلة فيجب النصب في نحو سيري حتى أدخلها، وكذا في كان سيري أمس حتى أدخلها إن قدرت كان ناقصة ولم تقدر الظرف خبراً اهـ.
تنبيهات: الأول: تجيء حتى في الكلام على ثلاثة أضرب: جارة وعاطفة وقد مرتا، وابتدائية أي حرف تبتدأ بعده الجمل أي تستأنف، فتدخل على الجمل الاسمية كقوله:
 فَمَا زَالَتِ القَتْلَى تَمُجُّ دِمَاءَهَا                بِدَجْلَةَ حَتَّى مَاءُ دِجْلَةَ أَشْكَلُ
وعلى الفعلية التي فعلها مضارع كقوله:
 يُغْشَونَ حَتَّى مَا تَهِرُّ كِلاَبُهُمْ
وقراءة نافع: {حتى يقول الرسول} (البقرة: 214)، وعلى الفعلية التي فعلها ماض نحو: {حتى عفوا وقالوا} (الأعراف: 195) وزعم المصنف أن حتى هذه جارة ونوزع في ذلك. الثاني إذا كان الفعل حالاً أو مؤولاً به فحتى ابتدائية، وإذا كان مستقبلاً أو مؤولاً به فهي الجارة وأن مضمرة بعدها كما تقدم. الثالث علامة كونه حالاً أو مؤوّلاً به صلاحية جعل الفاء في موضع حتى، ويجب حينئذٍ أن يكون ما بعدها فضلة مسبباً عما قبلها اهـ (وَبَعْدَ فَا جوابِ نَفِيٍ أو طَلَبْ مَحْضَينِ أَنْ وسَتْرُهَا حَتمٌ نَصَبْ) أن مبتدأ ونصب خبرها، وسترها حتم مبتدأ وخبر في موضع الحال من فاعل نصب، وبعد متعلق بنصب. يعنى أن أن تنصب الفعل مضمرة بعد فاء جواب نفي نحو: {لا يقضي عليهم فيموتوا} (فاطر: 36)،أو جواب طلب وهو إما أمر أو نهي أو دعاء أو استفهام أو عرض أو تحضيض أو تمن. فالأمر نحو قوله:
يَا نَاقُ سِيرِي عَنْقاً فَسِيحاً                    إلَى سُلِيمَانَ فَنَسْتَرِيحَا
والنهي نحو: {لا تفتروا على الله كذباً فيُسْحِتَكُم بعذابٍ} (طه: 61)، وقوله:
لاَ يَخْدَعَنَّكَ مَأثورٌ وإنْ قَدُمَتْ                          تِرائُهُ فَيَحِقَّ الحزنُ والنَّدَمُ

ص346

والدعاء نحو: {ربنا اطمس على أموالهم واشْدُد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يرَوا العذاب الأليم} (يونس: 88)، وقوله:
رَبِّ وَفْقِّنِي فَلاَ أعْدِلَ عَنْ                    ننِ السَاعِينَ فِي خَيرِ سَنِنْ
وقوله:
فَيَا رَبِّ عَجَّل مَا أُؤَمِّلُ مِنْهُمُ                 فَيَدْفَأَ مَقْرُورٌ وَيَشْبَعَ مُرْمِلُ
والاستفهام نحو: {فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا} (الأعراف: 53) وقوله:
 
هَل تَعْرِفُونَ لُبَانَاتي فَأرْجُوَ أنْ                تُقْضَى فَيُرْتَدَّ بَعْضُ الرُّوحِ لِلجَسَدِ
والعرض نحو قوله:
يَا ابْنَ الكِرَامِ ألاَ تَدْنُو فَتُبْصِرَ مَا             قَدْ حَدَّثُوكَ فَمَا رَاءَ كَمَنْ سَمِعَا
والتحضيض نحو: {لولا أخَّرتني إلى أجل قريبٍ فأصَّدقَ وأكون من الصالحين} (المنافقون: 10) وقوله:
لَولاَ تَعْوجِينَ يَا سَلمى عَلَى دَنِفٍ            فَتُخْمِدِي نَارَ وَجْدٍ كَادَ يُفْنِيهِ
والتمني نحو: {يا ليتني كنت معهم فأفوزَ فوزاً عظيماً} (النساء: 73) وقوله:
 يَا لَيتَ أُمَّ خُلَيدٍ وَاعَدَتْ فَوَفَتْ                        وَدَامَ لِي وَلَهَا عُمْرٌ فَنْصْطَحِبَا
---

