المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



استلحاق معاوية زيادا  
  
3881   04:32 مساءاً   التاريخ: 6-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسن دراسة وتحليل
الجزء والصفحة : ج2 ، ص170-176
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-4-2016 2961
التاريخ: 5-4-2016 3273
التاريخ: 7-4-2016 3548
التاريخ: 6-4-2016 2779

قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : الولد للفراش وللعاهر الحجر ؛ لقد ضرب معاوية كلام رسول الله (صلى الله عليه واله) بعرض الجدار بلا خيفة ولا حذر فعاكس قوله ورد حكمه علانية لأجل تدعيم ملكه وإقامة سلطانه فاستلحق به زياد بن أبيه طبقا لما كان عليه العمل قبل الإسلام!

يقول الله تعالى : {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة : 50] لقد بغى معاوية حكم الجاهلية وأحيى سننها فألحق به زياد بن أبيه وهو ابن بغية فان سمية كانت من ذوات الرايات بالطائف تؤدي الضريبة الى الحارث بن كلدة من بغيها وكانت تنزل بالموضع الذي تنزل فيه البغايا خارجا عن الحضر في محلة يقال لها حارة البغايا هذه أم زياد في قذارتها وفجورها ولم يأنف معاوية من إلحاق هذا الدعي به ؛ أما بواعث هذا الاستلحاق فيقول عنه المؤرخون ان أمير المؤمنين (عليه السلام) كان قد ولى زيادا قطعة من أعمال فارس واصطنعه لنفسه فلما قتل (عليه السلام) بقى زياد في مله وخاف معاوية جانبه وعلم صعوبة ناحيته وأشفق من ممالاته الحسن بن علي (عليه السلام) فكتب إليه هذه الرسالة : من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان إلى زياد بن عبيد أما بعد : فانك عبد قد كفرت النعمة واستدعيت النقمة ولقد كان الشكر أولى بك من الكفر وإن الشجرة لتضرب بعرقها وتتفرع من أصلها إنك لا أم لك بل لا أب لك قد هلكت وأهلكت وظننت أنك تخرج من قبضتي ولا ينالك سلطاني هيهات ما كل ذي لب يصيب رأيه ولا كل ذي رأي ينصح في مشورته أمس عبد واليوم أمير خطة ما ارتقاها مثلك يا ابن سمية إذا أتاك كتابى هذا فخذ الناس بالطاعة والبيعة واسرع الإجابة فانك إن تفعل فدمك حقنت ونفسك تداركت وإلا اختطفتك بأضعف ريش ونلتك بأهون سعي وأقسم قسما مبرورا أن لا أوتى بك إلا في زمارة تمشي حافيا من أرض فارس إلى الشام حتى أقيمك في السوق وأبيعك عبدا وأردك إلى حيث كنت فيه وخرجت منه والسلام .

وفي هذه الرسالة قد نسب زيادا إلى عبيد واعترف برقيته وإنه إذا تمكن منه يبيعه في أسواق دمشق ويرده إلى أصله ولما وصلت هذه الرسالة إلى زياد ورم أنفه من الغضب وأمر بجمع الناس وخطب فيهم فقال بعد حمد الله والثناء عليه : ابن آكلة الأكباد وقاتلة أسد الله ومظهر الخلاف ومسر النفاق ورئيس الأحزاب ومن أنفق ماله في إطفاء نور الله كتب إلى يرعد ويبرق عن سحابة جفل لا ماء فيها وعما قليل تصيرها الرياح قزعا والذي يدلني على ضعفه تهدده قبل القدرة أفمن اشفاق على تنذر وتعذر كلا؟ ولكن ذهب إلى غير مذهب وقعقع لمن ربي بين صواعق تهامة كيف أرهبه وبيني وبينه ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) وابن ابن عمه في مائة الف من المهاجرين والأنصار والله لو أذن لي فيه أو ندبني إليه لأرينه الكواكب نهارا ولأسعطنه ماء الخردل دونه الكلام اليوم والجمع غدا والمشورة بعد ذلك إن شاء الله .

