تاريخ زراعة القطن

‏القطن من المحاصيل التي زرعت منذ أقدم العصور، والأرجح أن وطنه الأصلي هو الهند حيث يعمر ويصير شجرا. ثم نقل إلى العراق والشام ومصر والأناضول وغيرها، وقد ذكر القطن في مؤلفات العديد من علماء اليونان أمثال هيرودوتس الذي شاهده في الهند قبل الميلاد بخمسة قرون، واسترابون وكولومل وغيرهم، ويظهر أن زراعته في أمريكا أيضاً قديمة جدا، فقد وجد كولومبوس القطن مزروعا في جزائر الآنتيل عام 1492‏.

‏والعرب كانوا يعرفون القطن ويلبسون الثياب القطنية في صدر الإسلام وهم الذين نقلوا القطن العشبي السنوي إلى بلاد الأندلس لما دخلت في حوزتهم ومن ثم انتقل إلى بلاد حوض البحر المتوسط حتى أخذ الأوربيون عنهم اسم القطن وأدخلوه في لغاتهم المختلفة بلفظة العربي، قد جاء ذكر القطن في كتب الشعر والأدب العربي كما أن العالم الزراعي العربي ابن العوام ذكره ووصف كيفية الزراعته. لذلك كانت زراعة ‏القطن مزدهرة في عهود الدول العربية.

‏وقد ذكر المؤرخون وجودها على ضفاف الدجلة والخابور في الجزيرة الفراتية العليا وفي سهول كيليكية وحلب وحماة ودمشق وعكا، ولا سيما الموصل التي كانت تصدر إلى أوروبا لنسيج القطن المشهور بالموصلين، ولعل غارات التتار وما اعقبها من دواعي الفتن والحروب، ثم ظهور القطن الأمريكي في القرن الثامن عشر وغزوه اسواق ‏الشرق هي التي قضت على زراعة القطن فظلت مهملة أو ضعيفة ، إلى أن كان عهد محمد علي باشا الكبير، فقد أحاط زراعة القطن بعنايته فجلب خبراء من الأجانب ، ‏كما جلب - فيما رووه- أناسا من زراع إدلب غربي حلب لتعليم المصريين هذه الزراعة. وما زالت هذه الزراعة في مصر تزداد شيوعاً لحصول الربح الوفير منها حتى بلغت شأوا بعيداً من الإتقان والاهتمام اللذين تحدثنا عنهما.