ص347

واحترز بفاء الجواب عن الفاء التي لمجرد العطف نحو: ما تأتينا فتحدثنا، بمعنى ما تأتينا فما تحدثنا، فيكون الفعلان مقصوداً نفيهما وبمعنى ما تأتينا فأنت تحدثنا على إضمار مبتدأ، فيكون المقصود نفي الأول وإثبات الثاني، وإذا قصد الجواب لم يكن الفعل إلا منصوباً على معنى ما تأتينا محدثاً، فيكون المقصود نفي اجتماعهماأو على معنى ما تأتينا فكيف تحدثنا فيكون المقصود نفي الثاني لانتفاء الأول. واحترز بمحضين عن النفي الذي ليس بمحض وهو المنتقض بإلا والمتلوّ بنفي نحو ما أنت تأتينا إلا فتحدثنا، ونحو ما تزال تأتينا فتحدثنا. ومن الطلب الذي ليس بمحض وهو الطلب باسم الفعل أو بالمصدر أو بما لفظه خبر نحو صه فأكرمك، وحسبك الحديث فينام الناس، ونحو سكوتاً فينام الناس، ونحو رزقني الله مالاً فأنفقه في الخير، فلا يكون لشيء من ذلك جواب منصوب. وسيأتي التنبيه على خلاف في بعض ذلك.
تنبيهات: الأول مما مثل به في شرح الكافية لجواب النفي المنتقض ما قام فيأكل إلا طعامه، قال ومنه قول الشاعر:
وَمَا قَامَ مِنَّا قَائِمٌ فِي نَدِيِّنَا                    فَيَنْطِقُ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَعْرَفُ
وتبعه الشارح في التمثيل بذلك، واعترضهما المرادي وقال: إن النفي إذا انتقض بإلا بعد الفاء جاز النصب، نص على ذلك سيبويه. وعلى النصب أنشد:
فَيَنْطِقَ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَعْرَفُ
الثاني قد تضمر أن بعد الفاء الواقعة بين مجزومي أداة شرط أو بعدهما أو بعد حصر بإنما اختياراً نحو إن تأتني فتحسن إلي أكافئك، ونحو متى زرتني أحسن إليك فأكرمك، ونحو: {إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون} (البقرة: 117، آل عمران: 47، مريم: 35)، في قراءة من نصب، وبعد الحصر بإلا والخبر المثبت الخالي من الشرط اضطراراً نحو ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا ونحو قوله:
 سَأَتْرُكَ مَنْزِلِي لِبَنِي تَمِيمٍ                      وَأَلحَقُ بِالحِجَازِ فَأَسْتَرِيحَا

ص348

الثالث يلحق بالنفي التشبيه الواقع موقعه نحو كأنك وال علينا فتشتمنا: أي ما أنت وال علينا ذكره في التسهيل وقال في شرح الكافية: إن غيراً قد تفيد نفياً فيكون لها جواب منصوب كالنفي الصريح، فيقال غير قائم الزيدان فتكرمهما أشار إلى ذلك ابن السراج، ثم قال ولا يجوز هذا عندي. قلت وهو عندي جائز والله أعلم. هذا كلامه بحروفه. الرابع ذهب بعض الكوفيين إلى أن ما بعد الفاء منصوب بالمخالفة وبعضهم إلى أن الفاء هي الناصبة كما تقدم في أو والصحيح مذهب البصريين لأن الفاء عاطفة فلا عمل لها لكنها عطفت مصدراً مقدراً على مصدر متوهم، والتقدير في نحو ما تأتينا فتحدثنا ما يكون منك إتيان فتحديث، وكذا يقدر في جميع المواضع. الخامس شرط في التسهيل في نصب جواب الاستفهام أن لا يتضمن وقوع الفعل احترازاً من نحو لم ضربت زيداً فيجازيك لأن الضرب قد وقع فلم يمكن سبك مصدر مستقبل منه، وهو مذهب أبي علي، ولم يشترط ذلك المغاربة. وحكى ابن كيسان أين ذهب زيد فنتبعه بالنصب مع أن الفعل في ذلك محقق الوقوع، وإذا لم يمكن سبك مصدر مستقبل من الجملة سبكناه من لازمها، فالتقدير ليكن منك إعلام بذهاب زيد فاتباع منا(وَالواوُ كَالفَا) في جميع ما تقدم (إنْ تُفِدْ مَفْهُومَ مَعْ) أي يقصد بها المصاحبة (كَلاَ تَكُنْ جَلداً وَتُظْهِرَ الجَزَعْ) أي لا تجمع بين هذين، وقد سمع النصب مع الواو في خمسة مما سمع مع الفاء: الأول النفي نحو: {ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} (آل عمران: 142). الثاني الأمر نحو قوله:
 فَقُلتُ ادْعِي وَأَدْعُو إنَّ أَنْدَى                لِصَوتِ أَنْ يُنَادِيَ دَاعِيَانِ
الثالث النهي نحو قوله:
 لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُق وَتَأتِيَ مِثْلُهُ                  عَارٌ عَلَيكَ إذَا فَعَلتَ عَظِيمُ
الرابع الاستفهام نحو قوله:
أُتَبِيتُ رَبَّانَ الجُفُونِ مِنَ الكَرَى