وقد أبرق زياد وأرعد وتهدد وأوعد وذلك لعدم علمه بما مني به جيش الإمام من التخاذل والانحلال معتقدا بأن الجيش على وضعه الأول محتفضا بنشاطه وقواه وانه مائة الف من المهاجرين والأنصار ولم يعلم بما نكب به من الانحلال والفتن التي مزقته وقضت على نشاطه وان أعلام المهاجرين والأنصار قد طحنتهم حرب صفين وأبادتهم واقعة النهروان وأصبح الجيش لا يضم من أولئك الرؤوس والضروس إلا ما هو أقل من الصبابة وأقسم بالله إن الإمام لو استدعى زيادا حينذاك لغدر به وما استجاب له وآية ذلك أنه لما علم بوهن جيش الإمام انحاز إلى معاوية وغدر بالإمام وكيف لا ينخدع وهو من ذوي الضمائر القلقة وقد أبان الزمان خبثه وكشف عن عدم طيب إنائه فقد عاد بعد الاستلحاق من ألد الأعداء إلى أمير المؤمنين وذريته وشيعته ؛ ومهما يكن من شيء فان زيادا عقيب خطابه أجاب معاوية عن رسالته وهذا نص جوابه : أما بعد فقد وصل إلي كتابك يا معاوية وفهمت ما فيه فوجدتك كالغريق يغطيه الموج فيتشبث بالطحلب ويتعلق بأرجل الضفادع طمعا فى الحياة إنما يكفر النعم ويستدعي النقم من حاد الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا فاما سبك لي فلولا حلم ينهاني عنك وخوفي أن أدعى سفيها لأثرت لك مخازي لا يغسلها الماء وأما تعييرك لي بسمية فان كنت ابن سمية فأنت ابن جماعة وأما زعمك انك تخطفنى بأضعف ريش وتتناولني بأهون سعي فهل رأيت بازيا يفزعه صغير القنابر؟ أم هل سمعت بذئب أكله خروف؟ فامض الآن لطيتك واجتهد جاهدك فلست أنزل إلا بحيث تكره ولا اجتهد إلا فيما يسوؤك وستعلم أينا الخاضع لصاحبه الطالع إليه والسلام

ولما قرأ معاوية رسالة زياد طار قلبه رعبا وداخله فزع شديد فاستدعى داهية العرب المغيرة بن شعبة  فقال له : يا مغيرة إني أريد مشاورتك في أمر أهمني فأنصحني فيه وأشر علي برأي المجتهد وكن لي أكن لك فقد خصصتك بسري وآثرتك على ولدي .

فقال له المغيرة : فما ذاك؟ والله لتجدني في طاعتك أمضى من الماء في الحدور ومن ذي الرونق في كف البطل الشجاع ؛ ولما أظهر له المغيرة الانقياد والخضوع لطاعته عرض عليه مهمته قائلا : يا مغيرة إن زيادا قد أقام بفارس يكش لنا كشيش الأفاعي وهو رجل ثاقب الرأي ماضي العزيمة جوال الفكر مصيب إذا رمى وقد خفت منه الآن ما كنت آمنه إذ كان صاحبه حيا وأخشى ممالأته حسنا : فكيف السبيل إليه؟ وما الحيلة في إصلاح رأيه؟ ؛ ولما عرف الداهية الماكر مهمة معاوية أشار عليه بأن يخدعه ويمنيه ويكتب له بناعم القول وكان رأيه في ذلك مبنيا على دراسته لنفسية زياد ومعرفته باتجاهه وميوله قائلا له : ان زيادا رجل يحب الشرف والذكر وصعود المنابر فلو لاطفته المسألة وألنت له الكتاب لكان لك أميل وبك أوثق فاكتب إليه وأنا الرسول واستجاب معاوية لنصيحة المغيرة فكتب إلى زياد رسالة تمثلت فيها المواربة والخداع وهذا نصها : من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان إلى زياد بن أبي سفيان أما بعد : فان المرء ربما طرحه الهوى في مطارح العطب وانك للمرء المضروب به المثل قاطع الرحم وواصل العدو وحملك سوء ظنك بي وبغضك لي على أن عققت قرابتي وقطعت رحمي وبتت نسبى وحرمتي حتى كأنك لست أخي وليس صخر بن حرب أباك وأبي وشتان ما بيني وبينك أطلب بدم ابن أبي العاص وأنت تقاتلني ولكن أدركك عرق الرخاوة من قبل النساء فكنت كتاركة بيضها بالعراء وملحفة بيض أخرى جناحها  وقد رأيت أن أعطف عليك ولا أؤاخذك بسوء سعيك وان أصل رحمك وأبتغي الثواب في أمرك فاعلم أبا المغيرة أنك لو خضت البحر في طاعة القوم فتضرب بالسيف حتى ينقطع متنه لما ازددت منهم إلا بعدا فان بني شمس أبغض إلى بني هاشم من الشفرة إلى الثور الصريع وقد أوثق للذبح فارجع رحمك الله إلى أصلك واتصل بقومك ولا تكن كالموصول يطير بريش غيره فقد أصبحت ضال النسب ولعمري ما فعل بك ذلك إلا اللجاج فدعه عنك فقد أصبحت على بينة من أمرك ووضوح من حجتك فان أحببت جانبي ووثقت بي فأمرة بامرة وان كرهت جانبي ولم تثق بقولي ففعل جميل لا عليّ ولا لي والسلام .

