أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-3-2022
1306
التاريخ: 11-4-2016
9272
التاريخ: 12-4-2016
7854
التاريخ: 15-8-2022
1620
|
بعد بيان مفهوم التفسير لدى مدرسة الشرح على المتون واتضاح تقديسها للتشريع والنظرة إليه بعين الكمال والدقة ، على أساس ان المشرع عنى كل ما قاله وقال كل ما عناه فليس بوسع المفسر سوى التقيد بتلك الإرادة وترك التوسع في التفسير وعدم الركون إلى أي مصدر من مصادر القانون خلا التشريع لاسيما العرف . من هنا أتجه جانب كبير من الفقه المالي إلى تبني أفكار مدرسة الشرح على المتون في تفسير القانون الضريبي (1). فعلى الرغم من سهام النقد التي وجهت إلى أفكار هذا المذهب التفسيري إلا أن اغلب الفقه المالي بقي على تمسكه ولا يقبل الحيدة عنه أو قبول غيره بديلاً . لقد كان لهذه الأغلبية مبرراتها التي جعلتها تتمسك بهذا المذهب من أبرزها(2):
1 - رؤيتهم الخاصة للقانون الضريبي على أنه قانون استثنائي ، وما دام الاستثناء لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه فان ذلك مدعاة إلى تفسير القانون الضريبي على نحو ضيق جداً ، وبالتزام حرفية الالفاظ التي اختارها المشرع الضريبي بدقة وعناية بلغت حد الكمال .
2 - فضلاً عن رسوخ مبدأ قانونية الضريبة في ميدان فرض الضرائب ، إذ تتطابق رؤية مذهب الشرح على المتون مع فحوى مبدأ قانونية الضريبة باعتماد التشريع بوصفه مصدراً وحيداً للقانون.
3 - كما توجد مبررات أخرى سيقت بهذا الخصوص مؤكدة أن قوانين الضريبة بغيضة وتحكمية تقتطع جزءً من ملكية الافراد ، لذا وجب تضييق مدى تفسيرها إلى حد لا يزيد من مدى معاناة المكلفين أو يزيد من مقدار المبالغ المقتطعة منهم باسم الضريبة ، لذا فان حصل شك أو غموض أو ابهام في النصوص الضريبية وجب تفسيرها على نحو ضيق ، والتقيد بما أورده المشرع من ألفاظ ومن ثم تفسيرها لصالح المكلف .
4 - وزيادة على ذلك كله فان التفسير الحرفي يحقق الصوالح المختلفة والمتباينة في الأغلب ، فمن جهة يحقق صالح المكلف الذي سوف يتحمل أقل عبء للضريبة ، وصالح السلطة المالية التي تريد الحفاظ على حجم ايرادات الضريبة بكل صورة ، لذا فان التقيد بالألفاظ التي أوردها المشرع حرفياً من دون توسيع أو تضييق يحقق صوالح الطرفين .
ويبدو لنا أن الحقبة الزمنية التي عاصرت مؤيدي الشرح على المتون كانت ملائمة لهذا التأييد ولتلك المبررات التي سيقت من وراء تبني مذهب التفسير الحرفي ، ولكن بانتهاء تلك المدة وتبدل النظرة إلى الضريبة والطبيعة القانونية لنصوص الضريبة لم يعد لذلك التأييد من أرضية ، فقانون الضريبة لم يعد ذلك القانون الاستثنائي التحكمي البغيض ، بل ما برح أن يكون له ذاتية واستقلال متطور يوماً بعد آخر ، وأصبحت الضريبة ترمي إلى أهداف اجتماعية و اقتصادية ، ولم تعد تلك الأداة التي تقتطع جزءاً من ثروة المكلف ، كون النظرة إلى الملكية أصبحت تتعدى الفكر الحر إلى أن اقترنت بالفكر الاشتراكي و أن الملكية هي في الأصل جماعية . أما بصدد تطابق مدرسة الشرح على المتون مع فحوى مبدأ قانونية الضريبة ، فان هذا المبدأ يجب أن يكون حاضراً بكل عملية تفسير وليس قاصراً على التفسير الحرفي ، كونه قيداً ثابتاً لا يقبل النقاش على التفسير الضريبي على النحو الذي استعرضناه سلفاً ، أما بصدد التبرير المتعلق بارتباط التفسير الحرفي بالتفسير الأصلح للمكلف فيؤكد الفقه المالي ان ليس هناك أي إثبات أن التفسير الأصلح للمكلف ما هو إلاّ نتيجة للتفسير الحرفي (3) .
ويظهر على مؤيدي التفسير الحرفي الانقسام ، فمنهم من بقي وفياً للتفسير الحرفي المطلق على الحالات جميعها ، ومنهم من لا يستبعد طرائق التفسير التي تؤدي إلى التفسير الحرفي ، ففي حالة تعارض النصوص _ مثلاً _ يمكن الرجوع إلى الأعمال التحضيرية ، ولكن هذا الرجوع يجب أن يصب في إناء التفسير الحرفي ، وهكذا فان هذا الفريق يقصر التفسير الحرفي المطلق على حالة وضوح النص ودقته ، أما إذا غمض وأسدل الإبهام عليه سدوله فلا مشاحة من الرجوع إلى باقي طرائق التفسير وذلك لخدمة التفسير الحرفي(4).
استناداً إلى ما تقدم إن كانت غالبية الفقه المالي تؤيد التفسير الحرفي ، إلا أنه يظهر بجلاء تخفيف بعض مؤيديه من حدته على النحو الذي يقصرون تطبيقه على نصوص معينة وهي التي تتميز بوضوحها ودقتها ، من دون تلك النصوص التي يعتريها عيب من عيوب الصياغة التشريعية(5).
_____________________
1- ومن أبرزهم في فرنسا الفقيه " جني " وفي مصر د. عبد الحكيم الرفاعي.. أنظر : د. حسين خلاف ، مصدر سابق ، ص84 و ص95 .
2- لمزيد من التفصيل بشان المبررات أنظر : د. محمد طه بدوي و د. محمد حمدي النشار ، مصدر سابق ، ص 104 وما بعدها ، وكذلك د. حسين خلاف ، المصدر السابق ، ص84 وما بعدها .
3- د. دلاور علي ، ود. محمد طه بدوي ، مصدر سابق ، ص 123 .
4- لمزيد من التفصيل أنظر : الاستاذ . كمال الجرف . مصدر الالتزام بدفع الضرائب على الايراد ،بحث منشور في مجلة ادارة قضايا الحكومة ، المطبعة القانونية ، س = 10 ، ع = 2 ، 1966 ، ص 40 ، وكذلك د. محمد طه بدوي و د. محمد حمدي النشار ، مصدر سابق ، ص 108 .
5- يظهر أن د. حسين خلاف من هذا الفريق … لمزيد من التفصيل أنظر : د. حسين خلاف ، مصدر سابق ، ص 96 ، وكذلك رأي د. دلاور علي و د. محمد طه بدوي ، مصدر سابق ، ص 113 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|