أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-04-2015
2152
التاريخ: 12-10-2014
2808
التاريخ: 14-06-2015
1917
التاريخ: 3-05-2015
1975
|
لقد ذهب أكثر علماء أهل السنة الى الالتزام بمقولة ان القرآن نزل على سبعة أحرف ، وقبل الخوض في أصل المسألة ، لابد من التنبيه على أن المشهور منهم فسروا الأحرف هنا بالألفاظ المترادفة في اللغة العربية ، وللقارئ أن يأتي بما يرادف اللفظ الوارد في القرآن حسب رغبته وميله وما تيسر له ، أو بما يتوافق مع لغة القبيلة التي ينتمي اليها .
فمثلا كان بعضهم يقرأ قوله تعالى : {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} [البقرة: 20] هكذا : كلما أضاء لهم مروا فيه ، أو سعوا فيه .
وكان بهضم يقرأ : { يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا} [الحديد: 13] : للذين آمنوا أمهلونا ، أو أخرونا .
وكان آخر يقرأ قوله تعالى : {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة: 5]: وتكون الجبال كالصوف المنفوش .
وقرأ بعضهم : {انِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا } [مريم: 26]: إني نذرت للرحمن صمتاً .
وبعضهم كان يقرأ : { أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} [الإسراء: 93] : أو يكون لك بيت من ذهب .
الى غير ذلك من الموارد .
ومستندهم في مذهبهم هذا بعض روايات أوردوها في كتبهم الحديثية عن النبي (صلى الله عليه واله) ، اتفقت ألستنها على أنه (صلى الله عليه واله) قال : (نزل القرآن على سبعة أحرف) . ذكره البخاري (1) ومسلم (2) .
والمعنى الذي تدور حوله هذه الاحاديث ورد هكذا : (أن رسول الله (صلى الله عليه واله) قال : أقرأني جبرئيل على حرف فراجعته فلم أزل استزيده حتى انتهى الى سبعة أحرف) . أو ما رووه عنه (صلى الله عليه واله) : (أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ) (3) .
وقد روى علماء أهل الحديث من السنة (4) ، أن هذا الرأي في الأحرف قد أحدث إرباكاً عظيماً بين المسلمين فيما يتعلق بقراءة القرآن ، مما دفع عثمان الى أن يجمعهم على قراءة واحدة في مصحف واحد ، ويحرق بقية المصاحف ، ويصور هذا الإرباك ما وراء البخاري
وغيره من . . أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق ، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة ، فقال حذيفة لعثمان : أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى . وإذا أهل العراق يقرأون بقراءة فيأتون بما لم يسمع أهل الشام ، وإذا بأهل الشام يقرأون بقراءة فيأتون بما لم يسمع أهل العراق ، فيكفر بعضهم بعضاً .
وهذا القول باطل مردود :
اولا : إنه يوجب التبديل والتغيير من قبل الناس حسب رغباتهم ، وما جعل الله ذلك لنبيه (صلى الله عليه واله) فضلا عن غيره حيث قال : {بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [يونس: 15].
ثانيا : إن الروايات التي ذكرها أهل السنة متضاربة (5) مختلفة فيما بينها ، فبعضها ورد عنه (صلى الله عليه واله) أن القرآن نزل على سبعة أحرف . وبعضها نص على أنه نزل على ثلاثة أحرف . وبعض يقول نزل على خمسة أحرف . وبعضها على أربعة أحرف . ومع تضارب هذه الروايات فيما بينها لا يبقى مجال للوثوق بأي منها ، فيصار الى طرحها .
ثالثاً : يروي هؤلاء أن عثمان عندما رأى اختلاف القراءات بشكل أدى الى تكفير بعض المسلمين لبعض ، جمع الناس على قراءة واحدة في مصحف واحد وأمر بإحراق بقية المصاحف ، ومعنى ذلك أن عثمان قد نقض أمر رسول الله (صلى الله عليه واله) للناس أو إجازته لهم أن يقرأوا القرآن على سبعة أحرف أو أقل ، ولم يذكر أن أحداً من الصحابة قد اعترض على عثمان فيما فعل ، فلو كانت هذه الأحاديث صحيحة ، لكان من البعيد جدا أن يسكتوا عما فعله عثمان من تغيير لسنة رسول الله (صلى الله عليه واله) ، وإن كانوا قد انتقدوه في حرقه المصاحف .