وأخذ المغيرة الرسالة التي كتبت على وفق رأيه وهي لا تحمل جانبا من الواقعية ولا بصيص فيها من نور الحق والصدق فغادر دمشق إلى فارس وأقبل إلى زياد فلما رآه رحب به وأدناه من مجلسه وأخذ الداهية الماكر يكلم زيادا بمختلف الطرق وشتى الأساليب حتى غزى قلبه وهيمن على مشاعره فأجابه إلى ما أراد ؛ وبعد ما وقع زياد في اشباك المغيرة غادر فارس إلى دمشق فلما انتهى إليها ومثل عند معاوية رحب به وادناه وأمر أخته جويرية بنت أبي سفيان أن تستدعيه فلما حضر عندها كشفت عن شعرها بين يديه وقالت له : أنت أخي أخبرني بذلك أبو مريم ثم أخرجه إلى المسجد وجمع الناس ليعلن أمامهم أن زيادا أخوه وقام أبو مريم السلولي الخمار أمام ذلك المجتمع الحاشد فادى شهادته بزنا أبى سفيان بسمية شهادة أخزت أبا سفيان ومعاوية والحقت العار بزياد وهذا نصها : أشهد أن أبا سفيان قدم علينا بالطائف وأنا خمار فى الجاهلية فقال أبغى بغيا ؛ فاتيته وقلت : لم أجد إلا جارية الحرث بن كلدة ، سمية ؛ فقال ائتني بها على ذفرها وقذرها وثار زياد فقطع على أبى مريم شهادته قائلا له بصوت يقطر غضبا : مهلا يا أبا مريم إنما بعثت شاهدا ولم تبعث شاتما .

فقال أبو مريم : لو كنتم أعفيتموني لكان أحب إليّ وإنما شهدت بما عاينت ورأيت ؛ ثم استرسل فى بيان شهادته فقال : والله لقد أخذ بكم درعها وأغلقت الباب عليهما وقعدت دهشانا فلم ألبث أن خرج عليّ يمسح جبينه فقلت مه يا أبا سفيان ؛ فقال : ما أصبت مثلها يا أبا مريم لو لا استرخاء من ثديها وذفر من فيها .

هذه شهادة أبى مريم في فجور سمية وتندى لفضاعتها وخزيها وجه الإنسانية ولكن معاوية ما خجل منها وما أنف ولا استحى وكيف يخجل ابن هند من هذه المساوئ و المخازي وهو الذي جر ذيله على الرذائل والخداع كما يقول حتى صارت الرذيلة عنصرا من عناصره ومقوما من مقوماته.

لقد ألحق معاوية زياد بن أبيه به ليستريح من خصومته ويستعين به على تحقيق أهدافه وتدعيم سلطانه.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.