الأسس الفلسفية لمبدأ قابلية قواعد المرافق العامة الاقتصادية للتغيير والتطوير |
4267
11:14 صباحاً
التاريخ: 5-5-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-8-2017
6997
التاريخ: 14-1-2019
6166
التاريخ: 20-6-2018
2213
التاريخ: 2024-10-24
212
|
ان البحث عن أساس وجود مبدأ قانوني يقتضي البحث ـ في تقديرينا ـ في القاعدة القانونية ، وعما إذا كان المبدأ يتماشى مع النظريات المعروفة بوصفها أساساً للقاعدة القانونية ، وعلى ذلك يتعين عرض النظريات المختلفة في طبيعة أو أساس القاعدة القانونية بغية التعرف على موقف هذه النظريات من تغيير القواعد القانونية وعلى التفصيل الآتي .
أولا : المذاهب الشكلية : ترى هذه المذاهب في القانون مشيئة المشرع الذي لا يستند إلا إلى سلطان الدولة ، والسلطان هو الذي يصنع القانون وهو الذي يلزم الناس بطاعته(1) . فإذا كان الأمر كذلك ـ على ما في هذه المذاهب من ضعف ـ فان الدولة التي تملك الإنشاء تملك الإلغاء ومن باب أولى تملك التغيير في كل الأوقات .
ثانيا : مذهب القانون الطبيعي : يرى أصحاب هذا المذهب ان هناك قانونا كامنا في طبيعة الروابط الاجتماعية ، وهو قانون ثابت لا يتغير لا في الزمان ولا المكان يكشفه العقل ولا يوجده ، قانون سرمدي ككل القوانين التي تهيمن على الظواهر الطبيعية ، وما على العقل البشري إلا ان يتمعن في الروابط الاجتماعية فيستخلص منها هذا القانون الطبيعي ويصوغ قانونه الوضعي وكلما أقترب من القانون الطبيعي كان اقرب إلى الكمال(2). والأخذ بهذا المعنى ينتهي بنا إلى ضرورة ان يتغير التشريع حتى يتطابق مع القانـون الطبيعي الذي لا يتغير ، ان تغييـر تشريع معنـاه ان المجتمع قد اقتنع ان التشريع ـ قبل التغيير ـ لا يتطابق مع القانون الطبيعي ، ويقتضي تعديله ليتطابق مع القانون الأبدي الذي نشأ في ضمير الجماعة منذ وجودها(3). فالقانون الطبيعي يعد موجها مثاليا للعدل ويفرض نفسه على إرادة المشرع فهو ملزم باحترام الوجه المثالي(4).
ثالثا : المذهب التاريخي : القانون في منطق هذا المبدأ ليس من خلق إرادة إنسانية مبصرة عاقلة ، ولا هو من وحي مثل أعلى يوجه إلى إدراك غاية معينة ، ولكنه من وضع الزمن ونتاج التاريخ ، إذ هو وليد الميول الغريزية للخلق الوطني والقوى الكامنة في المجتمع شأنه في ذلك شأن اللغة والأخلاق(5). فليس القانون تبعا لهذا المذهب ثمرة جيل معين من أجيال الجماعة وانما هو ثمرة التطور التاريخي لهذه الجماعة وامتداد لماضيها وتسلسل لثرائها ، فهو نتاج عمل صامت مستمر جماعي يساير ركب الجماعة على الزمن وبذلك يكون هذا المذهب قد صور المشرع في شكل اله يقتصر عملها على تسجيل ما يقتضيه التطور ، فالقانون يتطور من تلقاء نفسه(6). فإذا كان القانون ثمرة التطور التاريخي للجماعة ، فلا بد ان يساير هذا التطور ومنذ الوقت الذي يتكامل فيه .
رابعا : مذهب الغاية أو الكفاح : احتفظ اهرنج (Ihring) في هذا المذهب بمسألة خضوع القانون لظاهرة التطور ولكنه رد هذا التطور إلى الإرادة الإنسانية العاقلة ، وعلى ذلك لم يكن تطورا أعمى بل تطور يندفع عن بصيرة واعية نحو غاية يبتغي تحقيقها . وما دام القانون لا يتطور آليا ولكنه يتطور بفعل الإرادة الإنسانية فتطوره لا يتم في يسر ، إذ يقوم التنازع بين أصحاب المصالح المتعارضة في بقاء القانون وتطوره فيرتبط مصير هذا القانون بنتيجة هذا التنازع ، والتاريخ ملئ بأمثلة الثورات والكفاح المرير في سبيل تغيير الأنظمة القانونية وتطورها(7). وعلى ذلك إذا كانت هناك قاعدة قانونية أصبحت غير صالحة لتحقيق غاية القانون في حفظ المجتمع فيجب ان تتغير ولو اقتضى تغييرها كفاحا ونضالا .