ص349

وَأَبَيتُ مِنْكُ بِلَيلَةِ المَلسُوعِ
وقوله:
أَلَمْ أَكُ جَارَكُمْ وَيَكُونَ بَينِي                  وَبَينَكُمُ المَوَدَّةُ وَالإخَاءُ
الخامس التمني نحو: {يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين} (الأنعام: 27) في قراءة حمزة وحفص. وقس الباقي قال ابن السراج الواو ينصب ما بعدها في غير الموجب من حيث انتصب ما بعد الفاء، وإنما يكون كذلك إذا لم ترد الاشتراك بين الفعل والفعل، وأردت عطف الفعل على مصدر الفعل الذي قبلها كما كان في الفاء وأضمرت أن، وتكون الواو في هذا بمعنى مع فقط، ولا بدّ مع هذا الذي ذكره من رعاية أن لا يكون الفعل بعد الواو مبنياً على مبتدأ محذوف لأنه متى كان كذلك وجب رفعه، ومن ثم جاز فيما بعد الواو من نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن ثلاثة أوجه: الجزم على التشريك بين الفعلين في النهي، والنصب على النهي عن الجمع، والرفع على ذلك المعنى، ولكن على تقدير وأنت تشرب اللبن.
تنبيه: الخلاف في الواو كالخلاف في الفاء وقد تقدم (وَبَعْدَ غَيرِ النَّفْيِ جَزْماً اعْتَمِدْ) جزماً مفعول به مقدم أي اعتمد الجزم (إنْ تَسْقُطِ الفَا وَالجَزَاءُ قَدْ قُصِدْ) أي انفردت الفاء عن الواو بأن الفعل بعدها ينجزم عند سقوطها بشرط أن يقصد الجزاء. وذلك بعد الطلب بأنواعه كقوله:
 قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ
وكذا بقية الأمثلة. أما النفي فلا يجزم جوابه لأنه يقتضي تحقق عدم الوقوع كما يقتضي الإيجاب تحقق الوقوع، فلا يجزم بعده كما لا يحزم بعد الإيجاب، ولذلك قال: وبعد غير النفي. واحترز بقوله والجزاء قد قصد عما إذا لم يقصد الجزاء فإنه لا يجزم بل يرفع: إما مقصوداً به الوصف نحو ليت لي مالاً أنفق منه، أو الحال أو الاستئناف، ويحتملهما قوله تعالى: {فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً لا تخاف دركاً} (طه: 77)، وقوله:

