(مَا لِلمُنَادَى) من الأحكام (اجْعَل لِمَنْدُوبٍ) وهو المتفجع عليه لفقده حقيقة كقوله:
وَقُمْتَ فِيهِ بِأَمْرِ اللَّهِ يَا عُمَرَا
أو لتنزيله منزلة المفقود كقول عمروقد أخبر بجدب أصاب بعض العرب: واعمراه واعمراه. أو المتوجع له نحو:
946 ــــ فَوَاكَبِدَا مِنْ حُبِّ مَنْ لاَ يُحِبُّنِي أو المتوجع منه نحو وامصيبتاه فيضم في نحو وازيد وينصب في نحو واأمير المؤمنين وواضارباً عمرا. وإذا اضطر إلى تنوينه جاز ضمه ونصب كقوله:
ص253
وَافَقْعَساً وَأَينَ مِنِّي فَقْعَسُ
ولا يندب إلا العلم ونحوه كالمضاف إضافة توضح المندوب كما يوضح الاسم العلم مسماه (وَمَا نُكِّرَ لَمْ يُنْدَبْ) فلا يقال وارجلاه خلافاً للرياشي في إجازته ندبة اسم الجنس المفرد. وندر واجبلاه (وَلاَ) يندب (مَا أُبهِمَا) وذلك اسم الإشارة والموصول بما لا يعينه، فلا يقال واهذاه، ولا وا من ذهباه، لأن غرض الندبة وهو الاعلام بعظمة المصاب مفقود في هذه الثلاثة(وَيُنْدَبُ المَوصُولُ بِالَّذِي اشْتَهَرْ) اشتهاراً يعينه ويرفع عنه الإبهام (كَبِئْرَ زَمْزَمٍ يَلِي وَا مَنْ حَفَرْ) في قولهم: وا من حفر بئر زمزماه، فإنه بمنزلة وا عبد المطلباه (وَمُنْتَهَى المَنْدُوبِ) مطلقاً (صِلهُ) جوازاً لا وجوباً (بِالأَلِفْ) المسماة ألف الندبة فتقول في المفرد وا زيداً ومنه قوله:
وَقُمْتَ فِيهِ بِأَمْرِ اللَّهِ يَا عُمَرَا
ص254
وفي المضاف يا غلام زيداً وا عبدالملكا، وفي المشبه به وا ثلاثة وثلاثينا، وفي الصلة وا من حفر بئر زمزما، وفي المركب وا معديكربا، وفي المحكي وا قام زيداً فيمن اسمه قام زيد.وأجاز يونس وصل ألف الندبة بآخر الصفة نحو وا زيد الظريفا ويعضده قول بعض العرب واجمجمتي الشاميتينا. وهذه الألف (مَتْلُوُّهَا) وهو منتهى المندوب (إِنْ كَانَ) ألفاً (مِثْلَهَا حُذِفْ) لأجلها نحو وا موساه، وأجاز الكوفيون قلبه ياء قياساً فقالوا وا موسياه (كَذَاكَ) يحذف لأجل ألف الندبة (تَنْوِينُ الَّذِي بِهِ كَمَل) المندوب (مِنْ صِلَةٍ أَو غَيرِهَا) مما مر كما رأيت (نِلتَ الأَمَل) لضرورة أن الألف لا يكون قبلها إلا فتحة على ما رأيت، والتنوين لا حظ له في الحركة. هذا مذهب سيبويه والبصريين. وأجاز الكوفيون فيه مع الحذف وجهين: فتحه فتقول وا غلام زيدناه وكسره مع قلب الألف ياء فتقول واغلام زيدنيه. قال المصنف وما رأوه حسن لو عضده سماع لكن السماع فيه لم يثبت. وقال ابن عصفور أهل الكوفة يحركون التنوين فيقولون وا غلام زيدناه وزعموا أنه سمع انتهى. وأجاز الفراء وجهاً ثالثاً وهو حذفه مع إبقاء الكسرة وقلب الألف ياء فتقول وا غلام زيديه (وَالشَّكْلَ حَتْماً أَولِهِ) حرفاً (مُجَانِساً) فأول الكسر ياء والضم واواً (إِنْ يَكُنِ الفَتْحُ بِوَهْمٍ لاَبِسَا) دفعا للبس فتقول في ندبة غلام مضافاً إلى ضمير المخاطبة وا غلامكيه وفي ندبته مضافاً إلى ضمير الغائب وا غلامهوه إذ لو قلت واغلامكاه لالتبس بالمذكر، ولو قلت وا غلامهاه لالتبس بالغائبة. قال في شرح الكافية وهذا الاتباع يعني والحالة هذه متفق على التزامه فإن كان الفتح لا يلبس عدل بغيره إليه وبقيت ألف الندبة بحالها، فتقول في رقاش وا رقشاه، وفي عبد الملك وا عبد الملكاه، وفيمن اسمه قام الرجل وا قام الرجلاه، هذا مذهب أكثر البصريين، وأجاز الكوفيون الاتباع نحو وا رقاشيه وا عبد الملكيه وا قام
ص255
الرجلوه.
تنبيه: أجاز الكوفيون أيضاً الاتباع في المثنى نحو وا زيدانيه واختاره في التسهيل (وَوَاقِفَا زِدْ) في آخر المندوب (هَاءَ سَكْتٍ) بعد المد (إنْ تُرِدْ وَإِنْ تَشَأْ) عدم الزيادة (فَالمَدَّ وَالهَا لاَ تَزِدْ) بل اجعله كالمنادى الخالي عن الندبة، وقد مر بيان الأوجه الثلاثة. وأفهم قوله وواقفاً أن هذه الهاء لا تثبت وصلاً وربما ثبتت في الضررة مضمومة ومكسورة وأجاز الفراء إثباتها في الوصل بالوجهين. ومنه قوله:
أَلاَ يَا عَمْرُ عَمْرَاهُ وَعَمْرُو بْنُ الزُّبَيرَاهُ
(وَقَائِلٌ) في ندبة المضاف للياء (وَاعَبْدِيَا وَا عَبْدَا مَنْ فِي النِّدَا اليَا ذَا سُكُونٍ أَبْدَى) فقال يا عبدي وأما من قال يا عبد بالكسر أو يا عبد بالفتح أو يا عبد بالضم أو يا عبدا بالألف اقتصر على الثاني، ومن قال يا عبدي، بإثبات الياء مفتوحة اقتصر على الأول.
تنبيه: فتح الياء في ذي الوجهين المذكورين مذهب سيبويه وحذفها مذهب المبرد.
خاتمة: إذا ندب مضاف إلى مضاف إلى الياء لزمت الياء لأن المضاف إليها غير مندوب نحو وا ولد عبديا والله أعلم.
ص256