خامسا : مذهب جيني (Geny) في العلم والصياغة أو المذاهب المختلطة(8) : هذا المذهب يرد أساس القاعدة القانونية إلى أربع حقائق واقعية أو طبيعية ، وتاريخية ، وعقلية ، ومثالية هذه الحقائق جميعا تتكون أولا كجوهر أو مادة أولية للقانون ، وتتدخل الصياغة لتخلق منها قاعدة عملية للتطبيق في الحياة الاجتماعية ، فالصياغة القانونية هي التي تخرج القاعدة القانونية إلى الوجود العملي إخراجا محققا الغاية التي يفصح عنها جوهرها . وعلى ذلك فان المعطيات التي أشار إليها جيني (Geny) وهي المادة الأولية ليست في إنشاء القاعدة القانونية بصورة مباشرة ولكن لتحديد إطارها الذي هو عرضة للتغيير ولاسيما في المعطيات الواقعية وبتأثير أقل وبصورة أخف من باقي المعطيات ، وبالتالي تتغير المصالح المراد حمايتها ـ وهو جوهر وظيفة القانون ـ وعليه يكون القانون قابلا للتغيير والتطوير. وهكذا أينما أخذنا بمذهب من المذاهب التي تبحث في طبيعة القاعدة القانونية وجدنا ان قابلية القواعد القانونية ـ ومنها قواعد المرافق العامة ومنها المرافق الاقتصادية ـ للتغيير هو الأمر المنطقي وان تغيير القاعدة القانونية ليست مسألة عرضية في حياة القاعدة القانونية بل انها ملازمة لها وضرورية لبقائها لان القاعدة القانونية التي لا تتمتع بخاصية التغيير تصاب بالشلل والجمود ولا تستطيع اللحاق بركب التغيير لتتواءم مع ظروف مجتمعها .
__________________________
[1]- د. عبدالرزاق السنهوري و د. حشمت ابو شيت ، أصول القانون أو المدخل لدراسة القانون ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة ، 1950 ، ص44 . وللمزيد من التفاصيل عن هذا المبدأ يراجع : د. حسن كيرة ، المدخل إلى القانون ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 1971 ، ص90 وما بعدها ، د. احمد عشوش و د. سعيد الصادق ، المدخل للعلوم القانونية بنظرية القانون ، مكتبة جيل ، القاهرة ، 2000 ، ص200.
2- د. عبدالرزاق السنهوري ود. حشمت ابو شيت ، المصدر السابق ، ص44.
3- د. محمد علي عرفة ، مبادئ العلوم القانونية ، ط2 ، مكتبة النهضة المصرية ، 1951 ، ص23.
4- د. حسن كيرة ، المصدر السابق ، ص114.
5- د. محمد علي عرفة ، المصدر السابق ، ص114.
6- د. عبدالرزاق السنهوري ، و د. حشمت ابو ستيت ، المصدر السابق ، ص52 . وللمزيد من التفاصيل عن هذا المذهب والنقد الموجه إليه . راجع : د. محمد جمال عطية عيسى ، أهداف القانون بين النظرية والتطبيق ، المجلة القانونية والاقتصادية ، كلية الحقوق ، جامعة الزقازيق ، العدد السابع ، 1995 ، ص248 د. ثروت انيس الاسيوطي ، المنهج القانوني بين الرأسمالية والاشتراكية ، مجلة مصر المعاصرة ، السنة التاسعة والخمسون ، العدد 333 ، يوليو ، 1968 ، ص 702 وص 703.
7- د. حسن كيرة ، أصول القانون ، ط2 ، دار المعارف ، مصر ، 1959 – 1960 ، ص154 وص155.
8- د. حازم الببلاوي ، الحقائق الاقتصادية والفن القانوني ، مجلة مصر المعاصرة ، السنة الحادية والسبعون ، العدد 38 أبريل ، 1980 ، ص278.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|