ص350

 كُرُّوَا إلَى حَرَّتَيْكُمُ تَعْمُرُونَهُمَا                          كَمَا تَكُرُّ إلَى أوطَانِهَا البَقَرُ
تنبيهان: الأول قال في شرح الكافية: الجزم عند التعري من الفاء جائز بإجماع. الثاني: اختلف في جازم الفعل حينئذٍ: فقيل إن لفظ الطلب ضمن معنى حرف الشرط فجزم، وإليه ذهب ابن خروف واختاره المصنف ونسبه إلى الخليل وسيبويه. وقيل إن الأمر والنهي وباقيها نابت عن الشرط: أي حذفت جملة الشرط وأنيبت هذه في العمل منابها فجزمت، وهو مذهب الفارسي والسيرافي وابن عصفور. وقيل الجزم بشرط مقدر دل على الطلب، وإليه ذهب أكثر المتأخرين. وقيل الجزم بلام مقدرة فإذا قيل: ألا تنزل تصب خيراً فمعناه لتصب خيراً وهو ضعيف، ولا يطرد إلا بتجوز وتكلف والمختار القول الثالث لا ما ذهب إليه المصنفلأن الشرط لا بدّ له من فعل، ولا جائز أن يكون هو الطلب بنفسه ولا مضمناً له مع معنى حرف الشرط لما فيه من زيادة مخالفة الأصل، ولا مقدراً بعده لامتناع إظهاره بدون حرف الشرط بخلاف إظهاره معه، ولأنه يستلزم أن يكون العامل جملة وذلك لا يوجد له نظير اهـ (وَشَرْطُ جَزْمٍ بَعْدَ نَهْيٍ) فيما مر أن يصح (إنْ تَضَعْ إنْ) الشرطية (قَبْلَ لاَ) النافية (دُونَ تَخَالُفٍ) في المعنى (يَقَعْ) ومن ثم جاز لا تدن من الأسد تسلم، وامتنع لا تدن من الأسد يأكلك بالجزم خلافاً للكسائي. وأما قول الصحابي: يا رسول الله لا تشرف يصبك سهم، وقوله عليه الصَّلاة والسَّلام: «من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا يؤذنا بريح الثوم»، فجزمه على الإبدال من فعل النهي لا على الجواب، على أن الرواية المشهورة في الثاني يؤذينا بثبوت الياء.

ص351

تنبيهان: الأول قال في شرح الكافية: لم يخالف في الشرط المذكور غير الكسائي. وقال المرادي وقد نسب ذلك إلى الكوفيين. الثاني: شرط الجزم بعد الأمر صحة وضع إن تفعل، كما أن شرطه بعد النهي صحة وضع إن لا تفعل، فيمتنع الجزم في نحو أحسن إليّ لا أحسن إليك، فإنه لا يجوز إن تحسن إلى لا أحسن إليك لكونه غير مناسب وكلام التسهيل يوهم إجراء خلاف الكسائي فيه انتهى. (وَالأَمْرُ إنْ كَانَ بِغير افْعَل) بأن كان بلفظ الخبر أو باسم فعل أو باسم غيره (فَلاَ تَنْصِبْ جَوَابَهُ) مع الفاء كما تقدم (وَجَزْمَهُ اقْبَلاَ) عند حذفها. قال في شرح الكافية: بإجماع، وذلك نحو قوله تعالى: {تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم} (الصف: 11 و12)، وقوله: اتقى الله امرؤ فعل خيراً يثب عليه. وقوله:
مَكَانَكِ تُحْمَدِي أَو تَسْتَرِيِحي
وقولهم: حسبك الحديث ينم الناس، فإن المعنى: آمنوا، وليتق، واثبتي، واكفف.
تنبيهان: الأول أجاز الكسائي النصب بعد الفاء المجاب بها اسم فعل أمر نحو صه، أو خبر بمعنى الأمر نحو حسبك. وذكر في شرح الكافية أن الكسائي انفرد بجواز ذلك، لكن أجازه ابن عصفور في جواب نزال ونحوه من اسم الفعل المشتق وحكاه ابن هشام عن ابن جني، فالذي انفرد به الكسائي ما سوى ذلك. الثاني أجاز الكسائي أيضاً نصب جواب الدعاء المدلول عليه بالخبر نحو غفر الله لزيد فيدخله الجنة (وَالفِعْلُ بَعْدَ الفَاءِ فِي الرَجَا نُصِبْ كَنَصْبِ مَا إلَى التَّمَنِّي يَنْتَسِبْ) وفاقاً للفراء لثبوت ذلك سماعاً كقراءة حفص عن عاصم: {لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع} (غافر: 36 و37)، وكذلك: {لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى} (عبس: 3)، وقول الراجز أنشده الفراء:
 عَلَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ أو دُوَلاتِهَا