رابعا : معارضة هذه الروايات بما ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الذين نفوا مضمونها واتهموا القائلين بها بالكذب . . . من ذلك ما ورد في الحسن عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) حيث سئل عن قول من يقول : نزل القرآن على سبعة أحرف ؟ ، فقال (عليه السلام) : (كذبوا أعداء الله ، ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد) (6) .
وما رواه زرارة عن الباقر (عليه السلام) أنه قال : (إن القرآن واحد نزل من عند واحد ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة) (7) .
كل ذلك يوجب طرح هذه الروايات الواردة عن أهل السنة لمكان معارضتها لما ورد عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) ، فضلا عن اختلافهم حول المراد منها وطرح بعض علمائهم لها .
فقد قال الحافظ أبو حاتم بن حيان البستي : اختلف الناس في القراءات السبع على خمسة وثلاثين قولاً(8) .
وقال ابن العربي : لم يأت في معنى هذه السبع نص ولا أثر واختلف الناس في تعيينها (9) . فمنهم من قال : إنه من المشكل الذي لا يدرى معناه . ومنهم من قال ان المراد سبع قراءات ، فالحرف هنا القراءة . ومنهم من قال : سبعة أنواع ، كل نوع منها جزء من أجزاء القرآن ، ومنهم من قال : المراد سبع لغات لسبع قبائل من العرب واختلفوا في تعيين المراد من السبع هنا . . . الخ (10) .
رأي واستدلال
ونحن لو أردنا –تنزلاً- أن نأخذ بروايات نزول القرآن على سبعة أحرف عند أهل السنة ، فإننا يمكن أن نوجهها وجهة بعيدة كل البعد عما ذهب اليه جمهورهم ، وذلك بحمل الحروف على الوجوه والتساؤلات لا على اللغات واللهجات ، فالمراد من الأحرف الوجوه التي يمكن إرجاع معاني الألفاظ اليها بتأويلها . ويشهد لذلك ما ورد من بعض الروايات عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ، منها ما رواه العلامة المجلسي بسنده عن حماد بن عثمان في بحار الأنوار في حديث : (عن القرآن نزل على سبعة أحرف وأدنى ما للإمام أن يفتي على سبعة وجوه . . الى أن قال : (هذا عطاؤنا فاقنن أو امسك بغير حساب) .
فإن هذا الحديث عن التأمل ، يكشف عن أنه نص في البطون والتأملات التي اختص الله أهل بيت نبيه بمعرفتها .
ومنه ما روي عن زرارة عن الباقر (عليه السلام) : قال : (تفسير القرآن على سبعة أحرف منه ما كان ، أي تأويله ، وما لم يكن بعد ذلك تعرفه الأئمة) .
والذي يؤيد هذا ، أن الحرف هو الطرف والجانب ، أي أن لألفاظ القرآن أطرافاً وجوانب ، أي معان متعددة يحتملها ذهن السامع العارف بنفس المستوى بحيث يحتاج في تشخيص المعنى المراد من بين هذه المحتملات من الرجوع الى الراسخين في العلم ، وألا يكون أخذه بأحدهما استناداً إلى نظره القاصر عملاً بالرأي في تفسير القرآن ، ومن عمل بالقرآن برأيه فكأنما هوى من السماء .
_____________________
(1) ج3 / 226 .
(2) ج1 / 561 .
(3) الإتقان ، للسيوطي ، 1/78 .
(4) البخاري/ كتاب فضائل القرآن ، البابان 2 و 3 .
(5) راجع البيان للإمام الخوئي ، باب القراءات السبع .
(6) أصول الكافي ، م . ن ، والباب ، ح13 و 12 .
(7) المصدر السابق .
(8) البرهان ، للزركشي ، 1 / 212 وما بعدها .
(9) المصدر السابق .
(10) المصدر السابق .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|