أقرأ أيضاً
التاريخ: 13/9/2022
2265
التاريخ: 2024-07-11
444
التاريخ: 29-3-2016
4213
التاريخ: 2023-05-28
992
|
ان المساواة القانونية هي ان يتساوى المواطنون جميعا أمام القانون ، بمعنى ان يكون القانون واحدا بالنسبة لجميع المواطنين دون تفرقة أو تمييز . ومؤدى هذا الفهم المجرد ان يتمتع القانون بعمومية مطلقة تسمح بتطبيقه على جميع أفراد المجتمع ، وهنا تتحقق المساواة بصورة مطلقة ، إلا ان الواقع يجري على غير هذا المفهوم. فمن البديهي ان شروط انطباق القاعدة القانونية لا تتحقق على جميع أفراد المجتمع فالشروط تتحقق لدى عدد محدود من المواطنين وعلى هذا العدد فقط تنطبق القاعدة وتظهر في حيز التنفيذ وهنا تتحقق المساواة بصورة نسبية. ولا تعني المساواة القانونية بصورتيها (المطلقة أو النسبية) مساواة فعلية بين أفراد الجماعة أو بين ذوي المراكز المتماثلة منه إذ ان المساواة القانونية تعني التكافؤ في الفرص أو الإمكانيات القانونية فحسب ولا تعني تكافؤاً في فرص الإمكانيات المادية أو الفعلية(1). ولما كان التأهيل العلمي هو السبيل لطرق أبواب الوظيفة العامة باعتباره أحد الشروط الجوهرية لشغلها ، ولكن نظراً للقيود المالية والاجتماعية التي ظلت مفروضة على التعليم في دول أوربا إلى عهد قريب. نجد ان مبدأ المساواة في مفهومه القانوني المذكور انفاً الذي ساد أوربا لم يحل من الناحية الواقعية دون استمرار الاحتكار الطبقي للوظيفة العامة بل أدى إلى قيام طبقة بيروقراطية منفصلة عن الشعب ومتعالية عليه ، وكان لتأصيل الروح الديمقراطية لدى الأمريكيين اكبر الأثر في تطوير فكرة المساواة في التوظيف عندهم. والبحث عن مفهوم جديد لهذه المساواة يتفق مع مواقع مجتمعهم اللاطبقي المتطور اثر تحريره من الاستعمار البريطاني ، فكان الأخذ بمبدأ المساواة الفعلية في التوظيف – بمعنى ان تتاح فرصة التوظيف للمواطنين جميعا. وهو ما اقتضى بالمناداة بتوقيت الوظيفة العامة ودوريتها وعدم وضع أي شرط أو قيد قانوني للالتحاق بالوظائف العامة(2). فالناس يخلقون متساوين في الواقع بالنسبة لكل الأمور الجوهرية التي أوحت بها أحوال الغرب الجديد التي سرعان ما طبقت في الحكومة ومن ثم كانت فكرة دورية الوظيفة كضمان ضد الاستبداد والاختيار الخاص التي ارتبطت بفكرة ان لكل فرد لديه نفس مقدرة الآخر في أداء واجبات الوظيفة العامة(3). لذلك ظهرت الديمقراطية البرلمانية في أوائل العصر الحديث ، واتخذت مبدأ المساواة قاعدة جوهرية تشغل على مقتضاها وظائف الدولة بحيث اصبح من المتعين إتاحة الفرصة المتكافئة إمام جميع المواطنين لشغل الوظائف العامة. اتسم هذا النظام في ظاهرة بأصول الديمقراطية وتضمن في طياته إذكاء النواة الحزبية البغيضة. ونظرا لان فكرة تأقيت الوظيفة قد تعرض في الواقع لكراهية الأمريكيين وعملوا على محاربتها بسبب تأثرهم بما اقترن بتطبيقها في أوربا من احتكار طبقي وعائلي لوظائف الدولة الذي يرجع إلى الأوضاع الاجتماعية ونظم الحكم الاستبدادية التي كانت سائدة في