ص352

تُدِلنَنَا اللَّمَّةُ مِنْ لَمَّاتِهَا
فَتَسْتَرِيحَ النَّفْسُ مِنْ زَفْرَاتِهَا
ومذهب البصريين أن الرجاء ليس له جواب منصوب وتأولوا ذلك بما فيه بعد، وقول أبي موسى: وقد أشربها معنى ليت من قرأ فأطلع نصباً: يقتضي تفصيلاً.
تنبيه: القياس جواز جزم جواب الترجي إذا سقطت الفاء عند من أجاز النصب. وذكر في الارتشاف أنه قد سمع الجزم بعد الترجي، وهو يدل على صحة ما ذهب إليه الفراء. انتهى (وَإنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ تَنْصِبُهُ أَنْ ثَابِتاً أو مُنْحَذِفْ) فعل رفع بالنيابة بفعل مضمر يفسره الفعل بعده وينصبه جواب الشرط، وأن بالفتح فاعل ينصبه، وثابت حال من أن، ومنحذف عطف عليه وقف عليه بالسكون للضرورة. أي ينصب الفعل بأن مضمرة جوازاً في مواضع ــــ وهي خمسة ــــ كما ينصب بها مضمرة وجوباً في خمسة مواضع وقد مرت. فالأول من مواضع الجواز: بعد اللام إذا لم يسبقها كون ناقص ماض منفي ولم يقترن الفعل بلا وقد سبق في قوله: وإن عدم لا فأن اعمل مظهراً مظهراً أو مضمراً. والأربعة الباقية هي المرادة بهذا البيت وهي أن تعطف الفعل على اسم خالص بأحد هذه الحروف الأربعة: الواو وأو والفاء وثم، نحو قوله:
 لَلِبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَينِي                      أَحَبُّ إليَّ مِنْ لِبْسِ الشُّفُوفِ
ونحو: أو يرسل رسولاً في قراءة غير نافع بالنصب عطفاً على وحيا، ونحو قوله:
 لَولاَ تَوَقُّعَ مُعْتَرَ فَأُرْضِيَهُ                       مَا كُنْتُ أُوثِرُ أَتْرَاباً عَلَى تِرْبِ
وكقوله:
 إنِّي وَقَتْلِي سُلَيكاً ثُمَّ أَعْقِلَهُ
كَالثَّورِ يُضْرَبُ لَمَّا عَافَتِ البَقَرُ والاحتراز بالخالص من الاسم الذي في تأويل الفعل نحو: الطائر فيغضب زيد الذباب فيغضب واجب الرفع لأن الطائر في تأويل الذي يطير ومن العطف على المصدر المتوهم فإنه يجب فيه إضمار إن كما مر.

ص353

تنبيهات: الأول إنما قال على اسم ولم يقل على مصدر كما قال بعضهم ليشمل غير المصدر فإن ذلك لا يختص به، فتقول لولا زيد ويحسن إليّ لهلكت. الثاني يجوز في قوله: فعل عطف فإن المعطوف في الحقيقة إنما هو المصدر. الثالث: أطلق العاطف ومراده الأحرف الأربعة إذ لم يسمع في غيرها (وَشَذَّ حَذْفُ أَنْ وَنَصْبٌ فِي سِوَى مَا مَرَّ فَاقْبَل مِنْهُ مَا عَدْلٌ رَوَى) أي حذف أن مع النصب في غير المواضع العشرة المذكورة شاذ لا يقبل منه إلا ما نقله العدول كقولهم: خذ اللص قبل أن يأخذك، ومره يحفرها، وقول بعضهم تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، وقراءة بعضهم: {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه} (الأنبياء: 18) وقراءة الحسن: {قل أفغير الله تأمروني أعبدَ} (الزمر: 64) ومنه قوله:
وَنَهْنَهْتُ نَفْسِي بَعْدَ مَا كِدْتُ أَفْعَلَهْ
تنبيهات: الأول أفهم كلامه أن ذلك مقصور على السماع لا يجوز القياس عليه وبه صرّح في شرح الكافية وقال في التسهيل وفي القياس عليه خلاف. الثاني أجاز ذلك الكوفيون ومن وافقهم. الثالث كلامه يشعر بأن حذف أن مع رفع الفعل ليس بشاذ، وهو ظاهر كلامه في شرح التسهيل فإنه جعل منه قوله تعالى: {ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً} (الروم: 24)، قال فيريكم صلة لأن حذفت وبقي يريكم مرفوعاً، وهذا هو القياس لأن الحرف عامل ضعيف فإذا حذف بطل عمله هذا كلامه، وهذا الذي قاله مذهب أبي الحسن أجاز حذف أن ورفع الفعل دون نصبه وجعل منه قوله تعالى: {قل أفغير الله تأمروني أعبد} (الزمر: 64)، وذهب قوم إلى أن حذف أن مقصور على السماع مطلقاً فلا يرفع ولا ينصب بعد الحذف إلا ما سمع، وإليه ذهب متأخرو المغاربة، قيل وهو الصحيح. الرابع: ما ذكره من أن حذف أن والنصب في غير ما مر شاد ليس على إطلاقه لما ستعرفه في قوله في باب الجوازم: والفعل من بعد الجزاء إن يقترن. إلخ.

ص354




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.