أوربا ولا يرجع إلى فكرة دائمية الوظيفة(4). وعلى هذا فمبدأ المساواة في التوظيف لا يتحقق إلا بتوفير مستلزمات معينة تجعل من هذه المساواة مساواة واقعية كنشر التعليم وجعله في متناول الجميع ومحاربة الأمية ، مما يتيح فرصة الحصول على المؤهلات اللازمة للوظيفة. واهم هذه الوسائل هو اتباع مبدأ المساواة عند انتقاء الموظفين لمنع التدخل أو الوساطة(5). فتمسك الأمريكيون بمبدأ المساواة الفعلية في التوظيف وأهدروا معه الشروط العامة الأساسية لشغل الوظائف العامة وقد حظروا اشتراط أي تأهيل علمي فيما عدا الوظائف العلمية والفنية التي تحتاج إلى هذا ومعارضتهم لقيود السن في التوظيف، مما يتيح الفرصة لكل فرد بدفع قيود التعيين إلى الحد الذي عجزت فيه عن تحقيق الغرض المفيد. كما ان الميل للمساواة في الفرص قد دفع أيضا إلى الاتجاه نحو معارضته مطالب التأهيل العلمي(6). فإذا ما اشترطت بعض هذه الوظائف ان يكون حاصلا على شهادة من أحد الجهات المختصة مثلا مدرسة للغات وضرورة الحصول على شهادتها ، فهذا الشرط إذا كان يتحقق بشأنه مبدأ المساواة إمام القانون وتكافؤ الفرص. إلا انه من الناحية الفعلية لا يتحقق معه التكافؤ في الإمكانيات المادية حيث لا تتاح فرصة الالتحاق بمدارس اللغات مثلا أو جامعة معينة إلا للطبقات الاجتماعية ذات الدخول المرتفعة. كما ان عامل النفوذ والوساطة له دور فعال في مجال التعيين في الوظائف العامة "تحت ستار السلطة التقديرية" مما يؤدي إلى الإخلال الفعلي بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص. والواقع ان مبدأ المساواة الفعلية في التوظيف الذي اعتنقه الأمريكيون اصبح الان يمثل حقا اقتصاديا لكل مواطن في التوظف ويفرض على الدولة وخاصة في ظل الاتجاه الرأسمالي السائد حاليا واجب توفير فرص العمل للجميع. وقد اتجهت الدساتير الحديثة ولا سيما تلك الدساتير ذات الطابع الاشتراكي إلى النص صراحة على هذا المبدأ(7).
___________________
1- د.شحاتة أبو زيد شحاتة / مصدر سابق ، ص269.
2- د.طلعت حرب محفوظ / مصدر سابق ، ص185. و د. حمدي امين عبدالهادي/ مصدر سابق ، ص288.
3- د. حمدي امين عبدالهادي /مصدر سابق ، ص289.
4- جلال الدين احمد قاسم وعبدالحليم مرسي طه / الملامح الرئيسية لنظام الخدمة المدنية الفدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية ،المنظمة العربية للعلوم الادارية، مركز البحوث الإدارية ، عدد فبراير ، 1972 ،ص15 وما بعدها.
5- لوران بلان / الوظيفة العامة ، ط1 ، ترجمة انطوان عبده ، منشورات عويدات ، لبنان ، 1973 ، ص49.
و د. هوايت / التاريخ الإداري الأمريكي (الجاكسونيون ) ، ترجمة الجهاز المركزي للتنظيم الإداري ، مصر ،ص318.
6- د.حمدي امين عبدالهادي / مصدر سابق ، ص290
7- د.عثمان خليل / مذكرات – الاتجاهات الدستورية الحديثة ، ص90.
و د. حمدي امين عبد الهادي / الاحتكار الوظيفي ، بحث منشور في مجلة الموظفين ، عدد سبتمبر 1961 ،ص48.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|